
رواية حبيبت عبد الرحمن الفصل الخامس والعشرون25 والسادس والعشرون26 الاخير بقلم سلوي فاضل
وكعادة الأيام تمر سريعا دون أن نشعر مرت الأعوام بحلوها ومُرَّها على الجميع زادتهم أزماتها تماسكا وقوة واعطتهم حلاوتها قوة دافعة للتقدم وتحمل الصعاب ومكافاة الآباء أن يروا ثمار تعبهم متمثلة في راحة انبائهم وتقدمهم.
جميلة: حبيبة يا حبيبت عبد الرحمن أين أنت يا عظيمة.
حبيبة: البكاشة بتاعتنا لو أبوكِ سمعك أنت عارفة هيعمل أيه.
- أينعم، أعلم، هياخدني في حضنه ويديني أحلى بوسة وبعدين أنت فعلا عظيمة يا حبيبة ما تستقليش بنفسك يا امي يا حبيبتي.
- ما تقولي كده عايزة أيه.
- بما اني مفقوسة قوي ومش عارفة اخبي فأنا فعلا عايزة.
حبيبة: أيوة كده هاتي من الاخر.
جميلة: بصي يا ماما يا قمر أنت عارفة اني كلية اعلام سنة تالتة.
اغلقت عين وفتحت الاخري وتحدثت بتهكم:
- بجد فاجئتيني ، جميلة هاتي من الاخر.
- من الاخر يا امي يا حبيبتي أنا جايلي فرصة انزل اتدرب في الراديو.
- وبعدين!
- ماما أنت عارفة قصدي أيه؟
تحدثت حبيبة بجدية:
- بصي يا جميلة أنا عارفة قصدك أبوكِ مش هيعترض وواثق فيكي واخواتك بعد كلام بابا مش هيعترضوا وهيوصلوكِ ويرجعوكِ كمان، لكن بقي اللي أنتِ عاملة حسابه مالوش يقول اه أو لأ وبالرغم من انه ابن اخويا لكن دماغه غير وقولت لك ميت مرة اسلوبه معاكِ غلط أنت اللي بتشجعيه فاشربي بقي.
- ماما حبيبتي أنا مش بكلمك عشان تقولي لي كده، أنا عارفة انه بيخاف عليا زيادة.
كتفت يدها امام صَدْرَها:
- في فرق بين الخوف والتحكم، يكون في علمك أنا هقول لبابا وهيوافق ووريني بقي سي محمد هيعمل أيه؟
تحدثت برجاء:
- طاب كلميه يا ماما وفهميه أو كلمي خالوا أو طنط بسمة يتكلموا معااه.
- لأ ومفيش نقاش وبطلي جُبن و ضعف بقي.
خرجت من احدي الغرف حافظة وقد شاب كامل شعرها ، انحني ظهرها واصبح لونها شاحب لتقدم عمرها مع ضعف بصرها الواضح من تضيقها لعينها باستمرار.
- أيه الصوت العالي ده مين بيزعق كده والله اقول لعبد الرحيم يربيكوا.
- صاحيناكي يا ماما حقك عليا.
حافظة: ماما مين أنا ما عنديش غير ولد واحد عبد الرحمن هو جه من المدرسة ولا لسه عشان احضر له الغدا.
خرج من غرفة اخرى عبد الله ومحمود وتحدث محمود بسخرية مضحكة.
محمود: طبعا هي مش قصدها استاذ عبد الرحمن مدير المدرسة لا قصدها عبد الرحمن الطالب بثانوي ولا اعدادي.
حبيبة: أتأدب يا محمود.
حافظة: دلوقتي عبد الرحيم يجي بالحزام ويأدبه، ما أنت يا حسناء مش نافعة في تربية.
محمود: أوبا تيته دخلت سكة سد وجابت سيرة الممنوعات.
كادت تميز حبيبة من الغيظ تلك السيرة الوحيدة التي تثيرها وتغضبها واصبحت حافظة تهذي بها كثيرا منذ ان تقدم بها العمر، مال محمود على عبد الله وهمس له بسخرية:
- دورك جه.
نظرت حافظة باتجاه عبد الله
- أنت جيت يا عبد الرحمن امتي بقالي ساعة بنده عليك.
عبد الله: أنا اهو يا تيته قولي لي عايزة أيه طلباتك أوامر.
حافظة: أيه تيتة دى اسمها سيتي وبعدين ستك نايمة جوة أنا امك يا ولد قولي يا امي زى ما بتقول.
- حاضر يا امي قولي محتاجة أيه؟
- عمالة ادور على التليفزيون مش لاقياه أنت بعته يا واد.
كتم الجميع ضحكاتهم ونظر عبد الله للأرض بياس فتمالكت حبيبة نفسها وأوقفت ضحكها بتعسر.
حبيبة: بس يا ولاد عيب كده.
عبد الله: لا يا امى ما بعتوش هو قدامك اهو تعالي افتحه لك.
حافظة: أنت بتضحك عليا يا ولد ده دة برواز فاضي.
عبد الله: تصدقي عند حق أنا هدور عليه معاكِ.
: اهو يا امي لقيته اغير لك القناة.(L.C.D) شغل
حافظة: لا أي حاجة ونس بدل ما أنا قاعدة لوحدي.
ظلوا على حالهم هذا بين ضحك وهزار وبعد فترة عاد عبد الرحمن من العمل قبل يد والدته واستقبلته حبيبة بترحيب وحضن دافئ هى وجميلة. ووقت الطعام حدثته حبيبة بامر تدريب جميلة فوافق بعد ان اعطي ابنته التوجيهات والنصائح لما يمكن ان تقابله هناك؛ تبادلت جميلة وحبيبة النظرات ذات المعانى ادعي عبد الرحمن عدم ملاحظته بينما تهامس الاخين فمال محمود على اخيه عبد الله قليلا.
محمود: شايف ماما وجميلة في حرب نظرات بينهم.
عبد الله: طبعا أنت عارف السبب.
محمود: اكيد بس ماما معاها حق محمد مزودها قوي واختك هَبلة وكل ما اجي انطق واقف له اسكت لما الاقيها بتترجاني بنظرتها اني ما اعملش مشكلة.
عبد الله: الصراحة محمد غير خالوا خالص مندفع وهمجي شوية بيستخدم ايده كتير أنا خايف على جميلة منه في مرة هياذيها عشان كده بحاول اكون دايما قريب منها في الوقت اللي بيكونوا فيه مع بعض عشان الحقها لو اتجنن عليها ومد ايده عليها.
محمود: والله لو عمل لها كده أنا ممكن ....
عبد الله: اهدي كده وما تنساش انه ابن خالك تريث يا فتي.
محمود: بلا تريث بلا بتاع سبت لك أنت العقل والحكمة.
تحدث عبد الرحمن بعد ان درس همهمات الجميع وعلم مفادها
عبد الرحمن: هتبدأي التدريب امتي يا جميلة.
جميلة وبدا عليها التردد بوضوح: المفروض الاسبوع الجاي بس أنا.. أنا بفكر اعتذر.
نظر لها بتدقيق وتمعن في ردود افعالها:
- لأ هتنزلي التدريب اكيد هيفيدك المهم تعملي زي ما قولت لك وتنتبهي على نفسك أنا واثق فيكي وعارف أنا وامك ربيناكي على أيه.
نظر لها وثبت عينه عليها وتحدث بكلام ذو معني وعته هي:
- مستقبلك يا جميلة أوعي تتنازلي عن حاجة أنت عارفة ومتاكده انها هتفيدك ادام عارفة ومتاكدة انك صح ومراعية دينك وربك يبقي أوعي تتنازلي وحاربي وأي حاجة تقف في طريقك تتجاوزيها واحنا كلنا معاكِ وفي ضهرك، حبيبة، محمود كلمني واحنا كلنا معزومين بكرة على العشا عنده والسهرة للصبح الخميس بقي.
شردت جميلة بينما نظرت حبيبة الي زوجها مبتسمة فهي علمت مقصده من حديثه، أنتهوا من الطعام وعاد عبد الله ومحمود لغرفتهم يستذكرون دروسهما.
محمود: تفتكر بابا يقصد محمد باللي قالوا.
عبد الله: اكيد يا حودة ده بقي حديث الساعة عارف اللي يغيظ اني متاكد انه بيخاف عليها زي عنيه بس غشيم شوف اكبر مننا بكام سنة بس احنا اعقل منه بيجي عند أي حاجة تخص اختك ويتغابي.
محمود: وربنا لو عمل لها حاجة بكرة ولا زعلها لأوريه.
عبد الله: يا ذكي هو في وجود بابا وخالي بيسكت بس نظراته لها هي اللي بتتكلم وجميلة عمرها ما هاتشتكيه.
محمود: ربنا يستر عليها في مرة هيخسرها بتصرفاته دي.
وفي منزل اخر بالتحديد منزل عادل بغرفة الفتاتين سلمي وهنا
هنا: وسي احمد هفضل مقضيها نظرات وابتسامات كده مش ناوي ياخد خطوة ويتقدم بقي.
سلمي: أولا اسمه دكتور احمد مش سي احمد وبعدين خليكي رومانسية ؛ وبعدين أنا اصلا بتكلم معاكِ ليه وأنت عيلة كده.
هنا: لا أنا بقول لك اهو اوعي تستهوني بالجيل الجديد يا ماما دا أنا اعرف اكترمنك داحنا جيل التكنولوجيا كلها.
سلمي: طيب يا بتاعت التكنولوجيا روحي ذاكرى عشان تدخلي الكلية اللي أنت عايزاها كلها كام شهر وتبقي زميلة.
رفعت هنا احدي حاجبيها:
- زميلة ازاي هو حضرتك ناوية تعيدي السنة ولا أيه مش اخر سنة في تجارة بردوا وكل سنة جايبة امتياز مش عارفة تجارة أيه دي اللي بيجيبوا فيها امتياز امال مين يجيب مقبول وجيد.
سلمي: لا يا فالحة مش ناوية اعيد ناوية ابقي معيدة ادعيلي.
هنا: اممم عشان تقفي جنب ابو حميد ربنا يفك عقدة لسانه يا رب.
سلمي: بت اسكتي بقي.
قفزت هنا بجانبها على الفراش وقبلتها وحدثتها برجاء:
- ما تبقي جدعة يا سمسم وتكلمي ماما تقنعيها اطلع الرحلة عشان خاطرى مش أنا اختك حبيبتك.
سلمي: اختي حبيبتي عشان كده مش هقنع ماما لان باختصار هي وبابا عندهم حق وخايفين عليكِ.
- يوووه خايفين عليا من أيه ما كل البنات اصحابي طالعين الرحلة طيب تعالوا معايا.
سلمي: أولا وقت الرحلة قاتل السنة الدراسية في ذروتها تاني حاجة انس في هندسة مش هيقدر يسيب جامعته اسبوع عشان يطلع معاكِ ده غير انه عنده امتحانات كمان؛ يعني استحالة، وماما مش هينفع تسيبنا وتروح معاكِ وهتبقوا ستات لوحدكوا وأنت مش جنبنا دي الرحلة للأقصر وأسوان وأنا كمان نفس الفكرة ومما لا شك فيه يا فالحة ان بابا مش هيروح معاكِ ويسيب شغله ولو فرضنا وطلع هتبقي رحلة سودة على دماغك ده أنت هنا وكلنا بنحوش بابا عنك عشان دماغك الطاقة دي.
كادت حسناء ان تطرق باب الغرفة لتدخل الا انها استمعت لما فطر قلبها وادماه.
هنا: اصلا ماما عمرها ما وقفت جنبي دايما في صفك أنتِ أي حاجة تعوزيها أو تفكرى فيها تتحقق من قبل ما تتكلمي، لكن أنا دايماً اجابتها واحدة لأ مش بتتفاهم أبدًا ؛ تصدقي ساعات كنت بتمني أنا اللي ابقي يتيمة الأم وطنط سلمي هي اللي تكون عايشة عشان تبقي في صفي.
صدمت سلمي واحتدت عليها:
- أنت بتستهبلي حد يدعي على مامته كده بعد الشر عليها صحيح كنت اتمني ان ماما الله يرحمها تكون عايشة بس عمرى ما تمني لماما حسناء الموت افرضي سمعتك ليه كده دي بتخاف علينا كلنا من الهوى وعمرها ما قالت لحد فينا لأ إلا عشان مصلحته.
هنا وقد ادركت حجم ما قالته:
- بعد الشر عليها طبعا أنا مش قصدي بس بيطلع مني كلام دبش وحجارة أنت عارفة.
هنا دخل انس اليهم وتسائل باستفهام:
- هو أيه اللي حصل؟
اجابتا عليه بنفس الوقت معا:
- أيه اللي حصل مش عارفين؟
انس: ماما كانت داخلة لكم عشان تقول لهنا انها اقنعت بابا انها تطلع الرحلة وانها اتفقت مع مامت ريماس تاخد بالها منها لانها هتطلع هي واخو ريماس الرحلة معاهم بس ما دخلتش وشوفتها داخلة أوضتها وحالتها صعبة فجيت افهم قبل ما ادخل لها.
نظرت الفتاتان كل منهما للأخرى وشحبت هنا فنظر اليها انس بتدقيق:
- قولي يا كارثة هببتي أيه؟ عشان نصلح اللي بتعمليه زي كل مرة.
ردت بخوف وقلق: تكون سمعتني وأنا بتكلم دي تبقي كارثة.
انس: هي فيها كارثة تعالوا نشوفها الأول وبعدين اعرف المصيبة اللي عملتيها.
اسرعوا الي غرفة حسناء وطرقوا باب الغرفة ولم تجب، فزعت هنا و توترت سلمي بشدة:
هنا: أنا خايفة يكون حصلها حاجة.
فتح انس الغرفة باندفاع وقلقل فوجدوا حسناء في ملقاه على الفراش كما لو كانت داهمها الاغماء وهي جالسة على طرفه.
بكت هنا بندم: ماما أنا اسفة حقك عليا والله مش قصدي اللي سمعتيه.
سلمي بخوف وتوتر:
- ماما حقك عليا فوقي يا ماما.
انس: لازم نكلم الدكتور بسرعة .
بهذا الوقت عاد عادل من الخارج ورأي حالة الأولاد واغماء حسناء اسرع واحضر الطبيب الذي اخبرهم بان ضغطها ارتفع لدرجة كبيرة ادت الي اغمائها ووصاهم بالرحة والابتعاد عن الضغط . وبعد رحيل الطبيب .
عادل: افهم بقي مين فيكوا السبب في اللي حصل لها بهدوء كده عشان أنا على اخرى امكم تعبانة وأنت م منتهي الاستهتار.
نظرت هنا الي الارض خجلة من ذاتها وتحدثت بندم جم حاولت سلمي اسكاتها ولكنها اندفعت كعادتها وعادة حسناء سابقا
هنا: أنا السبب سمعتني وأنا بقول لسلمي اني كنت اتمني اكون أنا يتيمة وطنط سلمي هي اللي عايشة .
صدم عادل وانس مما قالت ونظرا لها بصدمة وعدم فهم بينما نظرت اليها سلمي بشفقة والم ثواني مرت حتى استوعب عادل ما حدث وتخيل حالة زوجته عندما وقعت تلك الكلمات القاتلة على مسامعها فاندفع عادل تجاهها ينوي الفتك بها ولكن انقذها انس وحال بينهما وحجبها خلفه رغم محاولات والده لدفعه عنها ليصل اليها.
انس: خلاص يا بابا هي مش قصدها هي غلطانة ومالهاش عذر بس أنت عارف بترمي الكلام الأول وبعدين تستوعبه.
عادل: بتتمني لامك الموت عملت لك أيه حرام عليكِ قصرت معاكِ في أيه عارفة لو خسرتها بسببك هقاطعك العمر كله أنت مش عارفة يعني أيه يُتم اخواتك دول حظهم كويس عشان ربنا عوضهم بأمك اديتهم حبها وحنانها وعمرها ما فرقت بينكم عاملتكم كلكم بحب وغلاوة واحدة هو ده جزائها امشي من وشي أياكي تحاولي تتكلمي معايا إلا لمَّا تفوق وتسامحك وانسي الرحلة اللي امك اقنعتي تطلعيها انسي أي حاجة وعدتك بها الفترة الجاية امشي من وشي امشي.
اسرعت هنا لغرفتها تلتها سلمي وانس، بكت هنا قهراً لم تتوقع أو ترد ان تسمعها والدتها لم تعلم كيف خرجت منها تلك الكلمات من الاساس جلست بجانبها سلمي تربت على ظهرها بصمت لا تجد ما تتحدث به بينما جلس امامها انس وتحدث بهدوء وحزن.
انس: ليه كده يا هنا في حد يتمني كده بردوا.
القت نفسها بِصَدْرِه وتحدثت بشهقات وألم:
- والله ما كانش قصدي أنا خايفة عليها قوي قوى.
شدد في ضمها واخذ يمسد على رأسها بحنان وحب:
- خير ان شاء الله ماما قوية وهتبقي كويسة المهم فكرى هتصالحيها ازاى يا كارثة، عارفة احنا نغير اسمك قال هنا قال احنا نسميكي كارثة عادل مش هنا عادل تصدقي احلي وماشي معاكِ.
ضحكت بدوموع ووجع: موافقة لو ده هيخلي ماما تقوم وتبقي كويسة.
اما ببيت محمود كان محمد واحمد بغرفتهما كل منهما شارد بعالم آخر، محمد يتوعد جميلة التي تفكر بالتدريب الذي رفضه بشدة خوفا عليها من عالم غير مثالي بعض من فيه يتخصص في اللحاق بالصغيرات واستدراجهن تحت مسمي الطموح هو بالفعل يخشي عليها ولكن لا يعلم ماذا يحدث له معاها؛ دائما يلقي عليها الأوامر ولا يسمعها، يعلم بمشاعرها تجاهه هو ايضا يكن لها الكثير والكثير ولكن لا يخبرها فقط يلقي الأوامر وهي تتحمله بصمت ورضوخ مما يزيد من حالته تلك معها، وجن عندما رفض وطالبها بنسيان الامر ووجدها تعترض عليه بل وتخبره بانها ستعرض الامر على والدها ان قبل ستتدرب هناك وان رفض ستقبل قراراه، لمَ تعترض الآن؟ لمَ لم ترضخ ككل مرة؟ لقد هددها بالهجر والتجاهل ان قَبلت؛ فابتعدت عنه ولم تحاول ان تحادثه على برامج التواصل كما تفعل كل مرة وتأخذ الخطوة الأولى لتصالحه، سأل نفسه: لمَ تغيرت؟ أهناك من غير تفكيرها وتحركت مشاعرها تجاهه؟ تفكير قتله وزاده غضب منها بل زاده عند وكبر ايضاً ، فهمس لنفسه بصوت بالكاد يسمعه هو
- ماشي يا جميلة اما وريتك.
اما احمد فكان شارد بهيام شديد في تلميذته النجيبة والفاتنة من سرقت قلبه واتحوذت عليه من ما يقرب العامين التفت اليها لتفوقها ونبوغها فهي طالبة مجتهدة حقا محبوبة وسط زملائها يستمتع بالنظر اليها وتدريسها يسعد بمناقشاتها معه دأب على مساعدتها وتشجيعها يتمني ان يحالفه الحظ و تصبح في يوم ما زوجه له تشاركه حلمه وأيامه همس لنفسه بصوت خافت.
احمد: احلي حلم ده ولا أيه يا ريت لو تطلع واخدة بالها وبتحبني أو حتى مستلطفاني آه لو لعبت يا زهر، أيه اللي بقوله ده ؟ أيه يا احمد في معيد يغني يقول كده برده ؟! على رأي بابا كله بأوانه.
مع فجر جديد استيقظ الجميع كل دعى الله بأمنيته وكل يشغل تفكيره مبتغاه، ذهب الجميع إلى مشاغلهم عدا عادل الذي ظل بجانب حسناء ليطمئن عليها وأصر ان يذهب ابناءه لجامعاتهم ولمدرستهم، افاقت حسناء تشعر بتعب ووهن بسائر جسدها ، وارتسمت على وجهها ابتسامة سعادة عندما وجدت عادل بجانبها يحادثها:
- أخيرًا القمر فاق ينفع كده بدل ما احلي أول ما اجي اتخض كده وروحي تهرب مني.
اجابته بصوت بالكاد يسمع تحارب جفنها لتفتحهم:
- ألف سلامة على روحك يا حبيبي.
- القمر عامل أيه دلوقتي، بنتك دي أنا هروقها لك ما تقلقيش، هخليها تركز في كلامها بعد كده.
- حرام عليك زمانها مرعوبة دلوقتي وبعدين هي مش قصدها وان جيت للحق طالعة لي أنت فاكر زمان كنت بحدف طوب بردوا دي سلمي الله يرحمها كانت بتتجنن مني ودايما تقولي أنا حامل وتعبانة حرام عليكِ.
- خليكي حاميلها كده مش عارف أنت وولادك بتحاموا لها كده ليه؟ إمبارح سي انس يخبيها وراه ويدافع عنها وأنت النهاردة اهو.
حسناء: ابني حبيبي ربنا يخليه ويحمي اخواته ويحطهم في عينيه قلب طيب كبير زي ابوه.
عادل بابتسامة عريضة: وزي مامته كمان، سواء أنت أو المرحومة أنتم الاتنين اطيب من بعض محظوظ أنا والله.
حسناء: ما تتغزلش في حد قدامي كده مش عشان كانت مراتك يعني
اقترب من اذنها وهمسًا:
- الله يرحمها يا حبيبتي بتغيري من واحدة ماتت من سنين وكمان أنت عارفة انك لوحدك بس اللي اخدتي قلبي وقعدتي وربعتي فيه.
لدى محمود وعبد الرحمن مر الوقت عادي وتقليدي قرر محمد التحدث مع جميلة واجبارها على ترك التدريب اما أحمد فقرر ان يتحدث مع والده لخطبة من سلبت قلبه وعقله، وجميلة شاردة بما يفعله معها محمد وطريقته التي تؤذيها بكل مرة تتحدث معه وتدمي قلبها باتت تشعر انه لا يحمل لها أي مشاعر فقط يتحكم بها من أجل التحكم فقط.
بالمساء عاد الجميع لبيوتهم اطمئن انس واخوته على حال والدتهم واعتذرت هنا بندم وانكسار لوالدتها ووعدتها ألا تكرر خطأها مرة اخرى، استمر شرود احمد بسلمي وخفق قلبه بقلق عليها لحالة الحزن والتوتر التي سيطرت عليها بهذا الصباح، محمد كما هو يتوعد جميلة اما جميلة واخوتها ففي حالة ترقب لما يفعله محمد.
بالمساء اجتمعوا لدي محمود تناولوا الطعام وسط حديث عائلي جميل وجو مرح حدثهم احمد بنيته سعدت حبيبة وسما وحاولتا اقناع محمود ودعم احمد، كانت هناك حرب نظرات قوية ومكثفة من محمد باتجاه جميلة التي ارهقت ودمى قلبها من معاملته الجافة لها وشدته المُغالى بها معها.
جلستا حبيبة وسلمي مع احمد يفكرا بطريق ليتعرفوا بها على الفتاه التي يتحدث عنها احمد ووجدوا مناقشته لرسالة الدكتوراه هي أفضل وقت لتلتقيا بها والتعرف عليها.
حبيبة: ربنا يجعل لك نصيب في الطيب يا حبيبي دايماً. أنت بقي هتناقش امتى؟
- عشر أيام يا عمتوا ادعيلي بقي.
- وأنت عايزني ادعي لك بالتوفيق في الرسالة ولا التوفيق في الحب .
احمد: عمتوا اللي فاهماني الاتنين طبعا يا عمتو الاتنيــــن يا رب التوفيق من عندك.
بسمة: شوف الواد الواقع قال ده فاضله خطوة ويبقي دكتور زي محمود، عليه العوض ومنه العوض
احمد: متشكرين يا ست الكل اللي رافعة معنوياتي دايماً.
اختنقت جميلة ودخلت الي البلكونة لم تشعر بالأعين التي تتابعها لم يكن محمد فقط بل اخويها ووالدها يراقب من بعيد دون ان يشعر احد، نظرت امامها بشرود وضياع تشعر وان قلبها سيتمزق قريبا على يد حبيبها امنيتها منذ طفولتها وبطلها المغوار ارتسمت على وجهها بسمة متهكمة صغيرة عندما تمنت ان يشعر بها ويلحقها فهي تعلم انه ان فعل عنفها قولا أو فعلا ثم يبحث عن سبب لما فعل كعادته معها. وبالفعل بعد عدة دقائق دخل اليها.
محمد: يا ترى بتفكرى في أيه يمكن حبيب القلب اللي خلاكي تعاندى وما تسمعيش كلامي ولا بتفكرى انك بتعاندي ومش عايزة تسمعي الكلام يا رب تكوني ندمتي اعتذرى وأنا ممكن افكر اقبل اعتذارك.
فتحت عينها بصدمة هل اتهما الان وببساطة ان هناك من يشغل تفكيرها، أيطلب منها اعتذار؟ من منهما يستحق ان يعتذر الاخر منه؟
اه من قلب ادماه معشوقه تحدثت تحاول اخفاء المها منه.
جميلة: أنت مش قولت مش هتتكلم معايا الا لو اعتذرت عن التدريب أنا هنزل أول الاسبوع.
غضب بشدة ووقف بتحفز: بردوا هتنفذي اللي في دماغك قولت لك لأ.
ردت بتلقائية وشجاعة مزيفة وقلب جريح: بأي حق تقبل أو ترفض ماما وبابا موافقين واخواتي كمان عشان هما همهم مصلحتي مش التحكم والسلام.
اقترب منها خطوتان اصبح امامها مباشرتا لا تنكر ان قلبها سقط خوفا منه لأول مرة وكاد ان يمسك ذراعها يعنفها الا ان دخول عبد الله ومحمود منعاه فقد لاحظا التوتر بينمها والسبب جلي لهما وعندما استمعا لقول جميلة الذي راق لهما وانها أخيرًا تدافع عن حقها توقعا ما قد يفعله فسبقوه كي لا يقوم بما يندم عليه ويمزق قلب اختهم.
عبد الله: جميلة أنا جبت لك الشاي نقف نشرب مع بعض هاتجيب كوبايتك يا محمد ولا هتشرب بره.
لم يجيبهم فقط نظرا لها غاضبا ثم تركهم ربت عبد الله على ظهر اخته بينما همس محمود.
محمود: احسن المركب اللي تودي.
شعرت جميلة وان قلبها تمزق الي اشلاء اغلقت على نفسها وعلي المها قررت أن تنحي مشاعرها جانبا لم تجلب لها سوى الألم هي الان تريد ان تبني مستقبلها سوف تتفرغ الي طموحها.
عدة أيام مضت لا جديد بها سوى بداية تدريب جميلة وكحال أي مكان للعمل هناك بعض الطامعين في الفتيات الصغيرات من السهل جذبهن واستمالتهن هناك شخص سمج بدأ محاولة التقرب منها وعرض مساعدته لها بعد عدة أيام من بداية تدريبها استمر محمد فيهم بتجاهلها وعدم الحديث معها لا ينكر انه اشتاق لها بشدة اشتاق لحديثها وثرثرتها الغير منتهية اشتاق لبسمتها، لصوتها لكافة تفاصيلها فقرر الذهاب اليها سيحدثها لن يعتذر ولكنه سيتحدث كما لو ان شيئاً لم يحدث.
عندما ذهب اليها رأي ما حطمه وجعل الدماء تغلي بعروقه فرأها اسفل المبني وهناك رجل يبدو انه بمنتصف الثلاثينات يقبض على كفها بين كفيه ويحدثها بهمس ومن فرط عصبيته لم ينتبه لمعالم وجهها التي ارتسم عليها الصدمة والهلع معاً توقع هو انها تطاوع هذا الرجل لتصل الي ما تريد ولكن الحقيقة عكس هذا تماماً فبعد ان أنت هي وقت تواجدها وبعد ان تحركت الي الاسفل تنظر أحد اخويها ليعودا معا وجدته يخطوا خلفها وينادى عليها.
الرجل: جميلة يا جميلة مستعجله ليه كده استني.
جميلة: أولا اسمي الآنسة جميلة أو الاستاذة جميلة مش المفروض اننا نرفع الالقاب.
ارتسمت على وجهه بسمة تهكم صغيرة:
- ده على الأساس إن الأستاذة شريفة ومن البيت للجامع ثم سحب كفها ووضعه بين كفيه ما الهانم ماشية مع اتنين شباب واصغر منها كمان أيه بتحبي السن الأصغر منك أنتِ منهم.
بتلك اللحظة ظهر محمد ونادى عليها بغضب جم فسحبت كفها سريعا بصدمة فسلسلة صدماتها اليوم كثيرة، وردد الرجل بتهكم:
- والتالت جه، ما أنت ليكي في اعمار كتيرة اهو ولا شايفاني اكبر كتير على العموم البنات مرمية في كل حته.
رمي كلماته تلك كمن رمي عليها سكينا وبلحظة كان قد رحل ووقف محله محمد والغضب يتطاير من عينيه وبتلك اللحظة كان عبد الله ومحمود كلاهما يقتربا منهما ولكن غضب محمد المشتعل دون فهم هو ما قاده؛ فاندفع بوجهها صارخا مؤكد ما قاله الاخر منذ قليل، نظر اليها بغضب وشرارا يتطاير من عينيه وصفعها صفعة مدوية، تركت أصابعه أثرًا جليًا على وجهها وصرخ بها:
- عشان كده مش سامعه كلامي وصممتي عشان تعملي اللي أنت عايزاه كل ده عشان تحققي طموحك وتبقي مشهورة على حساب أيه يا هانم.
تركها ورحل لم يلحظ صدمتها منه وكيانها الذي هدم عليها، تركها مهشمة ورحل، أسرع اليها اخويها وكانت بدأت تسقط مغيبة عن واقعها، فانتشلاها قبل سقوطها وذهبا بها لأقرب مشفى ثم عادوا للبيت وهناك وأول ما راتها حبيبة صرخت باسمها:
- جميلة مالك أيه اللي حصل ؟ ما تتكلموا يا ولاد.
كانت جميلة بحالة صدمة لا ترى امامها فقط تشاهد محمد وغضبه عندما صفعها تعاد على مسامعها كلماته السامة وكلمات الاخر تسأل نفسها ان كان زميلها هناك لا يعلمها ويعلم اخلاقها واختلط الامر عليه بالرغم ان كل هذا لا يشفع له ولكن محمد هل لا يعلمها ايضا لما لم يسألها لما لم يسمعها؟ لمَ لم يدافع عنها؟ هل صدق بها السوء؟ ام اراد ان يثبت لنفسه انه محق؟! كانت تنظر للفراغ مهشمة بالفعل، أما محمود فكان يدور حول نفسه يريد ان يفتك بمحمد كيف تجرأ وصفعها مهما كان ما حدث وعبد الله بالرغم من غضبه من محمد وانفعاله الا انه حافظ على هدوءه قدر استطاعته.
عاونت حبيبة ابنتها لتغير ثيابها وجلست بجانبها تمسد على راسها تارة وتربت على ظهرها تارة حتى غفت أخيرًا فخرجت اليهم فوجدت عبد الله يجلس يفكر بتعمق اما محمود فكان يجوب المكان ذهابا وايابا، سالت بحزم:
- مين اللي ضربها وكف ايده معلم في وشها كده وأيه اللي حصل بالظبط.
رد محمود بغضب مندفع:
- محمد؛ محمد ابن خالوا يا ماما زودها قوي وأنا مش هسكت له مهما كان اللي حصل ازاي يمد أيه عليها لولا اني اتلهيت فيها لما اغمي عليها كان زماني قطعته.
احمرت عينها بغضب ومن مجاهدتها لعدم سقوط دموعها:
- ضربها واغمي عليها كمان وأنت كنت عايز تقف تتخانق معاه كمان وتزودا فضيحتها وكلام الناس علينا. ايه اللي حصل يا عبد الله؟
- مش عارف يا امي احنا وصلنا من بعيد لمحنا واحد كان واقف معاها ومرة واحدة بعد ومحمد وقف مكانة على ما وصلنا قدامها كان ضربها بس سمعناه يا امي بيقول لها اتهامات وحشة، وحشة قوي يا امي
لم تتحدث حبيبة ظهر الغضب على وجهها جليا دخلت لغرفتها بدلت ملابسها أنتوت الذهاب الي بيت اخيها فتحت الباب امامها فوجدعبد الرحمن وقد تواصل معه ابنه محمود وقص له ما حدث وشرح له حالة جميلة .
عبد الرحمن: استهدي بالله يا حبيبة وتعالي نفهم من البنت ونقعد مع محمود اخوكي وأنا متاكد اننا هنجيب حقها .
- قبل ما اجيب حقها هربي ابن اخويا يا عبد الرحمن سيبني أنا مش هسكت اللي هعمله مالوش علاقة بكلامك مع محمود اخويا.
تركتهم وخرجت غاضبة
محمود: هي عندها حق يا بابا أنت مش متخيل دى صوابعه معلمة في وشها ازاي، ده غير انه اغمي عليها ضغطها وطي وعلقوا لها محليل وفضلت مش حاسة بالدنيا اكتر من ساعة.
غضب عبد الرحمن بشدة وهم ليذهب الي بيت محمود، وتحدث عبد الله:
- أنا هاجي معاك يا بابا وأنت يا محمود خليك جنبها ولو فاقت قبل ما نيجي كلمني.
وهناك كان محمد ثائر وبشدة يجوب غرفته ذهابا وايابا ووالدته واحمد يحدثانه.
بسمة: ضربتها يا محمد هي دي تربيتي فيك وبأي حق تمد ايدك عليها؟
محمد بغضب وصوت عالي:
- بقولك كانت واقفة مع واحد ماسك ايدها حاطت كف ايدها بين ايديه وبيوشوشها في ودنها عايزاني اعمل أيه اجيب لهم ليمون ولا أوسع لهم الطريق.
احمد: جميلة استحالة تعمل كده اكيد في سبب للي بتقوله وعلي فكرة اكيد كانت محتاجة راجل جنبها في الموقف ده سامع جنبها مش في وشها.
محمد: بذمتك أنت مقتنع بكلامك ده ؛ اللي شوفته غرام وهيام.
احمد: عشان أنت عايز تشوف كده اراهنك انك غلطان وهتندم ندم عمرك لو ضاعت منك بسبب تسرعك واندفاعك الغريبة يا اخي انك عاقل في أي حاجة إلا الحاجات اللي تخصها.
محمد: احمد ابعد عني مش ناقصاك.
بهذا الوقت رن جرس الباب جلست بسمة باقرب كرسي تخفض راسها بخزي من ابنها واضعه على عينها كف يدها ؛ فتح احمد الباب وكانت حبيبة اتجهت الي غرفة محمد دون حديث وما ان راته وقفت امامه نظرت له بتحدي لثواني فوقفت بسمة تناظرهم بقلق وتوتر وكذلك احمد ؛ لم يدم الصمت طويلا فدوي بالمكان صوت صفعة حبيبة لمحمد اشارت له باصبعها المرتعش من شدة غضبها وحدثته بتحذير:
- القلم ده عشان يفكرك ما تمدش ايدك على بنتي تاني، أنا سكت لك كتير وأنا شايفاك بتيجي عليها وفتت قلبها وقطعته بين ايديك لكن توصل انك تمد ايدك عليها ده استحالة اسمح به – التقطت انفاسها – أنا عشت مع ابوك ربناني من بعد وفاة جدك كان اكبر من بعشر سنين له عليا سلطة الأب عمره ما مد ايده عليا حتى لما غلطت وكنت هضيع بيتي كان بيتكلم معايا ويفهمني – انسابت دموعها قهرا – قهرت بنتي وما فكرتش تبص وراك تشوف عملت فيها أيه ضربتها ومشيت لولا اخواتها نقلوها المستشفي كان زمانها اتبهدلت في ايدين الاغراب.
تحول غضبه وسخطة لخوف وقلق عليها:
- مستشفى ليه يا عمتي حصل لها أيه؟
اقتربت بسمة عدة خطوات تستمع اليها بلهفة لتطمئن على جميلة وتعلم ما حدث لها،
حبيبة: جاي دلوقتي تقول أيه حصل لها ؟ حصل لها كتير من يوم ما سلمتك قلبها تبيع وتشترى فيه كسرتها ووجعتها واهنتها على الملأ لولا اني عمرى ما اقدر ابعد عن اخويا سندي وكل عيلتي كنت قولت البيت ده متحرم عليا.
تحدث مدافعا عن نفسه: يا خالتوا أنت مش عارفة أنا شوفت أيه ؟ والله هي اللي غلـ ...
حبيبة: اياك تكمل أنا متأكدة انها مظلومة مش بس كدة، متأكدة انها كانت محتجاك تقف جنبها وتحميها مش تدوس عليها برجلك وترميها بطول دراعك.
كادت ان تتحرك فسالها برجاء:
-: طيب طمنيني عليها قولي لي مالها حصل لها أيه؟
اجابته بتهكم من ادعاء اهتمامه: ولا حاجة اتضربت واتهانت ودخلت المستشفى، لا بتتكلم ولا بتنطق من وقتها يا ريت تكون ارتحت.
التفت لتغادر فوجدت محمود خلفها فانسابت دموعها بغزارة:
- محمد هان بنتي يا محمود، كسرها يا محمود.
اقترب منها وضمها اليه فانهارت باكية اخذ يربت على ظهرها وبصره مثبت على ابنه بتأنيب والاخر ينظر ارضا بخجل من نفسه صوت عالي بداخله يحدثه كالآخرين يقرأ له ما بين السطور يخبره بان هناك حقيقه غائبة خشي عليها مما فعله و فزع ان يخسرها للأبد بغبائه
افاقهم جميعا صوت طرقات عبد الرحمن وعبد الله وما ان دخلا حدثهم محمود
- حقك عليا يا عبد الرحمن وأنت كمان يا حبيبة أنا هجيب حق جميلة، جميلة بنتي أنا كمان الخال والد ولا أيه؟ خديها يا بسمة هديها شوية تعالي يا عبد الرحمن وأنتم يا شباب.
دخلوا جميعا الي محمد الذي وقف امامهم مخفض الرأس خجل مما فعل وبعد ان شرح لهم ما رأي واعتذر عن فعله لكن غضبه منها وكيف تسمح له ان يفعل اطاحت بعقله وحساباته.
عبد الله: ما تزعلش مني يا محمد كلنا عارفين اخلاق جميلة اللي شوفته له تفسير عندها وحتى لو كان صح وحصل بنفس الصورة اللي بتحكيها يبقي لها بيت تتحاسب فيه يبقي توقف التاني عند حده وتأخذها من ايدها لبابا أو خالوا وهما يفهموا منها ويحاسبوها مش تضربها في وسط الناس وما تبصش حتى عليها.
التف بخزي يبحث عن الكلمات تبرر موقفه فانقذه رنين هاتف عبد الله .
محمود: أيوه يا عبد الله تعالوا بسرعة جميلة فاقت وبتعيط بهيستريا وأنا مش عارف اهديها .
كان صوت نحيب جميلة يهز الأرجاء مسموع من الهاتف اكثر من صوت محمود فاسرع الجميع اليها ومعهم محمد .
وهناك بغرفة جميلة تبكي وتنتحب بقوة بين احضاب حبيبة وبالخارج محمد يزرع الارض ذهابا وايابا يقطع نحيبها نياط قلبه لا يجرؤ على الدخول اليها. وبعد فترة طويلة هدأت وبدأت تسرد عليهم ما حدث ومحمد يستمع اليها من الخارج يزداد خزياً.
جميلة: والله العظيم ده كل اللي حصل أنا ما لحقتش اتصرف والله عقلي اتشل ما تصورتش انه يتبجح فيَّا كده والله يا بابا أنا ما اتعاملتش معاه بطريقه توصله اللي فهمة.
محمود: لا يا حبيبتي كلنا واثقين فيكي هو بس البني ادم التاني هو اللي شايف الناس كلها زيه وافتكر اخواتك زيه وزودها ابني باللي عمله حقك عليا يا جميلة.
ازداد بكائها وعادت تبكي حظها وحب حياتها
تحدث محمود اخوها باندفاع وحماس مناسب لعمره
محمود: والله يا خالوا لولاك كان زماني ضربه لما طحنته ازاي يصدق فيها كده .
دخل اليهم محمد بتلك اللحظة وعينه حمراء من شدة بكائه فقد اضاعها للنهاية، وقف مقابل محمود على مسافة منه نظر اليه وحدثه
- عندك حق يا محمود أنا غبي واستاهل اكتر من كده كمان.
ثم اتجه نحو جميلة وجثي امامها محدثها ودموعه تنساب على وجهه دموع الفقد الأبدي:
- أنا غبي اني ما سمعتش وما فهمتش، غبي عشان عملت فيكي كده ومش النهاردة بس لا من كتير من وقت ما افتكرت موافقتك ليا ضعف، من يوم ما دوست عليكِ وما فهمتكيش، من يوم ما طاوعت نفسي وظلمتك، من يوم ما حطيت بيني وبينك سدود وفاكر انها مش هتبعدك عني، من يوم ما كابرت وعاندت قلبي واحساسي قبل ما اكون بعند واكابر معاكِ، لكن عارفة ربنا عاقبني أشد عقاب باني ضيعتك من إيدي وهعيش ندمان باقي عمرى فعلا.
اندفع محمود أخوها اليه غاضبًا:
- أنت خلاص ما بقتش تشوف وتفرق مش عامل اعتبار لحد، بتحب فيها وتغازلها كده عيني عنيك يا اخي اعمل اعتبار لبابا ولا لخالوا.
غضب والده محمود ايضا وكان هذا الحديث الشرارة التي اشعلته فاتجه نحوه غاضبا ينوي صفعه.
محمود: يظهر فعلا اني ما عرفتش اربي.
كاد ان يصفعه وهو واقف امامهم مستسلم لا يتحرك فاسرعت جميلة ووقفت امامه .
جميلة: لا يا خالوا عشان خاطري والله ما بقتش زعلانة ومسامحاه بلاش يا خالوا.
محمود: بعد اللي عمله معاكِ بتدافعي عنه.
جميلة: مش زعلانة يا خالوا بس لو عملت كده هيحصلي حاجة مش هتحمل يحصل له كده بسببي .
تعجب الجميع من صمت عبد الرحمن بالداخل فبالنهاية بدا كمن يحاول كبح تبسمه وأخيرًا تحدث:
- طيب تعالوا نسيب جميلة ترتاح.
خرج الجميع وجميلة ما زالت مثبته نظرها على محمد أثر بها بشدة انكساره ودموعه، هل بكي لإحساسه بضياعها؟ تألمت من اجله شعرت بغصة ومرارة لبكائه قبل أن يخرج التفت اليها بخزي شديد وألم وبداخله صوت يحثه على ألا يتركها تضيع للنهاية، وان يحول ما حدث لفرح لا لألم وفراق بعد تفكير بدأ يشجع نفسه على اخذ تلك الخطوة.
خرج محمود وعبد الرحمن في المقدمة وتحدث محمود متعجب.
محمود: بقي شوف القدر بقي عبد الله ابنك حكمة ماشية على رجلين ومحمد ابني بيعمل نفس اللي كنت بعيب عليك فيه زمان وايده سابقة عقله .
عبد الرحمن: بس واضح ان حبيبة في الحالتين هي اللي بتصلح الامور وبنتي هي اللي هتعمل المعجزة.
خرج الحميع من غرفة جميلة واغلق محمود اخوها الباب نكاية في محمد كي يمنع رؤياه لها فشعر محمد بغصة وكانه وان التزم الصمت بتلك المرة اضاعها بالفعل الي ما لا نهاية فتحدث الي عبد الرحمن برجاء.
محمد: جوزها لي يا عمي والله هحافظ عليها ومش هكرر غلطي ده تاني مهما طال العمر أنا غبي وحيَوان اني ضايقتها ووجعتها كده بس والله بحبها وما اقدرش ابعد عنها.
كان عبد الرحمن واقف موالي ظهره لمحمد في مقابلة محمود فمال عليه وهمس له
عبد الرحمن: مش قولت لك حبيبة مسيطرة في الحالتين وبتعدل المايل اهي ورثتها لبنتها.
رد عليه محمود بهمس مماثل: وافق وعلي ضمانتي الواد استوى ولو فكر يبص لها بصه تضايقها فكر بس هجيبه لك تعلقه عادي.
- تفتكر!
محمود: على ضمانتي يا عُبَد.
تحدث عبد الرحمن بصوت عالي وادعي الغضب:
- وأنا أيه اللي يضمني كلامك ما ممكن من موقف تاني ترجع تعك في الكلام .
- والله أبدًا ووقتها اكيد هتبعد عني ومش هطولها تاني والموت عندي اهون من بعدي عنها.
- ماشي يا محمد هديك فرصة تانية وأخيرة لو ضيعتها ما تلومش غير نفسك، أنا بالنسبة لي موافق بشرط هي تقول اه برضاها من غير ضغط .
تحدث محمد وهو يتجه الي غرفتها:
- هكلمها يا عمي وهي هتوافق ان شاء الله.
وقف محمود اخو جميلة يعيقه عن الدخول.
محمود: أيه يا عمي! أيه يا سيدي! رايح فين؟ دى أوضة نومها.
محمد: ما كنا جوة من شوية.
محمود: كان ظرف وكنا كلنا يا بوص، أيه يا خالوا؟ ما تتكلم الأخ فاكرها سهلة كده.
رد محمود خاله: اعذره يا حودة ما هو ما صدق أبوك وافق ده، هو كان يطول!
عبد الرحمن: قبل ما تسال جميلة لازم تاخد موافقة امها عمتك يا ابو حميد اللي زعلتها.
اتجه محمد إليها ووقف امامها:
- وأنا ليا غير رضا عمتي حبيبتي حقك عليا.
حبيبة: وأيه يضمن لي انك ما تمدش ايدك عليها تاني؟
أخذ يدها وقبلها:
-الإيد الناعمة الحلوة دي طلعت بتلسع واديتني قلم فوقني والله، وافقي بقي يا حبيبتي عشان خاطرى.
عبد الرحمن: ما تلم نفسك، أيه الايدين الحلوة الناعمة ويا حبيبتي بص ما عنديش بنات للجواز.
محمد: خلاص والله مش هعاكس غير جميلة، ادخل لها بقي؟
محمود الصغير: استغفر الله! ده بردو بيقول ادخلها.
اقترب منه محمد وجذبه من يده وتحرك به الي غرفة جميلة وهو يكمل حديثه
محمد: ما هو أنا مش هبقي معاها لوحدي أنت كمان هتكون موجود.
طرقا الباب ودخلا اليها فوجودها تقف بالقرب من الباب تخفض وجهها بخجل ووجهها يشتعل احمراراً.
تقدم اليها محمد أخذ كفيها بكفيه:
- أنا اسف وبحبك وهجيب لك حقك بس أنت وافقي ووعد مش هزعلك تاني ومش هكلمك بالطريقة دي تاني، قولي انك موافقة بقي.
اشتد خجلها وأومأت راسها موافقة.
محمد: يعني نقول مبروك عايز اسمعها منك.
محمود الصغير: خلاص يا عم النحنوح ما هي وافقت اهي بلاش الجو القديم ده.
نظر لها بحب: ربعاية وراجع لك البسي احلي ما عندك ماشي.
أومأت موافقة فتحرك لخارج المنزل وسط تجاهله لتساؤلاتهم جميعا: لأين ذهب؟.
خارج الغرفة حدث محمود اخاه:
- أيه رأيك يا عُبَد أنا قلقان .
عبد الله: ما تقلقش شكله خاف عليها فعلا واتعلم من اللي حصل وبعدين احنا معاها يا حودة ما تقلقش.
بعد فترة عاد محمد ومعه دبلة ومحبس قدمها لها امامهم جميعا، كانت جالسة بخجل بجانب والدها فتقدم وجلس بجاورها وقدمهم لها
محمد: من أول ما دخلت الجامعة كنت بشتغل في الإجازة واحوش عشان في اليوم ده اجيب دبلتك من فلوسي اللي تعبت فيها تقبلي تلبسيهم على ذوقي.
أومأت له بسعادة شديدة وخجل ونظرت الي والدها الذي شاكَسَه بالبداية قبل ان يعلن موافقته:
عبد الرحمن: وأنت قررت مع نفسك ونزلت اشتريت الدبل من غير ما تقول كمان.
محمد: يا عمي أنا ما صدقت وبعدين احنا نقرا فاتحة ونلبس دبل وبعدين نحدد معاد للشبكة وكتب الكتاب والفرح لما تخلص الجامعة واكون جهزت الشقة وطبعا ده بعد موافقة حضرتك وبابا، وافق يا عمي عشان الدبل ضرورى في اللي هعمله بكره.
عبد الرحمن: وأيه اللي هتعمله بكرة ؟
محمد: هروح معها بكرة وارجع لها كرامتها.
جميلة: بس أنا مش هروح تاني كفاية اللي حصل اتكسف أوريهم وشي.
رد بحسم: لازم تروحي بكرة ومش أنت اللي تتكسفي والحيوان اللي ضايقك وقل ادبه لازم يقف عند حده وبعد كده القرار ليكي اذا كنت تكملي تدريب أو لأ.
عبد الرحمن: محمد عنده حق يا حبيتي. أنا موافق يا محمد يلا على بركة الله الف مبروك يا ولاد.
انقلب الموقف من حزن والم الي سعادة رجت اركان المكان ورنت الزغاريد المنزل ورن صداها بالبيوت المجاورة وتوالت المباركات.
اما عند حسناء فلم تقوى هنا على النظر بوجه والدتها تشعر بالخجل من نفسها ومما تفوهت به قاطعها والدها بعد فترة بسيطة دخلت الي والدتها مخفضة الرأس وقفت بعد خطوة من عبورها باب الغرفة.
هنا: أنا اسفة والله ما قصدتش حضرتك عارفة اني كلامي تقيل طوب بعد ما بتكلم انتبه لمعني كلامي أنا اسفة.
حسناء: مش زعلانة يا حبيبتي دا أنت حتة مني تعالي في حضن ماما يا حبيبتي.
كأنها كانت تنتظر ان تسمح لها فالقت بنفسها داخل احضانها وتعالت شهقاتها تعتذر لوالدتها مرارا.
مر اليوم باليوم التالي ذهب محمد مع جميلة لمقر تدريبها يجول بعينيه يبحث عن ذلك السمج الذي تسبب في اهانة جميلته وحبيبته حتى وجده جذبها من يدها برفق و وقف قبالته بشموخ وتحدي صريحين بينما نظر الاخر الي جميلة باستهانة
محمد: مش تباركنا يا أستاذ اصل الأستاذة تبقى خطيبتي واللي يجي عليها حسابه عندي.
-والله وقلبت الاتنين التانيين.
اقترب منه خطوة اخرى وتحدث بتهديد:
- الاتنين دول يبقوا اخواتها الرجالة اللي كانوا عايزين يجوا معايا يرحبوا بِك بس أنا قولت اقولك لوحدي المرة دى ، أنا عارف طبعا لك حق تفتكر انهم اصدقاء أصلهم رجالة بالرغم من سنهم الصغير لكن في ناس تانية تشوفهم تنخدع في شكلهم، أصل اللي يشوفهم من بره يفتكرهم رجالة لكن الحقيقة غير، يا رب المعني يكون وصل.
- أنت جاي هنا تقل ادبك أنا ممكن انده لك الأمن.
محمد: لا أنا مش هقل ادبي أنا هأمد ايدي.
انهي جملته وباغته بلكمة قوية ارتد اثرها للخلف برعب فتحدث الآخر بتهديد.
محمد: اياك تفكر مجرد تفكير انك تضايقها، ويفضل ما تتكلمش معاها إلا للضرورة، يا ريت الكلام يكون واضح وما احتاجش اجي تاني لأن وقتها ماتلومش غير نفسك.
السعادة حاوطتها شعرت وكأنها تحلق بالسماء لم تتخيل حتى في أحلامها ان يدافع عنها بتلك الطريقة.
بعد يومان بالجامعة بعد ان انهي احمد المحاضرة نادي على سلمي ليحدثها.
احمد: آنسة سلمي عايزك لحظة لو سمحتي
اقتربت منه بسعادة وخجل بسيط: أيوة يا دكتوراتفضل.
- مناقشة رسالتي بعد اسبوع اتمني تكوني موجود واسرتك الكريمة كمان اقصد والدك و والدتك.
نظراتهم المتبادلة باحت عمَّا عجز اللسان عن البوح به ورقص قلبيهما فرحاً، عادت سلمي الي البيت بسعادة غامرة واتجهت مباشرتا الي حسناء تتحدث معها.
سلمي: مسا مسا لاحلي ماما في الكون.
حسناء: الله الله على المزاج العالي ربنا يسعدك كمان وكمان قلبي بيقولي انك عايزة تقولي حاجة والحاجة دي لها علاقة بالمزاج العالي ده.
سلمي: الله على قلب الام واحساسها العالي، الصراحة الصراحة يعني أيوة ، بصي أنا معزومة وأنت وبابا كمان على حضور مناقشة رسالة دراسات عليا وأنا يهمني قوي اننا نحضر.
نظرت لها بتفرس: قلبي بيقولي ان الموضوع اكبر من مناقشة رسالة صح هو اتحرك وبيدق يا سوسو .
أومأت لها موافقة بسعادة شديدة وخجل.
ضمتها حسناء بحب وحنان: والله وكبرتي يا سلمي وهتتخطبي وتتجوزي ربنا يكتب الخير والسعد دايما يا قمر. خلاص اعتبرينا روحنا خلاص بس تعالي بقي كده واحكي لي من الأول واحدة واحدة.
جلست سلمي بجانبها على الفراش وبدأت تقص عليها كل شيء من بداية لقائهما الأول وبداية احساسها به، وبالمساء عندما جاء زوجها اخبرته بدعوتهما لمناقشة الرسالة.
عادل: مش هقدر يا حبيبتي خليها هي تحضر أنا مش هفرق وأنت روحي لو حابة.
حسناء: لا المرة دي بالذات لازم أنت تيجي وجودك اساسي
كاد ان يعترض مرة اخرى فتحدثت:
- لازم يا عادل وعلي بلاطة ده عريس وشكلهم كده في مشاعر بينهم وهتكون فرصة كويسة نتعرف على أسرته.
- واضح انك مصرة بس البت المفعوصة جالها عريس هى كبرت بسرعة كده.
- كبرنا يا دُولَا خلاص.
اقترب منها ونظر اليها بحب شديد أنا كبرت سلمي كبرت لكن أنت يا قمر لسه زي ما أنت شباب وقمرين.
ابتعدت بخجل: لسه بقولك كبرنا يا عادل، يلا عشان نتعشي مع بعض.
مر الوقت سريعا على الجميع بطيئا على المتلهفين للقاء وبيوم مناقشة الرسالة اتت سلمي مع حسناء وعادل واثناء دخولهم لمحت حسناء عبد الرحمن جالس مع حبيبة ومحمود وتوقعت ان من معهم هي زوجة محمود انقبض قلبها وشعرت برجفة لاحظها عادل سريعًا.
الفصل السادس والعشرون
تشابك الأقدار
التفت لما تسلط نظرها عليه ضغط على كفها برفق وكانه يذكرها أنا معك فالتفتت له وعادت البسمة على وجهها.
حسناء: أنا كويسة أنا بس اتخضيت شوية ما توقعتش اشوفهم هنا.
عادل: متأكدة لو متضايقة نمشي.
ابتسمت وجذبته برفق ليجلسوا لحضور المناقشة، استسلم لها وجلسوا حتى انتهت المناقشة وتفوق احمد كعادته وبعد أنتهاء الحفل اقترب أحمد وأسرته من سلمي لتتعرف الأسرتان وكانت الصدمة هي سيدة الموقف لم يفهم أحمد أو سلمى ما يحدث تبادلا نظرات تعجب ودهشة .
احمد: هو في أيه؟ أنتم تعرفوا بعض يا عمي اقدم لك بابا وماما وعمتي وعمي عبد الرحمن جوزها.
تبادل الجميع النظرات وحل الغضب محل الصدمة على وجه عادل، بينما حاول محمود تدارك الموقف.
محمود: ازيك يا استاذ عادل اهلا مدام حسناء صدفة سعيدة.
سلمي: هو حضرتك تعرف ماما وبابا.
عادل: الحمد لله تشرفنا بمقابلتكم أنا اسف مضطر امشي يلا يا سلمي يلا يا حـ.. يلا نمشي
كاد ان ينطق اسمها امامهم ولكنه شعر بالغيرة هي الان تقف مع من تزوجها قبله ليس هذا فقط بل واذاها وعذبها.
خيبة الامل هي الشعور الذي سيطر على الجميع خصوصا سلمي واحمد لم يفهما ما حدث ولكن انقبض قلبيهما وعلمت سلمي من غضب والدها وعصبيته باستحالة اكتمال فرحتها. بينما شعر عبد الرحمن بالذنب الذي لازمه ولا يريد عتقه أبدًا.
ببيت عادل ثار غاضبًا، حاولت حسناء تهدئته وعندما فشلت آثرت الصمت وفضلته عن الدخول في حديث لا جدوى له، لن يأتي سوى بالوجع، انفطرت سلمي من البكاء فقد تحطمت احلامها واضطرت حسناء الي الغوص في الماضي مرة اخرى وان تقص عليها سبب تغير عادل والدها وما حدث بالماضي اجمالا دون تفاصيل اشفقت عليها وشعرت بتحطم قلبها فسلمي الان بين عذابين عذاب القلب والابتعاد عمن تهواه ويهواها وعذاب اعادة الماضي الاليم الي والدتها الروحية التي عوضتها فقد الام ولم تشعرها باليتم يوما.
اما عند احمد فقد جلست معه بسمة وقصت له صلتهم ومعرفتهم القديمة بحسناء.
احمد: يعني أيه يا ماما يعني اتحكم علينا بالبعد ليه طيب ذنبنا أيه لا أنا ولا هي لينا علاقة باللي حصل ليه نتحمل ذنب مش ذنبنا.
بسمة: يا حبيبي أنت متخيل كل لقاء بينهم هيكون عامل ازاي أنت ما شوفتش جوزها والد سلمي وشه اتقلب ازاى واعتذر ومشي.
احمد: لا يا امي هحاول وهعافر مش هستسلم أنا عايزها مش شايف غيرها وهي مؤدبة ومحترمة اتولدت جوانا مشاعر صافية من غير حول لنا ولا قوة ولو ربنا ما كانش رايد ما كنتش المشاعر دي اتولدت أنا وهي محدش فينا قال للتاني بحبك أو صرح للتاني لكن احاسيسنا وعيونا اتكلموا أنا ههحاول بدل المرة ميه والف ومليون لحد ما يوافقوا.
باليوم التالي ذهب احمد الي منزل سلمي وقابل عادل ودخل معه في نقاش مطول لم يغير عادل رأيه أبدًا ولم يستسلم احمد.
احمد: أنا مش هستسلم بسهولة يا عمي وهفضل احاول ومش هيأس أبدًا.
طوال الفترة التي تواجد بها احمد لم تتوقف سلمي عن البكاء وبعد خروجه دخل عادل إليها، ضمها بحنان.
عادل: أنا مش عارف أنا كده بظلمك ولا لأ بس حسناء امك ما تستاهلش بعد السنين دي نوجعها كده عارفة احساسها أيه كل مرة يجي وشها في وشه عارفة أنا هحس بأيه وهو شايفها أو بيتكلم معاها.
بكت بصمت ولم تتحدث فخرج عادل وتحدثت هنا بدموع واشفاق على اختها.
هنا: أنا شكلي حسدتك قعدت اقول كل حاجة تعوزيها بتحصل لحد ما قلبك اتوجع أنا اسفة ارتمت سلمي بحض اختها وبكت وجع قلبها.
مضي شهر منذ المناقشة لم ييأس احمد ذهب الي عادل كثيرا يحاول اقناعه ويترجاه ذبلت سلمي وضعف جسدها التزمت الصمت وانغلقت على نفسها كانت حسناء بتلك الفترة تمر بتخبط بين الماضي والحاضر حاول انس التحدث مع والده ولكنه رافض للموضوع نهائيا خصوصا وهو يري صمت حسناء ولأول مرة بأمر يخص سلمي وهذا اكد له انها لم تشفي كليا من جرح الماضي كان يشفق عليها كما انه يشعر بالغيرة ايضًا من عبد الرحمن وبشدة.
أخيرًا خرجت حسناء من صمتها وطلبت من انس ان يناصرها وهي تتحدث مع والده.
حسناء: يا عادل سيب الماضي واطلع منه أنا مش فارق معايا.
عادل: بتجادلي في أيه ؟ أنت مجرد لما شوفتيه هناك اتضايقتي متخيلة بقي لما نبقي نسايب وتشوفيه في كل مناسبة أنت عارفة الوضع هيكون ازاي.
حسناء: مفيش وضع أصلا لأنه بقي عادي يا عادل، ولا شايفاه اصلا ولا فارق معايا ويومها أنا اتخضيت فعلا ما كنتش اتخيل اقابله بعد العمر ده كله.
عادل: ما كنتيش متخيلة تشوفيه مش تناسبيه؛ طاب مش خايفة عليها يإذيها ولا يمد ايده عليها.
حسناء: أولا احنا مش هناسبه هو احنا هناسب محمود اخوها وهو شخص محترم وأنت بنفسك قولت عليه كده زمان، ولوكان عندي ذرة شك واحدة انه ممكن يإذيها ما كنتش اتكلمت، أنت مش شايف سلمي بقي شكلها ازاي.
عادل: بكرة تنسي.
حسناء: وأنت كنت نسيت زمان ولا فضلت تعبان لحد ما اتجمعنا ما تتكلم.
عادل: كويس انك فاكرة ان هو اللي بعدنا زمان وعذبك فعايزة دلوقتي ننسابهم ويشوفك في كل مناسبه وتشوفيه وتوجعي قلبك من تاني .
حسناء: اعمل أي حاجة عشان بنتي وسعادتها استحالة أوجع قلبها أو اسيبها تتعذب.
وقف امامها ونظر لها بقوة وغضب:
- مش بنتك، سلمي مش بنتك.
خرجت كل من سلمي وهنا على جملته ودموعهما تغرق وجوههما اما حسناء فعادت خطوة للخلف صدمت مما تفوه ومن طريقته انسابت دموعها دون ارادة منها:
-لأ بنتي مهما قولت ومهما عملت صحيح مش أنا اللي حملت فيها بس كنت ام تانية ويعلم ربنا اني ما فرقتش بينها وبين هنا هما التلاتة ولاد قلبي وعمرى، عمري ما سيب حد منهم يتعذب وفي ايدي اني اسعده. وافق يا عادل عشان خاطرى وعشان خاطر سلمي الكبيرة اللي حبتك باخلاص عشان خاطر سلمي بنتك الولد ما يأسش رايح جاي عليك يتحايل عليك ويقنعك ؛ ما تكسرش قلوبهم جمعهم في الحلال.
جلس يحاول اخفاء ألمه:
- ما فكرتيش في احساسي كل مرة هتتقابلوا حتى لو أنا عارف انك مش حاسة ناحيته حاجة ازاى اضطر اقعد واتكلم واتقبل واحد اتجوزك قبلي أنا كمان بحس مش بتكلم بس تعبان هي بنتي بردوا وموجوع عشانها بس مش هتحمل انه يبص لك ويشوفك.
جلست بجانبه ووضعت كفها على ظهره بحنان وابتسمت رغم دموعها المنسابة على وجهها .
حسناء: بتغير عليا يا عادل.
- بعد السنين دي كلها ولسه بتسالي.
حسناء: أنا ممكن اعمل أي حاجة عشان اريحك أنت وولادى ممكن ما احضرش أي مناسبة هو موجود فيها.
- ومش هتحضرى جواز بنتك على كده ولا خطوبتها.
حسناء: طاب يرضيك أيه و أنا اعمله.
عادل: اتنقبي عشان اكون متاكد انه استحالة يلمحك ولا يشوف أي حاجة من تفاصيلك.
حسناء: موافقة .
عادل: مفيش كلام معاه ممكن مراته هو لا.
حسناء: حاضر ولو عايز مراته كمان لأ.
عادل: احنا كده بنحط البنزين جنب النار.
حسناء: توء احنا كده بنجمع عصفورين في قفص واحد قلبين بيحبوا بعض.
عادل: هتتحملي غيرتي وعصبيتي.
حسناء: أي حاجة منك على قلبي زي العسل.
انس: احم احم نحن هنا ممكن العصفورين الكبار يكملوا مناقشهم في أوضتهم عشان القاصرات اللي معَنا كمان أنا عندي فراغ عاطفي والمشاعر دى غلط عليا.
عادل: اتلم يا ولد.
انس: ما أنا بشر بردوا يا والدي وبغير على امي بردو.
عادل: تصدقي تعالي جوة فعلا عشان نتكلم براحتنا.
حسناء: حاضر بس كلم دكتور احمد وفرحه بقي.
عادل: لأ سيبيه كده وهو كده كده بيتصل كل يومين يعني هيتصل بكرة ولو فقد الامل يبقي هو حر واحسن.
وبالفعل اتصل احمد به باليوم التالي وابلغه موافقته كاد احمد ان يطير فرحا بل لم يصدق ما سمع ظل يشكره مراراً ؛ وما ان انهى معه المكالمة اتصل بوالده واخبره بما حدث فسعد من اجله كثيرا، ثم اتصل بوالدته واخيه وحبيبة.
وبالمساء كانت بسمة تتحدث مع حبيبة على الهاتف.
بسمة: أنت مش متخيلة ده اتصل بينا واحد واحد يحكي بالتفاصيل اللي حصل مش مصدق ان ابوها وافق بيقولي ان حسناء هي اللي قدرت تقنعه ( ضحكت من قلبها) ما وافقش الا اما حكم عليها تتنقب.
حبيبة: والله مش عارفة اقول لك فرحانة عشانهم ازاي ربنا يبارك فيهم ويجعل حياتهم سعد وهنا.
- اللهم امين.
- بقولك أيه ما تخلوا الخطوبة مع كتب كتاب محمد وجميلة والفرحة تبقي اتنين.
- والله فكرة حلوة جدًا.
- خلاص كلمي محمود خلينا نفرح كلنا بقي.
وبالفعل تم الخطوبة وكتب الكتاب معا واستأذنوا عادل ان تكون الحفلة ببيت محمود وتم الاتفاق بما يرضي الطرفين وبيوم الحفلة تألق العرسان وطغت الفرحة على الجميع.
بالحفل وقف عادل وحسناء بعد ان انتقبت وبنفس الجهة وعلي بعد بضع خطوات عبد الرحمن وحبيبة وكان كل من عادل وعبد الرحمن يشتعلان غيره.
عبد الرحمن: يعني هو خلي مراته لبست النقاب عشان يخبيها ويداريها وأنا اسيبك كده هو يشوفك عادي.
حبيبة: مالك بس يا عُبَد وبعدين هو له حق يغير عليها منك أنا مالي وبعدين ما أنا محجبة بقالي سنين.
عبد الرحمن: ما تقوليش عُبَد بحب اسمع اسمي منك وبعدين شعرك الحلو ده بتاعي بطوله اللي مجنني؛ وبعدين آه اغير عليكِ ما أنت وهي شبه بعض افرضي بص لك انبسط أنا كده بقي بصي أنت كمان تنتقبي وده آخر كلام.
- حبيبي أنا مش هقدر دا أنا بتعب من الكمامة وكل شوية انزلها تقولي نقاب كتير يا حبيبي، بقولك أيه ما تيجي نطلع البلكونة القمر مكتمل بره والسما شكلها حلو قوي.
عبد الرحمن: بمناسبة القمر أنت شكلك زي القمر النهاردة.
ابتسمت له بمشاغبة واعادت عليه سؤالا من الماضي وكان الزمن يعيد نفسه
حبيبة: ليه دايما نشبه المرأة بالقمر عشان بيطلع بالليل مستخبي طيب ليه مش شمس مثلا.
نظر اليها مبتسما يعاد عليه ذكريات جلساتهم الأولي قبل الزواج ورد نفس رده ذلك اليوم:
- القمر بينور ظلام الليل من غيره الدنيا تبقي عتمة كمان ممكن تبصي للقمر وتستمتعي بجماله من غير ما تاذي عينك والقمر رمز الحب والراحة والسكن وحبيبة كل دول.
ضحكا بصفاء وسعادة وتبادلا نظرات الحب، اما عادل فكان يشتاط غضبا وغيرة.
- حبيبي مالك بس انبسط النهاردة خطوبة بنتك شايفها فرحانة ازاي .
عادل: هتجنن مش قادر مش قادر اقعد معاه في نفس المكان.
حسناء: غريبة أنا بقي نسيت انه موجود مش شايفه غير عروستنا وأنت والولاد سيبك منه بقي.
عادل: ازاي وهو شايفك؟!
حسناء: قلبك ابيض شايف أيه دا أنا كلي سواد دا أنا مش عارفاني وأنت جايب لي طقم منفوش جدًا بقيت عاملة زي الخيمة أنا ما ردتش اعترض عشان ما تزعلش بس أنا مش هلبس الطقم ده تاني.
عادل: لا كل مرة هنتقابل معاهم هتلبسية أو واحد زيه عشان اتاكد انه مش هيلمح طيفك حتى.
حسناء: طيب نتبسط بقي شوف سلمي فرحانة ازاي.
علي بعد خطوات يتقدم عبد الله وهو يسند جدته حافظة.
حافظة: فرح مين ده يا واد يا عبد الرحمن.
عبد الله: ده فرح جميلة ومحمد واحمد وسلمي.
حافظة: البت اللي كانت بتعيط من كام يوم.
عبد الله بيأس: اه يا تيته اللي كانت بتعيط من اكتر من شهر.
حافظة: هو عبد الرحيم كان بيضربها بالحزام اكيد عاملة مصيبة هو ايده تقيلة بس بيضرب عن حق.
عبد الله: لا يا تيته كان عندها مشكلة واتحلت.
وهو يتحرك وجد من تعثرت فجأه وكادت ان تقع لولا انها استندت على عبد الله .
حافظة: مش تفتحي يا بت .
هنا: أنا اسفة يا تيتة.
عبد الله: بسم الله ما شاء الله تبارك الله خلق فابدع.
اشتد وجه هنا حمرة وهام عبد الله بها، تابع كلا من عبد الرحمن وعادل الموقف فاشتعل عادل غضبا
عادل: وبعدين بقي مع العيلة دي اهو ده استحالة يحصل.
اما عبد الرحمن وحبيبة فنظر كلاهما للاخر متذكرا ان تلك الجملة كانت بداية شرارة الحب بينهما.
عبد الرحمن: لا لا كده كتير كتييييير قوى.
تمت بحمد الله