رواية جمال الاسود الفصل الثالث عشر13والرابع عشر14 بقلم نورا عبد العزيز


 رواية جمال الاسود الفصل الثالث عشر13والرابع عشر14 بقلم نورا عبد العزيز


ركضت "مريم" على الدرج بتعجل بسبب تأخرها فى النوم لتأخذ شيطرة من الطبق الذي تحمله الخادمة وقالت:-
-سلام يا حنان

ضحكت "حنان" على تعجلها، دخلت إلى غرفة السفرة وكان "جمال" يجلس هناك يقرأ الجريدة وتناول فطاره لتخبره بانها رحلت على عجل من أمرها، صعدت "مريم" للسيارة وتنفست بأريحية لينطلق بها "حسام"، فتحت هاتفها بهدوء بعد أن هدأت تمامًا لتري رسالة وصلتها من رقم مجهول ففتحتها لتُصدم مما رأته وكانت رسالة "حمزة" إليها، سقطت الهاتف من يدها فى أرضية السيارة من الذعر الذي أصابها وأزدردت لعابها بخوف تملكها....

___________________________________  

أتصل "حمزة" بـ "سارة" وكانت فى طريق عودتها من الملهي الليلي فى تمام الساعة العاشرة صباحًا، أخرجت الهاتف من حقيبتها وهى تصعد الدرج لتراه يتصل مرات متتالية لتتجاهل اتصله وتغلق الهاتف من التعب وهى على وشك النوم، تأفف "حمزة" بضيق شديد ثم قال بتمتمة:-
-أحسن عن اللي خلفوكي ما ردتي، أنا عايز أشوف مريم لوحدي

_____________________________ 

ظلت "مريم" شاردة طول اليوم فى الجامعة حتى سمعت أذان الظهر لترتبك بذعر كلما أقترب الوقت فتسللت من الجامعة بحذر حتى لا يراها "حسام" وأخذت سيارة أجرة إلى المكان المحدد فشعرت بالخوف مما هي ذاهبة إليه لتخرج هاتفها وتفتح الموقع ربما يحدث شيء لها فيساعدها "جمال"، تسللت من سيارة الأجرة وسارت نحو المكان بخطوات بطيئة وقدميها تزحف على الأرض حتى ظهر "حمزة" من الخلف وضربها بالعصا على رأسها بقوة تحمل كل الحقد والغل الذي يحمله بداخله طيلة هذه السنوات التى قضتها مع "جمال" فى القصر، فقدت الوعي تمامًا وسقطت حقيبتها ....

_______________________________ 

"شــــركــة الجمــــال جي أند ام للألكترونيات"

تحدث "جمال" بجدية وهو جالسًا بغرفة الأجتماعات مع المهندسين:-
-أنا عايز المدينة دي تتكلم عنها البلد كلها مش لأنها أول مدينة ذكية وبالذكاء الأصطناعي، لا كمان من حيث الأمان والسلام 

أجابه المهندس المسئول بجدية قائلًا:-
-متقلقش يا مستر جمال إحنا شغلنا على برنامج متكامل، مجرد ما ينتهي هنعرضوا على حضرتك 

أومأ "جمال" له بنعم ثم نظر إلى "شريف" فتحدث بسعادة ونجاح:-
-الساعة الجديدة حققت نسبة مبيعات فى فروعنا هائلة، كانت الأكثر أستخدامًا بين الشباب تقريبًا زى الموبايل 

نظر "جمال" إلى تقرير المبيعات فى صمت وهو يهز رأسه بالإيجاب وقال:-
-كويس جدًا دا ميزة أنك تكون مختلف وتقدم منتج مختلف وبسعر كويس

وضع يده على الطاولة بحماس من هذا النجاح الذي حققه وقال بإمتنان لعملاءه:-
-أعمل عليها خصم 50% على سعرها للي يشتريها من فروعنا والخصم ساري لمدة 15 يوم 

تبسم "شريف" بسعادة وأومأ إليه بنعم فغادر "جمال" غرفة الأجتماعات وسار فى الردهة بينما أخرج هاتفه من جيبه وقال بجدية:-
-الساعة دى بعت لمريم واحدة منها

-اه مع أول إصدار وحبيتها جدًا
قالها "شريف" بلهجة رسمية، نظر "جمال" إلى حالتها الخاصة على الواتس اب للمرة المائة من الأمس كأنه مُعجب جدًا بهذا الخاتم الموجود فى بنصرها، خطرت بباله أن يهاتفها لكن سرعان ما توقف قبل أن يتصل رغم انقبض قلبه قليلًا دون أن يعلم سبب هذا الأنقباض والقلق، دلف إلى مكتبه ليتابع عمله مُتخطي هذا القلق الذي لا أساس له، دقائق ورن هاتفه برقم مجهول، تجاهله كثيرًا لكن "جين" تحدث قائلًا:-
-لقد أتصال أربعة عشر مرة يا سيدي

تأفف "جمال" من هذا الصوت الألي بلهجته العربية الفصحي وقال بضيق:-
-أستقبل الأتصال 

وضع الهاتف على أذنه ليسمع صوتها المبحوح بصدمة ألجمته....

_______________________________ 

فتحت "مريم" عينيها بتعب وألم فى رأسها التى نزفت من قوة الضربة، لتجد نفسها جالسة على لوح خشبية فى مقدمة يجلس أحد ما وهي على حافته الأخري وأسفلها حوض زجاجي مليئة الماء، بدأت تتألم وصوت أنينها يزداد من من حركة رأسها لكن سرعان ما وضحت رؤيتها تمامًا لترى وجه "حمزة" بوضوح  يجلس على المقعد أمامها مباشرة يحدق بها فقالت بخوف:-
-حمزة!!

تبسم "حمزة" على كلمتها بسخرية وتحدث بجدية وبسمته المُستفزة تعلو وجهه:-
-حمزة!! مفتكرش أنك ناديتنى ببابا أبدًا يا مريم

أبتلعت لعابها بخوف منه وقالت:-
-معتقدش أنك جايبني هنا عشان تسمعها بعد العمر دا كله

قهقه "حمزة" ضاحكًا ونظر على الطاولة الصغيرة الموجودة جواره ليتأكد بأن "جمال" يستمع لحديثهما عبر الهاتف ولم يغلق ثم قال:-
-دا حقيقة، أنا جايبك هنا عشان أعاقبك على أفعالك، مش معقول قاتلة زيك تعيش فى الهنا والسعادة دى كلها، جالك قلب منين تعيشي مع الراجل اللى قتلتي أخوه بأيدك

أتسعت عيني "جمال" مما سمعه كأن "حمزة" ألقي عليه دلو من الثلج فى عز الشتاء، بينما صرخت "مريم" بأنهيار أمام هذا الرجل قائلة:-
-مكنش قصدي، أنت عارف أنه مكنش قصدي يا حمزة ولا كنت فى وعي، أنت واثق من دا

ضحك بأنتصار بعد أن اعترفت بجريمتها وسمعها "جمال" ليفلق قلوبهما "حمزة" بسكين حاد ويقتل سعادتهما التى رأها فى مراقبته لها بفعلته، تحدث بسخرية قائلًا:-
-أعرف أو معرفش دا مش هيغير حقيقة أنك قتلتي مُختار يا مريم، تفتكري جمال بيه ابن القصر المُتحضر والعاقل هيغفر جريمتك،مكنش لازم تسيبني يا مريم وتروحي له بعد ما وقفت معاكي وخبيت جريمتك

جهشت باكية بأنهيار وعقلها لا يتحمل هذه الذكريات التى عادت لها والأصوات المُصاحبة لهذه الليلة ضربت أذنيها وعقلها، لكن هذه المرة لم تستطيع تكميم أذنيها بيديها بسبب قيدهما، بدأت تصرخ من الألم وقالت:-
-لا، لا، أنا مكنش قصدي... مكنش قصدي.... كفاية .... كفاية..... ااااااااه 

صرختها أعادت الوعي لـ "جمال" وهو لا يفهم ماذا يحدث هناك ويسبب لها هذا الألم؟ أخذ هاتفه وخرج من الشركة كاملة بعد أن ولج إلى تطبيق "جين" ليجعله يتتبع موقع هاتفها أو ساعة يدها التى أخذتها من شركته، سمعها تتألم أكثر لينقبض قلبه أكثر ن وجودها مع هذا المُختل الذي يسعى لموتها أكثر ويتلذذ بتعذيبها...
مسكها "حمزة" من شعرها بلطف يصطنع الإشفاق على حالتها وهى بهذا الأنهيار ليقول:-
-عياطي... عياطي يا مريومة أنا واحشني صوت عياطك وصريخك، أقولك الأحسن صوتي

قالها وهو يخرج السكين المُفضل له من جيبه ومرره على عنقها لتتألم أكثر وعلى وشك فقد وعيها من الأختناق بسبب أنفاسها التى تلتقطها بصعوبة من الألم الداخلي الذي تحمله لهذه الليلة، تبسم "حمزة" إليها بسمة إنكسار وقال:-
-أنا كمان عيطت كثير على موت أغلي الناس لكن العياط مرجعش اللى راح 

أجابته بحزن قوي ممزوج بالخوف منه وهى تعلم بأنها بين يدي الحجيم ولن يتردد فى نحر عنقها بكل سهولة:-
-لو كانت أغلي الناس مكنتش عملت اللى بتعملوا فيا، هى عمرها ما هتكون مبسوطة وهى شايفاك بتعمل فى بنتها كدة

توقف قليلًا يحدق فى وجهها ثم ترك رأسها وعاد إلى مجلسه يحدق بها، تلهث بقوة وترتجف رعبًا فقال:-
-أنا عمري ما كنت مبسوط بوجودك ولا بولادتك يا مريم، ولادتك سرقتها مني!!

تنهدت بهدوء شديد وعينيها تبكي ولا تتوقف عن الألم أمامه وهتفت بخفوت:-
-أنا حتة منها سابتها ليك، كان لازم تحافظ عليا وتحمينى مش تأذيني، لو كنت بتحبها كنت حبتني معاها

أشعل سيجارته بأختناق لينفث الدخان فى وجهها عمدًا وهى يعلم بأمر حساسيتها ثم قال:-
-حبيتك معاها! أنا كارهك عشام متشاركنيش فيها ولا فى حبها، أنا مفيش حد ممكن يشاركها قلبي، قلبي ليها لوحدها

سعلت من الدخان قليلًا وقالت بغضب من كلماته:-
-أنت مريض

صفعها بقوة على وجهها فخرجت منها صرخة قوية خلعت قلب "جمال" من محله عبر الهاتف فأغلق قبضته بغضب سافر وهو يتوعد لهذا الرجل بالموت اليوم على لمسها وتجرأه على صُنع الألم لها، فتح "حمزة" صنوبر المياه ليكمل ملأ الحوض فأبتلعت لعابها بخوف شديد ليقول بغضب:-
-كان لازم تيجي معانا يوم ما خدتك من قصره لكنك أخترتيه هو يا مريم، أخترتي رجل متعرفهوش عن أبوكي

تحدثت بأنهيار ودموعها تنهمر على وجنتيها قائلة:-
-الغريب دا أنا حسيت معه بالأمان اللى عمري ما شوفته معاك

تبسم بسخرية من أمرها وقال:-
-أمان!! حسيتي بالأمان مع واحد قتلتي أخوه 

أنتفضت من مكانها وهي ترى الماء أسفلها على وشك السقوط من الحوض بسبب الأمتلاء ثم قالت:-
-أنا مكنش قصدي، أنت عارف أن وقتها مكنتش فى وعي، أنا معرفش أذي حد وألا كنت أذيتك أنت من زمان، أنا مكنش قصدي أقتله ... مكنش قصدي والله

ضحك "حمزة" بخفة علي أنهيارها مُتلذذًا هذه اللحظات التى تحمل ألمها ووجعها كالمختل عقليًا وقال:-
-دا حقيقي يا مريم لو كنتِ تقدري تأذي حد كان لازم يكون أنا...

فتح باب المكان ودلف "جمال" للمكان فأخذ "حمزة" عصا حديدية ببسمة خبيثة شيطانية وسحبها خلفه على الأرض لتتذكر "مريم" كابوسها الغامض الذي تراه فى منامها... 
(صراخها داخل مكان مُظلم لا تري فيه حتى أصابعها، صوت أستغاثتها سرعان ما تبدل الصوت بصوت أحتكاك الحديد بالحائط الصلب، ظلمة مُرعبة ومُخيفة ونيران مُشتعلة بنهاية المطاف ويد رجولية قوية ترفع عاليًا حتى سقطت بالعصا الحديدية على رأس "مختار" أسقطته أرضًا وبسمة مُخيفة وكأن الشيطان من يبتسم لمكره وفخرًا بقذارته...)
تمتمت بصدمة ألجمتها وبعد أن وضحت ذكرياتها لهذا اليوم قائلة:-
-أنت قتلته!!

ألتف "حمزة" إليها بدهشة من ذاكرة طفلته وقال بفخر هستيري:-
-أفتكرتي

ركض "جمال" إليها كالمجنون بعد أن رأها هناك لكن توقفت قدميه عن الركض بصدمة ألجمته عندما دفعها "حمزة" بقدمه للخلف لتسقط داخل الحوض، صرخ "جمال" بأسمها قائلًا:-
-مريــــــــــــــــم

تبسم "حمزة" على صرخته وأستغل بُعد "جمال" عنهم كفاية ليغلق سطح الصندوق الزجاجي بالقفل حتى لا يترك مجال لـ "جمال" لينقذها من الغرق، فر هاربًا من الباب الخلفي بعد أن أنشغل "جمال" فى إنقاذها، حاولت "مريم"  جاهدة كتم أنفاسها والصمود داخل الماء بيديها المُقيدة خلف ظهرها وتراه يلمس الصندوق بيديه وينظر إليها، تطلعت به بنظرة ضعف وخوف كأنها تخبره بعينيها بأنها ستموت هنا، عيناها تترجاه بألا يتركها هنا فى هذه المياه الباردة وهى على وشك التجمد والموت معًا، خرجت أنفاسها من بين رئتيها تصنع الفقاعات داخل الماء ونظرت إليه نظرة أخيرة بينما "جمال" يبحث حوله عن شيء يكسر به هذا الزجاج القوي بعجز لتغمض عينيها بأستسلام للغرق... 
عثر "جمال" على عصي خشبية فحاول كسر الزجاج بها لكنه فشل بسبب سُمك الزجاج ليركض للخارج مُسرعًا وداهم المكان بسيارته بسرعة جنونية ولم يتوقف إلا عندما دهس الصندوق بمقدمة السيارة وأنكسر إلى أشلاء، ترجل من سيارته ليراها جثة هامدة أمامه، قطع الحبل عن يديها وبدأ يضغط بكفيه على صدرها ينعش قلبها وأقترب من فمها يقدم لها التنفس الصناعي لكن لا جدوي من المحاولة، تنفس بصعوبة وهو يراها أمامه لا تستجيب لشيء، لمس وجهها البارد كقطعة ثلجية باردة وشفتيها الزرقاء متجمدتين فغرغرت دمعة  فى عينيه بخوف من فقدها، سمع أنذار الساعة المحاطة بيدها تطلق أنذار أحمر بسبب ضغط ضربات القلب التي على وشك الأنقطاع، حملها على ذراعيه وأنطلق كالمجنون بسيارته ولا يشعر بشي كسر العديد من أشارات المرور بلا مبالاة حتى وصل للمستشفي وبعد فحصها أخذوها للغرفة وهي غائبة عن الوعي لا تستجيب لشيء فقط تتنفس بواسطة التنفس الصناعي...

_______________________________ 

دقات كثيرة على باب شقة "سارة" أفزعتها من نومها لتفتح الباب ووجدت "حمزة" لتتحدث بأشمئزاز قائلة:-
-أيه اللى جابك هنا؟ أنت مجنون

تفوه بكلمة واحدة وكانت الصدمة تحتل كيانه قائلًا:-
-أنا قتلت مريم!!

سحبته من ذراعه بترحب شديد فى منزلها بعد أن وبخته لحضوره هنا، أدخلته للصالون بسعادة تغمرها وقالت:-
-قتلتها!! دا بجد، أزاى

تحدث بصدمة تملكه كأنه فقد حاسة الشعور بشيء بعد رؤيته لها جثة هامدة و"جمال" يحاول إفاقتها وإنعاش قلبها وهى لا تستجيب:-
-كلمتك كتير عشان اقولك أنى بنفذ الخطة ومردتيش عليا

أومأت إليه بحرج شديد وقالت:-
-كنت نايمة، أيه اللى حصل

أخبرها بما فعله اليوم لتبتسم بعفوية وسعادة تغمرها ثم وقفت من مكانها وسكبت له كوب من الخمر وأحضرت كيس صغير بداخله جرعة من المخدرات كمكافأة وقالت:-
-تستاهل مكافأة يا حمزة 

رفع نظره إليها بجدية ثم سألها بمكر:-
-هي كانت قالتلك أنها شافتني بقتل مختار

ترددت "سارة" قليلًا فى الجواب ثم قالت:-
-هتقولي كدة أزاى انت مش فهمتها أن هي اللى قتلته

أومأ إليها بنعم، أعطته الكأس وهى تجلس جواره مُلتصقة به وقالت بدلال:-
-أنا النهار دا هيخليك تنسي كل الأحزان

دفعها بعيدًا عنه بأختناق وقال:-
-أنا بحب مراتي وكرهي لمريم هو نفسه كرهي لأى ست

تأففت بضيق ووقفت من مكانها كي تعود إلى الغرفة كي تكمل نومها لكن أستوقفها سؤال "حمزة" الغير متوقع:-
-أنتِ بتكرهي مريم ليه؟

أخذت نفس عميق وأستدارت له غاضبة بوجه عابس ليتابع سؤاله بجدية:-
-ليه قررتي تكرهي مُختار فيها وتخلي يفكر فى أذيتها؟

عادت للجلوس أمامه ثم أخذت الكأس من يده وأرتشفته على جرعة واحدة ثم قالت:-
-عشان أنا ست وبفهم الرجالة كويس، مختار فى الأول قالي أنها بنت صغيرة هيتجوزها صورى وهيساعدها تكمل تعليمها وأهو تكون حجة عشان أقدر أعيش معاه فى بيت واحدة كمربية ليها، لكن مع الوقت مختار وزى أى راجل بدأ يشوف البنت الصغيرة كبرت وبقيت أنسة وعروسة جميلة، بعد عني يوم بعد يوم وبدأ يعاملها بلطف وحنية لحد ما حسيت أن نظرته اللطيفة أتغيرت وطفاسته بدأت تبان ولو كان وصل للى عايزه منها كان هيرمني ما انا لو أتحطيت فى مقارنة معها هتكسب هى الصغيرة والحلوة والجديدة..

سكبت القليل من الخمر فى كأسها لترتشفه من جديد وقالت مُتابعة بضيق:-
-حاولت أفرق بينهما معرفتش، لحد ما فيوم سمعته بيتكلم مع راغب أنه بيفكر يغير الوصية بتاعته اللى انا كنت عارفة أن كل أملاكه ليا وخوفت أكتر ليديها المال اللي خلاني أستحمل واحد زيه فى حياتي وقررت أن لازم أتصرف وبدأت أخلي يشك فى مريم وأنها على علاقة بأصحابها فى المدرسة وبتكلم ولد من المدرسة وطبعًا شخصيته الزبالة متأخرتش كثير فى التفكير وقعدها من المدرسة ومعاملته اتغيرت ناحيتها لكن مش دا اللى أنا كنت عايزاه، مختار عاقبها بالحبس فى البيت لكن بكدة بقيت مريم له لوحده وقدامه طول الوقت، وفي يوم جه ياسين ابن عمتها يزورها فى المزرعة ومريم كانت بتعامله على أنه أخوها اللى أتربت وعاشت معه العمر كله وبتتعامل بتلقائية وخذته تفرجه على إيلا وبصراحة أنا متأخرتش لما شوفت عفويتها معه وأتصلت بـ مختار مكملش ربع ساعة وكان فى الأسطبل وهناك شافها بتحضن ياسين وشك قتلته وقامت الدنيا منزلتش طرده وعاقبها وبعت الحصان على القصر كعاقب ليها..

تبسم "حمزة" بسخرية على مكر النساء الذي يستمع له وقال:-
-ويومها كلمتني وقولتي على الورث وأن لازم نخلص من مختار لأنه قرر يغير الوصية ويكتب كل حاجة باسم جمال، كدبة وأنا صدقتها 

ضحكت بعد أن أقتربت منه لتضع يدها خلف رأسه بدلال وقالت:-
-يعنى كان يرضيك أطلع من مولد بلا حمص وبنتك المصونة تجرح كبريائي كأنثي 

-لا ميصحش 
قالها بسخرية وهو يبعد يدها عنه لتقول بضيق من معاملته لها كأنها قذرة وهو العفيف:-
-محسسنيش أنك ملاك دا أنت متأخرتش يومين وقتلته حتى من قبل ما تستني أنهم يتصالحوا ومهتمتش بمرض بنتك 

وقف "حمزة" من مكانه بضيق شديد ثم قال:-
-لا أنا ولا أنتِ ملاك، أنا ماشي وأبقي حوليلي الفلوس

غادر المنزل لتبتسم "سارة" بعفوية وسعادة من نجاح خطتها ثم وقفت من مكانها تسير للداخل وقالت:-
-دورك جه يا جمال... عمري ما هنسي أن مراتك سبب فى اللي حصلي 

_______________________________ 

ظل ينظر إليها وهي فاقدة للوعي ويضم يدها فى راحة يده بقلق على حالها وهى من الأمس لم تعود لوعيها وحالتها غير مُستقرة، نظر إلى يدها التى يضمها وخاتم خطبتهما فى بنصرها، لا يعلم ماهية الشعور الذي يشعر به الآن أهو قلق عليها وخوف من فقدها أم غضب بعد أن علم بقتلها لأخاه "مُختار"، تنهد بتعب سافر بداخله وصوت بكائها وصرخاتها الأليمة تخترق أذنيه كأنها كانت تستغيث به أن ينقذها من هذا الرجل لكنه تأخر، تأخر كثيرًا حتى أوشك الآن على فقدها....

ظلت "مريم" تصارع ذكرياتها التى عادت لها، أخذها "مُختار" مع أصدقائه إلى غرفة النوم وهى تصرخ وتتألم رغم المخدر الذي يسير فى جسدها، القي بها على الفراش ومزق ملابسها فخرجت منها صرخة خافتة وبعد أن كانوا ثلاثة ورؤيتها المشوشة لم تعد ترى غير "مُختار" الذي يقف يعطيها ظهره ويتحدث مع أحد ويقول:-
-أنت أيه اللى جابك هنا؟ يلا أهى فرصة تشوف اللى هيحصل فى بنتك..

ألتف كي ينظر إلى "مريم" التى تصارع المُخدر وتحاول الوقوف حتى قذفته بالوسادة ليلقي بها أرضًا فأخذت المسدس دون وعي ليحذبها "مختار" من قدميها بقوة فخرجت رصاصة من المسدس على سهو دون قصد لكنها لم تستقر فى رأس "مختار" بل فى الحائط وسقط المسدس من يدها لتفقد قوتها تمامًا وتغمض عينيها مُستسلمة للمخدر التى تملك من جسدها تمامًا وأخر شيء سمعته صوت أحتكاك عصي المدفئة الحديدة بالجدار وعينيها تري "حمزة" يضرب "مُختار" على رأسه بقوة.... 
أستعدت وعيها لتراه جثة هامدة أمامها والدماء تسيل من رأسه والمسدس فى يدها وبدأت تصرخ بهلع شديد حتى ظهر "حمزة" وأخبرها بأنها قتلته لتفقد وعيها من الصدمة وهى لا تتحمل فكرة قتل أحد ليأخذ "حمزة" الجثة فى السجادة وسار للخارج دون أن ينتبه إلى "مريم" التى تفتح عينيها وتغلقهما بدوران شديد تمكن منها لم تكن فاقدة للوعي تمامًا.....

تسارعت نبضات قلبها بقوة ليصدر الجهاز أنذاره ليدخل الأطباء بسرعة قصوي ليفحصوها وجسدها ينتفض بتشنجات قوية أصابتها من تذكر الماضي، ذكريات هربت من عقلها بسبب صدمتها والآن عادت إليها تقتل عقلها وهى على فراش المرض تصارع الموت، ظل "جمال" يحدق بها بقلق من سوء حالتها والأطباء حولها يحاولون بجهد أنقاذها من الموت لتفتح عينيها على سهو وهى تلتقط أنفاسها بصعوبة كأنها كانت تغرق للتو فى محيط ذكرياتها بعد أن نبشت فى الماضي كاملًا ورأت ليلتها الأليمة بوضوح.......

______________________________ 

أستعدت "سارة" للخروج من شقتها بسعادة تغمرها بعد أن تخلصت من "مريم" والآن حان دور "جمال" الذي ستضربه فى مقتل وتواجهه بواسطة "نادر" منافسه الأول وعدوه اللدود فهي من صنعت حادثة السيارة بمكر شديد وتخطيط حتى تتقرب منه وتجعله يعتقد بأنها صدفة جمعته بامرأة جميلة، فتحت باب الشقة لتري "نادر" يقف أمامها وكان على وشك طرق الجرس، نظرت إليه بهدوء ثم سمحت له بالدخول، وضعت البلطو جانبًا وجلست جوراه مُبتسمة فقال بضجر:-
-مُتأسف أني جيت هنا، لكن الصحافة حاطة عينيها عليا الفترة دى ومش هقدر أروح الكازينو 

تبسمت "سارة" بعفوية ثم وضعت قدم على الأخري وقالت:-
-دا البيت ينور بيك

تلاشي ضجره من الصحافة وهذه الفترة التى يعيش بها مع بسمتها ودلالها، ظلت ترمقه بنظراتها الساحرة ووقفت من محلها تتدلل فى خطواتها أمامه عمدًا، راقبها بشهوانية من الرأس لأخمص القدم ترتدي فستان أحمر قصير من الجلد اللامع الذي يزيدها إثارة ويعزز من فاتنتها بدون أكمام وسحابه موجود بجانبها الأيسر، وحذاء من الجلد الأسود ذو رقبة طويلة تصل لأعلي ركبتيها، تابعها بنظره حتى وقفت أمام البار الموجود فى زاوية بشقتها وجهزت كأسين وبدأت تسكب الخمر فى الكأس حتى شعرت به يعانقها من الخلف ويديه تعتصر خصرها بقوة ويقبل عنقها بحرارة مُتشوقًا إليها، تسللت "سارة" من بين ذراعيه وهى تقول بحنو ونبرة ناعمة مُثيرة:-
-أخس عليك مش كدة

جلست على الأريكة ليستدير لها بحرج من رفضها إليه فرفعت يدها إلى الأمام وأشارت له بسبابتها بأن يأتي، أقترب بخطواته وعينيه ترمقها فى صمت مُدركًا بأنها تتلاعب بأنوثتها وجمالها عليه لكنه يرحب بهذا التلاعب بصدر رحب ما دام سيستمتع ويتذوقها كالحلوى بنهاية المطاف، جلس جوارها لتقدم له الكأس وقالت:-
-أنا بقي النهار دا هنسيك كل اللى معكننك 

تبسم وهو يأخذ الكأس من يدها وعينيه لا تفارقها بينما تعمد لمس يدها مع الكأس لتضحك بدلال مُفرط ووقفت من محلها وتخلع الحذاء لتظهر قدميها العارتين ثم فتحت الموسيقي على هاتفها وبدأت ترقص وتتمايل بدلال لينزع "نادر" رابطة عنقه وجلس يشاهدها بإعجاب.....

_______________________________ 

عادت "مريم" إلى القصر معه بعد ليالي طويلة فى المستشفي تحاول النجاة، أخذت حمام دافي وبدلت ملابسها لترتدي بيجامتها الزرقاء ووضعت سترة عليها تحميها من البرد رغم أن "جين" يهتم بتدفئة الهواء فى القصر، خرجت من الغرفة وأتجهت إلى مكتب "جمال"، طرقت الباب برفق ليأذن بالدخول، رأها تدخل فألتزم الصمت كعادته لا يعرف ماذا يفعل معها بعد الذي سمعه؟، ازدردت لعابها بقلق ثم قالت بتلعثم قوي:-
-أنا عايزة أروح مزرعة الفيوم

نظر لها بأندهاش وهو يعلم بأن هذا المكان كأخذها للجحيم لا تملك به ذكريات جيدة، هناك لا يوجد سوى الألم والحزن والخوف وربما ذكري قتلها لـ "مختار" وقال:-
-مزرعة الفيوم!!

هزت رأسها بنعم ثم قالت بهدوء تام:-
-كنت سألتني بسمع أيه مع الرعد؟ هناك هقولك 

هز رأسه بنعم موافقًا على ذهابها وحسب حديثها فهي ستأخذه معها، خرجت من المكتب عازمة امرها على معرفة الحقيقة وأيهما يجب أن تصدق؟ أحديث "حمزة" لها أم الذكريات العالقة فى رأسها؟ يجب أن تعلم هى قاتلة أم ضحية؟ إذا وجدت أثر للرصاصة فى الحائط فهذا يعنى أن ما راته فى غيبوبتها حقيقة ولم تقتل "مختار" بل "حمزة" الجاني أم إذا لم تجد أثر لأى رصاصة فهذا يعنى أن هذه الذكريات مجرد خدعة من عقلها الباطن؟.... يجب أن تحسم الأمر لهذه الليلة .....



الفصــــل الــــرابــع عشــــر ( 14  )

قذفت "سارة" الكأس الموجود فوق المكتب فى وجه "حمزة" بأنفعال صارخة به:-
-عايشة!! 

عاد "حمزة" خطوة للخلف قبل أن يرتطم به الكأس ويجرحه ثم نظر لها بغضب سافر وأقترب ليضع يديه على المكتب وأنحني قليلًا يمقنها بنظره ثم قال:-
-أسمعي يا حية أنتِ، أنا مش شغال عندك ولا صبي من صبيانك

تأففت "سارة" بغضب يأكل عقلها من هذا الخبر الذي وقع على مسمعها كالصاعقة التي شلت كل حركاتها ثم قالت بتحدي:-
-أنت خدت الفلوس عشان تكون صبي من صبياني وتنفذ اللى أقولك عليه، مريم لازم تموت

أعتدل فى وقفته ووضع يديه فى جيوبه بأختناق ثم قال:-
-من ناحية لازم، فهو لازم أنا بس اللي مستخسر مشوفش لحظتها الأخيرة، بس أتقلي 

وقفت "سارة" من مقعدها وألتفت حول المكتب بغضب تحاول كبحه والسيطرة على أعصابها قبل أن تفقدهما وقالت:-
-مفيش وقت عشان أتقل، أنا سمعت كلامك وأستنيت السنين دى كلها ومعنديش أستعدت أستن يوم واحد، عايزة أفوق لجمال

رفع نظره بها بفضول شديد ثم سألها بمكر:-
-أنتِ مهوسة بجمال ليه؟ مريم وقلت غيرة ستات لكن جمال أنتِ متعرفهوش غير لما روحتي قصره

أشعلت سيجارتها ورائحة التفاح تخرج مع دخانها ثم قالت بهدوء شديد:-
-دا أنا أعرفه من زمان أوي، ما علينا أمشي ومشوفش وشك غيرك لما تجبلي جثتها وأشوفها بعيني المرة دي

غادر المكتب بأشمئزاز ومر فى الردهة ليري "حازم" يقف مع فتاة يقبلان بعضهما بحرارة فتبسم بسخرية على الأم وابنها ثم غادر المكان.....

______________________________ 

خرجت "مريم" من القصر بصبحة "نانسي" مُرتدية فستان أبيض بيه الكثير من الورود وفوقه سترة من الصوف زرقاء اللون وتستدل شعرها على ظهرها بحرية، نظرت للأمام لتراه واقفًا أمام سيارته مُرتدي بنطلون أسود وتي شيرت رمادي فوقه سترة جلدية سوداء صامتًا مُنذ أن أستعادت وعيها وهو صامت يتجاهلها تمامًا ويبتعد عنها، حدقت بـ "صادق" الذي يقف و يفتح لها الباب، قالت "نانسي" بلطف:-
-خلي بالك من نفسك

أومأت "مريم" لها بنعم ثم ذهبت إليه، نظرت إلى "صادق" مُطولًا وقالت بنبرة هادئة:-
-ممكن نروح لوحدنا

نظر إلى "صادق" وسيارة الحراس التى ترافق سيارته دومًا بقيادة "عاشور" وقبل أن يقرر سمعها تقول بلطف:-
-رجاءًا

أومًا إليها بنعم موافقًا على رغبتها والفضول يقتله لمعرفة ما حدث هناك، أنطلق "جمال" بسيارته إلى الفيوم حيث المزرعة بعد أن ترجته بأن يذهبان وحدهما، ظلت تنظر للطريق من النافذة وهى تستعد لمواجهة الماضي الذي هربت منه، حاولت أن تنظم أنفاسها وتظبط دقات قلبها الخافتة كأنه يرتجف من لحظة الوصول، راقبها "جمال" عن كثب بعينيه ناظرًا إليها تارة وإلى الطريق تارة، ضغطت على زر النافذة لتُفتح ورغم الهواء البارد لكنها كانت بحاجة للفحات الهواء القوية تساعدها على الصمود، ولج "جمال" بسيارته من بوابة المزرعة لتغمض عينيها بقوة كارهة النظر لهذا الطريق الداخلي، تأني بصمت من داخلها وبدأت تتذكر ضرب "حمزة" المبرح لها قبل زواجها وقسوته التى لحقتها إلي هنا، كل جزء بهذا المكان يحمل تعاستها مع فرحها لكن هذا الفرح ظل يتلاشي حتى هذه الليلة التى هرب منها الفرح ولم يبقي لها سوى الحزن والألم فقط، توقفت السيارة ونظر "جمال" لها، ترجل من سيارته أولًا وهو بداخله أضطرابات كثيرة لا يعلم ماذا يفعل أيعاقبها أم ينتظر حتى يستمع لها، أيحري به أن يدفنها هنا على جريمتها أم يعطيها الفرصة لتبرر وتدافع عن نفسها، أسرع إليه العامل بصدمة ألجمته من ظهور "جمال" وهو يعرفه جيدًا فلم يتعب حاله بالسؤال عن شخصيته وقال بتلعثم:-
-حمد الله على السلامة يابيه، متصلتش بيا ليه قبل ما تيجي كنت جبت بت شغالة تنضف لك المكان و....

بتر حديثه نزول "مريم" من السيارة وفتح فمه بصدمة أكبر كأنه رأي ملاك الموت أمامه أو جثة ميتة عادت للحياة للتو، تمتم بأسمها بذعر شديد:-
-مريم

نظرت إليه بهدوء دون أن تجيب ثم تقدمت للأمام، هرب العامل بمجرد أن تحرك "جمال" خلفها، تتبعها بالسير حتى وصلت للأسطبل بقدمي بطيئة أستغرقت نص ساعة كاملة فى الوصول إليه ثم قالت:-
-من هنا بدأت الحكاية

نظر إليه فى صمت ليراها تلمس الباب الخشبي بإمتنان ليعلم أن هذه الغرفة تعود إلى "إيلا" حصانها الجميل، دلفت للداخل وهو معها ليرى رسومات كارتونية وقلوب كثير محفورة على جدران الغرفة الخشبية كأنها حفرتهم بأداة حادة، تبسمت بحزن شديد وهى تقول:-
-عمرك شوفت حد بينام مع الحيوانات بس سعيد ومبسوط

ألتفت إليه فرأته ينظر إليها كعادته مؤخرًا بصمت، تطلعت بوجهه بحزن شديد وقالت:-
-ساكت! الأيام الأخيرة ساكت لكن تعرف أنا شوفت كل حاجة فى عينيك، الكره والغضب والشفقة والحيرة والوجع كل دا كان جوا عينيك ليا، ليه؟

نظر إلي عينيها التى على وشك البكاء ودموعها تتلألأ بداخلهما محاولة كبحهما جيدًا وأنفها الحمراء من البرد فتمتم بنبرة خافتة:-
-قتلتيه؟

أغمضت عينيها بحسرة تعتصرهما من الوجع لتتساقط الدموع منهما التى منعتهم كثيرًا ليدرك "جمال" مدي الألم الذي تحبسه بداخلها وهى تقضم شفتيها بقوة فى محاولة منها لكتم أنفاسها وشهقاتها لكنها فى نهاية الأمر لم تستطيع ذلك لتخرج منها شهقة قوية مزقت قلبه فى الحال وفتحت عينيها ترمقه بيأس وقالت:-
-معرفش! 

مرت من أمامه وخرجت من الغرفة مُتابعة الحديث بحسرة أصابتها:-
-بقيت عادة عندي مجرد ما أدخل المزرعة أجي هنا زى دلوقت، أول مكان بجري عليه هو هنا، يومها جي ياسين ابن عمتي من الجيش وفرحت أوي أني شوفته، أخويا اللى أتربت معاه من عمر خمس سنين، جبته هنا يشوف إيلا وقد أيه كانت جميلة وأنا بقيت شاطرة فى ركوبها زى العيلة الهبلة اللى فرحانة بحاجة قدرت تعملها وهدية جتلها بدأت توريها للكل، جينا وشوفنا إيلا وحممنا سوا ولعبنا لحد ما ياسين قرر يمشي عشان عنده ميعاد وحضني عادي كأخته الصغيرة وقتها لاقينا مُختار فوق رأسنا وفضل يضرب فيه وأنا مش فاهمة ليه وأتخانق معايا وضربني بوحشية كأني بشوف حمزة فى واحد تاني وقرر يحرمني من الحاجة الوحيدة اللى بحبها إيلا وبعتها للقصر

كان يستمع لحديثها ويسير خلف خطواتها حتى وصلوا للمنزل المغلق، فتحته ودلفت وكان كل شيء مليئة بالأتربة والغبار والعناكب صنعت بيوتها في هذا المنزل المهجور، صعدت للسلالم لكنها توقفت بأنقباض قلب حين تذكرت كيف أخذها "مُختار" للأعلي بهذه الليلة لتفقد قوتها فى الصمود وجلست أرضًا ترتعش، جلس "جمال" جوارها بهدوء والقلق ظهر على ملامحه بوضوح ووضع يده على وجنتها بلطف يقول:-
-أنتِ كويسة؟

نظرت إليه بخوف وتشبثت بكم سترته بأناملها، نظر إلى يدها المُتشبثة به بقلق ليعلم أن القادم هو الأسوء وعينيها تترجاه بألا يتركها وحدها تصارع الموت الداخلي الذي تعيش معه، ربت على يدها بلطف وقال:-
-أنا معاكِ

تنفست بهدوء وهى تحاول تنظيم أنفاسها وقالت:-
-من كتر الضرب وأنا مش عارفة أدافع عن نفسي أو أبعده عني مقدرتش أتكلم ودخلت فى صدمة فقدت النطق فيها، فضلت طول الوقت بعيط وساكتة وقاطعة الأكل بعدها بيومين قسوة مختار زادت وقرر أن يمشي الخدم وأنا اللي اخدمه كأنتقام منه ليا وبدل ما كنت بدلع بيقت بتذل، سارة خدت إجازة وهو رجع مع أتنين صحابه و...

أغمضت عينيها بقوة تعتصرهما والأصوات تخترق عقلها لتبدأ تنتفض وهى تقصي له جريمتهم بها وما حدث بالغرفة، أغلق قبضته بقوة يعتصر عظامه مع سماعه لطريقة أخاه فى الأعتداء عليها وتمزق قلبه مع دموعها ورؤيتها تصارع ألمها النفسي، نظرت إليه بحزن وقالت:-
-أنا مش واثقة فى ذاكرتي فى كل الأحوال أنا كنت مش فى وعي بفضل المخدرات اللى أخوك شربها ليا، مبقتش عارفة أصدق اللي حمزة قاله وعاشت فيه لسنين ولا اللى عقلي بيشوفه وهو مجرد أحلام....

توقفت عن الحديث ونظرت للخلف على الطابق العلوي ثم قالت بتلعثم وخوف تملك منها كاملًا:-
-لو لاقيت رصاصة فى الحيط يبقي أنا مقتلتوش، لكن لو ملاقتش حاجة يبقي أنا قاتلة

مسك وجهها بين راحتي يديه وقال بنبرة هادئة:-
-فى الأول حاولي تهدئي، أهدئي يا مريم أنا هنا معاكي... بصي ليا

هزت رأسها بلا بطريقة هستيرية رافضة تقبل أى حديث وقالت:-
-أرجوك 

طلبت منه أن يصعد ويتأكد وحده فهي لن تجرأ على الصعود للأعلي والدخول لهذه الغرفة نهائيًا لذا طلبت منه أن يأتي معها، أومأ إليها بنعم وصعد للأعلي وحده فبدأت تُتمتم بخفوت:-
-مقتلتوش.. مقتلتوش

عاد أدراجًا إليها فتشبثت بيديه وجسدها المُرتجف يترجاه بأن يجد الرصاصة وإذا لم يفعل فليصنع رصاصة لأجلها، أنحني قليلًا إليها ثم حملها على ذراعيه بالأكراه وهى تصرخ من الخوف وتقول:-
-جمال أرجوك، والنبي... 

لم يبالي لحديثها وصعد بها للأعلي لتخفي رأسها فى كتفه حاجبة عن عينيها رؤية هذا المكان وتشبثت بعنقه خائفة، أنزلها رغمًا عنها أرضًا لكنها لم تترك أسر عنقه محاولة أن لا ترى شيء بهذه الغرفة فرفع "جمال" رأسها بالقوة وهو يقول:-
-بصي يا مريم

أوقفها مُقابل الحائط وهى تغمض عينيها بقوة حتى سمعت صوت زجاج يكسر ففتحت هذا الزوج من العيون الباكية ورأته ألقي بالأطار الذي كان مُعلق على الحائط لترى أثر الرصاصة فتنفست بصدمة ألجمتها وظلت تحدق به لدقائق طويلة وقالت:-
-مقتلتوش... 

فقدت الوعي من وهل الصدمة التى حلت بها والكذبة الكبيرة التى كانت تعيش بها تحت رحمة "حمزة"، مسكها "جمال" وهو يقف خلفها جيدًا وحدق بوجهها الشاحب وقال بقلق:-
-مريم...

________________________________ 

خرج "نادر" من الڤيلا الخاصة به يتحدث مع مساعده ومدير أعماله "تامر" قائلًا:-
-أتصرف يا تامر أنا اللى هقولك تتصرف أزاى؟ أنا زهقت وملت من الصحافة اللى مبقاش وراها غير الكلام عني

صعد إلى سيارته بضيق ليصعد "تامر" جواره وقال:-
-متقلقش يا فندم أنا أتصرفت خلاص، وبعت لواحد من حبايبنا وقولتلك على خبر بمليون جنيه هيخلي الصحافة كلها تبعد عننا وتتكلم عن جمال المصري

نظر "نادر" إلى مساعده بفضول ليقول:-
-واحدة حبيبتك بعتتلك الكارت دا ومعاه فلاشة عجبتني جدًا وبصراحة مكدبتش خبر وبعتها لحبيبي اللى بقولك عليه

أخذ "نادر" البطاقة وكانت تحمل اللوجو الخاص بالملهي الليلي بـ "سارة" دون أى كلمات أخرى ليبتسم بإعجاب بعد معرفته بهويتها ثم قال بفضول:-
-فيها أيه الفلاشة دى

تبسم "تامر" بمكر شديد قاصدًا أثارة فضول رئيسه وقال:-
-هتعرف بكرة والخبر متصدر النت يا فندم 

تبسم "نادر" بعفوية وهو لا يبالي بما يحدث بعد أن ذكر "سارة" .....

________________________________ 

فتحت "مريم" عينيها بتعب شديد لتجد نفسها بنفس الفراش ووحدها بالغرفة، شعرت بأن يديها مُقيدة وصوتها لا يخرج من حنجرتها كلما حاولت الصراخ وأصوات ضحكات "مُختار" مع أصدقائه حولها تخترق أذنيها وترى وجهه أمامها يقترب أكثر منها ويديه تلمس عنقها وتتسلل للأسفل قليلا حتى لمس لياقة فستانها وقبل أن يمزقه هربت من الفراش صارخة بأسمه:-
-جمال ... جمااااال

ركضت على الدرج وصوت ضحكات "مُختار" فى رأسها يعذبها لتراه يأتي نحو الدرج على صوت صراخها بقلق فأسرعت فى خطواتها حتى أرتمت بحضنه مُتشبثة به، وقف محله على درجة السلم مُتجمدًا من فعلتها ليقول:-
-حصل أيه؟

-بالله عليك يا جمال أزاى قدرت تسبني هناك لوحدي
قالتها ببكاء ونبرة مُرتجفة، تنفس بأريحية بعد أن أدرك بأنها تعاني نفسيًا مما حدث لها، حرك ذراعيه ببطيء حتى أستقروا على ظهرها مُطوقًا إياها بلطف وبدأ يربت بكفه عليها بحنان لكي تهدأ، ظلت مُعلقة برقبته وتشعر بدفئه الذي لطالما أنتشلها من الوجع والخوف وأعطاها الأمان والسلام الذي فقدته..
جلست على الأريكة تنتظره بهدوء دون أن تحرك ساكنًا حتى جاء إليها بصينية الطعام الذي أعده لأجلها، جعلها تتناول الطعام بأكمله وعينيه تراقبها فى صمت حتى قطعت صمته بحديثها قائلة:-
-شكرًا

رفع رأسه بشموخ مُستفهمًا عن سبب شُكرها فقالت:-
-على حاجات كتير

هز رأسه بنعم فى هدوء تام وعقله لا يتوقف عن التفكير فما أخبرته به والآن يعلم بأن "حمزة" قاتل أخاه لكنه كذب من أجل أستغلال ابنته لجني المال، صنع المخاوف والأكاذيب المزيفة حتى تخضع له وهو لا يدرك بأنه جعل ابنته مريضة نفسية ولتتخطي هذا الألم والخوف عليها بالذهاب لطبيب نفسي، نامت "مريم" على الأريكة أمامه مُنكمشة فى ذاتها وقالت بخفوت:-
-متتحركش من هنا

نظر لها بغرور ورفع حاجبه من لهجتها وهى تأمره فقالت بخفوت خائفة من نظرته الحادة:-
-رجاءًا

تخلي عن تعابير وجهه الحاد ووضع قدم على الاخري بأسترخاء ثم نظر بهاتفه لتبتسم بطمأنينة على تلبية طلبها وأغمضت عينيها بعد أن وضعت يديها أسفل رأسها، تحدثت بوجه نائم ونبرة خافتة:-
-جمال

-أمممم 
قالها ونظره فى الهاتف لتُجيب عليه:-
-أحسنت متتحركش

رفع نظره عن الهاتف إليها متعجب كلمتها ليراها مُغمضة العينين تمامًا وعلى وشك أن يغلبها النوم لكنها تتأكد من وجوده جواره ، كررت مرة أخرى قائلة:-
-جمال 

أجابها وهو يقف بعيدًا يسكب القهوة فى الكوب حتى تساعده فى الأستيقاظ طيلة الليل لأجلها وعينيه عليها قائلًا:-
-أنا هنا، مش هروح لمكان

غاصت فى نومها بأريحية وطمأنينة لوجوده هنا بجوارها، وضع كوب القهوة على الطاولة ثم بحث حوله عن العامل ولم يجد له أثر فلم يعري أهتمام لأختفائه ونظر إليها ليراها نائمة تمامًا فتنهد بضيق من مخالفته إلى طلبها وخرج إلى السيارة وأحضر منها اللاب توب الخاص به وعاد إليها بأقل من دقيقة، وضع الغطاء عليها يحميها من برد الشتاء وجلس على الأرض جوار أريكتها وبدأ يباشر عمله على اللاب توب الخاص به حتى شروق الصباح، فتحت "مريم" عينيها لتراه مُستيقظًا وأمامه ثلاثة اكواب من القهوة الفارغة ويعمل على اللابتوب، فركت عينيها جيدًا ليقول:-
-صباح الخير

تبسمت بلطف وحرج من جعله يسهر طوال الليل لأجلها  وقالت:-
-صباح النور

وقف من مكانه يحدق بها وهى مازالت نائمة بعينيها التى ترفض فتحهما بتذمر ليقول:-
-أنا هشرب قهوة وبعدها نمشي 

ذهب للمطبخ ليصنع فنجان جديد من القهوة وبدأ هاتفه يطلق صوت إشعارات كثيرة وهكذا اللاب توب فنظرت إلى شاشة اللابتوب المفتوحة أمامها لتُصدم مما رأته ورفعت نظرها تجاه "جمال" بصدمة ألجمتها....

______________________________

وصل "نادر" إلى الملهي الليلي فى العاشرة صباحًا وكان الزبائن قلة قليلًا والموظفين يستعدون لأغلاق المكان، أوقف أحد الموظفين وسأل:-
-مدام سارة فين؟

أشار إليه على الطابق الثاني ليضع "نادر" ورقة من النقود فى جيبه بإمتنان وتبسم ثم صعد للغرفة، مر "حازم" من جواره بوجه شاحب بعد شجاره مع والدته وخرج من الملهي، أتجه "نادر" إلى مكتب "سارة" ووجد العاملة تنظفه فقال بجدية:-
-مدام سارة

-أخر اوضة على الشمال
قالتها بتعجل من أمرها حتى تنهي التنظيف وتعود لمنزلها، أتجه إلى هذه الغرفة حتى وقف أمامها وهندم ملابسه جيدًا وشعره رفعه للأعلي بيده بلطف ثم فتح الباب ودلف سمعها تتحدث فى الهاتف قائلة:-
-أنا بعتلك العنوان وهتلاقيها هناك وخلي بالك اللى معاها جمال .....

قطعت حديثها بدهشة من حضور "نادر" وأغلقت الخط، ولج للغرفة دون أن يهتم بكلماتها التى سمعها ليراها جالسة على الأريكة الدائرية التى تدور مع الغرفة وأمامها طاولة من الزجاج كبيرة دائرية وفوقها زجاجتين من الخمر وكأس، أحدهم فارغة تمامًا والأخرى ما زال بها، أغلق باب الغرفة خلفه وأتجه نحوها، رفعت نظرها للأعلي نحوه بعد أن تركت الهاتف بجوارها كان واقفًا أمامها فتبسمت بتلقائية وهى فى حالة سُكر قليلة تزال فى وعيها وعقلها غاضبًا من "مريم" وبقائها على قيد الحياة والآن ذهبت إلى المزرعة كأنها تريد أن تستعيد الذكريات، أقترب نحوها مُبتسم مُعجب بهذه المرأة التى تفاجأه دائمًا بجمالها، كانت ترتدي تنورة سوداء تصل لركبتها وبالنسبة لملابسها دائمًا فهي تعد طويلة جدًا، ومن الأعلي ترتدي قميص نسائية احمر شفاف يظهر البدي الأحمر التى ترتديه بالأسفل ذات الحمالة وتغلق أزرار القميص كاملة وشعرها الأسود مُسدولًا بحرية يحيط بوجهها بقصره وتضع مساحيق التجميل وأحمر شفايف باللون الأحمر المُثير...
تبسمت بدلال وهى تحمل فى يدها كأس وتحركه بمهارة مُقلبة الخمر بداخله بحركات دائرية وقالت:-
-عجبتك هديتي؟ مقدرتش أشوفك زعلان بسبب جمال وعمايله قولت لأزم أساعدك

رفع يده بعد أن فتح زر سترته ليجلس بأريحية وداعب خصلات شعرها الناعم مُجيبًا عليها:-
-معقول متعجبنيش وهى منك

وضع خصلات شعرها خلف أذنها وسبابته تسلل إلي عنقها وقال:-
-أنا كمان جبتلك هدية يارب تعجبك

أخرج من جيب سترته علبة قطيفة مستطيلة زرقاء وفتحها أمام عيني "سارة" لتجد بداخلها ساور لليد مصنوع من الألماظ فنظرت إليه بإعجاب شديد وتركت الكأس من يدها لتملس هذا الألماظ بجشع كأنها لا تشبع من جني المال أكثر فقالت:-
-دا رائع

أخرجه من العلبة بلطف وعينيه تحدق بهذه المرأة التى خلصته من ضغط كبير كان يعاني منه وانزلت الكارثة بعدوه اللدود وقال:-
-وهيبقي أروع لما يتحط فى أيدك

مدت يدها إليه ليغلق الساور حول رسخها ثم ختم عليه بقبلة ناعمة لتبتسم بمكر وهى تسحب يدها منه وتطلعت بالساور بأمتنان وهذا الزوج من العيون يقدس المال وقلب لا يعشق سواه فتبسم "نادر" بعد أن علم بنقطة ضعف هذه المرأة الجميلة فهى لا تريد سوى المال فقط وإذا قدم لها المزيد ستتوقف عن رفضه، سكبت الخمر فى كأسها وكأس أخر ثم حملت الكأسين بدلال لتقدم له أحدهم وقالت:-
-فى صحتك

أخذ الكأس منها وأرتشفه على جرعة واحدة لتبتسم "سارة" بخبث كبيرة بعد أن قرأت ما يفكر به فى عينيه لا يريد سواها وسيعطيها من المال ما تريد مُعتقدًا بأن هذا ما تريده حقًا لكنه يجهل تمامًا أنها تريد الأنتقام وهو ليس سوى أداة فى حربها..

سألها "نادر" بنبرة هادئة تقول:-
-كل الناس بتبعد عن شر جمال المصري، وحشيته وجبروته زي راية العلم فوق أسمه معروف بيهم جدًا زى ما هو معروف كون رجل أعمال، أخوه مُختار مستحملش العيشة معاه وسابله البيت ومراته اللى مكملتش سنة جواز معاه وأختفت، دا حتى الست الوالدة وأخته الصغيرة راحوا يعيشوا فى لندن عشان مقدروش على العيشة معاه، الخلاصة أن الكل بيترعب من جمال المصري، عملتيها أنتِ أزاى وقررتي تضربيه بالصحافة

تبسمت وهى تضع مكعبات الثلج فى الكأس وقالت بكبرياء:-
-أنا غير أى حد يا حياتي

أومأ إليها بنعم مُعجبًا بجرائتها ليقول:-
-طب بلاش عملتيها أزاى لكن مش خايفة منه؟

نظرت "سارة" له وعادت بظهرها للخلف تسترخي فى جلستها وقالت بغرور شديد وثقة بعد أن وضعت قدم على الأخري:-
-أنا لو بخاف مكنتش عملت اللى عملته، أنت بس اللي لسه متعرفنيش يا حياتي، بكرة لما تعرفني أكتر هتعرف أني غير الكل

ضربا الكأسين معًا ببرود أعصاب وسعادة تغمر الاثنين، هو من أجل هذه الهدية مُمتنًا لها وهي لنجاح خطتها الشيطانية....
 
_________________________________

أغلقت "مريم" الهاتف الخاص به نهائيًا بخوف من أن يعرف بهذه الكارثة وقطعت عنه كل أتصالات "شريف" وهكذا اللابتوب، أنطلق بسيارة مُغادرًا المزرعة معها، ظلت تنظر إليه بقلق مما يتصدر الأنترنت الآن عنه، لا تعلم ماذا سيفعل عندما يعلم، ربما يهدم بشركته كل الأجهزة الألكترونية فهو بارع فى الحروب الألكترونية ولديه متخصصين فى فعل ذلك، نظر "جمال" نحوها بقلق من نظراتها المُسلطة عليه وقال:-
-لسه خايفة

هزت رأسها بلا ورسمت بسمة خافتة مزيفة أمامه فعاد بنظره إلى الطريق وهو يقول:-
-الكدب بيبان عليكي يا مريم..

ضغط على المكابح فجأة عندما رأي سيارة زرقاء أمامه لترتطم رأسها بالسيارة، نظر إليها بقلق وخوف شديد من أن يكون أصابها شيء ليقول:-
-أنتِ كويسة؟

هزت رأسها بنعم بخجل شديد من قلقه عليها، تعلم بأنه يكن المشاعر لها وتسللت "مريم" إلى قلبه لكنه يفشل فى الأعتراف بهذا الحب رغم أنه يظهره بوضوح علنًا فى تصرفاته، القلق والخوف عليها، كلما أمر "جين" برنامجه الألكتروني بتفعيل عازل الصوت لأجلها فى الشتاء وتنقية الهواء من الدخان الناتج عن تدخينه، يهتم بصحتها وأكلها جيدًا، مرر سبابته على جبينتها التى أحمرت للتو بلطف ثم أنطلق فى قيادته مرة أخري ببطيء وحذر لأجلها ولم ينتبه إلى السيارة الزرقاء التى غيرت مسارها وجاءت خلفه حتى ظهرت بجواره، كانت "مريم" تراقبه بنظراتها لتصرخ بذعر عندما رأت رجل بداخل السيارة المجاورة يصوب مسدسه نحو نافذته، نظر "جمال" ليُصدم مما رأه ووضع يده فوق رأسها بقلق وقال:-
-ألبسي حزام الأمان ومتخافيش العربية مضادة للرصاص

زاد من سرعة سيارته وهذا الرجل يطلق طلقات نارية على السيارة وهى لا تتأثر، أراد "جمال" ان ينزل ويمزقهما أربًا لكنه تردد كثيرًا لأجلها حتى لا يضعها فى خطر، أستسلم الرجل لحقيقة كون السيارة مُضادة للرصاص وقرر أن يقلبها أفضل من الفشل فى مهمة قتل "مريم"، فتح "جمال" الشاشة المتصلة بسيارته الكهربائية وأدخل اسم المستخدم الخاص بتطبيق "جين" ويقود بيد واحدة وهى تبكي جواره وترتجف، أصطدمت السيارة بسيارتهم ليفقد تحكمه بالمقودة بيد واحدة، مسكها بكلتا ذراعيه وقال بغضب سافر وقلق:-
-مريم... مريم فوقي

نظرت إليه وهى تحاول التوقف عن البكاء ليقول بجدية:-
-أكتبي الباسورد اللى هقولك عليه 

أومأت إليه بنعم وبدأت تكتب كلمة السر الخاصة بـ "جين" التي لم يخبرها لأحد من قبل حتى "شريف" وقبل أن تضغط على زر تم  خرجت السيارة عن مسارها وسقطت إلي طريق أكثر وعور بين الأشجار حتي أصطدمت بشجرة قوية، تأذت رأسه ونزفت دماء لكنه لم يهتم كثيرًا، نظر إلى "مريم" بقلق وسألها:-
-مريم

نظرت إليه بخوف شديد، فتح باب السيارة وترجل منها ليحصل على رصاص فى ظهره أسقطته على مقعده من جديد وأقترب الرجال نحوهما أكثر، بينما خرجت صرخة قوية من  "مريم" باسمه بهلع وخوف:-
-جمــــــــااااااااال....... 


تعليقات



<>