رواية جمال الاسود الفصل التاسع والثلاثون39والاربعون40الاخير بقلم نورا عبد العزيز


 رواية جمال الاسود الفصل  التاسع والثلاثون39والاربعون40 الاخير بقلم نورا عبد العزيز


وصل "جمال" على المركز التجاري بصدمة لم يتحملها وخوف تمكن من قلبه على زوجته وطفله من هذه الحية، ركض مُسرعًا كالمجنون ووجد "حسام" على الأرض بعد أن ساعدوه المارة فى أستعادة وعيه بعد أن خدره أحد الرجال من الخلف وأخذ "مريم" منه وكان أخر ما رأه هو سحب "سارة" لها بالقوة وتضع مسدسًا على بطنها تهددها بالقتل وقتل طفلها إذا لم تذهب معها...
أنتفض "جمال" من الخوف بعد أن أخذتها "سارة"، ذهب إلى غرفة التحكم بالمركز التجاري وعرض عليه الأمن كاميرات المراقبة لكن "جمال" دفع الرجل بعيدًا عن الجهاز بغضب والخوف يكاد يفقده صوابه، أوصل هاتفه بهذا الجهاز وأستعان بـ "جين" الذي ولج إلى المركز التجاري بسرعة البرق وفى أقل من خمس ثواني وأنطلق "جمال" كالمجنون للخارج وعينيه لا تفارق الهاتف بعد أن طلب من "جين" أن يعثر على "مريم" بالكاميرات، نزل للطابق الأسفل بهرع وعينه لا تفارق المارة يبحث فى كل مكان ورجاله بقيادة "عاشور" يبحثون فى أرجاء المركز التجاري كاملًا وحتى دوره مياه السيدات أقتحموها بلا خجل من أجل "مريم" فقط ثلاثة دقائق من ولوج "جين" وصدر أنذار فى الهاتف لينظر "جمال" إلى الهاتف بقلق وكان "جين" يرصد "مريم" على أحد السلالم الكهربائي وأوشكت على الوصول للطابق الأول حتى تغادر المكان، أغلق "جمال" جميع الأبواب الإلكترونية للمركز التجاري بهاتفه وأسرع للأسفل كالمجنون...

نزلت "سارة" من السلم الكهربائي وتضع المسدس أسفل قبعتها على خصر "مريم" التى تسير معها فقالت:-
-أنتِ بتعملي كدة ليه؟ أنا مأذتكيش فى حاجة

-لكن جوزك أذاني واللى يقهره بجد هى حياتك يا مريم
قالتها "سارة" بغيظ شديد وهما يسيران لتُصدم عندما أتاها صوته يقول:-
-بُبعدك

ألتفت إليه لتصدم عندما وضع يديه على عنقها يخنقها بغضب سافر ويلتف بها بعيدًا عن "مريم" التى هرعت نحوه تختبي خلفه وتبكي بخوف، نظر فى عيني "سارة" بتحدٍ وقال بجدية:-
-تفتكري لو ليلي كانت تخصني كُنتِ قدرتي تحط أيدك عليها، مريم!!... مستحيل مبقاش جمال المصري

كادت أن تفقد أنفاسها من قبضته، دفعها بقوة أرضًا وتوقف الجميع بهلع بعد أن سقطت وسقط المسدس بعيدًا وظهر للجميع وبدأوا فى الصراخ بخوف من وجود قاتل فى هذا المكان وسلاح يهدد به، ألتف "جمال" إلى "مريم" بقلق يضم رأسها فى يديه بأريحية وقال:-
-أنتِ كويسة؟

أومأت إليه بنعم ولم تتوقف عن البكاء، حتى نظرت خلفه بذعر و"سارة" تقف تصوب المُسدس نحوه فأبتلعت لعابها بخوف من أن يُصيب "جمال" شيء ويصل له غضب هذه المرأة، دفعته بعيدًا عن طريق المُسدس باللحظة التى خرجت بها الطلقة ليُصدم "جمال" بخوف ونظر إلى "مريم" التى وقفت أمامه تتلقي الطلقة عنه بلا خوف لكنها تخاف أن يصيب محبوبها شيء فقالت بصدمة:-
-أنا كويسة!! 

رفع نظره إلى "سارة" ليُصدم عندما وجد "حسام" يقف أمامها والمسدس فى جسده وقد تلقي الرصاص عوضًا عنهما، سقط "حسام" أرضًا ولم ترتجف "سارة" نهائيًا بل ما زالت تصوب المُسدس عليهما، جذبها "جمال" إليه يخفيها فى جسده خوفًا عليها ولا يخشي هذه الرصاصة، سمع الجميع صوت رصاصة أخرى ولكن لم تكن من مسدس "سارة" بل من رجال أمن المكان، أستقرت فى قدم "سارة" التى أسقطتها أرضًا وما زالت تتصر على قتل "مريم" رغم ألمها وأنتفض جسدها من الألم لتستقبل رصاصة أخري فى يدها وأجتمع عليها رجال الأمن يعتقلوها حتى تصل الشرطة..
ضمها "جمال" بقوة بين ذراعيه وهى تنتفض ويخفي رأسها فى صدره حتى لا ترى هذه الحادثة البشعة بعيونها، نُقل "حسام" إلى المستشفي  وأخذت الشرطة "سارة" لكنها كانت قد فقد عقلها تمامًا ظلت تُتمتم بأسم "جمال" الذي أنتصر عليها دونًا عن جميع الرجال، أمامها كانت ضعفاء لشهواتهم ونجاستهم لكن "جمال" الوحيد الذي رفضها كليًا ووضع نهايتها بيده... 

________________________ 

صُدمت "جميلة" عندما علمت بأصابته فور نزولها من الطائرة وفتح هاتفها، ليكون خبر حادثة المركز التجاري يعم الأخبار لكن كل ما أرعبها هو إصابة "حسام"، هرعت للمستشفي حيث هو وكان "جمال" هناك ومعه "عاشور" بعد أن عادت "مريم" للقصر، أتسعت عينيه على مصراعيها بصدمة الجمته من رؤية أخته تبكي بأنهيار على هذا الرجل وقال بتلعثم:-
-جميلة!!

حاولت تمالك أعصابها والسيطرة على قلبها الحزين لأجله أمام أخاها ثم قالت:-
-حصل أيه؟ 

-متقلقيش مريم كويسة، حسام أتصاب لكن الحمد لله اصابة خفيفة فى الكتف
قالها بجدية مُعتقدًا بأنها تبكي لأجل "مريم" وهذا الخوف لها لكنه يجهل تمامًا أن اخته على وشك الأنهيار تمامًا بسبب هذا الرجل ، جعل أحد الرجال يأخذوها للقصر دون أن ترى "حسام" وهى لم تجرأ على طلب رؤيته من أخاها، ربتت "مريم" على كتفها بلطف وقالت:-
-متقلقيش يا جميلة هو كويس والله وجمال لسه قافل معايا وقالي أنه فاق وكمان ساعتين كدة هيقعد تحت الملاحظة وهيجي معاهم لأنه مُصر يخرج

جففت "جميلة" دموعها بألم وخوف يحتلها كالأرض المُحتل وهى بمثابة الشعب المنهك قلبه وحقه فى هذا الأحتلال، قالت بعبوس:-
-أول ما قرأت الخبر كنت هتجنن حسيت أنى هموت من كتر الخنقة ومش قادرة اتنفس، مع أن كل مرة كنا بنتقابل كنا بنتخانق عمري ما تخيلت أنى هوصل للمرحلة دى مع أى راجل كان

ربتت "مريم" على كتفها بحب ثم قالت:-
-عشان بتحبيه يا جميلة، الخناق دا كان محبة يمكن لأنكم مش طايلين بعض ومعندوكش المساحة تقربوا فبتتخانقوا

ظلت تبكي بهدوء حتى رن هاتف "مريم" باسم حبيبها، خرجت من الغرفة تُحدثه ليخبره بانه قادم فسألته بقلق من أجل "جميلة:-
-وحسام عامل أيه؟

-الحمد لله كويس أصر يخرج بعت عاشور يروحه البيت 
قالها بهدوء لتنحنح بقلق بعد أن ذهب لمنزله وهنا فتاة تكاد تموت من القلق عليه، سألها "جمال" بلطف:-
-أنتِ عاملة أيه دلوقت؟ لسه مخضوضة

-شوية!!
قالتها بلطف بعد أن وقفت على الدرابزين من الأعلي تتكأ عليه وتحدق فى بهو المنزل فى الأسفل، تبسم "جمال" بلطف وقال:-
-اطمني يا حبيبتي أنا هنا، عمومًا أنا جاي فى الطريق 

أومأت إليه بنعم وعينيها ترى "ولاء" تسير فى الأسفل بتعب مٌنهكة والإرهاق واضح عليها فقالت بخفة:-
-ماشي مستنياك يا حبيبي

كاد أن يتحدث لكن قاطعه صوت صراخ "مريم" باسم والدته التى رأتها تسقط مُغمي عليها، ركضت "مريم" للأسفل بذعر وهى تنادي على "حنان" التى خرجت لأجلها للتو، حملوا "ولاء" لأقرب أريكة وجلبت "حنان" دواء السكر لأجلها، أعطته "مريم" لها وظلت تدلك يديها بحنان، فتحت "ولاء" عينيها بتعب لترى "مريم" جوارها تعتني بها ومذعورة من أجلها فقالت بهدوء:-
-مريم!!

أومأت "مريم" لها بنعم وقالت بلطف:-
-أه أنا هنا، حضرتك كويسة

رفعت "ولاء" يدها إلى وجه "مريم" تلمسه بحنان ودفء ثم قالت:-
-رغم كل دا بتقلقي عليا

تبسمت "مريم" بعفوية إليها ثم قالت:-
-أكيد بيشفعلك أنك والدة جمال فأى حاجة تعمليها ، كفاية أنك أمه 

تبسمت "ولاء" هى تتنفس بهدوء قائلة:-
-بالعكس أنتِ اللى يشفع لك أى حاجة يا مريم مقابل حُبك لأبنى وسعادته اللى عايشها معاكي، والله لو كنتِ أسوء الناس على الأرض لقبلتك عشان سعادة جمال

تبسمت "مريم" بلطف وهى تضم يدي "ولاء"  بين راحتي يديها وقالت بعفوية بريئة:-
-أنا هفضل أحبه عمرى كله، وأطلبي مني أى حاجة ممكن أعملها لك عشان جمال، أنا مكنتش فاهمة كرهك ليا ورفضك الشديد لجوازنا لكن بعد ما بقيت حامل بقيت فاهمة قد أيه الأم بتخاف على ابنها، أنا لسه مشوفتش بنتى ولا كبرتها زى ما أنتِ كبرتيه لكن مقدرش أتخيل أن ممكن يجي واحد غريب فى الأخر يأخدها منى، عشان كدة أنا مقدرة دا منك ومش زعلانة ولا جوايا حاجة ليكي غير كل الخير والحب وكفاية أنك السبب فى أن جمال موجود هنا وبفضلك بعد ربنا سبحانه وتعالي هو اتولد عشان أحبه

ربتت "ولاء" على قدمها بلطف ثم قالت:-
-يا ريتك جيتي لحياته من زمان يا مريم مكنش حصل اللى حصل ولا كان قلبه أتوجع وحصل الفجوة اللى بينا لكن الحمد لله بفضلك الفجوة دى أختفت وابني بدأ يعيش ويضحك ويحب 

أكتفت "مريم" ببسمة خافتة إليها، دلف "جمال" بهلع وخوف بعد أن سمع صراخها فى الهاتف لكنه رأهما يضحكان معًا على غير المعتاد من والدته فقال بقلق:-
-حضرتك كويسة؟!! 

ربتت على قدم "مريم" بهدوء وقالت:-
-بفضل مريم أه كويسة متقلقش

أقترب منها بهدوء وقبل جبينها بلطف ثم قال:-
-مش قولنا تخلي بالك من صحتك يا أمي

تبسمت "ولاء" إليه بلطف، أتجه نحو "مريم" بعفوية وقبل رأسها هى الأخري كوالدته تمامًا فتبسمت زوجته على هذه القبلة التى تنتظرها دومًا بعد عودته، تحدثت "ولاء" بضيق مُصطنع:-
-خد مراتك وأمشي من قصدي يا جمال

تبسمت "مريم" بخجل وقالت:-
-مش هتطلعي ترتاحي؟

-لا خدي جوزك وعصافير الحب اللى حواليكم دى من قدامي
قالتها بتذمر مُصطنع لتبتسم "مريم" وذهبا الأثنين معًا فتبسمت "ولاء" بلطف عليهما وقالت:-
-عقبال ما أطمن عليكي يا جميلة انتِ كمان

_________________________ 

أندهش "جمال" من قرار زوجته الذي قالته وخرج من غرفة الملابس ويحمل تي شيرته فى يده من الدهشة وقال:-
-سفر!! قررتي من نفسك يا مريم

تحدثت وهى جالسة على الفراش بجدية:-
-فيها أيه يا جمال دى رحلة يومين بس وبصراحة نفسي أجرب فكرة التخييم وكمان جميلة حالتها النفسية تعبانة بسبب موضوع الجواز ومحتاجة الرحلة دي

جلس "جمال" على الفراش جوارها وقال بأندهاش:-
-كمان جميلة!! أنتِ حتى مسألتنيش وشغلي

تبسمت "مريم" بعفوية وخبث بريء يليق بهذه الفتاة الجميلة وقالت:-
-أنا أتصلت بأصالة وقالتي أن الأسبوع دا معندكش مقابلات كتير ولا حاجة مهم غير متابعة الشغل

تنهد بضيق مُتذمرًا من سكرتاريته التى تنقل أخباره دومًا لزوجته ويرتدي تي شيرته، قال:-
-أدي أخرت اللى مراته تصاحب سكرتاريته، أبقي فكرني أفصل أصالة

قهقهت ضاحكة على تذمره وأقتربت منه ووضعت رأسها على ظهره بدلال وقالت:-
-كدة يا جمال، أهون عليك أنا وأميرتك الصغنن تحرمنا من الفسحة والله محتاجين نغير جوا

ألتف إليها بهدوء وحدق بوجهها الدافئ، بسمتها التى تنير حياته وعينيها اللامعتين بالعشق، مُندهشً من حديثها فقال بلطف باسمًا إليها:-
-أنتِ أتفقتي مع بنتك عليا من قبل ما تيجي، والله عال

زادت بسمتها أكثر ثم رفعت يدها إلى وجنته وتداعب لحيته بأناملها التى تتحسسها بدفء كم تعشق هذا الرجل وتتمنى لو استطاعت أن تخطفه من الحياة كاملة وتخباه بداخلها أو توقف الوقت بهذه اللحظة من أجلهما، رفعت نظرها إلى عينيه بحب ثم قالت بدلال:-
-حبيبي يكره!!

رفع ذراعه إلى خلف ظهرها يطوقها وبيده الأخري يلمس عنقها البارد بحب، لم يصمد قلبه العاشق أمام دلالها كثيرًا وبسمتها تقتل عقله وتمنعه عن التمرد أو الرفض، تحدث بهمس دافيء:-
-بالعكس يعشق

-هنروح؟
سألته بلطف وعينيها لا تفارقه هاتان العينين الخضراء بجمالهما الخلاب كجمال الطبيعة والعشب الأخضر، جذبها ببطيء شديد ولطف أكثر نحوه وعينيه تحدق بهاتان الشفتين اللامعتين:-
-على حسب الرشوة!!

تبسمت بخجل شديد من نظراته وأرتفعت حرارة جسدها من قربهما، تبسم حينما توردت وجنتيها من خجلها وأنفاسها بدأت تفقد أنتظامها أمامه وتنتفض من قشعريرة جسدها كصعقات الحب التى تضربها للتو بهذه اللحظة، تسللت يده عن عنقها إلى وجنتيها وأنفه تشم رائحة شعرها الذي أدمنها ومعه أدمنت "مريم" هذه الداعبة الساحرة لقلبها وقال:-
-بيكفينى أنك تقوليها... والله أجبلك العالم كله وقت تقوليها يا مريم

أجابته بهمس شديد يكاد يصل لأذنيه رغم رأسه المُلتصقة برأسها:-
-بحبك... 

توقف عن الحديث وأنهي مجال النقاش المباح بينهما بقبلته الدافئة تقتل المُتبقي من صمود قلوبهما بهذه اللحظة......

__________________________ 

حاولت "جميلة" أن تعثر على رقمه حتى تتصل وتطمئن عليه، أخذته من هاتف "مريم" خلسًا لكنها لم تجرأ على الأتصال به، نظرت لصورتها المُنعكسة فى المرآة وهى ترتدي زي عملها للطيران وتستعد للسفر من جديد دون أن يهدأ قلبها من روعته وتخمد نيران قلقه، تنهدت بحزن من جُبنها على الأتصال وأخذت حقيبتها وغادرت القصر، صعدت بسيارتها لكي تذهب للعمل، قادت فى هذا الطريق الطويل الذي يقودها للبوابة الخارجية للقصر لكنها صُدمت عندما رأت "حسام" يجلس هناك بذراعه المُعلق على كتفه وقد جاء للعمل رغم أصابته، ضغطت على المكابح بصدمة من رؤيته لكنها أرتطمت بالمزهرية الرخامية الموجودة على الجانبين من الطريق، توقف الحرس بقلق من أصطدم السيارة وأنكسر المزهرية، وقف "حسام" بذعر من أن يكن أصابها شيء والجميع يعرفون أن هذه سيارتها، ذهب الجميع إلى السيارة وفتح أحد الرجال الباب ليراها بالداخل ، ترجلت من السيارة بهدوء وقالت:-
-أنا أسفة سرحت شوية

تنهد الجميع بهدوء وعادوا إلى أماكنهم بعد أن أطمنوا على سلامتها بينما ظل "حسام" يقف على الجهة الأخري يحدق بها بقلق كأنه يتفحصها جيدًا حتى يتأكد من سلامتها بنفسه، تحدثت بحرج شديد من نظراته:-
-عامل أيه دلوقت؟

لم يجيب على سؤالها بل سأل بجدية والقلق يقتله:-
-حضرتك كويسة؟

أومأت إليه بنعم فأشار بنعم بأريحية ثم ألتف حول السيارة ووقف أمامها يقول:-
-خلينى أوصل حضرتك لأحسن تسرحي فى الطريق ويحصل حاجة لأقدر الله

تنحنحت بقلق عليه وكيف سيقود بأصابته وبذراعه واحد وقالت بجدية:-
-شكرًا أنا هعرف أسوق لنفسي

كادت أن تصعد بمقعد السائق ليمسك ذراعها بقوة لأول مرة دون أن يخشي مكانتها ومن تكون؟ لكنه يخشي شيئًا واحدًا أن تقود وحدها الآن ويحدث شيء، نظرت "جميلة" له بصدمة من تجرأه على لمسها واستمعت له يقول:-
-دا مش أختيار!!

فتح باب السيارة الخلفي بذراعه المُصاب ثم أدخلها بالقوة وأغلق الباب ثم صعد بمقعد السائق، أنطلق بها يقود بذراع واحد وهى بالخلف تحدق به بوضوح فى صمت لا تعرف ماذا تفعل؟ او ماذا تقول؟ حتى رن هاتفها فنظر "حسام" إلى الهاتف الموجود بجانبه مع طاقيتها وكان اسم "مصطفي" ليقول بغضب:-
-لسه بتتواصلي معه؟

أخذت "جميلة" الهاتف من المقعد الأمامي وقالت بحدة من لهجته القوية:-
-وأنت مالك؟ مش ملاحظ أنك بقيت تتخطي كل الحدود النهار دا، واضح أن الرصاصة أصابت رأسك مش كتفك

تأفف بضيق شديد من هذا الحديث وأغلق قبضته بأحكام على المقود عندما أستقبلت الأتصال الوارد من "مصطفي" وبدأت تتحدث معه وبين كل جملة تنطق بها تضحك بسعادة تغمرها، أوصلها للمطار بينما هى تتحدث مع هذا الرجل وترجلت دون أن تودعه وأخذت حقيبتها ورحلت بالهاتف على أذنها، دلفت للصالة وقالت بتوتر:-
-مريم!! أنا مرعبة، حسام كان هضربني لو سنحت له الفرصة

تبسمت "مريم" بمكر طفولي وقالت:-
-شوفتي أن فكرة إنك تسجلي رقمي باسم مصطفي كانت فكرة جهنمية، مرتين كمان وأما هيضربك فعلًا أو هيعترف بجد

تبسمت "جميلة" بعفوية وقالت بنبرة عابسة:-
-بس أنا مشيت من غير ما أبص له حتى

-أحسن، خلي يفهم أنك ممكن تروحي لغيره ومش هتقفي عليه
قالتها "مريم" بعفوية لتبتسم "جميلة" وبعد أن رأت طاقمها وفريقها فى الرحلة أغلقت الخط معها وأتجهت إلى حيث الطائرة حتى تقودها....

__________________________ 

أنهي "جمال" جولته فى متابعة العمل داخل المدينة الذكية مع "شريف" ثم أنطلق إلى الشركة ووصل، كلما مر على أحد وقف أحترامًا إليه وألقي الصباح، تبسم بعد أن خرج من المصعد بالطابق الخاص بمكتبه و"شريف"يخبره أن "سارة" نقلت لمستشفي الأمراض العقلية بسبب فقد عقلها تمامًا، فتحت "أصالة" باب المكتب مع وصوله بينما يتحدث "جمال" بجدية:-
-خليهم يشدوا حيلهم شوية يا شريف أنا عايز التسليم يكون فى ميعاده

أومأ إليه بنعم ، دخل للمكتب وكانت "أصالة" ترتب الأوراق على المكتب من أجله ليقول بجدية صارمة وعينيه تحدق بها:-
-بالمناسبة يا شريف أبقي فكرني أنزل إعلان للبحث عن سكرتارية جديدة

رفعت "أصالة" نظرها إلى "جمال" بصدمة بينما "شريف" أتسعت عينيه على مصراعيها بأندهاش فهو مُتفهم جدًا مع "أصالة" وهى معه مُنذ 10 أعوام تقريبًا وأكثر شخص يفهمه، تمتمت "أصالة" بخفوت خوفًا منه:-
-والله هى اللى جرجرتنى فى الكلام

-أبقي حط من الشروط أنها متجرجرش فى الكلام
قالها "جمال" بوجه حاد عابس بسبب هذه المرأة التى تنقل أخباره إلى زوجته المجنونة، تنحنحت "أصالة" بلطف وقالت بترجي:-
-أخر مرة همسحها رقمها من عندي لا هعملها بلوك... أرجوك يا مستر جمال

تبسم "شريف" بعد أن فهم أن "أصالة" نقلت خبرًا ما إلى "مريم" ، تبسم "جمال" بسخرية وقال:-
-دى نفس الجملة اللى قولتيها الشهر اللى فات لما قولتلها أن جه ممثلة جديدة للحملة الإعلانية وبسببك مريم طبت علينا وكانت هتجيب الست من شعرها... فاكرة ولا نسيتي، فكرها يا شريف

تنحنحت بحرج من هذا الأمر، تحدث "شريف" بجدية صارمة  رغم ضحكاته التى يحاول كتمها وعينيه تنظر إلى "أصالة":-
-حصل وبسببها رفضت الممثلة تشتغل معانا ودفعنا الشرط الجزائي ال100ألف جنيه عشان متنزلش اللى حصل على الأنترنت وتحط مدام مريم كإعلامية فى وضع حرج

أغمضت "أصالة" عينيها إلى "شريف" بغضب تتوعد له بالأنتقام كأنه يسكب البنزين على النار، رفع "جمال" حاجبه بغضب مصطنع من هذا الفتاة، ففي واقع الأمر يعشق زوجته ويستمتع بهذا لكنه حزم  فى عمله حتى أن كان يقبل بهذا، قال:-
-شوفتي... أتمنى تكوني أفتكرتي

-أخر مرة والله هغير رقمي كله
قالتها "أصالة" بعبوس تترجاه ألا يفعل، فتح باب المكتب على سهو دون سابق أنذار ودلفت "مريم"، وحدها من تجرأ على فعل هذا وأقتحام مكتبه، رأت "أصالة" عابسة وتترجاه فقالت:-
-فى أيه

ألتفت "أصالة" إليها بعبوس وقالت بحزن:-
-تعالي يا مريم قوليله ميطردنيش ويقطع عيشي وأنا مش هقولك حاجة تاني

كز "جمال" على أسنانه غيظًا من هذه الفتاة وقال بحدة:-
-شوفت يا شريف لسه مخلصتش الكلمة.... بتجرجرك برضو! ولا أنتِ أول ما بتشوفي بتطلعي كل حاجة

وقفت "مريم" جوار "أصالة" تربت علي أكتافها بلطف وتبسمت بعفوية إليه وقالت:-
-جمال، حرام البنت بقالها معاك سنين معقول تطردها لأنها صاحبتها

تنحنح "شريف" بلطف ثم قال:-
-طيب نسيبكم دلوقت

أخذ "أصالة" معه للخارج فغمزت "مريم" لها بأن تطمئن فهى هنا ولن تتدعه يفعل شيء، ألتفت "مريم" حول المكتب حتى وقفت أمامه وقالت:-
-جمال

-مريم بطلي تتدخلي فى شغلي
قالها بجدية لتنظر إليه بعبوس شديد وقالت:-
-أمتى أدخلت أنا؟ انا كل اللى عملت سألت أن كنت مشغول ولا لا لأني حابة أغير جوا معاك فين الجريمة اللى عملتها

تنهد بهدوء شديد ثم قال:-
-أسالني أنا ولا انا هكدب عليكي مثلًا

أتكأت على المكتب بذراعيها وعينيها تستشيط غضبًا من حديثه وقالت:-
-والله عن جد، أنا غلطانة يا جمال أنى عايزة أقعد معاك شوية بعيد عن الشغل ودوشته وكمان غلطانة أنى جيت عشان نتغدا سوا برا لما قالتي أصالة أنك فاضي وقت الغدا و....

توقفت عن الحديث فجأة عندما أدركت ما تتفوه به، وضع قدم على الأخري بجدية بعد أن أخبرته دون وعي منها بأن "أصالة" نقلت خبرًا جديد لها، قال بضيق:-
-أصالة!!

تنحنحت "مريم" بحرج منه وقالت:-
-جمال عشان خاطري وبعدين أنت المفروض تكافئها مش تطردها

أندهش من كلمتها  ووقف من مقعده أمامها مباشرة وقال بسخرية:-
-أكفاها !! على أيه إن شاء الله؟

تبسمت "مريم" بخجل شديد ويديها تداعب يده الموجودة على المكتب مُتحاشية النظر إليه وقالت بدلال:-
-لأن بفضلها أنتِ قضيت ليلة جميلة أمبارح 

أغمض عينيه بهدوء ثم نظر إليها بلطف وقال بحزم:-
-مريم متلعبيش على أوتار قلبي، الشغل شغل... أصالة لو نقلت لك خبر تاني عني هيكون أخر يوم ليها، أنا المرة دى أكتفيت بالتنبيه بس

رفعت "مريم" حاجبها إليه ولا تعري أهتمام إلى تهديده ثم قالت:-
-بتهددني مثلًا، مش عايزة أعرف منها حاجة، أساسًا ليه أحتاج لأصالة وأنا معايا جين

قهقه ضاحكًا عليها وهى الآن بعد ان أصبحت تملك كلمة السر الخاصة بـ "جين" يمكنها فعل كل شيء ومعرفة أى شيء ليس أخبار عن جدوله اليومي بل عدد ضربات قلبه ستصل لها عن طريقة ساعة يده المُتصلة بـ "جين" ، تحدثت بقوة وجراءة:-
-يلا خلينا نروح نتغدا نفسي أوى فى سمك وإستكاوزا

ضحك عليها لا يعلم كيف جاءت إليه هذه الفتاة التى تتحداه دومًا وتُهزمه وما هو إلا مُرحبًا بهزيمته امامها، غادر معها كي يلبي طلبها ....

_______________________ 

رن هاتف "حسام" وكان بمنزله، خرج من المرحاض ويلف المنشفة حول نصفه السفلي بسبب هاتفه الذي لم يتوقف عن الرنين، كان رقم مجهول فأجاب بهدوء:-
-ألو

أتاها صوتها تصرخ فى الهاتف بغضب شديد قائلة:-
-عربيتى فين؟

-جميلة... قصدى أنسة جميلة
قالها بأرتباك لا يعرف كيف جلبت رقمه، صرخت بانفعال شديد قائلة:-
-حسام فين عربيتى؟ أروح أزاى دلوقت 

نظر إلى ساعة الحائط وكانت الرابعة فجرًا لا يُصدق بأنها الآن تقف فى الشارع وحدها بعد وصول طائرتها، تذكر أنه إعاد سيارتها للقصر بعد أن أوصلها ليغمض عينيه بغضب شديد من فعلته وقبل أن يتحدث سمعها تقول:-
-أنت ساكت ليه؟ أروح أزاى ولا أبات فى الشارع، أستعد لموتك بس أشوفك يا حسام...


الفصـــــل الأربعـــــــــون ( 40  ) والأخيـــــر

ظلت جالسة على المقعد الحديدي الموجود أمام صالة الوصول غاضبة وتعقد ذراعيها أمام صدرها فى أنتظار أن يأتى أحد من القصر ويأخذها، وقفت أمامها سيارة رباعية الدفع من ماركة الجيب سوداء وترجل منها "حسام"، ظلت تحدق به بأغتياظ من فعلته، سار إليها بقلق عليها والخوف تملكه من تركها وحدها هنا لا يعرف ماذا يوجد فى الطرقات بهذا الوقت، توقف أمامها وقال بهدوء:-
-أنا أسف

ضربت قدمه برجلها أثناء جلوسها وقالت بغضب:-
-أصرفها منين؟ عندك فكرة قد أيه كنت خايفة وأنا قاعدة لوحدي هنا

تنحنح بحرج وقال بأسف شديد:-
-أسف مكنتش أعرف أن حضرتك هترجعي دلوقت

وقفت من مكانها وسارت نحو السيارة لتضرب كتفه بكتفها عندما مرت من جواره ليتألم برفق، عادت إليه بخوف وقالت:-
-أنت كويس... أنا أسفة؟

نظر إلى عينيها مباشرة بجراءة وكانت تحدق به بقلق ويديها الأثنين يمسكان ذراعيه بقلق، خجلت من نظراته فأبتعدت مُسرعة عنه وقالت:-
-أنا أسفة

راقبها وهى تضع خصلات شعرها خلف أذنها بحرج وحياء، فتح لها باب السيارة لتصعد جواره ووضع الحقيبة فى الخلف، أنطلق بسيارته إلى القصر وبدأت "جميلة" تفقد طاقتها بعد سفر من أستراليا إلى مصر الذي أستغرق منها 23 ساعة طيران ولم تغفو عينيها للحظة بهم، أغمضت عينيها بتعب شديد ليوقف "حسام" السيارة جانبًا وأقترب منها برفق حتى لا تستيقظ وضغط على زر المقعد حتى يسترخي للخلف وتستطيع النوم بأريحية، فتحت "جميلة" عينيها بتعب من حركة المقعد لتراه أمامها مباشرة ويتكأ بذراعه على النافذة وأنفاسه تضرب وجهها، أبتلعت لعابها بتوتر شديد وتمتمت بخفوت:-
-أنا لسه مخلصتش خناق لكن خلينا نأجله لبكرة عشان مش قادرة أفتح عيني

أومأ إليها بنعم ولم يعترض على شجارهما فى سبيل أن تنام وتستريح الآن، أبتعد عنها بعد أن أغمضت عينيها من جديد يعود لمقعده وأنطلق بها إلى القصر، وصل للقصر وظل يحدق بوجهها المُنهك من التعب لا يعلم أيقظها بعد أن غفت فى نومها بسبات أم يتركها نائمة هكذا، أتصل على "جمال" الذي أستيقظ من نومه على صوت الهاتف ونزل للأسفل، رأى "حسام" يقف خارج السيارة وقال:-
-أنا أسف أن صحيت جنابك

نظر "جمال" إلى السيارة وأخته النائمة بتعب شديد، أومأ إليه بهدوء ثم فتح باب السيارة وحملها على ذراعيه، كان سيقظها لكنه فهم من أتصل "حسام" به أنه يخشي أن يقظ هذه الفتاة المُتعبة، ألتف "جمال" كي يدخل القصر بها لكن توقف محله وأستدار إلى "حسام" وقال:-
-أنت عرفت منين أنها وصلت المطار؟ 

-حضرتها اتصلت بيا
 قالها بجدية رسمية ليؤمأ "جمال" إليه بنعم ثم قال:-
-معناه أن معاها رقمك

دخل بها للقصر بينما تذكر "حسام" أتصالها وكيف حصلت على رقمه؟، عاد إلى المنزل بسيارته...

______________________________ 

وافق "جمال" على رحلتها للتخييم وجلس على الفراش مُنهك من إيقاظها له صباحًا وتمليء الغرفة بحيويتها ونشاطها، تجمع كل الأغراض فى الحقيبة وتتحدث مع نفسها بحماس شديد منذ شهر العسل لم تسافر معه، ترجل من الفراش ودلف إلى الشرفة بعلبة سجائره وأشعل واحدة لتأتي "مريم" وتأخذها من بين شفتيه وقالت:-
-مش على الريق يا جمال، يعنى خايف عليا وداخل هنا ومش خايف على صحتك

نظر إليها بعبوس ثم قال:-
-مريم...

-عشان خاطري مفيش أعتراض ولا سجائر على الريق.. تعال عشان تفطر
قالتها بعفوية ثم أخذت يده ودلفت به للغرفة، وجد صينية الإفطار على الفراش بها شرائح من اللانشون والجبن والعيش ومعها كوب من عصير البرتقال، جلست تصنع له شطيرة و قالت:-
-أنا مُتحمسة جدًا وفرحانة.. صحيح خلتهم يجهزوا الخيم

أومأ إليها بنعم ثم قال بجدية:-
-اه وخليتهم ميركبوش الخيمة عشان أنتِ عايزة تعملها بنفسك مع انى معرفش أزاى واحدة حامل فى الخامس هتعمل كدة بس تمام

تبسمت "مريم" وهى تضع الطعام فى فمه بلطف ثم قالت:-
-حجزت خيمة لجميلة

هز رأسه بنعم مع تناول لقمته فتبسمت "مريم" بخبث شديد:-
-أختارت حد يجي معانا يخلي باله مننا 

-عاشور طبعًا
قالها ببرود لتقاطعه "مريم" بجدية صارمة بعد أن سحبت منه الطعام بغضب كأنها تعاقبه على اختياره:-
-عاشور مين.. أنت هتأخد حد يخلي باله منى ومن جميلة مش منك، أنا مبتعاملش مع عاشور وتقيل على قلبي.. كلم حسام يجي

رفع حاجبه بأندهاش من طلبها لحضور "حسام" هذا الرجل الذي يحتل تفكيره مؤخرًا بسبب أخته والآن ليس مجرد صدفة أن تريد "مريم" أخذ "جميلة" معهم وتطالب بوجود "حسام" فى رحلة يذهبون فيها لقضاء وقت خاص بينهما، تمتم بفضول مُتعجبًا:-
-حسام!! 

تنحنحت "مريم" بحرج من نظراته كأنه فهم ما تخفيه ولا تبوح به فقالت بجدية:-
-اه يعنى أنا واخدة عليه وعارف أنا بحب أيه وبكره أيه وأزاى يحرسنى من غير ما أحس أنى متراقبة.. أنا أتعودت عليه خلاص

هز رأسه بنعم موافقًا رغم عدم أقتناعه بأسبابها وعقله يخبره بأن هذه الفتاة وراءها شيء أخر...
أستعدوا للذهاب وأختارت "مريم" سيارة رباعية الدفع من أجل رحلتهم وجلس "جمال" فى المقعد المجاور إلى السائق و"حسام" يقود بهم بينما جلست الفتاتان فى الخلف، كان "جمال" يراقبهما فى المرآة الجانبية له بشك من امرهما لكنهم كانوا حذرين جدًا فى وجوده، "جميلة" لم ترفع نظرها من الهاتف و"مريم" كعادتها مُنشغلة بتصوير الطريق وتوثيق كل شيء برحلتها، وصلوا إلى مكان التخييم أمام البُحيرة والشلال الذي يصب بها، وقفت "مريم" تراقبه وهو يصنع الخيمة بنفسه بسعادة ليُتمتم "جمال" بجدية:-
-أنتِ كان قصدك تشوفينى وأنا بعملها

أومأت إليه بنعم ثم قالت بحماس و أصابع يديها العشرة مُتشابكين أمام صدرها:-
-اه، شكلك يأخد العقل يا حبيبي وأنت بتضرب بالشاكوش فى الأرض ومليان عرق وناقصك شوية تراب

تبسم بعفوية على هذه الفتاة المجنونة وقال بسخرية من أحلامها العابسة:-
-عرق!! وماله 

أقتربت نحوه بعفوية وتحمل فى يدها منديلًا لتمسح حبيبات العرق عن جبينه بلطف وقالت بحب:-
-أنت رجولي أوى وخطفت قلبي يا روحي يلا كمل وأنا هروح اساعد جميلة فى الغداء

أسرعت نحو "جميلة" التى تقف أمام شواية الفحم وتشوى اللحم على الفحم و "حسام" يصنع الخيمة الأخري من أجل "جميلة" بتركيز ليسمع الجميع صراخ "جميلة" فى "مريم" بأنفعال:-
-كفاية بقي؟ والله ولو جيتي هنا تاني لأحرقك يا مريم

ركضت "مريم" نحوه وفى كلتا يديها قطع من اللحمة وأختبأت به ليقول:-
-فى أيه؟

-كل دا عشان بأكل... فيها أيه يعنى ما أنا حامل والريحة بتعذبنى
قالتها بتذمر مصطنع ووجه بريء كأنها لم تفعل شيء، نظر "جمال" إلى أخته وقال بجدية:-
-ما تسيبها تأكل يا جميلة، حامل معلش !!

رفعت "جميلة" يدها بشوكة الشوي تهددهم بغضب سافر، قالت:-
-خليها تيجي هنا وأنا أوريها.... بتتحامي فيه، أكلت كل اللى عملته يا جمال

تبسم "حسام" بخفة على غضبها الطفولي دون أن يرفع نظره بها، نظر "جمال" إلى زوجته لتبتسم ببراءة وهى تأكل قطعة اللحمة الموجودة فى يدها فتبسم بعفوية عليها ولا تلبي لشيء هى وطفلتها الموجودة بداخلها سوى طعامها فقال بلطف:-
-عجبتك!!

أومأت إليه بحب شديد وسعادة تغمرها هى وطفلتها التى أعجبت بالرائحة من أول قطعة:-
-جدًا يا جمال وطعمها رائع

قالتها وأعطته القطعة الأخري ليتذوقها فتبسم أكثر إليها وقال:-
-ألف هنا وصحة على قلبك يا قلبي

ضمته بسعادة، وحده من يتقبل جنانها وبراءتها حتى وقت عبوسها يتقبلها ويتحملها اكثر وأكثر ..
أنهت "جميلة" تحضير الطعام وأنتهوا من تركب الخيم وتجهيزها، جلسوا معًا لتناول الطعام.. كانت "مريم" تتكأ على كتفه بهدوء بعد أن فقدت كل قوتها من الصباح، تستمع بالنسيم الهاديء فقال بلطف:-
-تخشي ترتاحي

-لا شوية
قالتها "مريم" بهدوء، وقفت "جميلة" من مكانها وقالت:-
-أنا هروح أعمل تليفون

أجابها "جمال" بجدية صارمة قائلًا:-
-مفيش شبكة ألا على بُعد كليو.. خليكي لبكرة الشمس قربت تغيب

تحدثت بجدية ووجه عابس أكثر من أخاها الذي يصطف مع زوجته وهذا الرجل المتحجر بجانبها قائلة:-
-معلش تليفون ضروري

أومأ إليها بنعم ثم نظر إلي "حسام" وأشار له بأن يذهب معها مُضطرًا لهذا، ذهب الأثنين معًا، أخذ "جمال" يدها فى يديه بحنان يحاول أن يدفئهما من البرد ثم قال:-
-مش هتقوليلي؟

رفعت "مريم" نظرها إليه بعدم فهم وقالت بأستغراب:-
-أقولك أيه؟

-اللى مخبياه أنتِ وجميلة؟ وراكم حاجة... تقوليها ولا أعرفها بنفسي؟! 
قالها "جمال" بهدوء يحمل تهديدًا صغيرًا إليها، تنحنحت "مريم" بهدوء خوفًا من رد فعله فإذا علم "جمال" سيكون الأمر برمته فى يدي "حسام" لأن "جمال" كرجل لن يقبل بهذا، أبتلعت لعابها بهدوء ثم قالت بلطف:-
-أقولك وتوعدنى متتعصبش عليا

نظر لها بجدية وقلق ضرب باب عقله وقلبه من هذا الشيء الذي تخفيه فقال:-
-يبقي فى حاجة وكبيرة، قولي!!

أخبرته بعرض "جميلة" للزواج من "حسام" ورفضه ليستشيط غضبًا مما سمعه ووقف من محله بأنفعال قائلًا:-
-أخت جمال المصري تطلب من واحد يتجوزها... 

كاد أن يذهب خلفهما حتى يقتل هذه الفتاة التى أنزلت من نفسها للأرض وهى كأميرة فى قصره، أوقفته "مريم" عندما مسكت يده وقالت بذعر يقابل غضبه:-
-أهدا يا جمال وأسمعني، حسام رفض والموضوع أنتهي، هى غلطت ودا كان فى لحظة خوف وضعف من الكلام اللى قاله الدكتور المتخلف دا ليها، لكن الوضع دلوقت مختلف أقسم لك بحياة بنتى 

-مختلف!! 
قالها بسخرية وعينيه تحدق فى عيني "مريم" بغضب سافر من تكتمها على أفعال أخته، تابعت "مريم" بلطف قائلة:-
-اه مختلف، حسام معجب بيها فعلًا وهى كمان يمكن فى الأول طلبت منه دا بدافع الخوف ومقابل المال لكنها دلوقت بتحبه فعلًا، أنت شوفت دا بعينك وقت ما أتصاب كانت هتروح فيها من الخوف... 

أقترب خطوة من زوجته بغيظ شديد وقال بتحدي ونبرة قوية مُرعبة:-
-لو بيحبها كان دخل البيت من بابه يا مريم

أبعد يدها عنه وسار بعيدًا،أرتعبت "مريم"من غضب زوجها الشرس وهى تراه يغادر كالجمر المُلتهب وسيقتلها الآن أذا رأها حقًا فصرخت تستوقفه بحديثها القوي حين قالت:-
-خايف يا جمال، خايف يترفض وتبعده عن القصر وتحرمه منها، مامتك لما عرفت ضربت جميلة وقالتها أنها مستحيل تجوز بنتها وأخت جمال المصري لواحد شغال عندهم، طبيعي يخاف هو مجرد رجل من رجالتك وشوف أنت ايه.. أزاى يتجرأ ويطلب أنه يناسبك ويأخد أختك

ألتف "جمال" إليها بدهشة من حديث زوجته ثم أقترب أليها مُعارضًا هذا الحديث بقوة حين قال:-
-كمان أمى عارفة والله عال كلكم بتستغفلوني وبعدين أنتِ يا مريم اللى بتقولي كدة، من أمتى وأنا يهمنى المال والسلطة .. أنا لو فكرت فى المال يبقي مش هلاقي حد يستحق جميلة لأنك أكتر واحدة عارفة أنا عندي أيه لكن من امتى وأنا ببص للمال وهحتاجه ليه ما دام عندي من خير ربنا اللى يكفينى أنا وعائلتي وعيالى وحتى احفادي لسنين قدام

أقتربت "مريم" منه بهدوء شديد وتشبثت بذراعيه بحنان وعينيها تترجاه قبل لسانها بأن يهدأ من غضبه ثم قالت:-
-أنا عارفة دا لكن حسام ميعرفش، حسام كل اللى يعرفه أن ولاء هانم مستحيل تجوز بنتها لواحد شغال عندها وباصة لمكانتك ومالك!! 

تأفف "جمال" بضيق شديد من هذا الحديث ثم مسك ذراعها بغضب وجذبها إليه بعنف وقال:-
-وعشان كدة رسمتى خطتك تجيبنا هنا عشان تخليلهم الجو مش كدة؟! 

هزت رأسها بلا بلطف رغم عنفه كأنها تحتوي هذا العنف والغضب بلطفها ودفئها ثم قالت بنبرة خافتة:-
-لا عشان تشوف أنت الحب وتتأكد أنه يستاهل أختك فعلًا، أنا عارفة أنك لو أتأكدت أنه بيحبها فعلًا وبيخاف عليها هتطمن وتسمح له يدخل البيت من بابه فعلًا ويتجرأ يطلبها منك

ترك يدها بضيق شديد وأستدار غاضبًا من هذا الأمر ويفكر فى حديثها قليلًا فى صمته وهى تراقبه بعينيها حتى تنهد بقسوة وقال:-
-أنا كنت عارف أن في حاجة بينهما، حسام أتغير كتير، كنت عارف ان التغيير دا وراء حُب لأني جربته لكن مكنتش أعرف أن أختى هي اللى دخلت قلبه وبتستغفلوني

ربتت "مريم" على ذراعه بعد أن ألتفت لتقف أمامه تنظر فى عينيه مباشرة بلطف كأنها تخبره بأنه أيضا عاشق ومُتيمًا بها،  قالت بلطف حتى لا تثير غضبه أكثر:-
-صدقينى يا جمال هو بيحبها فعلًا ويستاهلها وهيحافظ عليها، أختبره زى ما أنت عايز وأشرط عليه زى ما تحب لكن متكسرش قلب أختك، جميلة طبية ومتستاهلش يتكسر قلبها، اللى خلى مامتك توافق على الدكتور المُتخلف دا اللى فقعدتني أتنين إهانها وداس على كرامتها ورفضت حسام اللى بيحافظ عليها وعلى كرامتها بس لأنه شغال عندكم أكيد كفاية أنه يخوفوه يقرب ويخوفني أقولك...

رفعت يدها إلى وجنته وتبسمت بحب إليه ثم تابعت بنبرة دافئة:-
- لكن أنا وثقت فيك زى كل مرة كنت بثق فيك وعمرك ما خذلتني، جمال أنا مش هقولك تعمل أيه لكن بلاش تكسر بقلبها، أنت بتحب وعارف كسرة القلب ممكن تموت أزاى وربنا ما يكتبها على قلبك يا حبيبي

ظل واقفًا محله فى صمت شديد ينظر إليها مُستمعًا إلى حديثها ثم قال بجدية ساخرًا مما يسمعه:-
-أعمل أيه؟!  أقوله تعالي أجوزك أختى مش كفاية هي عملتها

-على الأقل توصله فكرة أنك مش مهتم بحاجة غير أن حد يحبها ويخاف عليها ويصونها وبعدها سيب له القرار يتجرأ ويسترجل ويطلبها منك أو يضحي بحبه.. القرار يرجع له وقتها وصدقنى محدش هيلومك ولا هتكون سبب فى كسرة قلبها 
قالتها "مريم" بجدية وعينيها ترمق هذا الرجل الذي على وشك قتل الأثنين معًا بسبب تخطيهما له ولمس رجولته كرجل لن يسمح بفعل ذلك من أخته...

________________________ 

ظلت "جميلة" تسير على الرمال بعفوية وتنظر فى الهاتف مُحاولة العثور على شبكة وهو يسير خلفها صامتًا يتابع خطواتها، تكاد أن تدهس بقدمها على عصي حديدية فمسك ذراعها يوقفها، رفعت "جميلة" نظرها عن الهاتف إليه، أنحنى يرفع العصا عن طريقها ثم نظر إليها فتبسمت بلطف وهو يخشي أن تدهس بقدميها على عصا فتؤلمها أو تتسبب فى سقوطها، تسارعت ضربات قلبها من فعله لكنها حاولت التحكم فى ذلك وتابعت سيرها ، نظر "حسام" إلى العصا وألقي بها بعيدًا عن الطريق باسمًا عليها وتابعها، رن هاتفها مُعلن عن الوصول للشبكة وكان "مصطفي" حقًا هذه المرة، نظرت إليه بقلق ثم للهاتف ليعلم "حسام" بأن المُتصل هذا الرجل فقال بسخرية وغيرة تأكل قلبه:-
-أنا مش قادر أصدقك

نظرت "جميلة" إليه بأندهاش من كلمته وقد دمر سعادتها للتو ثم قالت بتساؤل مُندهشة منه:-
-نعم!!

-عرضتي عليه كام؟
سألها "حسام" بغضب سافر وغيرة احترقت قلبه من تقربها من رجل غيره، أتسعت عيني "جميلة" على مصراعيها من كلمته وتجمعت الدموع فى عينيها بحزن من هذه الكلمة المُهينة لها كأنه يراها بهذا الرخص وقالت بحسرة مُستاءة منه:-
-أنت حيوان!! أنت شايفني كدة؟ شايف أن مينفعش حد يعجب بيا أو يحبنى وأنى بدفع مقابل الحب، مستاهلش أتحب فى نظرك لكن أتباع بالفلوس

نظر إلى دموعها بأندهاش وحزنها الذي ترك الغصات تقتل قلبه للتو وهو سبب هذا، كاد أن يتحدث لتضربه "جميلة" على صدره بقبضتها غاضبة منه وقالت:-
-أنا بكرهك سامع بكرهك يا حسام

سارت من أمامه باكية ليمسح بيده على رأسه الصلعاء بحيرة  ثم ركض مُسرعًا ومسك ذراعها بلطف ثم قال:-
-أنا أسف مكنش قصدي 

دفعته بعيدًا عنها بغيظ شديد فكاد أن يسقط على الرمال وعينيه تحدق بدموعها التى تنهمر على وجنتيها بسببه بعد أن كانت تبتسم بسعادة من قليل وتقول صارخة وسط بكاءها:-
-متتكلمش معايا؟ أصلًا أنا اللى غلطانة أنى أمنت لواحد زيك وفكرتك راجل.. 

ألتفت إليه ورفعت سبابتها فى وجهه بغضب وتحدي شديد ثم قالت بعنف:-
-لكن لا، أياك تتكلم معايا تاني بطريقة متعجبنيش ولا تتخطي حدود وظيفتك معايا يا حسام وألا وقتها اللى هيقف لك هو جمال، أنت فاكرني أيه ولا فاكر نفسك مين؟ حتى لو بتكرهني دا ميدكش الحق أنك توجعنى بكلامك كل شوية، أكرهني لكن .....

رمقها وهى تتحدث بحزن خيم على ملامحها وعينيها وتنتفض مع شهقاتها، تحدثه عن الكره وهو لا يملك لها سوى الحب فكيف تتهمه بجريمة كهذه، لم يتمالك نفسه وهى تخبره بأن يكرهها كما يريد وهو لا يريد سوى عشقها وضمها فأسكتها بقبلة دافئة، أتسعت عيني "جميلة" على مصراعيها بصدمة ألجمتها وشلت كل أطرافها من مكانها، لم تشعر بشيء سوي قبلته وصدمتها التى أحتلتها أفقدتها وعيها كليًا ولم تدفعه بعيدًا من هول الصدمة، ضربات قلبها تكمل تجمدها الآن، أبتعد "حسام" عنها ونظر بعينيها مباشرة وقالت:-
-أنا بحبك

ظلت تحدق به كالتمثال المُجمد أمامه لا تشعر بشيء وكادت أن تقفد وعيها من هول الصدمة التى ضربت قلبها وعقلها فى الحال، رن هاتفها مرة أخري باسم "مصطفي" يعيدها إلى وعيها عندها أخذه "حسام" من يدها وقذفه من فوق التل بغضب شديد وألتف إليها قائلًا:-
-مفيش غير حسام.. تتجوزينى؟ 

نظرت إليه بأندهاش أكبر وكم الصدمات التى يلقيها عليها واحدة تلو الأخري تفقدها عقلها فجلس على ركبتيه أمامها وقال بلطف:-
-تتجوزينى لكن جواز بجد مش كدة وكدة ومفيش طلاق

أومأت إليه بنعم بسعادة ودموعها تسيل من عينيها لكن هذه المرة فرحًا، وقف من مكانه وعانقها بحب يحتله ولا يعرف كيف تسللت إليه هذه الفتاة وسرقت منه قلبه....

__________________________

عاد "جمال" بهما للقصر فى اليوم التالي غاضبًا ويفكر فيما يجب أن يفعله، حاول أن يمهد نفسه فى التحدث إلى "جميلة" التى رأها فى سعادة لا مثيل لها وسعادتها أخبرته أن "حسام" أعترف لها بحبه، وجهها وبسمتها تمامًا كالليلة التى أعترف "جمال" بحبه إلى "مريم" وقبل بها فى حياته، تلك الليلة التى وضعت خاتم الخطبة فى بنصره تعلن ملكيتها له أمام العالم أجمع... 
ظل يراقبهما فى صمت حتى دق باب مكتبه بعد شهرًا واحدًا من هذه الرحلة ودلف "حسام"، حدق "جمال" به بهدوء وقال:-
-خير يا حسام؟

تنحنح "حسام" بهدوء وتوتر شديد خائفًا من رد فعل "جمال" لكنه لا يملك خيار أمامه سوى التقدم لطلبها للزواج منه، قال بنبرة خافتة:-
-حضرتك فاضي خمس دقائق؟ أنا ممكن اجي وقت تاني؟

رفع "جمال" نظره بجدية وقرأ جسد هذا الرجل والتوتر يحتل كله أطرافه ليعلم جيدًا بما جاء إليه دون أن يتحدث فقال:-
-أقعد

جلس "حسام" على المقعد المقابل للمكتب ونظر إلى "جمال" بتوتر لا يجرأ على التفوه بكلمة واحدة،تبسم "جمال" خلسًا على ربكته وقال بجدية:-
-أنا سامعك

-أحم بصراحة أنا .. يعنى مش عارف أبدأ أزاى.. يعنى كنت طالب من حضرتك
بدأ يتحدث بتلعثم شديد أمام "جمال" فتبسم هذا الرجل وهو يتذكر كيف تقدم لطلب الزواج من محبوبته "مريم" وقال:-
-أيه يا حسام أطلبلك ليمون يهدأك طيب

-شربات، أطلب ليا شربات لو ينفع؟! 
قالها "حسام" بعفوية لينظر "جمال" إليه بأندهاش فتابع "حسام" قائلًا:-
-أنا جاي أطلب أيد أنسة جميلة من حضرتك

رمقه "جمال" بنظرة ثاقبة فقد أستغرق شهرًا كاملًا حتى يجمع شجاعته للقدوم إليه، نقل الخبر إلى والدته "ولاء" التى رفضت رفض قاطع هذا الزواج لكن رفضها لا يعنى شيء أمام رغبة ابنتها فعادت إلى "لندن" بعد الزواج مباشرة غاضبة من "جميلة".... 

__________________________ 

خرجت "جميلة" من المطار بعد عودتها من العمل لتراه يقف هناك بجوار سيارته فى أنتظارها وفور رؤيته تركت حقيبتها وركضت إليه ليعانقها "حسام" بحب شديد ثم قال:-
-وحشتيني

تبسمت إليه بسعادة تغمرها وشوق احتل قلبها إليه خلال رحلتها وعملها الذي يسرقها منه وقالت بحب:-
-وأنت كمان يا حبيبي

أخذها فى يده وسار إلى حيث حقيبتها ليسحبها خلفه ويده متشابكة بيد "جميلة"، سألته بعفوية قائلة:-
-يوسف عامل أيه؟

أجابها بلطف شديد ويرفع يدها بيده تتبأطأ ذراعيه:-
-قاعد يعيط فى البيت، وحشته أمها لكن أكيد مش قدي

تبسمت "جميلة" وهى تصعد للسيارة وتفتح هاتفها لتضي صورة تجمعها مع "حسام" وطفلهما الرضيع "يوسف"، فتح "حسام" باب السيارة وصعد بمقعد السائق فأنطلق بها لتتشتبك ذراعه الأخري ووضعت رأسها على كتفه ليقول:-
-ليكون فى علمك أنا أتحملت رحلتين وراء بعض مفيش خروج من البيت قبل أسبوع 

تبسمت "جميلة" بعفوية وقالت:-
-أسبوعين لو حبت يا حبيبي لأنكم وحشتوني جدًا وكمان ماما بعتلكم هدايا حلوة معايا وكالعادة بتقولك أياك تزعلني

-مستحيل أزعلك، قوليلها ترجع عشان تشهد على معاملتى ليكي وتبطل تقلق
قالها بلطف لتبتسم "جميلة" عندما قالت:-
-هى مرتاح هناك، خليها على راحتها...  أحكيلي يوسف غلبك!! 
بدأ يخبرها كم طفلهما لا يتركه ينام ليلًا من البكاء ويهتم به بنفسه بطعامه وملابسه، ظلت تستمع له فى طريقهم للقصر حيث يسكنا معًا من أجل "جميلة" وطفلهما التى تتركه كثيرًا بسبب عملها وبسبب وجود "حسام" فى القصر من أجل عمله، صعدا الأثنين معًا للأعلي حيث غرفتهما وسألت "جميلة" :-
-جمال لسه مجاش

-على وصول
قالها بعد أن فتح باب الغرفة لتدخل "جميلة" وتركض بسعادة إلى طفلها الذي لم يكمل 8 أشهر من عمره وبدأت تقبله بحنان وأشتياق إليه فى كل أنش فى وجهه ويديه الصغيرتين، شعرت بـ "حسام" وذراعيه تطوقها من الخلف بينما تحمل طفلهما بين ذراعيها وقال بلطف:-
-وحشتينى 

تبسمت "جميلة" بعفوية وقالت:-
-وأنت كمان يا حبيبي وحشتنى أوى 

وضعت طفلهما فى الفراش وألتفت إلى "حسام" تنظر إليه وتأخذ وجهه بين يديه بحب ثم قالت:-
-أنا بحبك أوى يا حسام

-كل مرة ترجعي من الشغل تقوليها بنفس النبرة والشوق 
قالها بدفء ويديه ما زالت تحيط بها بعد أن فارقته لأسبوع مُتصل بسبب عملها وزيارة والدتها، تابعت بنبرة دافئة مُمتنة لوجوده معها قائلة:-
-لأنك أعظم وأحلي وأحن راجل فى الدنيا، كل مرة بطير فى السماء بشكر ربنا أنه بعتك ليا، أنا كنت فاكرة أن الأحسن عشان أفضل أطير أني أكون لوحدي ولو حبت أتجوز وأعيش زى باقي البنات لازم أضحي بالطيران لكنك جيت كسرت كل مخاوفي وأنتشلتني من الضياع بـ حُبك ليا ووجودك معايا، كل مرة بطير ببقي عايزة أشكرك أنك متحمل ظروف شغلي عشاني وأنك قبلت تعيش هنا عشان خاطري 

- أنا عشت هنا عشان متحسيش بضغط من مسئولية البيت والشغل وتربية ابننا كمان مكنتش أقدر أسيبك فى بيت لوحدك وقت حملك، أنا عشان أعمل أى حاجة فى الدنيا وعشان بحبك ومقدرش أحرمك من حاجة أنتِ روحك فيها
قالها بدفء ويده وصلت إلى وجهها يداعب وجنتها لتقول بحب شديد:-
-أنا روحي فيك أنت يا حسام

ضمها إليه بسعادة يشم رائحتها ويشعر بدفئها بين ذراعيه  التي أشتاق لها بينما يقول بعفوية:-
-الله كان واحشنى الحضن دا يا بنت الأيه 

قهقهت ضاحكة وهى تلف ذراعيها حول عنقه بسعادة....

_______________________

كانت "مريم" تجلس أمام المرآة و"نانسي" تصفف شعرها بلطف حتى قاطعهما صوت "جين" يقول:-
-لقد وصلت سيارة السيد جمال

تبسمت "مريم" بسعادة تغمرها من وصوله بعد رحلة سفر دامت لشهرًا كاملًا دون أن تلقاه، وقفت من مكانها بسعادة وقالت:-
-أحسنت يا جين أخيرا طلعت مُفيد ومُطيع

-أنا مُفيد أكثر منك يا سيدتي
قالها "جين" بمزاح فقالت "مريم" بغضب من هذه الداعبة:-
-فكرني أفصلك يا جين علي لسانك دا

ركضت للخارج بسعادة تغمرها بعد أن أمرت "جين" أن يخبرها فور رصد الكاميرات لسيارة "جمال"، حبيبها الذي طال غيابه عنها وعن طفلتهما "مكة" التى تحمل من العمر عامًا ونصف، لا تصدق أن "جين" هذا النظام الألي الذي حبسها بداخل القصر سابقًا فور مجيئها ولم يستجيب لندائها الآن أصبحت تأمره وتتحدث معه كـ "جمال" تمامًا حتى أنه أضاف حس الفكاهة إليه ليكون لطيفًا معها، دلف "جمال" إلى القصر وأخذت "حنان" البلطو عنه والخادمة خرجت لكى تحضر  الحقائب من سيارته، تقدم للأمام وهو يسأل عنها:-
-مريم فين؟ 

كان مُشتاقًا إليها مثلها تمامًا وهو مُتيمًا وهائمًا بها وبعشقها،  كادت أن تجيبه "حنان" لكن جاءه الجواب وحده عندما سمع صوت خطواتها بل ركضها على الدرج وهى تناديه:-
-جمال

وقف أمام الدرج يستقبلها بعد أن فتح ذراعيه لتلقي بجسدها بينهما، تشبثت بعنقه بقوة وطوقها بسعادة مُشتاقًا إليها وبدأ يدور بها مرات مُتتالية ربما يشبع بهذا العناق نيران الشوق بداخله، تمتمت بعفوية وسعادة:-
-وحشتني ... وحشتني أوى يا حبيبي

أنزلها أرضًا ونظر إليها، وجهها الذي أخذه بين راحتى يديه حتى تشبع عينيه من النظر إليها، تحدث بحب باسمًا إليها:-
-وأنتِ كمان يا مريم وحشتينى .. هى فين؟

أشارت إليه بالأعلي ليصعد إلى غرفتهما ووجد طفلته تجلس بالفراش تلعب بالألعاب وفور رؤيتها لوالدها رفعت "مكة" ذراعيها بسعادة حتى يحملها، أقترب منها بحب مُشتاقًا لهذه الصغيرة التى تشبه والدتها تمامًا بنفس جمالها لكنها أخذت عيني والدها الخضراء ، حملها بين ذراعيه وأستلقي على الفراش يعانقها ويقبلها بأشتياق و"مكة" تداعب وجهه وتناديه ببراءة طفولة:-
-با.. با ... با 

ضحك على نطقها إليه وهى ما زالت لا تنطق أو تتحدث لكنها تفضله كثيرًا عن والدتها التى لم تنطق اسمها نهائيًا، تذمرت "مريم" من هذا الحب الذي تراه بينهما وقالت بعبوس:-
-أيوة هو قوليله با لكن أنا ولا حتى ما ولا حرف ميم بيطلع منك

تركها "جمال" بالفراش وأشار إلى "نانسي" بأن تأخذ الطفلة، أقتربت منه وحملت "مكة" ثم غادرت، أقترب من "مريم" بسعادة وطوقها بحب شديد هائمًا بها وقال:-
-أممم وحشتينى يا مريومة، لو تعرفي نار الشوق ليكي جوايا عاملة أزاى

تبسمت وقد تخلت عن عبوسها أمامه ورفعت ذراعيها تطوق خصره بسعادة وحب ثم قالت:-
-متسافرش تاني يا جمال، أنت بتوحشنى أما تأخدني معاك

هز رأسه بنعم ثم قال:-
-هأخدك معايا لأن قلبي مبيقدرش على بُعدك

أبتعد عنها يتفحصها وهى تقف بين ذراعيه وتلف ذراعيها بأحكام حول خصره، ما زال حُبها يضرب بقلبه كلما رأها ولم يعتدي يومًا على ضرباته القوية كأن "مريم" بداخله تتجدد يوميًا بتلقائية بحب جديد، عينيها العسليتين كالذهب ولون العسل الفاتح، شعرها البنى الطويل الذي زاد طوله أكثر مع ولادتها وفترة الرضاعة ليعود كما كان أول مرة رأها، ما زالت بنحافتها وتضع مساحيق التجميل على وجهها من أجل زينتها لأجله وترتدي فستان أصفر اللون من الحرير بقط، نظر إلى شفتيها وقال:-
-أنا كام مرة قولتلك متخلنيش أشوف قلم روج فى وشك..

-دا بالبطيخ
قالتها بمكر شديد ليتذكر عندما قبلها من زمن وأخبرها بأنه يفضل البطيخ، تبسم بعفوية وهو يقترب منها ويدمر زينها بشفتيه فتبسمت بحب عليه...
 أستلق على الفراش عاريًا الصدر ويضع رأسه على قدميها أثناء جلوسها مُرتدية روب أسود اللون من الحرير وشعرها مُنسدل على الجانب الأيسر ويديها تتغلغل فى شعره بحب ليقول:-
-طول الطريق من المطار لحد هنا وصورك والدعايا الإعلانية فى كل مكان، مكنتش مصدق أن اللى قصدي بالنجاح دا مريم البنت القروية اللى جت القصر هنا وأتحمت فيا عشان محدش يأخدها

تبسمت "مريم" ونظرت إليه بسعادة وقالت:-
-وأنت مسبتش حد يأخدها يا جمال، بقيت بتاعتك لوحدك ولك أنت بس، نجحت وكبرت عشان أنت كنت وما زلت ضهرها وسندها، البنت البريئة اللى جتلك شايفة الدنيا باللون الأسود كبرت وحبت وعشقت علي أيدك بالعكس أنت علمتها أن حتى الأسود له جماله الخاص، البنت اللى شافت جمال الأسود على ايدك بقيت بتاعتك أنت، أنا مُمتنة للحظة اللى أترجيتك فيها متسبنيش لحمزة وخلينى ليك بالأكراه حتى لما خطبتني بالقوة مُمتنة لقوتك وإكراهك يا جمال

أعتدل فى جلسته وهو يقترب منها بحب شديد ناظرًا إلى عينيها وكلماتها التى لمست قلبه تشعل الشوق به فهمس بهيام قائلًا:-
-وهتفضل ليا العمر كله، أنا بحبك لا بعشقك وبتنفسك يا مريم...  قوليها!! 

رمقت عينيه العاشقتين إليها ونظراتها الدافئة التى تخدرها وتغيبها عن الوعي كأن هذا الزوج من العيون يأخذها لعالم أخر لا يعرف طريقه سوى العاشقين فهمهمت بخفوت هامسة إلية بنبرة دافئة وبسمة تنيرها وهى تعلم أن بعد كلمتها ستنال قبلة بالعالم كله منه:-
-بحبك!!!! 

أسكتها عن الكلام المباح وسرق منها أنفاسها بالعشق المُشتعل بداخله..... 

                     تمت بحمد الله 



تعليقات



<>