رواية ثلاثين عاما في انتظار حبي الاول الفصل الثامن8الاخير بقلم خديجه السيد
هل عندك شكٌ أنكِ أحلى امرأةٍ في الدنيا و أهم امرأةٍ في الدنيا؟ هل عندك شك أني حين عثرت عليكِ ملكت مفاتيح الدنيا؟ هل عندك شك أني حين لمست يديك تغير تكوين الدنيا؟ هل عندك شك أن دخولك في قلبي هو أعظم يومٍ في التاريخ و أجمل خبرٍ في الدنيا؟ هل عندك شكٌ في من أنتِ يا من تحتل بعينيها أجزاء الوقت يا امرأةً تكسر حين تمر جدار الصوت؟ لا أدري ماذا يحدث لي فكأنك أنثاي الأولى؟! و كأني قبلك ما أحببت. و كأني ما مارست الحب، و لا قبلت و لا قبلت ميلادي أنتِ و قبلك.
.
.
.
.
بعد مرور أسبوع جاء يوم زفاف فاطمه و خالد. قام طاهر بدعوة الجميع على موعد زفاف ابنة أخته و أضاءت الأنوار القاعه الكبيره.
جلست رحمه وسط صخب الحاضرين لكنها التزمت ركناً منعزلاً لوحدها تبكي بشده و هي تمسك بجريدة الأخبار لتقرأ محتواها مره ثانيه، و مع كل كلمه و حرف تبكي أكتر لا تصدق أنه طاهر بعد كل هذه السنوات مازال يبحث عنها و لم ينسها.
راني نكتب لحب حياتي رحمه لي مشفتهاش من ثلاثين سنه. راكي تشفاي يا رحمه كي كان عمرنا خمسطاش سنه في عمرنا كما هذا اليوم في عيد الحب خرجنا نحوسو فالبحر تشفاي الهديه لي مديتهالك و عينيك لمعو و كنا مراهقين و حاسين بالخجل. الحياه ولات صعيبه و الناس مولاوش طيبين كما كانوا، مولاش الحب موجود و نحسوا بيه كي نتلاقاوا. توحشتك بزاف و معلاباليش وين راكي ضك فرقتنا الدنيا و ظروفها انا ضك راني في مدينه وحدوخرا ونتي متشفايش عليا. راني نكتب ليك هذي رسالة على أمل إننا نتلاقاوا ولي ليا توحشتك بزاف و مازال مفقدتش الامل وراح نبقا نحوس عليكِ إلى آخر العمر.
ترجمه الكلام باللغه الفصحى كـ الآتي:
أكتب إلى حب حياتي الأول رحمتي التي لم أراها منذ ثلاثون عاماً. تتذكرين يا رحمتي عندما كنا في الخامس عشر من عمرنا مثل هذا اليوم في عيد الحب عندما خرجنا نزهه إلى شاطئ البحر؟ و هل تذكرين أيضاً هديتي إليك و قد التمعت عينك و نحن في حاله من السكينه و المراهقه البريئه. هو الخجل الذي يضرب قلوبنا. صارت الحياه بشعه و لم يعد الناس الطيبين كم كانوا. لم يعد للحب بريق و نشعر بحرارته عندما نلتقي و تتصافح الأيادي. افتقدتك كثيراً و لا أعرف أين أنتِ الآن؟ الآن فرقتنا الدنيا و جبروتها. أنا الآن في مدينه و أنتِ ربما في مدينه أخرى و لم تعودي تتذكريني. أكتب إليكِ هذا الخطاب على أمل أن يعود الحنين و نلتقي، عودي إلي فقد اشتقت إليكِ كثيراً و لم أفقد الأمل حتى الآن و سوف أظل أبحث عنك لآخر العمر.
لا تعرف كيف تصل إلى طاهر. فكرت أن تذهب إلى عنوان الجريده و تسأل عن صاحب الخطاب لكن هل لديها الجرأه للذهاب إليه؟
تنهدت بعمق و حاولت رسم ابتسامه هادئه و هي ترى خالد أخيها مقبل عليها مرتدياً بدلة الزفاف فـ اليوم زفافه. وضعت الجريده بالحقيبه سريعاً و مسحت دموعها.
بادلها الإبتسامه بحب و هتف: ما رأيك؟ كيف أبدو؟
اتسعت ابتسامتها بشده قائله بفرحه: شكلك رائع خالد. مبارك حبيبي افرح اليوم و لا تعطي لأي شيء أهميه يعكر صفوك بني.
اقترب منها و قبل رأسها بحب و قال بغموض: اليوم ليس يومي لوحدي أمي رحمه، بل يومك أنتِ أيضاً. اليوم سوف تترسم السعاده على وجهك للأبد.
عقدت حاجبيها بعدم فهم لكن اعتقدته أنه يقصد لا بد أت تفرح لأن اليوم زفافه و هي كانت تنتظر هذا اليوم بشده. لتهز برأسها بالإيجاب بصمت و بإبتسامه ليأخذ خالد يدها بحنان و ذهبوا للخارج إلى العروس.
أدخل خالد أخته رحمه بغرفه فارغه لتقول بإستغراب: أين هي العروس خالد؟
ابتسم خالد بهدوء و قال: انتظري هنا قليلاً أمي رحمه.سوف آتى إليكِ بها الآن، ثواني لن اتأخر.
كادت أن تتحدث لكن قاطعها خالد بالخروج سريعاً دون انتظار تعليق منها. تنهدت رحمه بضيق من أخيها و وقفت تنظر حولها و تنتظر خالد أن يأتي بالعروس.
فتح طاهر باب الغرفه فقد قالت له فاطمه أنها سوف تنتظره هنا، استغرب بعدم فهم لما هنا بالذات و ليس بـ الغرفه التي تجلس بها بالفندق لتحضر نفسها للزفاف. تنهد بإستسلام حتي لا يعكر صفوها و دخل يبحث عنها بأعينه ليتفاجأ بـ أحدٍ يقف بالغرفه عقد حاجبيه بإستغراب و تقدم منه ليعرف من لتظهر أمامه فتاه ترتدي فستان أبيض رقيق جداً و محتشم مع حجابها الفضي مما زادها جمال فهي رغم تلك السنوات مازالت تحمل جمال وجهها الطفولي الجميل.
عقد حاجبيه بدهشه و تعجب و هتف بحيره: مساء الخير. من حضرتك؟! و ماذا تفعلي هنا؟!
انتبهت رحمه إليه ببدلته السوداء الأنيقه و ملامحه الصارمه بهيبه أمامها ثم نظرت إلى وجهه و بداخل عينيه. ظلوا للحظات شاردين بأعين بعض حتى حمحمت قائله بتردد و خجل: آآآ أنا أخت العريس و بـمثابة أمه.
هز رأسه بهدوء فهو لم يراها و لا مره ليقول بحيره: تشرفنا هل أعرفك؟! هل تقابلنا من قبل؟
أجابته رحمه بملامح مشدوده: هاه. لا أعرف. لا أظن.
تطلع بجمود إليها و بقوه و هو يهمس شاعر بغصه داخله لا يعرف لماذا: ما اسمك؟
قبل أن تجيب عليه فُتِح الباب فجأه و دخل العروسين و ذهب كلاً منهم إلى الآخر فضم خالد رحمه إليه متحدثاً بإبتسامه: هذه أختي رحمه سيد علي.
قالت بعده فاطمه دون انتظار ثانيه أخرى بإبتسامه: و هذا خالي طاهر زين الدين.
انعدم الكلام و صوت الأنفاس العاليه من الصدمه الكبيره يملؤ الغرفه. لم يستطيعوا الحديث فيبدوا أن لسانهم قد انعقد لـ ينظروا لبعض فقط و ترك كل منه لغة العيون تتحدث. كانوا يرسلون لبعض عشق، شوق، عتاب، حزن و حسره و أخيراً فرحة اللقاء.
شعر كلاً من أنهم رجعوا بالزمن إلى سنوات طويله، إلى الوراءِ كثيراً. شرد بملامحها عندما كانت طفله صغيره ذات السبع عشر عاماً و هو أيضاً و إلى هنا و بالتحديد إلى آخر لقاء بينهما.
ليقول طاهر بصوت هادئه: قولي لي شيئاً جميلاً للمره الاخيره.
قالت رحمه بنبره حزينه جداً: أحبك و سوف أظل طول حياتي أحبك طاهر.
أجاب طاهر بحب: و أنا أيضاً رحمه سوف أظل أحبك إلى آخر يوم في عمري. سوف انتظرك.
ابتسمت رحمه بسخرية مريره: هل سوف تنتظرني 15 سنه من عمرك لأجلي؟
_ لا بالتأكيد.
قالها طاهر بتلقائيه. أغمضت عيناها بإنكسار و بيأس.
هز رأسه برفض دون تفكير لحظه و هو يقول بلهجة تصميم: أنا سوف انتظرك و هذا وعد آخر مني و بكل ما يأتيني من القوه سوف أحافظ على ذلك الوعد. لكن ليس لشهر فقط، و لا لسنه، و لا لسنوات، و لا لثلاثون عاماً بل قرون رحمه حتى تصبحي لي.
تنهد خالد بعمق و قال متخذاً هو القرار ليتحدث: عرفت بالصدفه منذ أسبوع من فاطمه حكاية عمي طاهر و أنه هو من كان صاحب الخطاب بالجريده. و قصت علي فاطمه القصه من البدايه و كيف تعرفتم على بعض؟ و كيف افترقتم أيضاً؟ أنا أعرف الحكايه أيضاً من أمي رحمه منذ سنوات حكيتها لي أنا و خالي إبراهيم رحمه الله عندما كانت أمي رحمه ترفض العرسان دائماً دون مبرر. غضب منها بشده عمي إبراهيم و اضطرت وقتها أمي رحمه تحكي لنا ما عانته و أنها لا تريد الزواج. صعبت علي عمي إبراهيم لذلك لم يضغط عليها مره أخرى في موضوع الزواج حتى لا يظلمها هو الآخر، و تركها براحتها لعل تأتي في يوم إليه و توافق على الزواج من نفسها.
أكملت فاطمه لتقول بإبتسامه حزينه: كم من الصعب وصف حكايتكم؟! كم مررتم بحزن و معاناه؟ يصعب تصديق أن أنتم الإثنين مازلتوا على يقين و أمل كبير أنكم ستلتقوا ببعض في يومٍ من الأيام. لذلك فكرت أنا و خالد نجمعكم ببعض ليلة زواجنا و تكون الفرحه فرحتين.
همست رحمه بنبره متأثره و قد تحجرت الدموع في عينيها بحرقه: طاهر!
همس طاهر و عيون دامعه و الصدمه تعتلي وجهه الشاحب: رحمتي!
أخذ خالد فاطمه و ذهبوا إلى الخارج ليتركوهم مع بعضهم.
لم تعد قدماها تستطيع حملها لتسقط أرضاً مع شهقات بكائها التي كانت تقطّع طياط قلبه. أسرع إليها طاهر ليجلس لـ مستواها، و رفع وجهها بكفّه ينظر لعينيها الجميلتين المحاطتين بأهداب شقراء كثيفه.
ليشير بنظراته إليها قائلاً: هل تعلمي كم انتظرت هذه اللحظه؟؟
أغمضت عيناها بقوه و الدموع تنهمر من عينيها بغزاره ز بوجع و لم تجِب.
همس لها بصوت منكسر أثر غصته: حبيبتي رحمتي افتحي عيناكِ دعيني أرى محبوبتي. أخفض رأسه قليلاً ليطبع على جبهتها قبله صغيره.
أمسكت وجهه بيدها تتحس بشرته و تتعمق بملامح وجهه الذي افتقدته، و دموعها تتهاطل على وجنتيها بمراره. تلهث بأنفاس متقطعه إلى أن خرجت بضع كلمات من شفتيها: طاهر أنت هنا بالفعل حبيبي؟!!!
رفع يدها أمام شفتيه و قبلها برفق قائلاً بلهفه و شوق: أجل حبيبتي. أنا هنا و لم أرحل. آه رحمه لم أصدق أنني أراكي بعد هذه المده. بحثت عنك كثيراً و لم أجدك.
سقطت دموعها بحسره مسحتها ببطء لتقول بإبتسامه سعيده: لقد رأيت الخطاب الذي بالجريده.
قال طاهر بدهشه متسائلاً بحزن: حقاً!! و لما لم تأتي إلي حينها، أو تكوني قد تزوجتي و هو من منعك وقتها؟
ابتسمت رحمه و هي ترى وجهه العابس بغيره لتقول: انشغلت بزفاف أخي. و أنا لم أتزوج، و لا خُطِبت و لا مره و لم اُحِب أحداً غيرك. لم أخلِف الوعد طاهر.
أمسك هذه المره وجهها الذى ازداد جمالاً رغم تقدم العمر. تطلع إليها بإمعان و بإبتسامة عشق قائلاً: و أنا أيضاً لم أخلِف الوعد رحمتي. لم أتزوج و لم أُحِب غيرك.
ثم همس بغرام متقد و نبره مغويه: لقد عادت رحمتي إلى قفصها بنفسها مجدداً. و ماذا عنكِ و عن قلبك رحمتي؟
تقول رحمة بنبره تقطر حبها و هو يأسرها بمظهره الحاد و العاطفي: هل تتذكر ليلتها في مكتبة السجن آخر مره التقينا فيها؟ لقد وعدتني أنك ستحتفظ بحبي، و لن تكن لأي شخص آخر سواي و أنك سوف تنتظرني.
هل تعتقد أنني سأحب شخصاً آخر بتلك السهوله؟!! كيف أعطي حبك الذي في قلبي لشخص آخر؟!! لا يحق لي أن أشعر بالحب سوى معك. فأنت طاهر. هل تظن أنني من الممكن أن اترك نفسي لرجلٍ آخر غيرك؟!! يالها من محظوظه من تفوز بكل ذلك العشق الطاهر و الوعود التي لم تقطع مهما طالت السنوات. يبدو الأمر كما لو أن القدر يثبت لكلينا أننا ننتمي إلى بعضنا البعض بغض النظر عن مدى تباعدنا.
أهلكته بكلماتها تلك و التي قالتها بمنتهى السلاسه و العذوبه. إحساس خرج من القلب فأصاب الهدف في الصميم، أصاب قلبه الملتاع إليها. قلب طالما تمنّها و لم يجدها. و أنها له كالنجمه العاليه صعبه المنال.
ليقول بدون صبر: هل تجعليني أكثر الرجال حظاً في العالم و تقبلي الزواج بي؟؟
اقترب من رحمه أكثر و هو مغمض عيناه السوداء بهيام: أريدك لي. أريدك أن تعودي ملكي، ملك السيد طاهر زين. رحمه حبيبتي أريد أن أكمل حياتي معك و أن تكتمل حياتي بكِ. أريد حبيبه إلي، و زوجه لي، و وريث لقلبي و روحي قبل أملاكي.
همس طاهر بصوت رخيم وهو ينظر الي رحمه بحنان: أريد أن استيقظ كل ليله و أنتِ بحضني، فوق صدري و بين زراعي، أريد ملء صدري و رئتاي بعطر جسدك المنعش.
شعرت بعنف مشاعرها أثر كلماته التي أجفلتها و عززت ثقتها الأنثويه في آن واحد. فارسها المغوار يفرض سيطره حازمه على مجريات الأمور بإخبراها أنه يريد الزواج بها بعد تلك المده الطويله. شعرها بإنتماء من نوع خاص، نوعها المفضل الذي طالما حلمت به، فمن قال أن الحب إحتياج، الحب اجتياح، عاصفه تحمل أعاصير من المشاعر تطيح بكل ما يعترض طريقها و لن ترضى بغير الملكيه الكامله بديلاً. و اجتياحه هذا بذلك التملك اللذيذ قد وجد صداه بينهما.
هتفت بإبتسامه شاحبه: معنى ذلك انتهى الشوق؟
تنهد طاهر بقوه شديده ليقول : بالفعل انتهى رحمتي هنا.
أخذها طاهر و خرج بها و ذهب إلى المأذون مباشرةً، و كطبيعة عاشق متيم لا يوجد شيء بالنسبة إليه يتوقف على عنصر الوقت. كانت الليله ليلة زفافهما الإثنين رحمه و طاهر، و فاطمه و خالد، كان الجميع سعيد و دموع الفرح في أعين الجميع رغم أن بعض المعازيم استغربوا بشده أنهم قد تم دعوتهم إلى زفاف فاطمه و خالد ! لكن تفاجأوا بـ زواج آخر ل رحمه وطاهر و باقي المدعوين ينظرون ببهجه.
أعلن المأذون أخيراً جملته الشهيره بعد عقد قران رحمه و طاهر و بعدهم فاطمه و خالد.
و أخيراً حب حياته أصبحت له. شعور لا يضاهيه أي شيء حقاً كأنه ملك الدنيا بيده. و أخيراً آتاه العوض الكبير من الله. معذبة قلبه و ملهبة احساسه. الوحيده التي تجعل الدماء تحمى بعروقه بحركه أو لمسه بسيطه منها. هي التي عندما تدعوه بحبيبي يذوب بعدها كأنه مراهق، طفل صغير قد رجع من العمر الكثير ليصبح فـ السابع عشر من عمره و هي أيضاً معه. حب الطفوله رجع إليه، شعر بسعاده غامره تكاد تفقده السيطره على مشاعره. هي المكافأه بعد سنوات طويله من الألم و المعاناه.
سحبها طاهر إلى ساحة الرقص و أدت معه رقصتها الأولى بحياتها.
وبعد الإنتهاء من حفل الزفاف ذهب خالد مع زوجته إلى منزله بعد أن ودعهم و جلست رحمه في المقعد الأمامي ليجلس طاهر خلف عجلة القياده مفرقاً قدماه بينما يضع يده أعلى فخذها ممسك بيدها و الأخرى يستخدمها للقياده. كانت تنظر له بشرود دون أن تنتبه على نفسها، تنظر بإمعان إلى ملامح وجهه دون تصديق. طاهر معها و هي زوجته أيضاً حتى ظهرت ابتسامة طاهر الجانبيه وعت رحمه على نفسها و أدارت وجهها للنافذه بخجل تنظر من خلالها بإبتسامة خجل شديد لتشعر أنها عادت مراهقه صغيره.
صعدا العروسان إلى غرفة نومهما و أول ما فعله طاهر أنه ضمها بعمق شديد إلى صدره ليتلذذ بما يشعر به معها في كل مره مثل السابق.
هتف طاهر بصوت رخيم: هل تعلمي كم من السنوات و أنا منتظر هذا العناق بشده رحمتي؟
لفت ذراعاها حول خصره بقوه و قالت بصوتٍ مبحوح: يااه كم اشتقت لسماع رحمتي منك. أما عن العناق فهذا كان الوعد الثاني إذا لم تتذكر، قولت سوف انتظر حتى تكوني حلالي.
ابتعد عنها بصعوبه من الشوق و قال بإبتسامه: و هل يوجد شيء خاص بكِ و لن أتذكره زوجتي العزيزه.
اتسعت ابتسامتها بشده قائله بعدم تصديق: أنا الآن زوجتك طاهر؟!!!
هز رأسه بهدوء مبتسم و قال بحنان: نعم أنتِ الآن زوجتي رحمه.
وضع يداه الدافئه على وجهها بحنان ليهمس بأنفاسه التي ضربت وجهها: رحمه أنتِ ملاكي، أنتِ النور الذي أخرجني من ظلال قلبي. أنا قبلك لم أعرف الحب، لم أعرف ألم الحب و الفراق و لهفة اللقاء. أنا بكِ ولِدتُ من جديد.
_ هل سوف تتركني مره ثانيه طاهر؟
تابع حديثه قائلاً بجديه: أنا بكِ ولِدتُ من جديد رحمه. قلبي الذي كان ميت، و قاسي كان مجرد جماد في غيابك، انت الآن أحييتيه و تسأليني إذا كنت سأتركك يوماً بعد أن أمِلُ منكِ؟ حقاً ألم تلاحظي تشتتي معك منذ أن رأيتك مره ثانيه أخيراً؟ ألم تلاحظي عيوني التي تلمع بشغف عندما تراكي أنتِ لا غيرك، و نظراتي الهائمه بعشقك.
شعرت بالسعاده ترفرف مع نبضات القلب و يد طاهر الحانيه تلامس خديها و شفتيها مضيفاً بهمس مختلف: ليت كل ابتسامات البشر كجمال هذه الإبتسامه!
ثم شعرت بشفتيه تقبلان شفتاها فأخذ قلبها ينبض بجنون و شوق، و شعرت بشوق جارف لم تشعر به منذ سنوات طويله، طويله للغايه، فقد أوجعها هذا الفراق الروحي كثيراً لتدمع عيناها و هي تهمس له: لقد اشتقت إليك كثيراً.
ابتعد عنها بصعوبه ثم همس بخشونه عاطفيه: و أنا ذبحني الشوق ذبحاً.
مال إليها يحتضن جسدها أسفل جسده و هما يمتزجان ببعض في شوقٍ عارم قتلهما معاً. كان يلهث و هو يبتعد عنها قليلاً و يقبل عنقها هامساً بعذاب :لقد كنت أموت حرفياً و أنت بعيده عني بروحك و مشاعرك.
أخذ يفتح أزرار فستانها و هي ترتجف، تشعر نفسها مراهقه بين ذراعيه. ابتسم عندما شعر بخجلها الذي أذابه أكثر و أكثر.
احتضنا بعض بقوه و شوق الأرواح أكثر عذوبه و جمالاً من شوق الأجساد. و بعدها طبع قبله حاره على شفتيها لتبدأ حياتهما الزوجيه المليئه بالسعاده الغامره.
صباح اليوم التالي.
استيقظت رحمه و رفعت رأسها عن صدر طاهر و شعرها مشعث مبعثر بجنون. نظرت لوجهه فرأته نائماً فشعرت بالخجل و قد طوقها طاهر بذراعه بإحكام.
ظلت تنظر إلى وجهه للحظات بصمت حتى جف ريقها و هي تنظر لفمه بشوق فلم تقاوم لتميل إليه تقبله بحراره تتدفق من كل جسدها، و قلبها ينبض بجنون في شوق لأنها تمنح طاهر الحب لعل هذا القلب يرضى عنها ويكف عن ضجيج نبضاته في صدرها.
فترفع شفتيها عن شفتي طاهر و هي تحاول أن تنهض لتتفاجأ و هي ترى نظراته إليها، عيناه السوداء غارقتان في سعاده مسكره، سعاده معديه، سعاده مجنونه. ينظر إليها بصمت تاركاً لعينيه أن تأخذاها بعيداً عما حولهما.
يمرر نظراته كرجل عاشق إليها بكل التفاصيل التي تظهرها كعاشقه منحته طوال الليل من ذهول السعاده فاق قدرته على النطق، صامتاً لا يتكلم حتى شعرت بكفه فوق مكان قلبها يلمس نبض ذاك القلب المتيم فيه و بذاك الصمت ضمها إليه ليغرقا معاً في ذهول السعاده مره أخرى.
= ألن تفتحي عيناكِ العسليه وتجعلي يومي أفضل بهم؟
قالها طاهر بترجي إلى رحمه التي ترفض النظر إليه و تدفن وجهها بصدره. ابتسم طاهر و قد فهم خجلها لأنه رآها تقبله ليرفع وجهها رغماً عنها و اقترب يقبلها برقه و حنان و هو يهمس: عسليتاكِ يغرقاني ببحر أسود فارغ من الحياه و كأنني انظر لداخل اللا شيء. حينما انظر لعينك لا أرى شيء غير روحي بداخلهم.
ابتسمت رحمه بهدوء ليقول بجديه: احكي لي رحمه ماذا فعلتي بحياتك من دوني؟ و وكيف استطعتي أن تعبري كل هذا الحزن و المعاناه لوحدك حبيبتي؟
اعتدلت في جلستها و ضمها إليه و هو يقبل جبينها بحب و قالت بحزن عميق: حياتي مثل لعبة السلم و الثعبان، فما كنت أتوقع أني وصلت إلى النهايه حتى يلتقطني الثعبان لينزل بي درجات و درجات. تعذبت و تعبت كثيراً في حياتي طاهر.
قبل رأسها بحنان قائلاً بحب: لا تحزني يا حبي أنا معكِ من الآن و صاعداً و لن أتركك. فقط لا تحزني جميلتي.
بدأت رحمه تقص عليه كل ما مرت بيه منذ أن تركها و كيف عاشت في السجن لسنوات حتى انتهت، ليبدأ هو بسرد ما حدث له و هي بعيده عنه.
أرجع رأسه للخلف و استند بظهره على الفراش يضمها إليه بأحكام أكثر قائلاً بجديه: عمرنا قصير رحمه مهما طالت بنا الدنيا. اعتبري ما حدث كـ كابوس راودك و انتهى. علينا أن نعيش، و أن ننسى و أن نستطيع نتجاهل لكي نحيا. ما أجمل أن ننسي ذكره سيئة تعكر صفو قلوبنا، أو أشخاص سيئون دخلوا حياتنا و جرحونا. دعينا نترك النسيان للأيام.
ثم اقترب منها و تركته يقبلها حتى يُشبع بعضاً من شوقه بعد طول حرمان و قد منحته مفتاحاً للصبر استحقه و أهدت نفسها مفتاحاً للفرح استحقته. تريد أن تفرح، تريد أن تفرح و تمنح طاهر كل الفرح في الدنيا، دموعها عادت لتسرح و طاهر يلملمها بشفتيه هامساً : كفاكِ حزن و ألم رحمتي. أشعر بكِ و أعرف ما مرتي به فـ أنتِ ظُلِمتي أكثر مني بكثير، سوف أعوضك حبيبتي عن كل لحظه حزن، و وجع، و ألم و دموع كنت فيها بعيد عنكِ. انسي حبيبتي.
مسحت دموعها بهدوء هامسه بإبتسامه: معك حق طاهر يكفي ما مررنا به. لابد أن ننسى الماضي و نعيش لليوم.
تقترب منها طاهر أكثر بشوقٍ جارف: أنا أحبك رحمه، بل أعشقك.
أجابت رحمه بعشق دفين: و أنا أحبك طاهر، بل أعشقك بجنون ليس له نهايه.
بعد مده تسطح طاهر بأنفاس لاهثه بعد معركة عشقهما بينما أخذ يسحب رحمه حتى تعود إلى أحضانه و هي تدعو الله سراً بأن ينعم عليهم دائماً بالصحه و العافيه.
ليصيح بعبث اختلط بالحنو العاشق: صحيح هل بالفعل دخلتي كلية الطب مثلما اتفقنا بالماضي؟؟
ابتسمت رحمه بدلال تهمس له: و هل لي أن أنسى اتفاق كان بيننا؟!! و أنت أيضاً أصبحت لواء و دخلت كليه الشرطة كما اتفقنا.
أمسك وجهها برقه ليطبع قبله حانيه على جبينها هامساً لها: نعم. حاولت بكل إراده و عزيمه أن أنجح في الإتفاق الذي كان بيننا حتى لو صغير، لكن بالنسبة لي عاشق ضائع في بحور عشقك كبير. بهذه الأمنيه كنت أشعر أنكِ بجانبي.
فأحاطته رحمه مبتسمه بسعاده لم تغمر كافة ثناياها يوماً كالإن: و أنا أيضاً حافظت على هذا لأجلك أنت، و شعرت بك بجانبي دائماً تساندني و فخور بي.
ابتسم بحنان قائلاً: أنا دائماً بجانبك رحمتي لن أتركك لحظه و سوف أعوضك عن كل لحظه عيشتيها بعيد عني. أنتِ روحي و قلبي، أنتِ رحمتي.
ابتسمت هي بخجل و لم تعلق بل عيناها تعلقت بعيناه الهارده بمشاعر جياشه لـ يمسك وجهها الصغير بين يداه و هو يقترب ببطء منها و شفتاه تعزف ترانيم الشوق لها بكل تمهل و عشق و لهفه.
بعد مرور شهرين.
كان يجلس بالفيلا طاهر و خالد يتسامروا في أكثر من حديث حتي تعود زوجاتهم من الخارج، فـ رحمه مع فاطمه بالمستشفى لكنهم لم يخبروا أزواجهم، و قالوا لهما أنهم ذاهبين للتسوق، فـ فاطمه تشك منذ فتره أنها حامل لذلك طلبت من رحمه أن تأتي معها، و بالفعل كانت النتيجه إيجابيه لكن حدث شيء غير متوقع هناك!!
و هما في الطريق طلبت فاطمه من رحمه أن لا تقول ل خالد لأنها تريد من تقول له عندما يذهبوا لمنزلهم مع جو رومانسي وحدهم.
وافقتها الرأي رحمه بإبتسامه شارده تفكر بعدم تصديق بما عرفته و هي بالمستشفى.
بعد قليل جاءت فاطمه و رحمه من الخارج و سلمت فاطمه على خالها طاهر وانسحبت سريعاً مع زوجها إلى منزلها.
عقد حاجبيه بدهشه متسائلاً: ما بها هذه الفتاه؟ لما الإستعجال هكذا؟
ابتسمت رحمه بسعاده لتقول: سوف تصبح جد طاهر، فاطمه حامل.
لمعت عينـاه بفرحه و قال: حقاً رحمه!! فاطمه حامل كيف عرفتي؟
لتقول رحمه بتوضيح: منذ أسبوعين و هي تشعر بتعب و إرهاق شديد و قالت لها صديقه بالعمل من الممكن أن تكون حامل لذلك طلبت مني اليوم أن أذهب معها إلى المستشفى حتى تتأكد أولاً و لا تعطي أمل كاذب إلى خالد فهو ينتظر هذا الخبر بفارغ الصبر.
نظر لها طاهر بإبتسامه ليقول بضيق: الحمد لله و الشكر له. أرأيتي الفتاه اللئيمه سوف تخبر زوجها أولاً و أنا لا؟!!
ضحكت بخفه عليه و قالت: طاهر لا تغضب هذا زوجها و هو أولى من يعلم أولاً، ثم أنها قالت لي أن أخبرك بنفسي.
هز رأسه بهدوء و قال بعدم رضى: حسناً. ربنا يتمم لها على خير.
صمتت و لم تعلق و لاحظ طاهر ارتباكها و هي تفرك يدها بعنف و توتر شديد ليقول بقلق: رحمه هل أنتِ بخير؟؟
ابتلعت ريقها بتوتر و قالت: طاهر أريد أن أقول لك شيء. لم أتوقع أن يحدث هذا لكن في النهايه حدث.
جز على أسنانه بحده و قال بنفاذ صبر: رحمه تكلمي دون مقدمات. ماذا حدث؟
تحدثت رحمه بإرتباك واضح: و أنا اليوم مع فاطمه بالمستشفى شعرت بدوران و أغمى علي فجأه.
انتفض بخضه و ذعر و اتقدم منها قائلاً بخوف: ماذا؟؟ هل أنتِ بخير رحمتي؟ ما بكِ؟ لما أغمى عليكِ؟
أجابت رحمه سريعاَ بلهفه: اهدأ طاهر أنا بخير و لكن الدكتوره الذي فحصتني قالت لي شيء لا أصدقه حتى الآن.
قال طاهر بصوت حازم غاضب: رحمه أنا فقدت أعصابي منكِ، تكلمي على طول.
لـ تغمغم بصوت و حاولت سرقة بذور التوتر منه: أنا حامل طاهر.
للحظات تجمد طاهر مكانه مذهولاً من الجمله التي اخترقت أذنيه كالرعد الذي شتت ثناياه بسعاده كبيره.
أخيراً أحلامه الذي انتظرها سنوات تتحقق أمامه الآن واحده تلو الأخرى، في البدايه زواجه من رحمه و الآن تحمل طفل بداخلها منه.
سألته بتوتر: تفاجأت مثلي بالظبط صحيح؟!! لا أعلم كيف أحمل و أولد و أنا في هذا في السن؟!! لكنه حدث. أنا آسفه.
عقد طاهر ما بين حاجبيه بعدم استيعاب ثم أردف بتلقائيه مستنكراً: رحمتي هل أنتِ معتوه؟!!
نظرت له بحنق مغمغه: لا تشتمني طاهر. ماذا فعلت لك الآن؟؟
تنهد طاهر بضيق شديد و قال بحده: وتتحدث ماذا فعلت أيضاً؟ في البدايه جعلتيني أفقد أعصابي بسبب مقدماتك الفارغه و توترك ، و ثانياً جعلتيني أشعر بالخوف الشديد لأجلك من أن يكون سبب إغمائك شيء خطير، و ثالثاً تتأسفي دون مبرر و كل هذا التوتر و الخوف لأنك حامل!!
تنهد بعمق و هو يسألها مستنكراَ: و هل حملك ب طفل مني في أحشائك يستاهل كل هذا التوتر و الخوف منكِ رحمتي؟ هل الخبر الذي كنت انتظره منذ سنوات و أحلم به الآن يتحقق بفضل الله شيء يُخجِل هكذا رحمتي؟؟
شهقت رحمه لتقول بسرعه: لا طاهر. لا تسئ الفهم، أنا أيضاً انتظرت هذا الخبر و حلمت بأن أحمل قطعه منك داخلي لكن خفت أن تغضب و لا تريد هذا الآن بسبب سننا و حديث الناس و كيف سوف نربي هذا الطفل و...
بلحظه و بسرعة البرق كان يُقبلها ليقطع حديثها الغير مرغوب به. يلتهم ثغرها بلهفه انغمست برنين الشـوق و دقات القلوب الجهريه.
ابتعد عنها ببطء و قال: لا يهمني شيء في هذه الدنيا سواكِ أنتِ حبيبتي. لا تكرري هذا الكلام مره ثانيه، و لا تفكري بحديث الناس و لا بشأن الطفل، سوف نربيه معاً لا تقلقي من شيء.
و أحاطها بذراعاه دون تردد هامساً: و لا تفسدي فرحتي. مبارك رحمتي على انجازنا الثاني.
ابتسمت رحمه بإستسلام و تساءلت بإستغراب: و ما هو إنجازنا الأول؟!!
أمسك طاهر يداها الإثنان بين يداه برقه ليرفعها لشفتاه ليقبلهما بكل ذرة حنان يمتلكها، و رفع عينـاه التي تفيض حناناً و عشقاً و التعمت عيناه الرماديه ببريق فهمس بخشونه: جوازنا رحمتي، و أننا تجاوزنا الصعاب مع بعض و عودتنا إلى بعض مره أخرى.
نظرت إليه بحب و برقه ثم رفعت رأسها بتلقائيه لتصطدم مقدمة رأسها بشفتاه.
أسندت رأسها أمام جبهته: عدني أنك لن تبعد عني مجدداً.
حينها أمسك وجهها بين يداه و نظر لعينـاها التي دائماً تسحبه للغرق بها ثم همس بصوت منخفض مثقل بالعاطفه الحاده: و إن ابتعدت! هل ستبتعدين؟ و إن أبعدتك هل ستعودين؟
تحدثت بثقة المشاعر اللاهبه بداخلها و داخله أيضاً: تعلم أنني سأعود دائماً، لا أقوى على فراقك فلا تستغل ذلك تذكر أن قدرنا ببعض أقوى طاهر.
ابتسم و غمزها بطرف عينه ليهبط لمستواها يسرق شفتاها في قبله سريعه و لكنها عميقه أثارت مشاعره: إذا لم تتحدثي مثل ذلك مره ثانيه أنا لن أتركك رحمتي و سبق و و عدتك أني لن أتركك و وفيت بوعدي.
ابتسمت رحمه بشرود: و هل أستطيع إنكار أو نسيان هذا؟ طاهر أنت ملجأي في الحياه و عوضي و مكافأتي من الله.
لتقول هامسه بإبتسامة عاشقه يُنيرها عشق عاد يصدح للنور و بقوه: طاهر.
-قلبه.
أجاب طاهر دون تفكير بعفويه نابعه بداخله بلا حدود.
لم تختفي ابتسامتها و هي تكمل متنهده تنهيده عميقه تصدر عن أعماقها: أنا أعشقك طاهر.
همهم بصوت حاني: و أنا أيضاً أعشقكِ رحمتي.
هكذا لقد كان حبي بـ قلب طاهر الذي لم تشوهه مصاعب الحياه بـ قلبي. كنت أدعي لك بكل صلاه أن تكن لي طالبة من المولي أن يحفظك و يرعاك أينما كنت حتى التقيت بك من جديد و مازالت أدعي ربي أن يجمعنا معاً للأبد، فما كان من نصيبي معك غير الفراق والآلام ... لكن دائما تأتي من الله سبحانه و تعالى بعد الصبر و التراضي مكافأه. و أنت مكافأتي بالحياه.
و إلـى هـنـا انتـهـت قـصة رحـمـه و طـاهـر.
تمت بحمد الله