رواية هويت رجل الصعيد الجزء الثاني2الفصل التاسع9والعاشر10 بقلم نورا عبد العزيز
__ بعنوان "قلوب عامرة بالحب" __
أوقف ”نوح“ سيارته أمام منزل ”ليلى“ بالقاهرة لتقول :-
-هعدي عليكى بكرة عشان تختارى الفستان أو الطقم اللى هتلبسيه ونظبط الأسئلة والسيناريو
-أومأ ”عهد“ إلى صديقتها بالموافقة ثم ترجلت ”ليلى“ من السيارة لتقول ”عهد“ بعفوية:-
-هنأكل أيه يا نوح؟ جعانة جدًا
قالتها وهى تمرر يدها على بطنها فتبسم ”نوح“ وهو ينطلق بالسيارة ويقول:-
-تحبي تأكل أيه ؟
تقدمت للأمام ثم أدخلت الموقع على جهاز الخريطة في السيارة ورفعت نظرها إلى ”نوح“ بسعادة وحماس ليقود سيارته على الطريق المحدد حتى وصل إلى المطعم...
______________
بدلت "ليلي" مالابسها سريعًا وأخذت أغراض العمل وأنطلق إلى مقر القناة لترتب كل شيء من أجل المقابلة ثم خرجت مع سيارة "عهد" التى اصطبحتها لأجل العمل وذهبت إلى محل ملابس ماركات وبراندات تتعامل معه دومًا لتختار أكثر من طقم فقالت المؤظفة:-
-نفس المقاسات يا أنسة ليلي
تبسم "ليلي" بلطف وهى تتذكر بأن "عهد" أصبحت أنحف لكن بطنها بدأ فى الظهور لتقول بجدية:-
-اكبر نمرة وعاوزكي تيجي معايا عشان تظبطي المقاس أكتر
أومأت الفتاة إليها بنعم وقالت بحماس من المبلغ التى تحصل عليه من "عهد" فى كل مرة تذهب إلى منزله:-
-أكيد طبعًا تحت أمرك
تبسم "ليلي" بعفوية حينما رن هاتفها باسم "عطيه" وقالت:-
-كل اللى شاورت عليه تجيبي معاكي متنسيش
غادرت المكان وهي تستقبل الاتصال منه وتضع الهاتف على اذنه وتقول:-
-معلش نسيت اكلمك
تبسم "عطيه" بعفوية وهو يقود سيارته مُنطلقًا ويقول:-
-ولا يهمك أنا خابر زين أنك مشغولة، طمنيني عاملة ايه؟
صعدت للسيارة وهى تقول:-
-بخير الحمد لله، خلصت كل اللى ورايا اخيرًا فاضل بس اكلم الميك اب ارتست
تبسم "عطيه" على شقاء خطيبته وقال:-
-هتعاودى ميتة؟
أجابته بتفكير وهى تعتصر الأفكار فى عقلها قائلة:-
-يومين بالظبط
أردف "عطيه" بنبرة هامسة إليها قائلًا:-
-هيمروا عليا شهرين، متتأخريش عشان بتوحشك
تبسمت بخجل منه وتشعر بضربة قوية فى قلبها مما جعلها تتورد أحمرارًا من الخجل فقالت:-
-وأنت كمان
رغم أنها لم تكن أمامه لكنه لمس خجلها وحياءها فى نبرتها حتى ان قشعريرة جسدها وصرير اسنانها وصل إليه، تبسم "عطيه"على محبوبته الخجولة وقال:-
-وأنا كمان ايه طيب؟؟
صمتت وهى تعض على شفتيها بخجل ثم قالت بهمس شديد:-
-وحشتني
ضغط على المكابح فجأة لم يصدق ما سمعه وأنقبض قلبه فرحًا لأول مرة يسمع منها هذا الحديث، بينما سمعت"ليلي" صوت أحتكاك العجل بالأسفل لتفزع خوفًا من أن يكن اصابه شيء لتناديه بذعر:-
-عطيه
أتاها صوته العاذب رغم قوته يقول:-
-والله جلبي من فرحته كان هيجف.. جوليها تانى
صرخت به بفزع بعد أن تلألأت عينيها خوفًا عليه تقول:-
-ياااااا أنا كنت هموت من الخضة وأنتَ...
قطع صراخها بكلمة واحدة منه هاتفًا:-
-بحبك
صمتت ولم تعقب تاركة العنان لدمعتها بأن تفر اسر عينيها فى صمتها وهدوءها لتبكي صامتة فأتاها صوته بنبرة دافئة يقول:-
-أنا زين بس مصدقتش اللى سمعته
جففت دمعتها بلطف ثم قالت:-
-خضيتنى عليك والله
تبسم “عطيه” بلطف وقال:-
-حجك عليا من حُبي لك يا ليلتي
أومأت إليه بنعم ..
____________________
غادرت “عليا” بصحبة زوجها و”يونس” من الصعيد وعادت إلى القاهرة وأول زيارة كانت إلى منزل أهل “عمر”، دلفت خلفه لترى والدته جالسة على الأريكة بغرور وأشمئزاز ثم أخته فتحت الباب لهم كانت فتاة عشرينية لتقول:-
-نورت البيت يا عمورة
لم ترحب بـ “عليا” بل أعتبرتها غير موجودة، تبسم “عمر” وهو يبعثر غرتها الأماميه بيده ويقول:-
-منورة بشقاوتك يا همسة
سار نحو والدته لينحنى لكى يقبل يدها وهو يقول:-
-عاملة أيه يا ست الكل
أجابته بنبرة قوية لتقول:-
-بخير يا حبيبى حمد الله على السلامة
جلسوا أمامها، ظلت ترمق “عليا” من الرأس لأخمص القدم أثناء صمتها فتنحنحت “عليا” بلطف وقالت:-
-أزي صحتك يا ماما
-كويسة
قالتها بضيق شديد وهى تصر على أسنانها فقالت “همسة” بنبرة عفوية:-
-نورتى يا مرات أخويا
-بنورك عمر حكالى عنك كتير
قالتها “عليا” بلطف مع بسمة لم تغادر وجهها أبدًا ساعية في أكتساب المحب منهما فتبسمت “همسة” وكادت أن تتحدث لكن قطعها وقوف والدتها ودلفت إلى غرفتها، نظر “عمر” إلى زوجته بحرج فتبسمت بلطف له ثم قالت:-
-عادى
___________________
أصبح منزلها في ضجة كبيرة من كثرة الملابس وثلاث فتيات يعملوا جاهدين على أختيار الزين المناسبة لها، جلس “نوح” بعيدًا ينظر في هاتفه لتخرج من الغرفة مُرتدية بدلة نسائية ذات اللون الأصفر فقالت:-
-حلو دا يا نوح؟!
رفع عينيه عن الهاتف لينظر إلى زوجته ترتدي بدلة نسائية ليقف وهو يسير حولها يتفحصها ثم أقترب منها وهمس في أذنيها حتى لا يسمعه أحد من الموظفين:-
-مش مفتوحة هبابة
رفعت يدها إلى عنقها وقالت بعفوية:-
-هغيره
ضحكت “ليلى” وهى ترفع طقم ملابس أخرى وقالت:-
-نجرب دا
دلفت للغرفة وحاولت أرتداء الفستان لكنه كان ضيقًا على بطنها وتشعر بأنها تكاد تختنق هي وطفلها فأرتدت ملابس أخرى وخرجت إليه، حدق بها كانت جميلة فملابسها عبارة عن تنورة بيضاء تصل لركبتيها وعليها قميص أحمر نسائي فضفاض لتقترب الموظفة منها وتضع الحزام الأبيض العريض حول خصرها النحيف ثم أبتعدت لتنظر “عهد” في المرأة وقالت:-
-بلاش الحزام عشان بطنى
نزعت الحزام عنها لتحضر سترة بيضاء بدون أكمام وتضعها على أكتافها لتبتسم قائلة:-
-حلوة كدة
بدأت الميك أب أرتست بتجهيزها ثم أرتدت حذاء بدون كعب بعد نصيحة أختها لأجل الحمل وأخذها “نوح” إلى الأستوديو ثم جلست في غرفة الأنتظار تقرأ السيناريو مع “ليلى” و”نوح” يراقبها عن كثب والقليل من فريق العمل يتحدثون عن نجاحها وأناقتها وفى كل كلمة كان يسمعها يتراقص قلبه فرحًا من أجل زوجته اليوتيوبر المشهورة في العلاقات والكاتبة الناجحة، دخلت فتاة لتقول:-
-باقي خمس دقائق ونطلع على الهواء
أومأت “عهد” لها بنعم وكادت أن تنحي لكى تبدل حذاءها فرأته أمامها يجثو على ركبتيه وينزع عنها الحذاء فحدقت بهذا الزوج الذي يدعمها في كل شيء، وضع الحذاء ذو الكعب العالى في قدمها وهكذا الأخرى، شعر بيدها تلمس لحيته هذه الحركة التي تذيب كيانه وتخطف قلبه فكل مرة تلمسه بهذا الدفء واللين، رفع نظره إليها لتقول:-
-أنا بحبك يا نوح
رفع حاجبه إليها لتقول:-
-حسيت أنى عايزة أقولها من غير سبب
تبسم إليها ثم أخذ يدها من فوق ركبتها ليضع قبلة في قلب كفها بلطف ثم قال:-
-أنا فخور بكي يا عهد، وفخور أنك مراتي وعايز أجول للعالم كله أنك مرتى وبحبك لأنك تشرفي أي حد
تبسمت بعفوية إليه وقبل أن تتحدث دخلت “ليلى” تقطع لحظتهم وتقول:-
-يلا يا عهد
أومأت إليها بنعم ثم ذهبت مع “ليلى” ورحب بها جميع من في الأستوديو بالترحيب بها بينما وقف “نوح” مع “ليلى” خلف الكاميرا يراقبوها معًا، بدأت التصوير والأسئلة وعرض القليل من مشاكل الجمهور عليها وهى تلقى الجواب بجدية وقبل أنتهى الحلقة طرحت المذيعة عليها سؤال قائلة:-
-جالك فرصة تقديم نشرة الأخبار وقبلها كان في فرصة فكرة عمل برنامج كامل وتقديمه دا معناه أنك مش مهتمة بالإعلام والإذاعة
-لا مهتمة جدًا بس برتب أولوليتى
تبسمت المذيعة وقالت:-
-على الرغم من أنك مؤخرًا حققتي نجاحات وأرقام خيالية على اليوتيوب وقناتك من أهم القنوات اللى أي بنت بتابعها
نظرت إلى “نوح” وهو واقفًا خلف الكاميرا حادقًا بزوجته وفور أن نظرت إليه تبسم بإشراق إليها فقالت بحب وكلمات صادقة:-
-النجاح دا وصلتله بتعب كبير مش بس منى، دايمًا خلف الكواليس في ناس بتتعب وبتسهر ليالي عشان المحتوى يكون بالدقة اللى بتظهر بيها، أنا بنجاح بفضل ربنا ثم وجود شخصين في حياتي .. ليلى صاحبة عمرى ومديرة أعمالى بتتعب أوى في كل فيديو والأعلانات وغيره.. حرفيًا بيجي أيام عليها مبتنامش
تبسمت “ليلى” بسعادة على حديث صديقتها ثم تابعت “عهد” بحب ونبرة أكثر دفء وسعادة:-
-وجوزى .. نوح
-بمناسبة جوزك ، إحنا طبعًا عارفين أنك متجوزة من راجل صعيدي مبيعرضش فكرة شغلك وأنك تكوني مشهورة، معروف عن الراجل الصعيدي أنه غيور ومتشددًا أوى على حريمه
تبسمت “عهد” بعفوية وهى تنظر إليه ثم قالت:-
- نوح أعظم راجل ممكن تقابله ست، عظيم في مساندته ليا ودعمه لنجاحى مهما كان الوقت ومهما كانت المشاكل والأنشغالات في عمله لكنه دايمًا في ضهرى، عمره ما قالي بطلى شغلى أو بلاش الشهرة بالعكس دا هو اللى يجبلى الكاميرات والمعدات عشان أشتغل أكتر وبيقعد يساعدنى في كتاباتى وبأخذ رأى في مشاكل الناس لأن الموضوع بيختلف من نظر الرجل برضو، نوح رجل صعيدي أصيل ماشي بمبدأ أن مراته وحريمه جوهرة لازم تتصان وملكة لازم تتوج على عرش الحياة بنجاحاتها، عمره ما أعترض على شغلى أو على سفرى من الصعيد للقاهرة كثير بسبب الشغل، أنا نجاحى وأرقامي القياسية مؤخرًا سببها وجود نوح في حياتى.. في كل مرة كنت بتعب وبقول مش هكمل كان هو بيقولى كملى وأنا في ضهرك متخافيش من حاجة، حتى أهل جوزى فخورنين بنجاحي وشهرتي لأنها ناس مثقفة وحرفيًا نظرتي أختلفت تمامًا للصعيد وناس لما عيشت معها وعشرتهم، ناس طيبين بجد وكل اللى يهمهم هو سعادة ناسهم وأهلهم
تبسمت المذيعة بلطف عليها وقد لمست هي والجميع الصدق في كلماتها ونظراتها التي تركت الكاميرا وثبتت على زوجها الواقف هناك ثم أنهت الحلقة لتقف “عهد” وتسير إليه فأقترب رجل من الموظفين لكى ينزع لها الميك ليشعر “نوح” بغير شديد فأستوقفته “ليلى” ببسمة فهى الأخر مخطوبة لرجل صعيدى وقالت:-
-أنا هخلعه
نزعت الميكروفون عنها لتغادر معه وقبل أن تصل لغرفتها أستوقفها مدير القناة بباقة من الورد وقال:-
-إحنا سعداء جدًا أنا أول لقاء لحضرتك على التلفزيون كان معانا وأن شاء الله مش أخر مرة يا أستاذة عهد
تبسمت بلطف إليه وأخذت الباقة ثم قالت:-
-أنا أسعد يا فندم
غادرت مع زوجها بعد أن ألتقط الجميع صور معها تحت نظره...
______________________
حاول “خالد” نزع الحبل بحذر وهو ينظر على “تاج” ويشعر بالخوف من أن يقتلها ويلقي به “نوح” للشرطة بتهمة القتل وهذا الحمل سيثبت الإدانة عليه، جاء “خلف” له وقال:-
-متحاولش أحسن لك
ضحك “خالد” بسخرية وقال:-
-طول عمرك كلب نوح يا خلف
-على الأجل الكلب وفى لصاحبه ولو أنا كلب يبجى أنت ديب سعران بتأكل في لحمك وناس ومهمكش
قالها “خلف” ببرود وهو يجلس مع الرجال يتناولون العشاء معًا ليتأفف “خالد” بضيق من عجزه عن الهرب...
_____________________
دلف “نوح” إلى غرفة النوم باحثًا عن زوجته التي أختفت مُنذ عودتهما من الأستوديو على أكثر من ساعة ونصف ولم يجدها بالغرفة وكاد أن يخرج لكن أستوقفه صوت أنفاسها العالية من الخزينة فسار إلى هناك بخطوات ثابتة خافتة دون أن يصدر صوت ثم فتح باب الخزينة بهدوء ليرى زوجته تختبيء بالداخل وتضع على وجهه أحد قطع الملابس، جذب "نوح" القميص من فوق رأسها ليراها تعطي وجهها للداخل وتتحاشي النظر له فهتف بنبرة هادئة:-
-عهد
-خليني هنا الجو ساقعة عندك
قالتها وهى تحاول جاهدة إخفاء وجهها عنه ليلفظ اسمها مرة أخرى بنبرة قوية قائلاً:-
-عهـــد
ألتفت له وكانت جاثية على ركبتيها فى أرضية الخزين بخوف فسأل بهدوء:-
-حصل ايه؟
-عايز الحق ولا ابن عمه
قالتها بعفوية مُبتسمة له فرفع حاجبه بصمت لتزدرد لعابها الجاف فى حلقها بارتباك من نظرته ثم قالت بتلعثم:-
-بصراحة أنا جبت فسيخ ورنجة يا نوح... اعمل ايه كان نفسي فيهم يا حبيبي، والله كنت هنضف المكان واتعقم واستحم كمان عشان الرائحة بس أنت جيت بدرى
وضع يديه فى جيب بنطلونه بهدوء وكأنه يقرأ زوجته ككتاب مفتوح أمامه، تنحنحت بحرج من نظرته التى تخبرها بأنه منتظر أن تتحدث، تمتم بخفوت:-
-واضح أنك مشترتش الكدبة دى أشوف غيرها
-عهـــد
قالها لتتحدث بسرعة خوفًا من غضبه قائلة:-
-بصراحة السوليتير اللى جبتهولى وقع منى
أتسعت عينيه بصدمة ألجمته وهو كان يعلم بأنها تختبيء فى خزينته لشيء أكبر من تناولها لطعام لا يحب رائحته، أقترب خطوة حادقًا بعينيها ثم قال:-
-جولتي ايه، السوليتير الالماس بفص قيراط وربع... ضيعتي خاتم جوازك يا عهد
أخفضت رأسها حرجًا منه وقالت بعبوس:-
-أعمل أيه ما أنا خسيت وهو بقي واسع عليا ووقع محستش بيه
رفعت رأسها له بقلق وقالت بحماس:-
-بس متقلقش أنا خدت مبلغ محترم من البرنامج وكمان الاعلانات اللى مضيت عقدها، هجيب غيره
صمت ولم يعقب عليها، تلألأت دمعة فى عينيها تغزو جفنيها بحرارتها فتطلع "نوح" بها أكثر، لم تقوي على نظراته المُسلطة عليها فأنهمرت الدمعة منها تشق طريقها الشاق على وجنتيها الباردتين رغم أحمرارهما حزنًا، تمتمت "عهد" بحزن:-
-والله عارفة أنه غالى جدًا بس برضو محستش بيه وهو بيقع
دهشت من رد فعله عندما جلس داخل الخزينة جوارها هادئًا ورفع يده إلى عينيها ليمرر سبابته على وجنتها مُجففًا هذه الدمعة، تطلعت "عهد" به بهدوء وعينيه كانت كالأيادي الناعمة تربت عليها وتطمئنها بنظرة منهما، هتف "نوح" بنبرة عازبة وناعمة تحتل قلبها حبًا وسلامًا:-
-يروح ألف خاتم يا عهدي ولا تنزل منك دمعة، تعرف وأنا واجف وراء الكاميرا النهاردة وسامع الناس بتتحدد على نجاحك وصغر سنك اللى ممنعكيش تنجحي وتكبري حسيت بإيه؟، عارفة وأنا بسمع كل كلمة جولتيها على التلفزيون وللعالم كله عن جوزك اللى مدعمك واللى عمرك بدأ من يوم ما تجوزتي وفخرك بأنك مرت رجل صعيدي وحديدك عنى وعنى ناس كنت حاسس بإيه، كنت عايز أجبلك العالم كله وكنوز وأرميهم تحت رجلك لأجل بسمة واحدة منك وشكر على كل كلمة طيبة جولتيها فى حقي وحق أهلى وناسي
تبسم إليه بعفوية وقد تلاشي حزنها كوردة ذابلة غرقت بالماء لتزدهر وتسطع وسط البستان، حد "نوح" من نظرة عينيه وقال بغلاظة:-
-لكن تعالى اهنا يا هانم كيف تضحكي أكدة على الشاشة ورجالة الوطن كله تشوف ضحكتك...
انفجرت ضاحكة على غيرته لتضع يدها على فمها من الضحك لكن سرعان ما توقفت عندما شعرت بشفتيه تقبل جبينها بلطف ثم قال:-
-لا عاش ولا كان اللى يبكيكي يا عهدي، دا أنتِ حبيبة قلبي يا بنت عمري، فداكِ مالي وحالي وعمري كمان.....
_________________
كانت “أسماء” جالسة في غرفتها وحدها بعد أن غادرت والدتها بقلق بعد أختفى ابنها ففتح باب الغرفة ودلفت الممرضة لها وبدأت تقيس لها الضغط ودرجة الحرارة ثم جلست أمامها تغير ضمادة جرح عنقها فقالت بلطف:-
-الحمد لله الجرح أحسن مهنحطش عليه ضمادة تانى
تركت لها الندبة واضحة، انتبهت الممرضة إلى شرودها وحزنها المُخيم على وجهها فقالت بعفوية:-
-دكتور نادر موصينى عليكي
لفت “أسماء” نظرها إلى هذه الفتاة وقالت ببرود:-
-أنا هخرج ميتى؟
أتاها صوته من تجاه الباب يقول:-
-زهجتى منين ولا أيه
وقفت الممرضة لكى تغادر بينما نظرت “أسماء” إليه بصمت، وقف أمامها لكي يفحص جرح رأسها وقال:-
-لا عالى جوا إحنا بجينا حلوين خالص
-شكرًا
قالتها “أسماء” بضيق من وجودها في هذه الغرفة مُنذ أكثر من أسبوعين كالسجينة هنا فقال بعفوية:-
-على فكرة ممكن تخرجى تتمشي في الجنينة تحت وتجعدى في الكافتيريا كيف ما تحبى أنا ما ألزمتكيش تفضلى في السرير أنتِ الحمد لله بتتحسني
أجابته بأختناق شديد قائلة:-
-بتحسن يبجى تمشونى من أهنا
أنحنى ليكن بمستواها ونظر في عينيها بعبوس ثم قال:-
-وتفارجينى برضو
أزدردت لعابها الواقف في حلقها بخجل من نظراته وقربه منها هكذا وأصابها ربكة قوية في لسانها فلم تعلم ماذا تقول ليستوقفه صوت قوي من الخلف يقول:-
-طمني عليها يا دكتور
أستدار بأرتباك شديد ليرى “على” يدخل الغرفة مُتكأ على عكازه فقال بتلعثم:-
-الحمد لله أحسن كتير يومين بالكتير ونكتب لها على خروج .. عن أذنك
فر هاربًا من وجود عمها بينما هي ضحكت على ربكته بعفوية، وقف “على” أمامها ناظرًا إليها بحب ثم قال:-
-وااا هل هلالك يا جميل، تعرفى لو كان الدكتور الملزج دا شاف الضحكة اللى كيف البدر دى كنت جطعت رأسه ... إحنا محدش يشوف ضحكة بناتنا واصل
ضحكت “اسماء” وهى تمسك يده ليجلس على الفراش أمامها وقالت بعفوية:-
-أتوحشتك يا عمى بجالك يومين مجتش تطل عليا
مسح على رأسها بلطف وقال:-
-ولد عمك سافر القاهرة بمرته وساب الشغل كله عليا، حجك على رأسى
تبسمت “أسماء” بعفوية إليه وقالت:-
-والله شوجتونا أشوف ولد عمى المشغول دايمًا دا هو ومراته
أزدرد “على” لعابه بأرتباك شديد فجميعهم يخشون اللحظة التي سترى بها “نوح” خوقًا من أن تعود الذاكرة لها فهذه الفتاة العاشقة علاجها الوحيد هو النسيان، نسيان هذا العشق والذكريات المحفورة بداخلها لـ “نوح”، جميعهم يتمنوا أن تظل الاكرة مفقودة لديها لكى تسعد في حياتها وتتمكن من العيش بسلام وتقبل رجل أخر في حياتها من أجلها....
___________________
وجدت “حسنة” قارورة السحر التي جلبتها “تاج” من الساحرة الغجرية لكنها صُدمت عندما وجدت القارورة فارغة وهرعت للأسفل بخوف من أن تكن “تاج” أعطت الدواء إلى “عهد” بالفعل ......
الفصل العاشر (10)
___ بعنـــوان "إغمــــاء"___
أستيقظ “نوح” صباحًا من نومه ولم يجد زوجته بجواره فجلس يمطي جسده بتكاسل ثم خرج من الغرفة ورأى “عهد” تجلس” جوار “ليلى” على السفرة و”ليلى” تخبرهم عن الشركات التى طلبت أن تقوم “عهد” بحملة أعلانية لها ثم تبسمت “ليلى” وقالت بعفوية :-
-والحدث الأهم أن جامعة سوهاج طلبت أنك تعملى ندوة هناك ومش أى ندوة دى هتكون حفلة على شرف حضورك
تبسمت “عهد” بسعادة وهى تعلم أن زوجها تخرج من هذه الجامعة ومعظم سكان البلد أولادهم وبناتهم بهذه الجامعة فهل حان الوقت التى رأى بها أهله وأقاربه وحتى أصدقاء مدى نجاح زوجته فوافقت “عهد” على الفور بهذه الحفلة لتغادر “ليلى” من الشقة فألتفت “عهد” بعد أن أغلقت الباب لترى زوجها واقفًا هناك يحدق بها فتبسمت بعفوية وقالت:-
-صباح الخير
فتح “نوح” ذراعيه إليها لتركض له بعفوية وتعانقه بحب ليضع قبلة على جبينها فقالت وهى ترفع رأسها له قائلة:-
-أنا مبسوطة جدًا
تبسم “نوح” وهو يداعب وجنتيها ثم قال:-
-وأنا معايزش غير أن أشوفك مبسوطة دايمًا
رن هاتف “نوح” من الداخل فتركها ودلف إلى الغرفة ليجيب على الهاتف وكان والده فسأله بطريقة مباشرة
-مرتك عاملة أيه يا ولادى
-بخير الحمد لله
قالها نوح وهو يجلس على الفراش بتكاسل لكنه صُدم عندما قال على بنبرة قلق:-
-إحنا لاجينا الأزازة بس فاضية أتوكد يا ولدى أن مرتك وولدك زين
فزع “نوح” من مكانها وذهب للخارج ركضًا بذعر خوف من أن يكن قد تأخر بالفعل فى القبض على “تاج” وتكون هذه الحية الماكرة أعطت زوجته السحر لكى تُقتل طفلهم وعندما خرج صُدم عندما رأى “عهد” على الأرض فاقدة للوعى وملابسها غارقة بالدماء فأتسعت عينيه على مصراعيها بصدمة ممزوجة بالخوف وأسرع نحو زوجته ورفع رأسها على ذراعه مُحاولاً إفاقتها لكن لا جدوي من المحاولة حملها على ذراعيه وذهب إلى المستشفى....
____________________
خرجت “عليا” من غرفتها لكى تودع زوجها قبل أن يذهب للعمل وقالت:-
-أنا شوية كدة قبل ميعاد خروجك بساعة هلبس وأروح عند مامتك عشان أقعد معها شوية وأنت لما تخلص حصلنا على هناك
أومأ “عمر” إليها بنعم ثم قال:-
-حاضر يا حبيبتى، خلى بالك من نفسك
هزت رأسها له بالموافقة ليضع قبلة على جبينها ثم غادر الشقة ودلفت “عليا” للداخل وأخذت “يونس” إلى المرحاض ووضعت فى حوض الأستحمام وبعد أن أنتهت من اللعب معه وخرجت لتساعده فى أرتدي ملابسه وبدلت هى الأخرى ملابسها رن هاتفها برقم “نوح” لتجيب بنبرة لطيفة قليلًا:-
-أزيك يا نوح
أتسعت عينيها على مصراعيها بقوة بعد أن أخبرها بوجود “عهد” فى المستشفى لتخرج من شقتها مُتجهة إلى المستشفى المحددة وعندما وصلت إلى هناك بحثت عنه كثيرًا وأخيرًا وجدته يقف أمام باب غرفة العمليات مهمومًا وحزين بعد أخبره الطبيب بأن الطفل توفي داخل رحم والدته وأخذها إلى غرفة العمليات، أقتربت “عليا” منه بقلق وسألت بخوف:-
-عهد مالها؟
أجابها بنبرة منكسرة وحزينة:-
-أجهضت
شهقت “عليا” بذعر ووضعت يدها على فمها بخوف وحزن ووقفت تنتظر خروج أختها من غرفة العمليات و”نوح” كان بعالم أخر يفكر كيف سينتقم لقتل طفله وأذية زوجته من هذان الأثنين “تاج” و”خالد” هل سيكفى أن يحرقهما أحياء أم يدفنهم أحياء، قلبه يتعصر الوجع والحزن فهو لم يرتكب ذنب يستحق عليه قتل طفله داخل رحم والدته قبل أن يولد ويخرج للحياة، فتح باب غرفة العمليات فهرع “نوح” إلى زوجته وكانت “عهد” فاقدة للوعى على التروالى لتتدمع عيني “نوح” بعد رؤية زوجته الحبيبة مريضة وقد خسرت طفلها بسبب عائلته ومكرهم والكره الموجود بداخل قلوبهم تجاهه، أخذوها إلى غرفتها وظلت “عليا” جوارها بخوف على أختها بعد أن تستيقظ وتعلم بخسارة الجنين ام عن “نوح” كان واقفًا قرب الشرفة ينظر بالخارج ويفكر بشرود كيف يجلب حق ابنه من قاتله فهو لن يتنازل عن فعلتهما ودلفت الممرضة للغرفة ثم قالت:-
-الدكتور كان عايز الوصي على المريضة
نظرت “عليا” بقلق إلى الممرضة بينما تحرك “نوح” لكى يخرج من الغرفة وذهب إلى مكتب الطبيب ثم أخذ نفس عميق وسم باسم الله ودلف للداخل بقلب مرتجف رغم صمود جسده القوي فجلس أمام المكتب ليبدأ الطبيب بالحديث قائلًا:-
-حضرتك الوصي عليها
أومأ “نوح” إليه وقال:-
-اه جوزها
تنهد الطبيب بأسف ثم قال:-
-طب كنت عايز أوضح لحضرتك حاجة مهمة في حالة المدام
نظر “نوح” للطبيب بقلق وأزدرد لعابه الجاف في حلقه بخوف ليتابع الطبيب قائلًا:-
-مدام عهد ...
قطعه “نوح” بنبرة قوية ممزوجة بالغضب الموجود بداخله يسأل الطبيب:-
-حضرتك داكتور يعنى تعرف تعالجها وتعرف السبب اللى عمل فيها أكدة، أنا عايز أعرف هي شربت اللى شربته ميتة
تبسم الطبيب بعفوية رغم حزنه مما لديه ثم قال:-
-هي شربت حاجة؟
سأل “نوح” بقلق وهو يحدق بالطبيب وعقله على وشك الأنفجار من التخمين والتفكير:-
-أمال في ايه؟
-أنا قدامي الملف الطبي بتاع المدام وعلى حسب المذكور أنها زرع كبد
أومأ “نوح” عليه بنعم فتابع الطبيب:-
-الدكتور اللى عملها عملية الزرع منبه عليكم من الحمل
-لا حصل
تابع الطبيب بهدوء شديد قائلًا:-
-الحالة الصحية للمدام متسمحش بالحمل والموجود اللى بتعمله دا كله سفر لمسافة طويلة وقاعدة أو واقفة كتير ودا سبب النزيف اللى حصل، مدام عهد محتاجة راحة تامة وإحنا وقفنا النزيف والجنين بخير الحمد لله
أتسعت عيني “نوح” على مصراعيها بدهشة من هذا الخبر فما زال طفله بخير وينبض بداخل رحم والدته فتبسم بعفوية وهذه الكلمة الأخيرة كانت كفيلة بأمتصاص أي غضب من داخله فودع الطبيب بسعادة وركض إلى غرفتها ليراها قد أستيقظت وتبكي بأنهيار شديد بين ذراعي أختها ليقترب نحوها بلطف لتدفعه بقوة وهى تصرخ بأنهيار على فقد طفلها وتقول:-
-سيبنى وأمشي يا نوح
أخذ يديها فى راحتى يده وقال بلطف:-
=أهدئي يا عهدى ماشي أهدئي يا حبيبة قلبى وكله هيتحل
تحدث مرة أخرى وسط بكاءها الشديد ودموعها التى بللت وجنتيها كاملة وأحمرار أنفها:-
-أمشي يا نوح، أنا مبجبلكش غير المشاكل بس من يوم ما عرفتنى وأنا مشكلة ليك
شعر بأنتفض جسدها وهى تدفعه فى صدره بقوة بعد أن سرقت يديها من يديه، نظر ليديها التى تدفعه بهدوء، رغم دفعها إلا أنها تتشبث بعباءته مغلقة الأنامل عليها بإحكام، تلفظ بالرحيل وجسدها يتشبث بالبقاء فوضع يده على وجهها يجفف دموعها بلطف وأبهامه يمر على وجنتيها ثم قال بنبرة واهنة مُتألم لرؤيتها مُنكسرة هكذا:-
-والله أن أنطبجت السماء على الأرض ما ههملك لحالك وأمشي، كام جُندى خلف العهد وساب حربه عشان شوية تراب من العدو، أنا ما هخلفش عهدى يا عهد، كيف أهمل وصية حبيب الله ها..
كانت تبكي بأنهيار شديد مُعتقدة بأنها السبب فى موت طفلها ليمسح “نوح” على رأسها بحنان وقال:-
-ممكن تهدي بجى شوية عشان الزعل دا كله غلط على البيبى
نظرت “عليا” إليه بدهشة وهكذا “عهد” التى دهشت من جملته ورفعت يدها تمسح وجنتها وذقنها من الدموع لتقول:-
-أنت جولت أيه؟
-جولت تخلى بالك من اللى فى بطنك أمال وتبطلى بكي بجى
ضحكت “عهد” بسعادة من هذا الحديث وتسللت خارج حضنه ويديها تلمس بطنها بلطف وكيف لها ان تصدق هذا الحديث وتنكر شعورها بطفلها الصغير داخل رحمها، ظل “نوح” جوارها يمسح على رأسها بلطف وربت عليها بدلال كي يمتص كل الزعل والحزن من داخلها وهكذا الطاقة السلبية التى ربما تُنقل إلى طفلهما وتتأثر نفسيته بنفسية والدته، شعرت “عهد” بروحها تُرد إلى جسدها بهذا الدلال الموجود بعفوية داخله..
_________________
جمعت “فاتن” أغراض “أسماء” ثم وضعتها فى الحقيبة بعد ان تم تصريح ابنتها من المستشفى، كانت “أسماء” جالسة على الفراش مُرتدية بنطلون أسود وقميص نسائي أبيض اللون وطويل يصل لأسفل ركبتها وفضفاض ووضعت حجاب بسيطة على رأسها رغم ظهور غرة رأسها من الأمام وشعرها من الأسفل فى الخلف وكنت تنظر بهاتفها بتوتر وكأنها مُنتظرة أتصال من احد، لم يأتيها اتصال او رسالة منه مما أحزن “أسماء” كثيرًا، فتح باب الغرفة لترفع “أسماء” عينيها بلهفة ورسمت بسمة على شفتيها بسعادة وإشراق لكنها سرعان ما تلاشت هذه البسمة وأنطفت اللهفة عندما رأت “على” يقف على الباب وقد جاء لأخذها من المستشفى، وضعت يدها فى يد عمها ثم أخذها وخرجوا معًا من الغرفة لتقول:-
-تعبتك ويايا يا عمي
نظر “على” لها بحماس وقال:-
-واااا أيه اللى بتجولي دا يا بتى دا أنتِ بتى اللى مخلفتهاش
تبسمت بلطف ثم ضغطت “فاتن” على زر المصعد ووقفوا ينتظروا المصعد مع بقية الركاب وبعد دقائق فتح الباب لترى “نادر” بالداخل فألتزمت الصمت وحاولت السيطرة على نبضات قلبها وأخفاءها جيدًا عنه ودخلت المصعد مع عمها ووالدتها ودخل معهم بعض الركاب ليعم الصمت لكنها شعرت بشيء يداعب يدها بخفة لتنظر للأسفل فرأت يده تلامس يدها لتنظر إلى “على” بقلق ولم تقاوم “نادر” أو تشاجره ثم شعرت به يضع شيء فى يدها ثم ترجل من المصعد وتركها بالداخل، صعدت بالمقعد الخلفي للسيارة لتجلس “فاتن” مع “على” فى الأمام لتستغل “أسماء” الفرصة وتفتح يدها لترى ورقة صغيرة فتحتها بلطف وقرأتها كان بها (هستني أتصالك)
تبسمت “أسماء” بخفة وأخفت الورقة فى جيب ملابسها وكان “على” يقود” السيارة حتى وصل إلى المنزل، دلف معهم للداخل و”فاتن” تمسك يد ابنتها ليصدم الجميع بعودة “نوح” وزوجته من القاهرة، وقف الجميع من مكانهم فى الصالون وينظروا إلى “أسماء” بينما تشبثت “عهد” بيد زوجها بقلق وتطلع “نوح” بها بصمت فطيلة فترة مرضها وبقائها فى المستشفى لم يذهب لزيارتها مرة واحدة، شعر الجميع بالقلق من مقابلة ”أسماء" له بعد الحادثة لكن بدا الأمر كأنها تراه لأول مرة الآن فظلت “أسماء” واقفة مع والدتها تشعر بالغربة فى هذا المنزل وهى لا تملك عنه شيء فى ذكرياتها فأشارت “سلمى” على “نوح” تقول:-
-دا نوح ولدى ومرته عهد
تبسمت “أسماء” بعفوية إليهما وقالت بتلقائية ساحرة:-
-واا أخيرًا جابلتك صدعولي دماغي بولد عمي كبير العيلة
أومأ “نوح” إليها بنعم صامتًا بينما “عهد” كانت فى عالم أخر وتشفق على حال هذه الفتاة التى يبدو أن قلبها لفظ “نوح” خارجًا أخيرًا لكن المقابل كان نسيانها لكل سنوات حياتها وكأنها ولدت من جديد للتو لكن بنفس اللحظة شعرت “عهد” بأرتياح وتنفست الصعداء فأخيرًا سيعم الهدوء والسلام بداخل المنزل فلن تبكي “أسماء” حزنًا ولن تقبل “فاتن” على أزعاج “عهد” من أجل ابنتها العاشق لتقول:-
-حمد الله على السلامة
تبسمت “أسماء” بلطف وهى تجيب عليها قائلة:-
-الله يسلمك
أستاذنت “فاتن” لكى تأخذ أبنتها وتصعد فصعدوا لتقول “سلمى” بهدوء:-
-ربنا بيحبك يا ولدى
تبسم “نوح” بصمت دون أن بلفظ بحرف واحد ثم صعد إلى الدرج لتستأذن “عهد” وتصعد خلفه سريعًا ثم دخلت للغرفة لتراه يفك أزرار قميصه الأسود بعقل شارد لتقول بقلق:-
-نوح أنت زعلان عشان اللى حصل لأسماء
ألتف “نوح” إليها مذهولًا من سؤالها وكان قميصه مفتوح فتنهد بسخرية وهو يقول:-
-أنتِ واعية للى بتجولي يا عهد؟ أنا أيه اللى هيزعلنى أن شاء الله
صاحت “عهد” بأنفعال شديد تقول:-
-أنت مشوفتش وشك قلب أزاى أول ما دخلت علينا
أقترب “نوح” منها بهدوء صامتًا ثم توقف أمامها وقال بضيق شديد:-
-أنتِ محساش أن أنا السبب فى اللى جرالها ولا أيه، البنت بجت عاملة زى الطفلة اللى عندها خمس سنين بسببى
عقدت “عهد” ذراعيها امام صدرها بأختناق شديد لتقول:-
-والله مشوفتكش وأنت بترميها من الشباك ولا حاجة
هز “نوح” رأسه بضيق غير مصدق ما يسمعه من زوجته ثم قال بشجن ونبرة غليظة:-
-هو لازم أكون أنا الجاتل عشان يبجى الذنب ذنبي، البيت كله شايف أنى السبب فى اللى جرالها وأنتِ الوحيدة اللى شايفة أن ماليش ذنب
صرخت “عهد” بأختناق وهى تفك عقدة ذراعيها:-
-أنا ماليش دعوة وبعدين بتلسم عليها بالأيد وفرحان أوى، هى فين أيدك دى اللى سلمت بيها ها
أخذت يده اليمني فى يدها ثم ذهبت إلى المرحاض غاضبة والغيرة تأكل قلبها من الداخل وتحرقه نيرانها حتى وصلت للمرحاض ودلفت ووضعت يده تحت صنوبر المياه وبدأت تغسلها بقوة بالغسول وتفركها بقوة وكأنها ترغب بأنتزاع جلده التى لمس يد امرأة أخرى بينما “نوح” كان يتابعها بصمت وعينيه تخترق ملامحها الغاضبة فرغم غضبها كانت الغيرة تزين وجهها وتزيده جمالًا لتشعر بيده اليسري ترفع خصلات شعرها التى تحجب عنه الرؤية ويضعها خلف أذنيها فرفعت “عهد” رأسها إليه لتستقبل قبلة منه على جبينها بحب، قبلة أمتصت كل الغضب وأخمدت نيران الغيرة الملتهبة بداخلها ليبتعد “نوح” عنه وتقول:-
-نوح
جذب يده من يدها وقال:-
-أنا جولتلك جبل أكدة انك جميلة جوي فى غضبك يا عهد
نظرت لعينيه بصمت ليحملها على ذراعيه ويسير للخارج فقالت بتذمر:-
-أنا مش هتصالح كدة على فكرة
أجابها وهو يسير بها بخطوات ثابتة قائلًا:-
-متسبجيش الأحداث يا عهدي أنا هعتذر على طريجتى بعدها نشوف هتتصالحي ولا لا
خجلت من حديثه لتلف ذراعيها حول عنقه بدلال وقالتبعناد:-
-مش هتصالح برضو
ضحك “نوح” بقوة عليها ثم أنزلها على الفراش برفق وجلس جوارها يداعب خصلات شعرها بأنامله بأثارة ونعومة...
__________________
كانت “أسماء” جالسة على المقعد فى الحديقة وتمسك الهاتف فى يدها لتفكر فى الأتصال به أم لا ليأتيها صوت أنثوي من الخلف يقول:-
-ممكن أقعد معاكي
ألتفت لترى وجه “عهد” فأومأت لها بنعم ثم جلست “عهد” وقالت:-
-أنا أسفة لو هزعجك
-لا مفيش حاجة
تبسمت “عهد” بعفوية ثم قالت بلطف:-
-أنا أسمي عهد
-أتشرفت بيكي
أكتفت “عهد” بالبسمة ثم نظرت فى التابلت الخاص بها تشاهد الفيديو الجديد لها التى رفعته “ليلى” من ساعة لتشعر بأحد يجلس جوارها فرفعت نظرها لترى “أسماء” وقفت من مكانها وجلست جوارها تنظر للفيديو وعندما رمقتها “عهد” شعرت “أسماء” بحرج لتقول:-
-أنا أسفة
هزت “عهد” رأسها بلا وقدمت التابلت لها وقالت:-
-أتفرجي
جلست “أسماء” تشاهد الفيديو وتسمع حديث “عهد” عن أساس نجاح العلاقة وبعد أن أنتهي الفيديو قالت “أسماء”:-
-دى أنتِ صح
أومأت “عهد” إليها بنعم ثم بدأت تعرفها بعملها وما تفعله لتبتسم “أسماء” بحماس ثم قالت:-
-طب أنا ممكن اخد رأيك فى حاجة؟
أومأت “عهد” إليها بنعم ثم قالت بعفوية:-
-أيوة طبعًا
قصت لها ما حدث معها من “نادر” وما تشعر به وجلست تنتظر رد “عهد” …..
_________________
دخل “نوح” من الباب ليرى “خالد” مُقيد فى الأرض ووجه ملأ بالكدمات والجروح و”تاج” أخرجها الرجال من الصندوق وقيدوها أرضًا ليقترب خلف منه ويقول:-
-حاول يهرب مننا
ضحك “نوح” بسخرية وهو يجلس على المقعد أمامه وقال:-
-وغبائك جالك ان حتى لو أخترت الهرب وتجتل مرتك وولدك أنا ههملك أكدة تهرب مثلًا
صاح “خالد” بغضب سافر مكبوح بداخله وقد فاض به التحمل ولا يقوى على تحمل الأمر أكثر:-
-فكى يا نوح وتعالى نجف قصاد بعض رجل لرجل وأنا أوريك بكفايك تكون جبان وتتحامي فى رجالتك
ضحك “نوح” أكثر ثم قال ببرود شديد:-
-وااا يا ولد عمى أنت متعرفنيش زين ولا أيه، متعرفش أن الطريجة مهتستفزنيش وتخرجنى عن شعورى وأجول أيوة فكوا والنبى عشان أثبت له أنى أجوى...لا يا خالد من غير أثبت أنا أجوى ومهفكش وهتحامي فى رجالتى أنا حر ومستمتع أكدة 24 جيراط وفدان كمان
كز “خالد” أسنانه بضيق شديد ليتابع “نوح” قائلًا:-
-بس تعرف اللى يجهر بجد أن محدش برا بيدور عليك ولا حتى مهتم سواء أنت عايش ولا ميت لأنك من الأساس مالكش حد برا غير أمك وتجولت مهيش فاكرك وبتجولى يا ولدى فريح أكدة وأهدى عشان مجتلكش بجد ومحدش هيحس بغيابك ولا هيفرق لحد فراجك
أستشاط “خالد” غضبًا من هذا الحديث ليغادر “نوح” مُبتسمًا بعد أن أحرق روحه بحديثه وكلماته ثم تركه ورحل ليركل “خالد” الرمل بقدميه بأنفعال مكبوح لا يستطيع حتى أخراج هذا الغضب سواء أراد ذلك أو لا فهو ليس حرًا فى تصرفاته بل كالأسير الذي يُعد عليه أنفاسه وفى تلك اللحظة أدرك “خالد” مدى قوة “نوح” وكيف لم يراه بهذه القوة من قبل، هل هذا كان بسبب غفران “نوح” الدائم لأفعاله أم لهدوءه وشخصيته القوية فى كبح غضبها وأوجاعها وماهرة شخصيته فى الصمود والتحمل ليشعر “خالد” بالخوف من “نوح” وبدأ قلبه يرتجف خوفًا من أقتراب الموت منه لينظر إلى “تاج” الجالسة هناك صامتة وتبكي بأنهيار وهى تتذكر القارورة وأين أفرغتها لتعود بالذاكرة ….....
يتبع