
رواية وختامهم مسك الفصل التاسع9والعاشر10 بقلم نورا عبد العزيز
بعنــــــوان " قوة فتاة"
فتح "تيام" باب مكتب "جابر" بعبوس من هذا الرجل وقال:-
-مين اللى طلع امبارح الجناح الملكي
نظر "جابر" إليه بغضب شديد من تصرف "تيام" الذي أقتحم مكتبه دون أذن بطريقة همجية وفوضوية، قال بنبرة حادة قاتلة:-
-مش هتبطل طريقة الهمج دى
ضرب "تيام" سطح المكتب بقبضته بقوة غاضبًا من هذا الرجل الحاد الذي على وشك لكمه بسبب ما حدث فى "مسك" وقال:-
-ورحمة اللى شغلك هنا وركبك عليا، لو ما ظبط معايا يا جابر لتكون نهايتك على أيدي، همجية!! جرب تروح وتلاقي حد متهجم على مراتك ومش سايب فيها حتة سليمة وأبقي ورينى العقل والأدب بتاعك هيعملوا ايه
أتسعت عيني "جابر" على مصراعيها بصدمة ألجمته من حديثه ووقف من مقعده مصدومًا:-
-مين اللى اتهجم على دكتورة مسك؟
جذبه "تيام" من رابطة عنقه بقوة إليه ليتكئ "جابر" بذراعيه على المكتب من قوة "تيام" وتقابلت عيونهما فى نظرة حادة وعينيه تشتعل من الغضب، قال "تيام" بنبرة جادة:-
-أنت اللى هتقولي فتحت الأسانسير لمين، الدور الملكي مبيطلعهوش الأسانسير غير ببصمة الأمن، فتحت الأسانسير لمين يا جابر
أبعد "جابر" يده عن عنقه وقال بثقة من حديثه:-
-محدش طلع الجناح الملكي أمبارح غير غريب القاضي حماك المصون
أبتعد "تيام" بأندهاش من كلمته وتوقف عن الغضب عندما أخبره "جابر" بأن والدها هو من جاء إليها وفهم لما كل هذه الكدمات بها فبالتأكيد لم تجرأ "مسك" على الدافع عن نفسها أمام والده أو لكمه بقوة بقبضتها القوية، غادر بغضب شديد من هذا الرجل الذي لم يلقاه من قبل وفعل بها هذا...
أوقفه أحد الرجال وقال بهدوء:-
-تيام بيه
ألتف "تيام" إليه فمد الرجل ملف له وقال بثقة:-
-المعلومات اللى طلبتها، لا مؤاخذة الرجل دا عامل أيه؟ دا راجل تبعد عنه وعن شره مش تقرب منه
أندهش "تيام" مما يسمعه ونظر إلى الملف حيث صورة "بكر" ولا يعلم لما تسعي زوجته خلف هذا الرجل الشيطاني....
________________________
كانت "مسك" تسير مع "ورد" على شاطيء البحر معًا، تحدثت "ورد" بنبرة خافتة:-
-أنتِ يا مسك اللى تعملها، تتجوزي تيام
نظرت "مسك" إليها ببسمة خافتة ثم قالت:-
-اه، مصلحة وكلكم عارفين دا... تعرفي تيام من خلال معرفتي البسيطة جدًا بيه مش زى ما أنتم مُتخيلين، الراجل دا ماشي فى طريقه المنيل دا بمزاجه، لكن قوي يا ورد ويتخاف منه بدليل أنه قدر يجيب اللى عمل كدة فيكي بسهولة من تحت الأرض
ضحكت "ورد" بأندهاش من حديث "مسك" عنه وقالت:-
-ههههه أنتِ اللى بتقولي عنه كدة، متتخدعيش فى تيام يا مسك أنتِ متعرفيش عنه حاجة وتيام لو عايز منك مصلحة هيعرف يأخدها حتى لو بيمثل عليكي
وقفت "مسك" عن السير وألتفت لتنظر إلى "ورد" ثم قالت بجدية:-
-عارفة!! تيام اللى بيعوزه بيجري وراءه لحد ما يأخده لكن أطمني أنا مسك، يمكن متعرفنيش ولا شوفتيني غير فى شوية نظرات لكن تيام ميقدرش يقرب مني
أومأت "ورد" إليها بخفوت ونظرت إلى وجهها المتورم قليلًا وسألت بقلق:-
-هو اللى عمل فيكي كدة؟
أنفجرت "مسك" ضاحكة على كلمتها التى تشبه الدعابة وقالت بأندهاش:-
-مين تيام؟ تصدقي ضحكتني ... تيام يقدر يعمل كدة فيا؟ مش بقولك متعرفنيش دا لو فكر يعملها كان زمانكم بتأخدوا عزاءه
أومأت "ورد" إليها بنعم، قاطعهم صوت "زين" الذي جاء من الخلف ينادي على "ورد" قائلًا:-
-ورد
ألتفت "ورد" تنظر إليه وهكذا "مسك"، أقترب "زين" منها بهدوء وقال:-
-أزيك يا دكتورة؟
نظرت "مسك" له بأزدراء من لهجته الساخرة منها ثم قالت بغضب:-
-بخير، عن أذنك يا ورد
أوقفها "زين" بنبرة حادة عندما قال:-
-متأمنيش لتيام يا دكتورة
أخذت "مسك" نفسًا عميقًا بتنهيدة قوية ثم ألتفت إليه بغضب شديد من كلامه كأنه يأمرها ويتحكم بها فقالت:-
-ودا يخصك؟ تيام اللى بتتكلم عنه دا جوزى وحتة الأمان دى متخصكش بالمرة، وأحب ألفت نظرك لحاجة يا أستاذ زين لما تكن بتأكل فى لحم اللى منك متنتظرش أن الغريب يحمي لحمك وظهرك، أبقي قوليله يا ورد أن خلافات المقارنة والورث مش كفاية لكم الكره الى موجود جوه لأبن خاله... أقعد مع نفسك كدة وفكر تيام كان محتاج أن يتجبر على جواز من واحدة محترمة عشان يتصلح حاله ولا كان محتاج أهل يحبوه ويساندوه ويدعموه ويبطلوا يشوفه أقل الناس، تيام أثبت لك أنه معلمش كدة فى ورد ومع ذلك أتكبرت أنك تعتذر منه... أنا ماشية من حياته ودا شيء أكيد سوا كان دلوقت ولا بعد ما يأخد ورثه لكن لازمتها أيه المال والسلطة والمنصب وهو لوحده أو هيفيدك بأيه أنت لو خدت منه الورث والمال وأنت مالكش ظهر وسند وأيد تقف جنبك.. أنتوا أحقر عائلة أنا قابلتها وشوفتها فى حياتي، فى حياتي اللى عيشتها فى المستشفي أهالي بتضحي وتتبرع بحتة من لحمهم وجسمهم عشان بس ينقذوا فرد واحد من عائلتهم لكن أنتوا ما شاء الله كل واحد عايز يقطع من التاني حتة ويرميها لكلاب السكك
جز "زين" على أسنانه غيظًا من حديث هذه الفتاة الجريئة التى لا تهاب شيء أو تهتم لأمر مشاعر أحد دون مراعاة منها لقلوب الأخر، أخذ خطوة إلى "مسك" فتشبثت "ورد" بيده تمنعه من فعل شيء وقالت:-
-زين!
نظرت "مسك" له بثقة ثم قالت مُتابعة حديثها القاسي:-
-أنا لما جيت قولتلي كلمتين بلاش عداوة مع تيام ودلوقت أنا بقولك بلاش تتحداني ولعلمك انا مبحبش أسمع كلام ميعجبنيش
غادرت "مسك" من أمامه غاضبة بتحدي فنظر "زين" إلى "ورد" وقال بإقتضاب:-
-أنتِ متحملها أزاى؟
تبسمت "ورد" وهى تتشابك بيدي "زين" بحب ثم قالت بلطف:-
-بالعكس دى جميلة أوى يا زين وقوية، هي بس مبتحبش حد يأمرها أو يهددها بتجي باللطف لكن برضو حذرة جدًا من الناس لأن حياتها مرت على كتير من الغدر والناس الكذابين فطبيعي تكون قوية ومتديش فرصة لحد يتخطي حدوده معاها
كان يسير بجانبها مُستمتعًا بحديثها معه وبسمتها التى بدأت تظهر على وجنتها فقالت مُتابعة:-
-بس على فكرة قالت كلمتين صح، أنا موافقاها فيهم .. أنتوا عيلة ومحصلش بينكم اللى يخلي العداوة دى كلهم بينكم، تيام فاسد وصايع دا فى حد ذاته شيء يخصه هو لوحده مش إحنا ما دام مأذناش فى حاجة
تأفف "زين" بنبرة هادئة ثم قال بحيرة:-
-هو أنا اللى قطعت معه ولا غله وغضبه هو اللى سبب فى دا
-عشان كلهم بيقارنوه بيك
قالتها "ورد" بلطف ونبرة خافتة، لم يتفوه "زين" بكلمة واحدة وأكتفي بالنظر إليها حائرًا
________________________
تبسمت "زينة" بعفوية مع مجموعة العملاء التى تقف معهم حتى جاء "متولي" إليها وهمس فى أذنها قائلًا:-
-عايزك
أبتعدت "زينة" عنهم وتحدثت معه بهمس قائلة:-
-نعم!! دا وقته
قهقه "متولي" بهدوء ثم قال:-
-عارفة تيام كان بيعمل أيه اليومين اللى فاتوا، كان بيدور وراء واحد هو اكبر تاجر مخدرات فى مصر كلها وأفاجئك أكثر نازل عندنا فى الأوتيل هنا ويا عالم بيخطط لأيه بعد ما دخل علينا بخبر جوازه
نظرت "زينة" إلى الأمام بحيرة وعقلها كاد يشت منها أكثر بالتفكير فألتفت إلى "متولي" وقالت:-
-مش بقولك أنتِ شيطان يا متولي
_________________________
أستيقظ "تيام" من نومه بتعب شديد وكانت الساعة فى السادسة مساءًا، أرتدي تي شيرته الأبيض وخرج من الغرفة يشعل سيجارته بتكاسل ويضعها بين شفتيه، رأي "مسك" جالسة على الأريكة قرب الحائط الزجاجي المُطل على البحر وتحمل فى يدها فنجان قهوتها وتنظر فى هاتفها، جلس على المقعد المقابل لها وألقي بالملف على الطاولة بعد أن وضع قدم على الأخري تاركًا لها ملفًا مُفصلًا عن "بكر" وقال بهدوء:-
-اللى طلبتيه، بس معلش أستحملي فضولي.. أنتِ تعرفي الرجل الزبالة دا منين؟!
أخذت "مسك" الملف من يده بحماس شديد من حصولها على ما تريده وقالت بسخرية:-
-شوف مين بيتكلم!
جز على أسنانه بغضب سافر من ردودها التي تأتي له فى مقتل، تحدث بهدوء:-
-أنا مش هرد عليكي عشان ماليش مزاج أتخانق معاكي على الصبح
قهقهت ضاحكة على كلمته ورفعت نظرها إليه ترمقه بعيني ثاقبة كالصقر من الرأس لأخمص القدم بأزدراء من سُكره وحاله المشمئز ثم قالت:-
-صبح أيه سلامتك إحنا داخلين على المغرب
نظرت إلى الملف فى صمت متجاهل وجوده جواره، تطلع "تيام" بها بإعجاب هذه الفتاة التى تهزمه فى كل مرة بتحديها وقسوتها الحادة كالسكين الجارح له لكنه مُستمتع بهذه القسوة منها كأنه تلذذ بلعبة جديدة لديه، وجبة لم يتذوقها من قبل وكونها صعبة المنال يزيد من رغبته بها أكثر، قال "تيام" بهدوء:-
-أنا مستعد أساعدك فى اللى بدوري عليه بأشارة واحدة منك بس طبعًا مفيش حاجة ببلاش، ومش هعمل كدة جدعنة منى أكيد فى مقابل
تركت "مسك" فنجان قهوتها ونظرت له بكبرياء حواء الذي يزيدها جاذبية وقوة ثم قالت ببرود:-
-وطبعًا المقابل أنى أكون مراتك لمدة سنة، مش كدة؟!
تبسم "تيام" إليها بإعجاب ثم قال:-
-بيعجبنى ذكائك
وقفت من مكانها بسخرية وصوت ضحكاتها يملأ المكان، تقدمت للأمام ضاحكة وقالت:-
-لكن أنا بيعجبنى غبائك، اللى صورلك أن ممكن أقبل أني أكون مراتك لسنة كاملة
ذهب "تيام" خلفها بجدية وقال:-
-أعتبريها صداقة، أنا هساعدك فى حكايتك اللى معرفهاش لسه وأنتِ هتساعدينى أخد ورثي
ألتفت "مسك" إليه ببسمتها الساخرة ثم قالت بتحدٍ:-
-مش بقولك غبي، أنا أيه اللى يجبرني على دا فى حين أنى مش محتاجة مساعدتك
أقترب "تيام" منها بخطوات ثابتة وعينيه تحدق بعينيها الجريئتين ثم قال بعد أن وقف أمامها:-
-أسمحيلي أقولك أن لو فى حد غبي فهو أنتِ، أنتِ بالفعل مراتي وأنا ممكن مطلقكيش أصلًا وتفضلي مراتي غصب عن عينيك.. لكن أنا جدعنة منى بقولك خليكي مراتي برضاكي
جزت على أسنانها من الغيظ الذي أصابها من لهجته وتهديده، أوقعها فى فخه والآن يتحكم بمصيرها فقالت:-
-أنت حيوان....
قاطعها "تيام" عن سبه حين جذبها بقوة واسكتها بقبلته هذه المرة، حاولت الفرار منه ويديه تقيد يديها الأثنين بأحكام وقوة ثم أبتعد عنها يحدق بها بسخرية وقال:-
-أنتِ مش هيعلمك تتكلمى بأدب مع جوزك غير دا، أنا متحملك بالعافية وعاصر على نفسي بدل الليمونة ألف، لكن لحد كدة وكفاية بلاش تشوفي وشي التاني لأن عقابي هيوجعك وأوعي تفكري أن مهما كنتي قوية هتقدري تمنعينى عنك لو عوزتك....
كانت تنتفض غضبًا وبركانًا بداخلها نشبت نيرانه من قلبتها التى سرقها رغمًا عنها كعقاب لها منه على سبه، انهى كلماته لترفع يدها تصفعه على وجهه، مسك "تيام" يدها يمنعها عن فعل ذلك وجذبها إليه أكثر حتى التصقت به وشعرت بحرارة جسده وأنفاسه الباردة، تحدث بقوة مُهددًا إياها وغاضبًا من فعلتها بوجهه المشتعل نارًا:-
-عيب ترفعي أيدك على جوزك، أنا عدتها مرة لكن المرة الجاية هقطعها ولسه بقولك بلاش يا مسك تشوفي وشي التاني
حاولت الإفلات من بين يديه التى تعتصرها بحضنه بالقوة، أحكم قبضته عليها أكثر حتى يوصل لها رسالة واحدة وأنها رغم قوتها ما زالت امرأة ضعيفة أمام بنيته الجسمانية التى خلق بها، تطلع "تيام" بعينيها وقال بهمس:-
-فكري فى اللى قولتلك عليه، لأن سواء رضيتي أو لا أنا مش هطلقك يا مسك
-عادي شيء متوقع من واحد زيك ندل وغشاش وواطي
قالتها بغضب يحرقها من الداخل وحرب نشبت بين ضلوعها من فعلته، رد على كلماتها بقبلة أخر كعقابًا لها على ما تفوهت به لكن هذا المرة لم تتركه ينهي قبلته كما يريد بل أنهتها "مسك" هذه المرة عندما ضربته بين قدميه بركبتها بغضب ليبتعد عنها بألم شديد أصابه فقالت بأغتياظ منه:-
-حذرتك وقولتلك بلاش، أنا مش زى اللى مروا عليك والله لو كررتها لأنهيك يا تيام وأخليك مش نافع بجد
دلفت إلى غرفتها غاضبة منه وهو يتألم من ركلتها له، وقفت أمام المرآة بغيظ شديد منه وتضع يديها على شفتيها بسبب لمسه إليها فأوشكت على كسر المرآة بيديها من الغضب الكامن فى جوارحها، فتح باب الغرفة ودلف "تيام" إلى الغرفة وأغلق الباب بقوة، صرخت به بأنفعال قائلة:-
-أنت مش ناوي تعقل...
وضع يديه على فمها بغضب وقلق شديد ثم قال:-
-أسكتي مطلعيش حس
كادت أن تضربه وتدفعه بعيدًا عنها لكن أوقفها صوت أحد بالخارج يحاول فتح باب الغرفة، أدخلها إلى خزانة الملابس وقال بقلق شديد:-
-إياك تتحركي من هنا؟
سألته "مسك" بحيرة وعدم فهم:-
-هو في أيه؟ مين دول؟
-متتحركيش من هنا يا مسك
قالها بلهجة أمرية ثم أغلق الخزانة عليها، كسر باب الغرفة ودلف رجلين وبدأ فى عراك معهم ليلكم "تيام" وجه أحد وكسر المرآة برأس الأخر، راقبته "مسك" من الخزانة بأندهاش ولا تعرف من هؤلاء، أخرج الرجل سكينًا من جيبه وبدأ فى الهجوم على "تيام" فلكمه فى وجهها حتى تلقي "تيام" مقابلة لكمته السكين الذي غرس فى خصره، تألم "تيام" بقسوة وسحبه الرجال إلى الخارج، أنتفضت "مسك" غضبًا ولا تعرف أتتركه لهما أم تساعده، يستحق العقاب على فعلته لها لكنها ما زالت بحاجة إليه..
ركل "تيام" الرجل فى خصره بقدمه بقوة أسقطه من فوق الدرجات رغم أصابته لكنه قويًا لن يُهزم بسهولة، أقترب رجل من خلف "تيام" وكان على وشك ضربه لكنه تلقي لكمة من قبضة "مسك"، ألتف "تيام" إليها بعد أن سمع أرتطام جسد الرجل ورأها تقف فى ظهره فبدأ الأثنين فى عراك شديد مع هؤلاء الرجال، سقط "تيام" على الأريكة يجلس ويحمل فى يده مسدسًا ويده الأخري على جرح خصره وقال وهو يحك رأسه بالمسدس:-
-مين اللى بعتك؟ زين!!
تبسم الرجل رغم وجهه الذي لم يتبقي أنش فى وجهه سالمة، ضحك "تيام" بنبرة أكثر رعبًا من هذا الرجل وقال:-
-ههههه لا مش زين!! زين ميعملهاش ... اللى بعتك اللى عملها فى ورد، الأيد الخفية اللى قصدت توقع بيني وبين زين.. مين بقي
تمتم الرجل بجدية قائلًا:-
-أنت ذكي
-وأنت غبي عشان اللى يحب يعملها ميجيش فى ملكي وعلى أرضي عشان يعملها
قالها "تيام" بغضب سافر ثم أتصل على "جابر" وزين" ليصعدوا له، وقف ببرود شديد ثم أعطي المسدس إلى "زين" بكبرياء وقال:-
-أنا واثق أن اللى عملها هو اللى عملها فى ورد لو يهمك لكن لو ميهمكش سيبهم ليا وأنا أتصرف معهم..
دلف إلى غرفته وألقي بجسده المنهك على الفراش وأغمض عينيه ثم وضع ذراعه فوق عينيه حتى شعر بيد دافئة ترفع تي شيرته عن خصرها، أنزل ذراعه عن عينيه ليري "مسك" تجلس جواره على الفراش وتنظر إلى جرحه بأهتمام شديد، وضع ذراعه مرة أخرى على عينيه ثم قال بلهجة واهنة:-
-عارفة الحلو فيكي أيه يا مسك رغم كل حاجة زفت فيكي
ضغطت على جرحه بغضب من كلمته ليتألم من ضغطها ثم قال:-
-براحة بدل ما أقوملك، نرجع لكلامنا، الحلو أن عندك أنتماء ووفاء للحاجة اللى بتحبيها، يعنى حُبك للطب مخليكي متقدرتش تشوفي مريض قصادك أو حد يتوجع وتسكتي حتى لو كان نفسك تقتلي بأيدك
أجابته "مسك" ببرود ويديها تعالج جرحه بأهتمام شديد:-
-كويس أنك عارف أن نفسي أقتلك ومانعة نفسي عنك بصعوبة
ضحك "تيام" بعفوية مُستسلمًا إليها، وضعت لاصقة على خصره بلطف تنهي علاجه، أنزلت التي شيرت من جديد ثم قالت بفضول شديد:-
-مين اللى عايز يقتلك؟ أنا من يوم ما جيت وكل مكان بتحط رجلك فيه في حد عايز يأذيك
تنهد بهدوء ناظرًا إلى السقف الأبيض بحيرة ثم قال:-
-وهو مين عايزني فى حياته يا مسك، طبيعي بكل اللى بيكرهوني دول يحبوا يخلصوا مني
نظرت إليه بإشفاق لا تعلم أهو يستحق هذا الكره والقتل أم يستطيع الدعم والمساندة حتى يصلح من حاله، غادرت "مسك" الغرفة بهدوء شديد ولا تقوي علي....
_________________________
"مستشفى القاضي "
ركض الأطباء فجرًا إلى غرفة "غزل" بعد أن وصلهم أنذارًا من الأجهزة، دلف الأطباء إلى الغرفة وكان جسدها ينتفض بتشنجات حاول الأطباء إسعافها ومحاولة أنقذها، دلف "غريب" بصدمة من وصول الخبر له ليجد الأطباء يضعوا الغطاء على وجهها معلنين وفاتها ومفارقة روحها لهذا الجسد المًصاب فسقط "غريب" أرضًا مصدومًا من فقد أبنته نهائيًا.....
الفصــــــــــل العــــــاشــر ( 10 )
بعنــــــوان " وجع الفـــــراق "
أمر "جابر" رجاله بضرب هذان الرجلان بقوة حتى يتوقفا عن عنادهم ويتحدثان، هتف بنبرة قوية قائلًا:-
-برضو مش هتتكلموا
ظل الأثنين فى حالة من الصمت القوي رغم الألم والضرب المبرح الذي يتعرضون له لكن خوفهم من "بكر" أكبر بكثير...
خرج "جابر" من هذا المكان غاضبًا وعقله يفكر بشرود تام من هؤلاء ومن خلفهم يخشاه بهذا القدر كي يتحملوا هذا الكم من الضرب والأذي ولم يجرأ أحدهم على فعلها، أتجه إلى مكتب الأمن وسأل بغضب سافر:-
-أنا كلام كان واضح، اللى فتح الأسانسير للجناح الملكي تجيبهولي من تحت الأرض واللى حصل إياك جنس مخلوق يشم خبر عنه وألا هتكون انت المسئول قصادي
أومأ إليه قائد الأمن بنعم موافقًا على أمره ليغادر "جابر" من غرفة الأمن وقال بأختناق:-
-كان ناقصني هجوم فى الأوتيل كمان
_________________________
كانت "مسك" تقف على الشاطيء صامتة وتنظر إلى البحر وأمواجه العالية تفكر فى والدها وغضبه منه، حاولت الأتصال به لكنه لم يجيب عليها ويتجاهل كل أتصالاتها ورسائلها، الوحدة تقتلها وخصامه يفتك بها وجعًا..
على البار القريب من الشاطيء كان "تيام" واقفًا مُرتدي تي شيرت وردي اللون وفوقه قميص أبيض مفتوح وشورت يصل لركبته وحذاء رياضي، حولها فتيات أجانب ويضحكون معًا ويتحدثون رغم عينيه التى لا تفارق "مسك" بوحدتها هناك ولا تبالي لأفعاله تمامًا كأنه غريبًا لا تكترث لأفعاله ولا علاقاته النسائية، رأى رجل يقترب منها حتى وقف جوارها وطال حديثهما ..
قاطع شرودها ظهور "سراج" جوارها يقول:-
-أخبارك أيه يا دكتورة مسك؟
ألتفت "مسك" بأندهاش من وجوده هنا فى الغردقة وقالت مذهولة:-
-سراج، بتعمل أيه هنا؟
وجهه شاحبًا وعينيه باردة كالثلج يحدق بها بإشفاق لا تعلم سببه فربما السبب الوحيد الذي طرأ على عقلها هو خصام والدها وخبر زواجها، تحدث "سراج" بهدوء شديد قائلًا:-
-أنا عندي خبر لحضرتك مش حلو محتاج أنك تكوني قوية؟
ألتفت "مسك" إليه كليًا تحدق فى وجهه بقلق من هذا الخبر الذي نقله من القاهرة إلى الغردقة لتقول:-
-أيه؟ بابا حصله حاجة؟!!
هز رأسه بلا ليزداد قلقها أكثر فأبتلعت لعابها بخوف شديد تملكها عندما نفي حدوث مكروه إلى والدها وقالت بتلعثم:-
-غزل
تنحنح بأرتباك من لفظ هذا الخبر وهذا التوأم بروح واحدة قسمت لأثنين فى أجسادهما ثم قال بخفوت شديد رأفةً بها:-
-أطال الله فى عمرك، أتوفيت من يومين ومكنش ينفع تعرفي الخبر من التليفون .....
قاطعه سقوط "مسك" على الأرض من هول الصدمة وبدأت تلهث بصعوبة وأنفاسها تكاد تنقطع من فراق أختها، أتسعت عينيها على مصراعيها بصدمة قتلتها للتو من موت أختها وسالت دموعها بقوة الفيضان بل إعصارًا هجم على قلبها وروحها أغرقهما فى أوجاعه وحزنه، هرع "تيام" إليها بخوف بعد أن سقطت على الأرض تبكي وتنتفض على غير المعتاد من قسوتها وقوتها ليقول بجدية:-
-أنت مين؟
نظر "سراج" إلى "مسك" المنهارة على الأرض رغم هدوءها وصوت بكاءها المكبوح بداخلها تكتفي بدموعها المنهارة، تجاهل "تيام" عندما جثو على ركبته وقال بلطف:-
-دكتورة مسك أنا ...
لم يكمل كلمته عندما اتكأت "مسك" على ذراعها ووقفت من مكانها وبدأت تركض فأستدار "تيام" خلفها وبدأ يركض بقوة وراءها رغم أصابة خصره ومع ذلك لم يكترث لشيء سوى اللحق بها ولا يتركها وحدها بهذا الضعف، وضع يده على جرحه ولم يتوقف لحظة واحدة عن الركض خلفها، ظلت تركض بعيدًا لا تعلم إلى أين تأخذها قدميها لكنها تركض خلف ذكريات "غزل" التى همشت قوتها وصمودها وتقتل عقلها، غادرت الفندق ركضًا لتسقط على الأرض من التعب المنهك بقلبها وبدأت تضرب صدرها بقوة من الألم ونيران الفراق تحرقها بقسوة من القدر ، تبكي تاركة العنان لصوتها المبحوح أن يخرج من حنجرتها وتأني وجعًا وجزنًا، توقف "تيام" خلفها يراقبها وهى تجهش فى البكاء بضعف شديد وإنكسار وصوت شهقاتها يخترق أذنيه، لا يفهم ماذا قال هذا الرجل لها حتى وصلت لهذه المرحلة؟، وقف يراقبها من بعيد وهى جالسة على ركبتيها وتضرب صدرها بقوة وتصرخ باكية، جسدها ينتفض من الفراق لكنه لم يصمد كثيرًا فى المراقبة ، ذهب إليها وجثو على ركبتيه أمامها، تطلع بها وهى تنظر إلى الأرض وتضرب صدرها، مسك قبضتها التى تهمش صدرها من الوجع بحنان منه فسابقًا رفض رؤيتها باكية مُحافظًا على كبريائها أمامه لكن هذه المرة لم يقوي "تيام" على رؤيتها بهذا الإنكسار، وضع يده أسفل ذقنها بلطف ورفع رأسها إليه، تبكي وتنتفض بصدمة وألم يمزق صدرها من فراق "غزل" كأن جزءًا من روحها فارقها مع فراق أختها، تمتم بنبرة دافئة:-
-حصل أيه؟!، أيه اللى عيطك كدة
زادت من نفضتها وأنهيارها لم تتخيل للحظة أن تبقي وحيدة هنا بهذا العالم وأن تفارقها أختها، جفف دموعها بأنامله وقال بنبرة هادئة:-
-طب خلاص متحكيش، فداكي أى حاجة، اللى اتكسر يتصلح أمسحيها فيا طيب
طأطأت رأسها بأنكسار ويدها تضرب صدرها بقبضتها الصغيرة بألم يفتك بها، ضم رأسها إليه بإشفاق عليها وعقله يكاد يقتله من التفكير لا يعرف ماذا حدث لها وأبكاها فى الطرقات هكذا، تشبثت "مسك" بقميصه بيديها وجهشت فى البكاء بألم، طوقها بذراعيه وبدأ يربت على ظهرها ويمسح على شعرها بحنان ثم قال:-
-خلاص، حقك عليا أنا من أى حاجة مزعلكي... أنا أسف ليكي نيابة عن العالم كله..
توقف عن الحديث بنبرته الدافئة عندما سقطت رأسها فاقدة للوعي من هول الصدمة التى أصابتها بخبر موت أختها فتشبث بها بقوة خوفًا عليها وراحمًا بضعفها وإنكسارها، قبل جبينها بقلق وعينيه تحدق ملامحها يتأملها وهى جسدًا باردًا بين ذراعيه لا حول ولا قوة لها، أحتضن وجهها براحة يده ويحمل نصفها العلوي على ذراعه الأخري فقال مُتمتمًا:-
-مين اللى وجعك كدة؟ وبعدين معاكي يا مسك!!
____________________________
ذهبت "ورد" إلى مكان السباحين وهناك تقابلت مع "فادى" صديقها ليبتسم بسعادة لعودتها بعد غياب أكثر من شهر بسبب حادثتها التى سمع بها من الجميع، قال بعفوية:-
-ورد
تبسمت بخفوت إليه وهى تتكئ بذراعيها على النافذة الخشبية التى تفصلهم وقالت:-
-عامل أيه؟
-الحمد لله المهم أنتِ عاملة أيه؟
قالها برحب شديد لعودتها، أعطي أدوات الغوص إلى أجنبي للإيجار من النافذة ثم وقف محله فى الداخل ينظر إليها بسعادة، أجابته "ورد" بهدوء:-
-الحمد لله أحسن
تبسم إليها بسعادة وقال:-
-دايمًا يارب، أنتِ لازم تقوي يا ورد
أشارت إليه بنعم بتكفل وحذر شديد فأدرك أن هناك الكثير من الأشياء التى كُسرت بهذه الفتاة حقًا، رغم قتل الشاب الذي قبض عليه بجريمة ما فعله بها لكن هذا لم يصلح ما كُسر بها، بعض الأشياء عندما تُكسر لا تُصلح مرة أخرى مهما كان ثمن الإصلاح ..
________________________
فتحت "مسك" عينيها من التعب وكانت جالسة على الأرض قربه أمام البحر ورأسها على كتفه يحيطها بذراعه، أبتعدت عنه بضعف شديد أصابها لينظر إلى وجهها وقال:-
-أنتِ كويسة؟
لم تجيب عليه، تنحنح "تيام" بقلق ثم قال بفضول:-
-قالك ايه الراجل دا عشان توصلي للمرحلة دى؟
أخذت نفس عميقًا وعادت للبكاء من جديد ليتحدث "تيام" بتعجل وسرعة يحاول منعها من العودة للبكاء:-
-خلاص خلاص متقوليش حاجة بس متعيطش
وقف لكي يغادر تاركها وحيدة مع ضعفها فعقلها لم يتحمل هذا الضعف منها لكنه توقف عندما سمع صوتها المبحوح تقول بخفوت:-
-أنا موافقة أكمل السنة معاك
ألتف إليها بصدمة أصابته فتابعت بهدوء يحدق بها مذهولًا من قرارها:-
-بس تساعدنى
جلس من جديد جوارها بتهكم وعقله حائرًا والفضول يقتله أكثر حول ما قاله "سراج" لها حتى غير رأيها بهذه البساطة واللين، بدأت "مسك" تتحدث ودموعها تسيل على وجنتيها:-
-أنا باباي مطلق مامتي من 20 سنة وكل واحد منهم قاطع كل الصلة مع التاني وكان عندي أخ أكبر مني، ماما أخذته معها لما مشيت وأصحاب السوء عرفوه طريق المخدرات ومرة واحدة مات وعرفنا أن سبب الوفاة هو جرعة زيادة من المخدرات لكن ماما مصدقتش دا وأصرت أنه أتقتل وكان عندي أخت توأم...
جهشت فى البكاء مع ذكر "غزل" أكتر وبدأت ترتجف بقوة وطأطأت رأسها للأسفل ليربت "تيام" على كتفها بلطف وقال بجدية:-
-أهدئي طيب، متحكيش لو الكلام هيتعبك
جففت دموعها بضعف بقوة محاولة أن تتشبث بهذه القوة التى سقطت عنها أرضًا مما حدث وأكملت الحديث:-
-غزل كانت توأمي، مهندسة فى الجيش وقوية، ماما أقنعتها أن فى حد قتل أخويا وهى صدقت وسابت الجيش وبدأت تدور وراء كل الناس اللى يعرفهم لحد ما وصلت لتاجر مخدرات وعرفت أنه أجبر أخويا يشتغل ديلر، زيفت هواية ليها وقربت من الناس دى عشان تعرف الحقيقة وفى يوم لاقيتها داخلة عليا وقالتلي أنها عرفت معلومات خطيرة ومهمة هتسجن بيها الراجل دا، لكن بعدها بيومين لاقيتها فى المستشفي شبه ميتة فى حادثة عربية ودخلت غيبوبة، بابا قرار يبعتني هنا بالأجبار لانه كان خايف أنهم يأذوني أنا كمان ويبقي خسر ولاده الثلاثة لأنه عرف أن تاجر المخدرات بيدور وراها عشان المعلومات دى وهيأذيها لأن غزل كانت واثقة أن اللى معاها واللى عرفته عنه هينهي حياته بس هى ملحقتش وماتت...
جهشت باكية ولم تقوى على التفوه بكلمة واحدة بعد ذكر نهاية أختها ، جذبها "تيام" إليها يضمها بين ذراعيه فجهشت باكية بأنهيار مُتشبثة به بكلتا يديها تنتفض بين ذراعيه ويشعر ببرود جسدها لكنه ربت عليها بلطف وهمس إليها:-
-أهدئي طيب
أبتعدت عنه وقالت بحزم غاضبة وقد تحولت لرماد من نيران الفراق التى أحرقتها:-
-هتساعدينى؟
-الراجل دا يبقي بكر صح اللى طلبتيه مني معلومات عنه
قالها بحزم شديد من إصرارها على الأنتقام فأومأت إليه بنعم ليقول:-
-أنتِ متقدرتش تلعبي معه، دا راجل قذر
نظرت إلى عينيه بقلق من أن يخشاه ويرفض مساعدتها فقالت بجدية:-
-الراجل دا جالي لحد عندي يعنى بيدور ورايا لو مأذتوش هو اللى هيأذينى، وبعدين أنا مبخافش وهو عارف دا كويس
أبتلع "تيام" لعابه بحيرة من أمرها ثم قال:-
-أنتِ متعلمتيش من اللى حصل، أختك وصلت لهنا عشان فكرت تقرب منه وأنتِ هتكرري نفس اللى هي عملته
أومأت إليه بنعم بتحدي فهى ستنال من هذا الرجل مهما كلفها الأمر ليقول بضيق شديد:-
-بكر نازل فى الأوتيل هنا؟ يعنى هو ناويلك يا مسك ومش بعيد يكون هو اللى عايز يقتلك، متنسيش أن من ساعة ما رجلك أتحطت فى المكان دا وأنتِ كل يوم فى مشكلة وخطر أكبر
-عشان كدة أنا مش هرجع القاهرة، أنا كان المفروض أرجع بعد أسبوع لكن أنا مش هتحرك من هنا ، ممكن تقولي هتساعدني ولا هتخاف
قالتها بغضب يحرقها ونيران الأنتقام تقتلها وتسيطر على عقلها، رفع "تيام" حاجبه بغرور شديد من كلمتها ثم قال:-
-أنا مبخافش
ظلت تنظر إليه مُنتظرة جوابه، عينيها تربكه وتألمه رؤية دموعها لطالما كان الأفضل له كبريائها وقوتها لكن ضعفها هكذا يثير شفقته ويجعله يرغب بهدم هذا العالم لأجل رؤيتها قوية من جديدة، أبتلع لعابه بحيرة من هذه النظرات وقال:-
-هساعدك ما دام هتساعدينى
أومأت إليه بنعم بأستماتة وقالت بثقة:-
-هساعدك والله وهفضل معاك سنة
هز رأسه بنعم إليها موافقًا على هذا، أخذها وعادوا للفندق معًا، رأهما "بكر" وهو جالسًا على طاولته ويشرب فنجان قهوته فأشتعل غضبًا من رؤيتها قرب رجلًا أخر وهو هنا قد فقد عقله تمامًا أمام قوتها وجراءتها، أستثنائها أحتل عقله وقلبه من الوهلة الأولي، ظل يتبعهم بنظره حتى رأي "تيام" يتركها أمام المصعد وأتجه إلى طريق الكازينو، تبسم "بكر" ووقف من مكانه يذهب خلفها..
ضعطت "مسك" على زر الطابق الأخر ووضعت مفتاح الجناح الإلكتروني على بصمة المصعد وقبل أن يغلق الباب وضع "بكر" يده بمنتصف البابين حتى يمنع إغلاقه، نظرت "مسك" لترى وجهه فجزت على أسنانها وأغلقت قبضتها بقوة بأحكام قبل أن تقتل هذا الرجل للتو وما زال قلبها ينزف وجعًا على فراق أختها ....
_________________________
سار "زين" معها فى شوارع الغردقة ويأخذ يدها فى يده بسعادة ويأكل معها المثلجات لتقول "ورد":-
-دا كمان يا زين وحياتي
نظر إلى محل الأكلات السورية ثم قال بعفوية مداعبًا إياها:-
-نفسي الأكل اللى بتأكليه دا يبان عليكي يا ورد، يا بنت دا أشيلك بأيد واحدة مش كدة
تبسمت بعفوية على تذمره من نحافتها وقالت بحماس:-
-طب دا أحسن عشان متقلقش على غضروفك
قهقه ضاحكًا على جملتها ووقف يشتري سندوتشات من الطعام لهما وأنطلق فى طريقهما، تحدث "زين" بخفوت:-
-لسه مقررتيش هنتجوز أمتى؟
صمتت "ورد" بخوف من أخذ هذه الخطوة الآن ليقول بغزل وعينيه تغمز لها بحب:-
-يا بت أرحمي قلبي العاشق
تبسمت بخجل من كلماته ثم قالت:-
-حاضر يا زين.. أختار الوقت اللى يعجبك
نظر إليها بحماس شديد وقلبه يرفرف فرحًا من موافقتها ثم قال:-
-أنا لو عليا هختار أني أخذك للمأذون دلوقت حالًا
قهقهت ضاحكة بعفوية على هذا الرجل ثم قالت:-
-لا مش لدرجة دي يا زين!!
أخذها فى يده وأكمل طريقهما معًا كان مُتعمدًا ألا يتركها لحظة وحيدة حتى لا يقتلها الخوف والوجع مما أصابها، تبسمت "ورد" بخفة على بقائه معها وكانت مُدركة أنه يظل جوارها رغم عمله الذي يتطلب منه مجهودًا كبيرًا فى منصبه الجديد لكنه يفضلها على كل شيء، تمتمت بخفوت وقالت:-
-أنا كويسة يا زين
ألتف كي ينظر إليها فرأها تحدق به بجدية وقالت:-
-كويسة متقلقش عليه
تنحنح بخفوت من إدراكها لتصرفاته وقال بحرج:-
-ورد أنا...
قاطعته ببسمتها اللطيفة وقالت بدفء:-
-أنا عارفة أنك خايف عليا واللى بتعمله عشان تخفف عني، لكن صدقني أنا كويسة فعلًا..
هز رأسه بنعم إليها فتبسمت أكثر من أجله مُدركة أن ما يحركه هو الحب الذي يحتل قلبه إليها وهذا الخوف نابعًا من عشقه، كل ما يخشاه هو أن يقتلها الخوف فى وحدتها....
_______________________
أقتربت فتاة من "تيام" داخل الكازينو ووضعت يدها على ظهره بينما تجلس قربه على البار، نظر "تيام" إليها وهو يحمل فى يده كأسه تطلع بها فتاة جميلة وشعرها ذهبي اللون وتضع عدسات لاصقة فى عينيها الزرقاء وبشرتها بيضاء ترتدي فستانًا يليق بهذا المكان القذر، فضي اللون وقصير يصل لأعلي ركبتيها وبدون أكمام تحدثت قائلة:-
-هاي
أندهش من جراءتها وقال:-
-مصرية
أومأت إليه بنعم ثم وضعت سيجارة بين شفتيها وقالت بدلال:-
-ممكن تولع لي؟
رغم أنه مدخن من الدرجة الاولي لكنه رفض قائلًا ببرود شديد:-
-معيش ولاعة، وماليش مزاج
قالها وعينيه ترمقها من الرأس لأخمص القدم يخبرها بعينيه أنه لا يريدها ، وقف من مكانه كي يغادر بأختناق من عقله وتصرفاته، يجلس هنا مُنذ ساعة ولم يرفع نظره بأى امرأة وعقله يفكر فى "مسك" وحدها وبكاءها، عندما ضمها باكية كانت باردة لدرجة نفضت قلبه من محلها، شعر بضربات قلبها بين ذراعيه لم تكن الأولي التي ضمها إليه بهذا القرب فسابقًا ضم من النساء الكثير بعدد أنفاسه لكنه لم يشعر بما شعر به حينما ضمها وتشبثت به، أسرعت الفتاة خلفه وقالت بغيظ شديد:-
-أيه اللى مش عجبك فيا؟
ألتف إليها ثم قال بسخرية من سؤالها ونبرة باردة كالثلج:-
-بالعكس أنتِ جميلة وتعجبي أتخن واحد هنا لكن أنا لا
أقتربت الفتاة منه ووضعت يدها على صدره بدلال تداعب أزرار قميصه المفتوح من الأعلي بأغراء وقالت بنبرة مُثيرة:-
-ليه؟
أبعد يدها عنه بالقوة وقال حادقًا فى وجهها بغرور وتغطرس قائلًا:-
-لأني متجوز
غادر بعد أن أخبرها بهذه الكلمة أنه لا يريد امرأة لأنه بالفعل يملك واحدة، دلف للمصعد بضيق من تصرفه كأن عقله جن فى محله وتساءل هل أصبح يرفض الفتيات لأجل "مسك" وتحجج بزواجه الصوري منها؟ لم يقبل عقله بفتاة أخر تدخل بين ذراعيه وتلوث هذا العناق الذي تركته "مسك" به، لم يقوي على ضم امرأة أخري بعدها ليُدرك "تيام" بأن نهايته ستكون بسبب "مسك"....
_______________________
ظلت جالسة محلها على الأريكة بغضب سافر وتتذكر صعود "بكر" معها فى المصعد، وقف جوارها فى صمت حتى قتل هذا الصمت صوت "مسك" تقول:-
-متعلمتش من اللى قولته؟
ألتف "بكر" إليها يتطلع بها من الرأس لأخمص القدم ثم قال بإعجاب:-
-بالعكس أتعلمت أنك غير الكل، لكن كمان أتعلم انك بتقدري تشلقبي حال أى راجل من النظرة الأولي
رفعت نظرها إليه بأندهاش، ألتف "بكر" إليها وعينيه تخبرها بأنه يريدها لتبتلع لعابها خوفًا من هذا الرجل الذي جاء فى اللقاء الأولي لقتلها أم الآن يريدها، تشبثت بقوتها وأستمعت إلى حديثه يقول:-
-أزاى واحدة زيك ينتهي بها الطريق مع راجل زى تيام.. أنتِ عايز راجل بجد يحطك تاج على رأسه
قهقهت ضاحكة بسخرية شديدة منه وقالت:-
-زيك مثلًا
أقترب نحوها بخطوات بطيئة وعينيه تلتهم كل أنش بها بإعجاب شديد مهوسًا بها ثم قال:-
-سيبه وتعاليلي يا مسك وأنا أخليكي فوق الكل
ضحكت بسخرية أكبر فهل جاء إليها بعد أن تسبب فى قتل أخواتها الأثنين كى يخبرها بأنه يريدها وقالت بغضب:-
-أنت عبيط وشكلك كبرت وبدأت تخرف
حاصرها فى المصعد ويديه تقيدها وعينيه تنظر لكل أنش بها ثم قال بإعجاب:-
-بلاش تشوفي الخرف عندي بيبقي عامل أزاى
دفعته بقوة بعيدًا عنها مُستشاطة من الغضب والكره الذي بداخلها لهذا الرجل ، لا تقوي على تحمل رؤيته يتنفس أمامها حي وأختها توفت وفقدت حياتها بسببه وقالت:-
-أنت مجنون ومكانك الأمثل مستشفي المجانين
تبسم إليها بسمة شيطانية خبيثة وقال بتهديد واضح:-
-وأنتِ مسكينة مُصرة تخسري كل الناس اللى فى حياتك على أيدي.. أخوكي وغزل وبكرة يبقي تيام جوزك ووقتها هتبقي أرملة وأن مجتيش بمزاجك هجيبك غصب عنك
مسكته من سترته بقوة بغضب أشعل نيرانه هو هذه المرة رغم محاولتها فى كبح غضبها قدر الإمكان منذ رؤيته وقالت بتهديد واضح:-
-اللى أذيتهم حقهم أنا أخده من دمك لأني غير الكل زى ما قولت وتيام لو قربت له هتبقي بتستعجل موتك على أيدي... جرب بس ترفع عينيك فيه
تركت سترته بأغتياظ شديد منه وعينيها تبث شرارة نارية، تبسم "بكر" بأندهاش من دافعها عنه وتهديدها له من أجل "تيام" وقال:-
-أنتِ حبيته ولا أيه؟ معقول دا!!
تأففت بضيق شديد منه ثم ضغطت على زر الطابق التالي لتغادر المصعد تاركة هذا الرجل قبل أن تقتله حقًا هنا...
فتح باب المصعد لتري "تيام" يترجل منه، نظر "تيام" إليها بعد أن رأها جالسة على الأريكة وترفع قدميها فوقها مُرتدية بيجامة بنصف كم باللون الأسود وبنطلون فضفاض وتضع فوق قدميها شال من الصوف وتحمل فى يدها كوب من الأعشاب الساخنة تحيطه بيديها الأثنين، ظل يحدق بها بحيرة من أمره ودموعها ما زالت لم تجف بعد على فراق أختها و"طاهرة" جالسة أمامها على الأرض تواسيها ...
تجاهلها وصعد إلى غرفته فى صمت وحيرته تقتله لا يفهم سبب تصرفاته، نظرت "طاهرة" إليه بأندهاش من عودته باكرًا عن المعتاد ثم قالت:-
-ليكون عيان دا عمره ما عملها ورجع قبل الصبح!!
أبعدت "مسك" الشال عن قدميها لتضعه على ظهرها وذراعيها، صعدت بهدوء إلى غرفته وطرقت الباب برفق ولم تدخل حتى سمعته يقول:-
-أدخلي
دلفت "مسك" للغرفة فرأته مُستلقي على الفراش بملابسه بتعب مُنهكًا من التفكير، رفع رأسه عن الفراش كي ينظر إليها فرأها تحمل فى يدها صندوق الإسعافات الأولية ليبتسم بعفوية عليها وقال:-
-مش قولتلك مبتقدريش تشوفي مريض قصادك
عاد برأسه للخلف بحيرة من هذه الفتاة، جلست جواره وفتحت زرين من قميصه من الأسفل وبدأت تطهر جرحه الذي بدأ يلتئم ويشفي، عقلها شاردًا أتخبره بتهديد "بكر" لها بأذيته أم تلتزم الصمت فما زالت العلاقة بينهم لا تسمح لها بهذا وتذكرت ما حدث صباحًا فتنحنحت بحرج، تمتمت "مسك" بهدوء:-
-أنا أسفة
رفع رأسه وجسده مُتكئ على مرفقه بأندهاش من أعتذارها الذي يسمعه لأول مرة منها، هذه الفتاة القوية لم تعتذر لأحد من قبل لكنها فعلت اليوم بسبب حزنها وغيمة الفراق التي أحتلت عقلها وقال:-
-دا من أيه؟
تحاشت النظر إليه بحرج وأغلقت يديها على الشال الصوفي بأرتباك من عينيه وقالت:-
-عشان اللى حصل الصبح، أنا كنت مصدومة بس و...
قاطعها "تيام" عندما أعتدل فى جلسته كليًا وقرب رأسه منها يقول بهمس خبيث متعمدًا هذا بجراءة:-
-عشان حضنتيني!!
أزدردت لعابها بحرج منه وتنحنحت بخجل وعينيها لا تقوي على النظر إليه، تبسم على خجلها الذي زاد حمرة وجهها أكثر من حمرة بكائها المتواصل ليقول بعفوية:-
-ولا يهمك أنا متعود أسلف الناس حضني... لو عايزة واحد تاني معنديش مشكلة تعالي
قالها بحماس وفتح ذراعيه إليها على مصراعيه فرفعت نظرها إليه بأندهاش وغضب من كلمته وأعترافه أنه مباح للجميع ومتاح لجميع النساء، جزت على أسنانها بأشمئزاز منه وقالت:-
-لا أنا أسفة عشان يوم ما لجئت لواحد كان واحد متاح للجميع
توارت بسمته وتحولت لغضب سافر من كلمتها المُهينة له رغم كونها حقيقة، قال بأختناق سافر:-
-اه أنا متاح للجميع ألا أنتِ، بصراحة من الصبح وأنا قرفان من حالي بسبب اللى عملتيه
وقفت من أمامه بصدمة من كلمته هل هي بهذه القذرة التى يجعله يشمئز من جسده طيلة اليوم لأجل عناق واحد منها، قالت بأنفعال شديد:-
-والله دا المفروض مين اللى يقرف من التاني، أنا ولا أنت بس العيب مش عليك العيب عليا أنا أنى ....
توقفت عن الحديث ولم تقوي على أستكمال جملتها ليقف "تيام" بوجه خبيث أمامها، يتطلع بها ثم قال بمكر يثير غضبها أكثر:-
-أنك أيه؟ أنك أترميتي فى حضني كأنك ما صدقتي تلاقي حجة عشان تعمليها
عينيها الباكتين وما زالت دموعها بيهم مُعتقلين بين جفنها أستشاطت غيظًا منه وجزت على أسنانها من كلماته لترفع يدها كي تصفعه لكن "تيام" مسك يدها بقوة وبالأخري مسك رأسها يحيطها وعاقبها بقبلة لتدفعه بعيدًا عنها ووضعت يدها على شفتيها بغضب سافر وهربت دمعتها من أسر عينيها بسبب غضبها منه بينما قال "تيام" ببرود:-
-أنا قولتلك دا هيكون عقابك لو قلتي أدبك معايا وأنتِ اللي بأيدك تتعاقبي أو لا
غادرت من أمامه بغضب وتغلق قبضتيها بقوة وهى على وشك قتله حقًا، دلفت إلى غرفتها وأغلقت الباب لتجهش فى البكاء بحزن من حاجتها إليه لأجل الأنتقام من قاتل أختها، بعد أن أعترف "بكر" لها بأنه فعل ذلك بأخواتها الأثنين وحاجتها إلى "تيام" التى تقيد يديها الآن عن قتله ...
وقف "تيام" أمام باب الغرفة يستمع لصوت بكاءها فى هدوء دون أن يصدر صوت حتى توقفت عن البكاء بعد نوبة طويلة أفرغت بها كل حزنها وألمها الكامن بداخلها، فتح باب الغرفة ليراها نائمة فى الفراش من التعب وكثرة البكاء، أقترب "تيام" بخطوات هادئة وجلس على ركبتيه قرب السرير يتفحصها بعينيه، رفع يده يجفف دموعها عن وجنتيها وأنفها ثم قال:-
-سامحينى على طريقتي لكنها الوحيدة اللى هتنفع معاكي يا مسك عشان تتخطي الحزن والوجع اللى فى عينيك، الوجع اللى خلاكي تعتذري لواحد زبالة زي
مسح على شعرها بحنان ثم وقف من مكانه وقبل جبينها بلطف وغادر الغرفة ثم أغلق الباب، فتحت "مسك" عينيها بهدوء ونظرت إلى الباب حيث خرج بعد أن أستمعت لحديثه لتدرك بأنه يغضبها قصدًا ويتحداها حتى لا تغرق فى الحزن الذي رأه فى عينيها وأعتذارها، لم تفهم هذا الرجل أهو حقًا كما ينعت نفسه بالقمامة والحثالة أم هو شخص أخر لا تعرفه، لو كان قذرًا فلن يكن يحمل بداخله حنانًا أو أحترامًا لها، أحترم دموعها ولحظة ضعفها ولم يجرأ على الأقتراب ورؤيتها ضعيفة وأوجاع عارية أمامه وهذا الفعل لن يصدر نهائيًا من رجل وقح، أغمضت عينيها من جديد غارقة فى تفكيرها وماذا تفعل مع "بكر" الذي أعترف بجرائمه إليها بكل وقاحة ولم تكف وقاحته عند هذا الحد بل قتل عائلتها ويرغب بها بكل قذارة منه ......