أخر الاخبار

رواية هويت رجل الصعيد الفصل التاسع عشر 19والعشرون20 بقلم نورا عبد العزيز


 رواية هويت رجل الصعيد الفصل التاسع عشر 19والعشرون20 بقلم نورا عبد العزيز

___بعنـــوان "أمــل "___

حالة من الذعر والخوف أصابت الجميع والدموع لم تجف وهلةً واحدةً في عيون أحد، كان واقفًا أمام غرفة العمليات ينتظر خروجها على قيد الحياة وينظر على يديه الملوثة بدمائها وهو لا يصدق بأن هذا حدث لزوجته، جاء “عطيه” مُسرعًا بعد أن ألقى بـ “حورية” في السجن ووقف جوار “نوح” لكنه في عالم غير العالم لا ينتبه لأحد وغارقًا في ذكرياته معها وقبل قليل كانت تلهو وتركض بسعادة والآن على فراش الموت تصارعه كما غريب القدر يُمزق السعادة بالحزن في أقل من دقيقة، وقف “عطيه” جوار “ليلى” الباكية ثم همس إليها بخفوت:- 

-الدكاترة جالت أيه؟ 

رفعت عينيها إليه ليرأى الدموع لوثت عينيها الخضراء وهى على وشك السقوط من الأنهيار والخوف فصمت، جاء “على” مُصدومًا مما سمعوا عندما عاد للمنزل فنظر إلى حال ابنه المُنهار رغم صمته وهدوئه، فتح الباب وخرج الطبيب فهرع “نوح” و”عليا” أولاً لينظر الطبيب بأسف شديد لهما وقال:- 

-أدعولها لأن حالتها حرجة جدًا وإحنا هندخلها الأنعاش 

تركهم ورحل ولم يفهم ”نوح” شيء، فور حضورها أخبره الطبيب بأن الرصاصة أخترقت القلب والآن في وضع حرجة، لم يراها إلا من خلف الزجاج لمدة أسبوع وبعدها ما زالت لا تستجيب للوعى لمدة أكثر من شهر، حدثها وهو يجلس جوارها والأجهزة تحيط بها وأصواتها فقط تمليء الغرفة تمتم بلطف وهو يمسح على رأسها:- 

-أنتِ جولتى ما هتهملنيش واصل، جولتى هتحاربى الموت عشانى يا عهد، أتنفسي نفس واحد بس يجلب كل الموازين  

جفف دموعه سريعًا عندما فتح الباب فدلفت الممرضة تحقنها في الوريد بحقنة ثم قالت بنبرة خافتة:- 

-الدكتور عاوز حضرتك 

رفع نظره إليها بقلق ثم أومأ بنعم لتغادر الممرضة فهندم ملابسه وذهب إلى الطبيب فأعطاه الطبيب ورقة positive،نظر “نوح” للورقة ثم قال:- 

-أيه دا 

لا يعلم الطبيب أيحق له أن يبتسم أم يؤاسي هذا الرجل فقال:- 

-مدام عهد حامل  

أتسعت عينى “نوح” على مصراعيها بصدمة الجمته ورفع رأسه للطبيب مُصدومًا وكأنه صُعق بضربة كهربائية فقال:- 

-أيه؟!!  

تنهد الطبيب بخفة وهو يعلم كما يصعب عليه الموقف، زوجة لم تتنفس بنفسها دون الأجهزة وتحمل طفل لم يتكون بعدًا مجرد نطفة من الدم، سار “نوح” بعيدًا حاملًا لورقة الأختبار مُصدومًا والطبيب يتابعه بعينى ثاقبة يشفق على حاله.... 

__________________ 

كنت “حورية” تجلس مع والدتها في السجن وتبكى بهلع بجسد مُرتجف وهى تقول:- 

-أنا مكنش جصدى يا أمى، نوح هو اللى أستفزنى مكنش جصدى أجتل وأدخل هنا، أنا مكنتش في وعي 

أردفت “فاتن” بأختناق شديد قائلة:- 

-مكنتش تجصدى ولا تجصدى في الحالتين أنتِ جتلت البنية وأنتهى الموضوع ربنا يستر على اليوم اللى هيشيل عنها الأجهزة، نوح هجتلك قبل ما يوصلها للجبر حتى لو كنتِ في السجن، لتكونى فاكرة يا خبيتى أن السور والعساكر دول هيمنعوا نوح من تأره 

وضعت “حورية “ يديها على وجهها وهى تجهش في البكاء بخوف شديد من السجن و”نوح” وتُمتم بضعف قائلة:- 

-مكنش جصدى والله مكنش جصدى 

أربتت “فات” على قدم ابنتها بشفقة وحزن على حال أبنتها التي سُتعدم وإذا رحمها القضاة ستكون اشغال شاقة مؤبدة فهى تعمدت القتل ولم تقترفه بدون قصد، دمعت عيني “فاتن” وقالت:- 

-أنا هتحدد ويا أخوكى وربك يسهلها والمحامى مهسبكيش  

غادرت “فاتن” تاركة ابنتها في حبسها باكية نادمة على فعلتها... 

___________________ 

عاد “نوح” إلى غرفة زوجته ليجد “عليا” بالداخل تمسح جسد “عهد” بالمنشفة المبللة فوقف بهدوء يتابعها وهى تأتى يوميًا لأختها باكية وتهتم بحالة جسدها وتتحدث عن غضب “عهد” عندما تستيقظ وتجد جسدها متسخ، جلست تصفف شعر أختها جوارها بلطف وبدأت تحدثها بصوت خافت:- 

-مش هتقومى يا عهد بقى، أنتِ وحشتينى بلاش أنا عشان أنا عارفة أنك لسه زعلانة منى طب ونوح هتسيبى لوحده كدة، متمشيش يا عهد وأنتِ زعلانة منى خلينى أصالحك كويس وأوريكى انا جبتلك أيه أحدث شنط من غوتشي، طلبتهم مخصوص من أيطالية عشانك قومى عشان تشوفيهم وكمان خليت ليلى تشتري أحدث أيفون عشانك 

كانت تُحدثها وهى تقلم لها أظافرها فدلف “نوح” للغرفة وتنحنح بخفة لتقف “عليا” بقلق ثم قالت:- 

-الدكتور قالك أيه؟ 

أعطاها ورقة الأختبار لتنظر بها فصُدمت بدهشة مما تراه ثم نظرت على أختها الغائبة عن الوعى بصدمة ألجمتها... 

__________________ 

خرجت “ليلى” من المطبخ حاملة طبق به بسبوسة وذهبت إلى غرفة “سما” ثم قالت بعفوية:- 

-أنا عملتلك بقي يا ماما بسبوسة تستاهل بؤك 

وضعت الطبق على الكمودينو وجلست قُرب “سما” لتقظها لكنها لم تُجيب عليها فأرتعبت “ليلى” خوفًا من ان تكون هذه المرأة أصابها شيء فقالت:- 

-ماما  

هزت “ليلى” بخفوت لتصرخ “سما” بها بضيق شديد قائلة:- 

-أنتِ بستقوى عليا يا بت 

تحدثت “ليلى” بقلق شديد وخوف :- 

-والله أبدًا يا ماما  

قربت “سما” وجهها من وجه “ليلى” ثم قالت:- 

-أنتِ بجى الغجرية بتاعت الموالى اللى بتلفى على ولدى وعايز تتجوزيه بعينك 

دمعت عينى “ليلى” بحزن من معارضة هذه المرآة المريضة لزواجها من ابنها وقالت:- 

-لا والله أنا مش غجرية أنا بنت محترمة  

عادت “سما” بظهرها للخلف ثم قالت بضيق شديد:- 

-جومى يا بنت هاتى الشنطة السوداء اللى في الدولاب 

ذهبت “ليلى” لتحضر ما طلبته ثم أعطته إليها وجلست مرة أخرى تراقبها عن كثب و “سما” تفتح الكيس وتخرج منه حبات عين الجمل ثم أعطتها واحدة وقالت:- 

-كسرى دى  

أومأت “ليلى” لها بنعم ثم أخذت الحبة منه وكسرت فتبسمت “سما” بلطف وقالت:- 

-ورينى أسنانك أكدة 

أتسعت عينى “ليلى” على مصراعيها ثم قالت بهمس:- 

-دا قر دا ولا أيه؟ 

ضربت “سما” ركبتها بغضب وهى تقول:- 

-سمعتك  

تنحنحت “ليلى” بحرج وفتحت فمها إلى “سما” لتقول:- 

-سنانك زينة ما هو أنا مهسيبش ولدى يا يدب مرة تانية  

رمقتها “ليلى” بغيرة شديدة وهى تقول:- 

-تانية!! هو كان في اولانية 

ضحكت “سما” بعفوية بعد أن أشعلت نيران الغيرة في قلب هذه الفتاة وبدأت تحرقها حتى أن “ليلى” شعرت بأنها تشم رائحة حريق قلبها فتابعت “سما” بنبرة خبيثة أكثر:- 

-وااا وأنتِ حد جالك أن ولدى راهب في نفسه، دا الصعيد كله مفهوش حد في شجاوة ولدى وهو موجفة بنات الصعيد كلته على نظرة منه 

ضربت “ليلى” قدمها بأغتياظ شديد من الغيرة ثم قالت:- 

-بنات الصعيد كلهم، يومك مش فايت يا عطيه 

أعطتها “سما” حبة من عين الجمل مرة أخرى وتبسمت ببراءة الأطفال فنظرت “ليلى” لها بضيق وبدأت تكسر لها كل الحبات من الغضب تفرغ بهم القليل من الغضب، فتح باب الغرفة ودلف “عطيه” لترمقه “ليلى” بغضب وهو يقول:- 

-سلام عليكم  

وقفت “ليلى” من مكانها ليسقط قشر المكسرات من ملابسها أرضًا لكنها لا تبالى وذهبت نحوه وهى تجذب يده وتخرج فقالت “سما” بغضب:- 

-خد أهنا يا بنت 

حدثتها “ليلى” وهى تفتح باب الغرفة:- 

-بعدين يا ماما 

خرجت به للخارج ثم وقفت أمامه وهو مُندهش من تصرفها ولا يعلم سبب غضبها المُتلهب فتركت يده ثم قالت بحدة:- 

-كنت فين؟ 

نظر إليها بدهشة لتقول بغضب أكثر:- 

-شوف أنا مش هعيد كلامى كنت فين؟ 

هندم ملابسه بذهول ولا يُصدق ما يسمعه وهى تعامله كمجرم فقال:- 

-جرى أيه يا ليلى أين زينة  

كزت على أسنانها بأغتياظ ثم قالت:- 

-أنا كنت زينة لحد ما شوفتك  

أستدارت لكى تغادر وهى غاضبة وتقول:- 

-أنا كان مالى ومال الأرتباط والنيلة مش كفاية انى صومت صومت وفطرت على بصلة  

كرر كلمتها بذهول أكثر وهو يخرج خلفها:- 

-بصلة 

صاحت وهى تلف إليه غاضبة:- 

-قصدى عطيه أنت مالك فخور بنفسك كدة لأيه كأن أسمك كاظم الساهر دا أنت أسمك عطيه يا أبو عطيه 

أرتطم ظهرها بالباب فأنفجر ضاحكًا عليها رغم غضبه من سخريتها بينما خرج منها صرخة ألم بسبب مقبض الباب الذي أخترق عمود الفقري ونظرت “ليلى” إلى ضحكاته بضيق شديد فقال:- 

-أنا أسف، ممكن تفهمنى بس حصل أيه 

قوست شفتيها للأسفل وهى تقول:- 

-عامل فيها مؤدب وأنت لفيت على بنات الصعيد كلهم  

قهقه ضاحكًا عليها عندما وصل إليها قال بجدية:- 

-دا كلام أمى مش عيب عليكى لما تسمعى كلام مريضة خرف دا أنا ما فهمك أنها ممكن تحكي فيلم على انه حصل معاها  

غادرت المنزل وهى تقول:- 

-والله أضحك عليا بكلمتين ما أنت شايفة العبيطة اللى بتصدقك 

ضحك “عطيه” عليها ثم قال:- 

-هو في عطبية برضو كيف البدر أكدة 

ضربته بقوة على كتفه وهى تنظر حولها بخجل شديد من حديثه لتقول:- 

-واا أتأدب يا عطيه حد يسمعك 

وضع يده على كتفه بدهشة من قوتها وهى بجسد نحيفة وقال:- 

-ذنبى أنا يعنى أنى بجولك كلام حلو كيف البنات ما أنا معرفش هتنل وأتجوز ميتى 

سارت معه بوجه عابس قائلًا:- 

-مش قبل ما عهد تقوم فياريت طول ما أنت قاعد تدعيلها تفوق عشان تتجوز  

نظر إليها وهو يسير جوارها ثم قال:- 

-يا ليلى أنا معترضتش ولا مانعت بس أنا نفسي أوصل للفرح سليم من غير أصابات الله يرضي عليكى 

قهقهت ضاحكة عليه ثم تبأطات ذراعه بخفوت وقالت:- 

-متقلقش يا بوب أنا ماليش في الأصابات 

نفض ذراعه منه بغضب ثم قال بجدية:- 

-لا دا واضح مالكيش في الرومانسيات أيه بوب اللى بتجولي دى في واحدة تجول لخطيبها يا بوب 

توقفت عن السير ونظرت إلى بحزن شديد مصطنع ليتوقف عن السير ونظر إليها بغيرة وقد توقفت قدميها أمام قهوة بلدى يجلس عليها الكثير من الرجال لتقول بزمجرة:- 

-أنت بتشد أيدك منى يا عطيه 

أسرع إليها بخطوتين ليمسك يدها ويجذبها بقوة ليسير بعيدًا ويقول بعنف وغضب:- 

-أنتِ هبلة عشان تجفى جد الرجالة وتتجمصي 

تبسمت “ليلى” إليه وقالت:- 

-وااا أنت بتغير يا بوب 

أشتاط غضبًا أكثر وكاد أن يضربها غضبًا من هذه الكلمة لتقول بعفوية:- 

-خلاص بقى ميبقاش قلبك أسود يا حبيبى 

نظر إليها بدهشة لتسرع في خطواتها خجلًا منه وهو يسير خلفها ويتحدثها قائلًا:- 

-مرة تانية وحياتى مرة تانية  

ضحكت بخجل وهو يسير خلفها وقلبه يتراقص فرحًا ليقول بجدية:- 

-يا رب أموت لو ما جولتيها تانى 

ألتفت له بغضب سافر وأسرعت إليه لتضرب صدره بقوة وهى تقول:- 

-بعد الشر  

تألم من ضربتها لكنه حدق بعينيها وقال:- 

-مش بجولك يا رب أوصل للفرح من غير أصابات، ما علينا جوليها 

ألتفت مُتحاشية النظر إليه بخجل شديد ثم قالت:- 

-حبيبى  

تبسم وهو يسرع خلفها بنظراته  

__________________ 

خرج “عمر” من عمله وأنتظارها حتى تبدل ملابسها مع صديقاتها لتخرج “عليا” وتراه واقفًا أما السيارة فأسرعت في الركوب وهى تقول:- 

-أتأخرت 

هز رأسه بلا ثم أنطلق بالقيادة إلى حضانة “يونس” ومن ثم يذهبون إلى المستشفى، في كل مرة يأخذها إلى المستشفى يراها ترتجف قلقًا فأخذ يدها في يده وهو يقول:- 

-متقلقيش يا عليا 

نظرت “عليا” إليه وقالت بقلق:- 

-بخاف يا عمر، كل مرة وأنا رايحة بترعب لأروح وما لاقيش عهد مستنية وفى نفس الوقت ببقى بجرى على أمل أن الدكاترة تقول أن في أمل ويغيروا كلامهم طول الـ 

 أسابيع دول وكلامهم واحدة مفيش أمل ومبتتنفسش لكن أنا عندى أمل يتغير، حالة رعب وأمل جوايا متفهمهاش 

تبسم “عمر” بلطف إليها فتابعت وهى تعود بنظرها إليه:- 

-أنا خايفة تمشي وهى زعلانة منى وكنت هندم العمر كله ولو مكنتش روحت الصعيد لما قولتلى، بعد ما الأوان فات أكتشفت أن ربنا بيدينا الفرص بس إحنا الأغبياء اللى بنضيعها بكبريائنا وغرورنا، ربنا أدانى فرص كتير أوى عشان أرجع لها وأفرحها في كل مرة كانت بتتصل بيا وأنا بكل أنانية مكنتش بفكر غير في نفسي وبتجاهل الفرصة دى ودلوقت مش باقى ليا غير الندم والقهرة اللى أنا سبب فيهم  

تحدث “عمر” بنبرة هادئة هاتفًا:- 

-أن شاء الله هتفوق عشانك وعشان جوزها وابنها اللى في بطنها، عهد قوية ومش هتستسلم بالسهولة دى صدقينى  

دمعت عينيه “عليا” لتضع يدها على وجهها ثم قالت:- 

-فكرة أن محدش كبير على الموت مُرعبة يا عمر، عهد مهما كانت قوية هي ضعيفة قدام مشيئة ربنا ودا راعبنى جدًا  

تبسم “عمر” إليها وقال بحنان:- 

-بس ربنا رحيم وقال (وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) صدق الله العظيم أدعى يا عليا ربما يستجيب لدعواتك  

أومأت إليه بنعم ثم ترجلت من السيارة أمام المستشفى... 

________________ 

مسك "نوح" الطبيب من ملابسه بقوة وغضب شديد بداخله قائلًا:- 

-أنت بتجول أيه؟  

أجابه الطبيب بخوف من هذا الرجل المُخيف وعينيه تبث شرارة قائلًا:- 

-يا أستاذ نوح أكدب عليك لو قولتلك أن فى أمل، إحنا لازم نرفع عنها الأجهزة 

هز "نوح" رأسه بخوف شديد من فقدها للأبد وتمتم قائلًا:- 

-لا مستحيل، أوعاك تجرب منها  

تنهد الطبيب بهدوء وهو يعلم موقف هذا الرجل وكيف سيحضر الموت إلى زوجته بيده ثم قال:- 

-أنت راجل مؤمن وعارف أن الأعمار بيد الله  

دمعت عينى "نوح" بضعف خائفًا من لحظة الفراق بعد أن تشبث بأمل الحياة ثم قال:- 

-أنا مجدرش أخسر عهد، مجدرش  

اربت الطبيب علي كتفه برفق وهمس قائلًا:- 

-أنت كدة بتعذبها لأن إكلينيكياً مدام عهد ميتة وهى موجودة لحد دلوقت بالأجهزة بس، سيبها ترتاح لأنها متستاهلش العذاب دا، أنا لمصلحتى تكون هنا لأنك بتدفع فلوس بس دى فلوس فى الهواء مالهاش أى فايدة  

أخفض "نوح" رأسه بضعف للأسفل لتسيل دمعته على وجنته وقال بتمتمة:- 

-أنا كان عندى أمل ولو واحد فى المية، كنت متعشم أوى فى رحمة ربنا عليا ويشيل عنى عذاب الفراج بس الحمد لله مجدرش أجول غير الحمد لله على كل حال لكن كيف أنا اللى أجتل مرتى بيدى.. كيف يا خلج أسيب يد حبيبة قلبى... 

كاد الطبيب أن يتحدث لتقطعه الممرضة وهى تأتى ركضًا إليه وتناديه فقالت:- 

-يا دكتور يا دكتور ألحقنا 

ألتف الطبيب إليها و”نوح” واقفًا بهدوء لا يبالى لتقول الممرضة:- 

-أتنفست.. المريضة في الأنعاش أتنفست 

ألتف “نوح” بدهشة إليها فهل تتحدث عن زوجته ليركض الطبيب وخلفه “نوح” وعندما وصوله للغرفة دخل الطبيب وأغلقت الممرضة الباب في وجه “نوح” تمنعه من الدخول وبدأوا يفحصوها وهو يحدق بها من خلف الزجاج ويضع يده مُتشبثًا الحاجز الزجاجى وهو يتمتم قائلًا:- 

-أثبتى يا عهد أثبتى يا حبيبة قلبى 

جاءت “عليا” بعد أن سمعت حديث الممرضين في الخارج عن المريضة التي عادت للحياة وأنتصرت على الموت بعد غيابها لفترة واقفة على حافة الموت، خرج الطبيب بعد مُبتسمًا ثم أربت على كتف “نوح” وقال:- 

-مش قولتلك الأمل في دعاك ليها 

غادر الطبيب ليدخل “نوح” الغرفة وهى ما زالت فاقدة للوعى لكنها أعطتهم أشارة واحدة على أنها ما زالت قوية وتتشبث بالحياة مثلهم... 

__________________ 

دلف “خلف” إلى مكتب “على” في المنزل وقال:- 

-في واحدة برا يا حج عاوزة تجابلك 

خرج “على” معه ليرى هذه المرأة الغجرية تقف بأنتظاره بخوف وحرج من قدومها فقال بتساءل:- 

-نعم جالولى أنك عاوزانى 

أومأت إليه فأخذها لغرفة المكتب لتخبره بسر مساعدتها إلى “خالد” ليقف من مكانه بصدمة مما سمعه وقال:- 

-أنتِ حبلة من خالد 

نظر إلى بطنها المُنتفخة قليلًا بصدمة لتجهش باكية وقالت:- 

-ساعدنى ياحج الله يستر عليك، خالد ضحك عليا ومن ساعة ما جولته على الحبل دا وهو بيتهرب منى وأنا كدة هتفضح 

جلس “على” على مقعده بضيق وتنهد بهدوء يفكر في هذه الكارثة ثم قال:- 

-يا بنتى أنا ماليش حكم على خالد وهو مش أهنا أنا كل اللى أجدر أساعدك فيه أن أخليكى تستنى أهنا هبابة لحد ما أمه ترجع وتتحددي وياها  

أخفضت رأسها بأنكسار وحسرة ثم أومأت إليه بصمت لتغادر غرفة المكتب وأخرج هاتفه من جيبه ليُحدث “نوح” وأخبره بهذا الحديث ليقول “نوح”:- 

-أنا ماليش صالح بيهم ومرت عمى دى متجعدش يوم واحد في بيت لما أعاود  

وضع سيجارته في فمه لينفث دخانها ليسمع صوت والده يقول:- 

-لما تعاود ربك يسهلها طمنى على مرتك 

رفع “نوح” نظره إلى المستشفى وهو يقف في الخارج من أجل سجائره وقال:- 

-أدعيلها يا حج بجالها سبوع بتتنفس لكن مفيش جديد 

أنزل الهاتف عن أذنه ليرى رقم “ليلى” فأغلق مع والده وفتح الخط ليأتيه صوت حبيبته تقول:- 

-سبتنى وروحت فين .... 

رفع نظره بدهشة إلى مبنى المستشفى وركض مُسرعًا للداخل على الدرج لم ينتظر المصعد وقد سقطت سيجارته منه وقلبه يتسارع بلهفة شوقًا إليها وصوتها قد أربكه بجنون وعندما فتح باب الغرفة غادرت “ليلى” مُسرعة وهو يحدق بهذه الفتاة العنيدة التي أوشكت على إيقاف قلبه فتمتمت بضعف وصوت مبحوح:- 

-أنا أسفة 

تحدث بخوف ونبرة مُتلعثمة وعينيه على وشك البكاء:- 

-جولتلك متنزليش 

دمعت عينيها بتعب وهى تشعر بثقل في صدرها فحدثته بضعف:- 

-خوفت عليك منهم 

أدار رأسه عنه لتتساقط دمعته بعد أن مر بفترة مُرعبة من فكرة فراقها ورؤيتها أمامه على الأجهزة والجميع يخبره بأن يرفع الأجهزة عنها ويعلن وقت وفأته، ما مر به كان على وشك تحطيم قلبه لكنه تشبث بأمل واحد فقط فنادته بضعف:- 

-ممكن تخاصمنى بعدين طيب 

سعلت بتعب ليفزع وهو يسرع إليها بخوف فحدق بعينيه الباكية لترفع يدها ببطيء وتتألم لكنها لا تبالى بهذا الألم ومسكت وجهه بيديها ثم قبلت دموعه وعينيه الباكية فتشبث بها بذراعيه وهو يقول:- 

-وجفتى قلبى يا عهد 

لفت ذراعيها حوله لتستقر على ظهره وهى تقول:- 

-غصب عنى يا حبيب عهد 

عناق دافيء أخرج به كل دموعه وأنتصر على الم الفراق به، أمتصت من داخله كل الأوجاع التى لحقت بقلب حبيبها فى غيابها وهذه الندبات التى تركها الغياب بصدره والحريق الذي ألتهم قلبه وعقله، كان عناقها كفيل بإعادته للحياة رغم انه كان يتنفس لكنه شعر بأن رئتيه تختنق بدون أكسجين فى غيابها، تنفس بهدوء وسكينة بين ذراعيها المُرتجفين ضعفًا من المرض فأبتعد عنها وهو يجفف دموعه ثم تبسم بسعادة وقال:- 

-أنا مش هلومك ولا هعاقبك دلوجت عشان في عز خوفى جبتيلى أحلى هدية  

نظرت إليه بأستغراب شديد فوضع يد على بطنها وهمس بأذنيها قائلًا:- 

-أنتِ حامل يا عهدى .......  


 
الفصل العشرون (20) الأخيــــر
__ بعنـــــوان "فــلتغفــر" __

-حامل من ولدى كيف؟ 

قالتها “فاتن” بذهول مما تقول هذه المرآة وحدقت بـ “اسماء” الواقفة هناك، رفعت “أسماء” أكتافها بسخرية فأخاها لم يكن راهب وهذه الفتاة ليست الأولى في الحمل منه لكنها الأولى التي تجرأت على القدوم إلى عائلته، تنهدت “فاتن” بلطف لتقول:- 

-طيب يا بنتى  أنا هتحدد وياه وأشوف هنعمل أيه في الموضوع دا  

غادرت “تاج” الغجرية من المكان خائفة من القرار الذي ستتوصل إليه “فاتن”، سألت “أسماء” بضيق من تصرفات أخاها قائلة:- 

-هنعمل ايه في المصيبة دى ياما، هتخلى ولدك يكتب على غجرية 

تأففت “فاتن” بضيق شديد ثم صاحت بها قائلة:- 

-هو أنا جايبكم في الحرام يا ولاد حمدى ولا عملت أيه في دنيتى عشان ربنا يبتلينى بكم إلا ما فيكم واحد عدل ينصفنى، جرا أيه يا ولاد بطنى هي بطنى مبتجبش غير الأنجاس بس 

أقتربت “أسماء” منها لتربت على أكتافها بحنان وعينى دامع لأجل والدتها الباكية فرغم كل شيء ستظل أم تخشي عواقب الحياة على أبناءها فتمتمت “أسماء” بلطف:- 

-أهدى يا ماما وكله هيتحل سوا بابا أو حورية وحتى خالد 

رمقتها “فاتن” بضيق شديد وكأنها هي الخالية من الإزعاج لوالدتها ثم قالت بسخرية:- 

-وأنتِ يا بنت بطنى هتفضلى جاعدة جاري أكدة مستني المتجوز وهو مش سأل فيكى ولا هتجعدى زى أختك تمكرى مكر الثعابين على مراته  

أبتعدت “أسماء” عنها بضيق شديد لتقول:- 

-عاوزانى أعمل أيه؟   

صاحت “فاتن” بها قائلة:- 

-تشوفى حالك يا أسماء وتفكرى في العريس اللى طلب يدك جبل ما يخلع ومتلاجيش اللى يعبرك بعد عملت أختك ومتسيش يا بنتى أن أبوكى وأختك رد سجون وأخوكى أديكى شايفة مهوش أمام جامع 

تنهدت “أسماء” بضيق شديد وكيف لها أن تقبل الزواج من رجل وبقلبها رجل أخر لم يفارقها بعد فقالت:- 

-حاضر يا أمى هوافج على كريم بس لو ظلمته ويايا متشيلنيش الذنب لأن دا هيكون ذنبك أنتِ لحالك وأنتِ السبب في كل لحظة هظلمه فيها  

غادرت “أسماء” بعيني دامعة مكسورة وقلبها ينزف دماء على أوتار حُبها ... 

_____________________ 

كان “نوح” يسير معها في حديقة المستشفى مُرتدي قميص وبنطلون أسود وقد بدلت “عهد” ملابس المستشفى بفستان أبيض عليه بعض الورود الصغيرة والمحلول معلقة في يدها وتدفع حامل المحلول بيدها والأخرى تتباطأ ذراع “نوح” يساندها في السير قليلًا لتقول:- 

-كنت حاسة أنى مخنوقة أوى في الأوضة، أسبوع كامل قاعدة في السرير 

تبسم “نوح” إليها وهو يسير جوراها وهتف بنبرة هادئة قائلًا:- 

-سلامتك من الخنجة يا حبة قلبى بس إحنا أتفقنا على أيه تسمعى الحديد الدكاترة وتنفيذي بالحرف الواحد زين 

تبسمت “عهد” إليه بسعادة وقالت بعفوية:- 

-حاضر بس أنت كمان تنفذ اللى وعدتنى بيه وتأخدنى الغردقة يومين أول ما أطلع من هنا  

نظر إليها بجدية وقال:- 

-أنا جولت لما تفوجى وتبجى زينة  

توقفت أمامه بلطف لينظر إليها وهو يعلم بأنها لن تستسلم لرغبته وتتطلع بها مُنتظر أن تتحدث فهو يعلم جيدًا طباع زوجته لتبدأ “عهد” بالحديث بحزن مُصطنع:- 

-على فكرة دا مش عشانى دا عشان البيبى ولازم تفهم أن كل ما تفرحنى كأنك بتفرحه هو بالظبط 

ألتفت لكى تغادر غاضبة وتركته واقفًا كما هو ثم جلست على أحد المقعد ليجلس أمامها على الأرض جاثيً على ركبتيه ويعقد لها رابط حذاءها فتطلعت به بعفوية وسعادة على هذا الرجل الذي لا يُحرج من الجلوس أمام قدميها أمام الجميع فقط يهتم لأمرها ولا يكترث لهذا العالم، تحدث “نوح” بنبرة خافتة دافئة:- 

-أنا اللى يهمنى سعادتك أنتِ وبس يا عهد 

رفع نظره إليها ثم أخذ يدها في يده وقال:- 

-اللى في بطنك أنا لسه مشوفتهوش وما هيهمنيش جد ما يهمنى عهدى وبس وأنا لو وافجتك نروح هوافج لأجل عيونك أنتِ وبس 

أقتربت “عهد” برأسها إليه لتمسك وجهه بيدها وبدأت تحرك أناملها على لحيته بحُب شديد وقالت:- 

-لو تعرف أنى وقعت في حُبك من جديد دلوقت يا نوح 

تبسم إليها ثم وقف وهو يمسكها من أكتافها ليساعدها في الوقوف وسار بها إلى طريق المستشفى 

____________________ 

صاحت “ليلى” بضيق شديد به قائلة:- 

-وأنا بقولك كانت بتبص  لك وأنت كمان بصيت لها يا عطيه 

تأفف “عطيه” بضيق من غيرتها الشديد وكلما نظرت امرأة له حتى لو عن طريق الصدفة تشاجره فقال:- 

-كدة كتير يا ليلى أنا زهجت من كتر ما كل مرة بجولك نفس الحديد وأن محصلش حاجة من اللى في دماغك وأن ى ميفرجش ليا أي ست غيرك، تعبت من كتر ما ببررلك حاجات أنا نفسي معملتهاش لكنك مقتنعة باللى في رأسك 

أتسعت عينيها على مصراعيها من حديثه وقالت بذهول بنبرة خافتة:- 

-زهقت .. زهقت منى ليه؟ عشان أيه.. عشان بغير عليك ولا عشان مش ناوية أكون مُغفلة وأتخاطي عن عينيك الزايغة  

أتسعت عينيه على مصراعيها من حديثها فكز على أسنانه بغضب سافر ثم وقف من مكانه وقال:- 

-جومى يا ليلى خلينى أروحك عشان أرجع الصعيد 

وقفت من مكانها بضيق من هروبه وسط الشجار لتقول:- 

-وتروحنى ليه ما تمشي وخلاص، متخافش مش هقول أنك مش راجل وسبتنى في الشارع 

تمالك أعصابه وسيطر على غضبه قدر الإمكان ليجذبها من يدها بقوة وخرج من الكافى ثم فتح باب سيارته وأنطلق حيث منزلها ثم أوقف السيارة بصمت دون أن يتفوه بكلمة واحدة وهى لم تكلف نفسها بالحديث فترجلت غاضبة لتغلق الباب بقوة تخرج غضبها بهذا الباب، نظر إلى الباب بعد أن صفعته بقوة وأنطلق غاضبًا إلى الصعيد... 

___________________ 

وصل “نوح” إلى أحد الفنادق بالغردقة بصحبتها لتقف جواره وهو يُسجل البيانات ويدها في يده وبعد أن أنهى تسجيل الدخول صعد معها للأعلى ليتركوا الحقائب وتقول “عهد” وهى تفتح الباب الزجاجى للشرفة:- 

-تعال بص على المنظر دا يا نوح قد ايه جميل ومُريح للأعصاب 

جاء إليها من الخلف ووقف بجانبها وهو يضع يده على كتفها ويحدق بها بحُب شديد ثم قال:- 

-فعلا جميل 

كان يتحدث عنها وهو يحفر ملامحها في قلبه رن هاتفه ليخرجه من جيبه فألتفت “عهد” تأخذ الهاتف منه بغضب ثم قالت:- 

-إحنا قولنا مش تليفونات ومش هنكلم حد  

نظر “نوح”إليها لتقول بجدية:- 

-إحنا هنا عشان نفكر صح، أنا عارفة أنك غضبان جدًا ومُستاء من الحصل وبمجرد ما نرجع الصعيد هتثور في الكل ودا سبب أنى جبتك هنا، أنا عاوزاك تفكر كويس في كل حاجة مشتتاك ومزعلك، فكر هتعمل أيه في خالد اللى هجم على بيتك بالسلاح ومرتك عمك وأسماء بنتها مينفعش ترمى ستات مكسورين في الشارع دول لحمك ودمك، حورية خلاص نالت عقابها على اللى عملته  

أبتعد “نوح” عنها بخطوات غاضبًا مما تقول ثم قال بصياح وضيق شديد:- 

-أنتِ زى كل مرة يا عهد هتجولى سامح وأغفر، أسمح ناس بيضربوا مرتى في غيابى وبيضربوا النار مرة عمى يعملها فيا ومرة بنته هم دول لحمى ودمى اللى بتكلمى عنهم 

أقتربت “عهد” منه لتضع يدها على ذراعه بلطف وقالت بنبرة دافئة:- 

-أسمعنى يا نوح، حاول تغفر وتسامح أنت قلبك أبيض من الناس اللى بتتكلم عنهم دول، سامح عشان تقدر تعيش وعشان دول أهلك وناسك يا حبيبى 

تجاهل حديثها بضيق ليقول بلطف:- 

-يلا عشان نتغدا يا عهد 

تركها في الشرفة ودلف للغرفة لتتنهد “عهد” بحزن من هذا الرجل العنيد ثم ولجت للداخل خلفه 

____________________ 

ضحكت “عليا” عليه وهو يلعب مع طفلها بالألعاب في محل الأطفال وكلما ضحك “يونس” أشترى “عمر” اللعبة إليه وهى تسير في الخلف وحدها وكأنه ابن “عمر” وليس ابنها هي، نظر “عمر” عليها فرأها تضحك لينظر إلى بسمتها بحُب شديد لتخجل من نظراته فغمز غليها بعينيه ليضحك بقوة ثم حمل “يونس” على أكتافه وعاد إليها ليقول:- 

-جرا أيه يا وردتى مش هنتجوز ولا أيه؟  

ضجكت “عليا” عليه وقالت:- 

-مش لما عهد تخف 

نظر إليها بضيق شديد مُستاءًا من تأجيلها للزواج فقال:- 

-على فكرة للعلم بالشيء عهد بتقضى شهر عسل مع جوزها ولا هي الناس كلها عندها عسل وعندى أنا يقلب بصل  

ضحكت على تذمره بعفوية ثم نكزته في ذراعه وقالت:- 

-وبعدين يا عمر ما تتقل كدة أنا مبحبش الراجل المدلوق كدة 

قالتها وسارت بعيدًا ليضرب الأرض بقدمه فضحك “يونس” عليه، ذهب للمحاسب وهى تضع الألعاب على الطاولة أمامه فقالت:- 

-أنتوا واخدين كل دا 

نظر “عمر” غليها وقال:- 

-ممكن نتجوز عشان أنا تعبت من الأنتظار 

تجاهلت “عليا” سؤاله وقالت:- 

-الحساب كام كدة؟! 

تحدث البائع معه عن السعر ومد يده إليها لكى توقع فأعطته إلى “عمر” وبدل من التوقع كتبت كلمة واحدة (أتجوزينى) نظرت إلى الكلمة وضربت صدره بقوة غاضبة من فعلته لتقول:- 

-أنتِ أتجننت يا عمر 

صاح “عمر” بضيق من تصرفاتها وقال:- 

-مش ذنبى أنا بقولك أتجوزينى تدينى الورقة ليه 

ضحكت “عليا” عليه وقالت:- 

-أنا بقولك وقع يا بنى    

أقترب خطوة منها وقال بإصرار:- 

-أتجوزينى 

نظرت “عليا” للبائع بخجل من تصرفات هذا الرجل فضحك البائع عليهما وسأل:- 

-حضرتك دفعتي؟ 

أجابته “عليا” بجدية قائلة:- 

-اه 

نظر البائع إلى “عمر” وقال:- 

-وافقت أهى  

نظرت “عليا” إليه بغضب من مكر هؤلاء الرجال فقفزت “عمر” فرحًا بعد أن غمز البائع إليه وأقترب يفتح ذراعيه لكى يطوقها فصرخت به قائلة:- 

-عمرررر أتلم 

عانق “يونس” عوضًا عنها فضحكت بخجل عليه وجميع الزبائن ينظرون عليه بعفوية وفرح.. 

_____________________ 

أستيقظت “عهد” من نومها تشعر بثقل على بطنها فنظرت ووجدت “نوح” نائمًا على بطنها ويطوق خصرها بذراعيه، رفعت يديها إلى رأسه وتغلغلت أصابعها في خصلات شعره الأسود فتمتمت بصوت خافت:- 

-نوح 

أبتعد عنها برفق لتعتدل في جلستها وهى تحدق به وسألته:- 

-بتعمل أيه يا نوح 

أجابها بخجل من فعلته قائلًا:- 

-كنت بسمعه 

 

تبسمت “عهد” بخفوت عليه وقالت بسعادة:- 

-بس يا حبيبى دا لسه متكونش بتسمع أيه؟ 

ترجل من الفراش خجلًا ثم قال:- 

-جومى يا عهد عشان تفطرى 

ضحكت وهى تنزل من فراشها وتقول:- 

-أنا ملاحظة أنك من ساعة ما عرفت أنى حامل بقيت مسئول تغذية يا نوح ومبتقولش حاجة غير يلا نأكل، هنأكل أيه، فين الأكل أنا كدة هبقى بطة على يدك  

تبسم “نوح” وهو يحضر إلى صنية الفطار على السرير أمامها وقال:- 

-كله عشان صحتك أنتِ والبيبى  

تبسمت “عهد” وهى جالسة أمامه ويطعمها بيده لكن قطعهم صوت “رنين هاتفه وكانت والدته فأجاب عليها بجدية:- 

-أيوة يا أمى  

أخبرته والدته بمرض والده فقرر العودة للصعيد في الحال ليعود بها ووصل إلى غرفة والده وقبل يده بهدوء ثم قال:- 

-الداكتور مشافكش ولا ايه؟ 

أجابته “سلمى” بضيق من عناد زوجها قائلة:- 

-معاوزش يا نوح امال أنا أتصلت بيك ليه 

وقف “نوح” من مكانه ثم قال:- 

-مفيش الحديد دا أنا هروح أجيب الدكتور 

خرج من الغرفة ثم نزل للأسفل ينادى على “خلف” بصوت قوي:- 

-خلف ..يا خلف 

دخل “خلف” من باب المنزل وقال:- 

-أمرك يا جناب البيه 

-هم يا خلف هات دكتور يكشف على الحج 

أسرع “خلف” للخارج وخرج من المنزل بينما ألتف “نوح” لكى يصعد للأعلى ورأى وجه “فاتن” امامه تقف بأحراج شديد ليتجاهلها وهو يكبح غضبه بداخله وكاد أن يصعد الدرج لتقول:- 

-نوح 

ألتف إليها وهو يعض شفتيه السفلى بضيق وأمقنها بنظره لتقول:- 

-أنا في ورطة يا نوح ولحالى  

تنهد “نوح” بضيق شديد وقال:- 

-روحى لولدك يا مرت عمى ما دام جوزك في السجن 

-خالد ماشي مع المطاريد والمجرمين هروح له الجبل، أنت ولد أصول يا نوح أجف ويايا على ما أجوز أسماء والبت الحامل من خالد دى حرام أجولها تجتل الواد وهو لسه في بطنها ما هو روح  

صاح “نوح” بغضب شديد قائلًا:- 

-وعشان ولد أصول جيتوا عليا وعلى مرتى، وليه عشان الفلوس والأرض ملعون الفلوس اللى تغير النفوس وتشيل الأهل من بعضهم، عشان الأرض اللى خيرها مغرجنا كلنا مش واحد لحاله جوزك رفع سلاحه عليا ولو ستر ربنا وبنتك مكفهش ضرب مرتى لا كمان ضربتها بالنار وليه  

خرجت “أسماء” من الغرفة على صوته وهكذا نزلت “عهد” من الأعلى و”سلمى” تمسك يد “على” ووقفوا يستمعوا إليه، جذب ذراع “عهد” بقوة ليجذب إليه وقال بأختناق:- 

-حد فيكم يجولى مرتك أذيت مين فيكم بكلمة واحدة حتى ورب العزة لو جولتله أنها غلطت في حد فيكم بكلمة هجول حجكم اللى عملتوا فيها  

نظرت “عهد” إليه بأحراج وقلق من غضبه وهو يصرخ بهم بغضب ناري، فتح باب المنزل ودلف “خالد” من الباب ليقول:- 

-تعال يا ولد عمى وجولى أنا أذيتك في أيه عشان تخطف مرتى وتتهجم على دارى بالمطاريد 

لم يجيبه أحد فألتف إلى “فاتن” بإستياء شديد وقال:- 

- راجلك أهو يا مرت عمى لكن أنا متطلبيش منى حاجة لأن أنا بشر ولحم ودمى وسبحان من مصبرني على نار قلبى عليكم ودا بس لأن لسه فاكر اللى انتوا نسيتوا وأننا أهل  

أخذ “عهد” وصعد للأعلى وتعلم أن بداخله غضب شديد وهو يتحمل فوق طاقته لتقول:- 

-نوح 

سار نحو الشرفة ينفث دخان غضبه بالخارج لتقترب “عهد” منه وتضع يدها على ظهره بلطف وقالت:- 

-متعملش حاجة فوق طاقتك يا نوح ومتجيش على نفسك عشان أي حد 

تنهد بتعب شديد من هذا الحديث وهذه العائلة ليتلف إليها ويتكأ على سور البلكونة ويحدق بها بعينيه ثم قال:- 

-مجادرش أغفر 

تبسمت “عهد” إليها ثم قالت بحُب:- 

-إحنا بشر يا نوح وكلنا بنغلط لكن المهم نغفر ونعدى ولو اللى أذونا أهو عمك ربنا أنتقم لك منه وحورية في السجن خلاص هنظلم الأبرياء على جرائم الغير عشان بس من أهلهم، مرات عمك وأسماء مغلطوش فينا سامح وأغفر ولو مرات عمك محتاجة لك خليك في ضهرها وأوعى تنسي أنك كبير العائلة دى ولازم تبقى محايد 

أومأ لها بنعم وألتف لينظر إلى الحديقة بصمت فأربتت “عهد” على كتفه بلطف.. 

___________________ 

تحدث “نوح” بغضب سافر قائلًا:- 

-واا أنت مخك تخين يا عطيه  

تحدث “عطيه” بضيق شديد من تصرفات هذه الفتاة ليقول:- 

-أنا معنديش خلج يا نوح لعقليات البنات دى وبعدين الغيرة الزيادة دى مجرفة جوى يا  عم 

تأفف “نوح” بغضب سافر قائلًا:- 

-تجوم مهمل خطيبتك أكدة في القاهرة وتعاود وهى غضبانة منك 

قطع حديثهما صوت صراخ “تاج” وهى تركض نحوهما، وقف “نوح” وهو يحدق بها لتتشبث بملابسه بخوف شديد وتقول:- 

-ألحجنى يا بيه 

نظر إليها ثم إلى “خالد” الواقف هناك ويقول بصراخ:- 

-بجى عاوزة تفضحينى يا بنت **** 

تحدث “عطيه” بضيق من هذا الرجل وقال”:- 

-ما تهدأ أكدة يا عم هتضرب حُرمة عشان خايف من الفضيحة مكنتش عملتها من الأول 

صرخ به بأنفعال شديد قائلًا:- 

-مالكش صالح يا عم عطيه، دا أنا هجطع خبرك 

تشبث بذراع “نوح” بأرتجاف وهى تقول:- 

-الله يخليك يا بيه ما تخليه يأخدنى دا هجتلنى والله 

نفض “نوح” ذراعه عنها بضيق شديد ثم نظر إلى “خالد” وقال بجدية صارمة:- 

-ما تهدأ يا خالد وأنت بتفرج علينا الخلج ومحدش هيفضحك غير عمايل دا 

نظر “خالد” حواله ليرى الجميع يحدق به فقال بتهديد شديد:- 

-ماشي متفكريش أن نوح هيحميكى منى يا بنت **** 

غادر من أمامه بخجل من نظرات الجميع فألتف “نوح” إليها ليراها تبكى بقوة فتنهد بضيق شديد وهى سبب كل هذا ثم أخذها للمنزل وأعطاها إلى “عهد” وقال:- 

-ديرى بالك عليها يا عهد لحد ما أشوف هعمل فيها أيه 

أتاه صوت “فاتن” وهى تقول:- 

-لا يا نوح ولدى لازم يكتب عليها أنا مهسيبش حفيد يتولد ولد حرام  

رد “نوح” عليها بنبرة قوية صارخًا بها:- 

-مش دى عمايل ولدك ربنا يصبرنى عليكم  

أخذتها “عهد” وصعدت للأعلى فهتفت “فاتن” بهدوء شديد تقول:- 

-ربنا يكرمك يا نوح ويريح بالك بس متهملنيش لحالى في المصيبة دى وأنا مهجدرش على خالد لحالى 

تنهد بضيق شديد ثم أربت على كتفها بلطف وقال:- 

-ربك يحلها من عنده 

صعد إلى الأعلى ليرى والدته تخرج من غرفتها فسألها بقلق:- 

-خلف جابلك الأشعة 

أومأت إليها بنعم ثم قالت بلطف:- 

-اه والحمد لله طمن قلبى وجالى أنه زين  

تبسم غليها ثم دلف إلى غرفته ليرى “عهد” تتحدث في الهاتف مع “ليلى” تقول:- 

-وبعدين يا ليلى هتفضلى كل حاجة تصغري عقلك كدة وبعدين الراجل مبيحبش الغيرة الزيادة بيحس انك بتخنقنى  

أجابتها “ليلى” بضيق قائلة:- 

-يعنى برضو طلعت انا اللى غلطانة في الأخر 

تنهدت “عهد” بلطف ثم قالت بجدية:- 

-مش فكرة مين اللى غلطان، أنتوا مش في حرب يا ليلى أنتوا بتبنوا بينكم سلام وحب ومودة ورحمة مش بتستفد طاقتكم كلهم في الخناق والزعل ومين يغلط ومين يصلح والنقطة هتنزل في خانة مين  

صمتت “ليلى” ولم تجيب عليها فتابعت “عهد” بهدوء:- 

-خلاص يا ليلى تعالى ونحلها سوا  

أومأت إليها بالإيجاب ثم أغلقت معها فرأت “نوح” يجلس جوارها فقالت:- 

-هتعمل أيه مع خالد 

تبسم وهو يمسك يدها بلطف ثم قال:- 

-ربك يسهلها يا عهد، المهم طمنينى انتِ عاملة أيه النهاردة  

-الحمد لله يا نوح أحسن كتير، على فكرة عليا كلمتنى وقررت الفرح أول خميس في الشهر الجاى 

حدق بها بعفوية ليقول بدلالية:- 

-ربنا يتم عليها بخير، جوليلى بجى هتعاودى للشغل ميتى 

نظرت “عهد” إليه بدهشة ثم قالت:- 

-أنتِ أزاى كدة يا نوح 

عقد حاجبيه بأستغراب شديد وسألها قائلًا:- 

-واا كدة كيف؟ 

ألتفت إليه بعفوية وحدق بعينيه بحُب ثم تحدثت بنبرة هادئة:- 

-يعنى عمرك ما أعترضت على شغل بل دايمًا بتشجعنى وواقف في ضهرى وكل ما أبعد عن شغلى أنت ترجعنى تانى  

تبسم “نوح” عليها بنبرة هادئة ثم رفع يده ليضع خصلات شعرها خلف أذنيه وقال:- 

-وأنتِ بتعملى حاجة عيب ولا حرام عشان اعارضك وأمنعك عن الحاجة اللى بتحبيها وبتسلي وجتك فيها ثم أنا مش راجل مُتخلف عشان أمنعك من شغلك تجومى تيجى عليا أنا وتجعدى تجولى زهجانة ومبتخرجنيش وتبدأ الخناجات ويانا 

رفعت حاجبها إليه بضيق ليتابع الحديث بعد ان تبسم على حدتها ووجها العابس قائلًا:- 

-ههه مجصديش يا حبيبة قلبى أنا خابر أنك أعجل الستات كلتها بس برضو منكرش أن شغلك بيشغلك عنى هبابة وأنا في شغلى  

ضربت صدره بقبضة يدها بأغتياظ شديد لتقول:- 

-بجى كدة يا نوح 

ضحك “نوح” عليها ثم طوقها بذراعيه وهو يقول:- 

-بهزر وياكى يا عمرى أنا، طب دا أنا عمرى محلايش إلا بيكى أنتِ يا وردة عمرى 

تبسمت بخفة عليها ثم أسكنت بين ذراعيه سعيدة وقلبها يتراقص فرحًا لأجل هذا الرجل الذي هويته رغم شراسته وحدته، ليضع قبلة على جبينها وقال بلطف:- 

-ربنا ما يحرمنى من وجودك يا سلطانة عمرى وعهدى اللى قطعته لربى وعمرى ما هخلفه لو على حياتى... 

 
                     تمت بحمد الله 


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close