
رواية الماضي الملوث الفصل الخامس عشر15والسادس عشر16 بقلم داليا السيد
ذكريات
عيونه لمعت بالشرر وهو يحدق بهاري بقوة وشحب وجهها وارتسمت ابتسامة على شفاه هاري وما زال يقف بجوارها وقال "ربما، كيف حالك زهير؟"
أخفضت عيونها عنه لسطح مكتبها وتمنت لو رحل الرجلان وتركاها وحدها ولكن الأمنيات نادرا ما تتحقق عندما تقدم زهير حتى وقف أمام هاري وقال "بخير، هل انتهيتم لأني أريد زوجتي بأمر هام"
البرود الذي أصاب هاري لم تعتاده من قبل وهو يقول "يمكن للأمر أن ينتظر فنحن لم ننتهي بعد"
كاد البركان ينفجر من فمه عندما رفعت رأسها وقالت بثبات "انتهى هاري، لم يعد هناك شيء لنناقشه"
التفت هاري لها بغضب وهي تلقته بحزم بينما زم زهير شفتيه وابتلع غضبه وهاري يقول "بريهان!"
نهضت مبتعدة من جواره للجانب الآخر لتكتسب بعض الهدوء من بعدها عن الرجلين وقالت "يمكننا اللقاء بوقت آخر هاري ما زلت متعب من رحلتك وسارة تنتظرك بالتأكيد"
نظرات زوجها لها كانت أكثر غضبا بينما قال هاري "نعم لنتدبر يوما آخر، أراكِ لاحقا وأنت أيضا زهير سنتقابل غدا بمكتبي مع لوكس"
لم يرد وهاري يتحرك خارجا وظلت نظراته ثابتة عليها وهي واقفة بمكانها حتى أغلق الباب فتحرك تجاهها والغضب يأكله وهو يقول "ماذا كان يحدث بينكم بريهان؟"
كانت حازمة وهي تقول "لم يحدث شيء زهير، أنت تعلم أننا أصدقاء"
قبضته التفت حول ذراعها بقوة وقد نست تأثيرها عليها فارتجف قلبها وهو يجذبها له وعيونه تكاد تحرقها من نيران الغضب المشتعلة بها وقال "وقربه منكِ بهذه الدرجة؟ ويده التي تمسك يدك، صداقة أيضا"
قالت بقوة زائفة "اترك ذراعي زهير، أنت تعلم جيدا أن لا شيء بيني وبين هاري"
لم يتركها وهو يزداد ضغطا وقال "حقا؟ وما رأيته"
حاولت إبعاد ذراعها عنه ولكنها فشلت وهي تقول "أخبرتك أنه لا شيء والآن دعني لا تعاملني بتلك الطريقة لن أسمح لك لست مجرمة لتعاقبني ليس مرة أخرى"
لانت قبضته وقد أوقفته كلماتها فنزعت ذراعها منه ودمعت عيونها من الألم وهي تبتعد وتمنحه ظهرها وتفرك ذراعها من أثر أصابعه فابتعد هو الآخر وما زالت أنفاسه لا تكفيه وقلبه يدق بغضب متسارع وأخرج علبته الذهبية والتقط سيجارة أشعلها ونفخ دخانها بطريقة أعلنت غضبه حتى تحركت هي لمكتبها وجلست بضعف على مقعدها وقالت
"أخبرتك أننا لن ننجح"
التفت لها بنفس الغضب وقال "لا تتوقفي عن اختلاق الأسباب لإفشال الأمر حقا أنتِ لا تريدين هذا الزواج أليس كذلك؟"
رفعت عيونها الدامعة له وقالت "أنا لا أريد كل هذا الغضب والألم والحزن ونحن لا نجني سواهم، هل تخبرني متى كنا سويا واستمتعنا كأي زوجين؟ أو على الأقل تصرفنا كزوجين طبيعيين؟ أنا لم أعرف حتى اليوم ماذا يعني الزواج الذي ارتبط به معك، أنا لم أتعلم سوى غضب وألم وحزن، كلانا لا يثق بالآخر زهير والزواج أول دعائمه الثقة، ليست رغبتي بالزواج هي ما سيجعله ينجح من عدمه بل تصرفات كلانا ونحن لا نجيد أي شيء سويا"
تحرك تجاهها وكأنها لم تقل شيئا حتى وقف أمامها وانحنى عليها وعيونه تخترق عيونها وقال "أنا لا يهمني كل ذلك فقط شيء واحد ما يهمني بريهان، هل ما زلتِ تريديني؟ بعيدا عن كل ما نحاول إصلاحه وبعيدا عن كل ما ذكرتيه لأنكِ لو كنتِ ترغبين بي كرغبتي بكِ فيمكننا تجاوز كل شيء"
عيونها الدامعة تلونت لألوان كثيرة لا مسمى لها وعندما لم تجيب عاد يقول بنبرة أقل حدة "أنا ما زلت أريدك بيري وأريد هذا الزواج فقط أريد أن أسمعك"
أغمضت عيونها تعتصر الدموع وابتلعت ريقها وتنفست ثم عادت لتنظر له وقالت "نعم أريدك زهير ولكن"
ظل ثابتا مكانه وكرر "ولكن؟ أنا لم أخل باتفاقي معك بريهان لكن وجوده هنا وحدكما ويدك بيده ألا يعني هذا لكِ شيء؟"
أخفضت وجهها وقالت بضعف "لا، لا يعني لي أي شيء لأنك تعلم منذ أول يوم أن هاري ليس أكثر من صديق وأنا لا أكذب"
اعتدل ومرر يده بشعره محاولا إيقاف غضبه "حسنا بريهان لكني لن أقبل ذلك مرة أخرى هل تسمعيني، لن يلمسك لا هو ولا أي رجل سواه"
رفعت وجهها له وقد كانت ملامحه جادة والغضب ما زال يسكنه فهزت رأسها فتنفس بصوت مرتفع وقال "حسنا هل نذهب، الطبيب ينتظرنا بالمشفى"
نهضت بفزع وهتفت "هل أصاب ماما شيء؟"
قال "لا، هي بخير، هو يريد إخبارك بعض التعليمات لأنه لن يكون موجودا بالغد هل نذهب؟"
جمعت أشياءها والتفتت لكنه لم يبتعد فاصطدمت به وكي لا تفقد اتزانها كانت يداه تحيطها وعيونه تلتقط عيونها والفزع يطل منهما فأحنى رأسه وقال "لا تفزعي، أنتِ معي"
انتبهت لذراعيه ففرت من عيونه وقالت بضعف "حسنا هل تتركني الآن؟"
ولكنه لم يفعل وهو يقول "من الصعب أن تسقطي بين ذراعي وأتركك بيري فأنا أفقد نفسي بقربك"
التفتت له لترى عيونه تنتظرها بلهفة وقد أيقظت كلماته مشاعرها الخامدة ورفع يده لوجنتها وما زالت رأسه تنحني لتصل لوجهها فقالت "أنت لا تفعل زهير"
همس "إذن أنتِ تقللين من تأثيرك علي بيري فأنا معك لا أعرف من أنا"
وتحركت أصابعه على وجنتها لتخترق عنقها ليجذب وجهها له ويقبلها دون انتظار لأي رد فعل منها وهي تفاجأت ودفعته بعيدا ولكن ذراعه كانت أقوى وأحكمت حول خصرها حتى توقفت عن المقاومة ولكنها لم تستجب بسهولة ومع ذلك لم يتوقف وأجبرها على فتح شفتيها واستقبال قبلته والاستجابة له لتبادله إياها بخوف وحذر لم تستطع إخفاؤهم وقد شعر بهما ومع ذلك لم يتوقف حتى ذهبت أنفاسها وارتجف جسدها فابتعد قليلا وهمس من بين أنفاسه
"كم افتقدت قبلتك بيري فهي تمنحني الكثير مما لم أعرفه سوى معك"
بصعوبة رفعت عيونها له من بين أنفاسها اللاهثة وصدرها المتلاطم ما بين دقات القلب المجنونة وبين أنفاسها الضائعة وحرارة جسدها المتزايدة حتى قالت
"لم تخبرني بأي يوم ماذا تجد معي زهير"
ابتسم وقال "معكِ حق ولكن لا المكان ولا الوقت يسمح لنا لنفعل"
هزت رأسها وقالت "اتركني إذن لنذهب"
لم يفعل وهو يقول "لم أعرف امرأة تطلب مني تركها سواكِ كلهن كانوا يلقين أنفسهن بين أحضاني"
ضربته بصدره ونزعت نفسها منه فضحك بصوت مرتفع وهي تعدل ملابسها ولم يتركها وهو يهمس "وهذا ما يزيدني رغبة بكِ بيري، أريدك بجنون لكن دون هذا الغضب والخوف بعيونك، أريد أن أرى تلك النظرة التي كنتِ تمنحينها لي عندما أضمك لصدري، أريد أن آخذك وأنتِ راضية"
التفتت له وواجهته قائلة "الرغبة والكيمياء زهير؟"
لم يبعد وجهه وسؤالها يمس قلبه فأبعد خصلة من شعرها لخلف أذنها وقال "لا يهم المسمى بيري، المهم أن تكوني لي، معي دون فراق"
ظلت النظرات متصلة "لماذا زهير؟ لماذا تتمسك بي هكذا وبحياتك الكثير من النساء"
لمس ذراعها حيث أصابعه تركت أثرها وجذبها له برفق وعيونه تمنحها نظرات لم تعرفها من قبل وهو يقول "لأن منذ افترقنا وأنا أدركت أني من بين كل نساء العالم لا أريد سواكِ ولكني كنت أعلم أنك سترفضين العودة بعد ما كان بيننا وما أن عرفت بأمر والدتك حتى أدركت أنها الفرصة التي كنت أنتظرها"
أخفضت وجهها وقالت "والنساء الأخرى"
قرب وجهه مرة أخرى من وجهها حتى لفحتها أنفاسه وهو يقول "لا نساء، منذ عرفتك ولا امرأة دخلت حياتي"
رفعت عيونها له وقالت "وتلك الصور؟ وجورجينا ويوم زفافنا؟"
ثبت قليلا ثم قال "حسنا ما رأيك بالعشاء بمكان جديد وهناك نتحدث فقط كي لا نتأخر على الطبيب؟"
كان على حق فهزت رأسها فلم يضيع الفرصة وهو يسرق قبلة أخرى من شفتيها فلم تمانع ثم أحاطها بذراعه للخارج..
منحهم الطبيب التعليمات اللازمة وظلا وقتا طويلا مع دولت التي قالت "ألا يمكن العودة للبيت اليوم؟"
كانت تمسك يد والدتها وقالت "الطبيب قال بالصباح ماما من أجل الاطمئنان عليكِ"
سألتها "هل أخبرتِ ليث بشيء؟"
أجابت "لا، تعلمين أنه يغلق هاتفه بإجازاته ومرة واحدة راسلني للاطمئنان فلم أخبره بشيء"
هزت رأسها وقالت "هذا أفضل أنا أصبحت بخير والحمد لله أن زهير هنا"
كان صامتا بينما قالت هي "نعم، هل ترغبين بالذهاب لأي مكان حتى تستعيدي نفسك؟"
ربتت على يدها وقالت "ليس هناك أفضل من البيت حبيبتي"
تحدث أخيرا قائلا "هل تجربين بيتي ماما؟ المكان سيعجبك والبحر أمامك والحدائق تمنحك جو صحي"
نظرت له بابتسامة جميلة ثم عادت لابنتها التي تبدلت ملامحها فقالت الأم "يمكنكم أنتم أن تفعلوا لكن أنا أفضل بيتي"
رفعت عيونها لدولت وقالت "لا ماما ما زلت ببيتنا ولن أتركك"
قال بهدوء "تقريبا أنا من انتقل للإقامة لديكم ماما ولكن بالغد يمكنني الرحيل بعد عودتك"
التفتت له العيون وقالت دولت "لا، لن تفعل ما زلت متعبة وبحاجة لوجودك بني"
منحها نظرة تساؤل فأبعدت وجهها وقالت "لا تضغطي عليه ماما ربما يفضل بيته"
ظل ينظر لها بنفس الهدوء ثم قال "بيتي حيث زوجتي"
نظراتهم التقت ولم يلمحا ابتسامة دولت ولكن دخول الممرضة أوقف اتصالهم وهي تطالبهم بالذهاب لموعد النوم فقبلا دولت وتحركا للخارج
لم يستبدلا ملابسهم وهو يصحبها لمطعم صغير بمكان هادئ لم تعرفه من قبل وعندما جلس أمامها قالت "من أين عرفت كل تلك الأماكن؟ أنت لا تقيم هنا"
ابتسم وقال "برنامج تحديد المواقع اختراع جيد عزيزتي"
ابتسمت وقالت "أم مغامراتك السابقة؟"
ابتسم وقال "أنتِ من يبحث عن المفسدات"
لم تذهب ابتسامتها والرجل يأخذ الطلبات فقالت "أنتظر أن تخبرني عن زواجنا والصور وربما تكمل لي قصة والدتك وياسمين"
السيجارة كانت القوة التي يلتمسها ليحكي ما لديه وهو يبعد الدخان عنها وقال "الحياة هنا كانت من أصعب ما واجهت، المجتمع لم يقبل رجلا غامضا لا يعرف عنه شيء وأنا استطعت تغليف الماضي جيدا كي لا يراه أحد ولكن لأني بدأت صغيرا فكان الأمر صعبا ولكن بالنهاية نجحت وبإصرار وصلت لمكانة جيدة بشركة صغيرة كبداية وبالعام الخامس لي وصلت رسالتها"
وضع الرجل الطعام والشراب الخاص به والذي فتح الرجل زجاجته باحترام وسكب بالكأس القليل ومنحه له ليتذوق بعضه ثم قال "حسنا شكرا لك"
تناولا الطعام وقالت "ماذا فعلت عندما عرفت بأمر ياسمين؟"
لم ينظر لها وقال "بالبداية لم أهتم فهي ليست شقيقتي ولم أصدق زيزي فليست محل ثقة ولكن هي لم تصمت، ألحت كثيرا حتى عدت مصر"
رفعت وجهها له ففعل المثل وواجها وقال "هددتني بنشر حقيقتها بالنسبة لي وحقيقة موت والدي وكان علي وقفها"
تناول بعض مشروبه ثم عاد للطعام فقالت "لماذا فعلت ذلك؟"
قال بهدوء "المال، الرجل الذي قتل أبي لفظها بعد أن أنجبت ياسمين ورفض منحها اسمه فاستعملت اسم أبي ومنحته لها وبالطبع مع تقدم العمر بها لم تعد تلك الراقصة المرغوبة ولم تعد تجني أي أموال فلم تجد سواي"
كانت تنظر له بدهشة وقالت "وهل أخبرتك بكل ذلك؟"
هز أكتافه وقال "ليس عليها أن تفعل بيري، كيف ستكون أختي الشقيقة وهي لم تعاشر أبي منذ سنوات كثيرة؟"
أخفضت وجهها وقالت "كيف فعلت ذلك؟"
أنهى طعامه وتناول شرابه ثم قال "أول خطوة للحرام صعبة جدا بيري لكن ما أن تخطيها حتى تهرولي بطريقه"
توقفت عن الطعام وقالت "تتحدث عن نفسك؟"
الدخان حجب ملامحه وهو يقول "النساء هي بداية الحرام بحياتي وهنا كان الشراب لكن غير ذلك كل ما أملك حلال ونعم أتحدث عن نفسي فالحرام كبير بأي شكل كان"
هزت رأسها وقالت "تعجبني صراحتك مع نفسك"
قال بنفس الهدوء "لست جبانا لأفر من أخطائي"
نظرت له وقالت "ولكن لا تملك الشجاعة لإيقافها"
صمت لحظة ثم عاد وقال "بكِ فعلت، لقد توقفت عن النساء بيري"
احمر وجهها وهي تحدق بعيونه وقالت بضعف "تصرفاتك"
قاطعها بعيون جادة ولا تنوي التراجع "كلها كذب ، وهْم أردتك أن تصدقيه وقد ساعدني أحدهم دون أن أعرف ودمر كل شيء"
تركت الطعام وهي تعتدل وتقول "هل لي بتوضيح؟"
أبعد وجهه وقال "عندما عدت مصر كانت زيزي بحالة سيئة من الفقر والجوع أمطرتها بغضبي وربما حاولت قتلها ولكن ياسمين وقفت بيننا وعندما رأيتها لانت شكيمتي وتراجعت فقد رأيت عيوني بعيونها تكاد تطابقها والبراءة تنطلق منها، لم أتحمل أن تضيع هي بدون أمها كما كدت أضيع فتراجعت وقررت التكفل بكل ما يلزمهم وظلت هي تراسلني ولا أنكر أنني أحببت أن يكون لي أخت خاصة بعد أن عدت هنا للوحدة ولكن بعد فترة سقطت ياسمين بيد فتاة لا أعرف من أين عرفتها وجذبتها لطريق المخدرات وكانت نهايتها"
قالت بصعوبة "تلك الفتاة التي ظننتها أنا"
من سيجارته الأولى اشتعلت الثانية وقال "نعم، يوم عرفت بإعاقتك من هاري وقد تعمد أن يفعل بعد أن أدرك أني معجب بكِ ظنا أن ذلك سيدفعني بعيدا عنكِ ولكنه كان قد أسدى لي معروفا وحسم ترددي وخرجت من مكتبه عازما على الزواج منكِ لأتلقى مكالمة تخبرني عن أمرك وصلتك بموت ياسمين وتبعها وصول الصور التي رأيتها على هاتفي وانطلق الغضب ورسمت خطة الانتقام"
جفاف حلقها جعلها تتناول بعض العصير ثم قالت "ومن أرسل الصور؟"
تنهد بقوة وقال "حتى اليوم لا أعرف وحتى الصور التي وصلتك بعد زواجنا لم أعرف مصدرها"
قالت بغضب "كنت أنت من يرسلها، أنت كنت حريص على أن أعرف بخيانتك"
اقترب من حافة المائدة وقال بجدية "أخبرتك أني لم أعرف امرأة منذ دخلتي حياتي تلك الصور كلها قديمة من علاقاتي السابقة والصور الأخيرة ليست حقيقية ولست أنا من أرسلها، أنا لم أقم بعلاقة مع تلك المرأة فقط خرجنا سويا دون أن ننام سويا"
ظلت تحدق به حتى أبعدت وجهها فعاد يقول "كل تلك النساء لم تكن شيء، مجرد اتفاق بيننا بتمثيل الدور أمامك مقابل مبلغ من المال"
تراجعت بدهشة وقالت "تمثيل؟ كنت تمثل لتؤلمني زهير؟"
أبعد وجهه لحظة ثم عاد لها وقال "نعم لأني لم أرغب بعلاقة حقيقية مع أي امرأة أخرى فلم يكن أمامي سوى التمثيل بريهان"
شحب وجهها وهي تحاول أن تصدق ما يقول، تناولت بعض العصير ثم قالت "وجورجينا؟ لقد دفعتني داخل كابينة الفرس عن عمد"
تناول ما تبقى بالكأس وقال "هي بالفعل فعلت ولكن ليس لأني طلبت ذلك بل لأنها ظنت أن بتخلصها منكِ سأكون لها"
دمعت عيونها وقالت "وتركتها تبقى؟ وأكملت التمثيلية"
شحب وجهه وهو يدرك ما كان وتبدلت ملامحها والغضب يحتويها والدموع تقهرها كالعادة ولكنه أمسك يدها وقال "لا تجعليني أندم على صراحتي بريهان أنا لم أقل أن ما فعلته كان صواب ولكني أخبرتك بأسبابي والانتقام كان يعميني"
ظلت ثابتة بمكانها وهي تواجه نظراته فقال مرة أخرى "اهدئي، من فضلك"
عادت للهدوء ولانت ملامحها فقال "جورجينا كانت الأخيرة، أنتِ دفعتني بعد ذلك للجنون بما كان بيننا وتعمدت البعد كي لا آخذك غصبا وتسوء علاقتنا أكثر"
سقطت دموعها وهي تذكر تلك الفترة وهو أدرك الألم الذي ينتابها ولكنه أراد إنهاء الأمر مرة واحدة فقال "حتى حدث الإجهاض"
أخفضت عيونها فتألم أكثر فعاد للسجائر وقال "كنت أريده بريهان، مثلك تماما ولو تصدقيني كنت أريده أكثر منكِ بكثير"
رفعت وجهها وعيونها له فرأت ألم بعيونه فقالت "من أجل الميراث؟"
التوى فمه بما لا يشبه الابتسامة محلاة بالمرارة وزاغت عيونه وهو يقول "لا، لم تمر فكرة الميراث بذهني"
لم تتحدث فنفخ الدخان وقال "كان منكِ، كان سيبني ما كان ينهار بيننا"
دموع كثيرة لم يمكنها أن توقفها والألم يزداد ولمعت عيونه فأبعدها وقال "أنتِ أنهيتِ كل شيء بذلك اليوم دون حتى أن تسمعيني، أردت إخبارك الحقيقة وأن تلك الصور ليست حقيقية ولكنك رفضتِ كلماتي"
قالت بحزن "كنت غاضبة منك ولم أكن لأصدقك وقتها"
هز رأسه بتفهم وقال "نعم" ثم عاد لها وقال "وهل تصدقيني الآن؟"
عيونها ظلت عالقة بعيونه وقلبها يدفعها له دفعا مجبرا إياها على تصديقه وقذف كل ما كان بسلة الماضي فقالت "نعم"
تنهد براحة شعرت بها فقالت "وزيزي؟"
أطفأ السيجارة وقال "بشقة بالقاهرة وتعاني من أمراض الشيخوخة وفتاة تقوم على خدمتها"
قالت "لم تهددك مرة أخرى؟"
قال بهدوء "هي تعلم أنها لو فعلت ستخسر موردها الوحيد"
لم تمنع نفسها من أن تسأله "وما شعورك تجاهها؟"
قال ببساطة لم تتوقعها "ليس لدي أي شعور تجاهها"
ظلت صامتة والدهشة تعلو وجهها فقال "أُم تخلت عن ابنها وهو بالعاشرة من أجل رجل آخر قتل والده هل تظنين أني أحمل تجاهها أي شيء؟"
تذكرت ليث وموقفه من والدتها وأدركت أن الأمور مختلفة فقالت "ولكنك تساعدها"
هز أكتافه وقال "الأمر لا شيء بيري مثلها مثل أي شخص بحاجة للمساعدة"
قالت بهدوء مقتبس منه "تملك عقلا غريبا زهير"
سكب بعض المشروب وتناول بعضه ثم قال "العقل أفضل من القلب بريهان"
جمدت ملامحها وهمست "ولكن لا أحد يعيش بدون قلب"
ابتسم وقال "هو خلق لذلك، ليقوم بوظائفه الحيوية لنعيش ولكن يوم يتدخل بحياتنا يفسدها"
دقات قلبها ازدادت مع الخوف من كلماته وهي تدركها جيدا فهو لا يؤمن بدور القلوب بحياة البشر إلا كجهاز يضخ الدم لباقي الجسد قاومت الحزن الذي اندفع لقلبها وقالت "وأحيانا يكون سببا بنجاها"
ضحك وقال "لا تخبريني أنك تؤمنين بالحب؟"
قالت بهدوء "وما المضحك بذلك زهير؟ المحبة من بين دوافع الدين ولو لم تكن لما أحب الجميع الرسول صلى الله عليه وسلم واتبعوه وآمنوا به"
ظل ينظر لها وقال "بعيدا عن الدين بيري لأني أجهل الناس به"
قالت بضيق "إذن تعلم زهير، نحن مسلمين وأولادك ستكون مسلمة وعليك تعليمهم تعاليم دينهم فهو واجبك"
لم يمكنه مواجهتها وهو يعتدل ويقول "هل تعنين كلامك هذا؟
قالت بجدية "هل تراني أمزح؟"
ظل صامتا وعيونهم متواجهة ولا يجد إجابة حتى قال "سيكون عليكِ ذلك الدور لأني لا أُجيده"
قالت بقوة "إذن لا داعي لأولاد من الأساس زهير"
حدق بها وحاول الهرب قائلا "هذا يعني أنكِ توافقين على أن يكون لنا أولاد؟"
لم تمنحه ما أراد وهي تقول "لا، ليس وأنت لا تعرف دينك وتعاليمه"
أبعد وجهه وقال "هل نتوقف؟ ليس لي رغبة بالجدال معك"
قالت بإصرار "أنت تضع أسس علاقتنا زهير وهذا أولها"
التفت لها وقال بعصبية "هكذا هو أنا بيري"
قالت دون تردد "وهكذا هو أنا أيضا زهير، لن ينشأ أولادي بتلك الطريقة"
للحظة ظل صامتا والإصرار يلمع بعيونها فابتلع ريقه وقال "فقط نعود ووقتها نتحدث"
لم تتراجع وهي تقول "هذا أول شرط لعودتنا"
اعتدل وقال "وهل هناك شروط أخرى؟"
هزت أكتافها وهي لم تفكر بالعودة من الأساس كي تفكر بالشروط ولكنها قالت "بالتأكيد"
لم يتركها وهو يقول "والتي هي ماذا؟"
تراجعت لتخرج من الأزمة وقالت "أنا لم أوافق على عودتنا بعد زهير"
مرر يده بشعره وقال "ومتى ستفعلين؟"
قالت بجدية "تقصد أنك مللت من الانتظار؟"
قال بجدية "أقصد أني اشتقت لكِ بجنون وأخشى من نفسي عليكِ"
احمر وجهها وقالت "لن تفعل"
قال بعيون ماكرة "لا أعدك"
غضبت وقالت "زهير"
ضحك وقال "تبدين جميلة حتى وأنتِ غاضبة كالأطفال عزيزتي"
احمر وجهها وأخفضت عيونها فقال "والآن نذهب قبل أن أفقد نفسي وأنا على شعرة فخجلك هذا لا يمكن التغاضي عنه رغم أنك زوجتي"
زاد خجلها ولم تعرف كيف توقفه ولكن كلماته لا يمكن مرورها دون أن يدق قلبها وهي تتذكر لمساته وقبلاته فتزيد خجلا من نفسها لرغبتها به كما يرغبها..
عادوا البيت أخيرا وكلاهم مشتت الذهن والصمت ثالثهم حتى تحركت لغرفتها ولكنه تبعها فالتفتت له بدهشة فقال بهدوء "تنسين أن ملابسي هنا والحمام"
ظلت ثابتة وهو يأخذ ملابس بعد أن خلع جاكته وظلت جامدة وهو ينتقي سروال للنوم ثم تحرك للحمام دون أي كلمات، سقطت على الفراش متهاوية وهي تزداد ضعفا ولكن عندما استعادت كلماته عن الحب شعرت بأن قوتها تعود لها فهي لا تريد علاقة قائمة على الرغبة تنتهي بمجرد انتهاء تلك الرغبة، لا تريد تلك الحياة العالقة بين السماء والأرض ولكن كيف يمكنها أن تخبره أنها تريد الحب وكرامتها لن تسمح لها بأن تفعل؟
عندما خرج كانت ما زالت بمكانها على الفراش والمنشفة حول رأسه كالعادة وصدره العاري يذكرها بجلده المحترق فقالت "هل نضع المرهم؟"
أبعد المنشفة وقال بحزم "لا"
اندهشت وقالت "لا؟"
نظر للمرآة وهو بمكانه وصفف شعره بأصابعه وقال "لا بيري لأني لا أريد لمساتك بالوقت الحالي"
ثم تحرك للخارج دون أن يضيف أي شيء وبالطبع هي تفهم ما يعنيه فظلت بمكانها وقدمها السليمة تتهاوى لا تقدر على حملها فتمددت على الفراش ولم تشعر والنوم يأخذها فلم تعترض
استيقظت مبكرا لعدم راحتها بالملابس وتحركت للحمام، أخذت حمام طويل وهي تعلم أن لا أحد سيقطع خلوتها، ارتدت روب الحمام وخرجت لغرفتها لتراه يقف أمام النافذة يدخن سيجارته فتوقفت متفاجئة ثم قالت
"صباح الخير"
التفت لها بنفس سرواله وصدره العاري وشعره المشعث وعيونه تتجول على وجهها والمنشفة التي تلف شعرها وتحرك تجاهها وقال "صباح النور، استيقظتِ مبكرة؟"
وقف أمامها فارتبكت من قربه مخفية عيونها عنه وقالت "نمت بملابسي فلم أشعر بالراحة"
تحركت لتفر من أمامه خاصة وأن الروب يظهر ساقها الصناعي ولكن ما الجديد فقد رآها بكل حالاتها ولكنها ما زالت تشعر وكأنهم يلتقون لأول مرة، انتبهت ليده التي تبعد المنشفة عن شعرها ليتساقط متناثرا على وجهها وأكتافها فالتفتت له ويدها تبحث عن لا شيء وهو لم يهتم وأصابعه تعبث بخصلاته المتشابكة وقال بصوت عميق
"أحبه هكذا كحورية البحر"
وسقطت عيونه على وجهها ثم عيونها التائهة من لمساته التي جمدتها وألقتها بالا وعي ثم لمس وجنتها بيده ورأسه تنحني فعرفت أن تلك القبلة آتية وارتجف قلبها وصرخ عقلها بها لتبتعد وتفر ولكنها لم تستطع وكل جسدها يتمنع على عقلها حتى اقترب جدا من وجهها وهمس
"أكثر من ذلك صعب، صعب جدا بيري، أحتاجك بشدة"
والتقط فمها برقة فلم تمانع وهي تغلق عيونها وتستسلم لقبلته بل وقبلته بنفس الشوق فزادته رغبة وقوة ولم تشعر بذراعه وهي تحيط جسدها وتقربها من جسده الملتهب من حرارة قربها وعندما ارتجف جسدها بين ذراعيه ابتعد قليلا لتتنفس ولكنه قال
"عانقيني بيري، أحتاج لأن أكون بين أحضانك، لا تبخلي علي به"
عيونه النصف مفتوحة كانت تمتلئ بالرغبة والرجاء فقالت "لن تؤلمني زهير؟"
تسللت شفتاه على وجنتيها وهمس "لم أعد أستطيع أن أفعل فألمك نفسه يؤلمني بيري، أنا لا أريد إلا أن أرى ابتسامتك وأنتِ معي"
الخوف كان يتلاشى من قلبها وهي تهمس بجدية "عليك أن تكون الأب الذي أريده لأولادك زهير"
أبعد وجهه ولكنه مرر أصابعه على وجنتها وقال "قد أفعل لو كنتِ أمهم"
لم تبتعد وقالت "لا نساء فلن أغفر لك صدقني"
ابتسم وقال "نساء؟ كيف وأنا أشك أصلا أني سأكون جيد معكِ الآن فأنا لم ألمس امرأة منذ آخر مرة لنا بيري، هل انتهت شروطك؟"
ظلت تنظر بعيونه فرفع يداه الاثنان لوجنتيها ليحيطهم براحتيه وقال "ثقي بي بيري، أنا لا أريد أن أفقدك مرة أخرى وسأحارب الدنيا من أجل ذلك، فقط أخبريني أنك تريديني مثلما أريدك"
تمنت لو طالب بالحب بينهم ولكنها تعلم أن لا مكان للحب بحياته لذا عليها أن تتنازل عن شيء مقابل كل شيء فقالت "أنا أريدك زهير ولم أرد رجلا سواك"
لم يفكر وهو يرحل لشفتيها بقوة وكأنه يعيد لنفسه الحياة التي فقدها يوم رحلت من دنيته ولكنها الآن بين ذراعيه، تريده كما يريدها وبلحظة رفعت يداها لتحيط بهما عنقه فجذب جسدها له بقوة وقبلته تزداد قوة وجرأة وهي تستجيب له حتى أبعد الروب عنها ويده تخترق جسدها الذي افتقده وهو يهمس
"أحتاج لأن أكون بين أحضانك"
كان يأخذها للفراش برفق وعندما رفع جسده فوقها قالت "أريد أن أنسى كل شيء زهير"
ابتسم وقال "سنفعل، أعدك أن نفعل"
ثم عاد لها بلمساته، قبلاته وحتى كلماته الجميلة جعلتها تطير لتلمس السحب المتناثرة وتعود له بسعادة فيعود لأحضانها وكأنه اليوم لا يريدها أن تكون ملكه بل يكون هو ملك لها..
الفصل السادس عشر
سعادة جديدة
ما أن وصلا المشفى حتى أنهى هو إجراءات الخروج بينما ساعدت هي دولت في الاستعداد وقد طلب هو ممرضة خاصة لترافق والدتها بالبيت
ركبت دولت السيارة والممرضة وهي بجواره فنظر لها وقال "لن أبقى بيري لدي موعد بمكتب هاري مع لوكس وبعدها موعد آخر"
أبعدت شعرها عن وجهها وقالت "لا تقلق سنكون بخير تعلم أني لن أذهب للشركة"
هز رأسه ثم عاد لها وقال "متى يمكننا الانتقال للبيت؟"
احمر وجهها وهي تنظر له وقالت بصوت منخفض "ماما ما زلت متعبة زهير ولن أتركها"
اقترب منها وقال "أحتاج لجناح خاص بنا بيري، غرفتك لا تمنحني الراحة"
قالت بجدية "زهير كفى"
ابتسم وقال "كانت رائعة"
ابتسمت له بصدق وقد كانت حقا سعيدة لتلك اللحظات التي وجد كلا منهما الآخر وربما هو على حق، غرفتها صغيرة ولا خصوصية بالبيت ولكن عليهم أن ينتظرا..
رحل بمجرد دخولهم البيت بينما تمددت دولت بالفراش وتركت دورين الممرضة لتتعرف على البيت وميرا بينما قالت دولت "كيف أصبحتِ مؤخرا بيري؟"
لم تنظر لدولت وهي تقول "نحاول أن نبدأ من جديد ماما، زهير يحاول بشدة ولكني ما زلت أخاف"
ابتسمت دولت وقالت "تمسك زهير بكِ يجعلك تشعرين بالراحة حبيبتي، وجوده معنا بشدتنا يعني أنه يريدك حقا، لم لا تصدقين أنه نادم وعرف مقدارك بعد ذهابك؟"
ظلت تنظر لأمها ثم قالت "لأن زهير يقيم علاقتنا على أساس الرغبة فقط ماما والرغبة لها وقت تنتهي به وهذا يعني جرح جديد"
لم تقلق دولت وهي تقول "هو يظن ذلك حبيبتي ولكنه سيدرك أن الزواج مختلف ولو كان على الرغبة لذهبت بذهابك فقط امنحيه الوقت أو علميه بيري، علميه الحب الذي أراه بعيونك"
أخفضت عيونها وقالت "ليتني أستطيع ماما، أنا أريد الحب فالحياة لا تقوم على الرغبة وزهير لا يؤمن بالحب ويظن أنه هو ما يدمر حياة البشر"
ربتت على يدها وقالت "هذا لأنه لم يعرفه من قبل ولكن معك الأمر مختلف، أنتِ زوجته وهو يتمسك بكِ بقوة على أساس الرغبة ولكنه مع الوقت سيدرك أن الرغبة لا تعني شيء مما يحمله لكِ"
عادت تنظر لدولت وقالت "هو لا يحمل شيء ماما"
ابتسمت وقالت "وكيف وهو ترك عالمه كله طوال الأيام السابقة ليبقى معك، تلك النساء التي كنا نسمع عنها اختفت من حياته رغم عدم وجودك لذا تمتعي بزوجك حبيبتي واتركي نفسك للسعادة الجديدة التي لم تناليها"
هزت رأسها وقالت "أنتِ بحاجة للراحة"
نهضت ولكن دولت قالت "يومان وارحلي لبيت زوجك، المكان هنا لا يتناسب معه فقط هو لا يريد فرض ذلك عليكِ"
توقفت وقالت بإصرار "إذن ستأتين معي ماما لن أتحرك لأي مكان بدونك وهو يعلم ذلك جيدا"
تذمرت الأم وقالت "ليث لن يوافق"
قالت "سيفعل لو طلبتِ أنتِ ذلك"
حدقت بها الأم وقالت "هو رجل غريب يا ابنتي"
قالت بضيق "هو زوجي ماما وأنا أريدك معي، لا تتركيني من فضلك"
عيون الأم أدركت ما بداخل ابنتها من مشاعر فهزت رأسها وقالت "ربما لا يرغب بوجودي بيري دعي الأمر الآن ولا تتحدثي به"
ظلت صامتة ولم ترد ورحلت لغرفتها ورأت الفراش وقد أعيد ترتيبه بعد أن تبعثر هنا وهناك من لقائهم الحار والذي عبر عن شوق كلا منهما للآخر، تحركت لتخرج ملابس فرأت ملابسه بجوار ملابسها فمررت يدها على جاكيت بدلته ثم جذبته لها وقربته من أنفها لتستنشق رائحة عطره وهي تغمض عيونها وتذكر كلماته لها 'أحتاج لأن أكون بين أحضانك'
فتحت عيونها وأعادت الجاكيت لمكانه وجذبت ملابس وتحركت لتغتسل وبدلت ملابسها وفتحت جهازها لمتابعة العمل ثم عادت لنفسها والهاتف بجوارها فجذبته وعبثت به حتى رأت اسمه فلم تتردد وهي تهاتفه
كان قد انتهى من لوكس عندما رن هاتفه فالتفت لهاري الذي ظل يحدق به وهو يخرج هاتفه وابتسم لرؤية اسمها فابتعد لنافذة مكتب هاري وقال "لم أصدق عندما رأيت اسمك على هاتفي، كيف مررت على ذهنك؟"
تمددت على الفراش وقالت "اشكر جاكيت بدلتك فهو من ذكرني بك"
لم ترحل ابتسامته وهو يقول "حقا؟ أي ليس لمساتي أو قبلاتي؟"
جذبت الوسادة واحتضنتها وقالت "ألا تخشى أن يسمعك أحد"
وضع يده الحرة بجيب بنطلونه وقال بدون اهتمام بهاري الذي كان بالفعل يريد أن يختلس السمع "أنا لا أخشى أحد حوريتي الجميلة"
ضحكت فتنفس بعمق وقال "توقفي عن الضحك"
لم تفعل وهي تقول "لماذا؟"
أخرج السجائر وأشعل واحدة ولمح هاري يبتعد لمكتبه فقال "تثير جنوني ورغبتي"
عادت تضحك فهتف "اللعنة"
أسرعت تقول من بين الضحك "حسنا، حسنا سأتوقف، هل انتهيت؟"
رفع يده لجبينه وحكه وهو يقول "ليس بعد"
قالت "الغداء؟"
أجاب "صعب حوريتي، ربما أتأخر أيضا على العشاء، غدا السبت بيري"
تفهمت وقالت "حسنا أراك بالصباح"
هتف بدون وعي "ماذا؟"
انتبه لنفسه ورأى هاري يرفع رأسه له فهدأ وهي تضحك فاغتاظ وقال بصوت حاول أن يخفضه "لن تنامي بيري، أقسم أن أوقظك وأمنعك من النوم طوال الليل"
ضحكت مرة أخرى وقالت "حسنا سأحاول ولكن أنت من ستجد امرأة كسولة"
نفخ الدخان بقوة وقال "كُفي عن ذلك، ستنتظرينني وتكونين لي الليل كله بيري لن أكتفي منكِ هل تفهمين؟"
كانت سعيدة وهي تسمعه فقالت بجدية "مرة كافية لإشباع رغبتك زهير"
قال بصدق "رغباتي لا نهاية لها بيري خاصة معك، أنا أريدك بكل لحظة ولن يمكنك تصور كم أعاني ببعدي عنكِ"
قالت بسعادة "وأنا سأكون لك زهير، لم ولن أكون لسواك"
تنفس بصوت مرتفع وقال "هذا ما سيجعلني أكمل يومي بدونك، فقط لا تتوقفي عن كلماتك هذه فأنتِ لا يمكنك تخيل ماذا تفعل بي"
همست "ماذا تفعل؟"
عاد ليخفض صوته "عندما تكونين بين ذراعي سأخبرك بل سأجعلك تدركين دون كلمات بيري"
سمع هاري يقول "زهير ألن ننتهي؟"
نظر له بغضب مكتوم وقال "سنفعل هاري"
ثم عاد لها فقالت "لابد أن تذهب للعمل"
نفخ الدخان بغضب وقال "نعم للأسف، سأطلب عشاء لنا وخاص لوالدتك"
قالت بجدية "ميرا تعد طعام جيد زهير"
قال "أحب الطعام الإيطالي حوريتي، هل أذهب؟"
قالت بقلب يرفرف من السعادة "نعم، لا تتأخر"
قال وهو يتحرك ليطفئ السيجارة "لن أفعل"
أغلق الهاتف وعاد لهاري الذي بدا الغضب على وجهه وهو يقول "ظننت أننا سنمضي النهار كله على الهاتف"
جلس أمام مكتب هاري ووضع ساقا فوق الأخرى وقال "لا، لن تفعل هل تفضل دراسة المشروع الجديد أم تتركه لجيك؟"
قال بقوة "لا زهير ناقشه معي، ليس هذا وقت النساء"
تجمد وجه زهير وعيونه تبدلت وهو يقول "نساء؟"
لم يتراجع هاري وهو يقول "كلاكم غير مناسب للآخر وأنت تعلم ذلك زهير فلم لا تتركها لتعيش حياتها؟"
الغضب سرى بشرايينه وقال "كونك شريكي بالعمل لا يمنحك أي حق بالتحدث عن زوجتي أو حياتنا الشخصية هاري"
تراجع هاري بمقعده وقال "هي صديقتي زهير لا تنسى ذلك"
نهض واقفا والغضب لا يتوقف وأسند يداه على مكتب هاري وعيونه تحدق به وقال بنبرة مخيفة "لا صداقة مع زوجتي هاري هل تفهم؟ ابتعد عن بريهان وإلا أقسم أن تندم لأنه لم يخلق من يمس امرأة زهير الأسيوطي ولو حتى بالكلمات"
ظل هاري يحدق به وقد شحب وجهه وارتبك وهو يقول "زهير بيري"
هتف بغضب وهو يدق على المكتب بقبضته بنفس الغضب "بريهان، توقف هاري عن إظهار مشاعرك تجاهها أمامي لأني لن أقف صامتا أمام ذلك"
ارتبك هاري وقال "زهير، أنا، أنا لم أقصد فقط نحن نعرف بعضنا البعض قبل أن تعرفك"
لم يتراجع عن نبرته وهو يقول "وقد عَرفتني، بل وتزوجتني ومن يتزوجها الأسيوطي لا يجرؤ أحد على النظر حتى لها، هل كلماتي واضحة هاري؟"
هز هاري رأسه والخوف تجلى بعيونه من نبرة زهير ونظراته فهز زهير رأسه وقال "حسنا لنعد للعمل إذن"
عندما سمعت سيارته كانت التاسعة، دق قلبها وتذكرت ذلك اليوم الذي أتي به لأول مرة لرؤية دولت، تسمرت قدماها بالأرض وقد انقلبت الذكريات فجأة ولكن دقات الباب أوقفتها فتحركت للباب قبل ميرا وفتحت لتراه يحمل جاكته على كتفه بيد والأخرى تحمل بعض الأكياس فقالت بابتسامة رقيقة
"لا تخبرني أنها طعام، لقد اكتفينا زهير"
تحرك للداخل وهو يقول "ظننت أني سأنال قبلة ترحيب حارة بعد هذا اليوم الطويل"
أخذت منه الأكياس وقالت "وأنت هكذا؟ لا شكرا"
كادت تدخل ولكنه جذبها فجأة دون أي مقدمات وهي تلتفت لتجد فمه يلتهم شفتيها بقبلة شوق جعلتها تنسى كل ما حولها وذراعه تلفها بقوة وحزم حتى ارتجف جسدها فأبعدها وقال "هكذا يكون اللقاء حوريتي، حار كقبلتك"
ضحكت وفلتت منه وهي تقول "كفى"
قال قبل أن تذهب "الأكياس لكِ بيري"
ترك جاكته وقال "أين ماما؟"
قالت وهي تدخل غرفتها "بغرفتها تنتظرك"
دق الباب ودخل فابتسمت له دولت وقالت "أهلا زهير"
قبل وجنة المرأة وقال "كيف حالك ماما؟ أعتذر عن التأخير"
جلس أمامها فقالت "لا تفعل بني أعلم أن لديك عمل كثير يكفي أنك تركت بلدتك من أجلنا"
أسند ذراعه على المقعد وأسند رأسه على أصابعه وقال "أنا لا أقيم بمكان محدد ماما ولكن بوجودك هنا ربما أفعل"
ابتسمت وقالت "بوجود زوجتك"
ابتسم وقال "بالتأكيد ولكن وأنتِ معها فهي لن تقبل أي مكان بدونك، فقط وافقي وننتقل لبيتي فهو أفضل لكِ صحيا"
لم تبعد عيونها عنه وقالت "أنت تحتاج لأن تكون مع زوجتك ببيتك وحدكم حبيبي وأنا هنا ببيتي"
أبعد رأسه واعتدل وهو يقول "لا، لن تكون هناك راحة لا لي ولا لها بدونك ماما، لن نذهب طالما لن تذهبي"
ترددت الأم "ولكن زهير"
دخلت هي وقالت "ميرا تجهز العشاء"
نظر لها الاثنان فذهبت ابتسامتها من ملامحهم وقالت بقلق "ماذا بكم؟"
نهض وقال "لا شيء بيري، سأغتسل قبل العشاء"
وتحرك لغرفتها فقالت "ماما ماذا حدث؟"
قالت دولت "يرفض الرحيل لبيتكم بدوني"
ابتسمت وقالت "رائع ماما فلتوافقي إذن"
ظلت دولت تنظر لابنتها والتردد يعتلي ملامحها وقالت "أحتاج وقت بيري، اذهبي له"
تحركت لتذهب فوجدته يخرج وقد رفع أكمام قميصه وقد جفف وجهه فتوقفت وقالت "إلى أين؟"
نظر لها وقال "أخبري ميرا أننا سنتناول العشاء بغرفة والدتك لن نتركها وحدها"
وتحرك من جوارها ولكنها لمست ذراعه بيدها فتوقف ونظر ليدها ثم رفع عيونه لها فقالت "تصرفاتك هذه تعني لي الكثير زهير"
التفت لها ومرر أصابعه على وجنتها وقال بحنان "هذا من دواعي سروري حوريتي ولكني حقا أريدها معنا يكفي تلك الابتسامة التي أراها على وجهك منذ عودتها للبيت"
رفعت يدها لتحتضن يده التي على وجنتها ثم قربت راحته من فمها وقبلتها وعيونها لا تزال ملتصقة بعيونه فدق قلبه بقوة عندما لمست شفاهها راحة يده وهمست "شكرا لك"
اقترب ليحيطها بذراعه ولكن صوت ميرا أوقفه وهي تقول "العشاء مدام"
تحرك لغرفة والدتها بينما حاولت هي ألا ترتبك وهي تساعد ميرا عل نقل العشاء لغرفة والدتها
كانت الحادية عشر عندما دخلت غرفتها بينما كان هو بغرفة الجلوس يجري بعض اتصالاته، أخذت حمام سريع وارتدت القميص الأبيض الذي أحضره لها بروبه القصير وكان من ماركة شهيرة ووجدت عقدا من اللؤلؤ معه فوضعته حول عنقها ولم تبخل عليه بمساحيق التجميل ورفعت شعرها للأعلى بوردة بيضاء كبيرة بمنتصف رأسها وتعطرت وظلت تنظر لنفسها بالمرآة وهي تكاد لا تعرف نفسها
الأبيض لم ترتديه إلا يوم الزفاف، التزيين لم تفكر به يوما، وقفت وتحركت للنافذة والظلام هو المشهد الوحيد الذي تراه وهي تتذكر ليلة زفافهم بالفندق وكيف رحل بالصباح، أغمضت عيونها محاولة طرد الذكرى بذكرى الصباح وكم كان رائعا معها وها هو يمنحها ما يجعله يستمتع معها وبها
فزعت من يداه التي اخترقت خصرها وأنفاسه التي سقطت على عنقها تبعتها قبلات رقيقة وباللحظة التالية كانت تنظر له وهو يمرر يداه على وجهها ويتأمل ملامحها وقال "يا لهذا الجمال القاتل، أنا حقا سعيد الحظ لأنك زوجتي بيري، أنتِ تقتليني بفتنتك"
لم تقوى على فتح عيونها وهو يمرر شفتاه على وجنتها ويداه تبعد روبها لتلمس أكتافها العارية وجسدها الرقيق وهمس على عنقها "أخشى أن أخدش رقتك من شدة رغبتي بكِ بيري ولكني أريدك بطريقة مجنونة فهل سيغضبك الأمر؟"
أبعد وجهها ليواجه عيونها التي واجهته وقالت برقة وخجل "أخبرتك أني لك زهير فخذني كما تشاء"
ابتسم وقال "اللؤلؤ يتلألأ مع سواد شعرك وعيونك"
ثم أبعد قميصها وعيونه تلمع وقال "والآن يتلألأ مع بياض بشرتك ويتناغم من نعومتها، أنتِ فاتنة حوريتي"
رفع يدها لفمه وقبلها ثم حملها للفراش ولم يفكر إلا بها وكيف يمتعها ويستمتع معها وهو لم يعد يجد متعته سوى معها وكأنها حصدت كل المتعة التي بالعالم لها هي وحدها لتمنحها له هو فقط، وقد كان يشعر معها كما لم يشعر من قبل
دفن رأسه بعنقها وهو ينظم أنفاسه حتى هدأ ثم قبل عنقها وابتعد جاذبا إياها بين ذراعه لتريح رأسها على صدره وقال "إنه الفجر بيري، ألن تنامي؟"
رفعت رأسها له فأبعد خصلاتها عن وجهها وهي تقول "وأنت؟"
ابتسم وقال "لا أعلم ربما أنام"
ظلت أصابعه على وجنتها وقال "ربما أرحل لسيدني الاسبوع القادم"
رحلت ابتسامتها وهتفت "سيدني!؟"
ظل يداعب شعرها وكتفها العاري بأصابعه وقال "لويس انتهى من مزرعة الخيول خاصتنا بيري والافتتاح كان محدد مسبقا ولابد أن أكون هناك تعلمين أنها شراكة مميزة وهو أهم مشروعاتي على الإطلاق"
عادت برأسها على صدره دون النظر له فأعادها على الفراش وارتفع بجوارها لينظر لها وقال "حزن هذا؟"
لم تنظر له وهي تستدير على جنبها تمنحه ظهرها وهي تقول "لا"
مرر يده على جسدها وقبل كتفها وقال "كاذبة"
وجذبها له مرة أخرى وقال "تعالي معي بيري"
نظرت له وقالت "وماما؟"
ظل ينظر لها ثم اعتدل باحثا عن السجائر وأشعل واحدة وقال "لو وافق الطبيب يمكنها أن ترافقنا"
جذبت عليها الغطاء ونهضت بجواره ولمست كتفه فالتفت لها فقالت "آسفة، أنت لست ملزم بها"
جذب يدها وقبلها وقال "بل أنا كذلك طالما ليث ليس هنا بيري، هي والدتك ووالدتي"
رفعت يدها لوجنته وأبعدت خصلات شعره الناعمة وما زال يتابعها بعيونه وقالت "هذا أمر لن أنساه لك"
وتركت شعره لتنزل على أكتافه ثم صدره وعيونها تتلاعب بعيونه فقال وقد ثقلت أنفاسه "لا تفعلي ربما يشفع لي بيوم ما"
كانت تمرر يدها على عضلات صدره عندما توقفت ونظرت له بدهشة وقالت "يوم ما"
أطفأ السيجارة وقال "هل تكملي طريقك الذي بدأتيه الآن؟ تلك الأصابع لا تعي ماذا فعلت بي"
ضحكت وهي تكمل بالفعل على جسده الذي تحبه وقالت "ماذا فعلت؟"
اعتدل وما زالت يدها تتحرك بإغراء على جسده وهو تمدد على الفراش وجذب وجهها له وقال "جعلتني أستسلم لها ولصاحبتها، كلي لك بيري"
وعلمها كيف تكون هي المسيطرة عليه وهو حقا أراد ذلك، أراد أن تكون المرأة الوحيدة التي امتلكته كما امتلكها وعندما سطع ضوء النهار كان قد انتهى وأخذها بين أحضانه وسقط الاثنان بالنوم دون تفكير بالغد وما يحمله لهما..
لم يوقظهم أحد حتى وقت طويل عندما دق الباب ففتحت عيونها لترى الظهر قد أوشك على الذهاب، دقات الباب عادت مرة أخرى عندما نهضت بعيدا عن ذراعه وهو ممددا على وجهه، ارتدت روبها وتحركت للباب فرأت ميرا تقول
"آسفة مدام ولكن الطبيب بغرفة مدام دولت"
تذكرت موعد الطبيب فقالت "حسنا ميرا دقائق وأكون معه"
شعرت بالخجل للنوم حتى هذا الوقت فأسرعت تستبدل ملابسها دون أن توقظه ثم ذهبت لغرفة والدتها وقالت "مساء الخير دكتور، كيف حالك الآن ماما؟"
ابتسمت لها المرأة والطبيب قد انتهى من الفحص والممرضة تساعده وقال "مدام أسيوطي، يسعدني أن حالة والدتك جيدة جدا"
ابتسمت وقالت "الحمد لله"
دق الباب ودخلت ميرا وقالت "مدام هاتفك يرن"
قالت "أريده ميرا من فضلك"
منحها الطبيب تعليماته هي والممرضة وعادت ميرا بالهاتف ولكنها ودعت الطبيب لترى اسم ليث يضيء الهاتف فأجابت
جلست أمام دولت ومنحتها الهاتف لتتحدث مع ليث وبدا غاضبا لعدم إخباره بما حدث وبالطبع طالب بأن يأتي لاصطحابها معه طالما عادت هي لزوجها ولم تمانع دولت وعندما أغلقت الهاتف نهضت مبتعدة
قالت دولت "بيري لا تغضبي مني ولكن هذا هو الصواب"
دموع ظهرت بعيونها وقالت "كيف ماما؟"
قالت دولت بحنان "تعالي اجلسي"
لم تعترض فقالت دولت "بريهان حبيبتي زواجك كان فاشلا من أوله، صحيح لم يخبرني أحد شيء ولكني أم وأفهم أولادي وأشعر بهم جيدا ولكن الآن زوجك يحاول إصلاح الأمور بينكم، يريد أن يستمتع معك بما لم يناله ببداية زواجكم فهل تخبريني كيف سيفعل ذلك بوجودي؟ أنتِ تخجلين الآن لأنكم تأخرتم قليلا بالنوم فهل ستفعلين كلما كان هو هنا؟ كيف سيشعر هو بالراحة بوجودي؟ دعيني أذهب بيري وتعلمين كيف تجديني لو احتجتِ لي"
سقط رأسها على صدر والدتها فاحتضنتها دولت بحنان ولم تجادل مرة أخرى ولكن وقت الغداء المتأخر لاحظ هو تبدل ملامحها فلم يتحدث حتى تحرك لغرفتها وانتظرها وهي تدخل بالقهوة وهو يدخن سيجارة وقال
"ماذا بكِ؟"
لم تنظر له وقالت "لا شيء زهير"
أرادت أن تفر منه ولكنه جذبها أمامه ورفع وجهها بيده وقال "بريهان لا أحب تلك النظرات، أخبريني ماذا حدث ولا تثيري قلقي"
قالت "ليث سيأتي ليأخذ ماما، غضب لأني لم أخبره بالجراحة"
ظل ينظر لها ثم قال "ولأني هنا"
أبعدت وجهها وقالت "لا تخلط الأمور زهير، هو لم يذكر وجودك فقط غاضب لأني لم أخبره وليس من الصواب"
ابتعد وهو ينفخ الدخان وقاطعها "أن أتولى أنا رعاية أمه"
هتفت بضيق "زهير"
قاطعها دون الالتفات لها "له الحق بيري بالنسبة له أنا لم أكن أمين عليكِ فهل سأكون عليكِ الآن وعلى والدته؟ أنا لست غاضب"
تحركت لتقف أمامه ولكنه لم ينظر لها فقالت "هي حياتي أنا وأنا اخترتك زهير"
سقطت عيونه عليها وتنفس بقوة ليبعد غضبه وهو يقول "وأنا أتحمل المسؤولية بيري أخبرتك أني لا أفر من المواجهة"
اقتربت رافعة رأسها لتصل لوجهه وقالت "وأنا أصدقك"
أبعد وجهه فرفعت يدها لوجهه وأعادته لها وقالت "أخبرتني أن ليث لديه أعذاره فأوقف غضبك، من أجلي"
عيونها توهنه وكلماتها تمتص الغضب من جذوره، أمسك يدها وفعل كما فعلت وقبل راحة يدها وقال "عندما يقبل الرجل راحة يد امرأته فهذا يعني أنه مِلك لها فكيف أغضب من مليكتي؟"
جذبت يده لفمها وقبلت راحة يده هي الأخرى وقالت "وعندما تفعل المرأة فهذا يعني أن رجلها جعلها أسعد امرأة بالعالم كله فكيف تذهب سعادتي بلحظة"
جذبها له وضمها لصدره بقوة وهو لا يفهم ماذا تفعل به تلك المرأة؟ هي تسيطر عليه وعلى عقله بل كل كيانه، كلماتها، نظراتها حتى لمسة يدها الرقيقة تأسره
قبل عنقها وهمس "أريدك بيري، أريدك بشدة"
همست "كلي لك زهير"
ونسى كلاهم ما كان ولم يدعا الحزن يسرق منهم سعادتهم وكلا منهم يستمتع بالآخر بالعطلة التي كانت بين غرفتها وبين غرفة دولت وبيوم الاثنين أخبرها بموعد عمل له ولكنها كانت تعلم أنه لا يريد مواجهة جديدة مع ليث الذي لم يبقى وقد نقل دولت لطائرته الخاصة ولكن قبل أن يرحل من البيت تحدث معها
"هل تدركين ما تفعلين؟"
واجهته وقالت "نعم ليث"
اقترب منها ونظر مباشرة بعيونها وقال "زهير لا يعرف الحب بريهان، ليس رجل رومانسي بل هو"
وتوقف ولم يكمل فقالت بتفهم "لم يعد كذلك ليث، لقد وعدني ألا يكون لامرأة أخرى مكان سواي بحياته"
صمت قليلا ثم قال "لن تتحملي صدمة جديد بيري"
قالت بثقة ليست متأكدة منها "لن يكون هناك صدمة أخرى ليث"
هز رأسه وضمها له بحنان ثم رحل مع والدتهم دون كلمات أخرى وشعرت بقلبها يؤلمها وهي ترى السيارة ترحل بها وخشيت أن تعود للوحدة من جديد..
بالمساء كان يحملها من السيارة ليدخل بها من باب فيلته الكبيرة فقالت "كفى زهير، أنزلني"
ابتسم وتحرك وكأنه لا يحمل شيء وهو يصعد بها للأعلى دون اهتمام بالخدم التي اصطفت لهم وقال "سأفعل ولكن بغرفتنا"
أغلق الباب بقدمه وتحرك بها للفراش ووضعها ولكنها لم تفلته وهي تقول "رائحة الورود تملأ كل مكان"
كانت تجذب ربطة عنقه فيقترب وجهه منها وهي تفكها فمرر يده على وجنتها وعنقها وفتح بلوزتها التي فك أزارها وهي تبعد ربطة العنق بعيدا لتفك أزرار قميصه فقال بأنفاس متقطعة
"هي من أجلك حوريتي وكي تمنحنا مناخا رائعا بالفراش، أعشق لمساتك حوريتي تثير كل رغباتي"
كانت قد أبعدت جاكته وفكت جزء من أزرار قميصه فأكمل هو وعاد لها وهي تقول "وحوريتك ملك لك"
لم يدري كيف أمضى الاسبوع كله معها بغرفتهم التي هي جناح بالنسبة لها، لم تكن ساعاتهم إلا لمتعتهم سويا، وكانت كل أوقاتهم سعيدة حقا
خرجت من الحمام وما زال نائما فابتسمت وهي تتحرك للفراش وجلست بجواره وداعبت ظهره العاري فتحرك قليلا ثم عاد مرة أخرى للنوم فانحنت ومررت نفس رقيق على أذنه فارتجف وفتح عيونه فضحكت لتنهض ولكنه جذبها من يدها وسقطت على الفراش وانتشر شعرها الأسود حولها وغطى جزء من جسده فاعتدل وقال
"إلى أين؟"
قالت وهي تداعب صدره "الطعام، أنا جائعة زهير، لم نتناول الطعام منذ غداء الأمس"
أمسك يدها العابثة وقبل أصابعها واحدا تلو الآخر ثم قال "هل هذا يعني تذمر؟"
ضحكت ودفعته بيداها بصدره وفرت من تحته وهي تقول "نعم، ألا تكتفي مني؟"
ارتدى سرواله ورفع شعره بيده وتحرك تجاهها وقال "أبدا، أنا أيضا جائع، سنرحل بالصباح بيري دعي سولانا تعد الحقائب"
هزت رأسها وقالت "حاضر، إلى متى سنبقى هناك؟"
قال "كما تشائين، لقد رتبت الأمور مع جيك جيدا"
نظرت له وقالت "حقا؟ متى فعلت؟"
ابتسم وقال "وأنتِ نائمة كالملاك، ماذا ستفعلين بالشركة؟"
قالت "ليث سيتولى الأمر حتى أعود"
هز رأسه ثم أنهى طعامه ونهض للسجائر أشعل واحدة والتفت لها وقال "بيري هناك شيء أردت إخبارك به"
رفعت وجهها له وهي تتناول الطعام وقالت "ماذا؟"
لم ترى التردد بعيونه وهو ينفخ الدخان بقوة وقال "الأمر خاص بذكرى قديمة ولكنها هامة"
كادت تتوقف عن الطعام عندما رن هاتفها فنهضت وقالت "إنها ماما"
ولم تنظر لعيونه التي امتلأت بنظرات غامضة ولكن هاتفه جعله هو الآخر يبتعد عما أراد قوله ولم يفعل..
طائرته الخاصة رحبت بهما وما أن أقلعت الطائرة حتى فك حزامها وحزامه وجذبها لغرفتهم ولم يتركها حتى ناما وعندما أيقظها كانا قد قاربا على الوصول فرأته يجلس على طرف الفراش يتأملها فقالت
"ماذا بك؟"
ظل يتجول على وجهها حتى قال "أخبرتك أن هناك شيء أريد إخبارك به"
أبعدت شعرها عن وجهها وقالت "نعم بالأمس، ما هو؟"
دقات على الباب جعلته ينفخ بقوة وقال بصوت مرتفع "لحظة"
وعاد لها وقال "ارتدي ملابسك بيري لقد قاربنا على الوصول"
ونهض خارجا وقد شعرت بتبدل ملامحه على غير العادة وتملكها الخوف، هل مل منها؟ هل انتهت رغبته بها ولم يعد يريدها؟ لماذا أتى بها معه إذن؟ هل رحلت سعادتها الجديدة لترتد للألم والحزن؟ نهضت لترتدي ملابسها والخوف يكاد ينسفها من الداخل، هل سيعيد ما كان هنا مرة أخرى؟ لا، لن يفعل، لن تتحمل صدمة أخرى
خرجت لتراه يحدق بجهازه انتبه لها وما أن جلست حتى ربط حزامها وقال باهتمام "هل أنتِ بخير؟"
ابتسمت واهتمامه أعاد لها الراحة وهي تقول "الآن أنا بخير"
جذب يدها ليده فشبكتها بأصابعه ومالت برأسها على كتفه فقبل جبينها ولم يتحدث وعيونه على خاتم الزفاف الذي لم يفارق يدها ولا يده وملامحه تتبدل دون أن تدري هي بما يجرى داخل صدره وعقله و.. قلبه
كان الفندق الذي توقفت أمامه الليموزين مختلف عن السابق فحمدت الله، شحوب وجهها جعله يفهم وقال "هل تنسي كل ما حدث ونعتبر أن هذه هي المرة الأولى لنا هنا؟"
التفتت له وهو يضغط على أصابعها بقوة فقالت "لم أقصد زهير ولكن"
رفع يده الأخرى لوجهها ومررها على وجنتها وقاطعها "أعلم فقط دعيني أمنحك ذكريات جديدة تمحي تلك التي لا نريد أن نذكرها"
هزت رأسها فجذب وجهها له وقبلها برقة ثم توقف عندما فتح السائق باب السيارة فنزل وساعدها على النزول
الجناح كان أكثر جمالا من السابق وما أن منح الحاجب بعض المال وخرج حتى أغلق هو الباب وتحرك لها وقال "هل يمكنني أن أذهب لإنهاء بعض الأمور الآن حتى ترتاحي؟"
كان قد أحاطها بذراعيه فداعبت ربطة عنقه وقالت "أريد رشوة كي أتركك تذهب"
ضحك بقوة وقال "رشوة؟ لا أصدق"
تصنعت الجدية وقالت "بل صدق، ما الثمن كي أظل هنا وحدي بدونك ودون أن أتذمر؟"
قبلها قبلة طويلة استجابت لها حتى ارتجفت فأبعد شفتيه وقال "يا الله! إنه أنا من سيقدم لهم رشوة ليتركوني هنا دون عمل"
ضحكت فنفخ وقال "أخبرتك ألا تضحكي هكذا إذا لم نكن بالفراش"
قالت بدلال "لماذا؟"
قبل وجنتها برقة وقال "لأني بعدها أريد أن آخذك للفراش، لا أستطيع إيجاد القوة معك بيري"
ابتعدت وأحاطت وجهه بيداها وقالت بحنان "ولا أنا زهير ولكن الآن عليك أن تذهب، لا أريدك أن تتراجع قدما واحدا في طريق نجاحك، أريدك دائما بالمقدمة، أنا فخورة بأني زوجة رجل ناجح مثلك وسأظل كذلك ولن أتنازل عن مكانتك هذه"
أي دقات مجنونة هذه التي تندفع داخل صدره، أي أنفاس هذه التي تتسارع خلف ضلوعه، ماذا يسمى كل ما تفعله به تلك المرأة، للحظة ظل يتجول بعيونه على وجهها ثم قال "أنا آسف بيري"
تبدلت ملامحها للجدية وقالت بدهشة "على ماذا؟"
أبعد شعرها للخلف ويده تحيط وجهها وقال "على كل ألم سببته لكِ، على كل ثانية أمضيتها بعيدا عنكِ، لم أندم بحياتي على أي شيء فعلته ولكني نادم على"
وضعت يدها على شفتيه لتوقفه وقالت "ألم تطالبني بالنسيان زهير؟ لماذا تذكر ذلك الآن؟"
أمسك يدها وقبلها وقال "أردت أن أعتذر وأسمعك وأنتِ تسامحيني، أنا بحاجة لذلك"
قالت بحنان "سامحتك زهير، يوم عدت لك سامحتك واليوم أريد أن ننسى سويا كل ما كان وكما قلت أنت لنصنع ذكريات جديدة سويا، ذكريات سعيدة نقصها على أولادنا بيوم ما"
ابتسم ثم قَبّل جبينها وضمها له بقوة وقال "سنفعل حوريتي، أعدك أن نفعل"
ابتعدت وقالت "حسنا والآن لتذهب وأنا سأنام حتى تعود"
هز رأسه وطبع قبلة على شفتيها ثم ذهب وهي تتابعه بابتسامة رقيقة وقلبها يرقص من السعادة وجزء صغير يخاف من المجهول..
استيقظت ولم تجده أيضا ولكن ما أن خرجت من الحمام حتى دق الباب، تحركت لتفتح لترى الحاجب يمسك بعض الأكياس وقال "مستر زهير طلب توصيلهم لكِ مدام"
ابتسمت وأخذتهم وعادت للداخل وهي تفتح الأكياس لترى اللون الأرجواني والذي ذكرها بالورود وزجاجة عطر فتحتها وتنشقت رائحتها وقد كانت رائعة، ازدادت ابتسامتها وهي أصبحت تعشق هداياه بل وتنتظرها..
عندما دخل كان الوقت قد تأخر والظلام يعم الجناح فأدرك أنها غاضبة ونامت وتركته، تنفس بضيق وقد حاول إنهاء اجتماعه ولكنه فشل..
ترك جاكته وتحرك للبار وسكب كأسا لنفسه وكاد يتناوله عندما تذكر أنها لا تحب مشروباته فتعلقت يداه بالكأس بالهواء، أغمض عيونه وهو يحاول أن يفهم ماذا يحدث له! هو يبحث عن كل ما يسعدها، يتهرب من كل ما يبعده عنها، يريد أن يكون معها هي وكل ما غيرها يتلاشى من حوله بلا أهمية
فتح عيونه وترك الكأس على البار وتحرك إلى غرفتهم وما أن فتح الباب حتى تراجع بذهول مما رأى...
الشموع مضاءة هنا وهناك، مائدة العشاء تنتصف الغرفة بشكل رائع ورائحة الطعام الإيطالي الذي يفضله تتصاعد منه، موسيقى كلاسيكية تصدع من مكان ما، تسمرت قدماه أمام الباب لا يصدق هذا الجو الرائع ولكن عيونه بحثت عنها، هي، مليكته، حوريته ولكنه سمع صوت من خلفه يقول
"هل تبحث عن أحدهم؟"
التفت ليراها خلفه بالقميص الأرجواني وشعرها ينساب بكبرياء على أكتافها البيضاء ووردة أرجوانية تخترق جانب من شعرها، أقراطه الماسية تتدلى من أذنيها تلمع مع العقد حول عنقها، رائحة عطره الجديد تخترق أنفاسه التي ذهبت منه وقد أخذتها تلك الحورية ورحلت إلى دنيا أراد أن يكون هو فقط بها
اقتربت منه ووضعت يداها على صدره وعيونه لا تفارقها وقالت "هل افتقدتني؟"
اللون الأرجواني على شفتيها جعله لا يفكر وهو يقول "بجنون"
ثم لف ذراعه حولها ولم يفكر وهو يقبلها بشغف ورغبة لا حدود لها حتى تراجع قليلا وهمس "أنتِ لا مثيل لكِ"
ضحكت وهي تفك ربطة عنقه وقالت "أعجبك"
كان يلتقط أنفاسه الضائعة من قربها ولمساتها فقال "لم أتذوق بعد"
واخترقت شفتاه عنقها بشغف ولم توقفه بل أحاطته بذراعيها معلنة عن السماح له بأخذها بلا مانع وهو بالأساس لم يكن شيء ليوقفه عنها
أسقط رأسه بين خصلات شعرها ووضع قبلة على عنقها حتى هدأت أنفاسه وهمس "ماذا تفعلين بي؟"
عبثت أصابعها بمؤخرة رأسه حيث شعره المبعثر وقالت "لا شيء"
رفع رأسه دون أن يبتعد عنها والتقى برمادية عيونها وقال "لا شيء؟ أنتِ حقا متواضعة حوريتي، أنتِ تسحريني، أنا لم أفقد التركيز بعملي بأي يوم مثلما حدث لي اليوم بسببك"
لم تفلت عنقه بيداها وابتسمت وهي تقول "وما دخلي بالأمر"
قبل وجنتها برقة وقال "أنتِ الأمر كله بيري، أنا لا أفكر إلا بكِ ولا أرى سواكِ وأصبحت أهرب من أي عمل يأخذني منك، لا أريد إلا أن أكون معكِ"
أحاطت وجهه بيداها وقالت بسعادة "ولكنك ستظل بالمقدمة زهير أليس كذلك؟"
قبل شفتيها وقال "طالما أنتِ معي"
لمست خشونة وجنته من شعيرات ذقنه النابتة وقالت "لن تفكر يوما بامرأة أخرى كاملة؟"
قال دون تفكير "أنتِ أكثر امرأة كاملة عرفتها بحياتي بيري، أبعدي هذا الجنون عن عقلك"
وتمدد على ظهره وجذبها لأحضانه فأراحت رأسها على صدره وقالت "لا تنكر ساقي زهير"
يداه اخترقت شعرها وهو يقول "لا تعني لي أي شيء بيري، ليست ساقك هي ما تمنحني ذلك الشعور الرائع بالاكتفاء، أنا لم أجد الحياة إلا معك فكفي عن أفكارك هذه"
مررت أصابعها على صدره وقالت "لم تعد تطالبني بتلك الملابس؟"
وضع ذقنه على رأسها وقال "لأني رأيت السعادة والراحة بعيونك وأنتِ ترتدين ما تحبين وأنا أسعد بسعادتك بيري"
رفعت رأسها فقابل عيونها بنظراته وهي تقول "ولكني أريد إسعادك"
لامس وجنتها بأصابعه وقال "ليست الملابس ما يسعدني بيري"
ابتسمت وقالت "وقمصان النوم؟"
ضحك وقال "هذه فقط"
ضحكت هي الأخرى وقالت "العشاء؟"
أعادها للفراش وارتفع بجوارها وهو يقول "يمكننا الاستعداد له أولا"
أحاطته بذراعيها بابتسامتها الرقيقة وقالت "وكيف يكون ذلك؟"
قبل وجنتها ومرر يده على جسدها وقال "هكذا"
ولم يوقفه شيء عنها وهي جذبته أكثر لأحضانها، كانت تريد أن تجعله سعيدا، تريد أن تثبت له أن حتى إعاقتها لا توقفها عن إمتاعه، أرادت أن تكون زوجته وخليلته وعشيقته وبين نفسها أرادت أن تكون حبيبته فتجرأت معه بكل شيء ولم تكتم رغباتها بل جعلته يشعر أنها هي من تريده ولم تكن تدرك كم كان ذلك يسعده جدا ويجذبه لها أكثر ويجعل متعته بها ومعها لا مثيل لها..
ابتسامتها كانت مضيئة ولويس وكارين يستقبلونهم أمام نفس القصر بسعادة وزهير يحيطها بذراعه ولويس يقول "هذه المرة تبدوان زوجين بشهر العسل حقا، هناك إشراقة رائعة بوجوهكم"
احتضن لويس زهير وهي كارين بسعادة وقالت كارين "زدتِ جمالا بيري"
أبعدت شعرها المتطاير من الرياح الباردة وقالت "وأنتِ كارين"
رحب بها لويس بسعادة ودخل الجميع للداخل حيث غرفة المعيشة ولم يتخل عن مكانها بجواره ولويس يقول "لا أفهم سبب عدم بقائكم هنا زهير؟"
نظرت لزوجها بدون فهم وهو يجلس بجوارها بعد أن فتح جاكته وقال "بيري لم ترى بيت المزرعة الجديد لويس وكنت أعده كمفاجأة لها"
لم تبعد عيونها المذهولة عنه وهو بادلها النظرة وقال "هو هديتي لها"
يدها لمست أعلى ساقه فابتسم وقال "المنظر سيعجبك عزيزتي لذا كان لابد أن يكون لكِ"
ضحك لويس بصوت مرتفع وقال "لا تبدي الدهشة بيري أنا فعلت المثل مع كارين، تلك الأجواء خاصة بالنساء"
ضحك الجميع وتبادلوا الأحاديث ثم تناولوا الغداء وبعدها تحركوا بسيارة مرتفعة بين المزرعة وخرجوا منها وهو يحتضنها ويشير لها بالأماكن من حولهم رغم برودة الجو ولكن ذراعه وحرارة جسده كانت تمنحها الدفء والراحة والأمان..
البيت كان رائع بالفعل، من دورين واسع وكبير كالعادة طرازه ريفي حديث، حديقة صغيرة مليئة بالورود تحركت بينها كالأطفال وهتفت "إنها رائعة زهير"
ابتسم وهو يتابعها تتحرك بين الورود وهي تلمس البيضاء والصفراء ودارت لتراه خلفها فجأة فضحكت ولكنها تفاجأت عندما رأته يمسك وردة حمراء رائعة فجمدت عيونها عليها فالأحمر لون الحب وهو لا يعرف الحب ولكنه لم يمنحها فرصة للتفكير وهو يضعها بين خصلات شعرها ويقول
"لون الدم، دمي الذي أصبحتِ تشاركينه شراييني بيري"
لأول مرة الأحمر يعني لها ذلك، هو الدم حقا ولكن لا علاقة له بالقرب أو، لا تعلم فقط استعادها بلمسة يده لوجهها وهو يقول "لا حياة بدونك زوجتي الجميلة"
وجذب وجهها له وانحنى ليقبلها بشوق وكأنه لم يفعل منذ الأزل حتى أبعدها وقال "وكأني لم أقبلك من قبل، بكل قبلة تمنحيني مذاق جديد أجمل مما سبقه"
لمست صدره وقالت بحب تمنت لو يدركه "ولدي الكثير سواهم فقط لك زهير"
ابتسم وكاد يكمل ولكنها تراجعت وقالت برقة "أليس هناك غرفة لنا هنا؟ هل الحديقة هي بيتنا أيها البخيل؟"
وضحكت وهي تفلت منه وتهرع من أمامه للباب فضحك وأسرع خلفها حتى رأت أحدهم يفتح لها الباب الخشبي وامرأة طويلة متوسطة العمر تقف بانتظارها فتوقفت أمامها وشعرت بيده حول خصرها وسمعته يقول
"هيلين، هي من تتولى البيت بغيابنا عزيزتي، هيلين هذه زوجتي، بريهان"
ابتسمت للمرأة التي بادلتها الابتسامة وبدت ودودة وهي تقول "مرحبا بعودتك مدام، سعيدة برؤيتك سيد زهير، الغرف جاهزة"
دفعها برقة للداخل وقال "حسنا، العشاء بغرفتنا هيلين"
ومال تجاهها وقال "تفضلين رؤية البيت؟"
عيونها تحدثت بالكثير له وهي تكمل له "أخبرتك أنك بخيل"
ضحكت وهتف عند السلم "حقا؟"
ولم يمهلها أي فرصة وهو يحملها ويقول "سنرى كم أنا بخيل أيتها الماكرة"
أحاطته بذراعيها وقالت "ومن يستسلم؟"
كان قد وصل لممر عريض تحرك به وقال "يكون عليه الدور ليبدأ"
ضحكت وهي تفتح الباب وهو يدخل بها ويغلقه خلفه بساقه وأنزلها بالفراش وظل محيطا بها، فكت ربطة عنقه كعادتها وقالت "لست بحاجة لأحكام، أنت ملك لي زهير"
خلع جاكته وقال "هذا ما لا شك به مليكتي، أنا كلي لكِ"
ولم تجعله يذكر أي امرأة لمسها من قبل فهي كانت مميزة، أرادته كما أرادها بل ومنحته إحساس رائع بالإشباع لم يعرفه من قبل وكلما انتهى تشعل به رغبة جديدة تجاهها
بالصباح أخذها بالسيارة المرتفعة بجولة بالمزرعة التي اشتراها وأصبحت ملك له وبتل مرتفع صعدا إليه سيرا على الأقدام توقفا بانبهار لرؤية ذاك المشهد الرائع للأراضي الشاسعة من حولهم ونهر رفيع يجري بلا توقف، أحاطها بذراعيه وهتف
"رائع أليس كذلك؟"
أراحت رأسها على صدره وهتفت "جدا زهير، كيف عثرت على ذلك المكان؟"
قبل عنقها وقال "لويس من رشحه لي عندما كنا هنا سويا وبالطبع مع المشروع الجديد كان لابد أن أفعل"
قالت "والبيت؟"
أعادها أمامه وقال "تعلقت به منذ رأيته ولكني لم أفكر بشرائه إلا يوم رأيتك بالمشفى يوم مرض والدتك وقتها عاد لي الأمل أنكِ ستعودين لي ورأيتك معي به فاشتريته لكِ"
ضمت وجهه بين راحتيها وقالت "هذا كثير زهير، أنت تمنحني الكثير"
قبل راحة يدها وقال "كل ذلك لا شيء بجوار وجودك معي بيري، أنا أتمنى أنا أجلب العالم كله لكِ"
ارتفعت على أطراف أصابعها وقبلته فاستجاب لها وهو يرفعها له ولو تركها الآن لأخبرته بأنها تحبه، بل تعشقه ولا تريد من كل العالم سواه فقط تتمنى قلبه، ليته يدرك أن الحب هو نبض الحياة
تناولا الغداء بين أحضان الطبيعة ولكن سرعان ما تبدل الجو للريح فعادا بسرعة للسيارة والمطر يتساقط عليهم وهما يضحكان بسعادة
العشاء كان مع لويس وكارين وانضم لهما رجل وزوجته تعرفت عليهم ولم تترك يده يدها حتى على مائدة الطعام
تجمعا بالصباح أمام بيت لويس ولكن كانت صدمة عندما رأت جورجينا تنزل من سيارة سبور بيضاء وتنظر لهم بابتسامتها المثيرة وتجمدت بريهان بمكانها وهي ترى نظرات جورجينا مصوبة تجاه زوجها واندفعت كل الذكريات لها ودق الخوف قلبها..
يتبع