
جلست "مريم" مع "مسك" فى أحد المطاعم يتحدثان بعد أن وضع النادل إفطار من المعجنات أمامه والقهوة الخاصة بـ "مسك" وعصير التوت الخاص بـ "مريم"، قالت "مريم" بهدوء وحيرة فى أمرها:-
-لسه مترددة وخايفة أرجع القصر، عمري ما حسيت بالأمان قد ما حسيت به جوا القصر لكن الفترة اللى بتكون فيها مامته هناك، بتكون حساسة أوى، رغم كل حاجة عملتها ومهما كانت مكانتى ونجاحي فى شغلى ألا أنها دايما بتفضل شايفة أني الخادمة اللى أتجوزها مختار وبسببه أتجوزني جمال، رغم أن ربنا يعلم أن نجاحي فى كليتي وكل برنامج قدامته كان من نجاجي ومجهودي فى مذاكرتي وشغلي، عمري ما أستغلت أسم جمال فى أى خطوة خاصة بحياتي العملية
تبسمت "مسك" بلا مبالاة وبثقة ثم قالت بجدية:-
-مريم هو أنتِ طول الوقت كدة؟
نظرت "مريم" لها بحيرة من أمرها فتابعت "مسك" بجراءة وقوة ويديها تحيط بفنجان قهوتها الساخن:-
-يعنى طول الوقت مهتمة بكلام الناس وأولهم حماتك، أحب أقولك أن الناس دى مش هتنفعك بحاجة غير أنها هتقلل دايما من ثقتك بنفسك واللى عايز ينجح مش لازم يهتم بحاجة زى دا، شوفي تفكيرك فى كلام حماتك مصولك أن جوزك لما قالك أرجعى القصر رفضتي، القصر اللى هو بيتك أنتِ، الواقع اللى مش هيتغير اللى بتكلم عنه مامته هو أنك مريم العاصي الزوجة الوحيدة لجمال المصري والأعلامية المشهورة واليوتيوبر الناجحة بقناة تجاوزت 5 ملايين، دى حقيقتك يا مريم بمعنى دا أنتِ ومش لازم تسكتي عن دا والقلم اللى أخدتيه ممكن ترديه من غير ما تلمسي حماتك لأن ميصحش ترفعي أيدك عليها، لكن من كلامك عنها أن نجاحك فى حد ذاته وأنها تشوفك على الشاشة هو القلم الحقيقي ليها عشان كدة أنا رأي من رأي جمال أنتِ لازم ترجعي للشاشة يا مريم بإذن الله
حدقت "مريم" بها كثيرًا بنظرة طويلة لا تعلم أحقًا حان الوقت لتنير الشاشات بصورتها الجميلة وصوتها الرقيق الدافئ، تابعتها "مسك" بنظراتها لترى الحيرة والتردد فى أتخاذ القرار فقالت بلطف:-
-أنا جاية أقول لك أن الوقت حان، أنتِ فى عز ناجحك ونورك مش دا الوقت اللى تتهزمي وتوقفي فيه
أومأت "مريم" لها بنعم فتبسمت "مسك" إليها ثم قالت بمرح وعفوية:-
-عارفة أنا انتقمت من تيام، ساعة لما قولتله أن مهما كانت مكانته هو وجمال لو فكرنا نهرب مش هيلاقونا، كان مجرد كلام لكن صدقيني عجبتني الفكرة وقت ما تكوني جاهزة لازم نعملها يا مريم خليهم يعرفوا قيمتنا شوية
ضحكت "مريم" بعفوية" على كلماتها وهى تطلب منها أن تلعب الغميضة مع "جمال" وكيف لها أن تفعل وهو تعلم من هروبها مرة ولن يسمح لها بفعل ذلك مرة أخرى؟ ربما "تيام" واثقًا من قدرات زوجته القتالية لكن "جمال" يعلم كم "مريم" عفوية وبريئة لا تعرف شيء عن القتال فيرسل خلفها عشرات من رجال الحراسة لأجلها غير "جين" المتصل بكل شيء خاص بها....
______________________________________
ألقي "جمال" ببعض الصور التى عثر عليها "عاشور" و"جين" من كاميرات المراقبة داخل الفندق والقرية كاملة ليثبت جريمة "فريدة" مع "مريم" وأيضا الصور التى التقطها "جين" من داخل القصر ونظرتها المليئة بالحقد من "مريم" ثم ألقي بكيس داخله "سكين حاد" وقال بجدية صارمة:-
-معقول فكرتي أنك ممكن تلعبي معايا، أنتِ مين عشان ترفعي عينك فيا أو فى مريم؟ مجرد حشرة أدهسها برجلي
-أنا معلمتش حاجة لمريم
قالتها "فريدة" بهدوء محاولة الكذب وإنكار جريمتها مما جعل "جمال" ينفجر غضبًا ويقف من مقعده مُسرعًا كالبرق إليها ومسك فكها بقسوة كأد أن يعتصر عظام فمها وأسنانها بين قبضته القوية وعينيه يتطاير من الشر حتى رأت بهما الجحيم القادم إليها وأرتجفت رعبًا أكثر من نبرته حين قال بقساوته:-
-جربي تنطقي أسم مريم مرة تانية وهتكون الأخيرة
دفعها بقوة حتى سقطت أرضًا للخلف من غضبه وقال بضيق شديد:-
-لسه ليكي صوت يطلع حتى بعد ما جاب عاشور السكينة من أوضتك وعليها دم أيلا
تقدم خطوة واحدة إلى الأمام ووضع قدمه على عنقها بقسوة وتابع بعيني ثاقبة ووجه ملتهب من نيران الغضب قائلًا:-
-قتل أيلا لوحده وحزن مريم كفيل بأن أقطع رأسك، مجرد حشرة تتداس بالرجل زيك تكون السبب فى نزول دموع مريم وقهرتها لليالي ...
أنحني قليلًا إليها وهى ترتجف تحت قدمه وقال بتهديد واضح ومرعب:-
-حتى قطع رأسك مش هيكفي يا فريدة على اللى الحزن اللى شوفت فى قلبي مريم
أنفجرت باكية بصراخ بطريقة جنونية تقول:-
-مريم ... مريم... مريم، فيها أيه مريم، كانت مجرد خادمة زي ...
صفعها بقوة دون أن يشعر بشيء سوى إهانة هذه الفتاة إلى "مريم" وقبل أن يضرب الثانية أوقفه صوت "مريم" تناديه بذعر:-
-جمال
ألتف بعد ان أستقام فى وقفته من الدهشة لوجود زوجته هنا، هرعت "مريم" إليه بصدمة وحزن وخيم، تقدم "جمال" خطوتين إليها وقال بقلق:-
-أيه اللى جابك هنا يا مريم؟
نظرت إلى "فريدة" بغضب شديد لكنه لا يقارن بشيء مقابل غضب "جمال" فقالت:-
-سألت عليك فى الشركة ومحدش يعرف أنت فين فسألت جين ، جمال أنت بتعمل أيه؟
نظر إلى "فريدة" بقسوة فى صمت، تحدثت "مريم" بقلق شديد من نظرات زوجها وغضبه:-
-أنت هتعمل أيه؟ أكيد مش هتأذيها
-معقول لسه بدافعي عنها حتى بعد اللى سمعتيه؟
كان مصدوم من قرار زوجته ودافعها عن "فريدة" وحياتها فقالت:-
-عنها!! مستحيل، أنا أكتر شخص أتاذي من معتوهة زيها لكن أنا خوفي كله عليك، جمال أنا لا يمكن أقابل أن جوزى يتحول لقاتل أو مجرم، أنا موافقة أنك تعاقبها لكن بالقانون يا جمال، سلمها للبوليس بالأدلة اللى معاك، لكن متلوثش نفسك بدمها
أستشاطت "فريدة" غيظًا من هذه الفتاة التى تتفوق عليها بنقائها دائمًا، قالت بتذمر وكره:-
-ومين قالك أني محتاجة رحمتك، أنا أهون عليا أني أموت على أيد جمال ولا أني أعيش برحمتك
كاد أن يذهب لها "جمال" لكن أستوقفته "مريم" للتو بخباثة ومكر فقالت بغرور شديد:-
-ومين قالك أنى ممكن أرحمك، أنا مستحيل أرحم اللى أتسببت فى موت ابني، وإذا كان كل اللى بتتمني فى الدنيا هو موتك على أيد جمال فأنا مستحيل أناولك اللى فبالك وأحقق أمنياتك
ألتفت "مريم" إلي "جمال" ونظرت بعينيه ثم قالت بهدوء:-
-جمال، الناس اللى بالحقد والكره دا كله واللى تقتل روح من غير رحمة مكانهم السجن...
أستغلت "فريدة" حديثهما وسحبت السكين من الأرض وعينيها تراقب "مريم" بكره وغضب ثم هرعت إليها وهى تصرخ بها قائلة:-
-لو كان الموت مكاني فأنا مش هموت لوحدي
أتسعت عيني "جمال" وأنتفضت "مريم" بعد أن ألتصقت بها "فريدة"، تبسمت "فريدة" بعد أن شعرت بالسكين يمزج أحشاء جسد "مريم" ومع نفضتها زادت ضحكتها بينما "جمال" دفعها بقوة بعيدًا بيده الأيسر ام الأيمن فضم به "مريم" إلي صدره يخبئها من وحشية هذه الفتاة الحية، هرع "عاشور" بقلق وهكذا بعض الرجال فصدم عندما رآوا الدماء تسيل من خصر "جمال" وقد حماها للتو بجسده ولم يبالي بهذا الجرح بقدر أهتمامه بحماية "مريم"، نظرت "مريم" إلى الجرح بخوف من رؤية الدماء فى جسد زوجها وحبيبها، مسك الرجال "فريدة" مُقيدة بين يديهما.....
__________________________________
وصل "جابر" إلى المستشفي بأمر من "تيام" لتأكد من وجود "زوجته هناك بعد أن شعر بالقلق من فكرتها الجنونية فى الهرب، سأل عنها وأجابه موظف الأستقبال قائلًا:-
-دكتورة مسك فى العمليات
صعد إلى غرفة العمليات وجلس ينتظر أمامها حتى يرأها بعينيه ويتأكد كما طلب منه "تيام"، نظر فى هاتفه حتى يمر الوقت لكنه شعر بأحد يجلس جواره، رفع نظره بلا مبالاة لكنه دُهش من وجود "غزل" وعودتها من الجيش، نظر إليها مطولًا فتبسمت "غزل" على حملقته بها وقالت مُتحاشية النظر إليه:-
-متوقعتش أشوفك هنا خالص
أعتدل فى جلسته بظهر مُستقم وقال بهدوء:-
-ولا أنا، أكيد لو أعرف مكنتش جيت
نظرت إليه بضيق من كلمته وهو لا يريد رؤيتها فقال مُتابعًا بهدوء:-
-البُعد عنك سلام وأنتِ عارفة دا
كزت على أسنانها بأختناق شديد من كلماته ثم وقفت غاضبة منه وقالت:-
-إذا كان البُعد عني سلام فالقرب منك بيعلي الضغط ويجيب الأمراض
ألتفت لكي ترحل من أمامه لكن أستوقف قدمها عن الحركة وجمدت مكانها حين قال بلطف وعينيه تحدق فى الهاتف:-
-حمد الله على سلامتك
ضحكت بسخرية عليه لا تعرف ماذا يريد؟ يعاملها باللطف والقسوة فى آن واحد، لم تفهم هذا الرجل نهائيًا، ألتفت إليه غيظًا من حيرتها به ووقفت أمامه ليرفع نظره بدهشة من قُربها هكذا وقال بتوتر من نظراتها:-
-أيه؟
-ممكن اعمل حاجة؟
قالتها بغيظ ووجه عابس فأومأ إليها بنعم دون أن يسأل عما ستفعله فركلت قدمه بقوة غيظًا منه وقالت:-
-أخر مرة تخليني أشوفك
تبسم "جابر" عليها بهدوء مما زاد من غضبها وغيظها فقال بلطف شديد:-
-معقول مشوفكش، طيب مين اللى هيصلح وراكي ويحل مصايبك
كادت أن تضربه من نوبة الغضب التي بداخلها من هدوء هذا الرجل لكن أنقاذه من جنونها فتح باب العلميات وخروج "مسك" دُهشت من رؤية أختها وهرعت إليها تعانقها بحب شديد وأشتياق من غيابها بينما رحل "جابر" بعد أن رأي "مسك" أمامه وتأكد من وجودها....
__________________________________
خرجت "جميلة" من المطار فى السادسة صباحًا وأستقلت سيارتها مع السائق الذي جاء لنقلها، قاد بها إلى طريق القصر فأنطلقت سيارة أخري زرقاء خلفها، نظرت "جميلة بهاتفها تبحث عن رقم "حسام" وأتصلت به وفور أن أتاها صوته عبر الهاتف يقول:-
-حبيبتي حمد الله على السلامة
-الله يسلمك يا حبيبي
قالتها "جميلة" بسعادة وبسمة تنير وجهها من عشقها لهذا الرجل الذي سرق قلبها ودقاته، أقتربت السيارة الزرقاء أكثر من الخلف بسرعة جنونية مُتعمدًا سائقها دهس سيارة "جميلة" بفعل فاعل، أنقلبت السيارة على الطريق بعد أن همشت كليًا، سمع "حسام" صرخة زوجته القوية وتكسير السيارة ثم أنقطع الخط وحاول الأتصال مرة وأخرى بها ولم يجيب أحد بل أغلق الهاتف كليًا، جن جنونه وهرع من غرفته للأسفل....
مرت السيارة الزرقاء من جانب سيارة "جميلة" ليفتح النافذة وظهر وجه "حازم" الذي يمعن النظر إلى وجه "جميلة" والدماء تسيل منها والسيارة منقلبة رأسًا على عقب والسائق لا يقل حالة عنها مجرد جثث تركت على الأرض بسبب غدر شخص .........
____ الفصـــــل السادس عشر (16) ____
فى المستشفي وقف الطبيب أمام "جمال" الذي يجلس على حافة الفراش وبيده اليمني يمسك يد "مريم" التى لم تكف عن البكاء مُنذ أن رأت دمائه تسيل فتبسم "جمال" بلطف وقال:-
-أنا كويس
أومأت "مريم" إليه بنعم ببسمة خافتة بين دموعها فتبسم الطبيب بلطف على تشبثها بزوجها وقال:-
-متقلقيش يا مدام مريم دا خدش صغير مفيهوش حاجة
نظر "مريم" إلى "جمال" فأنهي الطبيب تعقيم الجرح ووضع لاصقة طبية عليه ثم خرج من الغرفة، رفعت "مريم" يدها إلى وجه "جمال" تلمسه بدفء وتتنفس بأريحية لا تصدق هذا الخوف الذي أصابها من رؤية دمه، تبسم " جمال" بخفة وقال:-
-أنا كويس يا مريم متقلقيش والله مجرد خربوش زى ما الدكتور قالك أهو
-الحمد لله يا حبيبي أن ربنا حماك من شرها
قالتها "مريم" بدفء ونبرة ناعمة، دلف الطبيب مرة أخري وكتب الوصفة الطبية لـ "جمال" مُتبسمًا بعفوية وعينيه تحدق فى الورقة بينما يده تدون الأدوية فقال دون أن يرفع نظره إلى الأعلي:-
-عذرًا بعد أذنك يا أستاذ جمال، المدام عندي وبنتي بتحب حضرتك جدًا
نظر "جمال" ببسمة إلى وجه زوجته رغم الغيرة الطفيفة التى شعر بها من الطبيب في محادثته عن الإعجاب بعمل زوجته لكن بسمة "جمال" وسعادته كانت تختص بنجاحها وحُب الجمهور لها ، خجلت "مريم" من حديث الطبيب ونظرت إلى "جمال" الذي أومأ إليها بنعم وبعد أن وقعت على ورقة باسم زوجته وأبنته كأمتنان على رعايته إلى "جمال" غادرا الأثنين معًا إلى الخارج، أنطلق "صادق" فى طريقه للقصر وكانت الساعة الثالثة فجرًا، ظلت "مريم" تنظر إليه بأريحية وقالت:-
-فى حد عاقل يقف قصاد الموت، كام مرة هتفديني بروحك يا جمال
أخذ "جمال" يدها بلطف فى راحة يده يُشعرها بأمان ونظر إلى وجهها العابس رغم سلامته وأصابته الطفيفة وقال بدفء:-
-طول ما فيا نفس يا مريم، لأن أنا حتة منى موجودة جواكي اللى هى قلبي وإذا لا قدر الله وحصلك حاجة معناها أنى مُت أنا كمان.. أنتِ روحي يا مريم
دمعت عينيها وتلألأت الدموع بيهما وقلبها أرتجاف من القشعريرة التى أصابتها من جمال كلماته ونبرة صدقته الدافئة أربكتها وكأن "جمال" كل يوم ودقيقة تمر عليهما معًا يجدد العشق والمشاعر من جديد فلم يخطأ يومًا فى أرباكها أو تجمد مشاعرها تجاهه، تبسمت رغم دموعها وقالت:-
-أنت أناني يا جمال، فكرت فى نفسك طب وأنا لو حصلك أنت حاجة هعيش أزاى من غيرك ها
كاد أن يتحدث لكن قبل أن ينشب شجار بينهما رن هاتفه لأستلام رسالة، أخرج الهاتف وكانت رسالة من أخته "جميلة" تخبره بموعد وصولها حتى يرسل سيارة إلى المطار من أجلها ....
____________________________________
هرع "حسام" كالمجنون بعد أن سمع صرختها فى الهاتف وأنطلق كالمجنون للخارج، دق باب الجناح الخاص بـ "جمال" بطريقة جنونية وقوية، فتح عينيه بتعب و"مريم" نائمة على ذراعه تغوص فى سبات النوم لكن الدق على الباب كان قويًا ليقظها، فتحت عينيها وأعتدل "جمال" فى جلسته وهو يفرك عينيه بذعر لكن قبل أن يفارق الفراش رن هاتفه باسم "عاشور" ليعلم أن هناك كارثة ما حلت وهذه الدقات القوية تحمل سبب قوي خلفها، أخذ الهاتف بينما وضعت "مريم" الروب على جسدها وذهبت لكى تفتح الباب وكانت "حنان" فى اللحظة التى أستقبل بها "جمال" المكالمة ووقع خبر حادثة "جميلة" على مسمع الأثنين كالصاعقة الكهربائية، أقل من نصف ساعة وكان الجميع فى مستشفي القاضى أمام غرفة العمليات، لم يُصدق "حسام" الحالة التى وصلت بها زوجته إلى المستشفي، الدموع لم تتوقف عن الذرف من عينيه و"مريم" تجلس أمام الغرفة على المقعد الحديدية بينما "جمال" يقف على قدم وساق مُرتعبًا على أخته الوحيدة، فزع الجميع عندما جاءت ممرضة تحمل صندوقًا به الكثير من أكياس الدماء فأوقفها "جمال" بقلق قائلًا:-
-طمنيني
-أدعليهم
قالتها وهرعت إلى الداخل فأنهارت "ولاء" كليًا بعد سماع كلمة الممرضة، وما زاد رعبهما أكثر هو قدوم "مسك" فى الرواق ركضًا ترتدي زى العلميات مع طبيب أخر، وقفت "مريم" بقلق وقالت :-
-مسك
نظرت "مسك" إليها بثقة وقالت بحزم:-
-أهدي يا مريم وأطمني
دخلت "مسك" إلى غرفة العمليات وكان الوضع فوضوي بسبب حالة "جميلة" القطعة الزجاجية التى أخترقت صدرها بجوار القلب.....
_______________________________
فى شقة "غزل" كانت تصارع البرق بأصابعها على اللابتوب الخاص بها مُحاولة أختراق النظام الخاص بالملهي الليلي لكنها صُدمت عندما بدأ الطرف الأخري بمهاجمتها محاولة القبض عليها لتبتسم بخباثة ثم قالت:-
-خلينا نلعب إذا كنت حابب
بدأت معركتهما الإلكترونية فمن الذي سيقبض على الأخر أولاً، وعندما حان الوقت لتمسك به شعر ذلك المجهول بالخطر من القبض عليه وسرق البيانات الخاصة بالملهي الليلي فأغلق الأجهزة كاملة مما أغضب "غزل" بقوة وضربت المكتب بقوة من غيظها بعد أن كان بين يديها هرب منها، تأففت "غزل" بأغتياظ شديد فخرجت من الشقة بنوبة غضب قوية مُرتدية بنطلون جينز وسترة رمادية بسحاب قطنية، ذهبت تتجول فى الطرق مشيًا ربما تخفف من حالة الغضب وعقلها يفكر بما حدث، جلست على مقعد خشبي فى الطريق بأختناق بداخلها وتعود بذكرياتها مع أخاها الذي فقدته على يد هؤلاء الحثالة بسبب جشعهما للمال فقدت أخاها لتجارتهم فى المخدرات، أتصلت بـ "جابر" بهدف الشجار معه ربما يخفف من الغضب الذي بداخلها....
_________________________________
كان "جابر" يسير فى الرواق داخل شركة الدينة الزرقاء للسياحة فى القاهرة ورن هاتفه فأعتذار من الموظف وأخرج الهاتف ليُدهش عندما رأى أسم "غزل" يضئ شاشته فأستئذان للرحيل واجاب عليها قائلًا:-
-ألو
أتاه صوتها المبحوح بحزن وخيم داخل نبرتها وضلوعها:-
-هرب منى، كل مجهودي وتعبي راح على مفيش، الفشل قاتلني معقول أنا أفشل من أنى أعمل حاجة بسيطة كدة، أنا متأكدة أنى مش همنع تجارة المخدرات والممنوعات كلها فى البلد لكن على اللى اللى غلط فى حقي واللى أتأذيت واتوجعت بسببه لازم أعاقبه وألا إحساس الفشل وأنى مقصرة هيفضل ملازمني عمرى كله، أكتر من 8 سنين وأنا مواقفة حياتي على انتقامي، فى عز أحلي سنين حياتي بدل ما أحب وأتحب وأعمل اللى نفسي نفسي كنت بجري وراهم وبدور على حقي بس لحد أمتى وكأن حياتي كلها هتضيع فى أخد الحق
كان "جابر" يستمع لكلماتها دون أن يقاطعها بحرفٍ واحدٍ ويسير للأمام حتى وصل لسيارته وتوقفت "غزل" عن الحديث وسمع صوت أنين البكاء عبر الهاتف، تركها تخرج نوبة البكاء كاملة مُدركًا أنها الآن تعيش فى ألم ذكرياتها مع أخاها المتوفي....
_________________________________
جففت "غزل" دموعها بعد نوبة البكاء وتنهدت بأريحية ثم قالت بحزم:-
-جابر
-أممم
تبسم بخفة عليه ثم قالت بعفوية:-
-فكرتك رميت التليفون وزهقت من رغي
ضغط على زر تشغيل السيارة حتى سمعت "غزل" صوت مشغل السيارة وتحريكها ثم قال بهدوء:-
-أنتِ فين؟ دقائق وهتلاقينى عندك
-ليه؟
سألته وهى تطأطأ رأسها للأسفل بحرج من فعلتها، تبسم وهو يقود السيارة بسرعة قصوى حتى يصل إليها ولا تركها أكثر من ذلك مع عقلها المفعم بشعور الفشل وقال بجدية:-
-معقول أسيبك تصعدي الناس فى الشارع بعيطك
ضحكت على كلماته ربما يريد أن يواسيها لكنه لا يتنازل عن كبريائه وغروره، أخبرته بمكانها ثم أغلقت الخط ودلف إلى صالون التجميل الموجود بالمنطقة وجلست أمام العامل تنظر إلى صورتها فى المرآة ثم قالت بحدة:-
-قصيه
_______________________________________
خرجت "جميلة" من غرفة العمليات وكانت حالتها يرثي إليها وقد توفي السائق، نظر "حسام" إلي وجه زوجته المليئة بالخدوش والكدمات والأجهزة التى تحيط بها مما أبكي عينيه كليًا لأجلها وأنفطر قلبه العاشق إليها، ربتت "مريم" على يد "جمال" بهدوء بقلق الذي تركها ورحل حين ظهر "عاشور"، وقف مع "عاشور" الذي قال بجدية:-
-زى ما توقعت العربية مكنش فيها أى عطل، لأن حسب قواعد القصر مفيش عربية بتخرج منه غير بعد الفحص والمسئول أكد أن العربية أتكشف عليها قبل ما تروح المطار
تحدث "جمال" بقسوة وغضب كامن بداخله محاولًا كبحه قدر المستطاع:-
-يعنى العربية اتقلبت لوحدها يا عاشور
تنحنح "عاشور" بحيرة من الجواب الذي لا يملكه، تحدث بتردد:-
-أكيد لا، هخلي الرجالة تدور وتعمل اللازم وأبلغ حضرتك
أومأ "جمال" له بنعم ثم قال بجدية:-
-ماشي بسرعة يا عاشور
أومأ "عاشور" بنعم ثم تابع الحديث بجدية وقوة:-
-وبالنسبة لفريدة إحنا سلمنا شريط الفيديو فى الفندق للبوليس وأتقبض عليها..
قاطعه "جمال" بجدية وعينيه تنظر إلى غرفة "جميلة" قائلًا:-
-مش وقته يا عاشور تابع الموضوع أنت دلوقت
______________________________________
وصل "جابر" إلى المكان وكانت الساعة الثامنة مساءًا فترجل من سيارته وبحث عنها فى الشوارع والحدائق الموجودة على الجوانب فلم يجد لها أثر، أتصل علي هاتفها مرارًا وتكرارًا فسمع صوت الهاتف قريبًا سار خلف الصوت حتى وصل إليها، رآها تجلس على طاولة أمام مطعم فى الطريق وأمامها كمية كبيرة من الطعام وعبوة المشروبات الغازية، جلس أمامها ليُدهش من شعرها المسدول على الجانبين يحيط بوجهها وقصير يصل لأكتافها فقط، تحدث بدهشة:-
-أنتِ قصتيه من الحزن ولا قبله
قدمت له قطع من الدجاج بلا مبالاة من سؤاله وقالت:-
-كُل
فتحت علبة مشروب غازي إليه ووضعته أمامه، راقبها عن كثب وهى تأكل وتشرب جيدًا كأنها لم تكن نفس الفتاة التى بكت فى الهاتف، كان وجهها عابسًا رغم جماله بقصة الشعر الجديد التى زادتها جمالًا على عينيها الرمادتين وبشرتها البيضاء الناعم، لطالما عُرفت بجمالها كـ "مسك" توأمها لكن اليوم شعر وكأنه يراها لأول مرة ربما لأن شعرها القصير ميزها أكثر عن "مسك"، رفعت نظرها إليه بسبب نظراته ورفضه لتناول الطعام فقالت بعبوس:-
-مش جعان، متقلقش الأكل هنا حلو، أينعم مش زى المطاعم الفايف ستار اللى بتدخلها بس أنا واثقة أنه حلو
نظر "جابر" إليها بعد أن فسرت سبب رفضه للطعام هو ثمنه القليل فقال بهدوء:-
-غزل
رفعت نظرها إليه وبيدها تحمل سندوتش الدجاج المقرمش، تطلع بوجهها لثواني معدودة ثم أخرج منديلًا من جيبه ومسح فمها وأنفها الملوثان بالصلصة مما أدهشها وجعل عينيها تتسع وأرتجفت يدها بأرتباك فقال بهدوء:-
-أيه رأيك لو كفاية توقفي حياتك، خديها نصحية من واحد وقف حياته عشان الشغل وبس، اليوم اللى هيعدي مش هيرجع والأكل والزعل وقص شعرك مش هيحلوا الموضوع ولا هيرجعوا حقك
تركت الشطيرة من يدها بضيق من طلبه وقالت بجدية صارمة:-
-يعنى... المطلوب أنى أسيب اللى قتل أخويا وحرمه من حياته يعيش هو حياته ...
قاطعها "جابر" بجدية صارمة وعينيه ثاقبة قائلًا:-
-لا مستحيل، أنك تسمحي لحد يعيش بعد ما جرحك مستحيل ووقتها حتى راحة البال هتتسرق منك وحياتك مش هتمشي، لكن كفاية بقالك 8 سنين بتجري وراهم جربي تخلينى أنا أجبلك حقك
نظرت إليه بدهشة وهو يعرض المساعدة عليها بل يأخذ الحمل كاملًا عن عاتقها وفى المقابل يطلب منها أن تعيش حياتها كما يجب أن تكون، تمتمت "غزل" بهدوء:-
-يعنى أنا أعيش حياتي وأنت توقف حياتك، أعيش على حسابك أنت ؟
تبسم "جابر" لطف وقال بثقة:-
-بس أنا واخد على كدة وحياتي خلاص لكن أنتِ لسه صغيرة وزى ما قولتي من حقك تعيشي وتحبي وتتحبي زى أختك
ضحكت "غزل" على كلماته بسخرية وهو يخبرها بأن تذهب وتفتح أبواب قلبها لرجل أخر وتتزوج فقالت:-
-قول يا رب وبعدين يا جبورة متحسسنيش أنك عجوز أوي كدة
تبسم على كلماتها وتناول أول قطعة من الدجاج فضحكت هذه المرة بعفوية على بسمته الخافتة وتناولا الطعام معًا ثم أخذها سيرًا إلى منزلها وقبل أن تصعد نظر إلى وجهها مُنتظر أن تفعل لكنها نظرت بحيرة للأمام مُتحاشية النظر إليه وقالت:-
-متعملش حاجة غير لما أقولك، الناس دول خطر
نظر "جابر" إليها بغرور ووضع يديه الأثنين فى جيوب بنطلونه بثقة وقال:-
-خطر.. انا بضحك فى وشك المخاطر هها هاها
نظرت "غزل" إليه مباشرة بضيق من سخريته لكلماتها ثم قالت:-
-أنا بتكلم جد، الناس دى خطر وشغلها كله فى القتل والسلاح والمخدرات وكل أنواع الجرائم ممكن تلاقيها عندهم
أخذ "جابر" خطوة نحوها بثقة ووجه غاضب عابسًا فقال بتحذير شديد:-
-ودا سبب كافي أن أحذرك تقربي منهم أو تعملي أى خطوة لوحدك... واضح
رمقته بعينيه فى صمت لتطول نظراتهما التى تبوح بما بداخلهما، لم ترى خوفًا من قبل كما رآته فى عيني "جابر" كان مُرتعبًا عليها من أن يصيبها شيء والأقتراب من هؤلاء الحمقي، أومأت إليه بنعم بهدوء دون أن تجادله هذه المرة، أخرج اليد اليمنى من جيب بنطلونه ورفعها إلى وجنتها يضع خصل شعرها خلف أذنها بلطف ثم قال:-
-من غير أمر أو إجبار لكن متستهونيش بتحذري يا غزل
أبتلعت لعابها بتوتر من لمسه لغرتها وقالت بأرتباك شديد:-
-دا مسموح لك!!؟
أبعد يده عنها بحرج من سؤاله وأبتعد خطوة للخلف ثم أشار إلى باب المنزل وقال:-
-أطلعي
ظل واقفًا حتى دخلت المنزل وصعدت للشقة فخرجت من الشرفة تلوح له وتخبره بأن يذهب بعد أن رآها فى الشقة بأمان، أومأ إليها بنعم وذهب حيث سيارته...
_____________________________________
"مستشفي القاضي"
وصل "تيام" فى العاشرة مساءًا إلى المستشفي بسبب تأخير زوجته وخصوصًا بعد أن أخبرته بحادثة أخت "جمال"، أتجه إلى مكتب زوجته فرآها نائمة على المكتب بتعب، أغلق باب المكتب خلفه وذهب إليها مسح على رأسها بلطف لتستيقظ "مسك" بقلق لكن سرعان ما هدأت بعد رؤيته وقالت:-
-تيام، أيه اللى جابك هنا أنا قولتلك هرجع بكرة
جلس على سطح المكتب وأخذ يديها الأثنين فى يديه وسحبها نحوه لتقف أمامه بقلق، داعب وجنتها بلطف مُشتاقًا إلى وجهها الجميل وقال:-
-وحشتيني
نكزته فى خصره بلطف وقالت:-
-تيام مش وقته ولا مكانه، أفرض حد دخل علينا
سحبها بلا مبالاة لأى شيء أو شخص قد يراهما فهى زوجته ويحق له فعل أى شيء، ضمها بلطف حتى طوقها بذراعيه يستنشق عبيرها ورائحتها الفريدة، تبسم رغم معارضتها ورفعت يديها تطوقه بحب مُشتاقة إليه بعد يوم عمل طويل داخل غرفة العمليات، تحدث "تيام" بحب قائلًا:-
-من وقت ما مسكت القرية وأنتِ هنا فى المستشفي وأنا بتمني يوم واحد من زمان يرجع، أكون معاكي وليكي وحدك يا مسك من غير شغل ولا حاجة تأخدني منك لساعات طويلة طول اليوم
تبسمت "مسك" بعد أن أبتعدت عنه بلطف ونظرت إلى وجهها ولحيته الذي تخلي عنها وبعد أن تخلص منها زادت وسامته وصفاء بشرته فداعبت وجنته بحب وقالت بعفوية:-
-لو بس أقدر أخطفك من العالم كله وأهرب بيك بعيد يا مُتيمي
تبسم "تيام" بأشراق إليها وقال بحنان متحمسًا:-
-وأنا مستعد يلا أختطفني
ضحكت "مسك" بقوة على أستعداده لترك كل شيء والهرب فنظر إلي ضحكاتها الجميلة وقال بهيام شاردًا بهذه الضحكة الساحرة:-
-أنا أتخطفت خلاص
عانقته "مسك" بسعادة من كلمته ليبادلها العناق بحب مُلتهبًا للأبد لن تخمد نيرانه بداخلهما....
صُدم "جمال" مما يراه من كاميرات المراقبة الخاصة بالمطار التى جلبها "عاشور" وهذه السيارة التى تحركت خلف سيارة أخته والآن أصبح واثقًا بأن ما حد بفعل فاعل وهناك من تربص إلي "جميلة" وغدر بها، تمتم بغضب سافر وهو يكز على أسنانه قائلًا:-
-أعرف لي صاحب العربية دى، إذا طلع عليه الشمس هتكون رصاصتي فى رأسك يا عاشور..........