رواية لن اكون بريئه يوما بنظرك الفصل الثامن8 بقلم داليا السيد


رواية لن اكون بريئه يوما بنظرك الفصل الثامن8 بقلم داليا السيد

خصام
تحسنت صحتها بالطبع وبدأت تهتم بأشياء لم تكن تهتم بها من قبل والعم كان يحاول التعايش مع حالته وهو طريح الفراش ورفض اقتراحها بالنزول من غرفته على المقعد المتحرك واكتفى بأن كان يجلس عليه ليجلس معها بالبلكونة الخاصة بغرفته ويتناول معها القهوة والغداء ويلعب الشطرنج 
يومين رحلوا قبل أن يتصل بها بالثالث وقد منع نفسه من الاتصال من أول يوم، كان يريد أن يتحكم بنفسه وبمشاعره وقد كان العمل يحتم عليه إقصاء أي شيء جانبا، أجابت بلهفة عندما رأت كلمة مكالمة على هاتفها بدون أي رقم وجاء صوته العميق يقول 
"كيف حالك مولوكيلا؟"
قلبها طار فرحا بصوته وقبضت على الهاتف بكلتا يديها خوفا من أن يهرب فتفقد صوته الذي اشتاقت له وهي تجيب "ما زلت أعيش"
قال "والعجوز؟ عرفت أنه هزمك مرتين"
ضحكت بطفولية وهي ترد "نعم، ما زلت أتعلم"
كان يقف أمام نافذة غرفته يتأمل الضباب المحيط بالخارج وقال "تتعلمين؟ ماذا عن الكرسي المتحرك؟"
جلست لأن ساقاها عجزت عن حملها وهي ترد "فشلت بقوة بأن أجعله يترك غرفته"
صمت قليلا ثم قال "هو يرفض التحرك لأي مكان"
تجرأت وقالت "فقط يريد العزبة، هل تسمح له بالذهاب؟"
التفت بعيدا عن النافذة وظل صامتا لحظة قبل أن يقول "حسنا يمكنكم الذهاب"
ابتسمت مرة أخرى وقالت "هل تحسنت الأوضاع عندك؟"
جلس وقال "ربما، ما زال هناك الكثير قبل أن أستعيد ما ضاع"
ذهبت ابتسامتها وهي تفهم أنه سيطيل غيابه، سألته "هذا يعني أن ما زال أمامك وقت حتى تعود"
أغمض عيونه للحظة وهو يجيب "نعم، لابد من زيارة لعدد من الدول هل تغير رأيك؟"
اندهشت وقالت "بماذا؟"
أجاب "ببقائك حتى تتعدل الموازين؟ ربما ندمت"
نهضت دون وعي وقالت بضيق "ما علاقة هذا بسؤالي؟"
نهض هو الآخر وعثر على السجائر وأشعل واحدة وهو يقول "تعجلك للأمور"
قالت بغيظ "أنا"
وصمتت دون أن تجد كلمات مناسبة ترد بها فأمسك كلمتها وردد "أنت ماذا؟"
تحركت بعصبية وهي تقول "فقط، أنا أردت أن أعرف لأن والدك يسألني ولا أجد إجابة"
نفخ الدخان وقال "أخبريه أنك لا تعرفين شيء"
قالت بضيق "حقا؟ هذا بالفعل ما يجب أن تجيب به امرأة مثلي"
عاد يردد "مثلك؟"
قالت بغضب واضح "زوجة مؤقتة تنتظر حكم القاضي إما بالبراءة من التهم المنسوبة لها أو بالإعدام"
تراجع من غضبها وكلماتها وقال "والإعدام هو وجودك على ذمتي؟"
التفتت مما فهم وكادت ترد عندما أكمل "لم أفرض عليك شيء ملاك أنت من اختار"
قالت بحدة "وأنا لم أعني ما فهمت يوسف أنت تفهم ما تريد دون أن تعي ما أريد"
جاءته مكالمة أخرى على الهاتف فنفخ وقال "هل نتوقف عن الجدال الذي لا ينتهي؟ ظننت أن البعد سيوقف كل العواصف التي تقوم ولا تنتهي بيننا ولكن يبدو أن لا فائدة"
تجمدت من كلماته وهو يعني أنها السبب كادت ترد عندما أكمل "لابد أن أغلق لدي مكالمة هامة"
وأغلق دون أن ينتظر منها أي رد، نظرت للهاتف وهي غاضبة بشدة وتمنت لو يسمعها لتشرح له ما عنت بكلماتها ولكنه انتقى المعنى الذي أراده دون حتى أن يسمع دفاعها لذا هو على حق صراعاتهم لا تتوقف وربما لن تتوقف طالما سوء الفهم يسكن بينهم مما يؤدي إلى خصام لا تعرف مداه
كان السفر للعزبة من الأمور الصائبة جعلتها تتبدل من حالة الحزن للراحة النفسية فالأرض الخضراء تمتص الغضب وتمنح العقل هدوء وسكينة والهواء النقي يصفي الذهن ويريح البال، أما العجوز فلم يقيم بغرفته سوى عند النوم شهر تقريبا قضاه الاثنان هناك وتعرفت فيها على الكثير من أهل العزبة وتمتعت بالحياة البسيطة وشاركت بخبز العيش بالفرن الحجري البسيط وعملت بالمطبخ مع النساء المبتسمة دائما بتفاؤل رغم التعب والعمل الشاق، تحركت كثيرا مع العجوز وعم سيد الذي كان يدفع مقعده وتورد وجهها من الحياة الجميلة فقط عندما تعود لغرفتها وتغلق بابها تلمع الدموع بعيونها عندما تدرك أنه لم يعد يذكرها ولا يحاول حتى الاطمئنان عليها فقط كان يتصل بوالده لمعرفة أخباره دون أن يسأل عنها وكأنه يعاقبها على ما فهمه من كلماتها وتمنت لو هاتفها لتشرح له ولكن مع ذهاب كل يوم دون اتصال منه كان غضبها يزداد وقررت ألا تبرر له شيء وليكن ما يكون حتى ولو حررها فلن تمانع، لن تعيش مع رجل يرفضها حتى ولو كانت تحبه..
دق باب غرفتها قبل أن تنام فنهضت لتفتح فرأت عم سيد وهو يقول "آسف سيدتي ولكن سيدي يخبرك أنكم ستعودون بالصباح"
اندهشت وقالت "ولماذا يا عم سيد؟"
نظر لها وقال "سيد يوسف عائد بالغد وهو لا يفضل العزبة لذا علينا التواجد بالبيت للقائه"
انفرج قلبها وتطايرت السعادة من عيونها ولكنها تماسكت وقالت "حسنا سأكون جاهزة مبكرا"
انحنى الرجل وابتعد فأغلقت الباب وقام نزاع داخلها بين سعادتها بعودته وبين غضبها منه لأنه لم يهاتفها ولكنها تذكرت مكالمته الأخيرة فأوقفت صراعها الداخلي وأحضرت حقيبتها وشغلت نفسها بها ولكنها لم توقف أفكارها عن كيف سيكون لقائهم؟
عادوا قبل العصر وعرفت أنه لم يحدد وقت لعودته أثناء اليوم ولم تعرف أي أخبار عنه من الميديا وكما ارتفعت الضوضاء عليه فجأة هبطت وماتت أيضا فجأة، حتى زينة لم تعرف عنها شيء
ساعدت العم على دخول فراشه مع عم سيد الذي تحرك خارجا بينما قال أحمد "ألا تذهبين لتستعدي؟ زوجك عائد من سفر شهر"
احمر وجهها وهزت رأسها وخرجت لغرفتها وتحركت لتقف أمام المرآة وهي لا تعرف كيف يمكنها أن تستعد لاستقباله؟ بل كيف سيقابلها بعد خلافهم والصمت الذي غلف علاقتهم؟ تحركت للدولاب وفتحته وانتقت فستان زيتوني ويزينه دانتيل أصفر مفتوح الصدر قصير، كادت تعيده لمكانه وتنتقي آخر أسود ولكنها عادت له مرة أخرى وأمسكته وتحركت للمرآة ووضعته على جسدها تتأمل نفسها به وظلت واقفة دون حركة وهي تتساءل؛ ماذا لو لم يهتم بما تفعل؟ ماذا لو قرر إنهاء كل شيء؟ ألقت الفستان على المقعد وابتعدت والحيرة تأخذها دون أن تهتدي للصواب ولكن كلمات العجوز عادت لذهنها وربما كلماتها هي له من أنها زوجة وعليها واجبات لابد أن تقدمها حتى ولو كان بينهم ما كان ربما وقتها يفهم أنه هو من أخطأ بفهمها
ما أن انتهت من نفسها حتى سمعت سيارته تدخل للفيلا فأسرعت للنافذة لترى السائق يفتح له كالعادة نزل وأغلق جاكته ولكن لأول مرة يرفع وجهه لنافذتها لتتفاجأ بعيونه تهاجمها فلم تقو على الحركة وهي تلتقي بعيونه ثم تحرك مبتعدا للداخل وتحركت هي بالغرفة مترددة بين أن تخرج له أو تنتظره وبالنهاية انتظرت لم تقو على الذهاب له خشيت من اللقاء
كانت تعلم أنه سيقابل والده بالأول لذا ظلت تتحرك بالغرفة وهي تفرك يدها بعضها البعض حتى رأته يفتح الباب ويقف على عتبته فالتفتت لتواجه وسقط قلبها صريعا لشوقه لذلك الرجل الذي أخذ روحها منها وتركها خاوية لا معنى لحياتها، فراغ عاشت به بغيابه، فراغ جعلها لا تعي الحياة من حولها ولا ترى سوى عيونه ولا تشعر سوى بقبلته الأخيرة والآن ماذا؟ رحلت قوتها التي كانت تلازمها، ذهب العناد والغضب، فاض الشوق عليها لدرجة أنها ظنت أنها ستفقد الوعي لكنها تأبى أن تفقد تلك اللحظة
تحرك للداخل وأغلق الباب وعيونه تجوب ملامحها وقوامها الذي استعاد جماله وبدت مختلفة بالفستان الذي جعلها امرأة مثيرة حقا وقد ظن أنها لن تنتظره وربما تنام هربا من لقائه ولكن ها هي تبدو أمامه بصورة لم يراها من قبل، أراد رؤيتها حقا وتلهف للقاء عيونها وتساءل عن استجابتها لآخر قبلة هل تبدلت أم ما زالت كما هي؟ وتساءل كثيرا هل سيؤثر خصامهم الأخير على شيء؟
تحرك تجاهها وعيونهم عالقة لا يسقطهم شيء حتى وقف أمامها وهي ترفع رأسها لتصل لعيونه التي بدت على نفس جمالها وجاذبيته التي لا تنافسها جاذبية أخرى 
قال بصوته العميق "تبدين على خير ما يرام"
لم تفهم معنى كلماته ولكنها تحدثت بصدق "كان شهر طويل"
أيضا لم يفهم معنى ما قالته فرفع حاجبه وقال "طويل من ماذا؟"
أخفضت وجهها وقلبها يؤلمها من دقاته المتسارعة تكاد تفقدها التركيز وهمست "من الانتظار"
هدأ غضبه قليلا ورفع وجهها بطرف اصبعه لتعود عيونها له فقال "انتظار ماذا؟"
كان ينتزع منها الكلمات بقوة وهي أضعف من أن تباريه أو تتفوق عليه فاستدارت مبتعدة لتفر منه ولم ترد فنفخ وقال "انتظار حكم القاضي؟"
عادت تلتفت له ونظراتها تعني الكثير وهو لا يفهمها فقال بضيق "لن نتحدث بالنظرات ملاك، تحدثي فأنا تعبت من تخمين معاني كلماتك الغامضة"
اندهشت من كلماته فقالت "لم أفعل يوسف، أنت فقط تفهم ما تريد"
خطا خطوة ليعود أمامها وهو يقول بقوة "إذن أخبريني ماذا تريدين صراحة دون الخوض بصراعات أنا لست مستعد لها، هل تريدين حريتك؟"
لم يعد هناك مجال للرد إلا بما تريد لذا هزت رأسها بالنفي وأخفضت وجهها وهمست "لا"
ثم رفعت وجهها له فرأت ارتياح ملامحه فقالت "ولكني لا أريد أن أظل أنتظر الوقت الذي تستعيد فيه رغبتك بالانتقام هذا ما قصدته بكلماتي يوسف"
أبعد وجهه لحظة وهو يستوعب كل ما يدور ثم قال وهو يرتد لها "ما كان انتهى ملاك يكفي ما حدث، لم يعد هناك مكان للانتقام لن ينالنا منه شيء فمن مات لن يعود"
سالت دمعة على وجنتها فرفع يده ومسحها ولمس وجنتها وقال "هل العزبة هي سر هذا التبدل الذي أراه أمامي؟"
احمر وجهها ويده تنساب على وجهها وأخفضت وجهها وقالت "مدح هذا أم ذم؟"
جذب وجهها له كعادته وهمس "يا الله ومن يجرؤ على ذم هذا الجمال؟"
التقط قبلتها التي انتظرها كثيرا وتساءل كثيرا هل ستنتظره ليعود وينالها أم سترحل وتتركه؟ ولكن ها هي بين ذراعيه، تلمسه بيدها الرقيقة، تستجيب لقبلته كأنها أول قبلة لها، أبعد شفتيها ليحتضنها بقوة وقد افتقدها حقا وأحاطته هي بذراعيها وكلاهم سعيد باللقاء ليوقفهم دق الباب فأبعدها برفق وأذن، فتحت زينب وقالت 
"مدام زينة بالأسفل سيد يوسف"
نظرت له ملاك بقوة ولكنه لم يرد نظرتها وهو يقول "حسنا لتنتظر بغرفة الضيوف أنا قادم زينب"
خرجت المرأة بينما التفتت هي له والغضب يسكن نظراتها وقالت "ماذا يمكنني أن أفهم من ذلك؟"
عدل ملابسه وهو ينظر بعيونها وقال "هل ظننت أن المعركة انتهت مولوكيلا؟ ليست زينة المرأة التي تترك المعركة دون وضع النهاية"
تحرك ولكنها هتفت "التي هي ماذا يوسف؟ ما هي النهاية؟"
لم تتبدل ملامحه وقال دون أن يتوقف "الهزيمة"
نزل ليجد زينة في أبهى حالتها وتذكر لياليهم سويا فدخل وقال "زيارة مفاجأة زينة"
تحركت له حتى وقفت أمامه وقالت وهي ترفع ذقنها "ليست كذلك يوسف كنت تتوقع حضوري بعد سفر شهر لم تثبت فيه بمكان حتى يمكنني اللحاق بك وطلب السماح منك"
نظر لها من ارتفاعه رغم طول قامتها ثم ابتعد وأخرج سجائره وأشعل واحدة ونفخ دخانها وقال "وهل هناك ما يستدعي طلب السماح بيننا؟"
ابتسمت وتحركت له مرة أخرى وقالت "يوسف حبيبي كنت أعلم أنك ستعود لي"
كانت يدها تتعلق بذراعه عندما أبعد ذراعه بهدوء وقال "أي عودة زينة؟ أنا عدت فقط لبيتي وليس لأحد"
عاد الغضب لملامحها وهي تقول "لا تخبرني هذا الحديث الفارغ عن زوجتك التي لا تعني شيء، لقد انتهى ذلك الحمل الذي جعلك تشهر زواجك منها فلماذا لا تطردها لتعود لحيادتك؟"
لم يتحرك من أمامها وهو يرد بنفس الهدوء "لو لم أكن أريدها لطلقتها منذ أول زواجنا ولم أكن لأنتظر حتى تحمل"
ثار غضبها وهي تقول بغضب يفوح مع عيونها "تريدها؟ لا يوسف أنت لم ترد أي امرأة بأي يوم سواي، لم تواعد امرأة أخرى من بعدي كنت تنتظرني حتى أندم على ما فعلت وأنا نادمة يوسف صدقني نادمة وأعدك أني لن أكرر ما كان أبدا سأكون لك أنت فقط فأنا لم أحب سواك كما هو أنت يوسف أنت أخبرتني أنك تحبني"
قال بقوة "كنت أظن أني أحبك زينة ولكن بالتأكيد أنا لم أحبك بأي يوم وإلا لما أخرجتك من حياتي دون عودة"
شحب وجهها وهي تقول "لا يوسف أنت فقط غاضب مني لم حدث صدقني أنا أدركت خطئي وندمت"
ابتعد من أمامها ونفخ الدخان بقوة وقال "ندمك لك زينة لأنه لا يعني لي أي شيء"
ثم التفت لها وقال "بل أنا سعيد لأنك فعلت ما كان لأنه جعلني أدرك الحقيقة التي لم أكن أراها فشكرا لخطئك الذي ألهمني الصواب"
أشاحت بيدها وقالت بقوة غضبها الثائر "والصواب هو أن تهجرني وتتزوج تلك المرأة التي لا تضاهيني في أي شيء؟"
قال بدون تردد "وهذا هو ما أردته زينة أنها لا تضاهيك بأي شيء لأنها لو كانت ما كنت فكرت بالارتباط بها لحظة واحدة لن أكرر الخطأ مرتان ليس يوسف السمنودي من يهزه امرأة مثلك زينة ويكفي أني أقف صامتا أمام أفعالك التي دمرت وما زالت تدمر كل شيء لذا عليك بالتوقف زينة لأن بكل لحظة تزيدين الأمور سوء بيننا وأنا لا أريد أن أخوض معك معارك لا وقت لدي لها"
أطفأ السيجارة والتفت ليرى زوجته تقف أمامه عند باب الغرفة، لم يمكنها الانتظار وتلك المرأة مع زوجها نظراته جعلت زينة تلتفت لها وابتسمت وهي تتقدم وتقول "أهلا بالعروس الجميلة، ماذا هل ثارت غيرتك فلم تتحملي تركه معي نصف ساعة؟"
وصلت زينة لها ووقفت أمامها فنظرت ملاك لها وقالت "هذا إذا كنت أشك بزوجي لكني أعلم جيدا أنه لا يتراجع بقرار اتخذه يوما بحياته لذا وجودك لا يزحزح ثقتي به"
اهتزت زينة فكلمات ملاك تواجهها بقوة ولكنها قالت "وإن كان فوجودك غير مرغوب به فأنا أردته وحده ولا دخل لك بما بيننا"
لم تنظر له وإنما قالت "طالما أنت ببيتي إذن لي دخل بكل ما يدور به وما يخص زوجي فهو يخصني"
صرخت زينة تجاه يوسف "إن لن توقفها الآن فلن أرحمها أخرجها من هنا"
تحرك حتى وقف أمامهم وقال "أخرج صاحبة البيت من بيتها؟ هل تعين ما تقولين زينة؟"
شحب وجه زينة بينما تعلقت عيونها به ورقص قلبها فرحا بنصرة زوجها لها بينما عادت زينة تصرخ بهم "لا، لا يمكنك أن تكون جاد يوسف، ما بيننا لا يخصها"
قال بدون تردد "من الواضح أنك تفقدين الذاكرة بسرعة زينة لأني أخبرتك مرارا أن ما بيننا انتهى وأنت من وضع نهايته وأنا مللت التكرار فمتى يستوعب عقلك الواقع من أني لا أرتد بقراراتي؟"
تراجعت زينة والدموع بعيونها وقالت "لا يوسف لن تفعل ذلك بي، لن تهجرني اليوم"
تحداها بقوة "ليس اليوم زينة تفقدين الذاكرة مرة أخرى، أنا هجرتك منذ شهور"
مسحت دموعها بحدة ثم نظرت لملاك وقالت "لا تظني أني سأترك الساحة بسهولة ما لن أحصل عليه لن يناله أحد"
وتركتهم وتحركت للخارج وتحرك هو بعيدا بينما أطلقت هي العنان لأنفاسها التي كانت محتجزة من ذلك اللقاء الذي يوقف الدماء بعروقها أشعل سيجارة أخرى وذهنه مشغول ولم يشعر بها وهي تقف خلفه حتى سمعها تقول 
"حب كبير هذا الذي تكنه لك زينة"
التفت لها ونفخ الدخان بعيد ثم نظر لها وقال "زينة لا تعرف الحب مولوكيلا، هي فقط لا تعترف بالهزيمة"
نفس كلمات والده بينما عادت تقول "وأنت؟"
هز كتفه بتساؤل وقال "أنا ماذا؟"
تجرأت وسألته "أحببتها"
لم تلين ملامحه الجامدة وهو يقول "لو أحببتها ما هجرتها وما أخرجتها من حياتي وكنت أسرعت لها بمجرد ندمها"
ظلت تحدق بوجهه تبحث عن أي مشاعر أخرى لديه ولكن جمود وجهه لا يمنحها أي شيء فابتعدت وقالت "هل ما زالت تمثل خطر على أملاكك ومشاريعك؟"
قال "فقدت جاذبيتها بالمعركة السابقة لن تهرع الصحافة وراءها مرة أخرى خاصة وأن ما حدث لم يؤثر بعلاقتنا"
التفتت له وقالت "لا أفهم"
أطفأ السيجارة وقال "ألم تتطلعي على العناوين وقتها مولوكيلا؟ الجميع ظن أن علاقتي بها ما زالت قائمة وأنك الزوجة المخدوعة وأنا الزوج الخائن وانتظر الجميع طلاقنا ولكن كلماتك لها أوقفت كل ذلك عندما نشرها صحفي رائع كان يقف بجوارنا وسمع كل كلماتنا"
احمر وجهها وهي تذكر كلماتها بينما عاد يقول وهو يداعب وجهها "ماضي زوجي خاص به ولا يهمني"
لم تنظر له وهي تخفي مشاعرها وهو يكمل "هل تثقين بي حقا ملاك؟"
رفعت عيونها له وقالت بضعف من لمسة يده وقرب وجهه "نعم"
هزته الكلمة فقال "رغم ما كان بيننا؟"
لم تبعد عيونها وهي تقول "حمزة من دفعك لذلك بالنهاية حياة أختك"
لم يرد وهي توجد له المبررات لقسوته معها، دق الباب فنظر لزينب وقال "لا تخبريني أن العالم أتي ليرحب بعودتي زينب"
ضحكت هي وابتسمت زينب وهي تقول "آسفة سيدي، إنه موعد العشاء"
أحاط كتفها بذراعه وقال "سأتناوله بغرفتي عندما أطلبه ولو أتى وفد من كل مكان للقائي أنا لست هنا هل تفهمين؟"
تحركت لتفسح لهم الطريق وهو يقودها للأعلى وفتح لها الغرفة فدخلت وتبعها مغلقا الباب خلفه وهي تتحرك بدون هدى عندما التفتت لتراه يتجه لها ويقول "متى ستخبريني أن غيابي كان أمر سعيد بالنسبة لك"
تفاجأت به يحيطها بذراعيه فوضعت يداها على صدره وقالت "عندما تخبرني أنك غبت لترتاح مني"
قال "والآن عدت ضاربا براحتي عرض الحائط أليس كذلك؟"
هزت رأسها وقالت "شهر ليس بقليل ولو لم تكن تشعر بالراحة ما أكملته"
انزوت شفتيه عن ابتسامة ذهبت بالحال وهو يقول "أو ربما كنت أمنحك الوقت للراحة، كنتِ بحاجة لها"
نفت وهي تقول "كان عليك أن تمنحني حق الاختيار"
صمت قليلا ثم قال "وماذا كنت ستختارين؟"
قالت بابتسامة هادئة "عدم الراحة"
انحنى ليقترب منها وقال "إذن أنا أستحق ذلك الشهر من الحرمان"
وطلب شفتيها التي لبت نداؤه وذهب معها بعالمهم الخاص ولكن هذه المرة كان عالم مختلف، عالم لم تشعر فيه بالرغبة فقط وإنما بمشاعر جديدة فقط اختلفت لمساته وتبدلت من القوة إلى الرقة وكأنه يخشى من أن يؤلمها واستمتعت معه ولم تتوانى عن إمتاعه وكلاهم مشتاق للآخر
نام كثيرا وهي تركته ولم تبقى بجواره بالفراش وعندما استيقظ وجدها واقفة أمام النافذة، كانت الظهيرة عندما شعرت بيده تتخلل خصلات شعرها فالتفتت له وهو يقول "ما زلت تخشين الاستيقاظ لتجديني جالسا أخبرك أني حققت انتقامي منك؟"
بهتت ملامحها من كلماته وأبعدت وجهها وهي تبتعد لكنه أمسك ذراعها برفق وأوقفها وهو يقول "لقد انتهى الأمر ملاك، أخبرتك أني لم أعد أفكر به، متى يمكنك النسيان؟"
نظرت له بصعوبة وقالت "أنا أفعل يوسف"
ظل صامتا لحظة ثم جذبها له فلم ترفض أحضانه وأغمضت عيونها وهو يملس بيده على شعرها ويقول "ظننتك جادة بأمر الثقة"
قالت دون أن تبتعد عنه "أنا كنت جادة يوسف"
أبعدها وهو يحيط وجهها بيديه وقال "بالنساء فقط؟"
دارت عيونها بكل ملامحه حتى قالت "اليوم أثق بك بكل شيء يوسف"
هز رأسه وقال "ولن تندمي مولوكيلا"
قضى اليوم كله معها فقط سرق ساعات بسيطة بمكتبه المجهز للعمل بكل الأجهزة اللازمة لمتابعة عمله ثم عاد لها وهي سعيدة بقربه


تعليقات



<>