رواية الماضي الملوث الفصل الخامس والعشرون25 والسادس والعشرون26 الاخير بقلم داليا السيد


 رواية الماضي الملوث الفصل الخامس والعشرون25 والسادس والعشرون26 الاخير بقلم داليا السيد


الغابة
لم يستيقظ مبكرا كعادته فنهضت و أخذت حمام ونزلت لتطلب له الإفطار، قبلت والدتها وقالت "صباح الخير ماما، كيف حالك اليوم؟"
ابتسمت لها دولت وقالت "الحمد لله حبيبتي، زوجك لم يرحل؟"
قالت "لا تقريبا لن يذهب للمكتب اليوم، سأجلب له الإفطار بالغرفة لقد نام متأخرا"
ربتت دولت على يدها وقالت "حسنا حبيبتي اصعدي له، هو بحاجة لوجودك معه دائما كي تمنحيه الحب والحنان اللذين لم ينالهم بحياته"
قبلت وجنة أمها وأحاطتها بذراعيها وقالت "هل تحبيه ماما؟"
أجابت دولت بصدق "بالتأكيد بيري، زهير رجل جيد ويريد أن يكون أفضل ويحبك ويعاملني كأمه فلم لا أحبه؟ هو يستحق الحب ولو لم يكن ما بقيت ببيته لحظة واحدة، أنا حقا أعتبره ابني"
سمعته يقول "وهذا شرف لي ماما، سأعتز بأنك أمي وأفخر بذلك أمام العالم"
اعتدلت وهي تراه يتقدم منهم ثم انحنى وقبل وجه المرأة التي أحاطت وجهه بيداها وقالت "لم أتمنى لابنتي رجلا أفضل منك زهير، لو مت اليوم لن أشعر بالقلق عليها"
قبل راحة المرأة وقال "أطال الله عمرك ماما نحن لا شيء بدونك"
ابتسمت له فاعتدل ونظر لزوجته وقال "هل تناولتم أي طعام؟ أنا جائع"
ابتسمت وقالت "سولانا تعد المائدة، لن تذهب للشركة"
تحرك للمقعد بروب البيت وجلس وتبعته لتجلس على ذراع مقعده وقال "لا، جاكوب سيهاتفني لو استدعاني الأمر"
سبح بحمام السباحة وهي تجلس وتتابعه وهو يضرب المياه بذراعيه بقوة ورشاقة حتى انتهى وخرج لها بجسده الشاهق فابتسمت وهي تمد له المنشفة فقال "كم الساعة؟" 
نظرت لهاتفه وقالت "الحادية عشر والنصف لملذا؟"
قال وهو يجلس بجوارها "ألا تفكرين بالصلاة بيري؟"
احمر وجهها من المفاجأة وقد فكرت كثيرا بالفعل في الصلاة خاصة بعد حادثها، ابتسم وقال "لم أقصد شيء، أنا آخر من يمكنه لومك أو عتابك فقط فكرت أننا لابد أن نبد أ سويا"
ظلت تنظر له بدهشة فأشعل سيجاره وقال دون النظر لها "نعم أنا من أطلب ذلك، ألم أخبرك أني أريد ذلك الطريق، أظن أن الصلاة أول خطوة له"
التفت لها وهي لا تكاد تصدق كلماته، تراجع بمقعده وقال "توقفي عن الدهشة، هل ستفعلين؟"
استعادت نفسها وقالت "بالتأكيد سأفعل خاصة لو ستكون معي"
تراجع بالمقعد وقال "طبعا سأكون، لقد بدأت بالفعل، ربما نذهب للحج بعد ولادتك، يقال أن الحج يغسل كل الذنوب"
ظلت تتأمله وفمها مفتوح من الدهشة فضحك وقال "هيا لأستحم ونستعد لصلاة الظهر"
لم تتوقف طوال اليوم عن الدهشة وهو يلتزم بمواعيد الصلاة وبالليل نامت فتركها ونزل لمكتبه وعاد للمصحف من جديد بلهفة وكأنه على موعد مع الحبيب وقد كان..
عندما شعرت بحركة حولها فتحت عيونها وهي تبعد شعرها لتراه يغلق حقيبة صغيرة فاعتدلت وقالت "زهير ماذا تفعل؟"
رفع وجهه له ثم أبعد الحقيبة وتحرك تجاهها حتى جلس أمامها على طرف الفراش وقال "جاكوب هاتفني، لابد أن أرحل لواشنطن حبيبتي"
انقبض قلبها وقالت "هكذا فجأة؟"
أبعد شعرها المتساقط وقال "أنا سبق وأخبرتك بيري فقط لم أتخذ قراري إلا عندما تعقدت الأمور ولزم ذهابي"
هزت رأسها وقالت "حسنا حبيبي فقط حافظ على نفسك من أجلي"
رفع يده لوجنتها وظل يتأملها لحظة وقال "بيري أنا أحبك ولا أريد سوى أن أكون معك لما تبقى من عمري"
زاد انقباض قلبها وهي تقول "زهير"
جذب وجهها له وقبلها ليمنعها من أن تسأله حتى أطلق شفاها و أسند رأسه على جبينها دون أن يترك وجنتها وقال "لا تخرجي لأي سبب بيري، أي سبب هل تسمعيني؟"
تحول الانقباض لخوف وهي تنظر بعيونه وقالت "أنت تخيفني زهير"
قبلها مرة أخرى وقال "أنا فقط أُحذرك حبيبتي، من السهل حراستك هنا لكن بالخارج الفرص كثيرة بيري"
هزت رأسها بالموافقة فقبلها مرة أخرى حتى رن هاتفه فأبعدها وقال "لابد أن أذهب حبيبتي، قبلاتي لماما واطلبي منها أن تدعو لي"
هزت رأسها مرة أخرى وهي تتابعه يوقف هاتفه ويجذب حقيبة سفره ويتحرك للباب فنادته وهي تقفز من الفراش فالتفت ليراها تندفع له فترك حقيبته وتلقاها بين ذراعيه وأغلقهم عليها بقوة وأغمض عيونه وهو يدفن رأسه بين شعرها مستنشقا عبيرها تاركا ذراعيها تحيطه بحب وقوة حتى قال 
"بيري سأتأخر على الطائرة"
ابتعدت عنه وقالت من بين الدموع "لا تتأخر حبيبي أنا أكره فراقك"
رفع يده لوجنتها ومسح دموعها وقال "لن أفعل حبيبتي، لم أعد أتحمل العالم بغيابك"
عاد وقبلها برقة ثم أفلتها وجذب حقيبته وتحرك دون الالتفات لها لأنه لو فعل فلن يذهب ولن يتركها، أسرعت للنافذة وانتظرت حتى رأت جيسون يأخذ حقيبته والبالطو الخاص به وتحرك هو للسيارة والسائق يقف والباب مفتوح وقبل أن يركب رفع وجهه لها ليلتقي بوجهها الملطخ بالدموع ثم اندفع داخل السيارة وهو يتنفس بانتظام موقفا قلبه وهو يبحث عن السجائر وعلبتها تخرج بين أصابعه فظل ينظر لها ليوقف نفسه عن الضعف الذي يتملكه بغيابها والأفكار التي تضربه 
ظل يحدق بعلبتها الفضية بيده عندما سمع جيسون يقول "البديلة تقف بجوار البوابة"
أخرج سيجارة وأشعلها ونفخ دخانها وأعاد العلبة والولاعة بجوار قلبه وقال "المدام قد تراها من النافذة جيسون"
لم يتحرك السائق وجيسون يدير عدة أرقام وقال "إذن لنشغل المدام سيد زهير"
هز رأسه وهو لا يحاول النظر للنافذة بينما أشار جيسون للسائق ليتحرك بذات الوقت الذي تحركت فيه بريهان لهاتفها الذي كان يرن فأجابت ولكن لم يأتيها رد فظلت تحاول انتظار أي إجابة بلا فائدة فأغلقت وعادت للنافذة ولكن السيارة كانت قد رحلت والبوابة تغلق ولكنها لمحت رأس أخرى بجوار رأس زوجها وشعر يشبه شعرها و..
عادت للهاتف واتصلت به فأجاب على الفور وقال "بيري هل أنتِ بخير؟"
ظلت تستجمع نفسها حتى قالت "نعم زهير، هل سترحل وحدك؟"
رفع يده لجبينه وحكه لحظة قبل أن يقول "جيسون معي حبيبتي لماذا؟"
ابتعدت عن النافذة وهي تحاول أن تعرف أي شيء من نبرة صوته، ناداها فقالت "لا شيء فقط أطمئن أنه معك"
ضاقت عيونه وهو يجذب نفس عميق من السجائر وكأن بها الهدوء الذي يحتاج له ليرد عليها ثم قال "اطمئني حبيبتي هل تذهبي لترتاحي"
أشار له جيسون بالسيارة التي لحقت بهم فانتبه وهي ترد "حاضر حبيبي هل تهاتفني عندما تصل؟"
فقد تركيزه معها للحظة ولكنه عاد وقال "سأفعل لو ملكت وقتي، هل تذهبي بيري لدي مكالمة منتظرة؟"
أغلق والتفت لجيسون وقال "هاري؟"
قال جيسون "لا سيارة رجاله التي كانت تتبعك والسيارة التي كانت تقف خارج الفيلا لمراقبتها"
هز رأسه وقال "هذا يعني أنهم تركوا الفيلا"
أجاب جيسون "لا يمكننا أن نثق بأنه لن يرسل سيارة أخرى"
أطفأ السيجارة وقال "لو أراد لما جعل السيارة الثانية تتعقبنا، بالمساء ستنفذ ما أخبرتك به المدام ووالدتها لن يبقيا هنا هل تسمعني؟"
نظر له جيسون وقال "نعم، ولكنك تلقي بنفسك بالتهلكة سيد زهير"
لم ينظر له وهو يقول "لا يهمني أي جحيم سأدخله المهم هي، ستحميها جيسون، لو أصابني أي شيء ستعود وتحميها، أنا حولت مبلغ كبير من المال لحسابك ولن أطالبك به حتى لو نجيت وهي كذلك"
نطق جيسون "ولكن سيدي أنت"
قاطعه بحزم "لا تجادلني جيسون فقط أحتاج كلمتك بأنك ستدافع عنها من بعدي"
لم يتردد جيسون وهو يقول "كنت سأفعل حتى بدون ذلك المال سيد زهير أنت تغرقني بكرمك"
لم يرد وهو يحاول تهدئة قلبه ونظر للفتاة التي تجلس بجواره وقال "ستذهبين بعيدا بمجرد أن نصل للكوخ"
هزت رأسها وقالت "نعم جيسون أخبرني"
ظل ينظر لها ثم قال "اختفي بأي مكان لأن من يتبعني لو عثر عليكِ لن يرحمك"
شحب وجه الفتاة ولم ترد وهو أبعد وجهه بعيدا وما زالت عيونها الباكية من خلف النافذة ترافقه وقلبه يفتقدها ويتمنى أن ينتهي كل ذلك فيعود لها ويضمها لصدره ولا يتركها لحظة واحدة
عند المغرب أدت فريضتها كما وعدته أن تفعل وما أن انتهت حتى دق الباب ورأت سولانا تقول "أحد رجال سيد زهير يريدك مدام بالأسفل"
تحركت تجاهها عندما رن هاتفها باسمه فقالت "حسنا سولانا أنا قادمة" أجابته بلهفة "زهير أين أنت؟"
سمعته يجيب "بالفندق بيري، هناك رجل من رجالي يريد أن ينقلك أنتِ وماما لبيت آخر فاذهبي معه بيري"
جمدت بمكانها وهي لا تفهم فقالت "أذهب إلى أين زهير؟ ولماذا؟"
قال بنفس الهدوء "لبيت آخر حبيبتي من أجل التأمين"
قالت بقلق "زهير هل هناك شيء لا أعرفه؟"
أجاب دون توقف "لا بريهان فقط افعلي ما أقوله دون جدال، دعي سولانا تعد الحقائب والرجال ستعود من أجلهم فقط اذهبي مع الرجال"
لم يمكنها الجدال أكثر والجدية واضحة بنبرته فقالت "حاضر زهير"
الظلام كان ستار جيد لتخرج به هي ووالدتها واندهشت والرجل يمنحها معطف بغطاء رأسه وطلب منها أن تغطي رأسها ففعلت في صمت حتى خرجت السيارة من الفيلا وتبعتها سيارة أخرى والخوف يجتاحها ولم تجد إجابات لأسئلة دولت 
توقفت السيارة أمام مبني شاهق بالمدينة ونظر لها الرجل وقال "الشقة بالطابق الأخير مدام، الأمن لا يعرفكم بعد فالشقة جديدة وليست باسم السيد زهير بل باسم رجل غريب اسمه بيل ماكينز، فقط عليكِ بالتصرف بطبيعية أمامه، المصعد خاص يفتح أمام شقتك"
هزت رأسها وقد استوعبت كلماته ودولت تقبض على أصابعها عندما قالت "أين السيد زهير الآن؟"
نظر لها الرجل وقال "ليس لدي فكرة مدام أنا أتلقى أوامري من جيسون"
لم ترد والسيارتين يتوقفان ونزلت والرجال تساعد والدتها وقادوهم للخارج ورجل الأمن ينظر لهما وقال "من أنتم؟"
قالت بهدوء "مدام ماكينز"
راجع الرجل قائمة الأسماء على جهازه ثم نهض وقال "نعم أهلا مدام هذا هو المصعد الخاص بكم، تفضلوا من هنا"
الشقة كانت مبهرة وفاخرة جدا وتذكرت كلماته من أن له بيوت عديدة بكل مكان ولكنها أيضا تذكرت كلمات الرجل أنها جديدة
اختارت غرفة ولوالدتها غرفة وما أن جلست على طرف الفراش حتى رن هاتفها باسمه فأجابت بلهفة وقالت "زهير اشتقت لك"
قال "حبيبتي وأنا أيضا، هل وصلتم؟"
قالت "نعم"
سأل "هل أعجبك المكان؟ أعلم أنك تفضلين الأماكن الصغيرة"
ابتسمت وقالت "ولكني أعشق المزرعة زهير وبستاننا الخاص"
صمت أجابها للحظة ثم قال "ما أن يصل طفلنا حتى نرحل سويا لهناك حبيبتي ولن نعود إلا عندما تطلبين ذلك"
ضحكت وقالت "كاذب كبير حبيبي أنت لن تترك عملك"
قال بصدق "سأترك العالم كله من أجلك بيري"
ارتجف قلبها وقالت "أحبك جدا زهير"
قال بحنان "وأنا أحب حبك لي بيري، هل تذهبين للراحة الآن، لدي اجتماع هام حبيبتي، بيري لا خروج لأي سبب ولا تثقي بأحد، أي أحد هل تسمعيني؟"
قالت بصدق "حاضر حبيبي اطمئن"
أخذت حمام وتحركت للفراش ولكن فجأة رن هاتفها بصوت رسالة كانت من رقم غريب ففتحتها لترى سيارة زهير وهو ينزل منها وفتاة تشبها وترتدي نفس ملابسها ولون شعرها تنزل من الباب الآخر
تجهم وجهها لحظة والشكوك تتسرب لعقلها والتساؤلات تندفع لها، هل عاد للنساء؟ لا، لا يمكن أن يطالبها بالصلاة ويصلي معها وهو يعود للنساء، لا، هي أصبحت تعرف زوجها جيدا، لم يكن ليختار امرأة شبيهه لها انقبض قلبها وتذكرت الصور القديمة فأدركت أن هاري عاد وبالتأكيد زهير اختفى ليدبر شيئا ولكنه لم يخبرها
أسرعت تتصل بزهير ولكن هاتفه كان مغلق، كانت الثالثة فجرا، حاولت كثيرا دون فائدة، بالنهاية كتبت رسالة "زهير هاري يعلم أن معك امرأة غريبة لقد أرسل لي صورة"
وأرسلت له الصورة ولكن الرسالة لم تصل فانتابها القلق، تذكرت رقم جاكوب هو منحه لها بمرة، بحثت حتى وصلت له واتصلت به على الفور فأجاب جاكوب فقالت "جاكوب أنا بريهان"
قال الرجل باحترام "مسز أسيوطي أهلا بكِ"
قالت وهي تتحرك بالغرفة بغير هدى "أين زهير؟"
صمت أجابها للحظة ثم قال "واشنطن مدام"
قالت بعصبية "حسنا جاكوب أخبر زهير أن هاري أرسل لي صورة وهو يعرف أين هو، اتصل به فورا جاكوب"
ولم تنتظر وهي تعود لهاتفها وتحاول الاتصال بزهير مرة أخرى ولكن دون جدوى
ما أن تحركت السيارة به للطريق السريع حتى رن هاتفه برقم غريب فأجاب فوجد محمود يقول "متى سنلتقي زهير؟"
ضاقت عيونه وقال "عندما أعود من رحلة عملي محمود هل وصلت لقرار؟"
قال محمود "نعم، هاري حاول إغرائي مرة أخرى ولكني اخترت الدم والأصل"
رفع وجهه عند ذكر هاري والأفكار تضربه حتى قال "كم الثمن؟"
ضحك محمود وقال "رجل الأعمال الناجح داخلك يفوز، خمسة مليون دولار، لقد عرض هاري ثلاثة نظير حياتك"
لوى شفتيه بابتسامة ساخرة وقال "حياتي تستحق إذن؟"
أجاب محمود "هذا ما يبدو فهو يريدك ميتا بأي شكل متى سأحصل على الأموال؟"
قال بهدوء "بمجرد أن نتقابل ونوقع العقود ليضمن كلا منا حقه"
ضحك محمود وقال "وحق أبي؟"
صمت زهير وانتابه الاشمئزاز من الرجل ثم قال "لا تبالغ محمود أنت حصلت للتو على خمسة مليون دولار"
قال محمود "هل ترتد بكلماتك زهير؟"
قال بهدوء "زهير الأسيوطي لا يبتلع وعوده محمود، أنا عند وعدي ما أن أعود حتى نوقع على اتفاقنا لدى المحامي وتقريبا هو أعد العقود"
قال محمود "كنت تعلم أني سأوافق؟"
نظر لخارج النافذة وقال "كنت أعلم أن هذا هو الصواب ثم أنا لا أمانع المصالح كالأموال"
كان يدير الكلمات بطريقته بينما قال محمود "تجيد الحوار زهير، سأنتظر اتصالك"
قال ببرود "سأفعل"
أغلق الهاتف وقال "هذا إذا ظللت على قيد الحياة أيها الطماع، جيسون ارفع رجالك عن محمود هو قادر على حماية نفسه بألاعيبه"
هز جيسون رأسه وأخرج هاتفه ونفذ، دخلت السيارة بمنطقة كثيفة الأشجار وقالت الفتاة "لماذا الغابة سيد زهير؟"
ظل يتابع ما حوله وقال "من أجل الصيد"
لم تفهم الفتاة كلماته ولكنه يعلم ما هو بطريقه له، التفت لها وقال "تعرفين كيف ستخرجين من هنا؟"
نظر له جيسون وقال "لديها خريطة على الهاتف سيدي"
لم يرد حتى توقفت السيارة أمام منزل خشبي قديم ونزل الجميع وتحركوا للداخل، كان البيت قديم وسط الغابة الكثيفة ولكن من الداخل كان نظيف ومجهز تماما، خلع البالطو وتركه بعيدا وقال "حسنا جيسون لنبدأ"
تحرك جيسون مع هاتفه بيده وبدأ بإلقاء التعليمات هنا وهناك بينما تحركت الفتاة لتخلع ملابس بريهان وبدلتها بأخرى خاصتها ثم اختفت بينما فتح هو جهازه وجرت أصابعه على الأزرار وهو يصب كامل تركيزه على ما يفعل 
بالمساء اتصل بها وأخبرها بضرورة الانتقال مع رجاله للشقة الجديدة وارتاح عندما لم تعارض وعندما وصلت هاتفها مرة أخرى وهدأ قلبه بسماع صوتها ووعدها بالرحيل لبستانهم بمجرد أن تضع مولودهم
نظر لجيسون وقال "ما أن يحل منتصف الليل حتى تبدأ الحرب"
تناول جيسون كأسه وهو جالسا أمامه وقال "لماذا تبدو متأكدا أنه سيأتي سيد زهير؟"
انتهى من قدح الشاي خاصته وقال وهو يطفئ السيجارة "لأن هناك من يرسل له أخباري جيسون"
اعتدل جيسون وعيونه تحدق بزهير الذي عبث بهاتفه دون النظر لرجله بينما أخيرا وجد جيسون الكلمات وهو يقول "خيانة؟"
هز رأسه دون النظر له ثم انتهى من هاتفه ورفع وجهه له وقال "نعم" ابتسم وهو يلاحظ تجهم وجه جيسون فأكمل "ليس أنت، ما كنت بقيت معي هكذا"
هدأت ملامح جيسون وقال "لم أكن لأفكر يوما سيدي، مَن؟ ولماذا لم تخبرني؟"
نهض وتحرك للنافذة وقال "لأني لم أكن أثق بأحد جيسون حتى صباح اليوم عندما عرفت من هو"
التفت لجيسون وقال "بعض الأخبار الكاذبة جعلتني أعرف"
نهض جيسون وتحرك حتى وقف أمامه وقال "مَن؟"
قال بهدوء غريب "جاكوب"
تراجع جيسون من المفاجأة وهتفت "لا، لا يمكن سيد زهير إنه رجلك الأول"
شرد زهير بكلمات جيسون والحزن الذي أصابه عندما تأكد من خيانة جاكوب وكيف تألم من ذلك لأنه كان يعتبره صديق، لم ينظر لجيسون وهو يرد "كان جيسون، كان رجلي الأول ولكن منذ بدأت الأحداث الأخيرة تصيبني أنا وزوجتي حتى كان علي أن أعرف من وراء ذلك، محمود يعرف كل شيء عني وعن زوجتي وهاري أيضا لذا الشكوك ملأت عقلي ورميت الطعم وهو التقطه دون تفكير لأنه يعلم أني أثق به، كنت أثق به"
ظل جيسون صامتا فالتفت له زهير فقال "ولكنك تتركه بالعمل"
قال بهدوء "لابد أن أفعل كي لا يشك بشيء ويحذر محمود أو هاري"
وافقه جيسون وقال "حتى ننتهي من خطتنا"
قال "نعم ويدير العمل بغيابي هذا هو ما يوقفني عنه أنه أفضل من يحل مكاني بغيابي وإخلاصه بالعمل جعلني أبحث أكثر لمعرفة السبب وعرفت بالطبع أنه يدير مصالحه من وراء أعمالي، يفيد ويستفيد"
تحرك مبتعدا وقال "ولكن ما أن ننتهي سينتهي هو الآخر بالنسبة لي، أظن أننا لابد أن نستعد"
لم يفكر جيسون وهو يتبع رئيسه وكلاهم يستعد لاستقبال العدو
ما أن انتصف الليل حتى استلقى زهير بالفراش وبجواره وسادة تمثل جسد بريهان ولكن كل ذهنه كان بالأصوات التي بدأت تظهر بالخارج ولكنه لم يتحرك وظل ساكنا حتى فتح باب غرفته وشعر بأقدام تتحرك تجاهه ثم شيء بارد يلتصق برأسه وصوت عميق يقول 
"انهض"
بالطبع افتعل النعاس وهو يستدير ويرى وجه ملثم يسدد له مسدس وعاد يقول "انهض وتحرك معي"
تحرك شخص آخر للداخل فقال الأول "كمم المرأة وخذها وأنا سأتولى أمره"
نهض زهير ببطء وعيونه على المسدس الذي بيد الرجل رغم الظلام ولكن ما أن هتف الرجل الثاني "ما هذا؟"
كان زهير ينقض على يد الرجل بسرعة مستغلا فقدانه للانتباه ولوى معصمه بقوة فصرخ الرجل والمسدس يسقط من يده فالتقطه زهير وبلحظة صوبه للرجل الثاني وأطلق قبل أن يفعل هو ليسقط الرجل وعاد ملتفتا للأول وأطلق تجاهه فسقط هو الآخر على الأرض ولاحظ أن المسدس به كاتم للصوت مما أفاد باكتساب الوقت
تحرك زهير بحذر للخارج والظلام ظل محيطا بالمكان ولكن بلحظة اندفع صوت إطلاق النيران خارج البيت فأسرع خارجا ليرى الرجال تسرع تجاه الغابة بينما جيسون يهتف به "يفرون للداخل هيا"
تحرك جيسون وتبعه زهير بسرعة ورجال جيسون يطلقون النيران ثم سمعوا صوت صرخات فهتف جيسون "لقد سقطوا بالفخ"
لم يتوقفوا وزهير يقول "لا تتوقف"
ظهر رجلا فجأة أمام زهير وقذف جسده عليه فاصطدم به وفقد زهير توازنه ليسقط على ظهره والرجل فوقه وقبل أن يعتدل زهير أو يعيد نفسه كال الرجل له لكمة قوية ولكن زهير استعاد نفسه وصد بقبضته اللكمة التالية بيده اليسرى ولكم الرجل بقوة بقبضته اليمنى مرة وراء الأخرى حتى دفعه زهير بعيدا عنه وسقط الرجل على الأرض ونهض زهير ليجده فاقدا للوعي فاستمر بالتقدم ولكنه فجأة وجد نفسه بين الأشجار دون رجاله والظلام يحيطه ولا صوت أو حركة من حوله فدار حول نفسه عندما تفاجأ بصوت هاري من خلفه يقول 
"هل تبحث عني؟"
ظل بمكانه لحظة قبل أن يستدير ببطء ليرى هاري يتحرك تجاهه وبيده مسدس موجه له، توقف هاري على مسافة من زهير وقال "كنت تنتظرني أليس كذلك؟ ظننت أنني سأسقط بتلك الفخاخ"
نفض زهير التراب عن قميصه بهدوء وبرود وقال "هل ظننت أنك وحدك الذكي هاري؟"
ضحك هاري بصوت مرتفع ثم صمت فجأة وقال "هذا ما أراه زهير، ما كان عليك دخول حياتها"
ظل هادئا وهو يقول "كانت أمامك قبل أن أفعل هاري"
الغضب طل على وجه هاري تحت ضوء القمر وقال "كنت سأنال قلبها مع الوقت"
السخرية ظهرت على وجه زهير وهو يقول "حقا؟ بالسحر أم بالتخدير؟"
تحرك هاري تجاه زهير بغضب حتى وقف أمامه وبدت ملامحه معبرة عما داخله وهو يهتف "بالحب زهير، الحب الذي لا تعرفه، أنت كلب نساء ولا تدرك معنى الزواج والاستقرار"
رفع زهير وجهه وقال "وأنت تعرفه هاري؟ هل حقا تحبها؟ لو أحببتها ما جعلتها تتألم لحظة، لو أحببتها لفعلت كل ما يسعدها ويرسم الابتسامة على شفتيها، ربما أنا حقا لم أعرف الحب يوما ولكني معها تعلمته وعرفته لكن أنت لا تحبها أنت فقط لا تتعايش مع أنها تركتك ورفضتك من أجلي، كرهك لي واضح زهير، حربك معي وليس معها ولكنك تتخفى خلف النساء كالجبان"
انقض هاري عليه ممسكا إياه بقوة من ملابسه وهتف "بل أنت الجبان زهير، تسرق كل ما هو ملك لسواك، سرقت مني مشروعاتي التي أقمتها بمشروعاتك الهائلة وعندما أتيت بك لتكون شريكا لي بدلا من عدوي سرقتها هي ولكني لن أسمح لك بأن تفعل، هي لن تكون لك سأقتلها قبل أن تعود لك مرة أخرى هذا لو ظللت حيا بعد الآن"
أصابه الجنون من كلمات هاري عنها فقبض هو الآخر على ملابس هاري وهزه بقوة فسقط المسدس من يد هاري وزهير يهتف به "بل لو ظللت أنت حيا هاري فلست الرجل الذي يترك امرأته لجبان مثلك"
ولكمه بقوة ولكن هاري كان على نفس القدر من القوة فرد له اللكمة والتحم الاثنان بمعركة قوية سقط كلا منهما على الأرض عدة مرات ثم ينهضان ليكملا مواجهة بعضهما حتى لف هاري ذراعه حول عنق زهير بقوة وهتف من بين الدماء التي تلطخ وجهه 
"الآن أنت ميت زهير وسأستمتع مع بيري كثيرا"
ورغم اختناق أنفاسه من ضغط ذراع هاري حول عنقه إلا أن مجرد ذكر اسمها على لسان هاري أثار الشياطين داخله مما منحه قوة مضاعفة بدفع كوعه بقوة للخلف ليصطدم بمعدة هاري فتألم ولكنه لم يفلت عنق زهير فعاد يدفع كوعه ببطنه مرة ثانية وثالثة حتى أفلت ذراعه عن زهير الذي سعل من الاختناق ولكنه استعاد نفسه بسرعة وهاري يحيط بطنه بيده من الألم ولم يمهله زهير فرصة وهو يلكمه بوجهه بقوة مرة وراء الأخرى وهاري يرتد للخلف حتى فقد اتزانه وسقط على الأرض وترنح زهير من التعب ومسح الدماء من على أنفه وفمه وهو يراقب هاري الذي سقط دون حركة 
استعاد نفسه وعاد يمسح الدماء من تحت أنفه المكسور وتحت عيونه وكاد يتحرك للبحث عن رجاله عندما ناداه هاري "زهير"
التفت زهير له ليجد هاري يمسك بالمسدس الذي سقط بالبداية من يده فتوقف زهير وهاري يقول "حتى القدر يلعب لصالحي"
لم تتبدل ملامح زهير وهو يقول بهدوء "القدر لا يلعب هاري"
ضحك هاري وأطلق رصاصته لصدر زهير الذي ارتد للخلف وسقط على الأرض وهاري يهتف "بل هو يفعل أيها الحقير وأنا أملك القدرة على قيادته"
تحركت بالشقة بجنون وهي لا تدري ماذا تفعل وظلت تتحرك هنا وهناك حتى رن هاتفها مرة أخرى فعرفت رقم جاكوب فاندهشت وأجابت فسمعته يقول "مدام لقد هاتفت سيد زهير وأخبرني أن آخذك إليه هل تخبريني مكانك لأصل إليكِ؟"
فتحت فمها لتخبره ولكنها توقفت فجأة والأفكار تندفع لرأسها، كيف لا يعرف جاكوب بمكانها؟ وكيف عرف أنها ليست بالبيت؟ زهير لا يخفي عنه شيء إلا إذا؟ 
صوته ناداها فعادت له وقالت "عندما أكون جاهزة سأهاتفك جاكوب"
وأغلقت الخط وما زالت الأفكار تندفع لرأسها، زهير عندما أراد نقلها هاتفها ولم يجعل أحد يفعل سواه، هو أخبرها ألا تثق بأي أحد وهي ستفعل
تحركت للمطبخ حيث رجال الحراسة اللذين نهضا بمجرد دخولها فقالت "هل يمكن لأحدكم الوصول لزهير؟"
نظر الرجلان لبعضهما فهتفت بهم بغضب "ألا تسمعاني؟"
الغضب كان يرتسم على وجهها بشكل واضح ومع ذلك قال أحدهم "للأسف لا مدام نحن لا نتعامل معه شخصيا بل مع مستر جيسون"
تحركت تجاه الرجل وقالت "هل يمكنني الوصول له؟ لجيسون؟"
أجاب الرجل "هاتفه مغلق مدام لقد كنا نحاول التواصل معه ولكن"
كان النهار قد أوشك على الظهور وهي تقول "هاتفه الآن، هيا"
كانت حازمة فنظر الرجل للآخر ثم أخرج هاتفه وبدأ الاتصال فخطفت الهاتف منه ولكن نفس الرسالة التي تعني أن هاتفه مغلق فهتفت بقوة "زهير أين أنت؟"
أعادت الهاتف للرجل وقالت "بمجرد أن تصل له أخبرني هل تفهم؟"
تحركت خارجة من المطبخ وهي لا تعرف لأين تذهب أو ماذا تفعل والجنون ينساب لها والخوف على زوجها ينبش كل كيانها فلو حتى أرادت البحث عنه فأين ستفعل فهي لا تعرف أي شيء مما خطط له


الفصل السادس والعشرين
أنا قتلته
عندما تسلل صوت جيسون لأذنه فتح عيونه وشعر بانقباضه بصدره فسعل بقوة ويد ترفعه وصوت جيسون يقول "بهدوء سيد زهير"
شعر بألم بصدره وهو يعتدل ورأى جيسون يركع بجواره فقال "ماذا حدث؟"
قال جيسون "لقد أطلق عليك الرصاص وهرب بينما نحن نطارد رجاله وقد سقطوا بالفخاخ"
اعتدل وفتح قميصه ليبدو القميص الواقي من الرصاص تحته والرصاصة تكاد تخترقه فقال "فكرتك أنقذت حياتي جيسون"
ساعده جيسون على النهوض وقال "أنا كنت رجل شرطة من قبل سيد زهير"
هز رأسه وقال "لقد فشل الأمر إذن؟"
تابعه جيسون والرجال حولهم "للأسف لقد هرب، ماذا سنفعل الآن؟"
كان النهار قد بدأ يظهر عندما قال "علينا أن نعود"
تحرك الجميع للسيارات وما أن ركب وفتح هاتفه حتى انهالت الرسائل ورأى رسالتها هاتفها فأجابت بلهفة واضحة "زهير، زهير أين أنت، هل أنت بخير؟ زهير هاري يعرف كل شيء"
أغمض عيونه وقال "بيري هل تهدئين؟ أنا بخير وأعلم أن هاري يعرف مكاني وأنا عائد إليكِ فهل تهدئي؟"
كانت تبكي وترتجف من الخوف وهتفت وهي تجلس "لا تكذب علي زهير، هل حقا أنت بخير؟"
فتح عيونه وقال بصدق "نعم بيري أنا حقا بخير وبطريقي لكِ"
البكاء طغى عليها وهي لا ترد فناداها، تماسكت وقالت "هنا زهير، أنتظرك"
أغلقت الهاتف وظلت ترتجف بدون وعي وما زالت تقبض على الهاتف عندما سمعت ضوضاء بالخارج فتحركت لترى ماذا يفعل الرجال أو ربما استيقظت دولت مبكرا 
كان المكان هادئ والضوضاء توقفت فتوقفت بمنتصف الصالة الكبيرة دون أن تكمل للمطبخ وشعرت بشيء غريب حولها، استجمعت شجاعتها وعادت تتحرك لرؤية رجال الحراسة ولكن ما أن وصلت حتى رأتهم ممدين على الأرض والدماء تلوث ملابسهم والأرض حولهم
كتمت صرختها بيدها والفزع تملكها وهي لا تدري ماذا تفعل بل أين القاتل ومن هو؟ 
التصقت بالحائط للحظة محاولة التحكم بحالة الفزع التي أصابتها وشعرت برغبة بالقيء ولكنها ظلت متماسكة كي لا تثير جلبة وتلفت انتباه القاتل ورحل عقلها لهاري
تحركت ببطء للخارج باحثة عن أي أحد وأخيرا لاحظت باب الشقة المفتوح ولكنها لن تذهب دون والدتها وهو ما فكرت به فتحركت لغرفة دولت ولكن ما أن وصلت للممر حتى رأته يخرج من غرفتها والتقت بعيونه فتجمدت للحظة وهاري يحدق بها بوجهه المصاب والمتورم وما أن هتف باسمها حتى تراجعت وهو يتقدم تجاهها ويقول
"بيري هذا أنا، هاري"
الدموع ظلت تنساب على وجهها وهي تتراجع وهو يتقدم حتى اصطدمت بالمائدة وكادت تفقد توازنها ولكنه كان قد وصل لها ولف ذراعه حولها ليعيدها أمامه، قاومته ودفعته بيداها وصرخت به 
"ابتعد عني، اتركني"
كانت دفعتها قوية فانفلتت منه لتسقط على المائدة فيتحطم زجاجها تحت جسدها وتشعر بألم من الخشب الذي ضرب ظهرها وهاري يهتف "اللعنة بيري ماذا فعلتِ بنفسك؟"
رفعها بين ذراعيه ثم وضعها برفق على الأريكة وقال "هل تشعرين بألم؟ دعيني أرى ظهرك"
قاومته رغم الألم وهتفت "لا، ابتعد عني"
نظر لها وهي ممددة على الأريكة تحاول التأقلم مع الألم الذي يدب بظهرها وهو ظل يقف أمامها قائلا "لن ابتعد بريهان، لم يعد هناك سواي، لقد قتلته، هذه المرة قتلته بيدي أطلقت النار على صدره ولن يعود هل تسمعيني بريهان؟ لن يعود وستكونين لي"
رفعت يداها لأذنها وصرخت به "كفى، لا أريد أن أسمع صوتك، أنا أكرهك، أكرهك اخرج من هنا اخرج وابتعد عني"
شعرت بيده تقبض على يدها بقوة لتبعدها عن أذنها وارتسم الغضب على ملامحه وهو يهتف بقوة "سنخرج سويا بريهان، هذا لم يعد بيتك، هل ظن أنه يستطيع إخفائك عني؟ هيا لابد أن نذهب"
جذبت يدها من يده والدموع تنهار على وجهها وهي تقول "لن أذهب لأي مكان معك أيها الجبان، زهير لن يتركك تنهش عرضه أبدا"
ظل منحيا عليها والغضب على وجهه وهتف "لقد مات ألا تسمعين، مات وانتهى وأنتِ ستكونين لي"
تراجعت وهي تحكم أطراف روبها عليها فلمعت عيونه على ملامحها ثم جسدها وهو يقول بابتسامة المنتصر "ولا أظن أن هناك دلعي للتأجيل أو الانتظار"
انكمشت أكثر وبدأت ترتجف من أنفاسه المقيتة التي سقطت على وجهها فرفعت يداها لوجهه لتبعده ولكن يداه أمسكت يدها بقوة وهو يقول "أنتِ الآن ملك لي بيري، الحلم الذي حلمت به ليالي طويلة الآن سأحققه ولن يوقفني أحد"
ولكنها صرخت بطلب النجدة وحاولت أن تفلت يدها من يده دون فائدة وأبعدت وجهها عن شفتيه الكريهة ولكنه اعتدل بجسده فوقها ليوقف حركة جسدها ورفع ذراعيها للأعلى وهو يقبلها بعنقها قائلا
"هذا الجمال كنت أشتهيه ولم أيأس أبدا"
وظل يدس رأسها بعنقها وأحكم يده على يداها والأخرى تحاول قطع ملابسها وهي لا تتوقف عن المقاومة، أبدا لن تستسلم له لن تكون لرجلٍ آخر وهنا دبت بها عزيمة وقوة جعلتها تفلت يدها من قبضته لتدفعهم بصدره بقوة ليرتد للخلف فيتعثر بنفس المائدة المحطمة فيسقط على الأرض محطما ما تبقى من المائدة تحت ثقل جسده بينما كانت هي تنهض لتبحث عن أي شيء تدفع بها ذلك المجرم
أسرعت للباب وقررت النزول واللجوء للأمن ولكن هو اعتدل بسرعة وسمعته يلعن ويسب، لم تصل للباب عندما وصل لها وأمسك بطرف روبها ليجذبها له، كادت تتعثر مرة أخرى ولكنها خلعته وتركته له وهي تسرع ولكن سرعان ما أن لحق بها مرة أخرى وجذبها من شعرها ففقدت توازنها وكادت تسقط على ظهرها من أثر الألم وقوة الجذب وطوحت يداها بالهواء محاولة أن تمسك بأي شيء ينقذها من السقوط ولكن الهواء هو كل ما وجدته فأدركت أنها ستسقط ولن ينقذها من ذلك الجبان أحد
فجأة أحاطتها ذراع من خصرها لتعيد لها توازها وتوقف سقوطها وصوت هاري يصرخ "لا، مستحيل"
انفلت شعرها من يد هاري بينما ظلت الذراع الأخرى تحيطها وسلستها الفضية تتراقص أمامها حتى اعتدلت بقلب سعيد لترى أن زهير هو من أحاطها بذراعه وجذبها تجاهه فهتفت "زهير! زهير"
دفعها خلفه بسرعة وهو ينظر لهاري ويقول بغضب "لا شيء مستحيل هاري"
انفجر هاري بقوة غضبه قائلا "أنا قتلتك بنفسي"
قال زهير "ولكن الله نجاني لا يمكنك التحكم بالأقدار هاري فهي مكتوبة ولا يملك أحد تغييرها"
اندفع هاري تجاه زهير بقوة وهو يقول بجنون "ربما ولكن ما زال أمامي فرصة أخرى ولن يمكن للربك أن ينجيك مني الآن"
وقبل أن يلكم هاري زهير كان الأخير يوجه لكمة قوية لمعدة هاري الذي انحنى من الألم بينما قال زهير "لا أحد يمكنه تحدي مشيئة الله"
ودفع قبضته بوجه هاري ليرتد مرة أخرى معتدلا ولم يمهله زهير وقت وهو يلكمه مرة وراء الأخرى حتى سقط هاري على الأرض دون حركة 
التفت لها وقال "هل أنتِ بخير"
ولكنها هتفت به "زهير احذر"
اتخذ زهير خطوة لليمين فسقطت الساق الخشبية للمائدة المحطمة والتي التقطها هاري ليضرب بها زهير مكان زهير السابق وضرب زهير العصا بساقه لتفلت من يد هاري وتسقط بعيدا واندفع هاري مرة أخرى قبل أن يستعيد زهير توازنه ليقبض هاري بيديه على عنقه بقوة وزهير يحاول إبعاده ولكن هاري أحكم قبضته على عنق زهير الذي بدأ يختنق ويفقد الهواء وبدأت قوته تضعف من قلة الأكسجين ولكن فجأة تحرر عنقه من يد هاري ورآه يسقط على الأرض لتظهر بريهان من خلفه وهي تمسك بالعصى الخشبية التي ضربت بها هاري على رأسه فسقط على الأرض دون حركة ودماء تنتشر تحت رأسه على الأرض
تحرك هو تجاهها بسرعة وأبعد العصا من يدها وأحاطها بذراعيه وهو يهتف بها "بريهان هل أنتِ بخير؟ بريهان لقد انتهى الأمر"
بالحظة التالية كان جيسون يدخل هو ورجاله فقال وما زالت بين ذراعيه "حبيبتي هل تسمعيني؟"
كانت قد بدأت تستعيد نفسها من صدمة ما فعلت والدماء التي انتشرت حول رأس هاري فقالت برعب "قتلته؟ هل أنا قتلته؟ أنا قتلته"
ضمها له بقوة وهتفت "اهدئي حبيبتي ولا تفكري بشيء فقط نحن بخير وهذا ما يهم"
الظلام اندفع لها فجأة فارتخى جسدها بين ذراعيه وهي تغلق عيونها وترحل من الوعي
عندما أفاقت كانت ممددة على الأريكة بنفس المكان وزهير يضع عطر عند أنفها وصوته يناديها، فتحت عيونها لتراه راكعا بالأرض أمامها بوجهه المجروح والملطخ بالدماء فاستعادت ما حدث وهتفت "زهير، يا الله، زهير أنت هنا، هل مات؟ أنا قتلته؟"
كان يقبض على يدها وهتف بحنان "اهدئي حبيبتي، لقد انتهى كل شيء"
سمعت صوت يقول "سيد زهير هل يمكنني التحدث مع المدام؟"
رفعت وجهها للرجل الغريب ولم تعرف بينما قال زهير "نعم، حبيبتي هذا الرائد كيفين يريد أن يسمعك"
كاد يترك يدها ولكنها قبضت على يده والخوف يعتلي قمة مشاعرها وعيونها تطالبه بالبقاء ولاحظ كيفين الخوف الواضح على ملامحها فقال "لا تخشين شيء مدام، أنا فقط أردت أن أعرف ماذا حدث"
نظرت لزوجها فهز رأسه بأن تتحدث فاستجمعت نفسها وحكت منذ أن رأت رجال الحراسة مقتولة وحتى ضربت هاري بالعصى
ظل كيفين صامتا لحظة ثم قال "هذا سوف يجعل الأمر اعتداء أيضا ولولا رصاصة جيسون لما مات، الآن سيراكِ الطبيب ليرى تلك الكدمات ويتم تسجيلها وبالطبع جريمة القتل الخاصة برجال الحراسة"
نظرت لزوجها الذي كان ثابتا وقال "كاد يقتلني وأنا أحاول إفاقتك فقتله جيسون بدون تردد"
أغمضت عيونها براحة لأنها لم تقتله إحساسها بالذنب كان سيعيش معها للأبد، فحصها الطبيب وقد اطمأنت على دولت التي كانت فزعة على ابنتها بالطبع وظل هو معها حتى انتهى الطبيب ثم تحرك لمتابعة الضابط ورجاله حتى انفض الجميع وجلست هي ملتفة بالبطانية التي كانت عليها فعاد هو لها وقالت دولت
"هل انتهى الأمر زهير؟" 
جلس بجوار زوجته وبدا بحالة فظيعة بالطبع وقال "نعم ماما، موت هاري أنهى كل شيء"
ظلت صامتة ولم تتحدث فنظر لها وقال "لا أعلم كيف عرف مكانك؟"
نظرت له وقالت "ماذا حدث زهير؟"
تراجع بمكانه وأشعل سيجارة وبدأ يحكي له كل ما كان حتى انتهى وعيونها تتسع من الدهشة 
هتفت "جاكوب!؟ حقا مفاجأة ولكني شككت بالأمر عندما هاتفني ليسألني عن مكاني وأنا أعلم أنك لا تخفي عنه شيء"
حدق بها لحظة وهو يفكر بكلماتها ثم قال "إذن هو هاتفك، هكذا أمكنه معرفة مكانك لقد تتبع المكالمة وأبلغ هاري"
أغمضت عيونها وقالت "أعداءك كثيرة زهير"
قالت دولت "هم أعداء أنفسهم بيري"
نفخ الدخان وقال "جاكوب كان صدمتي الكبرى، لقد كان ذراعي الأيمن"
كانت ملامحه جامدة ولا تعبر عن الحزن الذي يعتري داخله ولكنها أدركته من نبرة صوته فقالت "هو لا يستحق اهتمامك حبيبي"
رفع عيونه لها وقال "لم تكن سنوات قليلة تلك التي عشناها سويا بيري"
 قالت بحنان "الأموال تفعل الكثير"
وافقها بالطبع فقالت "ومحمود؟"
كان يتأمل سيجاره المشتعل وهو يجيب "لم يهاتفني منذ الأمس، هو وجاكوب شريكان بكل شيء وأنا بالطبع نصبت لجاكوب شرك صغير كي يحصل على عقابه وذلك يعني أن يجر محمود معه"
قالت بهدوء مماثل له "وتتخلص من الاثنان بضربة واحدة؟"
أغمض عيونه من التعب والإرهاق وألم الجروح التي حصل عليها من صراعه مع هاري وقال "ألا يستحقان بيري؟"
شعرت أنه ينتظر منها جدال ولكنها لم تكن لتفعل وقالت "بالطبع يستحقان، بل الموت هو العقاب المماثل خاصة جاكوب الخائن"
فتح عيونه ليلتقي بعيونها وقال "ظننتك ستلومينني على ابن عمي"
لم تفلت عيونه وهي تقول "لم يكن يوما ابن عمك فهل سيكون الآن وهو يبتزك؟"
هز رأسه فقالت دولت "ألا تنهضا لتنالا بعض الراحة، أنت مصاب حبيبي وبحاجة لتضميد جراحك، هيا بريهان خذي زوجك واهتمي به"
****
تحركت بخطى بطيئة إلى الاسطبل الخاص بالفيلا وهي تعلم أنها ستجده هناك وبالفعل توقفت أمام الحظيرة وهي تراه يحرك الجواد الصغير وطفلهم ذي الثلاث سنوات يجلس على ظهره بجرأة تعلمها من والده الذي وضعه على ظهر الجواد بمجرد أن أتم العام بعد جدال كبير معها..
ظلت تتأمله وهو يقف والفرس يتحرك حوله بعلي ابنهم والطفل مستمتع كالعادة وعندما لمحها رفع يده الحرة ملوحا لها وهتف بطفولية "مامي، مامي لقد أتممت عشرون دورة وحدي"
ظلت بمكانها بينما أدار زهير رأسه تجاها وابتسم وهو يقول "لن تدخلي؟"
قالت بعتاب "ماذا تظن؟"
نظر لابنه وقال "هل انتهينا؟ مامي تنتظر"
لم يجادل الطفل وتوقف بالفرس وساعده زهير على النزول فأسرع الطفل لوالدته التي انحنت له ولكن زهير هتف بها "لا تحميله تعلمين أنك لا تستطيعين"
لم تستمع له وهي تحمل الطفل بين ذراعيها وقالت "أنا لن أتوقف عن حمله أبدا"
عانقها علي بسعادة وقال "كنت فارس شجاع، أريد أن أتعلم الفروسية لأشترك بالسباقات مثل فرسان دادي"
كان قد وصل لهم بعد أن أخذ السائس الفرس وتوقف أمامها وقال "ألا تسمعين لأي شيء أقوله"
احتضنت علي وقالت بضحكة مرتفعة "فيما يخصه؟ لا"
جذب علي من بين ذراعيها وقال "تعلمين أنك بالشهر الأخير وهذا الحمل مختلف ونحن نتمنى أن يكمل فهل تحافظين عليه؟"
ضحكت وهي تضع يدها بذراعه وقالت "كف عن خوفك الزائد هذا، أنا بخير وهي بخير، لا يمكنني أنا أجعله يكره أخته أو يشعر أنها سبب بعدي عنه، الغيرة بين الأطفال موجودة حبيبي"
هتف الطفل بمجرد وصولهم للحديقة "جدتي، جدتي، دادي دعني لأذهب لها"
أنزله زهير فانطلق الطفل لدولت التي لم تفارقهم خلال السنوات الماضية، معاملة زهير الرائعة لها وحب ابنتها وتعلقها بحفيدها جعلها تبقى معهم وتأتي لسيدني ومن وقتها وهي تعلقت بالمزرعة ولم ترغب بتركها
تركا الطفل مع جدته وأحاطها بذراعه وتحركا باتفاق صامت لمكانهم المفضل، بستانهم الخاص والذي اهتم به زهير جدا ونمق أشجاره وزرع ورود متنوعة الألوان ووضع مقاعد خاصة لهما وكثيرا ما أمضيا ليالي كثيرة سويا بالمكان...
جلسا بجوار بعضهما البعض وذراعه تحيطها والصمت ثالثهم حتى قال "لقد عرفت بموت عمتي"
رفعت رأسها له فتلقى عيونها بحب فقالت "متى؟"
داعب وجنتها بأصابعه وقال "أمس"
وضعت يدها على صدره وقالت "تعازيي حبيبي، أعلم أن علاقتك بها كانت جيدة مؤخرا"
هز رأسه وقال "تعلمين أني فعلت من أجل الحج، أعدت علاقتي بها وبزيزي قبل موتها ولم يعد لدي ما أندم عليه سوى تلك السنوات"
رفعت يدها لفمه وقالت "اتفقنا على حذفها من حياتك زهير، فقط نذكر سنواتنا سويا"
ابتسم ورفع يده على بطنها التي تحمل طفلتهم وقال "وأولادنا، أسرتنا التي لم أظن يوما أني سأنالها"
ضحكت وقالت "لا تذكرني بشكلي هذا"
مرر يده على وجنتها وقال "أنا أحبك بكل أشكالك حوريتي"
قبلت راحته كعادتها وقالت "وأنا أحبك زهير وأحب كل لحظة لي معك، نحن نعيش بالحب حبيبي"
أحنى رأسه وقبلها ثم قال "نعم، حبنا الذي صنع مني رجل آخر"
ابتسمت وقالت "وامرأة أخرى"
تحركت عيونه على وجهها وقال "نعم، الحجاب منحك جمالا مضاعفا حبيبتي، بيري أنا أحبك جدا"
ابتسمت بسعادة وقالت "وأنا أعيش بكلماتك هذه حبيبي فهي تمنحني الحياة، لا يمكنني أن أتخيل الحياة بدون حبك"
ابتسم وقال "أنتِ الحياة بيري، حبك يسكن قلبي وكياني بدون حبك أفقد الحياة"
رفعت يدها لوجهه وقالت "حفظك الله حبيبي لي ولأولادنا وبارك لنا بهم وأدام علينا حبنا لنهاية العمر"
ورفعت وجهها لتقبله فاستجاب لها وقد كانت قبلتها ككل مرة وكأنه يقبلها لأول مرة، حارة وقوية ولكنها أيضا مليئة بالحب والحنان الذين لم يعرفهم من قبلها وبوجودها تبدلت كل حياته وتطهر من ماضيه الملوث ولم يعد يذكر سوى أسرته الجديدة وحب حياته زوجته نصفه الآخر وأم أولاده ولم يتمنى من الله سوى أن يديمهم له لآخر العمر 

                        تمت بحمد الله 


تعليقات



<>