رواية ردني لارضك الفصل الرابع4الاخير بقلم نورا عبد العزيز
___ بعنــــــوان (موطـــن القلــب)___
حالة من الحزن أصابت الجميع بعد قرر الأنفصال قبل حفل الزفاف بأيام، كان الجميع فى أنتظار عودتها من الخارج لكن لا جدوى من الانتظار فهى لم تعد من الخارج، وقف “عمر” من مكانه بقلق ثم قال:-
-أنا هروح أجيب حاجات
خرج من الشقة لتنظر “منى” إلى أختها وهى تبكى بحزن على تدمير زواج ابنتها ووقف “سامى” من مكانه وقال:-
-قدر الله وما شاء فعل
دلف إلى غرفته حزينًا لتجهش “منى” باكية أكثر فأربتت “منار” عليها بلطف وقالت:-
-أهدئي يا منى وربك هيعوضها باللى الأحسن منه والله
*****************
وصل “عمر” إلى المكان المفضل لهما على النيل ليراها تجلس هناك هادئة كعادتها فجلس بعيدًا عنها يراقبها عن كثب ولم يقترب أكثر فرغم مشاعر الماضي وذكريائه الأليمة التى تصارع قلبه فكان الأفضل له ولها البقاء بعيدًا فى هذه اللحظة ورن هاتفه برقم والدته ليُجيب عليها وقال:-
-أيوة
-أنت فين يا عمر؟
سألته “منى” بحزم ليُجيب قائلًا:-
-فى أيه يا أمى؟
أشتدت نبرتها صارمة وحزم وهى تقول:-
-متصطادش فى المياه العكرة يا عمر، مش وقتك ولا أذنك
نظر “عمر” إلى “فرح” وهى تجلس بعيدًا هادئة لم تذرف دمعة واحدة فى هذه اللحظة، تدمر زواجها وأحلامها التى رسمتها مع شريك حياتها وهدم مبنى الطموحات فوق رأسها لكنها ثابتة لم تنهر ولا تبكى، وقفت “فرح” من مكانها ليختبيء “عمر” خلف شجرة قبل أن تراه وذهبت سيرًا وهو يسير على الجهة الأخرى من الطريق ناظرًا إليها ومتتابعها حتى وصلوا للمنزل وصعدت إلى شقتها، رأتها “منى” تدخل من باب الشقة فنظرت إليه وأستوقفتها بحديثها قبل تدخل الغرفة:-
-فرح أستنى هنا
ألتفت “فرح” إلى والدتها بصمت لتترك “منى” العنان إلى غضبها وقالت:-
-كان لازمتها أيه اللى حصل دا وتفشكلى الجوازة كلها عشان شوية ألوان ولا شوفتي لك شوفة تانية يا هانم وقلبك حن
لم تتمالك “فرح” غضبها أكثر من هذا الحديث ثم قالت بأختناق شديد قائلًا:-
-أستحملت كدة عشان مسمعش الكلمة دى، مش دا زيدان اللى فضل يتهرب من ميعاد الفرح ومكنتوش طايقينه، أخواته اللى مشوفتش خلقتهم عشان مش طايقينى عادي دا أنهم يظهروا دلوقت ويختاروا كل حاجة فى حياتى ويتحشروا فيها، عادى أن بيتى يتعمل بألوان غير اختيارى وبكرة ألقيهم جايين يقرروا أسمى ولادى أيه والمدرسة اللى يدخلوها عربى ولا لغات ويا ترى يا ماما هيسمحولى أختر لبس ولادى ولا هيبقى مش من حقى ويا ترى أسرار بيتى هتكون جوا حيطان بيتى ولا عند الكل بسبب جوزى ابن امه اللى مبيعملش حاجة من غيرها وكلامها سيف على رقبته، عمر ايه يا ماما اللى بتعلقي المشكلة فيه .. أنتِ بس اللى مش شايفة فى كل دا غير رجوع عمر
دلفت “فرح” للغرفة غاضبة لتضرب “منى” الأرض بقدميها غاضبة، جهشت “فرح” فى البكاء مُنهارة وكأن الوقت قد حان لترك العنان للأوجاع والألم، ألقت بجسدها على الفراش تحتضن وسادتها تكبح بها أنين البكاء والدموع تبللها وجسدها يرتجف بضعف فهى كأى عروسة تدمر زواجها وأنكسرت أحلامها وطموحها، كم حلم رسمته مع هذا الرجل وبيتها الجميل الذي كانت تخطط لكل ركن به، هدم كل شيء فوق رأسها وسقطت الدرج كاملًا حتى وقفت أمام نقطة الصفر، تبكى وجعًا والجميع يهتم بظهور حبيبها السابق ولم يهتم أحد لوجعها هى وما تشعر به.. يلوموها على ماضي لم تكن سبب به وعلى مستقبل أخترت نفسها به على أن تصبح سجينة وتفشل التجربة بعد انجاب الأولاد...
سجنت “فرح” نفسها بالغرفة أسبوع كاملًا دون طعام ودون الذهاب للعمل، تجلس بفراشها وعقلها فراغ وقلبها مُنهك فتحت “منى” باب الغرفة لترى “فرح” كما هى كل يوم فقالت بنبرة هادئة:-
-أنا خارجة
خرجت من الغرفة لتنتظر “فرح” كما هى حتى سمعت صوت أغلاق باب الشقة فترجلت من فراشها بتعب وذهبت للمرحاض ثم المطبخ تعد كوب من القهوة بعد أنقطاعها عن الطعام أسبوعًا كاملًا وجلست فى الشرفة تستمتع بقهوتها بعد ان فكرت بالكثير والكثير طول الأيام الماضية وتتجاهل أى اتصال من “زيدان” رن باب الشقة وسمعت صوت “إيلا” تتحدث من الغرفة قائلة:-
-طنط فرهة
تبسمت على اسمها من “إيلا” هذه الطفلة الفرنسية صاحبة اللغة المكسورة، وقف “عمر” خلف الباب مع طفلته ثم قال بهمس:-
-زى ما أتقفنا يا لولى
أومأت الطفلة له ليختبيء قبل أن تفتح “فرح” وعندما فتحت رحبت بهذه الطفلة ودخلت معها ثم قالت:-
-أنا جبت لك شوكيلت
نظرت “فرح” إلى يدها الممدودة بالشيكولاته ثم تبسمت ودخلت للمطبخ لتحضر عصير إلى “إيلا” فشعرت بقليل من الدوار الذي أصابها من الأضراب عن الطعام لكنها تجاهلت هذا الدوار وخرجت لتعطي “إيلا” العصير وجلس يتحدثا معًا ويلعبان مما أرهقها أكثر لكنها تتجاهل كل هذه ووقفت وهى تقول:-
-أنا بقى عندى لعبة مكعبات جميلة هوريهالك
سارت خطوتين ثم توقفت بعد أن تعثرت قدميها من الأهتزاز وبدون سابق أنذار سقطت فاقدة للوعى لتفزع “إيلا” وتركض لها وهى لم تفهم ما يحدث لكنها حاولت جاهدة فى يقظتها قائلة:-
-قومى يا طنط
لم تجيب لتتصل “إيلا” بوالدها وهى تبكى، فزع “عمر” عندما سمع صوت بكاء طفلته فخرج من الشقة بهلع شديد ليقول:-
-أهدئي يا إيلا، أهدئي يا حبيبة بابا وحاولى تفتحى الباب
حاولت “إيلا” فتح الباب لكنها قصيرة جدًا فحدثت والدها من خلف الباب قائلة:-
-I don’t know
لم يجد “عمر” مفر سوى كسر هذا الباب اللعين، دفعه مرات متتالية ليكسر فى نهاية المطاف ودلف ليراها على الأرض فاقدة للوعى فأسرع إليها بذعر ثم حملها على ذراعيه وأخذها إلى المستشفى، كان “عمر” واقفًا أمام الفراش في قسم الطوارئ ويري الطبيبة تفحصها وتقيس الضغط لها، نبضات قلبه تتسارع أسرع من المريضة نفسها وشاردً كأن صاعقة من الماضي ضربت قلبه حينما حملها وضمها إلى إليه، ذكريات الماضي نشلته من الحاضر لترجعه إليها إلى اليوم الذي ترك يدها به ولحظة ندمه الأكبر فلم يصيبه ندم من قبل بقدر ندمه على التخلي عنها، حبيبة قلبه وطفلة عمره.. أبنته التي أنجبها من رحم العمر وسنوات حياته، أنتهت الطبيبة من الفحص ووضعت المحلول الملحى لها في الكانولا ثم ذهبت من امامه بعد أن طمئنته عنها، ذهب نحوها ثم أغلقت الممرضة الستارة حول فراشها، كان يحدق بملامحها ثم أخذ يدها في يده بحزن وإستياء شديد من نفسه ويشعر أنه سبب كل هذا فقال بندم:-
-لو الزمان يرجع يا فرح
أخذ مناديل من فوق الكمودينو وجفف حبيبات العرق من على جبينها وأعاد هندمت حجابها وأدخل خصلتها المتسللة من الحجاب لتفتح “فرح” عينيها ورأت يدها على جبينها فأشاح يده سريعًا بأرتباك شديد لتعتدل في جلستها ثم قالت:-
-أنا ...
تحدث سريعًا يقطع حديثها قائلًا:-
-أنتِ وقعتى من إيلا والدكتورة قالت أن عندك هبوط
نزعت الكانولا عن يدها بأنفعال ثم غادرت ليركض خلفها سريعًا وأستوقفها في الطريق قبل أن تعبره ومسك معصمها في يدها قائلًا:-
-أنتِ رايحة فين؟
-مالكش دعوة بيا
صاح “عمر” وهو يحكم يده على يدها بشدة قائلًا:-
-أنتِ بتعملى كدة ليه، عايزة تعاقبنى على أيه يا فرح.. عشان سيبتك زمان ولا عشان رجعت
دفعته بقوة في صدره وهى تصرخ في وجهه:-
-أعاقبك!! أنا بعاقب نفسي وفى كل دا محدش اتعاقب ولا أتاذي غيرى سواء منك أو من زيدان، واحد كسر لي قلبي ومشي والتاني عاوزاني أكون دمية تتطيع أوامر امه وأخواته وهو كيس جوافة وأقل من كدة كمان، متجيش دلوقت وتحسسنى أن أنا اللى غدرت بك وسيبتك ومشيت، بقيت دكتور يا عمر ومكانتك العلمية والاجتماعية بقيت كويسة ومرموقة جاي ورايا ليا من تانى، سيبنى لأوجاعى وتعبى لوحدى وخليك أنت مع علمك ومكانتك،سيبتى فى لعنة حُبك بحاربها لوحدي عشان اقدر أعيش، ولا أنا محكوم عليا بالموت حتى وأنا عايشة عشان حبيتك
ألتفت “فرح” لكى تغادر من أمامه فأستوقفها مرة أخرى وهو يقول:-
-أستنى يا فرح، أنا مغدرتش بيكى بتعاقبنى عشان أخترت أشوف مستقبلى اللى تعبت وشيقت عشانه، أنا معاكي أنا غلطت وندمان ندم عمرى بس ما أنا بنى أدم وكلنا بنغلط معقول مستاهلش منك أنك تسامحينى على غلطة واحدة ارتكبتها في 8 سنين حُب
نفضت ذراعها على يده وقالت بأنفعال:-
-أنا مبسامحش يا عمر
ذهبت من أمامه غاضبة ليتابعها بخطواته حتى وصلت للمنزل ووجدت الجميع في حالة من الذعر عليها بعد أن علمه بما حدث من “إيلا” هرعت والدتها إليها وقالت:-
-أنتِ كويسة يا حبيبتى؟
أومأت لها بنعم ثم دلفت للداخل فرأت “زيدان” يجلس في الصالون مع والدها فتنهدت بهدوء ثم سارت للداخل ليقف بذعر:-
-فرح!!
حدق والدها بها ليطمئن عليها بعد ما سمعه ثم غادر الغرفة ليترك لهما مجال الحديث فقالت بحدة:-
-أيه اللى جابك يا زيدان
أقترب “زيدان” خطوة منها ثم أخذ يدها في يده لتسحب “فرح” يدها بقوة دون ان تنظر إليها ليقول بحرج:-
-أنا أسف والله وحقك عليا
رفعت نظرها إليه ليتابع الحديث قائلًا:-
-والله انا عملت كدة بحسن نية عشان افاجئك بس ولا كان في نيتى أن أمشي كلام أمي ولا أخواتي، ربنا يعلم يا فرح أنا بحبك قد أيه ومكانتك في قلبى ويعز على زعلك وخصامك
قطعته “فرح” بالحديث بجدية تقول:-
-وفر على نفسك وعليا الكلام يا زيدان لأن أي كلام مش هيغير موقفى والكلام اللى جوايا وحش ويأذي ولو أنا اتكلمت هوجعك بكلامى وبس
أقترب “زيدان” منها أكثر ثم قال بنبرة دافئة:-
- وغلاوة كل حاجة حلوة بينا يا فرح فكرى من تانى وهتهدميش فرحتنا وذكرياتنا الحلوة
نظرت له بصمت فأقترب منها أكثر ليضع قبلة على جبينها لكنه صُدم بتلقي لكمة قوية على وجهه فنظرت “فرح” في صدمة من فعلته وهذه اللكمة التي تلقاها من “عمر” وصرخ “عمر” به بغيرة تحرق قلبه قائلًا:-
-فرح لا!!
مما زاد غضب “فرح” منه فدفعته بعيدًا ووقفت بالمنتصف بينه وبين “زيدان” ثم قالت :-
-أنت أتجننت يا عمر وبعدين أنت مالك وبصفتك أيه بتتدخل وتتحشر في اللى يحصل معي
-فرح دا..
قالها “عمر” بصدمة قاتلة من دافعها عن هذا الرجل الذي تقرب منها وهو غريبًا عنها ولم يكن حلالها فقطعته بصياح شديد:-
-دا خطيبى وكتب كتابنا الأسبوع الجاي وإياك يا عمر تتدخل في حاجة متخصكش تانى
أتسعت أعين الجميع الذين دلفوا للغرفة بعد صراخهما وهكذا “زيدان” فهى قبلت بمسامحته والزواج منه لكن والدتها كانت ترى بأعين ابنتها دموع الحزن والقهرة ونظرة أنتقام وكأنها تنتقم من “عمر” بهذا الزواج فدمعت عيني “منى” بحسرة على ابنتها التي ما زالت تكن المشاعر لهذا الحبيب والآن تقبل بمعاشرة غيره انتقامًا منه على هروبه بعيدًا عنها...
مر الأسبوع بسرعة البرق وكأن الألم يصبو للقلوب أسرع من السعادة، لم تراه بهذا الأسبوع وبدل “زيدان” ألوان الشقة وجلب لها الفستان الذي أخترته وفعل كل شيء من أجل أرضائها، كانت تقف “فرح” بغرفتها تستعد لعقد القران وأرتدت فستان أبيض اللون سواريه ولفت حجاب أبيض وكانت “هديل” صديقتها تقف معها وتساعدها، حدقت “فرح” بعينيها في المرآة وكل هذا تشعر بالحزن يجتاحها في يوم يجب ان يكن أسعد أيام حياتها كانت مهمومة وحزينة كأنها مكسورة ومرغوبة على الزواج فهتفت “هديل” بنبرة هادئة:-
-أسمعى يا فرح محدش هيقولك الكلمتين دول غير واحدة مجنونة زي، لسه الفرصة موجودة ولو مبتحبيش زيدان ومسامحتيش وقلبك مش فرحان أمشي يا فرح ومتكمليش الطريق وأنقذي نفسك وبس
-خلاص يا هديل الموضوع أنتهى والمأذون على وصول
قالتها “فرح” وهى تلتف عن المرآة فهى أكتفت من النظر عن المرآةعلى صورتها المُنعكسة بهذه الهيئة الجميلة، مُدركة تمامًا أنها عاشقة للماضي وممسوسة بذكرياته،مرت سنوات وما زالت روحها وقلبها عالقين هناك حيث الماضي والحبيب لتدمع عينيها بإنكسار، دلفت والدتها إلى الغرفة وقالت “منى”:-
-حماتك جت يا فرح تعالى عشان تسلمي عليها
أومأت لها بنعم وكادت أن تخرج ليرن هاتفها برقم مجهول فأجابت عليه وصُدمت عندما أتاها صوت بكاء “إيلا” بطريقة هيسترية وتقول:-
-بابى...
أنتفضت قلبها ذعرًا لتركض للخارج مُتجاهلة وجود الجميع إلى شقة “عمر” بالأسفل وعندما دخلت رأته على الأرض و”إيلا” تحتضن يده بقوة وتبكي، مسحت “فرح” على يدها ثم دلفت إلى الغرفة وهى تعرف جيدًا أين مكان حقن الأنسولين الخاص به وأحضرت حقنة وعادت بعيني دامعة إليه وأعطته الحقنة فهى أتقنتها بعد أن ظلت معه لسنوات وهو ولد بمرض السكر، أحتضنت رأسه بضعف وهى تبكى بهلع شديد وتقول:-
-عمر... عمر قوم والله أنا مش زعلانة منك ومسامحك بس قوم
أتاها صوته المبحوح وهو يقول:-
-بجد!!
أومأت إليه بنعم وهى تمسح بيديها على لحيته وتبتسم وسط بكائها فرفع يده إلى وجهها ليجفف دموعها بأنامله ثم قال:-
-عمرى قولتلك أنك أجمل عروس شافتها عينى
ضربته على صدره بقوة ليضحك عليها، قطعهما صوت “سامي” الذي يقف على باب الشقة وخلفه “زيدان” الذي يحدق بها بهدوء بعد أن رأى لهفتها وذعرها على هذا الرجل:-
-فرح
نظرت لهما بصمت ثم وقفت وكاد “عمر” أن يقف لتسانده فقالت بخوف من والدها رغم جرائتها:-
-أنا مش هتجوز زيدان، أنا أسفة يا زيدان
نظرت إلى “عمر” ويده تتشبث بيدها ثم قالت مُتابعة:-
-أنا مقدرش أظلمك معايا ومقدرش أتجوزك وأنا قلبى وعقلى مع واحد تانى
تبسم “زيدان” بسخرية وقال:-
-أنتِ أخترتى عمر من يوم ما الورد وقع منك يا فرح ومن لحظة ما سحبتى أيدك من أيدي، من يوم ظهوره وأنتِ أتشلقبتى وقررت تمشي بس مكنتيش عارفة تجيبيها أزاى بس عمرى ما تخيلت أنك هتجيبيها يوم كتب كتابنا، ربنا يسعدك يا فرح ويحافظ عليكى مع انى مش عارف هو هسيبك من جديد عشان أيه؟؟
غادر “زيدان” مكسور القلب والعقل بعد أن جعلت أجمل يوم في حياته أتعس يوم له، نظرت إلى “سامي” وهو يقف صامتًا ثم تبسم وقال:-
-أنا كنت واثق أن بنتى مش هتعمل حاجة هي مجبورة عليها
-الجواز مش لعبة يا بابا، الجواز هو اكبر خطوة بتغير حياتنا وأخطر قرار بنأخدوه لأن أي قرار واختيار تانى ممكن يتعوض، الشغل لو معجبناش ممكن نغيره ونمشي لكن الجواز أنا بعيش حياة كاملة وعمر تاني مع رجل وبكون أم لأوده لازم أختار صح ومظلمش حد عشان مطلعش من التجربة دى خسرانة نفسي وفى رقبتى أولاد هشيل ذنبهم عمرى كله لأنى مخترتش ليهم أب كويس وأنا مش ناوية أكون أسرة غير أسرة مليانة حُب ودف وحنان
تبسم “سامي” لها ثم قال بجدية وهو يحدق بـ “عمر” :-
-طب أيه مش هنطلع للمأذون اللى فوق دا
تبسم “عمر” وهو يمسك يدها بأحكام حتى لا تهرب منه وقال:-
-أكيد طبعًا
صعد معها للأعلى بملابس بيته عبارة عن بنطلون قطنية أصفر اللون وتي شيرت برتقالي وبهيئة فوضوية وعقد قرآنه عليها لتعود هذه اللاجئة إلى موطنها فقد أنهكتها الغُربة بعيدًا عنه وكم أشتقت إلى وطنها، أقترب ليضع قبلة على جبينها وقال:-
- وأخيرًا يا فرحة قلبي بحبك
تبسمت بعفوية وهى تعانقه بإرتياح شديد وتغلق يديها عليه بأحكام وتنفست الصعداء بعد أن ردها هذا الرجل لأرضه وهمست فى خفوت:-
-وأنا بحبك يا عمرى كله اللى راح واللى جاي .....
تمت بحمد الله