رواية حبيبت عبد الرحمن الفصل التاسع عشر19 والعشرون20 بقلم سلوي فاضل


 رواية حبيبت عبد الرحمن الفصل التاسع عشر19 والعشرون20 بقلم سلوي فاضل

زيارة غير متوقعة

مع حلول المساء ومداهمت النوم لهم دخل كل منهم لغرفته وما ان دخلت حبيبة واغلقت الباب شعرت بالوحشة والافتقاد ورحل عنها الاطمئنان تاكدت من كونه مصدر امانها حتى هنا بغرفة والديها فضمته لها هي الامان لم تستطع النوم طوال الليل فكلما غلبها النوم وغفت استيقظت منتفضة على اقل صوت أو اقل حركة ،ظلت هكذا حتى الصباح .
لم يكن حال عبد الرحمن افضل منها فبعد ان ذهب الي عمله ظل شاردا متالم من الحال الذي وصل اليه لا يعلم هل كان هذا التصرف السليم ام انه يضيعها للمرة الثانية ، لا يريد الضغط عليها نعم يحبها بدرجة عجز عن وصفها ويتمني قربها ولكنه لن يكن معها أناني قط سيحترم رغبتها مهما كانت  فقط يريد ان يتاكد من كونها رغبتها ونابعة من داخلها هي استاذن قبل نهاية أوقات العمل ذهب الي بيته الذي جمعهما معا يجلس بكل مكان جلسا به يبتسم أحيانًا ويتالم اخرى مر الوقت بطيئا ؛ ذهب لوالدته يتحدث معها شعرت هي به و بما يمر به تعلم ان لها دورا كبيرا في كل الم مر ويمر به ولكن ليس بيدها ما تقوم به الان وتبعد عنه المه تعلم ان اقتربت من حبيبة ستزداد حالتها سوءا وسيتضاعف الم ابنها لن تصدقها حبيبة ارهقها التفكير دون الوصول لحل فحاولت مواساته ودعت له من داخلها بصدق ان يجمع شمله مع زوجته وابنته باقرب وقت ؛ بالمساء عاد عبد الرحمن لشقته استلقي بمكانه يتحسس بيده مكانها يغمض عينه بابتسامة وكانه يتخيلها بجواره ابتسم لمجرد تخيلها وحاول النوم .
مرت عدة أيام و هم على هذا الحال واعتادت خلالهم حبيبة عدم النوم تغفوا قليلا فقط .

اسبوع مَر تشابهت أيامه كان الشرود رفيق حبيبة وغصة القلب رفيقة عبد الرحمن ومحمود يراقب من بعيد مشفق على كلامهما يلوم حبيبة بالرغم من اشفاقه على حالها فاستمرار هجرها لزوجها بات نقطة استفهام للجميع وكعادتها بهذا الاسبوع تذهب الي سما بمكتبتها تجلس معها تهون كل من هما على الاخرى وبهذا الوقت ياخذ محمود جميلة لوالدها عبد الرحمن .
وبالمكتبة كانت  حبيبة شاردة تتامل المارة .
سما: وبعدين يا حبيبة هتفضلي كدة لحد امتي ؟
حبيبة: بتقولي حاجة .
ردت بتعجب: بتقولي حاجة ! اه يا سيتي بقول ارحمي نفسك وارحمي جوزك وبنتك وارجعي بيتك كفاية عند وتنشيف دماغ جوزك ما يستاهلش منك كدة .
ردت بضياع: محدش فاهم حاجة سبيني يا سما ربنا يكرمك اقول لك طمنيني على طنط عاملة أيه ؟ بتشغل وقتها وأنت  هنا ازاي ؟
ردت بتهكم: ده على اساس اني لسه نازل شغل في المكتبة إمبارح حبيبة أنا بقالي اكتر من سنة في المكتبة مكان بابا الله يرحمه ، أنت  بس كنت في دنيا تانية ونسيتيني من وقت جوازك .
- واديني فضيت لك تاني اهو .
سما: لا متشكرين يا سيتي مش عايزة ارجعي لبيتك وأنا راضية .
نظرت لها حبيبة وكانت  نظرتها ذات معاني تتحدث باشياء وتحكي تعب والم واشتياق فتحدثت سما برجاء 
سما «يا حبيبة مهما كان اللي جواكي اتكلمي مع عبد الرحمن أو حتى محمود اخوكي اتسندي عليهم واحكي لهم ، عارفة كتير بتمني يكون اخ أو اخت اتسند عليهم خصوصا لو ماما تعبت بقعد ابكي واخاف تسيبني وابقي وحيدة أنت  في نعمة يا حبيبة احمدى ربنا عليها وحافظي عليها راجعي نفسك قبل الأوان ما يفوت».
نظرت اليها بتفكير ثم أخيرًا تحدثت: أنا طالعة زمان محمود رجع اخد جميلة ااكلها عشان تنام .
تركتها وصعدت ، مر اليوم هادئ دون جديد .
باليوم التالي مساءاً كان عبد الرحمن جالس مساءا ببلكونة غرفته التي كانت  تجمعه بحبيبة يفكر بشرود افاق من تفكيره على طرقات الباب ؛ نهض يفتح للطارق وتفاجئ به 
- مساء الخير أنا اسف لو جينا بدون معاد ومن غير اتصال كمان .
رحب به عبد الرحمن وجلسوا معا .
عبد الرحمن: شرفتوني والله تحبوا تشربوا .
عادل: لا احنا مش جايين نتضايف حسناء كانت  عايزة مدام حبيبة في كلمتين والحقيقة لما اخدت القرار اتحركنا على طول واسفين مرة تانية .
رد بإحراج :أنتم تنوروا والبيت بيتكم طبعا بس حبيبة للأسف مش هنا ، هي من وقت خروجها من المستشفي وهي عند اخوها ومش عارف هتيجي امتي هما قريبين من هنا لو حابين اقول لكم العنوان .
تابعت حسناء حديثه بتعجب خصوصا مع ملاحظتها لنبرة الحزن والانكسار بحديثه .
عادل بعد ان تبادل مع حسناء النظرات وفهم ما تريد 
- يا ريت فعلا لو مش هيضايقك أو يضايقها.
بالفعل اخذ العنوان من عبد الرحمن وذهبا الي حبيبة لزيارتها فادخلتهما بسمة للصالون واخبرت حبيبة ومحمود بقدومهما وتابعوهما للداخل جلست حبيبة في مقابل حسناء وبجانبها محمود 
حسناء: ازيك يا حبيبة فاكراني.
ردت عليها بتوتر وارتباك : أكيد طبعا.
وقف عادل صافح محمود وحدث حبيبة: حمد الله على السلامة يا مدام حبيبة – ثم نظر الي محمود وسلم عليه – اكيد حضرتك أستاذ محمود أنا عادل جار حسناء وزوجها حالياً
محمود: والله أهلا بك و الف مبروك للجواز.
نظرت حسناء لحبيبة بابتسامة كأنها تطمئنها
- أنا المرة دي جاية في خير وعشان اشكرك.
- تشكريني ليه ؟ 
- عشان أنت  صاحبة الفضل في اللي أنا فيه دلوقتي تقدم صحتي حتى جوازي تم بسببك  .
- أنا ! ازاي ؟ مش فاهمة .
- حقولك بس خليني أبدًا من الآخر  للأول واسألك أنت  ليه هنا  ؟ إحنا لما روحنا لك البيت، بيتك ، قالبنا عبد الرحمن وقالنا إنك هنا ومارجعتيش معاه ! استغربتك جدًا ما فهمتش ليه سبتي كل اللي حققتيه ووصلتي له  تنازلتي عنه وعن حقك بالسهولة دي .
 نظرت إليها حبيبة باستفهام وتساؤل ولم تستوعب مقصدها  فأكملت حسناء:عارفة أول مرة جيت لك هنا الصراحة مشيت وأنا تقريبا كرهاكي حاسة إنك السبب في كل حاجة وحشة حصلت لي والحقيقة فضلت كده كتير لحد ما عبد الرحمن جه البيت وقتها بس اللي حواليا واجهوني و وضوحوا لي الحقيقة وأنا كمان الحقيقة لما فكرت بعقل وبهدوء اكتشفت اني فعلا كنت غلطانة .
 تساءلت بقلق جم و توتر: عبد الرحمن راح لك! ليه؟ 
- لأخر سبب كان ممكن أتوقعه في يوم  بس الأول أنت  عارفة جه امتي؟ جه يا حبيبة  قبل ولادتك اليوم اللي قبل العملية ، طلب مني اسامحك وقالي انك محملة نفسك ذنبي وحاسة إنك السبب في اللي حصل لي ، بالمناسبة خدي الشيك ده مش من حقي، جابه يومها قالي حقي في المؤخر وفلوس العفش بس أنا شايفة إنه مش حقي ولو كان فأنا مش عايزاه .
أعطتها الشيك وأكملت وسط خيرة الاخرى - بصي يا حبيبة الحقيقة أنا كنت فعلا شايفة إنك سبب كل اللي حصلي وكان ممكن افضل كده  باقي حياتي كمان ويضيع اللي فاضل من عمرى في كره ، بس الحقيقة لما جه و اعتذر وترجاني اسامحك حسيت ان جزء من كرامتي رجع لي وبدأت ثقتي في نفسي ترجع من تاني . ( ابتسمت بتهكم خفيف ) عارفة كنت لحد وقتها لما بحلم باللي حصل لي اصرخ وكانه امامي وطبعا مش هتتخيلي لما فتحت الباب وكان قدامي حقيقة كانت  حالتي عاملة ازاي صرخت واترعبت و كانت  حالتي صعبة ولان عادل في الأصل جارنا من زمان أول ما يسمعني جرى علينا ولما لاقاه موجود خاف عليا ووقف قدامه وكانت  أول مرة من يوم وفاة والدى احسن ان ليا ضهر وحماية وايد ترفع عني الظلم أو القهر والوجع  حسيت وقتها براحة وامان  وقدرت اقعد في نفس المكان مع عبد الرحمن من غير ما اخاف بهيستريا ، يومها بس وافقت على الخطوبة بالرغم انه كان منتظر ردي من قبلها بشهور وما زهقش ولا مل، كان مهتم وراح معايا للدكتور ما اهتمش بكلام الناس وقتها ما كانش شايف غيري تعبان عشاني بيدور على علاجي وراحتي حتى لو مش شايفاه أو حاسة به حتى لو رافضة الفكرة ، عارفة الاحساس بالاهتمام وانك مهمة عند حد جميل جدًا ، صبر عليا ومع الجلسات والكلام فهمت يا حبيبة ان مش أنت  السبب ولا حتى عبد الرحمن لوحده.
 ردت والدموع على وجهها «امال أيه ؟»
حسناء: احنا الاتنين يا حبيبة باختصار محدش فينا شاف التاني  وما حاولناش كمان هو شاف فيا شبه منك ، صورة من حبيبته اللي شايف ارتباطه بها صعب انه يحققه أو انه مش هينفع - افتكر ان الشكل ممكن يعوضه شوية عنك ويحسسه بوجودك في حياته ، اما أنا وللاسف  شفت فيه اخر فرصة عشان الحق قطر الجواز لأني عديت الثلاثين ده غير ان ظروفي المادية صعبة وده كان السبب الظاهر لتاخر جوازي قلت اريح امي من همي واريح نفسي من نظرة الناس ليا بشماتة وكاني السبب اني ما تزوجتش ولما لقتيش حد كويس أو بمعني اصح محدش اتقدم لي كان راجل بمعني الكلمة فهربت من كلامهم بجوازي من عبد الرحمن وكنت وقتها كالمستجير من الرمداء بالنار اللي انكويت بها لحد ما قررت الخلاص وكان متاخر زي ما شوفتي ، اختصار لكل كلامي أننا احنا الاتنين ما شوناش بعض وللاسف احنا الاتنين  فكرنا غلط ؛ حتى بعد الجواز كملنا الغلط بغلط اكبر واكبر وما فكرناش نقرب بالعكس قررنا نبعد اكتر وكل واحد اخد جنب من التاني وكان كل واحد منا بيدور على سبب لافعاله أو للغلط اللي بيحصل كنت بشوف توهة في نظراته كنت حاسة بحاجة مش طبيعية كنت بشوف كلام في نظراته وتصرفاته مش بيقوله وكنت مش عايزة اتكلم وافهم كاني بعاقب نفسي عشان دخلت في علاقة وأنا مش مرتاحة لها وخايفة منها لان احساسي طول الوقت ان في حاجة غلط ، والكارثة الكبيرة واكبر غلط عملته في حق نفسي اني ماقولتش لأ من أول مرة أهانني فيها ، وسألت نفسي ليه ما قولتش لأمي وأنا متأكدة ان عمرها ما تقبل أبدًا اهأنت ي ، لقيت ان السبب الوحيد هو اني خفت من كلام الناس لو كانت  النتيجة الطلاق زي ما اكون قولت اهو افضل شوية في القطر وبعدين ابقي انزل بس مش في أول محطة كدة . كل واحد يا حبيبة بيتحمل نتيجة عمله سواء كان حلو أو وحش يعني اللي حصل لي بسببي صحيح عبد الرحمن كان مشترك معايا بس أنا اكبر حد غلط في حق نفسي . أنا كنت جاية اقول لك كده واشكرك وامشي . بس لما لقيتك هنا وقابلتك دلوقتي ففي حاجة تانية عايزة اقولها لك ، بصي يا حبيبة اللي تقدر تغير عبد الرحمن و تظهر فيه اللي استحالة حد يتوقعه كده اكيد تكون بتحبه وقوي كمان ، واللي شايفاه منك دلوقتي انك تعبانة قوي ؛ أوعي تضيعي حياتك عشان افكار ممكن تطلع غلط أو عشان أي حد  ، خدي رأي اقرب الناس ليكي واسمعيهم ، حكمي قلبك وعقلك وامسكي في حياتك وراحتك بكل قوتك وطاقتك وأوعي تتنازلي عنها أبدًا .

استقامت و اكملت
- لما شفت اد أيه وجود عادل قواني قررت بيني وبين نفسي ما أضيعهوش أبدًا خصوصا اني عرفت منه انه حبني من قبل حتى مراته ما تتوفي وسكت في الأول عشان ما يوجعهاش وكان يعاملها بود واحترام عمرها ما اشتكت منه وبعد ما توفت سكت لأنه معاه طفلين وأنا كنت لسه انسة حس انه حيبقي أناني لو اتقدم بس بعد ما تجوزت عبد الرحمن وعرف اللي حصلي قرر يقف جنبي حتى لو ما وافقتش ، أنت  كنت سبب ان عبد الرحمن جه واعتذر وتأكدت ان عادل فعلا اماني و سندي و الحب الحقيقي ، احنا اكيد مش بنقابل الحب الحقيقي في حياتنا الا مرة واحدة الحب اللي يقوي  و يغيرنا للأحسن نصيحة لو قابلتيه أوعي تضيعيه أو تفرطي فيه لانك هتندمي طول العمر . 
صافح عادل محمود وأوصلتهم حبيبة للباب ،
حبيبة: شكرا يا حسناء يا ريت نتقابل تاني.
حسناء: للأسف يا حبيبة اعتقد ان دي  اخر مرة نتقابل فيها ، حقيقي كنت اتمني  نتقابل في ظروف مختلفة اكيد وقتها كنا بقينا اصحاب أنت  حقيقي من الشخصيات المميزة اللي عرفتها .
رحلت حسناء ودخلت حبيبة البلكونة وجلست بمفردها بشرود تام ، تابعها محمود يراقبها من بعيد وتركها تختلي بنفسها لبعض الوقت . اما حسناء وعادل فبعد ان تركتها و غادرت استقلوا تاكسي نظرت حسناء الي عادل مبتسمة ثم عادت بذاكرتها الي بداية معرفتها به وبزوجته الراحلة سلمي

الفصل العشرون 
 ذكرى من الماضي
والدة حسناء
- أخيرًا جيتي يا بنتي ربنا مش هيتوب عليكِ بقي وتكمل اجراءات نقلك ، مش قولتي مش هتاخد وقت .
قبلتها حسناء: طاب قولي حمد الله على السلامة الأول . أنا هرد وهعتبر انك قولتي ، الله يسلمك يا حبيبتي .
والدتها: نفسي تردي على كلامي من أول مرة .
- طاب أنا راضية ذمتك لو عملت كدة في مرة مش هتقلقي عليّا ( تنَهَدت بإحباط ) كان المفروض يا امي ما اخدش الوقت ده كله كان طبيعي اخد نص الوقت ده بالكتير، بس اعمل أيه عريس الغفلة اللي كان متقدم لي بيستغل وظيفته عشان رفضته ومطلع عيني مشاوير وورق وشوية يغيب وشوية يوصي أصحابه يمشوروني .
والدتها: منه لله حسبي الله ونعم الوكيل يعني يا تجوزيه وهو متجوز ومعاه أولاد وكمان في السر يا اما يطلع عينك كده .
اجابتها بشرود
- من يوم وفاة بابا والناس شايفاني لقمة سهلة ( أنت بهت لنفسها وعادت لمرحها ) هنتغدي امتي يا ست الكل هموت واكل وبعدين أيه الخبط دة والعَفش اللي طالع الدور اللي فوق .
ردت بابتسامة:
- الاكل جاهز ادخلي غيرى على ما اغرف والخبط ده والعفش السكان الجدًاد .
تحدثت وهي تتحرك:
- عرايس بردوا يا ماما يارب يطولوا المرة دي عشان الشقة بالرغم اننا هنا بقالنا سنة لكن سكنت تلات أو اربع مرات مش عارفة ليه .
جاء صوت والدتها من الداخل: لا متجوزين ومعاهم ولد صغير بتاع سنتين بالكتير ومراته حامل وتعبانة .
انتهت حسناء من تبديل ملابسها وذهبت لوالدتها تعاونها في وضع الاطباق 
- لحقتي تعرفي كل ده امتي يا حجة أنا مش شايفة غير عمال طالعين نازلين .
ضحكت والدتها بخفة:
- أنت  عارفة أنا مش محتاجة حتى اسأل .

اكملت حسناء معها الجملة بنفس الوقت 
حسناء وووالدتها:
- طنط سعاد اللي في البيت اللي جنبا .
- بالظبط كدة جت وقالت كل اللي تعرفه واستغربت اني ما اعرفش ان الشقة اتاجرت غير لما شوفت العمال .
- اهي دي اللي بيقولوا عليها قاعدة للساقطة واللقطة ، أنا مش فاهمة بتعرف الاخبار دي ازاي ومنين وليه حاشرة نفسها في حياة الناس كدة مش بطيقها الست دي ربنا يبعدها عننا ويحرمنا منها .
- دع الخلق للخالق سيبك منها المهم عايزة اقول لك حاجة .
حسناء: المهم هي اللي تسيبها مننا وتسيب الخلق للخالق عشان طهقتني في عيشتي ناقص تقولي يا عانس في وشي صريحة كدة كل ما تشوفني تقولي ما فيش عريس في السكة  يعني هو البعيد راكب توتك ولا بينه بيزحف اعمل أنا أيه؟!
- عانس بعد الشر عنك يا بنتي وسيبك منها ولا يهمك هو النصيب بايد حد فينا ، بصي أنا لمحت جارتنا طلعت من شوية وجوزها كان مسندها فعلا وشكلها تعبان وجهزت لها صنية اكل هقوم اطلعها لهم وأنت  كلي أكيد ما كلتيش من وقت الفطار .
استقامت حسناء وتحدثت وهي تتحرك:
- يا سلام يا ام حسناء وهتطلعي السلم ازاي وأنت  اصلا رجلك تعباكي عثمانة هتلف الطرحة وتطلع هي الصنية .
- يا عثمانة قصدي يا بنتي أنت  لسه جاية وتعبانة خليكي .
خرجت من غرفتها بعد ان ارتدت ما يناسب وغطت شعرها:
- خلاص يا حبيبتي جهزت أنا هطلع الحاجة واجي على طول .
اخذت حسناء الصنية واتجهت الي شقة السكان الجدد وطرقت الباب الذي كان مفتوح لنهايته وبالداخل استمعت الي صراخ الطفل وبكاءه بهيستريا لم تفهم ما حدث دقت على الباب ورنت الجرس .
خرج اليها شاب بمنتصف الثلاثينات ويبدو عليه الربكة والقلق والكثير من التوتر .
حسناء بعدم فهم لما يحدث:
- احنا جيرانكم بالدور اللي تحت والدتي بعتت لكم الاكل ده .
رد بخوف وقلق:
- طيب ممكن والدتك تجي تشوف مراتي وتقعد معاها على ما اجيب دكتور.
نظرت له بعدم فهم فاكمل :
- هي حامل وتعبانة اغمي عليها وأنا لوحدي ومعايا ابني ومش عارف اتصرف عايز حد يقعد معاها على ما اجيب دكتور بس .
- خليك معاها هبعت ماما ، في دكتورة هنا اخر الشارع هروح اندهها .
 - هتعبك معَنا أنا هروح بس والدتك بس تقعد معاها .
- لا تعب ولاحاجة وكدة اسرع .
تحركت حسناء قصت على والدتها سريعا ما حدث صعدت والدتها واتجهت حسناء الي الطبيبة ثم عادت اليهم وبعد ان انتهت الطبيبة من الكشف على زوجته.
الطبيبة: هي المريضة عندها مشاكل بالقلب .
تنحنح: أيوة .

الطبيبة:
- وازاى تحمل بالسرعة وازاي تحمل تاني اصلا واضح ان حالتها صعبة لازم تتابع مع دكتور قلب .
- بتابع والله بس النقل كان صعب عليها .
نظرت له باتهام كذلك حسناء وتحدثت
- كمان نقل بحالتها دي على العموم لازم ترتاح و تتغذي كويس الافضل والدتها تقعد معاها الفترة دي والادوية دي في مواعيدها وتقلل الحركة على ما تقدر للضرورة بس يعني .
- حاضر شكرا لحضرتك .
نظرت له باتهام وسخرية ورحلت 
- ممكن تفضلوا معاها لحد ما اجيب الدوا مش هاتاخر . 
نظرت له حسناء بحدة سحبت منه روشتة العلاج بعنف نظرت له باحتقار واتهام وتحركت لاسفل .
تنحنحت والدتها
- ما تاخذهاش يا ابني هي بس..
بحثت عن كلمات ولم تجد فهي ايضا تشعر بالضيق من اجل زوجته المريضة شعر هو بها فانهي الموقف .
- عادي يا طنط مش متضايق .
 - طيب مش هتكلم اهلها يا ابني حد يقعد معاها .
تَنَهَد بتعب:
- مالهاش غيرى يا طنط والدها ووالدتها ماتوا من قبل جوازنا ومالهاش اخوات ما تقلقيش عليها أنا هاخد اجازة وافضل جنبها لحد ما تبقي كويسة.
 - لا يا ابني روح شغلك وسيب الكتكوت ده معايا أنا هاخد بالي منه ومن مامته.
- هتعبك معَنا .
 - لا تعب ولا حاجة يا ابني ما فاضية وبنتي بترجع متاخر ادعي لها اجراءات نقلها تتم بسرعة ويهدي اللي موقف لها ورقها.
ابتسم لها بمجاملة وكانت  حسناء وصلت ومعها الادوية .
- شكرا لتعبك معَنا .
ابتسمت بمجاملة وهي تنتقضه بداخلها .
لاحظ هو واخذ العلاج ودخل لزوجته وعاد اليهم بعد قليل .

بعد دخوله نظرت والدة حسناء لابنتها:
- خفي على الراجل الله اعلم بظروفهم ما تحكميش بالمظاهر .
- مظاهر أيه بس مريضة قلب وحمل بسرعة و نقل في نفس التوقيت تقريبا الرجالة المحترمين الله يرحمهم .
- ما تحكميش على حد بالظاهر المظاهر خداعة والأيام هتبين الصالح من الطالح .
- ولا ما تبينش كله محصل بعضه ما ليش دعوة أصلا ومش عايزة أعرفهم وأكيد مش هنتقابل تاني .
خرج الساكن من الداخل: أنا اسف اتاخرت بس انتظرت لما نامت تاني بعد ما اخدت العلاج .
نظرت حسناء بتهكم لاحظه وتحدثت والدتها:
- ربنا يطمنك عليها يا ابني والكتكوت الصغير نام دخله جنبها بقي ونستاذن احنا.
الساكن: لا ثواني يا طنط هدخل انس واجي لحضرتك .
دخل الساكن وتحدثت والدة حسناء «ما شاء الله ونعم الاسماء جميل اسم انس» .
خرج الساكن اليهم «يا ريت يا انسة تقولي العلاج بكام».
- ليه ؟
- قصدها يا ابني واحد، مراتك بنتي بردوا وعلي اتفاقنا ما اتشرفناش بالاسم يا ابني 
- «عادل» يا طنط بس لازم أعرف. معلش سامحيني وريحيني كفاية الحاجات اللي حضرتك بعتيها وحتى ما عرفتش اشكركم عليها ده غير تعبكم معَنا ( نظر الي حسناء باحراج ثم اعاد نظرن لوالدتها ) ومش عايز اتعب حضرتك معَنا أنا متعود لما بتتعب كده باخد اجازة من الشغل واقعد معاها اراعيها هي وابني أنا ماليش غيرهم .
 - أيه يا ابني أنت  خايف عليها مني دي في عنيا وزي بنتي بالظبط .
- مش عايز اضايقكم أو اتقل عليكم لانها بتطول للاسف .
تحدثت والدت حسناء وهي تتحرك لتغادر وعلي وجهها ابتسامة:
- لا هتقل ولا حاجة ومن النهاردة بقي عندي بنتين وولد مش بنت واحدة وحفيدي أنا هاخد بالي منه وأنت  في الشغل ما تشلش هم.

بالأسفل بعد ان دخلت حسناء ووالدتها واغلقوا الباب
- أنا مش فاهمة اتفاق أيه اللي اتفقتي عليه وبنتين وولد مين اللي بقوا عندك ماما مش ناقصين كلام الناس هما قارفني لوحدهم وبعدين أنت  متعاطفة معاه ليه ده هيموتها حملين ورا بعض وهي عندها القلب وحالتها وحشة حتى الدكتورة كانت  مش طايقاه .
اخذت والدتها الطعام لتعيد تسخينه وتحدثت وهي تتحرك:
- عشان أنت  والدكتورة بتاعتك دي بتاخدوا بالمظاهر الراجل شكله شايل الهم وتعبان وكان مرعوب عليها وأنت  بتندهي الدكتورة .
- أنت  اللي طيبة زيادة عن اللزوم يا ام حسناء .
- طيب يلا يا بنت ام حسناء عشان تاكلي وافتكري المثل اللي هقولك عليه ده وابقي ردي عليا بعد وقتها .
- مثل كمان يا امي ، ويا ترى ما هو هذا المثل يا أُمّاه .
- " المثل بيقولك تعرف فلان اه عاشرته لأ يبقي ما تعرفهوش " والمثل التاني " لا تذم ولا تشكر غير بعد سنة وست أشهر " يا روح أُمَّاه .
ردت وهي تاكل:
- مش عايزة لا أعرف ولا أذم ولا اشكر أنا عايزة أكل لأني هموت من الجوع يا أُمَّاه .
مر اليوم وباليوم التالي ذهبت حسناء الي عملها مع السعي لإنهاء أوراقها لإتمام نقلها لمدرسة اخري وعند عودتها استمعت لحوار اثنتين من زميلاتها لم تنتبه أياً منهما لوجودها 
الأولي وتدعي دعاء:
- ارحمي بقي من ساعة ما خرجت وأنت  مش راحمة سيرتها دي لو كانت  عمله ذنوب قرب تل زمانك شيلتهم عنها كلهم .
الاخرى وتدعي سوزان:
- وأنا اشيلهم ليه كل واحد يشيل شيلته هي اللي حاطه راسها في السما العانس البايرة .
- عيب يا بنتي وبعدين عانس ولا بايرة لنفسها أنت  مالك شغلة نفسك ليه هي حرة .
- لا شاغلة نفسي ولا حاجة وبعدين ما هي اللي قارفه نفسها ما كانت  وافقت وريحت نفسها .
- ما قولنا شاغلة بالك ليه ترفض تقبل دى حياتها .
- كانت  سايرته لحد ما تخلص النقل وبعدين تقوله هي في العش ولا طارت .
- أنت  عارفة لا طريقتها ولا اسلوبها وهي بتحترم نفسها ما تنسيش ان باباها كان شغال في الادارة التعليمية يعني يعتبر زميلنا. 
- الله يرحمه يا سيتي ان كان يجوز عليه الرحمة يعني ، وبعدين ماهي اكيد ماشية مع حد دي عدت التلاتين ولسه عانس كانت  وافقت تتجوز في السر بدل ما تمشي على حل شعرها ايه يعني متجوز ومخلف أو حتى لو اتجوزها شوية ورماها تبقي لقت حد يبص لها ويدلعها شوية بدل ما هو ما محدش معبرها ده غير انهم على الحديدة ابوها كان موظف صغير غلبان ومعاشه ملاليم يعني اكيد خرباها عشان تلاقي تآكل  لأخر الشهر.

نظرت لها صديقتها برفعة حاجب وتدقيق:
- عندك حق تلاقيها خارباها.

عند تلك الجملة صعقت حسناء وانهمرت دموعها وتركت المكان وغادرت دون ان تنتبه كلاهما كما اتت ولم تستمع لباقي حديث دعاء .
- إلا قولي لي يا سوزان هو صحيح استاذ سيد خلص لك أوراق البنك اللي كانت  واقفة بقالها اكتر من سنة وكان كل شوية يطلع لك فيها ثغرة عشان تقف 
سوزان دون أنت باه في البداية لما ترمي اليه زميلاتها:
- اه يا سيتي أخيرًا رضي عني وخلصوه ادعي لي بقي اخلص باقي الورق واقدر اطلع عربية بالقسط الموضوع صعب وبجمع فلوس المقدم وبخلص باقي الورق بلا زنقة المواصلات وقرف .
- ما هو بردوا استاذ سيد مغرقك الفترة دي مكافآت أي حد بيطلع له مكافأة يحط اسمك معاهم . ( نظرت اليها بأنت باه تدقق في المعني الذي ترمي اليه فأكملت دعاء ) هو أنت  عرفتي منين ان استاذ سيد اتقدم لها وعايز يتجوزها في السر وانها رفضت كمان .
انهت جملتها ووضعت مرفقيها  على الطاولة وسندت ذقتها على ظهر كفيها .
نظرت اليها سوزان بتدقيق وأجابتها بتبجح وعدم مبالاة عرفت من مكان ما عرفت وبعدين اهي الناس بتتكلم أنا ماشية عندي شغل باخد عليه مكافآت مش فاضية من غير سلام .
ردت بتهكم:
- وعليكم السلام ، صحيح اللي على راسه بطحة ، ما كل واحد شايف الناس كلها زيه ، ربنا يهدي .

عادت حسناء للبيت في حالة سيئة تسبقها دموعها وبمدخل العمارة اثناء دخولها تقابلت مع جارها عادل وكان في طريقه للخروج وعندما شاهد حالتها تلك وقف تحدث معها .
- انسة حسناء ازيك ، أنت  بتعيطي مالك في حد ضايقك ؟
لم يكن لديها القدرة للحديث لم ترفع وجهها اليه فهي تكره ان يراها الاخرون بلحظات ضعفها فتحركت دون ان تجيبه فاكمل
- طيب طنط عندنا فوق أنا خارج وهتأخر شوية لو حابة تطلعي بدل ما تكوني لوحدك وأنت  كدة مفيش حاجة تستاهل .
فتحت باب الشقة نظرت اليه لوهلة ثم اغلقت الباب ، حمدت ربها ان والدتها ليست معها دخلت غرفتها و القت بنفسها على الفراش ، بكت قهراً لحالها و من كلمات الاخرين التي لا ترحم ، تقتلها كسُم بطيئ مؤلم لأبعد حد .

من شدة بكاءها وارهاقها غفت بحالتها تلك وعلي وضعها لا تعلم كم من الوقت مر وهي تبكي  و أي مدة غفت و لكنها استيقظت على صوت والدتها .
- حسناء مالك يا بنتي نايمة بهدومك ليه وجيتي امتي أنا قولت زمانك لسه جاية أنت  هنا من امتي ؟
 - من شوية يا امي كنت مصدّعة شوية فمشيت .
نظرت اليها بتأمل وتوقعت ما بها فهي تأتي بحالتها تلك كلما سمعت ما يضايقها من الاخرين لتأخر زواجها أو سماعها لما يسيئ الي سمعتها فيضع كل شخص تحليله للاسباب التي يراها من وجهة نظره سبب تأخر زواجها وجميعهم يستبعد ان نصيبها لم ياتي بعد ربتت على ظهرها بحنان وضمتها بقوة إليها شددت حسناء من ضمها وتشبثت بملابس والدتها وبالكاد منعت نفسها من البكاء فالجميع يشكك في اخلاقها دون ان يروا منها ما يشينها لمجرد تاخر الزواج ،اما حسناء  فتشعر انها عبء على والدتها لا تعلم ما يمكنها ان تفعل لتقلل معَناتها أو تقلل حمل والدتها .
بعد القليل من الوقت تمالكت حسناء نفسها وجمعت شتاتها حاولت رسم بسمة مزيفة واخفائها تحت ستار دعاباتها التي تكثر كلما ضاقت بها احزانها .
- لا يا أُمّاه مش هنقضيها احضان وكدة أنا جوعااااان ولا جيرأنا نسوكي حسنائك ولا أيه .
- لا طبعا عمري ما انساكي يا حبيبتي ، أنت  عرفتي منين اني كنت عند الجيران الجدًاد .
اجابتها وصوتها لازال يبدو عليه البكاء تجاهد لاخفاء نبرة الالم منه:
 - سؤالك غريب جدًا بقيتي وأنا برة تخلصي اللي وراكي وتطلعي لجيرأنا ولو رجعت لقيتك يبقي أنس معاكي .
والدتها: صعبانة عليّا قوي وابنها كمان حملها تقيل قوي عليها .
- ادام تعبانة بتحمل ليه مهما ضغط عليها كان المفروض تقف له .
- بقيتي زيهم .
- هما مين اللي بقيت زيهم ؟
- اللي بيرموا الناس بالباطل يا حسناء .
ثم تركتها وذهبت من الغرفة وتحدثت وهي تتجه للمطبخ .
- أنا هسخن لك الاكل كلي وحصليني على فوق .
حسناء من داخل غرفتها «مش عايزة اطلع» .

والدتها وهي تضع الطعام على الطاولة:
م- جوزها هيتاخر جامد ومش هينفع اسيبها لوحدها ومش هتقدر تنزل أنت  سمعت الدكتورة قالت أيه .
ردت حسناء وهي بالكاد تمنع دموعها وتتجه الي الحمام تحاول الا ترى والدتها وجهها ودموعها التي عادت وانسابت مرة اخري:
م- لأ سبيني أنا وخليكي معاها .
التفتت اليها والدتها التي كادت ان تفتح الباب لتصعد لجارتها ناظرت ابنتها التي والتها ظهرها باتجاه الحمام وردت بإجابة ذات مغزي:
م- مهما عملت ومهما غلطتي ومهما كان حواليا ناس بحبهم عمرى ما اسيبك يا حسناء بس لما تغلطي لازم انبهك ولما تظلمي لازم افوقك سواء كنت بتظلمي نفسك أو غيرك .
انهت جملتها ثم غادرت واغلقت الباب خلفها ؛ اما حسناء فوقفت محلها شهقت ببكاء حاد اخرجت معه باقي قهرها الغير منتهي ثم اتجهت للحمام غسلت همومها به وجددت طاقتها ثم حاولت تناول طعامها ولكنها دون ان تشعر تسترجع حوار زميلاتها بالمدرسة منعت نفسها من الدخول في موجة بكاء اخرى فنهضت وجمعت الطعام واعادته بالثلاجة ثم بدلت ملابسها لأخرى مناسبه لتصعد لجارتهم الجديدة ؛ انتهت وصعدت اليهم . جلست معهم ولكنها كانت  بعالم اخر تحمل الصغير و تتحدث مع نفسها.

حسناء لنفسها:
- يا رب أنا تعبت الناس بقت وحشة قوي دايماً شايفيني بايعة نفسي دايما شايفين اني ماشية غلط يا رب أنت  عالم بحالي ومطلع على اللي جوايا ، يا رب أنا مش عايزة شفقة أو تعاطف من حد كل اللي محتاجاه انهم يسبوني في حالي أنا تعبت فعلا مش عارفة اعمل أيه ؟ ممكن لو اتجوزت يحلوا عني طيب يعني اروح أنا اتقدم للناس يعني ما المناسبين بيمشوا لما يعرفوا اني مش هقدر اشارك معاهم بالعفش يا دوب على قد هدومي وبس ما أنا لو معايا أنا أو امي مش هنتأخر ومش هقدر اتجوز حد متجوز ولا بتاع مخدرات أو عاطل حتى لما اتقدم لي واحد ارمل كان كبير قوي وابنه كان قريب من عمرى وقلبي انقبض جامد أول ما دخلوا بس يا رب حتى نقلي مش عارفة اخلصه يا رب أنا تعبت بجد .
افاقت على صوت جارهم عادل
عادل: للدرجة دي سرحانه ومش سامعة حد .
أنت فضت واقفة تنظر حولها بفزع .
- اهدي ما حصلش حاجة ما كنش اقصدي اخضك كده .
اقتربت منها والدتها وجذبتها إليها
 -لا يا ابني هي بس اللي تعبانة شوية النهاردة .
سلمي دي ماحستش بيكي لما اخدتي منها الولد هي مالها .
تنهدت والدتها بألم من اجل ابنتها 
ردت حسناء بإحراج
م- عن اذنكوا. 
والدت حسناء: معلش يا ابني كلام الناس مش راحمينها وفي واحد ابن حرام موقف لها ورق نقلها منه لله بتاخد مشوار قد كدة رايح جاي مش مكتفي اننا نقلنا بسببه وسيبنا بيتنا وجيرأنا انها عايزة تنقل من المدرسة بسببه لا موقف حالها ومبسوط وهو شايفها متشحططة في المواصلات .
- طيب اقعدي يا طنط وحكي لي كدة أنا اعرف ناس ممكن يخلصوا لها الموضوع ده بس بلاش تعرفيها عشان هى مش طايقاني يمكن تفتكر بعمل كدة لسبب .
جلست بإرهاق:
م- يا ابني احنا ناس على قدنا ابوها مات من كام سنة كانت  في سن الجواز معاشه قليل قوي على مرتبها يادوب الشهر بيمشي كل ما حد يتقدم ويعرف الحال. يمشي لحد ما كبرت زي ما أنت  شايف .
- دى قسمة ونصيب يا طنط .
- اكيد يا بنتي بس الناس دماغها وحشة وهي بقي فيها الطمع أي حد معدي عايز يتجوزها مرة سباك مرة البياع اللي في السوبر ماركت  مرة حد  في ابوها الله يرحمه ولما نرفض يقلوا ادبهم ويجرحوها بالكلام واللي ختمها جه مديرها اتقدم لها عايز يتجوزها في السر من ورا مراته ، رفضت وهددته انها هتقول لمراته.
سلمي: وبعدين يا طنط سابها في حالها.
والدت حسناء: سابها أيه يا بنتي ده قرفها كل شوية خصومات ، خصومات بسبب ومن غير وحولها للتحقيق مرة ولما واجهته قل ادبه وقالها أنت  فاكرة نفسك أيه أنت  واحدة عانس تتمني أي حد يبص لك وملكيش لا ضهر ولا حد يدافع عنك  وابوكي ميت وهقرفك لحد ما تيجي تترجيني اتجوزك ووقتها اقرر هعمل أيه ، مكدبتش خبر وقدمت على نقل ودورنا على سكن ونقلنا هنا واهو بقالنا يجي سنة وهو ملففها حوالين نفسها كل شوية يتلكك على حاجة ويطلب منها أوراق ويوصي الناس توقف لها ورق نقلها وساعات يطلع عليها اشاعات وكل فترة تبقي زي ما أنت م شايفينها كدة وترجع تفك لوحدها ، اكيد حد سامعها كلام مالوش لازمة .
عادل:  خلاص يا طنط وعد مني هانهي الموضوع ده ونقلها هيتم قريب جدًا.
- بجد يا ابني دي خدمة عمري ما انساها .
- ما تقوليش كدة احنا خلاص بقينا اهل 
وِأّلَدِت حسناء: تسلم يا ابني من كل ردي استاذن أنا بقي.
- مع السلامة يا طنط وزي ما قولت لك بلاش تعرفيها خصوصا بعد اللي حكتيه اكيد هتفهم غلط .
اجابته وهي تغادر : حاضر يا ابني .
اغلق عادل الباب شرد لثواني بسيطة والتف فوجد زوجته سلمي تتأمله بتفكير .
- مالك ؟ أنت  تعبانة اجيب الدكتورة .
اجابت بألم حاولت اخفاءه الم نفسي اصعب بمراحل عن اى الم اخر الم لا يزول بالمسكنات:
 - أنا كويسة يا حبيبي ما تقلقش أنت  فعلا هتقدر تساعدهم في الموضوع ده .
رد بتاكيد وجدية شعرت في طريقته كانه يتوعد لمدير حسناء المتجبر الذي اذي مشاعرها:
-  اكيد طبعا مش هاهدي غير لما تتنقل . 

تركها و دخل الغرفة يبدل ملابسه يرتب افكاره لا يعلم ماذا اصابه عندما رأها بتلك الحالة لم يعتاد عليها بتلك الحالة لا يعلم سبب اهتمامه بها أو غضبه من ذلك الشخص البغيض لكنه بالنهاية لا يهتم سوي بإنهاء مشكلتها وتعبها .
تناولوا الطعام و جلسا معا كل منهم شارد بتفكيره في مكان اخر وحسناء على حالها ووالدتها يعتصر قلبها الماً لحال ابنتها الوحيدة .
وباليوم التالي نهضت حسناء بالصباح تتحرك ببطيء وعدم رغبة في الذهاب ولكنها يجب ان تذهب تأمل ان تستطيع انهاء اجراءات النقل التي تتعثر بسبب وبدون ذهبت الي عملها متأخرة قليلاً وبداخل المكتب
- صباح الخير يا بهاء امال دفتر الإمضاء فين (نظرت الي ساعة يدها ) لسه باقي عشر دقايق على انك تشيل الدفتر .
اجابها باحراج:
- احم للاسف استاذ سيد نبه قبل ما يمشي انك مالكيش امضا النهاردة ، أنا آسف والله ما فيش في ايدي حاجة أنت  عارفة .
- استغفر الله العظيم على الصبح كده أنا مش فاهمة الراجل ده جنسه أيه وهايشيلني من دماغه امتي يا رب حلها من عندك .
اتت خلفها سوزان
- بهاء الدفتر فين أنا عايزة امضي ( ثم أنت بهت لوجود حسناء ) أيه ده أنت  هنا إلا قولي لي اجراءات نقلك خلصت ( ضحكت بشماتة ) يدينا ويديكي طولت العمر .
رد بهاء مستاء لما يحدث:
- استاذ سيد مضي لك ورقة مأمورية قبل ما يمشي وادهالي مش محتاجة تمضي .
- طيب ( ثم اشارت باصابع يدها قاصدة اثارة غيظ حسناء ) باي يا سوسو .
خرجت سوزان وتحدثت حسناء هامسة لنفسها: اللهم اني اشكو اليك ضعف قوتي و هواني على الناس ، ( ثم اكملت بصوت عالي ) ادام ماليش امضا يبقي اعتبر نفسي ما جتش النهاردة واروح احاول اخلص ورقي يمكن ينسو أو ما يخدوش بالهم ويخلصوا الورق .
خرجت هي ونظر زميلها في أثرها: لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم بقت بتكلم نفسها ربنا يهديه ويطلعها من دماغه .
اتجهة حسناء الي الادارة التابعة لها المسئولة عن الموافقة عن اجراءات النقل وهناك دخلت للموظف المسئول 
- صباح الخير أنا عارفة انك زهقتي مني بقالي سنة رايحة جاية عليكِ بسأل نفس السؤال وبتسمعيني نفس الاجوبة تقريبا معلش نزود مرة كمان مفيش اخبار عن ورق نقلي المرة دي وصل فين يا رب الموظفة تكون جت النهاردة ومش قافلة الدرج عليه وغايبة كالعادة ولا يكون الموظف اللي المفروض يمضي عنده حالة وفاه واخد اجازة اسبوع ولا .....
الموظفة: لا الموظفة موجودة ومحدش أخد اجازة كويس انك جيتي .
نظرت لها بدهشة وتعجب ورفعت حاجبيها لم تسعفها الكلمات هل هي تحلم وسيتم النقل ام من كثرة حزنها باتت تسمع ما لم يتحدث به احد وتتخيل ما تريد 
- معلش قولي تاني كده .
- بقول كويس انك جيتي اتفضلي اقعدي كنا لسه هنتصل بالمدرسة عشان تيجي .
جلست امامها بعدم تصديق ، وتحركت الموظفة وذهبت لاخري همست لها تابعتهم هي بعدم فهم ، أوراق كثيرة تحركت بها من مكتب الي اخر موظف الي آخر مرت ساعة وهي تتحرك بينهم حتى انتهت أخيرًا ، نظرت الي الأوراق التي معها بتعب وعدم تصديق معا فأخيرًا بعد عام مر عليها استطاعت انهاء أوراقها وتبقي اخر شئ تقديم اوراقها بالمكان الجديد فقط  أخيرًا ستنتهي معَناتها بالعمل .
همست لنفسها وتَنَهَدت براحة:
- الحمد لله .
تحركت وهي تغفل عمن يتابعها من بعيد وعلي وجهه ابتسامة رضا من اجلها تحركت باجاه خروجها وهى لازالت تنظر للأوراق بسعادة وعدم تصديق فإصتدمت بشخص بطريقها رفعت رأسها فوجدت ذلك السيد مديرها وعلي وجهه علامات الغضب والتوعد .
- أنا كنت متأكد انك ماشية على حل شعرك اتعرفتي عليه الأيام دي ما لو من قبل كان خلص لك ورقك من الأول مش فاضل لك غير امضتي ابقي قابليني لو اخدتيها قبل اسبوع .
لا تعلم من أين جاءت بتلك القوة ولكن قوة احتمالها له كانت  قد انتهت وشجعها الأوراق التي اكتملت معها أخيرًا .
- أولاً حسك عينك تكلمني بالطريقة دى تاني واحترم نفسك وأنت  بتتكلم معايا وأنا لوكنت زي ما بتقول كنت عملت زي غيري ورضيت اتجوزك في السر بس أنا يوم ما اتجوز هتجوز في العلن ويوم ما اعرف حد هعرفه وأنا مخطوبة أو متجوزة وامشي معاه وأنا رافعة راسي قدام الناس كلها أنا مش من عينة الناس اللي تعرفها واللي خلاك ما تقدرش توقف ورقي ويكمل وتبقي مش طايق نفسك كده ان شاء الله يجبرك تمضي من غير ما تفتح بوءك .
نظرت له من اعلاه لاسفله بمقت ثم رحلت نظر هو في اثرها بغضب، كاد ان يتحرك فوجد يد تجذبه بغضب جم فنظر لذلك الشخص فقابلته مع تلك النظرة عبارات تهديد .
- إياك ترفع عينك فيها تاني أو تحاول أو حتى تفكر تعيد عليها أي كلمة من اللي قولته وورقها تمضي عليه أول ما تعرضه عليك بدون أي كلام وزي ما كلمت اللي خلي ورقها يمشي ممكن اكلمه يمشيك أنت  كمان وتتحول للتحقيق ووقتها هتلاقي مية واحد من اللي اذيتهم بيشتكوا وقابل بقي .
- ماهي شكلها ...
- فكر بس انك تكمل الجملة وشوف هعمل فيك أيه.
نظر له سيد بغضب ثم تحرك وخرج من المبني كله، نظر الشخص إليه بأنتصار ثم تذكر تلك الحسناء حسناء ابتسم بسعادة مرة أخرى مغادرًا، وبالطبع لم يكن هذا الشخص سوي عادل

تعليقات



<>