أخر الاخبار

رواية امنيات وان تحققت الفصل التاسع9 والعاشر10 بقلم ليله عادل


 رواية امنيات وان تحققت الفصل التاسع9 والعاشر10 بقلم ليله عادل


الإسكندرية ٨ م

نشاهد منه وهي تسير في شوارع الإسكندرية وعلى كورنيش، وأثناء مرورها إلى الاتجاه الآخر من شارع السيارات؛ تفاجأت بكشاف سيارة إضاءتها عالية، مما أدى إلى انعدم الرؤية عند منه، اقتربت منها السيارة كادت أن تخبطتها، لكن فرملت بسرعة، انتفضت منه وصرخت بخوف، ووقعت على الأرض من الخضة، تجمع الناس حولها، بينما خرجت فتاة من السيارة في العقد الثاني من عمرها، وهي تشعر برعب،

الفتاة برعب وبكاء:
ـ أنا آسفة، والله العظيم معرفش إزاي ده حصل.

أحد الأشخاص:
ـ مش تاخدي بالك يا آنسة.

شخص آخر بتهكم:
ـ هو عشان راكبين عربيات تدوسوا على خلق الله.

الفتاة برعب وخوف: 
ـ والله العظيم مكنش قصدي، هي اللي ظهرت فجأة، طيب تعالوا أوديها المستشفى.

منه وهي تقف وتاخد أنفاسها:
ـ حصل خير، أنا كويسة.

الفتاة:
ـ تعالي نروح المستشفى، يا آنسة.

الرجل بشدة:
ـ أنتِ لازم تدفعيلها تعويض.

الفتاة: 
ــ حاضر.

فجأة قلبت منه وجهها، وتحدث بقوة:
ـ ما خلاص الآنسة اعتذرت، وأنا اللي مخدتش بالي، كل واحد يروح لحاله.

بدأت الناس أن تتحرك وتبعد، اقتربت منها الفتاة حتى توقفت أمام منه باعتذار.

الفتاة باعتذار وتوتر:
أنا حقيقي آسفة، تعالي نروح المستشفى نطمن.

منه بلطف:
ـ أنا كويسة،الحمدلله، حصل خير، مش محتاجة. 

الفتاة: 
ـ إزاي؟

منه: 
ـ عادي، أنا كمان ممكن تحصل معايا، كلنا معرضين لده. 

الفتاة:
ـ شكرًا جدًا؛ لزوقك، أنا آيتن.

منه:
ـ وأنا منه.

آيتن بتهذب:
ـ طيب أنتِي متأكدة مش محتاجة تروحي المستشفى.

منه وهي تهز رأسها بلا:
ـ لا والله، أنا تمام، أنا أصلا اللي وقعني الخضة، بس خدي بالك المرة الجاية تهدي نور العربية شويه.

آيتن:
حاضر، طيب ممكن تقبلي إننا نشرب مع بعض كوباية ليمون، في كافيه قريب من هنا على البحر.

منه:
ـ صدقيني مش مهم.

آيتن:
ـ لا، مهم بالنسبالي، أرجوكِ يلا.

هزت منه رأسها بموافقة، وصعدت معاها السيارة وتوجها إلى الكافيه.

ـ أحد الكافيهات على البحر٨م

ـ نشاهد منه وآيتن على إحدى الطاولات بجانب بعضهما وهما يتحدثان، وكان على الطاولة كوبان من الليمون.

آيتن بتساؤل:
ـ وأنتِ بقى إسكندرانية، ولا من القاهرة.

منه:
ـ لا، أنا من القاهرة، من السلام.

آيتن:
ـ وأنا كمان القاهرة من المعادي، عندي هنا مؤتمر طبي، أنا دكتورة مخ وأعصاب زي بابا.

منه:
ـ أممم، أنا كنت جاية أغير جو، وأهرب من الضغوط. 

آيتن:
ـ شغالة إيه؟ 

منه:
ـ مهندسة مدنية.

آيتن:
ـ كويس، شكلك مش متجوزة.

منه تبسمت بتعجب:
ـ اشمعنا؟ هو باين عليَّت؟ 

آيتن:
ـ طبعًا، هو ينفع يسيبك تغيري جو لوحدك؟

منه: 
ـ فعلًا مش متجوزة، أنتِي متجوزة شكلك، وبتعاني من الموضوع ده.

آيتن:
ـ بصراحة مش بعاني أوي؛ عشان مبقاش ظلمه، أحيانًا بيوافق إني أسافر مع أصحابي.

منه:
ـ على فكرة كل الرجالة كده، أنا عندي صاحبتي الأنتيم جوزها يستحيل يخليها تسافر، أنا بقالي خمس سنين بتمنى وبتحايل عليه يوافق. 

آيتن:
ـ ممكن تستغل الأولاد إنهم يقولوا لباباهم إن هما عايزين يتفسحوا، عايزين يسافروا مصيف، وتستخدم أهم وسائل الستات النكد والزن، صدقيني أنا بتجيب نتيجة.

منه:
ـ خلاص، هقول لها تجرب.

آيتن بفضول:
ـ أنتِي بقى بتهربي من ضغوط الشغل، ولا من ضغوط الحياة.

منه بتعب:
ـ من كل حاجة.

آيتن:
ـ أنتِي لوحدك، ولا معاكِ حد؟ 

منه:
ـ أنا لوحدي.

آيتن بتمني:
ياريتني أنا أقدر أعمل زيك كده، إني أرمي ورا ظهري، وأسافر، وأقفل تليفوني، واقعد يومين أهدي أعصابي، بس معرفش عندي بيتي وجوزي وأولادي وشغلي، وبعيدًا عن ولادي وجوزي، عندي ماما وإخواتي، وأخويا ده مينفعش إني أقفل تليفوني كده عادي، مجنون، ممكن الساعة 2:00 بالليل يخبط على بابي ويقولي: " أنتِ قافلة تليفونك ليه؟" ويعملها خناقه .

منه تبسمت:
ـ ما شاء الله ربنا يخليهولك، في حد يتضايق إنه يبقى عنده اللي يخاف عليه وياخد باله لوغاب.

آيتن بتأكيد:
ـ أكيد طبعًا، انا أصلًا ما قدرش استغنى عنهم، إخواتي دول بالنسبالي كل حاجة، خاصةً أخويا؛ لأنه أخ وحيد بقى على ثلاث بنات، فبصي وأخد الدلع والحب مننا، هو كمان جدع جدًا، وطيب أوي، وسند.

منه:
ـ ربنا يخليهولكم.

آيتن باطمئنان:
_ يارب، أنتِي بجد بقيتي أحسن، الخضة راحت.

منه:
ـ آه طبعًا أحسن كتير، أنتِي قاعدة كم يوم ولا ماشيه.

آيتن:
ـ لا، قاعدة يومين.

منه: 
ـ خلاص نبقى نتقابل بقى، لو ماعندكيش مانع.

آيتن بحماس:
ـ آه طبعًا، أنا كنت لسه هقول لك لازم نتقابل نتغدى سوا، هاتي رقمك.

وبالفعل في اليوم  التالي التقت منه بآتين وقضا وقتًا ممتعًا معًا. 

ـ عند عربة القهوة 5م. 

ـ نشاهد منه تجلس على مقعد بعد عودتها من الإسكندرية، كانت تجلس وهي ما زالت شاردة، يبدو أنها ما زالت حزينة، وحالتها النفسية ما زالت مضطربة ، وبعد وقت جاء خالد كعادته، وحين وقعت عينه عليها، وهي تجلس تبسم واتجه نحوها.

خالد بمرح، وهو يقف أمامها:
ـ عاش من شافك، إيه كل ده؟ قلقتيني عليكي، وحشتيني.

منه رفعت عينيها نظرت له بجمود:
كل ده  إيه، وإيه وحشتيني دي.

نظر لها خالد وهو يضيق عينه، فهو يشعر أن هناك شيء ما بها، وهذا يبدو بشكل واضح على نبره صوتها ونظرت عينيها، جلس أمامها باهتمام تساءل.

خالد باهتمام :
ـ مالك يا منه، شكلك متضايق.

منه باقتضاب:
ـ لا، أنا كويسة.

خالد بإصرار:
ـ تؤتؤ، أنا متأكد إن فيكِي حاجه، مالك؟ 

منه بشدة :
ـ حتى لو في حاجة، يخصك إيه تعرف.

خالد باستغراب هو يتك على الكلمة:
ـ يخصني في إيه أعرف؟!

منه بتأكيد وضجر:
ـ آه، يخصك في إيه؟ وإيه وحشتيني دي؟ خالد، متعديش حدودك معايا، مش معنى أن إحنا شربنا كام مرة قهوه سوا، وشلنا تكاليف ما بنا، ده يخليك تدخل في خصوصياتي كده، وتاخد عليَّا بشكل ده.

نظر خالد بتعجب وهو يتك على كلمة:
ـ خصوصياتك، هو في إيه؟ مالك متعصبة كدة ليه؟ وإذا كانت على وحشتيني سحبتها متزعليش، آسف.

منه بنرفزة:
ـ  يا سيدي مش متعصبة، هتعصبني بالعافية، أنتَ بتدخل نفسك في حياتي بشكل مبالغ فيه، محمد كمان قالي: "إنك سألت عني وكنت قلقان"، تقلق ليه؟ أنتَ بتعمل معايا كدة ليه؟ محمد ممكن يفهم غلط.

خالد بضيق:
هو مش إحنا تخطينا كل ده.

منه بحسم:
ـ لأ.

خالد: 
ـ والله

منه:
ـ آه والله، أنا أصلًا فكرت ولقتني كنت غلطانه، إزاي أسمح باللي حصل، نقعد ونتكلم وأنتَ عميل اشتغلت في مشروعه.

خالد بنبرة مكتومه:
ـ عميل اشتغلت في مشروعه.

منه بتعجب:
ـ آه، مالك مصدوم ليه؟

خالد:
ـ أنا مش مصدوم، كل الحكاية إني كنت فاكر يعني أنكِ خلاص بتعتبريني حد قريب أو زي محمد. 

منه بشدة: 
محمد اللي يربطني به علاقة زمالة كانت في الجامعة ودلوقتي في الشغل ، فطبيعي يكون في بينا كلام، لكن أنا وأنتَ مفيش، بص يا أستاذ خالد أنا فكرت ولقيت إن إحنا مش هينفع نستمر في اللي إحنا كنا بنعمله ده، نشرب قهوة مع بعض ونتكلم، حتى لو المقابلات دي كانت صدفة، فلو سمحت متتكلميش معايا تاني، ولو شفتني صدفة متجيش تتكلم معايا؛ لأنك لو جيت اتكلمت معايا هحرجك.

تنهد خالد بضيق توقف:
ـ لا وعلى إيه؟  أنا برده عندي كرامة، وأنا آسف يا بشمهندسة منه لو كنت ضايقتك، وآسف على قلقي اللي مش عاجبك، واهتمامي اللي مضايقك، كل الحكاية إنك أكلتي معايا عيش وملح، وبقى بينا علاقة إنسانية محترمة تحطم عليَّا إن أسال عليكِي لما ألاقيك اختفيتي فجأة، وكمان مابترديش على تليفوناتي، أنا آسف مرة تانية وصدقيني أنا مش هضايقك تاني، بعد إذنك.

تركها خالد وهو يشعر بالغضب الشديد، توجه إلى سيارته وهو يجز على أسنانه، ويقبض على كفه، كاد أن يفتك به من شدة الغضب، فور صعوده جلس وهو مازال يجز على أسنانه بعين غامت بالسواد من الغضب، ضرب على دركسيون بنرفزة من طريقه منه معه التي لا يفهم ما أسبابها، ثم ادار محرك وقاد سيارته.

كانت تجلس منه وهي تشعر بضيق والغضب بعين اغرورقت بدموع، فهي لا تعرف لماذا قامت بفعل هذا الأمر معه؟ ولماذا كانت معه هكذا؟ فهو لم يفعل شيء لها.

بعد وقت جاءت إليها شروق بعد أن اتصلت بها منه، كان يبدو عليها  الخضة توقفت أمامها.

شروق بخضه:
مالك يا منه؟ 

منه بحزن وعينين اغرورقت بالدموع:
ـ مضيقه أوي، أنا معرفش بعمل ليه كدة ؟ كنت فاكره إني اتغيرت بقيت قوية، بس لأ، أنا ضعيفة معنديش شخصية.

شروق جلست:
ـ براحه بس، فهميني إيه حصل؟

منه:
ـ أنتِي عارفه اللي حصل بيني وبين ماما.

شروق وهي تهز رأسها بنعم:
ـ فاكره طبعًا، مش راجعتي أحسن من إسكندرية.

هزت منه رأسها بنفي:
ـ لأ، لسه مخنوقة ومتعصبة، شوفت خالد النهاردة، وشوفت نظره في عنينه عمري ماشفتها قبل كده، خوفت!! كان بيتصل بيَّا كتير أوي لما كنت مسافره، بعتلي رسايل على الوتساب، هو أنتِي فين؟ طمنيني عليكِي؟  محمد قال لي: " إنك مسافرة "، في حاجه حصلت؟  إن شاء الله كل حاجه تكون تمام، لما ترجعي كلميني، وكلام من النوعية دي ..

النهاردة كان باين عليه أوي إنه مهتم يعرف أنا ليه سافرت فجأة ومالي؟ لأنه حس من ملامحي إني زعلانه، فجأة لقيتني بقوله، وأنت بتكلمني ليه؟ مهتم ليه؟ ما متكلمنيش تاني، علاقتنا غلط ..

أنا مش عارفه أنا بعمل كده ليه؟ أنا أصلًا مش عارفه أنا ليه عملت كده معاه؟ بقالي ساعة قاعدة بفكر أنا ليه عملت كده؟ أنا عايزه سبب واحد لتصرفي، أنا مش زعلانه أن أنا عملت كده مع خالد، أنا زعلانه؛ عشان معنديش أسباب، مش هقولك خايفه أحبه؛ عشان كده عملت كده معاه، لا أنا مش خايفه أحبه؛ لأن علاقتنا محدودة جدًا، حتى هو طريقته معايا كمان عادية، خايفة اتعود عليه مثلًا؛ عشان كدة عملت كدة هروب، لأ ما اتعودتش عليه؛ لأني محستيش خالص إن أنا مفتقداه وأنا مسافرة، شروق أنا مش بس كده مع خالد، أنتِي لو كنتِي قولتيلي النهاردة أنا مش هجيلك، أو مش هعرف، أنا كنت هعملك بلوك وهقطع معاكي، أنا متعصبه أوي، أنا مش طايقه حد بمعنى الكلمة، مش طايقه حد، أنا اللي بيقولي دالوقتي صباح الخير بطريقة متعجبنيش بعمل له بلوك، أنا لسه عامله بلوك لسامية الشعراوي؛ عشان كان في فيديو على الاستوري عجبني قلت لها ابعتي، اتاخرت ، روحت قولتها مش عايزة منك حاجه وعملتلها بلوك، جميلة صاحبتنا سلمت عليها ما ردتش عليَّ، بعتلها تاني يا بنتي ما بترديش ليه، قالت لي: "أنا مشغولة، معلش"، قلت لها ربنا معاكِ، روحت عاملها بلوك، أنا مش عارفه إيه اللي حصل، مش عارفه مالي. 

ربتت شروق على ايديها، وقالت بحكمه:
ـ أكيد كل ده؛ بسبب الكلام مامتك، بصراحه الكلام صعب، أنا نفسي اتضايقت وتوجعتلك، بس يا منه صدقيني مش أنتِي لوحدك اللي كده، والله العظيم في بنات كتير زي كده، خصوصًا الأم بتبقى مهتميه جداً بالولد، وبنتها اللي متجوزين، شايفه البنات اللي لسه متجوزتش دول عادي، التانيين هم اللي محتاجين، لكن أنتِي هتحتاجي إيه وليه؟
منه أنتِي محتاجه تهدي، أنا افتكرت لما ترجعي من السفرية دي هتهدي شويه، بس واضح إن السفرية دي مهدتكيش ومعملتش حاجه، سافري تاني.

منه:
ـ مش هينفع عندي شغل، أنا هحاول أسيطر على نفسي شويه وعلى غضبي، عايزه أعتذر للناس اللي أنا ضايقتهم بس كرامتي وكبرياء منعني.

شروق :
ـ بصي أنتِي فكي البلوكات، وقولي لهم إن تليفونك كان في مشكلة، أو أنا هسألهم عنك، أقول لهم: يا بنات منه اختفت فين؟ متقلقيش أنا هظبطلك الدنيا، بالنسبة لخالد أنتِي لازم تكلميه وتعتذري له.

منه بتعجب وهى ترفع حاجبيها :
ـ أعتذر ليه؟ هو مش فارق معايا أصلًا.

شروق بتعجب:
ـ ميفرقش معاكِ ليه يا منه؟! الراجل محترم وأنتِي بتقولي مشفتيش منه أي حاجه وحشة، كان مهتم يسأل عليكِي.

منه بضعف:
أيوة يسال ليه؟ ما هو برده اهتمامه ده مضايقني؛ خايفه أتعود عليه، أنا لحد اللحظة دي قادرة أتحكم في مشاعري، خايفه بعد كده أتعود وهو بصراحة حد محترم، وطريقته حلوة، ويجبرك إنك تفكري فيه، عنده مبادئ وخلوق جدًا، وطموح، عارف هو عايز إيه، وعنده شخصيتين عكس بعض، تحسي جنتل مان قوي، وراجل أوي في نفس الوقت، تحسي إنه تافه.

شروق بمزاح:
أنا مشتاقة أتعرف عليه، يا شيخه صالحيه وتخليني أتعرف عليه، وبعدين اقطعي معاه.

ضحكت منه:
ـ ضحكتني والله.

شروق : 
ــ أيوه اضحكِ بصي يا منه الناس اللي زي خالد دول الواحد بصراحة بيفضل ماسك فيهم، يعني عارفه، لو هو عامل زي الواد رأفت ولا زي  هشام  بلوك بالثلاثة كمان، لكن اللي زي خالد ده ناس محترم، معرفتهم  ايمدچ. 

منه باعتراض:
ـ أنا مبفكرش كده، ميفرقش معايا هو مين، وابن مين، وساكن فين؟ أنا أهم حاجه الشخص نفسه محترم ولا لأ، وبصراحه هو محترم معايا، حاسه إن أنا زودتها أوي، حتى هو المره دي منطقتش، أخذ الكلمتين ومشى.

شروق:
ـ شكلك تقلتِ العيار.

منه:
ـ لأ، زي كل مرة، شكله زهق.

شروق: 
ـ ليه حق، يعنى الرجل جايلك عشمان وعايز يطمن عليكِي تروحي مديهله في وشه ـ تقلدها ـ، ملكش دعوه بيا وبتكلمني ليه؟ لازم يزعل.

منه :
ـ طب أنتِي شايفه أعمل إيه؟

شروق:
ـ أنتِي تروحي له الشركة اعتذري له، وتفتحي معاه موضوع الشغل اللي كان عايزه منك، بس مش دلوقتي يومين ثلاثة كده تكونِ هديتي.

منه باعتراض:
ـ لأ، أنا مش هروح للشركة، أنا هستنى لما يجي هنا ثاني، وأتكلم معاه، لكن أروح مخصوص لأ.

شروق:
مش هيجي تاني، أنتِي عارفه إن هو كان بيجي عشانك، اسمعي الكلام يا منه وبطلي عند.

منه:
ـ يا ستي سبيني أسبوع كده، مجاش هروحله.

شروق:
ربنا يهديك يا منه. 

خلال أسبوع كانت منه تذهب كل يوم على أمل أن تلقتي بخالد وتعتذر له، لكنه لم يذهب إلى عربة القهوة من بعد مشكلته مع منه، ولم يحاول الاتصال بيها ؛ فهو كان غاضبًا بشدة من منه، ويفكر لماذا فعلت هذا معه وتبدلت بهذا الشكل؟ 

ـ منزل خالد 8م

ـ الشرفة 

ـ نشاهد خالد يقف في الشرفة وهو ينظر إلى الاطلال النيلية، بعد دقائق اقتربت منه والدته لمياء، وهي تحمل بين يدها كوب الشاي الساخن.

لمياء وهي تقترب، قالت: 
خالد، أنا عملت لك الشاي .

التفت خالد لها بجسده وأخذهُ منها بتهذب، وهو يقول:
ـ تسلم إيد يا ست الكل، تعبت نفسك.

توقفت لمياء بجانبه وهي تربت على أعلى صدره بحنان:
_ مفيش أي تعب ياحبيبي، عامل إيه؟

خالد وهو يحتسي الشاي:
_الحمد لله، تمام.

لمياء:
_ مش ناوي تقول لي بقى إيه اللي شاغل دماغك ومضايقك من أسبوع؟ 

نظر لها خالد باستغراب، وهو يضيق عينه، ويحتسى الشاي:
_ أنا متضايق؟! أنا كويس.

نظرت له لمياء بعينها، فهي تفهمه جيدًا من نظره عينه، قالت:
_على ماما.

تبسم خالد :
_ صدقيني شويه حوارت في المصنع، كمان موضوع القروض ده زعجني، نفسي أخلصه، ونفسي أعطي جزء لأنكل مدحت، كفايه اللي عملوا معايا هو ومحمد.

مسحت لمياء على كتفه:
_ إن شاء الله هترجع، وتسدد ديونك وترتاح، بس أنا متأكدة إن في حاجه ثانية، يلا قول من امتى يا ولا وأنت بتخبي عليَّ؟

خالد تبسم:
_والله مفيش حاجه؛ عشان أحكيها.

لمياء تبسمت، وهي تغمز له:
_ على ماما، أنا بعرفك من نظرة عينك، من نفسك يلا قول قبل ما نادين تدخل ومتعرفش تتكلم. 

تبسم خالد وهو يحتسي الشاي، قال بتوضيح:
_ كل الحكاية، إني متضايق شويه، منه فجأة كده سافرت واختفت، وبطلت ترد على تليفوناتي، أنا مش عارف إيه اللي حصل؟ كلمتها عشان أطمن عليها وأفهم إيه اللي حصل  معها؟ مبتردش،
ولما شوفتها في المكان اللي كنا بنتقابل فيه، كان شكلها متضايق جدًا، مجرد ما سألتها أنتِي مالك؟ هجمتني بشكل مستفز، فضلت تقولي: "بتتكلم معايا ليه، ولو كلمتني تاني هخرجك"، طريقة كده حسستني إني متسول، إني فارض نفسي عليها، حسيت إني قليل، في نفس الوقت مستفز منها، مش عشان خاطر قابلت واحد زبالة في حياتها تفتكر كل الناس كده.

نظرت له لمياء باستغراب، وهي تتك على كلمة:
_ بشمهندسة منه اللي عرفتني عليها في الحفلة؟

هز خالد رأسه بإيجاب، أكملت لميا بتعجب:
_ وأنتَ أصلًا بتكلمها وبتتقابلوا؟

هز خالد رأسه بإيجاب، قال بتوضيح:
_أممم، بس مش بالظبط، اتقبلنا صدفة في مطعم، وتكلمنا شويه، وقالتلي على عربية قهوة كده في الزمالك، وبقينا نتقابل صدفة فيها كم مرة يعني، وبنتكلم عادي وكانت لذيذة لحد ما، فجأة اتحولت، قالتلي: " لو كلمتني تاني هحرجك "، وحاجه كدة في منتهى الاستفزاز، هو ده اللي شغلني، بفكر إيه حصل؛ خلها تتبدل كدة؟ 

لمياء تساءلت بتعجب:
_ وأنتَ ليه مهتم أوي تعرف ليه اتغيرت معاك؟

خالد وهو يهز رأسه بنفي:
أنا مش مهتم بيها.

لمياء:
ـ امال؟!

خالد باستغراب: 
_ عايزاني أكون عامل إزاي؟ يعني بعد ما واحدة كانت بتعاملني كويس؛ فجأة اتحولت عليَّا، وكلمتني بطريقة مهينة جدًا من غير أسباب. 

لمياء بعقلانية:
_بص يا خالد، أنا قولتلك قبل كده، إن البنت دي عندها مشكلة، واضح إنها شافت حد في حياتها خلاها بالشكل ده، فأنتَ متشغلش دماغك، بعدين هو أنتَ ناقص بنات معقدة.

خالد:
_ماما صدقيني، مفيش حاجه مجرد أصدقاء.

تبسمت لمياء معلقة:
_كلها بتبتدي كده إن مفيش أي حاجه، ومجرد أصحاب، بس بردو ملاقيتش إلا دي.

خالد باستغراب وهو يضيق عينه:
_ هو بعيدًا عن كلمة كلها بتبدأ كده، بس اشمعنا ملاقيتش إلا دي؟

لمياء بتسأل:
_ هي عندها كام سنة؟ 

خالد :
_حضرتك مردتيش.

لمياء بجدية:
_ عندها كام سنة؟

خالد باستغراب: 
_بتسألي ليه؟

لمياء بإصرار وكأنها لم تسمعوا:
_كام سنة؟

خالد بتعجب:
_ طيب أفهم.

لمياء بحسم:
_ خالد.

خالد تنهد بعدم فهم:
ـ برغم إني مش فهمك، ٣٥ سنة.

لمياء: 
_ يعني من كل بنات اللي شوفتها وعرفتها ملاقيتش إلا منه، متنفعش ياخالد، أنتَ شفت بنات أحلى وأصغر منها بكتير.

خالد باستغراب ممزوج بتساؤل:
ـ بصي هو أصلًا مفيش حاجه؛ عشان تنفع ولا لأ، بس من حقي أفهم، بعدين امتى حضرتك بتفكري كده؟

لمياء بعقلانية:
_ بص يا خالد كل أم نفسها ابنها يتجوز أحسن بنت من كله، شكل، وجسم وشخصية، ودين، وعيلة، وسن، مش بعد كل ده تاخد منه.

خالد باستغراب:
_ ومالها منه.

لمياء بتوضيح :
_ هى كويسة، بس عادية، غير شخصيتها صعبة، وسنها كبير، بس هرجع وقولك لو هي اللي هتسعدك وتريحك، هتغضى عن سنها وجسمها.

خالد وهو يضحك:
_أنتِي خلاص جوزتهالي ووافقتي، إيه يا ماما في إيه؟  كل ده عشان بس قعدت أفكر شويه إيه اللي غيرها كده؟ صدقيني مفيش حاجه، وحتى لو كان محتمل يبقى فيه حاجة، خلاص، علاقتنا انتهت.

لمياء:
_عمومًا أنا بقولك؛ عشان لو في أمل أنا معنديش مانع، المهم بس تخلصها من المشاكل النفسية بتاعتها دي، واتصرف مع أختك نادين، أنا مش عارفه هتقنعها إزاي.

خالد تبسم:
نادين دي مشكلة، مبتخترش غير بنات ملونة.

لمياء وهي تضحك :
_كل يومين ثلاثة تجيلي وهي معاها صور بنات قمرات، تقول لي: "يا رب يا ماما خالد يتجوز واحدة شبههم كده، ويجيب لي عيال صغننين، حلوين، ألعب بيهم".

خالد :
_أنتم لكم مواصفات في مراتي أكتر مني أنا شخصيًا.

لمياء :
_طبعًا، وأنت أي حد ولا إيه، بس خلاص، أنتَ اخترت، أنا هبقى معاك.

خالد وهو يضحك:
_ ده أنتِب مصرة.

لمياء بمزاح:
أنا اعتبرت منه مراتك خلاص.

ضحك خالد  ضحكه عالية.

لمياء بعقلانية:
_ كلمها تاني؛ أكيد فى سبب خلها تتغير معاك.

خالد باعتراض وزعل:
_لا مش هكلمها؛ زعلتني أوي، أنا طلعت مش فارق معها.

لمياء: 
_ خلاص يبقى روق، متفكرش كتير، هي شخصية مندفعة.

هز خالد راسه بإيجاب.

♥️ــــــــــ بقلمي ليلةعادل ــــــــــــــ ♥️ 

شركة رسلان للمقاولات 10ص

ــ عند مكنه القهوة

ــ نُشاهد منه تقف أمام المكنه في انتظار قهوتها، وجاء محمد ينظر لها، وقال بمرح:

محمد:
ــ هلو منوش. 

نظرت له منه بابتسامة:
_ هاي.

محمد:
ظبطي كل حاجه؛ عشان الاجتماع؟

منه:
_كل حاجه تمام متقلقش، بقولك إيه، صح أنتَ مبتشوفش خالد؟ 

محمد :
_ لأ، خالص، بقالي حوالي ١٠أيام مشفتوش آخر مرة  لما سألني عليكِي زي ما حكيتلك في التليفون، حتى مش بيجي النادي،  في حاجه؟

هزت منه رأسها بلا:
_  تؤ، هو كان بيتصل بيَّ وقت ما كنت مسافرة، وأنا مكنتش عايزة أرد، قلت يمكن في حاجه.

محمد:
_ لأ، خالد محكاش معايا تفاصيل، كل اللي قاله إن هو بيكلمك وأنتِي مبترديش، وتقريبًا آه، كان عايزك في شغل في الفكرة اللي أنتِي قولتيلي عليها بتاعت المحلات.

منه:
_ خلاص تمام، بقول لك إيه يا محمد، أنا هخلص الاجتماع وعندي مشوار مهم، تمام.

محمد بمزاح:
أخدتي على الدلع، بس ماشي، هاتي قهوتك بقى ويلا على أوضة الاجتماع.

ــ مصنع حرير للغزل والنسيج 3م. 

ــ مصنع خالد الجديد في العاشر من رمضان.

ـ مظهر عام للمصنع: هو مصنع كبير، به مبنى من ثلاث طوابق: هو المبنى الإداري وبعض المباني الأخرى من الدور الواحد التي بها المكن، فنشاهد العمال وهم منشغلون في أعمالهم والأقمشة المختلفة المتنوعة، ثم ندخل حتى المبنى الإداري حيث مكتب خالد في الطابق الثاني.

ـ مكتب الثالث

ــ نشاهد منه تقف أمام السكرتيرة وهي تتحدث معها. 

منه:
_مساء الخير.

رفعت السكرتيرة عينيها نحو منه، وقالت باحترام:
_ أهلًا وسهلًا، تأمري بحاجه؟

منه:
_كنت عايزة أقابل مستر خالد، هو موجود؟

السكرتيرة:
_ في ميعاد سابق.

منه: 
_ للآسف، لأ.

السكرتيرة:
_  مستر خالد موجود، لكن في اجتماع، ممكن حضرتك تستريحي هنا لحد ما يخلص.

منه:
_تمام.

جلست منه في انتظار خالد حين ينتهي، وبعد ربع ساعة خرج خالد من المكتب، وهو يوصل من كان معه في الاجتماع عند الباب، وهو يقول: 

خالد :
تمام يا حج صبحي ـ إن شاء الله ـ طلبية القماش هتكون عندك أول الشهر.

صبحي:
_ ياريت يا بشمهندس، محتاج الشغل ده؛ عشان المصنع يشتغل.

خالد باحترام:
_ متقلقيش القماش هيكون عندك في الميعاد، نورتنا. 

  رحل الرجل.

وقعت عين خالد على منه التى تجلس في انتظاره وهو ينظر باستغراب ويضيق عينه.

خالد باستغراب:
_ بشمهندسة منه! 

توقفت منه بخجل قليلًا: 
_ مستر خالد، إزي حضرتك؟

خالد هو ما زال متعجبًا أشار بيده:
الحمد لله، اتفضلي معايا جوه.

هزت منه رأسها بإيجاب، وتقدمت أمامه وتحرك خلفها حتى وصلا إلى مكتبه.

خالد وهو يشير بيديه باحترام نحو مقعد المكتب الأمامي:
_تفضلي ارتاحي.

جلست منه  وجلس خالد امامها. 

دخلت السكرتيرة وهي تقول:
_ مستر خالد تأمر بحاجة.

نظره خالد لمنه بتساؤل:
_ بشمهندسة منه تشربي إيه؟

  منه:
_ ممكن شاي.

نظر خالد إلى السكرتيرة، وهو يقول:
_ آيات واحد شاي وواحد لاتيه ومتخليش حد يدخل علينا.

هزت آيات رأسها باحترام:
_ أمرك يا فندم. 

خرجت وأغلقت الباب خلفها.

نظر خالد أمامه وهو يحك في أنفه باستغراب دون أن يتحدث، فهو ما زال لم يفهم سبب مجيئها المفاجئ. 

كانت تنظر منه له بخجل، ولا تعرف ماذا تقول؟

ومن أين تبدأ الحديث؟

بعد ثواني، تحممت منه، وقالت:
_ أكيد بتسأل نفسك، أنا إيه اللي جابني هنا؟

خالد برقي:
  أنتِي تيجي في أي وقت، مكانك.

منه:  
_ميرسي لذوقك، أول حاجة، أنا مش عايزه أكون معطلك.

خالد وهو يهز راسه بنفي:
_مفيش أي عطل يا بشمهندسة منه.

منه بخجل وتلعثم:
ـ خالد أنا جيت؛ عشان أعتذر لك عن طريقتي معاك آخر مرة، أنا عارفه إن أنا كنت سخيفة وأسلوبي جاف جدًا، بس حقيقي أنا كنت متعصبة ومضايقة الفترة دي، لدرجة إن لو حد قالي صباح الخير بطريقة متعجبنيش كان ممكن أمسك في خناقة مشكلتي مكنتش معك كشخص، أنا كنت متضايقة؛ فلما أنتَ جيت اتكلمت معايا مش عارفه ليه اتعصبت وكلمتك كده؟ المهم أنا مش عايزاك تكون زعلان، وياريت ماتزعلش وتقبل اعتذري عن طريقتي السخيفة معاك، سوري.

خالد وهو يضيق عينه باستغراب، فهو يحاول أن يستوعب ما قالته منه له الآن، هل هذه هي الفتاة التي كانت توبخه من أسبوع وتتعامل معاه بقسوة؟ أصبحت لطيفة ورقيقة جدًا، عاد بظهره على خلف المقعد وهو يدقق النظر بها، ثم قال: 

خالد باستغراب:
_ يعني أنتِي جايه تصالحيني.

هزت منه رأسها بإيجاب بخجل قليلًا بعين زائغه.

تبسم خالد بمكر:
_ أنا طلعت غالي بقى.

رفعت منه عينيها نحوه وقالت بتوضيح :
أنا حسيت بس إني ذودتها معاك، وكنت سخيفة؛ فحبيت إني أعتذر.

خالد بخبث:
_ أيوه، يعني أنا غالي؛ لأني لو مش غالي مش هيفرق معاكِ زعلي.

منه بتفسير:
_ أنا بس مبحبش حد يزعل مني، ولا يفهمني غلط، ولا أظلم حد.

خالد بمزاح:
_ مفيش فايدة، منه كبرياء مستحيل تطلع من كلمة بوقها عدلة، متقولي أنتَ غالي ياخالود، ووحشتني كوباية القهوة معاكِ، وخلاص وفرحي قلبي يا شيخه  بالى ريقى بكلمة.

تبسمت منه:
_في دي مش هقدر أجادلك، أنا فعلًا وحشني كوباية القهوة معاك، وغلستك، وهزارك السخيف.

خالد تبسم بغرور يليق بيه وهو يعدل ياقة قميصه:
أنا كنت متأكد إنك هتيجي تصلحيني لعلمك.

منه:
_ أيوة؛ علشان كده فضلت عشر دقائق كده واقفلي متنح مش مصدق إني جيت.

نظر خالد لها وعض بأسنانه على شفتيه السفلية بمزاح:
_ بس بقى متكسريش من كبريائي، هههههه.

ضحكت منه:
_ حاضر، مش هكسر من كبرياءك.

نظر خالد لها، وأكمل وهو يسألها بجدية:
_ إيه بقى، كان مالك؟ إيه اللي حصل غيرك عليَّا فجأة كده.

منه بتوضيح وهي تزم شفتيها بآسف، قالت:
_ والله شويه مشاكل وضغوط، صدقني الموضوع مكنش شخصي معاك، مش أنتَ بس اللي عملت مشكلة معاه، في ناس تانية كمان، صحابي زعلوا مني.

خالد باستفسار :
_ ده بعد السفر ولا قبل السفر؟ 

منه بتوضيح : 
_ المشكلة بدأت من قبل السفر، كنت فاكره لما أسافر ههدى، بس لا، رجعت زي ما أنا.

خالد  بتردد:
_هو أنا ممكن أسالك إيه حصل لكل كده؟

منه:
_مشاكل في البيت، بس اتحلت.

خالد:
_ أنا مفهمتش ايه اللي حصل، خلاكِ تقلبي عليَّا، بس اتضايقت وفضلت أفكر إيه السبب اللي ممكن يخليكي تتبدلي كده. 

منه:
_ ما أنا قولتك مشاكل.

خالد بعدم اقتناع:
_ أنا بصراحه يا منه مش قادر أفهمك، ولا مقتنع باللي قولتيه، مش مقتنع بفكرة إنك كان عندك مشكلة في البيت خلتك كده معايا، أصلك لو كدة مكنتِيش هعملي معايا مشكلة كشخص، كنتي هتتعصبي في العموم، لكن أنتِي كنتِي بتهاجميني من اتجاه واحد، وهو اتجاه أنتَ ليه بتطمن؟ أنتَ ليه مهتم؟ أنتَ ليه بتفكر فيَّا؟ ليه كنت قلقان عليَّا؟ منه أنا مش عبيط، أنتِي عندك مشكلة معايا في النقطة دي، مش قادر أوصل لسببها، أو يمكن أكون وصلت لسبب، وهو ..

قطعته منه وهي تنظر له، قالت:
_ أكيد فكرت إن ممكن يكون اللي عمل فيَّا كده راجل، وأكون مثلًا حبيت وهو خذلني، خاني وكرهني فى الرجالة كلها، ومبقتش أتقبل فكرة إن حد يهتم أو يقول كلمة حلوة.

تبسم خالد وهو يهز رأسه بإيجاب، أكملت منه بتوضيح :
_لأ، الحكاية مش كده، الحكاية أكبر من واحد ارتبطت بيه وخاني، أو خذلني، أصلًا أنا عمري ما ارتبطت ودي أول حاجه لازم نبقى واضحين فيها، واسال محمد عن الموضوع ده، أنا عمري في حياتي ما ارتبطت ودخلت في سكه الارتباط والكلام ده. 

خالد بتهذب قال بوقار:
_ أنا مش محتاج أسال محمد؛ عشان أتأكد، أنا بصدقك يا منه، ولو سمحتِ بلاش تدخلي محمد في كلامنا، أنا بثق فيكِي وبصدق أي حاجه بتقوليها، ومش محتاج لمحمد ولا غيره؛ عشان يأكدلي كلامك اتفقنا.

هزت منه رأسها بإيجاب، أكمل خالد قائلًا: 
_اتفضلي كملي كلامك.

عاد بظهره على ظهر المقعد؛ لكي يستمع لها بتركيز وكانت عينه معلقه عليها، أكملت منه  بتوضيح .

منه بشجن ممزوج بتفسير:
_بخاف أتعلق، بخاف أتعود أن حد يبقى معايا وفي حياتي، وأنا صغيره كنت متعلقة جدًا بأصحابي، لدرجة إني كنت بوقف حياتي عليهم، هما حياتهم اتغيرت بعد فترة، بقى ليهم حياة ثانيه مسؤولة منهم، ووقتهم مباقش متوفر زي الأول،  لقيتني بواجهه العالم بعد سنين طويله لوحدي، والمطلوب مني إني لازم أتأقلم وبسرعة، عارف إحساس إنك تكون بتاخد دش مياه سخنة في الشتاء وفجأه يتفتح عليك مياه ساقعة مثلجة، إحساس صعب، أنا كنت كده، فضلت فترة كبيرة أكتر من سنة ونص مضطربة، لدرجة إني مكنتش بعرف أعمل حاجه، لحد ما أخذت القرار، في الأول واجهت صعوبة لحد ما لقيت الموضوع سهل، واتعودت على الحياة الجديدة اللي اتفرضت عليَّا، بس لازم أكون منصفه، لما بعوزهم بلاقيهم في وقت المحن، سيبك من حوار السفر والخروج واللبس، بس بصراحة لما بحتاجهم في أي مشكلة، أو محنه بلاقيهم جنبي.

أكملت بضيق وحزن :
ــ بس هم النهاردة جنبي، يمكن بكرة لأ، ظروفهم تجبرهم إنهم ميبقوش جنبي في المحن، زي ما أوقات كتير مبيكونوش جنبي في الحاجات الترفيهية، استنى بقى لما أدخل تاني في تروما، فعودت نفسي إن أنا اللي أطبطب على نفسي وأنا اللي أقول لنفسي كلام حلو وأنا اللي أهتم بيَّا، مستناش من حد يهتم، يمكن عشان كده لما كنت بتطمن عليَّا وبتحاول تقتحم حياتي؛ كنت بخاف أتعود على وجود خالد أو غيره في حياتي، أنا مش معاك أنتَ بس كده، أنا مع الكل كده، حتى محمد، حتى صاحباتي لما بلاقي الاهتمام بتاعهم زاد بتضايق.. 

بدأت عينيها أن تمتلئ بالدموع ووجع خنق صوتها، واصلت:
_ مش عايزه أتعود على حد، أصل مصيري هبقى لوحدي، وهكمل لوحدي، كل واحد فيكم هيعيش حياته مع ناس ثانية، في حياة ثانية، منه هتفضل رقم زي أرقام كتير موجوده على تليفوناتكم وفي حياتكم، مش رقم واحد، أنا أصلًا عمري ما كنت رقم واحد في حياة حد، دايمًا رقم من ضمن أرقام كثير وهفضل رقم ضمن أرقام كثير، زمان وأنا صغيرة لما كنت لسه عبيطة لما كان حد بيهتم شويه زيك كده كنت أنا كمان بديله نفسي الاهتمام، ودماغي بقى بترجم وبتتخيل إن أنا كده بقيت رقم واحد، بس أنا بطلع مجرد رقم وبس ..
يمكن أنتو لما بتقولوا لي مالك؟ إيه اللي حصل؟ بتبقى مجرد مشاعر إنسانيه لشخص أكلتوا معاه عيش وملح وعِشْره مش أكتر، مش حاجة كبيرة يعني، بس حتى المشاعر الإنسانية دي انا بخاف منها، بخاف أتلذذ بيها، ولما أتلذذ بيها أحبها، أنا مش عايزه كده، أنا أسالك أنتَ مالك؟ أنا هدعمك ووقت ما تحتاجني هتلاقيني واقفه جنبك، لكن بلاش توقف أنتَ جنبي، مش عايزاك توقف جنبي، مش عايزاك تقرب مني، مش عايزاك تقول لي مالك، مش عايزاك تفهم من ملامحي إني زعلانه، وتسألني أنتِي زعلانه ليه؟ لأن مسيرك هتمشي، ولما تمشي، لما أجي أزعل مش هلاقي حد يفهم، وساعتها هقول محدش بيسألني مالك ليه يا منه، ولا بيفهم من ملامحك إنك زعلانه؟ وقتها هقول كان خالد بيفهم ويسألني، وساعتها هزعل، وافتقدك، أنا مقصدش كشخص، أنا بفهمك، أنا مع الكل كده، حتى أصحابي البنات،  فمش عايزاك تزعل من ردود أفعالي، أنا عارفه ومتأكدة إنها بتكون مبالغ فيها؛ بس مش عارفه أعمل إيه؟ والله أنا حاولت أتعالج، بس مش عارفه عقلي مش عايز ولا قادر يقتنع بأي حاجه غير إن أنا أحافظ على نفسي، وعلى مشاعري وقلبي؛ عشان لما أبقى لوحدي بجد ماحسش بالوحدة اللي بجد؛ لأني طول عمري عايشه فيها مش واخده على سؤال حد، واهتمام حد، وتقدير حد، والكلام الجميل ده.

كان يستمع لها خالد بإصغاء وهو مركز النظر في ملامحها التي تعكس مدى ضعفها وشعورها بالوحدة والغربة رغم وجودها في وسط عائلتها، كم الوجع والخوف الذي يمتلئ كيانها، وصوتها الذي يعكس مدى الأنين الذي تشعر به، فقد وصل لخالد كل شيء، فهو تأكد أن كل ذلك الغضب والهجوم والعصبية خلفه شخصية ضعيفة، هشة، تحاول أن تضع ذلك الغضب والهجوم كدرع حمايه لها. 

عدل خالد من جلسته قليلًا، وقال بعقلانية بنبرة متأثرة قليلًا:
_  أنا مش هقوحك، وفعلًا إننا مراحل في حياة بعض، محطة بتسلم محطة، بس أنا مش عايزه الفكرة  تبقى عامه، يعني بعيدًا عني أنا كخالد، بس أكيد في حياتك ناس مكمله من سنين لحد الوقتي، مكانوش مرحله ومشوا زي مثلا صاحبتك شروق، هي صحبتك من زمان، وهي مكمله، مطلعتش مرحلة، يمكن هي بحكم ظروفها وشخصية جوزها المتحكمة، ما بقتش أوقاتها متوفرة زي الاول، أنتِي لسه قايله دالوقتي وقت ما بتكوني في مشكلة بتكون أول واحدة جنبك بعيدًا عن الحاجات الترفيهية اللي أنتِي بتتكلمي فيها، وأنتِي هتعوزي إيه أكثر من كده، إن صاحبتك تبقى في ضهرك وقت أزماتك، وإن وقت فرحك أكيد هتبقي محتاجها، بس لو هي وقتها مش سامح بده متزعليش، امتى تزعلي؟ إنها تبقى معاكِي وقت فرحك، بس،  ووقت محتاجيها متلقيهاش ،هي دي الصداقة، أنا من رأيي يا منه أنتِي ظالمه نفسك، ظالمه نفسك في الشرنقة اللي أنتِي خنقه نفسك فيها، عيشي الوقت، عيشي اللحظة من غير ماتتعلقي بالأشخاص، استمتعي باللحظة، يمكن حد يكون فعلًا مهتم يسال عنك، مش مجرد مشاعر إنسانيه ويكمل معاكِ لحد آخر لحظة.

منه بخوف وهي تهز رأسها بلا:
_مش عايزه أجرب. 

خالد:
عشان خايفه طبعًا. 

منه:
_الخوف ده بقى جزء من حياتي.

خالد مستغربًا:
_هو في حد في حياتك فضل فترة وأنتِي اتعودتي عليه وبعدين اختفى.

منه هزت رأسها بنفي:
_لأ، مش بالظبط، بس في ناس كنت حطهم في خانه وطلعوا حطني في خانه ثانية خالص، يعني كنت حطاهم في مرتبة عالية رقم واحد، وكنت عندهم رقم 10، وممكن يكون خارج اللسته.

خالد بعقلانية شديدة :
_ تبقى المشكلة فيكِي يا منه، مش فيهم، أنتِي بتحاسبيني على تقيمك أنتِي ليا ليه؟
أنتِي  تحاسبيني  بس على  طريقه تعاملي معاكِي، لكن ما تحاسبنيش على تقديرك وإنك حطاني في مكانه، أنا مستاهلهاش ، أنا مالي، أنتِي اللي ترجمتي مشاعري غلط، أنتِي ترجمتي ووقفي معاكِي وطريقتي معاكِي غلط، ولا هما كانوا بيمثلوا أو كانوا بيعملوا حاجات خلتك تحطيهم في المكانة دي وخدعوكِي ؟ 

هزت منه رأسها بنفي:
_لا لا، أنا اللي بلغت في التقدير، أنا اللي حطيتهم في حياتي في مكانه ما يستحقهاش، وبصراحة هما عمرهم مدوني حاجه أكبر من اللي كانوا بيدوها لي، بس أنا كنت فاكره لما أديهم أكثر؛ هيحبوني أكثر هبقى رقم واحد.

خالد:
_شغلك موضوع رقم واحده ده؟

منه بشغف ممزوج بوجع، قالت بمزاح يغطي حسرتها:
_نفسي أحسه، أعرفه، كل اللي حواليا عندهم رقم واحد، وهما كمان رقم واحد عند حد، إلا منه عمرها  ما كانت كده، برغم إن كتير عندي كانوا كده، بس الوقتي مفيش غير منه هي اللي عندي رقم واحد وبس.

خالد بهدوء وعقلانية:
_ بصي يا منه اللي أنتِي فيه ده كان وأنتِي صغيرة، أكيد الوقتي أنتِي بقيتي أكتر حكمة وأكثر قدرة على إنك تفصلي وتترجمي وتعرفي كل واحد إيه، وتحطي كل واحد في المكانة اللي يستحقها، أنتِي قلت إنك عندك أكتر من صديقة مفضلة حنين وشروق وتقريبًا واحدة تانية بسنت.

هزت منه رأسها بإيجاب، أكمل: 
_ أكيد أنتِي حاطه كل واحدة في مكان غير الثانية في اللي هي تستحقها، أكيد زمان كان الموضوع عندك مختلف دالوقتي بقيت أكتر حكمة.

منه بتأيد:
_ أيوة، أنا نضجت أكتر وبقيت بفهم أكتر، بس أنا لسه عندي حته كده بخاف أقرب من حد جديد، مستكفيه بأصحابي، لما بتعرف على حد جديد بيبقى بحدود، ولما ببدأ حس بمبالغة في الاهتمام، زيك كده بتحول عليه.

خالد تبسم بمزاح محبب:
_لا، متتحوليش أرجوكي، أنا كمان بخاف، بخاف أتعلق بشخص ومالقاهوش موجود، بس الفرق عمري ما قفلت بابي في وش حد، بالأخص اللي بيحاولوا يقربوا مني، بصي يا منه أنا مش بتكلم عني، صدقيني بس أنا عايزك تكونِ أقوى من كده، حاولي تكوني اهدى، حتى لو أنتِي عايزه تستمري على اللي أنتِ فيه وحبه، استمري ما دام أنتِ مرتاحة، بس خديها مني نصيحة، من أخ، صديق، او من الشخصية السخيفة اللي أنتِي مش قبلاها، هجومك بالشكل الصعب ده مع الناس صدقيني بيعكس إنك حد مش قوي بالعكس، أنتِي ضعيفة عصبتيك دي تبين إن شخصيتك ضعيفة، أوعى تخلي حد يستغل النقطة دي، لازم تبقى أهدى وأعقل في تصرفك، حتى لو مش عجبك، العصبية الهجوم اللي مش في محله المبالغ فيه بيبن إن الشخص ده ضعيف.

منه: 
_شكلك دارس علم نفس.

خالد  وهو يهز رأسه بنفي:
_مش محتاجه أدرس علم نفس؛ عشان أفهمك يا منه، أنتِي مفهومه وواضحة أوي، ودي مشكلة؛ لأنك شخص واضح، برغم إنك بتحاولي تبيني إنك غامضة وغريبة وعميقة، بس في الحقيقة سهل الواحد يكتشفك، أنا كانت مشكلتي أعرف مين اللي وصلك لكده؟ لكن أنا كنت فاهم إنك بداري حاجة ورا هجومك ورفضك، كنت بقول: إزاي بنت شخصيتها قوية جدًا في شغلها، وعارفه هي عايزه إيه؟ نظرت عينيك، طريقة كلامك بتخوف، لكن تيجي في الحاجات الثانية الشخصية، تبقى بضعف دة ..

ضحك وعاد بظهر وهو يعدل ياقة القميص بمزاح وغرور
_ لا، لا، لا  إنتي محتاجه تاخدي كورسات، أنا ممكن أديك الكورسات، أنا فاضي.

منه تبسمت  
_  خلاص، أنا موافقة يا سيدي.

خالد:
_خلاص هيبتدي الكورسات من بكرة، ولا أقولك من النهاردة؛ عشان نشرب قهوة مع بعض؛ تعوضيني عن الأسبوع اللي أنتِب كنت مزعلاني فيه.

هزت منه رأسها بموافقة.

خالد بتعجب باتساع عينه:
_ إيه ده، بالسهولة دي؟

منه:
أنا من رأيي تستغل الفرصة؛ عشان أنا دلوقتي طيبة أوي، أنا مش عارفه أنا إزي بتكلم معاك كده أصلًا،  وفضفضت معاك كده؟ 

  خالد تبسم بجاذبية:
ــ صدقيني أنا اللي مبسوط إنك اتكلمتِ معايا براحتك، وإنك وثقت فيَّا، وخرجتي اللي في قلبك.

منه باستنكار:
_ هي بصراحه مش ثقة، أنا أصلًا مش عارفه أنا ليه كلمتك كده؟ يمكن كنت محتاجه أتكلم وجت فيك.

خالد بمزاح محبب:
_جيبيها فيَّا على طول وأنا هسمعك، أنا مستمع جيد على فكرة.

منه: 
_حسيت إنك شخصية رغاية.

خالد بمزاح:
_ هو أنا ما قلتلكيش إن أنا برج الجوزاء.

منه: 
ــ بتهزر.

خالد وهو يضحك هز رأسه بنعم:
_  أيوه بهزر، أنا برج القوس.

منه: 
_ههههه فظيع، متقدرش تقعد عاقل نص ساعة على بعض، بقولك إيه هي فين كوباية الشاي يا عم اللي إحنا طلبنها من ساعة؟ 

خالد  بتعجب:
_كوباية الشاي يا عم!! معلش مهندسه ميداني بقى  وواخده على الاسطاوات والصنايعية طريقة كلامك لازم تبقى كده، هأعدلها لك في الكورسات، فكريني.

منه: 
_ طب اطلب الشاي؛ عشان صدعت، وبطل هزار سخيف؛ عشان نتكلم في مشروع المحلات بتاعك.

خالد ضحك وهو ينهض: 
_حاضر لحظة واحدة. 

توجهه خالد خلف مكتبه ورفع  سماعته، قال بعملية:
_أنتَ يا بني، فين الشاي؟ طيب دقيقة ويبقى عندي. 

جلس على مقعد مكتبه، وهو يقول: دقائق وجاي.

منه: 
_ها، هتعمل بجد المحل.

خالد: 
امممم، عجبتني الفكرة، صليت استخارة، وناويت أعمله، وقعدت مع المدرين و...

وبالفعل أخذا يتبادلان الحديث في مشروعه الجديد. 

وخلال فترة كانت علاقة منه وخالد أصبحت أقوى من ذي قبل فأصبحت منه وخالد دائمًا التلقي عند عربة القهوة؛ ليحتسونها معًا، وتبادلا الأحاديث، كانت منه تسمح لخالد أن يسأل عن أخبارها وأحولها، نعم هو ليس تغير بشكل كبير، لكن هناك تغير ملفت للنظر، كان خالد منجذب لمنه بشدة ويحاول الاقتراب منها، لكنه لم يكن يفهم أسباب ذلك الانجذاب. 

من اتجاه آخر ..
كانت تتابع معه سير مشروعه الجديد في افتتاح محل خاص لبيع الأقمشة الخاصة لماركة 

ــ منزل منه 10م

_نشاهد منه تجلس على الفراش تضع اللاب توب على قدميها وهي تشاهد بعض الفيديوهات والبوستات وقعت عينيها على أحد المطاعم، أخذت تقرأ البوست، وتشاهد الصور، وتسمع الفيديوهات عن المطعم، ثم تذكرت شيء. 

(فلاش باك )

_عند عربية القهوة  السادسة ونصف مساء.

ــ نشاهد منه وخالد يقفان أمام سيارة منه وهما يحتسيان القهوة ويتحدثان. 

خالد:
_على فكرة  أنتِي صديقة مش جدعه. 

نظرت له منه بتعجب:
_ليه؟ 

خالد بتفسير:
_عشان أنتِي قبل كده قولتيلي هساعدك إنك تحاول تخسر الروتين بتاعك ومعملتيش أي حاجه.

منه:
_ طيب ما أنا أعمل إيه؟ قولتلك سافر، وجبتلك الرحلة، وبرنامج وظبطلك كل حاجه، معجبكش وقولت: لا.

خالد:
قولتلك أنا مبعرفش أعمل زيك، إني سافر لوحدي، واستمتع لوحدي، مبحبش، جربت وفشلت، ممكن أعملها  يوم لما أبقى عايز أفصل كده وأفصل دماغي من الضغوط، أنا عايز دالوقتي أروح؛ عشان أنبسط، وأصحابي كلهم دلوقتي مش فاضيين وأنا قولتلك: أنا الوحيد لسه سنجل فيهم، مستني كل واحد فيهم يقنع مراته إن هو يسافر لوحده، فلازم يروق عليها هي وأولادها شويه.

منه :
_خلاص، هفكرلك في حاجه وأقول لك وعد.
بس أنتَ أخذت اوي على حوار الصدف عند عربية القهوة.

خالد:
_ منه، أنيتِ عارفه إني بجيلك مخصوص؛ عشان أقعد معاكِي، الحاجة الوحيدة اللي أنتِي سامحه بيها، بطلي بقى تعملي نفسك مش فاهمه؛ عشان أنتِي فاهمه، بس لو عايزة تعملي نفسك مش فاهمه وعايزة تمشيها صدفة؛ فهي صدفة؛ عشان ده ميعاد رجوعي من الشغل، وأنا راجع بعدي بعربيتي؛ أخذ فنجان القهوة؛ لأن هو نفس ميعاد رجوعك من الشغلك.  

منه تبسمت:
_فظيع ماشي.

خالد:
_ أوعديني إنك هتفكري في حاجة تكسر الروتين.

منه:
_ أوعدك.  

(باااك )

نعود إلى منه وهي تجلس على الفراش تبسمت وهي تفكر باضطراب، أمسكت هاتفها في تردد وهي وتحاول أن تتصل بأحدهما، لكنها في تردد شديد، أخذت تقول بصوت داخلي:

اتصل بيه ولا ممكن يفهمني غلط !! مش هكلمه، هبعت له بس للوكيشن في رسالة، لا، لا، هكلم مفيهاش حاجه، وبعدين بقاله أسبوع مختفي ، ويوم ما أبعتله وأكلمه، أبعتله لوكيشن، حتى مش يبقى عندي دم ولا ذوق، لازم برده أطمن وأسال عليه، هو كان بيكلمني كل يوم ولما اختفيت فضل يسأل عليَّا وأنا ما فكرتش أكلمه، والله عيب عليَّ، يا ترى هو اختفى ليه؟ يكون حصل له حاجه؟! لا، إن شاء الله محصلوش حاجه، بس ليه وحشني هزاره السخيف؟ منه متكدبيش على نفسك، هزاره مش سخيف؛ هو لذيذ. 

صمت ثواني وهي تتذكر خالد، ابتسامته جميلة، فجاه عبثت بوجهها وغيرت نبره صوتها بشدة، وقالت:
أنا مش متضايقة ولا مشتاقه عادي، انسان في حياتك اختفى فجاه، فطبيعي هتفكري لأحسن يكون حصل له، مش هيحصل حاجة، هكلمك. 

قامت منه بالاتصال بخالد.

رد خالد بعد قليل.

منه:
_ ألو. 

أتها صوت خالد من الاتجاه الآخر.

خالد بمرح:
_ منوشا عاملة إيه؟ أخيرًا افتكرتني، لا أنا زعلان منك.

منه باستغراب:
_ ليه بس كده؟

خالد بعتاب:
بقالي أسبوع مختفي ولا رنيت، ولا اتصلت، ولا بغلس عليكِي على الماسنجر والواتس، و ما تعرفيش عني حاجه؟  مفكرتيش حتى تبعتلي رسالة تقولي أنتَ فين؟ مش يمكن جرى لي حاجه.

منه بخجل واعتذار :
_بصراحه دي عندك حق فيها، أنا آسفة، بس صدقني كنت مشغولة  في المشروع الجديد، حتى ماروحتش غير مرة واحدة بس عربية القهوة، الأسبوع اللي أنتَ كنت مختفي فيه، وقلت يمكن أنتَ عندك حاجه، وخفت أعطلك وضايقك بسؤالي.

خالد بحب :
_ ضايقيني وعطليني وملكيش دعوة، لو العطلة والمضايقة هتكون منك؛ أنا قبلها يا ستي، بس كلميني وحسسيني إني مهم بالنسبالك.

تبسمت منه لثواني، ثم قالت:
حممم، ما تاخدنيش في دوكه، بس إيه في حاجه؛ عشان الاختفاء ده؟

خالد بتوضيح :
_لا والله، بس كان عندي شغل كنت برجع متأخر مش شايف قدامي، مش بعرف امسك التليفون خالص وبصراحة زعلت منك لما لقيتك مش معبراني. 

أكمل بمزاح: لعلمك أنا قموص، مش بتقوليلي إني بدي  عشرين سنة في شخصيتي، أنا بقى في قمصتي سبع سنين.

تبسمت منه: 
_ يا ابني، اتكلم جد خمس دقائق على بعض بقى.

خالد بجدية وعتاب:
_أنا بكلمك جد والله، زعلت منك لما ملتقيش بتكلميني تطمني عليَّا، لما انشغلت فضلت فترة يعني مش موجود كان نفسي تكلميني تقولي لي: أنتَ فين؟ حسيت إن أنا مش مهم بالنسبالك، بس أهو اتصلتي، أي نعم بعد أسبوع، بس خلاص سمحتك؛ عشان تعرفي إن أنا قلبي كبير.

منه:
_ والله أنتَ دايمًا ظالمني يا ابني، افتكرت إن أنتَ مشغول وعندك حاجات مهمة، فيعني ممكن أعطلك ما متزعلش بقى .

خالد:
_ خلاص مش زعلان؛ عشان تعرفي إن أنا قلبي كبير، أنا عايز أقول لك على حاجه الثقل صنعه مش غشوميه، ماشي يا منه.

منه بتعجب:
أثقل عليك ليه أصلًا؟

خالد بمزاح:
_ كبرياء امرأة.

منه وهي تضحك:
كبرياء امرأة! ههههه لا يا سيدي مش بتقل عليك، بس زي ما قولتلك خفت إن أنا أعطلك أو أضايقك، ولما لقيتك طولت قلت لازم أكلمك وأطمن عليك، الحمد لله إنك بخير، خلاص بقى أنا بعتذر لك من اول المكالمة، ما تبقاش سخيف.  

خالد بلطف:
_ حاضر، ميرسي يا منه على سؤالك، صدقيني بيعني لي كتير.

منه  بتساؤل:
_طب إيه؟ كده خلصت شغل ولا لسه مشغول؟ أصل أنا عندي ليك مفاجأة، أتمنى تبقى فاضي.

خالد:

_ أفضالك.

منه:

_طيب هقول لك.



الفصل العاشر 

في أحد المطاعم النيلية الخامسة مساءً

_نشاهد منه تجلس على أحد الطاولات، وبعد قليل اقترب منها خالد، وهو مبتسم.

خالد بمرح:
_ مساء الخير يا منوش.

رفعت منه عينيها نحوه:
_ منوش! أخدت عليَّ بزيادة. 

جلس أمامها  منتقدًا:
_يعنى حلال لأستاذ محمد ومحرمه على خالد. 
نظر من حوله، ثم نظر لها، وقال:
حلو المكان.

منه بحماس: 
_اكتشفته من يومين. 

خالد بمزاح:
_هو أنا فار التجارب بتاعك.

منه بتعجب:
أنتَ مش قولت ساعديني أغير من نفسى، وأبطل روتينه، وأجرب حاجه جديدة؟

خالد بتأكيد:
_حصل.

منه: 
_طيب إيه؟

خالد:
_ هي التغيرات اللي بتساعديني فيها أكل وبس؟

منه: 
_طب ماقولتك روح رحلة طابا.

خالد:
_قولتك روحتها قبل كده.

منه:
_بس مركبتش الباروشت.

خالد:
_ مستني الشلة تفضى ونطلع سوا

منه:
_ طيب نادي على الجرسون؛ عشان واقعة من الجوع.

خالد:
_ حاضر.

قام خالد بالنداء على الجرسون عند مجيئه قام بطلب طلبهم ورحل.

خالد:
_بس كويس أخيرًا قبلتي نتقابل في مكان غير عربية القهوة، لا في تغير.

منه:
_ متاخدش على كده.

خالد برخامه:
هاخد حاضر، ههههه. 

منه بمزاح:
سخيف.
أكملت بجدية: 
ــ أخبار شغلك إيه؟ يارب يكون فتره الاختفاء دي تكون انجزت حاجه.

خالد:
_ اممم، خلصت أول قرض.

منه:
_ مبروك، فاضل قد إيه؟ 

خالد:
_واحد غير بتاع والد محمد.

منه:
_ إن شاء الله تخلصهم على خير.

جاء الجرسون ووضع الطعام على الطاولة وقبل أن يبدأوا في تناوله أوقفها خالد.

خالد:
لحظة الشير الأول.

منه بابتسامة:
_اتفضل.

أخذ يقسما الطعام، ويتبادلا معًا، ثم بدأوا في تناوله.

منه وهي تتناول الطعام:
اممم، لا حلو، بس المطعم اللي اتقبلنا فيه أول مرة أحلى.

خالد:
_ بلاش نحكم؛ عشان مش نفس الأصناف.   

منه بتأييد:
_عندك حق، بس حلو بردو.

خالد:
_اممم، ألف هنا.

منه وهي تتناول الطعام تساءلت:
_بقولك إيه؟ صح هو أنا ممكن أسالك سؤال حشري.    

خالد هز رأسه بالموافقة:
_ طبعًا.

منه بتعجب تساءلت:
أنتَ إزاي لحد دالوقتي مش مرتبط؟ 

نظر له خالد بابتسامة:
_لأ، السؤال ده إجابته طويلة.

منه: 
_يلا، بس احكى وأنتَ بتاكل، بليز.

خالد هز رأسه بإيجاب رد بتوضيح ممزوج عقلانية:
_أوكيه، بصي يا ستي، أنا شوية تفكيري شبه أفلام الأبيض والأسود، قديم يعني، بس هو ده الصح شرعًا وأخلاقًا، بس للأسف الزمن ده بيشوفه قديم وتقليدي.

نظرت له منه باستغراب، وهي تضيق عينيها وتتناول الطعام، قاطعته:
_إزاي ؟

خالد بتفسير:
_ أنا ماليش في جو الارتباط، الأسباب كتير، أولها حرام، وتاني حاجه هحس إنى بساعد البنت اللي مرتبط بيها على خيانة ثقة أهلها؛ لأنها طبعًا مستحيل تقولهم إنها مرتبطة بيَّ وبتكلمني؛ لأن الكلام ده في مجتمعنا خصوصًا للبنت عيب وبيدخلها في مشاكل كتير، ثالثًا بتقى الله؛ عشان عندي إخوات بنات، رابعًا أنا موتى وسمى أكون بكلم بنت و فجأه تقولي.

أكمل مع تغيير نبرة صوته لبنت بمزاح:
_طب يا هبة نتكلم بعدين، أنتِي أخبارك يا كتكوته؟ حتى مش كتكوتي، لا كتكوته.

ضحكت منه بشدو على طريقته تلك. 

أكمل متسائل بطريقته العادية:
_مش  ده اللي بيحصل؟ 

منه وهي تضحك:
_مرتبطش؛ فمعرفش، بس الصراحة صحابتي كانوا بيعملوا كده، وبيخرجوا مع اللي مرتبطين بيهم على حسنا. 

خالد بتأكيد:
_بالظبط.

منه بفضول: 
_يعني عمرك مرتبط؟

خالد بمزاح محبب:
لا، ارتبط، اصبري على رزقك، بقولك موضوع طويل متسرعة أوي.

منه تبسمت:
_احكى يا سيدي، آسفالك.

خالد:
_ارتبط أول مرة وأنا في الجامعة بنت كده انجذبت لها وكنا أصدقاء عادي، لما حسيت في مشاعر نحيتها، قولتها هتقدملك، لاقتها في الأول لقتها بتقولي: " اصبر إحنا بقلنا شهر سوا،  قولتها: لا مش هقبل إنك تخرجي معايا على أساس صحبتك ولا تكلميني على أساس صحبتك؛ عشان لو وافقتك ابقى بساعدك إنك تعملي حاجة حرام وغلط.

منه:
برافو عليك والله.

خالد:
_ اتقدمت بابها رفض.

منه يتعجب: 
_ليه؟

خالد بتفسير:
_عايزها تتخطب بعد الجامعة، حاولت أفهمه بشكل غير مباشر إننا مرتبطين، وخلينا في النور قصاد عينك، بس هو فضل مصمم برغم إني حاولت كتير، فضلنا سوا لآخر السنة، بس مكنتش مبسوط، كنت بتعصب لما تفضل تكلمني كبنت، حاسس إني بساعدها إنها تخون ثقة أهلها، بعمل حاجه ضد مبادئ وأخلاقي وديني، هي كمان كانت بتزعل لما برفض نخرج سوا، وكنت مكتفي بمقابلات الجامعة، اتخنقنا كذا مرة، تعبت من كتر المشاكل والوضع الغلط ده؛ روحنا فركشنا، بعدها فضلت فتره مرتبطش؛ لأن قلبي ده مش تلفزيون أحول من قناة لقناة، بعدين اتخرجت ركزت بقى في المشروع، كان واخد كل تركيزي، كان رقم واحد في حياتي، بس ماما وإخواتي زن زن على الجواز، جبولي بنت كنت وقتها وصلت ٢٩سنة، البنت عجبتني، قولت أخطبها نتعرف في الخطوبة، لو قولتك من وقت الخطوبة كل يوم خنقتين ثلاثة مش هتصدقي. 

منه باستغراب:
_ليه كده؟

خالد بعقلانية:
_ عشان مكنتش مهتم بيها، أكون صريح معاكِي؟

هزت منه راسها بايجاب بصمت اضاف خالد:
أنا اللي غلطان؛ وقتها كان غلط أدخل حد حياتي ويبقى مسؤول مني؛ لأن كنت مشغول جدًا بالمشروع، كان واخد كل وقتي وتركيزي واهتمامي، مكنتش عارف أديها وقت.  

قاطعته منه بتوضيح:
لأ، أنتَ مكنتش بتحبها بس.

خالد بتأكيد:
آه، كنت مشدود لها، بس حب لا، لسه مكناش عرفنا بعض، الحب بيجي مع العشرة والمواقف بنسبه ليَّ.

منه:
_ عشان كده، لو كنت حبتها، كنت خلقتلها وقت، كنت كلمتها وادتها اهتمامك.

خالد بلطف: 
يا حبيبي كنت بكلمها، بس مش بالساعات واقعد أقولها كلام حلو، ونسهر طول الليل، والجو ده، بس كنت بطمن عليها اللي هو عادي.

منه:
_فهماك مفيش مشاعر، بس متنكرش إنك كنت بتبقي الشغل عنها، يعنى لو قالتك تعالى نخرج تقولها لا عندي مثلًا اجتماع، ماحولتش تشوف يوم تاني تتقابلوا فيه وتعوضها، مفيش شغف.

خالد باعتراف:
_ اممم مستحيل أنكر إني السبب بصراحة في فشل العلاقة دي، هي كانت حد محترم جدًا، وخلوقه، بس جت في وقت غلط، مستحملتش،  فركشنا بعد ٨ شهور صبر عليَّا، وقتها أخدت عهد على نفسي إني مرتبطش غير لما أفضى، ودماغي ترتاح، واضبط مشروع؛ عشان حرام أبهدل بنات الناس معايا؛ لأن فعلًا مكنتش عارف أفصل ولا عارف أضبط وقتي، السنين جريت لقتني هوب خمسة وثلاثين سنة، وأصحابي اتجوزوا وخلفوا وبيتقال لي عمو، وبنات الأندر ايدج بيكرشوا عليَّا، بيقولولي يا محلى الثلاثيني هههههه.

منه بمزاح:
_  يكرشوا أحسن مايقولولك أنكل.

خالد بمزاح:
_كنت موت فيها. 

منه وهي تضحك:
_عادي، خليك فرفش.

خالد برفض ممزوج بمزاح:
لا، أنا مش فرفوش في النقطة دي، ولا متصالح مع الذات، أنا خالود وبس.

منه ضحكت:
_هههههه طب كمل  يا خالود.

خالد:
_ والله طلعة منك سكر، قولت بس هو جواز صالونات وخلاص مفيش جواز عن حب، كلمت ماما إنها تدورلي على عروسة؛ عشان مكنش في مجال حوليا أشوف فيه حد؛ لأن زي ما قولتك، حياتي شويه روتينه وفعلًا خطبت كانت خمسة وعشرين سنة. 

قلب وجهه قال بمزاح ساخر:
_بس تحسبها قلبه عداد خمسين ههههه.

ضحكت منه: 
_ ههههههههه، هههههههه، يا بني بطل واتكلم جد بقى من غير ألش بتخرجني من المود .

خالد بإصرار:
طب والله بتكلم جد عندها خمسة وعشرين، بس طريقتها شبه الستات اللي معدين خمسة وخمسين، كمان كنت مكرمها في خمس سنين.

منه باستغراب:
_  إزاي؟  

خالد بتوضيح :
_ هفهمك، أقولها يا ساسو؛ عشان كان اسمها سما، تعالي نخرج، تقولي: " تعبانة "، طيب تعالي نشترك في جيم،" ماليش فيه، ركبي وجعاني"، طيب تعالي نعمل أي حاجه في سننا السودا دي، " ماليش مزاج "، طيب أنتِ فين؟ نايمة،"  تعبانة "، تعالي نسهر ونتكلم، " لا، هنام "، نلعب ببجي؟ " معرفش "، أعلمك؟ " محبش "، طيب بتحبي إيه؟ 
" أقعد على كنبة أكل لب، واتفرج على عبد الغفور "، قولتها طيب متشوفي تركي وتتعلمي من البطلة،"  راحت اتفرجت على العهد والحفرة، هههههههه تقولي كوشوفلى، عيله أهم حاجه للإنسان هههههه وحاجات غريبة، البت اتحولت، كان لساني ينقطع لما قولتها تتفرج.

فور نطق خالد آخر كلمة؛ ضحكت منه بجنون.  

منه:
_ أنتَ فظيع والله، بس لا، دماغها جامدة، أحلى مسلسلات تركي أصلًا.

خالد بمزاح:
_كلها أموات، أكشن وضرب، أنا عايزها تشوف البت دفنه بتعمل إيه مع عمر؟ كمال ونهال، حياة ومراد كده. 

منه بتعجب:
ليك بتركي. 

خالد بضيق وانزعاج:
لا مليش، بس غصب عني لازم اتفرج، عندي أربع ستات في البيت، وأختي الكبيرة عندها بنتين كبار في أوائل العشرينات يعني ستة ، فمتتكلميش كتير بقى، أظن فهمتي.

منه ضحكت:
_حاضر، هسكت، اتفضل كمل.

تحولت ملامح خالد لعقلانية وهدوء، قال بتفسير:
_عارفة، أنا كنت داخل العلاقة بقلب وبحماس جامد، كأني كنت عايز أعوض السنين اللي ضاعت مني في الشغل والسفر، بس للأسف كان معايا شخص فاقد الشغف، مكنتش طموحة، وصوتها عالي، وأنا محبش البنت صوتها عالي، غير اني محستهاش، فمكملناش برغم إني حاولت أدي لنفسي وليها فرصة، بس منجحتش.

منه:
_خطبتها قد إيه؟

خالد:
ستة مشهور.

منه:
محاولتش تخطب تاني بما إنك مش فارق معاك حب ولا صالونات.

خالد وهو يهز رأسه بنفي:
لأ، سبتها تيجي كده، برغم إن ماما وإخواتي كل يوم يجبولي عروسة، قبل مجيلك أسمهان كلمتني على عروسة.

منه تبسمت:
أختك اسمها جميل.

خالد بتوضيح :
بابا بيحب أسمهان فسمها على اسمها. 

أكمل بنبرة حزينة:
_بس عارفة بعد فتره اكتشفت إنها محبتنيش.

منه:
_ تقصد خطبتك!

خالد هز رأسه بإيجاب:
اممم، لو كانت حبتني؛ كانت حاولت معايا، بس لأ، هي كانت عايزه تتجوز وخلاص.

منه:
فهماك، عريس ميترفضش بمعيار المجتمع طبعًا. 

خالد بتأييد:
بالظبط.

منه:
_عشان كده متجوزتش لحد الوقتي.

خالد:
امممم، لسه ملقتش اللي تخطفني.

منه بتعجب:
أنا بصراحة استغربت، إزاي شاب زيك متجوزش لحد دالوقتي؟ يعنى ما شاء الله عليك شكلًا وسيم ، محترم، وماديًا ما شاء الله، قادر تتجوز وتفتح بيت.

خالد بتوضيح:
_أنا لو عايز أتجوز هتجوز من بكرة، من الجانب المادي، حتى من قبل ما بدأ المشروع، بس الجواز مسؤولية، لازم أتجوز واحدة ارتحلها، أحس إني مخطوف كده، اللي هى بدايات الحب ألف باء حب، غير إن لو كنت اتجوزت فى بداية حياتي بجد كنت هطلق، كنت هملها؛ لأنى مكنتش زي ما أنا دالوقتي، أنا اتغيرت كتير، الأول مكنتش بعرف أوزع مهامي وادي كل حاجه وقتها وحقها، شغلي ده كان عبادة عندي، لا أنا كنت مجنون؛ عشان كده قولت أأجل؛ عشان مبهدلش ولا أظلم بنات ناس معايا، لحد ما العمر جري، بس عمري ما ندمت على قراري.

منه بدعم:
_ برافو عليك ـ إن شاء الله ـ تلاقي بنت الحلال اللي تستاهلك، ولا فقد للأمل.

خالد بمزاح:
_ لأ، أول مقفل الأربعين، هفقد، هههههههه.

منه :
_أنتَ أصلًا إيه مواصفات فتاة أحلامك.

خالد بمزاح  ورخامه:
يبقى وسطها ٣٢ عارفة الوسط ده ! وزنها ( ٥٠)، طولها (١٧٠)، وشعرها طويل وتقيل، وعينها زرقا، بيضا. 

نظرت له منه باشمئزاز وهي تقول بصوت منخفض: 
_سطحي.

خالد:
ــ  سمعتك.

منه بتأكيد: 
_ أيوة سطحي، قال وسطها ٣٢.

خالد:
_هههههه بتصدقي على طول، السؤال نفسه غلط، مفيش حاجه اسمها مواصفات.

منه:
_ لأ، فيه.

خالد:
_مفيش.

منه بتصميم:
_بقولك في، أنا مثلًا نفسي أتجوز راجل طموح، عارف هو عايز إيه؟ بيفكر في بكرة، لو مثلًا عنده محل يفكر يطور من نفسه ويبقى محلات، يبقى هادي؛ لأني عصبيه جدًا، يتحمل تقلباتي المزاجية، يكون حنين، شكله يكون مقبول؛ لأن الجمال نسبي، يشاركني في البيت وتربيه أولادنا، يكون داعم ليَّ في شغلي وفي حياتي، ويساعدني في تحقيق أمنياتي وأهدافي، رومانسي.

خالد بعقلانية:
منه دي حاجات بدهيه، طبيعي تكون في كل زوج وزوجة، لازم الزوج يبقى طموح، أمال هيفضل حاطت إيده على خده على المحل اللي يملكه، أكيد لازم يطوره، لازم يشاركك في تربية أولادكم، أمال أب اسمًا؟ لازم يسمعك طبعًا، أنتِ مرآته، امال مين يسمعك؟ مين يتحملك لما تكوني مخنوقة؟ هو زوج بس سوري في حقوقه الزوجية والباقي لا؟ معاكي في موضوع العصبية؛ لأن دي طباع، ممكن نقول عايزاه يبقى طبعه هادي، شخص رومانسي كلام مش أفعال بس،  بيحب يقرأ كتب، بيصلي مش بيشرب سجائر، بيشتغل شغل ثبات، عنده شقة تمليك مش إيجار، دي بتتحط تحت بند  المستوى التعليمي والثقافي اللي يناسبني، لكن الباقي دي حاجات لازم تكون في كل زوج وزوجة وإلا ينفصلوا، أنا مراتي متدعمنيش ولا تبقى معايا وتسمعني والله أحطها بوستر العريية.

منه تبسمت بحسرة، قالت بعقلانية :
ضحكتني، خالد انت أصحابك كلهم متجوزين أو معظمهم، اسالهم، هتتفاجئ، الطبيعي أصبح طلب وأمنية يا خالد.

خالد وهو يزم شفتيه:
_ عندك حق للآسف الطبيعي بقى غريب وبيتحط فالمطالب ، عارفة بضايق أوي لما بسمع واحدة تشتكي من جوزها تقول: " أنا نفسي جوزي يسمعني أو يشاركني تربية أولادي، أو يطبطب عليَّا، يسألني عن يومي، يتابع معايا متابعة دكتور نسا لما أكون حامل وغيرها من الأمنيات اللي طبيعي تبقى في كل زوج، حاجه تحزن.

منه:
للآسف، هو ده بقى الأغلبية إلا من رحم ربي.

خالد:
_طيب منوش بقى متجوزتش ليه؟ أنا جوبتك،
على كل أسئلتك ولو في تاني مستعد؟

منه وهى تضع يدها أسفل ذقنها بتفكير:
_امممم، لأ، أنا متجوزتش؛ لأن ده نصيب.

خالد:
_ أكيد نصيب، بس أكيد في ناس اتقدمت وترفضت ليه؟

نظرت منه لثواني، فماذا تقول؟ هل تقول لم يأتي أحد ليطلبني؟ لم يغرم بي أحد؟ لم أعجب أحد، وكل من آتى ووافق بي لم يملئ العين؟ فحاولت الإجابة بشكل لا يحرجها وبنفس الوقت لا تكذب.

منه بتوضيح:
في جزء يبقى عايز يتجوز ويخلف وبس، يعنى أبقى عبارة عن أرنبة أجيب عيال،  ومكنة atm بالليل،  فهمتي طبعًا.

هز خالد راسه بإيجاب، أكملت منه:
الطموح زيرو، مفيش حد فيهم هزني، أو لفت نظري بس، الموضوع عمره مكمل للخطوبة خالص.

خالد :
_عمرك متخاطبتي؟!

منه: 
_ لأ. 

خالد بمغازله مهذبة:
_معقول الرجال اتعمت؟

منه تبسمت بخجل:
_ ممكن.  

خالد بغزل:
_لا مش ممكن، أكيد.

خالد بتساؤل:
ــ  ولا في حد أعجب بيكِ في جامعة أو بالشغل.

منه بتعجب:
_ أعجب بيَّا !! ، لا بص معرفش بصراحة، أصل مفيش حد جه وقالي إنه معجب.

خالد بمزاح:
_بالله عليكي في حد هيجي يقولك بشخصيتك دي إزاي إنه معجب؟ أكيد خاف ياخد كشاف على وشه.

منه:
_ ههههه والله ممكن، حقيقي معرفش بس أنا فعلًا شخصيتي كده من جامعة، ممكن أكون كنت أعقل يعنى مكنتش بتعصب وباخد كلام بمعنى غلط، بس بعد التخرج اتحولت، يمكن من كتر شغلي مع الصناعية بقيت جلنف زي ما شروق بتقولي.

خالد: 
_ لأ، أنتِي عسل، بس أنتِي اهو مرحبه بالفكرة.

منه هزت رأسها بإيجاب:
مرحبه، بس مش هتنازل عن مواصفاتي؛ عشان كلام متخلف بتاع ناس إنى عنست وعديت خمسة وثلاثين والكلام ده ولازم أتنازل.

خالد بتأييد:
_اوعى تفكري كده، متسمعيش كلام حد، نصيبك هيجيلك، الجواز رزق ونصيب.

منه بعقلانية:
_ما أنا عارفة، أنا أصلًا كل ما سني بيكبر كل ما تصميمي بيزيد؛ لأن بشوف الجوازات اللي حوليا معظمهم فاشلة، بسبب سوء الاختيار، مجرد إن أنا أتجوز وبس؛ عشان ابقى اسمي مدام ده غباء، أنا مش بس بظلم نفسي وبس، لا، وكمان بظلم ولادي؛ لأني اخترت لهم أب غير مؤهل، غير مسؤول؛ عشان بس مبقاش في نظر المجتمع عانس، الجواز مسؤولية كبيرة، وحياة كبيرة لازم أكون قدها، بعدين بقول مستحيل بعد كل السنين دي أقبل بأي واحد والسلام، لأ، طبعًا، أنا كده قاعدة ملكة في بيت أهلي، لحد ما يجيلي واحد بالمواصفات اللي تناسبني، وهتجوز إن شاء الله، ولو ما اتجوزتش اديني قاعده ملكة، أخرج براحتي، أسافر براحتي، مفيش وجع دماغ.

خالد بعقلانية:
_أنتِي أصلًا مواصفاتك بسيطة خالص وطبيعية، ماقلتيش أنا عايزة واحد غني، شبه أحمد عز، يسافرني كل سنة بلد، كل مواصفاتك والحاجات اللي إنتِي محتاجها طباع طبيعية، كل بنت لازم تبقى عايزاهم في زوجها اللي هتكمل معاه باقي العمر ويكون أبو أولادها.

هزت منه رأسها بابتسامة جميلة، وقالت بعين تلمع:
_ اممم، عارف أنا عندي ٨ أمنيات.

خالد تبسم:
_ ٨ أمنيات! إيه هما، ينفع أعرفهم؟ 

هزت رأسها بإيجاب، بابتسامة جميلة، قالت :
_ أول أمنية أعمل عمرة.

نظر لها خالد بتعجب متسائل:
_ وإيه اللي مايخليكيش تعملي عمرة؟

منه:
_عشان المحرم، أنا بنت لازم محرم.

خالد:
_مش باباكِ ربنا يديله طولت العمر موجود.

منه بتفسير:
آه، ـ الحمد لله ـ، وأقدر أدفعه، مشكلتي في ماما، لازم أخد ماما، مش هينفع أطلع من غيرها؛ لأنها هتزعل جدًا، وهيحصل مشكلة وهي كمان نفسها تروح فلو حتى تجنبنا موضوع المشكلة اللي هتحصل هكسر بخاطرها، والمشكلة إني قدراتي المادية ما تسمحش إني أطلع الاثنين؛ عشان كدة أصبحت أمنية.

خالد تساءل مستغربًا:
_ليه؟ هو أنتِ معاكِي كام؟ 

منه بمزاح:
_ معايا (101 ألف و 555 جنيه) وده بعد (10 سنين ) شغل.

خالد باستغراب باتساع عينه:
_ بعد (10 سنين) شغل و (100 ألف) جنيه بس! المبلغ صغير أوي  هو محمد بيقبضك كام كل شهر. 

منه بتوضيح:
_ أنا بقبض (10 ألاف) غير طبعًا البونص اللي باخدها ومكافآت، بس أنا عشان بساعد في البيت فما عرفتش أحوش مبلغ كويس، بابا كان شغال في مصنع أجهزة كهربائية عامل يعني، وطلع على المعاش وأنا بصراحة محبتش إن هو ينزل يشتغل ويتمرمط وهو اتمرمط كتير، والمعاش مش قادرة أقولك مبلغ زهيد؛ فبساعدهم بمبلغ كويس يعني، كمان اشتريت عربيتي لنفسي، فما عرفتش أحوش إلا دول؛ لأن المرتب ما بيتبقاش منه حاجه أصلا لآخر الشهر، يعني ال (100 ألف جنيه) دول من البونص اللي بكسبهم خلال (10 سنين).

خالد هو ينظر لها بإعجاب:
_ بجد برافو عليكِي، إنك بتساعدي أهلك في البيت، يعني نادرًا لما تكون بنت تساعد خصوصًا إنك محتاجه للفلوس دي؛ عشان لما ربنا يكرمك بحد تقدري تجهزي نفسك.

منه:
هما برده صرفوا عليَّا كتير بابا عمره ما بخل عليَّ بحاجه طول فترة الجامعة، كان بيخليني اشتري أحسن حاجه واللي كنت بعوزه كنت بلاقي وبزيادة، اللي أنا بعمله ده صدقني حاجه بسيطة جدًا من اللي بابا عمله معايا، وحتى بعد ما اتجوز ـ إن شاء الله ـ هفضل أديهم اللي أنا بديهلهم مش عشان اتجوزت يعني خلاص كده.

خالد:
ربنا يخليكوا لبعض وـ إن شاء الله ـ تعملي العمرة، إيه هي بقى الأمنية الثانية؟

منه بتنبيه:
_ بص خلينا واضحين ومتفاهمين إن مش كل أمنياتي عميقة، في أمنيات كتير فيهم ممكن تكون بالنسبالك تافهه بس هي بالنسبالي حاجة كبيرة أوي وبتمناها ومحتاجها أوي، أي سخرية هزعلك.

خالد تبسم معلقًا:
_بعيدًا عن شخصية عبده موته لبستك في آخر جملتين، أنا مستحيل اتريق على أمنياتك، أو من أحلامك، بالعكس أنا متحمس أعرفهم.

منه بتمنى بعين تلمع:
_ الأمنية التانية؛ يبقى عندي شقة ملكي، بتاعتي، لما أحب أغير الستائر بتاعتها، ولا أغير لونها أغيرهم على ذوقي، ذوقي أنا من غير ما حاجه تتفرض عليَّا، استقبل الناس وقت ما أنا شايفه ده الوقت اللي يسمح استقبلهم فيه، مش يبقى في أي وقت موجودين، أنام وقت ما أحب من غير تحكمات، يبقى في خصوصية؛ لأن ده بيتي، محدش يقول لي لما يبقى عندك بيتك ابقي اعملي اللي أنتِي عايزاه فيه، كده يعني.

نظري لها خالد هو يبتسم بجاذبية، فوصل له كم المعاناة التي تعانيها منه في بيتها؛ لكي تشعر بالراحة والخصوصية. 

أكملت منه على نفس ذات الوتيرة:

_الأمنية الثالثة: إن يكون عندي شاليه أو شقة في إسكندرية، أو مطروح، أو في السخنة... 

خالد بمقاطعه:
_ أي مكان في بحر يعني؛ عشان وقت الهوبا تجيلك تسافري على طول.

نظرت له منه باستغراب وهي تضيق عينيها:
_أنتِ عرفت منين بقى وقت ما بتضايق، ولا بدخل في المود الثاني بحب أسافر.

خالد بتوضيح:
_في الفترة اللي أنتِي كنت مسافرة فيها ومش بتردي عليَّا، وكنت هتجنن وأعرف أنتِي فين؟ محمد قال لي: " منه لما بتدخل في المود الثاني ده بتقفل تليفوناتها وبتسافر وبترجع مروقه"، بس المرة دي كنت راجعه لسه في نفس المود. 

منه تبسمت بحزن:
_يعني كان الموضوع المرة دي شويه صعب.

تحممت، أكمل لك: الأمنية الرابعة: آن علاقتي ماما تبقى كويسة.

نظر لها خالد باستغراب قالًا:
_للدرجة دي علاقتكم فيها مشكلة، إنك تحطيها من ضمن الأمنيات.

نظرت له منه بعين ترقرق بالدموع بحزن حاولت التماسك، قالت:
_ يعني مش بالظبط، ماما طيبة، بس عصبية شويه، تأخير جوازي ده مخليها شويه تتعصب، خايفه عليَّا من الوحدة، عايزاني أتجوز وتطمن عليَّا في بيتي؛ عشان ما ابقاش لوحدي، زيها زي أي أم شايفة إن الجواز هو كل حاجه في الدنيا، ووجودي مع راجل مهم، لكن هو بقى عامل إزاي؟ مش مشكله عارف المثل بتاع ضل راجل ولا ضل حيطه، هي كده.  

خالد بعقلانية:
_ مامتك طبيعية، كل الأمهات كده، ماما نفسها كل شويه تفضل تكلمني في موضوع الجواز هي وإخواتي، حتى بابا دلوقتي بقى هو كمان بيتكلم معايا؛ عايزين حفيد، طب يا جماعه أنا لازم أكون مبسوط، أتجوز، هتبقى مبسوط ، فصدقيني مش مامتك لوحدك كده، فهي مش محتاجه تتحط جوه الأمنيات، أنتي بس خليكِ هادية، حاولي تكلميها بالراحة؛ هتفهمك أو سيبيها تتكلم، قولي لها: "حاضر يا ماما، إن شاء الله لما يجي لي حد كويس، أنا مش ممانعة، بس مستنيه الإنسان الكويس، خليكِ رايقة وأنتِي بتكلميها، هوديها يا منه، بلاش عصبيتك واندفاعك ده، خصوصًا مع مامتك.

تبسمت منه بوجع على ما قاله خالد، فماذا تجيبه؟ أن والدتها أصعب من ذلك بكثير، قالت:
أنا مش عايزة أتكلم في الموضوع ده عديه، بص هقول لك على حاجه، لما تلاقيني مش حبه أدخل في تفاصيل ما تسألش في تفاصيل، ممكن.

شعر خالد أن هناك خطاب ما أكبر بكثير مما قالته منه في علاقتها بوالدتها تستدعي أن تضعها فيه خانة أمنياتها.

هز خالد رأسه بإيجاب حاول تدارك الموقف مسرعًا، وقال:
_طيب والخمسة؟

منه:
_ أخس وقلع النظارة.

نظرها خالد باستغراب، قال باعتراض:
_لا، أنا  بقى مش معاكي، النظارة عليكي حلوة بتخليكِ كيوته.

منه بتعجب رفعت أحد حاجبيها:
مين دي اللي كيوته؟ هتتحرق مكانك، بس اسكت.

خالد بتصميم:
لا مش هسكت والله العظيم أموره بالنضارة.

منه بمزاح:
هتتسخط قرد،  بطل، أنا ببقى شكلي كبير جدًا بيها.

خالد:
_  مين الحمار اللي قال لك كده؟

منه:
_بلاش لسان طويل، أنا اللي بقول كده .

خالد:
_ أنا مصر إنك أموره بالنضارة، وجسمك مش مليان أوي يعني ، عشان تبقى أمنيه محتاجه تعيدي تفكيرك.

نظرت له منه بغضب وبضيق تبسم خالد، وقال معلقًا:
_ طيب خلاص تحرقيني بنظراتك، طب ليه معملتيش ليزك أو لبستي لنسزاز مادام الموضوع زعجك كده.

منه بتوضيح:
روحت عملت فحوصات؛ عشان ليزك وكده الدكتور قال ما تلعبيش في عينيك عشان عندي القرآنية ضعيفة، والحلم راح بس كل سنتين كده بروح أعمل فحوصات جديدة؛ لأن الطب كل سنة بيتطور وبيتغير للآسف لسه مافيش علاج لحالتي،  لحد كم سنه كده وشلت الموضوع من دماغي، بالنسبة للعدسات بقى أنا بربوشه جدًا.

خالد:
_بربوشه.

منه بتوضيح:
_ببربش جامد، حاولوا كتير أصحابي يعلموني، أو هما يحطوها لي منفعش. 
  موضوع بقى الريجيم حاولت وما عرفتش أخس، مفيش مكان ألعب فيه رياضه الوقت عندي ما يسمحش؛ بسبب شغلي، وزمان؛ عشان الدراسة، غير بقى إن ماما بتعمل أكل جامد جدًا وبتحطي فيه سمنة بشكل فظيع، كلمتها إنها تحاول تقلل السمنة؛ عشان تعملوا خفيف ما فيش فايدة، وأنا معنديش الوقت؛ برجع من الشغل أعمل أكل غير إن أصلًا عندي مشكلة في الهرمونات، فهما من ضمن الأمنيات، يمكن اول أمنيه كمان.

خالد بإصرار:
_بس أنا لسه مُصِر إن جسمك مش مليان أوي، وشكلك جميل بالنظارة.

نظرت له منه، فهي تعلم أنه يجملها، أكملت:
_الأمنية السادسة: إني اسافر المالديف أو أي مكان شبه، اللي هو تبقى في جزيرة هادية، وبحر حواليك صافي، وناس بيلبسوا لبس الصيفي ده، ويضحكوا في وش بعض، شكلهم حلو .

خالد:
_ بتتفرجي على مسلسلات تركي كتير.

منه:
_  أرجوك ماتبوظليش الخيال.

خالد:
_ آسف مش هبوظلك الخيال نعتمد المالديف، 
السبعة إيه هي؟

منه:
_ أربي قطة أو كلب؛ لأن ماما رفضة الموضوع، اتحايلت عليها كثير جدًا مفيش فايدة. 

خالد:
_تعرفي إن أنا كان عندي كلب وأنا صغير، بس مات جالو برفو، من ساعتها ما حبيتش نربي تاني، أنا كنت متعلق به.  

منه:
_ بصراحة صعب إنك تربي حيوان ويموت.

خالد: 
_طب ايه هي الثامنة والأخيرة.

منه:
_ الثامنة، لازم تعرف يعني؟

خالد:
_ ده شكلها أمنية سر مينفعش تقوليها لي.

منه:
_ مش مينفعش بس يعني، صمتت لثواني  وقررت أن تقولها، فهي لا تعرف لماذا قامت بفعل ذلك؟ لكنها كانت تريده:

_هقولها لك: نفسي أتجوز عن قصة حب والإنسان اللي أنا هتجوزه يكون فيه صفات اللي أنا نفسي فيها حنين، يسمعني، ويقعد يقول لي: أنتِ جميلة يا منه، ويحبني زي ما أنا ميطلبش إن أنا أتغير؛ لأنه حبني واختارني كده، ويشوف عيوبي مميزات، يشوفني بالنظارة جميلة زي ما أنتَ شايفني كده مع إني متأكدة إنك بتجاملني، بس لما يقولها لي يقولها بجد من غير مجاملة.

خالد:
_آسف إني هقطعك، بس أنا مش بجاملك، أنا بتكلم جد، أنا شايفك جميلة بالنضارة.

أكملت منه:
_ماشي يا سيدي، يحبني بالنضارة ويشوفني جميلة بالنضارة، ويحبني بالشكل ده ويشوفني ملكة، يساعدني إن أنا أتطور في شغلي وفي حياتي، يسمعني ويكون مجنون، يجي مثلًا الساعة 3:00 بالليل يقول لي تعالي ننزل ناكل آيس كريم، تعالي ننزل نتمشى.

خالد:
_طيب دي، هتعرفي إزاي  انه كده؟ لأن مينفعش يخرج معاكِي وانتوا مخطوبين باليل.

منه:
ما أكيد يعني وإحنا مخطوبين وبنتكلم مع بعض الساعة 3:00 الفجر هيقولي: "عارفه يا منوشتي لو كنت مراتي دالوقتي كنت نزلت أنا وأنتِي: لفينا شويه بالعربية". 

أكملت بنبره حالمة شغوفة: 
يشاركني في تربيه أولادنا، نختار أساميهم سوا، ولما أحمل يجي معايا وأنا بتابع عند دكتور النسا مش يقولي خدي أمك ولا صاحبتك، يبقى حنين عليَّا، يسمعني يتحمل تقلباتِ المزاجية، يكون أب وأخ وابنه وزوج وحبيب وكل حاجه، وأنا كمان هقدم له حاجات كتير هحبه وهدعمه في شغله وأحاول أن أنا أكون دافع ليه في كل حاجه، نكون متفاهمين، في بنا لغة حوار، ويحترمني ويحترم طريقه تفكيري، وما يقلليش منها، الأحلام يساعدني إني أحققها، وأنا كمان هساعده إنه يحقق كل أحلامه سواء ماديًا أو معنويًا، ويجبلي ورد بمناسبة ومن غير مناسبة؛ لأن عمري مجالي ورد في حياتي، أنا بجيبه لنفسي، بس نفسي هو بقى اللي يجبلي، عارف عايزة كل حاجة بقدمها لنفسي هو بقى يقدمهالي وارتاح، يديني طبطبة، واحتواء، كلمة حلوة، الحضن الدافئ، فهمني.

هز خالد راسه بإيجاب بابتسامة جذابة، فكان يستمع إلى منه وهو يركز النظر في ملامحها ، بابتسامة ترتسم على وجهه، فكانت تحلو له طريقة تحدثها بشكل كبير عن أمنيتها، أراد خالد أن يعرف أكثر عن تلك الأمنية، فسألها:

خالد بتساؤل:
_  أحكي لي كده أكتر عن تفاصيل علاقتكم مع بعض تبقى عامله إزاي؟ يعني مثلًا:  شوفيلي يوم من وجهه نظرك بعد ما تتجوزيه، من ساعه ما يروح الشغل لحد ثاني يوم.

تبسمت منه وهي تنظر أمامها بعيني تلمع كأنها ترى ذلك اليوم أمامها أخذت تقص عليه كأنها داخل ذلك الحلم، بنبرة كلها شغف وحب: 

_ الصبح أحضر الفطار، نفطر سوا، وبعدين يبوسني من خدي ويقولي: "خدي بالك من نفسك، سوقي على مهلك"، ويبعث لي رسالة كده في وسط الشغل ويسألني أنتِ فين؟ ويطمن عليَّا لما أروح الموقع، ويتخانق معايا؛ عشان بطلع على سقالات؛ لأنه بيخاف عليَّا، يبعتلي رسالة، ويقولي:" وحشتيني"، لما يجي من الشغل استقبله بابتسامة حلوة، يجري عليَّا كده بشوق يبوسني في جبيني ويقول لي: " وحشتيني" وأنا أقوله وأنتَ كمان وحشتني، أقول له خذ الشوار بتاعك لحد ما أكون حضرت لك الغدا، بعدين نتغدى سوا، ويقول لي: "تسلم اديك "، بعد ما نخلص نقعد على  الكنبة؛ عشان نشرب كوباية الشاي اللي عملها بإيديه، ويسألني بقى عن يومي كان ماشي إزاي؟ يسمعني من غير ملل، يبقى مركز في كل تفاصيله، أنا كمان أسأله عملت إيه في يومك؟ بعدين نقعد نتفرج على التلفزيون سوا، وبالليل هو اللي يحضر لنا العشا؛ عشان أنا عملت الفطار والغداء ويقول لي:" كفايه عليكِ كده يا حبيبتي، أنتِ تعبتي، أنا اللي هعمل"، بالليل ياخدني في حضنه وننام، نفسي  نتشارك مع بعض في كل حاجه، مهونش عليه ينيمني زعلانه لو حصل في يوم واتخانقنا، يقول لي: " ماينفعش ننام وإحنا زعلانين من بعض، لازم نتصالح"، حياتنا تكون بسيطة، جميلة وهادية تفتكر ممكن تحقق أمنية بالتفاصيل دي، بما إنك راجل، أنتوا بتبقوا كده؟ أصل أنا أصحابي كلهم بيقولوا لي: " مفيش الكلام ده، يبقى جاي من الشغل مش طايق حد، مش عايز يسمع حاجه؛ لدرجة أحيانًا كمان مبيعرفش هو ابنه وبنته في سنة كام، ولا يعرف مكان مدرستهم، حتى لما بتخلف مبيفكرش كده مثلًا: ياخد باله من البيبي، ولا يغيرله، ويقول" هي لازمتها إيه؟ حتى لو فكرت مرة تخرج مع أصحابها وتخلي معاه الأولاد، يقول لها: "لأ،  خديهم معاكِ"، بالرغم إن هو لما بيخرج مع أصحابه ويسافر بيسيبهم معاه".

نظر خالد بعقلانية وعدل من جلسته، قال:
_ بصي يا منه، أنا مش هقول لك كل الرجالة زي ماصحابك قالوا لك، أكيد في رجالة لأ، أنا عندي أصحابي للآسف الشديد زي ما أنتِ قولتي كده، ميعرفوش أي حاجه عن ولادهم، وفي نفس الوقت يقولك ابني، طيب ابنك على أي أساس؟ وأنتَ أصلًا ما بتشاركش في أي حاجه من وقت ما هو اتخلق في بطن أمه وأنتَ مش موجود، روحت معاها مرة ولا مرتين بس للعيادة وباقي المرات مامتها أو صاحبتها، وأنتَ فين حضرتك؟ يقولك في الشغل، طب خد أجازة من الشغل، خذ ساعتين، أو ضبط يوم بعد شغلك، حتى يوم الولادة مش موجود، أنا معظم أصحابي ما حضروش يوم ولادة أولادهم ولا بيشاركوا حتى إن هم يعتنوا بيهم وهما لسه بيبي، يبقى الحمل كله على الأم وهو يلعب وبس، لما تبجي تتكلمي يقولك عندي شغل، طيب ما هي بردو عندها شغل، شغل البيت نفسه شغل ومتعب جدًا، وخصوصًا لو في أطفال، الزوج مشاركش في أي حاجه حرفيًا، بس لما الطفل يغلط يقول لها: " تربيتك "، طيب ما أنتَ ماربيتش ليه؟ أنتِ فين؟ بتعيب ليه؟ ما هو ابنك واسمه على اسمك، لما البنت ولا الولد يبقوا مش قريبين منه يبقى زعلان، طيب هيبقوا قريبين منك إزاي وأنتَ أصلًا من يوم ما اتخلقوا في بطنها وأنتَ مش موجود؟ حتى بعد ما اتخلقوا على وش الدنيا برده مش موجود؟ بأي حق بتطلب حقوقك وأنتَ أصلًا عمرك ما كنت أب، الأبوة مش فلوس وبس كل شهر، الأبوة حنيه، احتواء، سند، لكن للأسف ده مش موجود، أنا بستنكر جدًا الموضوع ده بس للآسف الرجالة دي موجودة وكتير، كمان اللي بيساعدهم كده على فكرة الست؛ لأنها لو من أول يوم عرفته حقوقه وقسمت الواجبات موضوع ده هيقل، وفي نفس الوقت مش هينفع أبقى ظالم وأقول لك إن كلهم كده في رجاله عارفين واجباتهم، وعندي أصحاب منهم في غاية الاحترام، دافع جدًا لمراته ولأولاده، ويشارك في كل حاجة على قد جهده، هما قليلين بس موجودين، أنا عن نفسي راجل مشارك ومتعاون جدًا، هتقولي لي: عرفت إزاي وأنتَ لسه متجوزتش؟ هقول لك: أنا عندي إخواتي البنات ماما من وأنا صغير علميتني إن أنا شارك في البيت، مفيش حاجه اسمها أختي البنت هي تعمل كل حاجه، لأ وأنا كمان بعمل معها وكنت بتعصب جدًا لما كانت أختي أسمهان وآيتن حوامل كانوا أزوجهم ما بيروحوش معاهم  للدكتور، أو رامين كل الحملة عليهم في التربية، كنت بتخانق معاهم، لا أنا أخ رخم أوي، بيقولولي: أنتَ حما، إحنا معندناش حما؛ بس أنتَ حما رخم.

منه بتعجب:
ــ بس غريبة والله مع إنك أخ وحيد، قلت: أكيد مدلع بقى ومامتك فرداك على إخواتك قوي، أصل أنا بعاني من نفس الموضوع ده، ما هو أنا عندي أخ وحيد على ثلاث بنات، ماما مدلعاه جدًا، مبيعرفش يسلق بيضة، والله العظيم مراته هتتجنن منه، الله يكون في عونها.

خالد بعقلانية:
ــ بصي هو الأساس على التربية الأم، زارعة إيه في الابن هي والأب؟ كمان الاثنين عليهم الدور، أنا كنت بشوف بابا بيشارك ماما، ماما زرعت ده أوي فيا وفي إخواتي، فإحنا البيت كله عندنا متعاون؛ عشان كده طلعت كده يمكن لو كانت ماما دلعتني، أو مكنتش شفت بابا بيساعد في البيت؛ كنت طلعت زي أخوكِي، في الأول وفي الآخر الأساس على التربية اللي بتزرعيها بتحصديها في أولادك.

منه:
_ عندك حق.

جاء الجرسون وأخذ الصحون الفارغة 

الجرسون 

_تطلبوا حاجه تانية؟

منه:
_ آه، شاي بالنعناع.

خالد:
_أنا كمان. 

رحل جرسون

خالد:
_ بتشربي شاي كتير.

منه:
_ متستغربش، الموضوع ده في المهندسين بالأخص ميداني، طول ما إحنا في موقع شاي، شاي.

خالد بحنان:
_بس غلط عليكِى.

منه بمزاح:
_عارف، أنا دمي ده بيجري فيه كورت دم حمره وبيضا وشاي.  

خالد بحنيه:
بس بردو حولي تخفي؛ عشان صحتك. بس جميله أمنياتك وان شاء الله تتحقق قريب.

نظرت له منه بالم وقالت بتاثر بنبرة ياسة بعين اغرورقت بدموع:
ــ عارف، أصعب شيء في الحياه إيه؟! .. الإنتظار .. إنتظار أحلام وأمنيات ومشاعر عارف أنها مش هتتحقق، بس مازالت بتنتظر، لحد ماكبرت، والعمر جري بيك، وشعرك شاب،  لكنك لسه بتتمنى، وبتستنى يمكن، يمكن تحصل المعجزه بعد كل السنين دي... 
انك تفضل تستنى تحقيق أحلامك، أنك تستنى أن شخص يحس بيك، تستنى يشوفك حد، (تنهدت بتعب) الإنتظار ...
والإصعب هو الأمل، أنك تجري ورا أحلام مستحيلة، واثق انها مستحيلة، وأنت مازالت بتسأل نفسك ياتري هلاقي اللى يفهمني ويحس بيا والا خلاص ؟! عقلك بيقولك خلاص، بس قلبك لسة بيعطيك أمل..
وتفضل الحرب شغالة جواك وانت واقف في النص مستنى تنتهى، او ينتهوا هما منك،  ويفضل السؤال داير جواك من غير أجابه، يا تري في يوم هتتحقق؟!  
ونرجع تاني لاول كلمه بدانا بها كلامنا، الانتظار، انتظار احلام العمر ربما تتحقق، ويرفق بقلبنا الحظ لو شويه. 
أمنيات واحلام وإن تحققت. 

أخرجت أنفاس ثقيله متعبه بشده.

كان يستمع لها خالد بتركيز عميق وهو يفهم جيداً معاني حديثها المؤلم

تنهدت منه حاولت تغير الحديث تبسمت:
_ احكيلي بقى، إزاي أنتَ حما مع أزواج أخواتك؟ 

خالد تبسم هو يهز راسه عدت مرات:
_هقولك.

وأخذا يتبادلان الأحاديث المختلفة لوقت طويل حتى أصبحت الساعة 10:00 مساءً، فهم لم يشعروا بهذا الوقت. 

وقعت عين منه على الساعة في هاتفها، اتسعت عينها، نظرت من حولها ، فالظلام قد حل عادت النظر إلى الساعة، ثم نظرت له. 

علق خالد على تلك النظرات، وهو يقول:
_مالك يا بنتي، بتبرقي كده ليه؟

منه:
_ خالد أنتَ عارف الساعة كام؟

خالد بلامبالاة: 
_تلاقيها سبعة ولا حاجه.

منه:
_الساعة 10:00، الساعة 10:00 يا اللي منك لله، أنا مش عايزة أعرفك تاني، إحنا قاعدين من الساعة 5:00 بنتكلم، حرام عليك، وأنا أقول الجرسون كل شويه يجي ويقول: تشربوا إيه؟ وعاملين نشرب في شاي، وفي قهوة، وفي عصير، وفي انجلش كيك، أكيد كل ده مش في ساعتين.

تبسم خالد:
_إيه المشكلة؟ أنا محستيش بيهم واستمتع جدًا وإحنا بنتكلم.

منه:
بس أنا اتاخرت.

نظرت للجرسون: لو سمحت الحساب.

خالد:
_ممكن اتجرأ و... 

منه قاطعته:
_ لا ما تتجرأش؛ عشان والله العظيم ما هقبلك تاني.

خالد:
طب بصي؛ عشان حقيقي مش هينفع و...

قاطعته منه بحسم :
قسما بالله ما هينفع ومتعصبنيش، أنا متأخرة أصلا، ا بلاش منهده.

خالد: 
_يا بنتي، أنتِي عنادية ليه؟ 

منه:
خالد بجد مش هينفع، ما تضايقنيش.

شعر خالد أنها ستقلب، فاضطر إنه يوافق:
_ طيب يا ستي حاضر، أعمل إيه فيكِي بس.

💞ـــــــــــــــــــــــــــــــــبقلمي ليلةعادل⁦◉⁠‿⁠◉⁩

_منزل خالد الحادية عشر مساءً 

_نشاهد خالد وهو يدخل من باب منزله فور دخوله التقى بابن أخته ذو الخمسة أعوام "تيام".

خالد بابتسامه عريضة:
_حبيب خالو.

ركض الطفل عليه وضمه ، حمله خالد: 
_وحشتني أوي، عامل إيه؟ 

الطفل:
_ أنا خلصت مدرسة، وهبات معاكم.

خالد :
_يبقى تنام جنبي بقى.

اقتربت أسمهان شقيقته الأكبر 

اسمهان:
_ أخيرًا جيت.

خالد بحب:
_حبيبتي، عامله إيه؟ ضمها وقبلها.

أسمهان باستهجان:
_ كل ده، مش قولتك عايزك.

خالد بلطف: 
_والله القعدة سرقتنا.

أسمهان بخبث:
كانت حلوة كده.

خالد بابتسامه هز  راسه بإيجاب:
_امممم، أوي.

اقتربت لمياء:
_  طب هتتعشا ولا؟ كلنا مستنيانك.

خالد:
_ آه، جعان برغم إني أكل وشارب كتير، بس حاسس إني جعان.

اقتربت منهم لمياء:
_ طيب روح غير هدومك، ونادي نادين.   

خالد:
_حاضر.

بالفعل ذهب خالد وبدل ملابسه ، واجتمعت العائلة على العشاء في أجواء أسرية رائعة.

السفرة

والد خالد زين الذي يعمل طبيب فى بدية الستينات وهو يتناول الطعام: 
_عامل إيه في مشروعك يا خالد؟ 

خالد:
_ كله تمام.

زين:
_ والمحل. 

خالد :
_ لسه بظبط فيه .

زين:
_ على خير يا حبيبي.

أسمهان:
_بس فكرة جميلة إنك تفتح محل الأقمشة زي شركات العالمية.

لمياء:
_ دي فكرت المهندسة منه اللي أنقذته.

اسمهان:
_ والله برافو عليها.

نادين بدلع:  
بابي، اقنعه يخليني أباشر المحل أنا.

خالد بحنيه:
ياحبيبتي، افتحوا الأول وابقى تعالي اعملي اللي عايزه.

زين :
_ بس خد بالك شغل المحلات غير المصانع؛ لأنك بتشتغل مع العميل بشكل مباشر من غير وسيط.

خالد:
_عارف؛ عشان كدة بفكر أحضر كورسات أو حاجه.

لمياء:
_ أنتَ خليته مفروشات، ولا ملابس.

خالد:
_الاتنين ، جزء مفروشات، وجزء ملابس.

نادين :
خلى بقى المصممين يركزوا على الأشكال الجديدة والمختلفة.

خالد:
_ عينت مصممين جداد.

اسمهان:
_ ربنا معاك يا حبيبي.

نادين:
خد بكرة بقى خد أجازة؛ عشان نقضي اليوم مع بعض، كمان آيتن جاية.

خالد:
_  هشوف بس ورايا إيه بكرة.

نادين:
_ بلاش رخامه.

لمياء: 
_ سيبي أخوكِي وبطلي دلع عنده قروض لازم بخلصها.

نادين وهي تمسك يد خالد وتسند رأسها على كتفه بشوق:
_ يا مامي، وحشني مش بعرف اشوفه كويس.

نظر لها خالد بابتسامه وقبلها من خدها بحنان:
_خلاص بكرة مش نازل وقاعد كله ولا تزعلي.

نادين:
_ وتعال نخرج.

خالد:
_ حاضر.

لمياء:
_دلعها. 

خالد:
سبيها تدلع، لو مكنتش أنا أدلعها مين يدلعها؟

اسمهان:
_ خالد، ابقي تعال نتكلم بعد العشاء.

نادين:
_ أيوة اقنعيه، على فكرة زي القمر، عجبتني، أنا موافقه بيها .

زين بتعجب:
_  أنتِي موافقة! طيب هو موقفه إيه؟

نادين بمزاح:
_ مفيش موقف، يقول طيب وبس ، بص أنا اختبرتها وطلعت كويسة.

خالد :
_هههههه والله أنتِي هتبقى حما صعبة.

نادين:
طبعًا، هي هتاخد أي حد، ده أنتَ خالد.

قبلته من خده.

أكملوا عشاءهم في أجواء أسرية رائعة. 

فانتبه مدى قوة علاقة خالد بشقيقاته، والدته، والده وما قاله لمنه حقيقي عن مشاركتهم في المنزل. 

ثم جلس مع أسمهان في الشرفة ليتحدثا.

أسمهان :
_ بعد بكرة هنروح النادي؛ نشوف العروسة، مفيش اعتراض، أختك بقالها شهر هرت البت اختبارات مجنونة.

خالد وهو يضحك :
ــ يا بنتي ارحميني أنتِي ونادين.

أسمهان بحنان: 
ــ نفسي أفرح بيك يا خالد.

خالد:
ــ يا حبيبتى هتفرحي، بس اصبري.

اسمهان باستنكار:
_ أصبر إيه؟ أنتَ بقيت ٣٧.

خالد بعقلانية:
_ أعمل إيه طيب؟ ما أنتِي عارفه اللي بيحصل، أنا تعبت من كل شويه ارتبط والموضوع ميكملش؛ لأني بعمل كده؛ عشان أرضيكم، سبوني بقى براحتي.

اسمهان بهدوء:
_ادي لنفسك فرصة بس تشوفها، متعترضش كده وخلاص؛ عشان خاطري.

خالد تنهد:
_ حاضر يا أسمهان هقعد معها، بس لو مرتحتش خلاص اتفقنا.

أسمهان هز رأسه بإيجاب:
_ اتفقنا.

أكملت متسائلة بخبث:
_اممم، قولي، إيه أخبار مشاوير ستة المغرب؟ 

نظر لها خالد بابتسامة:
_ هي ماما دي، متعرفش تسكت. 

أسمهان:
_وحياتك نادين، ها اسمها إيه اللي شغالك كده؟

خالد تبسم :
ــ مفيش حاجه والله، لما يبقى فيه هقول.

اسمهان بتعجب:
_كل ده ولسه مفيش؟! 

خالد بتأكيد:
_اممم، لسه مافيش.

أسمهان: 
_ هتخبي عليَّا، طيب نادين مجنونة، أنا إيه؟

خالد بتوضيح:
_والله يا حبيبتى مفيش، أنا بس مشدود كده ليها، لكن مجرد متأكد أو أحس إن في حاجه أكيد هقولك على طول.

اسمهان بخبث:
_طيب مش هتقولي كنت فين؟ وراجع وشك منور، كنت معها صح؟ 

ضحك خالد وهو يهز رأسه بيأس:
ــ بقيتي أصعب من نادين، هفهمك أصل أخيرًا حيرتي انتهت وارتحت.

اسمهان باستغراب:
حيرتك في إيه، مش فهمه؟ 

خالد بتفسير:
ــ في شخص كده، كنت محتار في أمره، نفسي أعرف ليه شخصيته كده؟ النهاردة عرفت أوصل لأسباب اللي وصلت الشخصيته دي لكده، لدرجة إنه بقى عريان قدامي، نفسي أساعده بس مش هقدر دلوقتي؛ لأني لو قدمت أي خطوه هيربط التوقيت وهيفهم إني فهمت معناته، وساعتها هيحس بالوجع والانكسار والضعف، ممكن وعكته تزيد، ويفتكر إن أنا بشفق عليه بمساعدتي، ساعتها هخسره؛ لأني عارف طريقة تفكيره، بس في نفس الوقت مش هينفع أسيبه كده، ساجن  نفسه في أفكار غلط، ،والمشكلة مش في هو كشخص، المشكلة الأكبر في الناس المحيطة به، والناس دي أنا مش هقدر أعمل معهم حاجه، أنا خلصت من حيرة وقعت في غيرها. 

اسمهان بعدم فهم:
_وضح لي أكتر يمكن أقدر أساعدك؟

خالد وهو يهز رأسه بلا، فهو لا يستطيع أن يتحدث معها أكثر عن ما فهمه عن منه، فهذا تعتبر خيانة وضد مبادئه، فتحدث بشكل لا يجعله يتعمق.

خالد:
_مش هقدر أوضحلك أكتر، بس هو شخص عايزه اساعده بس الوقتي لو عملت أي حاجه هخسره.

اسمهان بتسأل:
_ أنا اللي فهمته من كلامك، إن الشخص ده حكالك حاجات وأنتَ حللت منها أسباب اللي خلته بشخصية اللي عليها دالوقتي؟ وفي نفس الوقت فهمت علته وفهمت أن مش هو اللي وصل نفسه لده، أشخاص تانية مقربين منه صعب تتواصل معاهم، وفي نفس الوقت لو قدمت أي خطوة، ولو حاولت تساعده هيفهم إنك مشفق عليه؛ لأن وقتها هيفهم أنك اكتشفت السر فهيبعد عنك.

هز خالد رأسه بإيجاب، أكملت أسمهان بعقلانية:
الحل من وجهه نظري، إنك تصبر شوية، شهرين كده وابدأ ساعده بطرق غير مباشرة متحسسهوش إنك بتساعده أصلًا، وبردو افضل أسالوا، أنتَ ليه كده؟ مش قادر أفهمك، يمكن يقولك.

خالد:
_ هو ده اللي أنا فكرت فيه، إن أنا هساعده بطرق غير مباشرة، يعني هو محتاج يخس، بفكر ينزل معايا جيم، بس كأن أنا اللي عايز ومش لاقي حد يجي معايا يشجعني، مقنعة.

أسمهان: 
_ آه، طبعاً مقنعة.

خالد وهو يزم شفتيه بضيق:
_بس بردو لسه هتفضل المشكلة الأساسية، 
الناس اللي السبب في معاناته، الناس دي هما اللي محتاجين يتعالجوا، وزي كده في علم النفس بتعالجي السبب؛ عشان  تعرفي تعالجي العرض، لكن في الطب البشري أنتِ بتعالجي العرض عشان تعالجي السبب.

اسمهان بعقلانية: 
ــ فهماك طول ما المشكلة نفسها موجوده مفيش حل، هنفضل في نفس النقطة.

خالد :
_بظبط ممكن نصلح شويه، بس لو مصلحناش جزور الشجرة مستحيل الأوراق تطلع صحيه.

أسمهان:
_ بص متتعبش تفكيرك؛ لأنك لو فضلت تفكر في حل النقطة دي، أنتَ شايف إنه صعب هتفضل مكانك، فأنتَ تبدأ تحاول معاه هو الأول وبعدين شوف اللي حواليه أو خليه يتكيف مع الوضع، بشكل يخليه ميتسببش ليه أي مشكلة؛ لأن طبيعي يكون حوليا ناس سيئين محبطين، مينفعش نبقى سيئين زيهم أو يخلونا تعبانين ونحبط، لازم نبقى أقوياء، دي حياة، طبيعي يكون حولينا ناس من النوع ده، ربنا خلق الدبان والناموس ليه؟ مع إن مالهمش فايدة وليهم أضرار، خلقهم لحكمه معينة؛ عشان يفكروا الإنسان إنه الحاجه الصغيرة دي اللي ربنا خلقها دي قادرة تعصبه وتضايقه وما ينساش نفسه مهما كبر، وإن حتت ناموسة قادرة تصحيك من أحلا نومه واتجننوا، في ناس في حياتنا كده وجودهم؛ عشان يخلونا نتعظ ونبقى أقوياء، أنتَ شايفني مش قوية وضعيفه؛ مفروض أسمع كلامك وأعيط، ولا تشوف قوتي وإني قادره حتى لو حولت توقعني هقع وقوم، هي هتكون صعبة في البداية بس إن شاء الله تنجح، يكفيك شرف المحاولة.

خالد بتأييد وهو يهز رأسه:
_أنتِي عندك حق، فعلًا هواجهه صعوبة جامدة في الموضوع ده في البداية، بس إن شاء الله تنجح.

اسمهان بخبث، فهي تشعر أنه يتحدث عن فتاة:
_شكله مهم بنسبه ليك أوي الشخص ده؟

خالد بتأكيد:
_مهم وصعبان عليَّا أوي، أصلك مش فهمه، هو في شغله حد قوي أوي تخافي منه، بس في حياته الشخصية ضعيف بيخبي ضعفه وسط هجوم ورفض وعصبية، مشكلة إنه مكشوف أي حد ممكن يكتشف ده بسهولة، لو ركز ممكن يستغل نقطة دي، عارفة تحسي أتوجع كتير من أقرب مليه مالقاش الطبطبة والحنية.

أسمهان:
_طيب جرب معاه لو احتجت حاجه أنا جنبك.

خالد:
_ أنا هخلينى زي ما أنا وبعد فترة أجرب ونشوف.

أسمهان بتعجب:
_ بس ملقتش إلا المعقدة دي وتحبها، مالك يا خالد ده انتَ زوقك كان شبه زوق أختك المجنونة، بتجيب بنات على الفرزة. 

خالد: 
_ ينهار والله العظيم ما بحبها، مجرد انجذاب.

أسمهان بعقلانية شديدة ممزوج بتوعيه:
_ ما هو دالوقتي مش حب، بس اللي مخليك مهتم تساعدها كده واضح إنها هتقلب، عمومًا نصيحة لو لسه مش متأكد أو فعلًا مفيش حاجة، وإنها بس مجرد صعبانه عليك، وعايز تساعدها خليك هادي في تعاملك معها ومعقول، لحسن البنت تفهم غلط وتحبك، من تعاملك وأنتَ نحنوح مع البنات، فهدى على نفسك،  بنت زي دي هتبقى عطشانة حنان واهتمام، أي تصرف مش محسوم منك ممكن يتفهم غلط، وهيبقى حرام عليك، خد بالك يا خالد. 

خالد :
_متقلقيش عليَّت، أنا فاهم واخد بالي، ومستحيل أسمح أكون سبب في أذيتها.

أسمهان:
_ نسك بقى على العروسة.

خالد:
_ لأ، هشوفها؛ عشان أثبتلك ان حقيقي مافيش حاجه.

ــ في أحد حدائق القاهرة السادسة ونص مساءً

ـ نشاهد منه وشروق يجلسان على أحد الطاولات، وأبناء شروق يلعبون من حولهم، رن هاتف منه كان خالد.

منه:
_ آلو.

أتاها صوت خالد من الاتجاه آخر  

خالد:
_عامله إيه؟ 

منه:
_ تمام، وأنتَ؟

خالد:
_تمام، ها، فينك جاية ولا؟ 

منه:
_  والا، أنا مع شروق.

خالد:
تمام injoy، سلميلي على شروق.

منه فتحت الاسبيكر 
_ خد، سلم عليها

شروق:
_ إزيك يا خالد. 

خالد بتهذب:
أهلًا أستاذة شروق، عاملة إيه؟ 

شروق:
_ شروق بس، أنا تمام ـ الحمدلله ـ، وأنتَ أخبارك إيه؟ مبروك على المحل.

خالد:
الله يبارك فيكِي، كله تمام، إن شاء الله المرة الجاية أشوفك.

شروق:
_ إن شاء الله.

خالد:
أسبكم بقى براحتكم، منه هكلمك باليل؛ عشان موضوع المحل.

منه:
تمام.  

خالد:
_ باي.

منه:
باي.

أغلقت منه هاتفها ووضعته على الطاولة.

شروق:
_يا حرام، أكيد كان مستنيكِي.

منه وهي تهز رأسها بنعم، قالت بتوضيح:
_ اممم، أخدت إنه يقبلني عندها، بس عارفه أنا مش  فهمه إزاي اتكلمت معاه كده؟ وحكيت له عن أمنياتي بالأخص الأمنية بتاعت الجواز وإني أخس وأقلع النظارة، أكيد فهم غلط إني معنديش ثقه في نفسي.

شروق باعتراض:
_بس أنتِب عندك ثقة في نفسك، بس مش حباهم، هناك فرق.

منه بتوضيح ممزوج بحيرة:
_بس اللي قولته يخليني أوصله الفكرة دي، إني معنديش ثقة في نفسي، يا بنتي أنا مش عارفه إيه حصل؟ كنت بسأله عن نفسه بعدين سألني مش أرد بكلمتين وبس، لأ، أنا فجأة لقتني بفتح له قلبي وبكلمه في كل حاجة، حسيته كده حد محترم بزيادة، متربي خمس مرات، بالأخص لما اتكلم معايا عن البنات اللي هو ارتبط بيها وخطبهم، تحسي إن هو نظيف وبيتقي الله في البنت اللي معاه، بصي أنا معنديش أسباب ليه اتكلمت معاه بالطريقة دي في المرتين اللي شفته فيهم؟ حتى قعدت أسال نفسي، أنا إزاي اتكلمت معاه كده؟ وحكيت له كل ده؟ أنا مش ندمانة، بس مش عارفه ليه عملت كده؟

شروق:
_يمكن  كنتِ محتاجه إنك تتكلمي مع حد وتخرجي اللي في قلبك، يعني لو كنتِ شوفتي محمد أو أي حد حتى لو أنا كنتِ هتتكلمي معاه كدة وتخرجي اللي في قلبك، طيب أنتِ مش حاسه بأي حاجه ناحيته؟

منه وهي تهز رأسها بلا:
خالص، ولا أي حاجه، هو حد محترم آه، وبيضحكني بس مش بحس يعني إن هو واحشني وإني عايزة أطمن عليه لو مكلمنيش يعني ما بزعلش أو أقول ما بيكلمنيش ليه؟ عادي، بس معرفش إيه اللي خلاني يوم ما روحت المطعم أكلمه؟ برغم إنه كذا مرة يعرض عليَّا إن إحنا نخرج ونتقابل في كافيه أو مطعم، وأقوله أنا ما ليش في الكلام ده، احمد ربنا أصلًا إن أنا بوافق إننا نتقابل عند عربية القهوة بالصدفة اللي مش صدفة.

شروق بتعجب:
_أنتِي لسه بتتقابلوا صدفة عند عربيه القهوة؟

منه:
_ اممممممم، حتى هو قال لي طيب حددي لي أيام؛ عشان مجيش على الفاضي، وأنا بقوله لا، ويا حرام ساعات بيروح ميلقنيش موجودة، بس معرفش إيه اللي جبره يعني؟ 

شروق بتعجب:
مش عارفه إيه اللي جابر؟! والله إنتِي ما بتفهمي وعديمة الإحساس، يعني الراجل يفضل كل يوم في نفس الميعاد يروح نفس المكان على أمل إنه يشوفك، ومرة يشوفك ومرة لا، ومتحمل طريقتك دي مش حاسه بأي حاجه؟

منه باستهجان:
_ لا مش حاسه بحاجه ومش هفكر في حاجه أنا ما ليش في الكلام ده، أنا بحب المباشر، لكن شغل ده ماليش فيه وأنتِ عارفه.

شروق:
_طبب لو كان مباشر معاكِ هتوافقي؟

منه باستغراب:
ــ أوافق بمين ؟ بخالد! هو أصلًا عمره ما هيطلبني، بعدين بصراحة لو فكر يعملها دالوقتي هحس إنه بيشفق عليَّ؟

شروق بتعجب ممزوج بشدة:
ــ بيشفق عليكِي؟! هو في حد بيتجوز حد شفقة؟ أنتِي متخلفة؟ بطلي بقى افكارك المتخلفة دي. 

منه بتهكم:
_ده مش تخلف، بس اشمعنا دلوقتي، يعني بعد ما تكلمت معاه وحكيت له كل حاجه اتقدم، أنا كنت قصادها.

شروق:
ــ هتجننيني يا شيخه، حرام عليكِي، كنتِ قصاده إيه يا منه؟ هو أنتِي  بتكلميه كلمتين على بعض، ده إنتِي على طول صداه، ممكن يكون أخذ الخطوة دي دالوقتي؛ عشان انتوا قربتوا من بعض أكتر وفتحتي له قلبك؟

منه:
_ بقولك إيه مش عايزة أتكلم في الموضوع ده، بس أمانه أنا ما غلطتش أن أنا اتكلمت وحكيت له.

شروق بعقلانية:
_ بصي هو ممكن تكوني اتسرعتي إنك اتكلمتي
معاه في كل ده، بس أنا أرجع وأقولك أكيد كانت في لحظة ضعف منك، وأنتِي كنتِ محتاجة تتكلمي وتخرجي كل حاجه من جواكِ، بس هو شخصيته شكلها محترمه، مش حاسه يعني من نوعيه إن ممكن يستغل أو يفهم غلط.

منه:
_صح أنا برده عندي الاحساس ده، المهم هنطلع السخنة بعد ما اخلص المشروع اللي معايا.

شروق:
_يارب عمرو يوافق.

منه:
_جربي الفكرة بتاعت آيتن.

شروق:
_اديني يا أختي بجربها، مخليه العيال كل يوم يزنوا عليه عايزين نروح بحر يا بابا، خلينا نروح مع طنط منه، هشوف هيعمل إيه؟
ربنا يهديكِ يا منه على خالد، يا رب يطلع بيحبك ويتجوزك، الود قمور، صوته حلو في التليفون.

منه:
_  أنتِي سطحيه.

شروق:
_ لا، أنا مش سطحيه، شخصيته وخلاص وضحت وعرفنها، وشكلًا وصوتًا حلو، فهذا هو العريس المناسب الكامل المتكامل ، يا وليا اتلمي بقى؛ خليني افرح بيكِ وألبس الفستان، وأقول أنا صاحبة العروسة.

منه:
_والله يعني أتمنى إن واحد زي خالد يحبني ويتجوزني؛ لأن فعلًا عريس مناسب من جميع الاتجاهات.

شروق:
ــ يبقى أنتِي لسه محبتهوش.

منه:
_مش لسه محبتهوش، إحنا كمان لسه ما معرفوش كويس. 

شروق:
_ اديله فرصة.

منه برفض:
_ أكتر من كده يستحيل، وغيري موضوع خالد بقى خلينا فيكِي، طمنيني عليكي وعلى أخبارك، والبنت حنين دي مش ناوية ترجع من الاقصر بقى خلاص كده هتعيش هناك على طول؟ 

شروق:
آه بنتي خلاص، هي هتستقر هناك، هتيجي بس كل فترة. 

منه:
_ ربنا معاها يارب، وحشتني تعالى نكلمها.

شروق:
_ بس حاولي تخفي على خالد؛ عشان ممكن يكون في أمل، أنا حاسه كده، الاهتمام ده مستحيل يكون عادي؛ لأنه مش مجبر ولا لسه عيل ده راجل كبير وأنتِي قولتي ما لهوش في جو الارتباط. 

منه:
_ ما أنا أهو فتحت الباب. 

شروق:
_ ربنا يكتبلك اللي فيه الخير، كلمى حنين بقى.

( وخلال فترة )

_ خلال تلك الفترة كانت علاقة منه وخالد متقدمة بشكل كبير، فأصبحت منه أهدى وأروق مع خالد، لم تعد تنزعج وتقوم بمهاجمته حين يقوم بالاطمئنان عليها أو السؤال عنها، كما كانت تفعل من قبل، بل كانت تقابل ذلك بترحيب واسع عكس السابق، لكن لم تكن تعرف منه لماذا أصبحت ذلك معه، أيضًا كانوا دائمين المقابلة عند عربة القهوة؛ لاحتساء القهوة أو الشاي مع بعضهما، وتبادل الاحاديث، كانت الابتسامة لا تفارق وجهه منه عندما تكون مع خالد ، فنحن نعلم أن خالد يمتلك شخصية خفيفة الظل، لكن منه كانت ترفض أن تذهب مع خالد إلى أي مكان حين يطلب منها أن يلتقيا في مطعم أو كافيه غير عربة القهوة، وكانت أيضًا لا تحب ان يتفقان على تلك المقبلة، كانت تتركها للصدفة، وبالطبع كانت منه لم تكن تذهب كل يوم إلى تلك العربة، لكن خالد كان يذهب كل يوم في نفس الميعاد؛ لكي يلتقي بها، ففي أيام كان يلتقي بها، وأيام أخرى كانت لا تأتي، وكان خالد أيضًا دائم السؤال عنها والاتصال بها، كان هو المبادر في كل شيء، عكس منه التي لم تحاول أن تتصل به في مرة، لكن لم ينزعج خالد من ذلك الأمر، فهو يعلم شخصيتها جيدًا، وكان سعيدًا مما وصلوا له بأن منه أصبحت تتحدث معه كثيرًا عن حياتها وأمنياتها من قلبها دون خجل، فكان خالد فكل مره يكتشف أمرًا بها ويتعرف عليها أكتر وينجذب أكثر عكس منه التي مازالت كما هي، لكن إلى متى ستظل منه هكذا، وإلى متى سيصمد خالد؟ وهل انجذابه انقلب لحب أم هو مجرد انجذاب ويشفق عليها؟ 

_فيلا آيتن السابعة مساءً

_نشاهد مظاهر احتفالية وزينة معلقة في الأركان بشكل مهندم، خاصةً بأعياد الميلاد مع حركة الحاضرين في المكان، البعض يجلس والبعض يتوقف مع الاستماع لأغاني، وترحيب آيتن بيهم؛ فهو عيد ميلادها( ٣٥)، ثم يظهر خالد وعائلته وسط الحاضرين، فآيتن هي شقيقة خالد الأصغر، وبعد دقائق دخلت منه من باب الفيلا وهي ترتدي فستان في منتهى الشياكة وكان شكلها جميل، أخذت تنظر بعينيها من حولها بحثًا عن آيتن.

على اتجاه اخر
كان يتوقف خالد مع أحدهم وهو يضحك وقعت عينه على منه نظر بإستغراب وهو يضيق عينه وهو يقول ....

خالد بتعجب :
_خالد منه !!!!

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close