رواية عشق الجمال الفصل السابع7والثامن8 بقلم نورا عبد العزيز

رواية عشق الجمال الفصل السابع7والثامن8 بقلم نورا عبد العزيز


فى مطعم على الشاطئ هادئ بموسيقي فرنسية تملأ المكان، كان "جمال" يراقبها بنظره أثناء تناولها الطعام فى هدوء شديد فقال بلطف:-
-تعرفي أن اللون الأخضر حلو فيكي أوى يا مريم

رفعت نظرها إليه بأندهاش تتطلع به بعينيها الساحرتين التى تحول لونهما إلى الأخضر قليلًا مع أرتدائها لهذا اللون، تبسم "جمال" بعفوية إلى عينيها الجميلتين ثم رفع يده فوق الطاولة يمدها إليها، نظرت "مريم" إلى يده بهدوئها ثم مدت يدها إلى هذه اليد وعانقتها بحُب دافئ، تبسم "جمال" إليها بخفة وقال بحب:-
-أنا عارف أنك موجوعة يا مريم بس لمجرد محاولتك أنكِ تخفي وجعك جواكي عشاني دي حاجة كبيرة أوى عندي

تبسمت "مريم" بلطف؛ لتنير بسمتها الدافئة برقتها قلبه وعينيه التى لا ترى سواها، تابع حديثه ويديهما مُتشابكة فوق الطاولة:-
-أهو بسمتك دا الصغيرة دى وصوت ضحكتك اللى وحشاني عندي بالدنيا كلها يا مريم

أخذت "مريم" نفس عميق قبل أن تبدأ الحديث معه وقالت بلطف:-
-أنا عارفة أنك تعبت معايا كتير يا جمال، وأستحملت كل أوجاعي وحالتي المتقلبة، حاولت بكل الطرق تشي عني أوجاعي من أول حمزة لسارة ولمختار وكل اللي أذوني، أنا عارفة أني تعبتك أكتر ما فرحتك بس أنا وعدت نفسي وبنتي وحبيبي أنى مش هرجع مريم الضعيفة تاني اللى الحزن بيسيطر وينتصر عليها من أقل حاجة، لما ودعت الدكتور النفسي وعدت نفسي أنى مش هسمح للدنيا مهما كانت قوية أنها ترجعني عنده تاني وأرجع أتعالج من الأكتئاب ولا أحاول أنتحر وأنهي حياتي من تاني

تبسم "جمال" بسعادة تغمره على هذا الأمر وتحديها لقسوة العالم وأسترداد زوجته لصحتها ونقاء قلبها، ربما ما زال الأثر بداخلها تحاول أن تخفيه لكنها تجاهد فى هذا، ضم يدها بلطف أكثر ويلامسها بنعومة فنظرت "مريم" إلى يده التى تداعب يدها مُمتنة لهذه اليد التى لم تتركها للحظة واحدة نهائيًا فقالت "مريم":-
-بتفضل ماسكة أيدي مهما عملت يا جمال

سحبها من يدها برفق لكي تقف معه ودفع تكلفة الطعام ثم ذهب غلى الخارج معها فأستنشق الهواء بهدوء وقال مُجيب على كلماتها:-
-ومستحيل أفلتها أبدًا يا مريم، لو تعرف الأيد دى عملت فيا أيه؟!!

نظرت "مريم" له بصمت ولم تتفوه بكلمة بينما يسيران مُتشابكين الأيادي معًا ليقول "جمال" بهدوء على عكس ضربات قلبه الذي يخفق بجنون إليه كلما نظر إلي وجهها أو لمس يدها:-
-أنا عمري ما سهرت الليل أفكر فى حد، أنتِ أول واحدة تسرق النوم منى يا مريم وتشقلب حالي معاها، عمري ما هنسي خوفك عليا يا مريم رغم أنك كنت مرعبة وقت لما هجموا عليا، وقتها يا مريم أقسمت أنى مستحيل أتخلي عن الأيد دى، الأيد اللى رفضت تسيبني وراها وتنقذ نفسها، الدموع اللى شوفتها فى عينيكي يا مريم، أنا مواقفي معاكي كتير يا مريم، كل موقف فيهم كان بيقوي الرباط بينا ويزيد قوتي فى تمسكي بيكي، وقت لما تتوجعي بحس نفسي عايز أعيط بدلك، لما أشوف ضحكتك بس الضحكة منك يا مريم تخليني مستعد أرمي كل اللى معايا من مال وسلطة وصحة وعمر وحتى أنفاسي بس عشان الضحكة دى متغبش عني، أنا مُدمن وأنتِ إدماني يا مريم زى المريض اللى مالهوش علاج بس أنا علاجي أنتِ يا مريم

توقفت "مريم" عن السير ولم تعد تتحمل سماع المزيد عنها منه، وهذا المشاعر التى تصيبه لأجلها ، توقف أمامها بخطوة رغم يديهما المُتشابكة ونظر إلى "مريم" مُستديرًا، تطلع بوجهها مُتعجبًا من سبب وقوفها فجأة بمنتصف الطريق، تطلعت "مريم" بعينيه فقط، عينيه الخضراء الجميلة التى تزداد سحرًا ودفئًا بعشقه هذا، تبسمت بعفوية إليه وكأنها تناست كل أوجاعها لأجل قلبه النابض بداخله لها، تحدثت بدفء خافت قائلة:-
-جمال

سارت القشعريرة بجسده كاملًا فور نطقها لأسمه، كلما نطقت أسمه أرتعش جسده وقلبه أرتباكًا وتوترًا لأجلها، كأن "مريم" تهزمه فقط بنطق اسمه بهذه النبرة الرقيقة الهامسة التى تلامس أوتار قلبه ومشاعره، تابعت الحديث مع نظرته اللامعة:-
-قولي يا جمال لو فيه كلما ممكن تتقل أكتر من بحبك تكفيك، حتى بحبك مبتكفيش اللى حاسة بيه معاك، أنا واثقة أن مفيش واحدة متجوزة بقالها سنتين وأم ولسه قلبها بترعش وتدق بجنون كدة لجوزها، بالعكس كل اللى أعرفهم بيقولوا الحب بيموت بعد الجواز والراجل بيتغير لكن أنت يا جمال، أنت أزاى عاشقني كل العشق دا رغم أنشغالك وأهمالك ليا

أخذ خطوة إليها ببسمة تنير عينيه أكثر من شفتيه وما زال مُتشابك الأيادي معها وقال:-
-أزاى كدة، أنا فى أنشغالي بيموت من شوقي ليكي يا مريم، يا ريت لو تقدري تشقي صدري وتشوفي حال قلبي معاكي

رفعت يدها إلى وجهه تلمس وجنته تحديد من شعيرات لحيته البارزة بوضوح بحنان، دمعت عينيها وجعًا بينما تنظر إليه وقالت بنبرة خافتة تمزقها الألم:-
-لو تعرف حالى قلبي، اه موجوعة ولسه قلبي بيبكي وينزف لكن مش قادرة أبعد عنك وخايفة من بُعد، عارفة أن أنتَ وبنتي مالكوش غير حضني ومش قادرة أحرمكم منه، ولا قادرة أنسي وجعي، صعبان عليا حال أيلا واللى حصل وحرام حيوان وروح تتأذي بسببي لأن مستحيل حد يأذيها لأنها حيوان، لكن أنا برضو عارفة أن هطيب وأنا معاك، هطيب وأيدك ضماني ومطمنني، يا جمال ياريت تحيط أيدك على قلبي وتشيل منه كل الأوجاع بس عشان مشوفش الخوف دا فى عينيك، اه مهما دارت عليا أنا شايفة خوفك وقلقك عليا فى عينيك، أطمني يا جمال حتى وانا موجوعة وبتألم أنا مش هستسلم ولا خلي اللى عمل كدة ينتصر عليا مهما كان هدفه... لأني مُتأكدة أن فى ضهري راجل اسمه جمال المصري

تبسم "جمال" على شجاعتها وثقتها بكونه درعها الحامي وأخذ خطوته الأخيرة منها وقال:-
-أحسنتي يا مريم، أطمني ومين ما كان أنا فى ظهرك ودرعك الحامي، وصدقيني هكون سيف يقطع رأس كل واحد يفكر يزعلك أو يبص لك بصة متعجبكيش، ودائمًا أتأكدي أن جمال هنا عشانك

أومأت إليه بنعم ثم رفعت يدها الأخري إلى وجنتها تجفف دموعها بلطف وتبسمت كأنها تتخلص من هذا الحزن ولحظتهما التى غمرتها الدموع والوجع وقالت بنبرة حماسية تبدل حالها فورًا:-
-ودلوقت أنا عايزك تركبني عجل... اه وكمان كان فى مخططاتي تعلمني الغطس وقاله فى شعب مرجانية حلو جدًا فى البحر هنا لازم توريهالي، اه وكمان عشاء على اليخت وعايزة هدية تعوضني عن سفرك الكتير الفترة الأخيرة ... اه نسيت كمان حابة نتصور صور عائلية لينا مع مكة وتخليني أتسلق الجبال وكمان قالوا أن فى الفندق هنا رحلات بالطيران الشرعي لازم تخليني أجربه، أنا مستحيل أوافق أنك ترجعني قصري ولا ترجع لشغلك قبل ما تحقق ليا أمنيات كلها

كانت تتحدث بطريقة حماسية ويديها تنطلق فى الهواء تلوح بيهما بإعجاب وحماس وتعد على أصابعها أمنياتها التى تريده أن يحققها من أجلها، تبسم على براءتها وعفويتها كأنها تتخطي الوجع والحزن أو تنتزعهما من داخلها وتلقي بهما هنا حتى تستعد طاقتها وتجدد مشاعر العشق بينهما بطريقتها العفوية، أومأ برأسه إليها وقال بخفة:-
-لك ذلك يا مريوتي، بس أتمني وأنا هحقق 

ضحكت بعفوية وساروا الأثنين معًا يكملان الطريق...

"قصـــر جمــال المصــري"

أستيقظت "جميلة" عصرًا من نومها ولم تجد طفلها الرضيع فى فراشها، فزعت من مكانها وترجلت إلى الأسفل بهلع وهى تنادي على "حنان" قائلة:-
-حنان.. حنان

خرجت "حنان" إليها من المطبخ بقلق من نبرة "جميلة" وكأنها فقدت شيء، سألت بقلق:-
-نعم؟

-فين يوسف؟ ملاقتهوش فى سريره وأنا نبهت محدش يقرب منه ولا يدخل عليا أوضتي
قالتها بحزم قوي وغضب يكاد يحرق القصر كاملًا، تنحنحت "حنان" بلطف ثم قالت بهدوء:-
-محدش دخل أوضة حضرتك، دا حسام أخده وخرجوا سوا

أتسعت عيني "جميلة" من الدهشة التى أصابتها وحاولت الأتصال بـ "حسام" ولم يأتى جوابًا لها، لم تتخيل للحظة أن يأخذ "حسام" ابنها ويغادر هكذا وإلي أين ذهب به؟، كاد القلق أن يقتلها محلها، جلست بفستان نومها القطني وقوفه روبها الطويل على المقعد فى بهو القصر مُنتظرة أ يعود "حسام" به، كل دقيقة تقريبًا تنظر إلى ساعة الهاتف من القلق وملل الأنتظار، تمتمت بقلق شديد:-
-ليكون أخد ابني عشان خاصمته، معقول يخطف ابنى.. لا مستحيل حسام يعمل

حاولت الأتصال من جديد ولم تجد أى جواب نهائيًا بل الهصوت الألي يخبرها بأن الهاتف مغلق كليًا.. كاد قلبها أن يتوقف من القلق خصيصًا أنها المرة الأولي التى يفعلها بها "حسام" هذا، وقفت من مكانها وبدأت تسير ذهابًا وإيابًا فى القصر بقلق حتى فتح باب القصر تلقائيًا وحده بواسطة "جين" فأستدارت لترى "حسام" يعود مع طفلها، ركضت إليه بجنون وحملت "يوسف" منه بأريحية، ضمته إليها بقلق ونظرت إلى "حسام" بغضب وكأن عينيها على وشك أن تفترسه فى محله وقالت:-
-أنت مين اللى سمح لك تأخده مني وتخرج به

أندهش من حديثها وعينيه تمقنها بصدمة قاتلة وقال بخفوت:-
-دا ابنى على فكرة ومن حقي أخده مكان ما أحب

أتسعت عينيها على مصراعيها بصدمة ألجمتها كاملًا وقالت بتلعثم:-
-أنت وديته عند طليقتك؟

تركها ولم يجيب بل أكمل سير إلى الداخل فصرخت بانفعال شديد وهى تسير خلفه قائلة:-
-رد عليا أنا مش كلبة بتتكلم، وديته عند طليقتك مش كدة؟ 

ألتف "حسام" إليها بحزم وحدق بوجهها وانفعالها الزائد ثم قال بهدوء ولا يبالي لغضبها قائلًا:-
-اسمها وديته عند أخته، أنا خرجت بنتي وخدت ابني معايا، الموضوع مالهوش علاقة بطليقتي

ضحكت بسخرية على كلماته مُتحاشية النظر إليه وأشارت إلى خادمة بأن تقترب ثم أعطتها "يوسف" من بين ذراعيها لتصعد به للأعلي، ألتفت "جميلة" إلى "حسام" الذي ما زال يحدق بها بعد ضحكتها مُنتظر حديثها فأقتربت منه بهدوء وقالت بغضب سافر وتكز على أسنانها:-
-بنتك!! قولتلي بنتك!! مش دى بنتك اللى رميتها جاي تفتكر دلوقت ولا تكون دى مش اول مرة وكنت بتستغفلني وأنا مسافرة ومأمناك على ابني وبتوديه عندهم؟

صمت ولم يجيب عليها ففتحت فمها من هول الصدمة وقالت بتلعثم:-
-كنت بتستغفلني يا حسام وبتكذب عليا؟ حتى وأنا محذراك من الكذب عليا، أنا قولتلك أيه؟

تحاشي النظر إليها لتمسكه من ذقنه بقوة غاضبة وأدارت رأسه إليها حتى تتقابل عينيهما معًا وكانت عينيها على وشك البكاء من الحزن والصدمة التى ألجمتها للتو وقالت بتمتمة:-
-أنا قولتلك ليلة فرحنا اوعاك تكذب عليا، بس كذبة واحدة هتقتل ثقتي فيك وتشرخ علاقتنا، أنت وعدتني مش هتكب ووعدتني مش هتقابل الست دى تاني ولا هتكون ليها مجال ووجود فى حياتنا

ذرفت دموعها من الحزن كأنها تعرضت للخيانة للتو وشق قلبها بخنجر الكذب، تركت رأسه وأستدارت لكي ترحل من أمامه فمسك يدها يمنعها من الرحيل وقال بخفوت:-
-جميلة أسمعيني الأول! دى...

نفضت يدها من قبضته بقوة قبل أن يكمل حديثه وعنف قوي ثم قالت بحدة صارمة:-
-أنت فوت فرصة أنى أسمعك، فى كل مرة كنت بتكذب عليا كان عندك الفرصة تتكلم لكن لهنا وبس...

صعدت إلى الأعلي بغيظ شديد والوجع يمزق قلبها وعقلها تقتله الأفكار الخبيثة، لما ظهرت طليقته للتو؟ ماذا إذا أستغلت طفلتها لتعود إليه؟ ما السبب الذي جعل حسام يكذب عليها ويخون ثقتها فى كل مرة يأخذ طفلها إلي طليقته وطفلته؟، جلست على الفراش تبكي بقهرة أصابتها ومزقت قلبها للتو ودموعها لا تتوقف لوهلة واحدة وتنتفض بجسدها من شهقاتها التى ملت الغرفة، وقف "حسام" خارج الغرفة ويسمع صوت بكاءها لكنه لم يجرأ على مواجهتها للتو أثناء خذلانها، لكنه لم يقوي على الرحيل أيضًا وتركها وحدها فى هذا الحزن الذي خيم على كيان محبوبته، أعتقد أن وجوده جوارها سيخفف من حزنها...

_______________________________________ 

جلست "مريم" على الأريكة فى الطابق الأول مع "مكة" تلعب معها وتعلمها الكلمات لكي تنطق بها وتبتسم بسعادة، جاءت "نانسي" إليها بحيرة وتنظر حولها قائلة:-
-أمال المزغودة اللى اسمها فريدة دى فين؟

نظرت "مريم" حولها بلا مبالاة وقالت:-
-تلاقيها هنا ولا هنا هتروح فين يعنى

جلست "نانسي" جوارها بقلق وعينيها تتجول فى المكان بحيرة وتُتمتم قائلة:-
-بقيت بتختفي كتير الأيام دى 

تبسمت "مريم" ببراءة ويدها تداعب رأس طفلتها بحب مُبتسمة وهتفت بلا مبالاة قائلة:- 
-سيبها يا نانسي تعيش حياتها لسه بنت وليها حياة، خليها تتبسط

أومأت "نانسي" إليها بنعم وقالت مُتذمرة:-
-طيبتك دي اللى موديكي فى داهية يا مريم

ضحكت بعفوية ويديها تحمل "مكة" على قدميها بحب....

_________________________________

فى غرفة مكتب "تيام" كان "جمال" جالسًا وقال "تيام" بجدية:-
-مفيش شبر فى القرية من غير كاميرات مراقبة عشان كدة باكد لحضرتك أن محدش دخل البيت وأنا واثق من جهاز الأمن عندي، الأماكن الوحيدة اللى مفيهاش كاميرات مراقبة تحت نظامنا هى الغرف من الداخل عشان خصوصية النزلاء

تأفف "جمال" بحيرة أكبر من هذا الحديث خصيصًا بعد مشاهدته لتسجيل الكاميرات وتأكده من عدم وجود خلل بيها، تحدث بحيرة قائلًا:-
-يعنى اللى عملها حد من جوا الشاليه نفسه؟ معتقدش أن ممكن حد من موظفيني ممكن يعملها لأنهم أكتر ناس عارفين عقابهم منى وعارفين أنا مين؟

غادر الغرفة غاضبًا وعقله يحصر هؤلاء الأفراد الذين يخيمون فى الشاليه معه ومع زوجته، جميعهم أشخاص مر سنوات على عملهم لديه ولم يجرأ أى منهم على فعل هذا خوفًا من العواقب، مر فى بهو الفندق لكن توقفت قدميه عن السير بدهشة أصابته عندما رأي "فريدة" أمامه تقف مع "حازم" ..............


____ الفصـــــل الثامن (8) ____

هرعت "فريدة" إلي "جمال" فور رؤيته بينما هرب "حازم" دون أن يعطي فرصة إلي "جمال" فى مقابلته، حدق "جمال" إلى "فريدة" بغضب سافر لتُتمتم إليه بخوف من أن يراها مع راجل أخرى وهى تريده وحده:-
-أنا معرفهوش والله هو اللى قال أنه معجب بيا وشافني كذا مرة على البحر وحابب يتعرف عليا

لم يهتم "جمال" بما قالته وسار للأمام فذهبت خلفه بقلق مما يفكر به وقالت بعبوس:-
-أخر مرة أطلع من البيت والله

لم يهتم كثيرًا فقال بحدة صارمة:-
-أستنيني فى البيت!!

تركها وأنطلق إلى البحر حيث زوجته "مريم" وفى طريقه أتصل على "عاشور" وقال بجدية:-
-أعرف لي كل خطوات حازم هنا ولو في علاقة بينه وبين فريدة

أومأ "عاشور" إليه بنعم فأغلق الهاتف وأكمل طريقه إلى البحر ......

_______________________________________ 

كانت "مريم" جالسة على الأريكة أمام شاطئ البحر وحدها تنظر إلى هذا الحصان الذي جلبه "جمال" إليها حتى يداوي جرحها الكامن بداخلها فأتاها صوت "مسك" من الخلف تقول:-
-غيرتي حصانك

قوست "مريم" شفتيها بضيق شديد ورفعت رأسها للأعلي بأغتياظ وقالت بتأفف:-
-جاية تتخانقي معايا تاني

جلست "مسك" على المقعد المجاور لها ونظرت على الحصان مُطولًا لتدرك أن رغم جمال هذا الخيل البني السحري ولمعة عينيه وبريقه ما زال لا يقارن بشيء أمام فرستها التى رحلت عنها لتبتسم "مسك" بخفوت شديد وقالت بعفوية مدعمة إياها:-
-سبحانه الخالق، شوفي قد أيه جمال الحيوان رغم عجزه عن كل حاجة

تطلعت "مريم" إلى هذا الحصان لترى جماله الذي تتحدث عنه "مسك" وهذا الفرس يقف هناك يسير على الرمال ومياه البحر الصافى، ضحكت "مريم" بعفوية بينما تستمع إلى صوت "مسك" الدافئ:-
-أحمدي ربنا على وجود راجل زى جمال فى حياتك، أعتقد أن وجود حد زيه كافي أنه يعوضك على أى حاجة يا مريم

أدار "مريم" رأسها إلى "مسك" بنظرة طويلة، ظهرت "ورد" من العدم وجلست جوار "مسك" بسعادة وهى تقول بحب:-
-متغيرتيش يا مسك، لسه بتعالج جروح الناس بطيبتك كأنك خُلقتي عشان تكون طبيبة لكل الجروح، تعرفي يا مريم، لولا وجود مسك معايا فى أصعب الأوقات ماكنتش هكون ورد اللى أنتِ شايفاها دى، مسك خدت بأيدي وأنتشلتي من ظلمة الأيام وقسوتها حقيقي أنا مُمتنة أن ربنا رزقني بمسك والأيام اللى بترجع فيها القاهرة بتكون صعبة عليا 

نظرت "مسك" إليها بلطف وبسمة رقيقة ناعمة تنير وجهها، تبسمت "مريم" بحُب وشغف فور تذكر أيامها القاسية وما فعله "جمال" لأجلها فى كل مرة يأخذها القدر إلى ظلمة الحياة لتقول بنبرة خافتة:-
-تعرفي أنا كمان ربنا رزقني بجمال، راجل مكنتش متخليش ولا حاطة فى خيالي أني أحبه ولا أنه يكون من نصيبي حتى هو مكنتش يتخيل نهائيًا أن مريم البنت الصغيرة اللى دخلت قصره غصب عنه تكون ملكه، عمري ما توقعت أني أحبه، أنا حبيت راجل طرد أبويا من البيت وخديني منه بالقوة، راجل رفع المسدس فى وش جوزي عشان يطلقني بالأكراه، راجل اتحدى كل العلاقات والعقل والمنطق والقدر عشاني، راجل خد رصاصة مكاني من غير خوف من الموت، راجل قلب الدنيا ورصاصة لسه فى جسمه بتقطع فيه ودمه سايح عشان يرجعنى، راجل مبيعرفش يقول كلمة حب ولا حتى شكر لكن قلبه حبني.... جمال كان درعي الحامي من أب كل هدفه فى الحياة يقتل بنته، وزوج باع مراته اللى مكملتش 19سنة لزملائه، مربية استغلتني عشان تورثنى، جمال حماني من نفسي قبل ما يحبنى...
 
تبسمت "ورد" بحماس من قصة هذه الفتاة ثم نظرت إلى "مسك" لتتحدث بلطف:-
-أنا عكسك، أنا حبيت راجل كل مرة أقابله فيها لازم أنقذ حياته، راجل بيفكر بعقله مع أنى بفكر بذراعي، كنت بحميه كأني بحمي ابني اللى مولدتوش، راجل رغم كرهي له لكن مقدرش أشوفه بيتوجع ولا أسمح لحد يأذيه، راجل أتجوزني من وراء أهلي ورضيت بجوازه، تيام كان أعدائه كتير وكنت أنا عدوه الصدوق، كأني حارسه الشخصي

ضحكت "مريم" بسعادة على أقدارهما وقالت:-
-حقيقي الحب دا غريب، حد زى جمال بقوته وسلطته حب بنت ريفية زي هبلة زى ما بيقولوا وضعيفة وجبانة مبتعملش حاجة غير أنها تعيط وتدخل فى صدمات وأنتِ مقاتلة قوية وشخصيتك جريئة وحبك حد زى تيام مخمور وبتاع ستات وكنتي له مسك الختام.. لو الزمن رجع لليوم اللى دخلت فيه قصر جمال كنت هقولك أن الراجل دا مستحيل يربطني به حاجة، كان كارهني وشايفة أنى حد وحش ومقتنع تمام أن مفيش راجل عاقل يتجوز واحدة أصغر منه بالفرق اللى بيني وبين جمال، بس دلوقت أنا بقف قصاد العالم كله وبقول أنى بحبه من غير خوفه، أنا بحب جمال بكل أنفاسي 

أتاها صوته من الخلف يقول بنبرة خافتة:-
- وأنا بحبك يا مريم

ألتفت "مريم" إليه ببسمة مُشرقة فور رؤيته وكلمته التى تفوه به دون خجل أمام الجميع ثم قالت بلطف:-
-عن أذنكم 

ذهبت إليه بسعادة حتى وقفت أمامه فرفع يده إلى وجهها يرفع غرتها خلف أذنها بدلال مُشتاقًا إليها في هذه الساعة القليلة، تمتم بنبرة دافئة:-
-وحشتيني 

تشابكت "مريم" أصابعها معه وأنطلق الأثنين ويقود "جمال" الطريق إلى الحصان الواقف بعيدًا، هذا الفرس الذي لم تصعد على ظهره لمرة واحدة سبب فقدها لأيلا، تبسم "جمال" حين وصل بها أمامه ورفع يديهما المُتشابكة أمام رأس الفرس نظرت "مريم" إلى الفرس التي أستقبل لمسها ويدها الصغيرة برحب دون أن يعارضها أو يمنعها، أنتفضت بقشعريرة جسدها التى أصابتها فشعر "جمال" بها وقال بحب شديد:-
-دا ملكك يا مريم، ليكي لوحدك يا روحي 

نظرت "مريم" مطولًا إليه وهمست بنبرة خافتة رغم قربه الشديد منها لكنه كاد أن لا يسمعها جيدًا من صوتها المبحوح تقول:-
-أنا خايفة أركبه يا جمال أو أقرب منه، دى خيانة لأيلا اللى عاشت عمري كله معايا

تبسم "جمال" لأجلها ثم رفع يديه إلى خصرها بلطف وحملها حتى أجلسها على ظهر الفرس وصعد خلفها، أخذها فى جولة على الشاطئ بحصانها الجديد الذي لم تعطيه أسمًا حتى الآن ولأول مرة تكون جولتها ناعمة وساحرة بوجود "جمال" معها، يحيطها بذراعيه وهى تجلس أمامه، تشعر بأنفاسه تضرب عنقها من الخلف وشعرها البني الجميل يطاير على الجانبين مع الهواء وسرعة الحصان تزداد كأن هذا الفرس يقدم لها جولة من أمتع ما تكون حتى ترحب به، كأنه يفهم مشاعرها وأراد أن يضرب هذا الخوف بجماله وسحره الخاص الذي خلق به، وضعت يديها فوق يدي "جمال" التى تمس باللجام جيدًا حتى لا تسقط منه ويتحكم بالحصان، أخفض "جمال" نظره إلى الأسفل حيث يديها التى تشبثت به وتبسم بلطف على زوجته البريئة لينة القلب فهى تلين بأقل شيء...
وقف "حازم" بعيدًا يراقبهما وهما يستمتعون بلحظتهم وكانت بجواره "تقي" تنظر معه على "جمال" وقالت:-
-دا عمك!!

أومأ إليها بنعم ثم قال بخفوت:-
-اه سبب كل اللى حصل فى أمي ورميتها فى مستشفي المجانين وموت أبويا فى السجن، حتى أخوه مرحمهوش

تشبثت "تقي" بيده جيدًا ثم قالت بجدية:-
-ولا يهمك يا حبيبي، إحنا أتفقنا أن حقك هيرجع من أى حد كان

تبسم "حازم" إليها بسعادة على دعمها إليه وغادر بصحبتها بعد أن رأي سعادة "جمال" مع "مريم" رغم تعاسة والدته وفقدها لعقلها كليًا ....

____________________________________ 

وصل "جمال" إلي المنزل مع "مريم" ليري "فريدة" تجلس فى الحديقة مع ابنته "مكة" تلعب معها، سمع "مريم" تقول:-
-أنا هروح أغير هدومي وبعدين نتعشي

أومأ إليها بنعم كأنه ينتظر فرصة ذهابها بعيدًا، دلفت إلى الداخل وعندها ذهب "جمال" إلى "فريدة" فوقفت بحماس إليه تنظر إليه بهيام ودلال مفرط كأنها تظهر أنوثتها بوضوح أمامه، حمل طفلته من فوق العشب الأخضر فقالت "فريدة" :-
-أنا متشكرة

حدق "جمال" بها بتكبر وبرود قاتل حتى تنحنحت "فريدة" بأرتباك من نظرتها وقالت:-
-اللى حصل ...

قاطعها "جمال" بنبرة قوية حادة يقول:-
-اللى حصل أهمال أنا مش هتغاطي عنه، حريتك اللى مريم مديهالك حاجة وأنا حاجة تانية، أنتِ هنا عشان تهتم بمكة وأوامر مريم مش عشان تعيشي حياتك وتقابلي وتصاحبي وتفرحي، وأن كان شغلك عندي مش عاجبك سهلة تمشي وهيجي غيرك كتير 

تنحنحت "فريدة" بحرج من كلماته وشعرت بوخزات فى قلبها من قسوته وحديثه الجاحد عليها، لم تقوي على النظر إليه وهو بهذا الجحود بينما قلبها يصرخ بدقاته لأجله، أخذ "جمال" ابنته وغادر لكن "فريدة" لم تقلب بهذا الشيء وعندما رأت "مريم" تخرج من المنزل أصطنعت المرض وسقطت على الأرض فهرع "جمال" إليها بصدمة ألجمته من الأغماء الذي أصابها فجأة دون سابق أنذار، أتسعت عيني "مريم" عندما رأته يضربها على وجهه بخفة حتى تستعيد وعيها بينما "فريدة" تحاول الثبات وهى تشعر بكل شيء وتصطنع المرض حتى تخلق حزن بينهما وترد له قسوة حديثه، أشار إلى الحرس بأنه يأخذوها للداخل بينما وقف بعيدًا عنها وتقابلت عينيه مع عيني "مريم" التى تقف بعيدًا وتحدق به بغيرة تمزق قلبها لمجرد لمس يده إلى وجه فتاة أخرى وعادت مُسرعة إلى المنزل ليهرع "جمال" خلفها، صعدت إلى غرفتها غاضبة وأغلقت الباب بالمفتاح، وصل "جمال" إلى الغرفة وحاول فتح الباب لكن وجده مُغلق ليُصدم "جمال" عندما وجده مُغلق فقال بضيق:-
-أفتحي يا مريم 

-لا روح لها إذا كانت عاجبك روح لها يلا ما دام أنا مش مالية عينيك
قالتها بغضب سافر وهى تحترق من داخلها فتنهد بهدوء وقد أدرك أن زوجته بدأت حالة غيرتها نيرانها التى لن تخمد الآن فقال بغيظ شديد من أتهامها له بالخيانة:-
-أفتحي بقولك بدل ما أكسر الباب على رأسك يا مريم

صرخت "مريم" بجنون هستيرية قائلة:-
-أبقي أكسره عشان أرمي نفسي من البلكونة وأريحك مني وأهو بالمرة تخوني براحتك بقي

ألقت بالطاولة على الأرض بقوة من غيظها فسمع صوت كل شيء ينكسر بالغرفة لتنهد بضيق من جنون زوجته ونزل للأسفل، ظلت "مريم" بغرفتها حبيسة خصيصًا بعد أن سمعت صوت خطواته تبتعد عن الباب، كانت تشتعل نيران الغيرة وتحرق قلبها العاشق، أنفاسها تتسارع من الغضب الكامن بداخلها.....

_______________________________ 

أتجه "جمال" إلى أقرب محل زهور وأشتري باقة من الزهور اللافندر التى تعشقها زوجته الغيورة ثم عاد إلى المنزل حاسمًا أمره على مُصالحتها، صعد إلى غرفتها وطرق الباب ووجده هذه المرة مفتوح وعندما دخل رأى "مريم" تصلي على سجادة الصلاة و"نانسي" تنظف الفوضي التى فعلتها، أنهت ما تفعله وغادرت الغرفة تاركة "جمال" يجلس على الأريكة ينتظرها، أنهت "مريم" صلاتها وألتفت لتراه جالسًا ويحمل فى يده باقة الزهور لكنها لم تعري أهتمام وذهبت إلى الفراش تجلس بعيدًا عنه صامتة بعد أن خمدت نيرانها قليلًا، تنحنح "جمال" بهدوء وقال بلطف:-
-ياربي، مريم

تحدثت بحدة صارمة وعينيها ترمقه بنظرة ثاقبة:-
-أبعد أيدك عني

تطلع "جمال" إليها بأندهاش وجلس أمامها بلطف، تبسم فى وجهها وقال بحب:-
-يا حبيبتى معقول أخونك ها، البت وقعت من طولها أنا فكرتها ماتت

-ما تموت وأنت مالك
قالتها بغيظ شديد ثم عقدت ذراعيها أمام صدرها غاضبة، تبسم "جمال" بحب إليها ورفع يده إلى رأسها ليخلع عنها الحجاب فضربته بغيظ وقالت بضيق:-
-أبعد أيدك عني قولتلك ومتحلمش أنك تشوف منى شعرة واحدة يا جمال

أتسعت عيني "جمال" على مصراعيها من كلمتها وقال:-
-ودا من أيه؟ طب بذمتك يا مريم أنا موحشتكيش

تأفف من كلماته وعينيها ترمقه وتتعجب إلى هدوئه لتستشيط غضبًا أكثر:-
-لا موحشتنيش وأبعد عني، خليها تنفعك 

ظل ينظر إليها مُنتظر أن تفعل شيء لكنها بالفعل تشبثت بكلماتها ولم تخلع أسدال الصلاة عنها كأنها بالفعل لم تجعله يري شعرة واحدة من رأسها فتأفف بهدوء ثم تبسم محاولًا التحكم بغضبه أمام جنونها ورغم كل شيء تفعله ألا أن حال قلبه لرؤيتها يجن جنونه أكثر من جنون هذه المرأة، غضبها الذي يزيدها جمالها يجعله يرغب بألتهامها كليًا الآن دون أنتظر ثانية واحدة وهى خارج ذراعيه فتناسي غضبه لأجلها ولأجل جمالها الدافئ الذي أحتله كليًا وسيطر على كل مشاعره بهذه اللحظة، جلس جوارها بقرب أكثر ثم مد يده إلى وجهها العابس بسببه ثم قال ويده تداعب هذا الوجه البريء بأثارة:-
-طب ايه؟ أنا جوزك على فكرة هتفضلي قاعدة بالأسدال دا؟ 

ضربت "مريم" يده بخفة لتبعدها عن وجهها بعبوسها وما زالت غاضبة مما رأته وقالت بزمجرة:-
-اه وبطل قلة أدب بقي

تأفف "جمال" بهدوء وقد مل من عبوسها على شيء لم يحدث وتعاقبه بزمجرتها على ما لم يحدث نهائيًا لكنه حاول تمالك أعصابه أمامها قدر الإمكان فقال بلطف قبل أن يفقد عقله من جنون زوجته:-
-الله ما طولك يا روح، طب يا حبيبتي أشوف شعرك عادي 

أعطته ظهرها بتذمر غاضبة من رؤيته مع فتاة أخري وبقلب عاشق قتلته الغيرة برصاصة أصابها فى منتصف القلب، تمتمت بتذمر:-
-قولنا لا

رفع نبرته أكثر من الغيظ بسبب قلبه الولهان ومُشتعلًا بحرارة العشق فى الحال وهى ترفضه بقسوة دون أن ترحم قلبه المسحور بعشقها يقول:-
-لا ما تلوك يا مريم، جرالك ايه...اتحجبتي مرة واحدة

ألتفت له بأنفعال شديد وحدقت بعينيه الخضراء التى تغلبها بنظرة واحدة منهما وقالت بتحدٍ وقسوةٍ:-
-تخيل بقي، ربنا هداني وهتحجب

أخذ خطوة نحوها أكثر فكاد أن يلتصق بها وقال بعفوية جادٍ:-
-ما تتحجبي وأنا مانعك، بس أنا جوزك يابنت المجنونة هتتحجبي عليا 

تنحنحت بخجل جعل وجنتيها تتورد من ضربات قلبها المتسارعة بسببه لكنها ثابتة على موقفها منه وتعاقبه على جريمته التى ارتكبها فى حق العشق الخالد بينهما وقالت بتلعثم:-
-جمال بعد اذنك بطل قلة أدب، قولتلك اتحجبت لازم تتدعمنى 

تبسم على وجنتيها التى توردت وفضحت أمرها له فرفع يده إلى عنقها والأخري تسللت إلى خاصرتها بدلال وعينيها لا يقل هدوئها عن يديه فكادت عينيه تلتهمها عشقًا فى التو وقال بنبرة دافئة:-
-ادعمك يا روحي بس وربنا المحجبة شعرها بيتكشف على جوزك عادي 

قشعر جسدها من لمستها البسيطة ونظراته التى اعتصرتها عشقًا وقد غلبها الهوى وأسقطها فى بئر الشوق دون رجعة منه، كادت أن تُهزم أمامه وتشعر بيديه تتعمق فى السيطرة عليها حتى أوشك على ضمها وألتهمها بالحُب فى لحظات لا يصلح لها الحديث، شعرت بأنفاسه تضرب وجهها من قربه فصرخت بانفعال به غيظًا وجنونًا:-
-لا، حوش أيدك يا جمال وأتلم واعمل حسابك من النهاردا كل واحد له أوضة مستقلة 

أتسعت عينيه على مصراعيها من كلمتها وكز على أسنانه بعد أن قتلت لحظتهما بجنونها وكاد أن يفقد أعصابه عليه ليقول بسخرية حادة بعد أن وقف من مكانه:-
-ما تعمليلي تصريح دخول بالمرة ولا بصمة أو اقولك أعمليلي جدول أقابلك فى المناسبات... أنتِ شاربة حاجة على المسا يا مريم

عقدت ذراعيها أمام صدرها بغرور مُصطنع رافعة حاجبها الأيسر بمكر ثم قالت ببرود قاتل مُثير للأستفزاز:-
-طب والله فكرة إحنا نعمل أرض محايدة ونتقابل جمعة وسبت اهو بالمرة تشوف بنتك

التف تاركها خلفه بتذمر وغضب من أستفزازها له مُتمتمًا بقسوة:-
-وأشوف بنتى ليه خليها لك أحسن، أنا هروح أشوفلي واحدة عاقلة بدل الجنان اللى أنا عايش فيه دا

ضحكت "مريم" على جملته وهى تثق بأنه لن يقوى على خيانتها أو الذهاب لأخري فهى تحتل قلبه وعقله معًا لتقول بلا مبالاة أكثر:-
-كويس أهو بالمرة تربي مكة وتغيرلها البامبرز، ياريت تكون بتعرف تطبخ يا جيمي عشان تأكلنا كلنا 

عاد إليها مذهولًا من ردها أهذه هى زوجته التى جلبت الممثلة من شعرها لأنها شهدت بوسامته؟ والخادمات اللاتي تطردهن بسبب الغيرة؟ قال بصدمة تلجمه:-
-لا أنتِ مش مريم تكونيش اتبدلي مني فى المطار 

تبسمت بدلال وهى تضع يدها على وجنتها بعفوية وقالت:-
-بذمتك دا وجه له شبه عشان يتبدل

أنقبض قلبه عشقًا بسبب دقاته التى لا مثيل لها، جلس مرة أخري أمامها على الفراش حادقًا بوجهها الجميل ثم قال:-
-لا يا قلبي، مالكيش شبه عشان كدة حبيتك، تعالي شوفي كدة قلبي وحاله

أخذ يدها برفق ووضعها فوق قلبه حتى تشعر بنبضاته ربما تشفق على حاله مما تفعله به للتو وقلبه بالداخل يكاد يتوقف من جنون دقاته، فقالت بحماس:-
-وريني

تبسمت بسعادة تغمرها حين شعرت أسفل يدها بهذا الدقات والهوي الذي غلب محبوبها لأجلها وكأن قلبه يصرخ بأسمها، لم يتمالك نفسه أكثر أمام بسمتها الناعمة فلم ينتظر جنونها أكثر وضمها إليه فصرخت بدهشة من فعلته قائلة:-
-جمال 

أسكتها عن الحديث المباح بقبلاته وقد هزم كل جحودها وقسوتها المصطنعة بنعومته ودفئه، لتغمض عينيها مُستسلمة لنيران العشق التى أشتعلت فى قلوبهما وأجسادهما للتو.....

تعليقات



<>