رواية اشواك الورد الفصل الثالث والعشرون23 والرابع والعشرون24 بقلم قوت القلوب رشا روميه


رواية اشواك الورد الفصل الثالث والعشرون23 والرابع والعشرون24 بقلم قوت القلوب رشا روميه


           •• إنه رداً للجميل ....!!! ••

ليس كل ما يشتهيه المرء يدركه  ...
ليتنى لم أحبك إلى هذا الحد ، فقد أوشك عقلى على الجنون ، بل يا ليتنى لم أسمع له بتلك الليله ... 
لا لن أقوى على العيش بدون حبك فيوم عرفتك أدركت أننى على قيد الحياة ...

توقف "يوسف" ساهماً وهو ينحى عيناه عنها قبل أن يبتعد هارباً من سيطرة قلبه قائلاً بنبره متجهمه ...
يوسف : ماشى يا "ورد" ... حضرى الأكل ...

تلاشت إبتسامتها تدريجياً وهى تراه يبتعد عنها بتلك الصورة ، شعرت بغصه فى حلقها فهى لم تتوقع أن تكون تلك خطوته ، أن ينفر منها لهذا الحد ...
شعرت بفرض نفسها عليه بصورة جعلتها تشمئز من نفسها ، قبض قلبها وتهدجت أنفاسها بضيق بالغ لتمنع تلك العبرة من السقوط ، لقد حاربت نفسها لأجله ، رفضت كل شئ وتقبلته هو فقط ...

يجب أن تهرب قبل أن يرى ضعفها ، ستظهر عدم تأثرها ... يجب أن تكون لا تهتم ...

أومأت رأسها بخفه قبل أن تسحب روبها المعلق لترتديه تخفى أثار إزلالها أمام نفسها وخرجت مسرعه من الغرفه فقد أمسكت دموعها ألا تخونها بقوة حتى خرجت من الغرفه ...

وضعت كفها فوق فمها تمنع تلك الشهقه الحزينه من الخروج محاوله ضبط تنفسها ضاغطه بقوة بعينيها حتى لا تذرف الدموع ويلاحظوا ما أحل بها ...

تمالكت نفسها قليلاً وإتجهت نحو المطبخ تحضر له الطعام وهى تلوم نفسها بشدة فياليتها لم تفكر بمبادرته من تلقاء نفسها ...

هوى "يوسف" بجسدة فوق الفراش محاولاً السيطره على قلبه المتمرد المعلن حبها ..
يوسف: مش قادر ... مش عارف أعمل إيه .. بحبك ومش قادر أقرب .. ولا قادر أبعد ....

إنتهت تلك الليله الحزينه بتناول "يوسف" الطعام بدون شهيه مطلقاً ليهرب مدعياً النوم كالعاده على الأريكة حتى يتجنب عيناها المتسائلتان عما بدر منه منذ قليل ....

تطلعت نحوه لفتره تظن أنه قد خلد للنوم ليجول بخاطرها تساؤل وحيرة ...
" هو للدرجه دى لسه زعلان من يومها معقول !!!! ... لدرجة إنه يبعد عنى بالصورة دى ؟!!! ... أنا مش فاهمه ..؟؟؟!"

____________________________________

اليوم التالى ...
استيقظ "يوسف" مبكراً للغايه ناظراً نحو تلك النائمه بهدوء بنظرات معتذره ليهم بالخروج بتعجل قبل أن تستيقظ ويرى عيناها المعاتبتان مرة أخرى ...

توجه إلى الشركه التى لم يأت موظفيها بعد ليبقى بمكتبه حبيس أفكاره التعيسه ...
يوسف: ما أنا لو أقدر أشيل كلام طليقها ده من دماغى  ...!!!.. أوووف كان لازم كلامه يرن فى ودانى ويفكرنى ... يااه ... تعبت ....

إنتبه لرنين هاتفه برقم "عبد المقصود" ليضيق عيناه بإستراب من هذا الإتصال المبكر للغايه ...
يوسف: السلام عليكم ...

ابو ورد بإعياء : وعليكم السلام ...

يوسف بقلق : حضرتك كويس يا عمى محتاج حاجه ...؟!!

ابو ورد: عايز أشوفك ضرورى يا "يوسف"...

يوسف: طبعاً .. أنا قدامى ساعه بالكتير أستأذن بس من الشركه وأبقى عند حضرتك ..

ابو ورد: منتظرك .. إن شاء الله ....

أقلقته تلك المكالمه للغايه فـ"عبد المقصود" لا يحدثه بالهاتف إلا للضرورة ، وطلبه له بهذا الشكل يوحى بأمر عظيم قد حدث ليردف بقلق عارم ...
يوسف : ربنا يستر .. شكله تعبان أوى ... حتى إمبارح كان نايم من المخدر إللى بياخده من كتر الألم ...

____________________________________

شقه يوسف ...
بطبعها المتسامح ونظرتها المتفائله للأمور شردت "ورد" قليلاً بما حدث بالأمس قائله لنفسها تبرر رد فعله بتجنبها بتلك الصورة ...

ورد  : يمكن لسه خايف ليضايقنى ... مش عارفه ؟!! .. أنا بجد حبيته ونفسى أشوفه مبسوط .. والدنيا تبقى طبيعيه بينا .. على كل حال نستنى شويه أكيد كل حاجه حتتصلح ....
أقوم بقى أروح لبابا كفايه مشفتهوش إمبارح ولا عرفت أطمن عليه ....

شعرت بالرضا لهذا السبب الذى بررت به موقف "يوسف" معها لتنهض من جلستها لتبدل ملابسها وتتجه للمستشفى للإطمئنان على والدها ...



المستشفى ....
فور أن تحصل "يوسف" على وقت أسرع بإتجاه المستشفى القريبه من الشركه كما طلب منه "عبد المقصود" ...
دلف للغرفه متناسياً أفكاره وتخبطه وقد رسم إبتسامه على ثغرة لمقابله هذا الرجل الطيب ..

يوسف: السلام عليكم .. أخبارك إيه يا عمى ...؟؟

ابو ورد: الحمد لله يا إبنى ... أقعد يا "يوسف" ...

كانت ملامح "عبد المقصود" تتسم بالجديه التامه وبعض الاقتضاب ليسحب "يوسف" المقعد بالقرب من "عبد المقصود" متسائلاً بقلق وهو يتخذ مجلسه فوق المقعد ...
يوسف : خير يا عمى ... فيه إيه ... شكلك فيه حاجه ... قلقتنى ...!!!!

إعتدل "عبد المقصود" بإعياء مستكملاً حديثه بجديه تامه ... 
ابو ورد: أنا جايبك النهارده عشان أكلمك فى موضع ضرورى ... أنا خلاص حاسس إن أجلى قرب وكان لازم أتكلم معاك ...

يوسف : بعد الشر على حضرتك يا عمى ... ربنا يديك الصحه وطوله العمر ...

أبو ورد : إسمعنى بس ...

___________________________________

بهذا التوقيت كانت "ورد" قد وصلت بالفعل إلى المستشفى صاعدة درجات السلم لزيارة والدها بغرفته دون علمها إطلاقاً بأن والدها طلب مقابله "يوسف" وهو معه الآن يتحدثان سوياً ...

إتخذت خطواتها بخفه بهذا الرواق الطويل حتى وصلت للغرفه والتى سرعان ما إنتبهت لصوت "يوسف" بالداخل ...

وضعت كفها فوق المقبض لتدلف للداخل حين إستمعت مصادفه لحديث والدها الذى لا يعلم بوجودها بعد ..
ابو ورد: أنا عارف يا إبنى أنى أنا إللى طلبت منك تتجوز "ورد" عشان تاخد بالك منها وتحميها ... وإن إنت بترد لى الجميل إللى عملته معاك ....

يوسف بإمتنان : حضرتك إللى عملته معايا مكنش حاجه بسيطه ...

توقف بها الزمن وهى تستمع لما تفوه به والدها للتو ...

تراجعت لخطوات بصدمه غير مصدقه إطلاقاً أن والدها قد فعل بها هذا ، لم حط من قدرها بهذا الشكل ...؟!! لم فرضها بالقوة على "يوسف" ...؟!!

فهذا هو سبب نفوره منها وتجنبها ... فزواجه منها ما كان إلا رداً للجميل ، لم يكن حباً على الإطلاق ...

الآن قد فهمت ...  أننى لا أساوي حباً ... بل واجب مفروض ... 

عادت بطريقها الذى لا تبصره بتلك الغشاوة التى طغت فوق عينيها فإنهمرت دموعها بألم ، صدمه قاسيه لقلبها الذى عشقه لتمزق روحها مرة أخرى ...

___________________________________

المستشفى ...

بقناعه حقيقيه أوضح "يوسف" أن قبوله زواجه من "ورد" ليس فقط رداً للجميل بل لعشق دب بقلبه تجاهها ...
يوسف: لكن يا عمى أنا متجوزتش "ورد" عشان رد الجميل بس  ... أنا فعلاً حبيتها .... وعايز أكمل معاها .. منكرش على حضرتك إن موضوع جوازها الأولانى ده كان عاملى مشكله نفسيه فى الأول ....

قاطعه ابو ورد: موضوع جوازها الأولانى ده كان فرض منى عليها .. عايزك تنساه وتخليها هى كمان تنساه .... أنا جايبك مخصوص هنا عشان الموضوع ده ...

بإستراب شديد تسائل "يوسف" ..
يوسف: جايبنى عشان موضوع جوازها ...؟؟؟!!!

ابو ورد: لأ ... عشان "حسام" وأمه ... أينعم أم "حسام" كانت مراتى  ... بس هى خدعتنى وفهمتنى إن "محمد" إبنى ... لكن خدعتنى وكذبت عليا وطلع مش إبنى وأنها أخدته من أمه الحقيقيه وفهمتنى أنه إبنى ...  كمان يوم ما فهمتنى إن ابنها راجل كويس وطلع زيها كداب ومخادع ... كل همهم إنهم ياخدوا فلوس "ورد"...

إندهش "يوسف" من سيل الحقائق التى يقذف بها "عبد المقصود" بوجهه ...
ألهذه الدرجه شر النفوس ... أن تأتى بطفل ليس بولدها وتدعى ذلك طامعه بحصولها على مالهم ... 

يوسف: يا ساتر يا رب .. يعنى "محمد" مش إبنك ....؟؟!!!!!  معقوله دى ...

ابو ورد: للأسف ... "محمد" مش إبنى .. لكنه طفل برئ "نجاح" المربيه حتاخد بالها منه ... إللى أنا جايبك عشانه دلوقتى ... "حسام" وامه ... كانوا عايزين يعملوا أى حاجه ويوقعوا "ورد" ويضحكوا عليها عشان يرجعوها تانى لـ"حسام" وياخدوا فلوسها عشان كده طلبت منك تتجوزها بعد العِده على طول .... وسافرت أنا وهى من غير ما حد يعرف عشان تعدى أيام العِده وميعرفوش يوصلوا لها ...

يوسف: عشان كده سافرت إسكندريه إنت و"ورد" ..؟

ابو ورد: أيوة ... خد بالك أوى يا "يوسف" "حسام" وأمه دول خبثاء ... فيهم شر وحقد  ... عايزك كمان تخلى "ورد" تحرص منهم دول عندهم إستعداد يعملوا أى حاجه تأذى "ورد" ...

بوعد حقيقى نابع من قلبه أردف "يوسف" بقوة وجسارة ...
يوسف: متخفش يا عمى "ورد" فى قلبى وفى حمايتى وعمر ما حد حيقدر يأذيها أبداً وأنا موجود ...

تنفس "عبد المقصود" براحه بعد أن أوضح كل شئ لـ"يوسف" وإطمئن بوعده له بالحفاظ على إبنته فهو رجل صلب وقادر على الإلتزام بوعده ..

ابو ورد: الحمد لله .. أنا كده إرتحت ...

أنهى "عبد المقصود" وصيته ليخلد لراحته فيما عاد "يوسف" لعمله مرة أخرى ...

____________________________________

شقه يوسف ...
بصمت ملفت للنظر وملامح صامته متجهمه دلفت "ورد" إلى داخل الشقه متجهه نحو غرفتها مباشرة وسط تعجب ام "يوسف" و"دعاء" لتدير "دعاء" وجهها تجاه والدتها متسائله بإستراب عن ضيق "ورد" الشديد ...
دعاء: هى "ورد" مالها يا ماما ....؟؟

ام يوسف: يمكن تعبانه ولا حاجه يا بنتى ...!!!

دعاء: يمكن .. أدخلها أطمن عليها ...؟!!!

ام يوسف: سيبيها ترتاح شويه وبعدين إدخلى لها .. هى أكيد زعلانه على باباها ما هى كانت عنده فى المستشفى ...

دعاء:ربنا يشفيه ... "ورد" تستاهل كل خير والله ...

ام يوسف: أه والله يا بنتى ... ده لو "يوسف" كان لف الدنيا بحالها مكنش حيلاقى زيها أبداً ...

أغلقت "ورد" باب غرفتها من خلفها لتستند عليه بإستسلام لكل تلك الأشواك التى لا تنتهى من حياتها ، متى ستشعر بالفرح مثل بقيه الفتيات ... هل كتب عليها الشقاء بحياتها وان كل حظها بالدنيا تمثل بملامحها الجميله فقط ..

ليتهم يعلمون أنه ليس كل ما هو جميل بالخارج هو بالطبع جميل من الداخل ... ليتها لم تكن بهذا الجمال وتكون سعيده راضيه ..

صدق من قال أن للكل نصيب متساوٍ فى الدنيا لا ينقص من أحد شئ عن الآخر لكن تختلف قسمته ....

تهدلت ملامحها بحزن وهى تحدث نفسها التعيسه ...
" يعنى كان رد للجميل ... محبنيش أساساً !!!! ... تانى يا بابا .. تانى تظلمنى ... وتظلمه هو كمان معايا ... هو أكيد مجبر عليا ... بس كفايه كده .. مينفعش يتحملنى وأكون حمل زياده عليه هو ميستحقش كدة ... لازم يشوف حياته ويحب ويتجوز بجد مش يتربط نصيبه بواحده ولا عايزها ولا بيحبها لمجرد رد الجميل وبس ..." 

يكفيها أن تشعر بسعادته فهو إنسان رائع يستحق ذلك ، لقد أحبته بالفعل لدرجه أن تضحى بسعادتها بقربه لأجل سعادته ولو كان ذلك على حساب فراقه للأبد ...

إنهمرت دموعها لمجرد تفكيرها بالبعد عنه وأن أخرى سيكون محلها بقربه زوجه له ، لكنها لن تكون بتلك الأنانيه فعليه أن يحب ويتزوج ويسعد بحياته وعليها التضحيه لأجله ...

" هو كان كويس أوى معايا ... مينفعش أنا كمان أكون أنانيه بالشكل ده .... لازم لما ييجى أحط النقط على الحروف ...." 

___________________________________

شركة الأقصى ...
ظل لساعات يفكر بحديث "عبد المقصود" له ليفاجئ بمن يقطع أفكاره مهللاً بصخب ...

شريف: أنا جيت ... وحشتنى يا أخى الشويه دول ...

بتفاجؤ بعودة "شريف" بتلك السرعه من سفرته أردف "يوسف" متحمداً على سلامته ...
يوسف: شريف ....!! حمد الله على السلامه .. جيت إمتى  ...؟؟

شريف: إمبارح بالليل ...

يوسف: ها ... وعملت إيه ...؟؟

مد "شريف" كفه الأيمن أمام مرأى "يوسف" مردفاً بإبتسامه واسعه وحماس مفرط ...
شريف: مش شايف الدبله منوره فى إيدى إزاى ...

يوسف: أه صحيح .. مبروك ... و حددتم معاد الفرح ...؟؟!!

شريف: إن شاء الله كمان شهرين تقريباً ....

يوسف: وحتعملوة فين بقى ...؟؟

شريف: لا هنا طبعاً .. عشان أهلنا كلهم هنا ...

يوسف: كويس عشان أقدر أحضر الفرح ...

توقع "شريف" أن خبر خطبته سيسعد "يوسف" كثيراً ، لكن ردوده المقتضبه وملامحه المتجهمه أثارت فضول "شريف" كثيراً ليتسائل بإنزعاج ...

شريف:  مالك .... حاسس إنك مش مبسوط كدة ....؟!!!

يوسف: أبو "ورد" تعبان أوى ... كنت لسه عنده فى المستشفى ... طلبنى مخصوص عشان يوصينى على "ورد" و .....

شريف: و ... إيه ... !!! مالك وقفت كلامك كدة ...؟!!

إنتبه "يوسف" حين بدأت كلمات "عبد المقصود" تتردد مرة أخرى بعقله محاولاً ربط بين بعض الأحداث بعضها البعض ...

أخذ يتحدث بكلمات مشتته لم يستطع "شريف" فهم مقصده منها ...
يوسف:  "حسام" عايز يأذى "ورد" ..!!! ... وممكن يحاول يعمل أى حاجه عشان يرجعها  .... !!!!!!

إتسعت عينا "يوسف" بذهول مكرراً كلماته بشرود ...
يوسف : يرجعها .......؟!!! يعنى ممكن يكدب عادى  ... يعنى يضحك عليا بكلام محصلش .....!!!!

يبدو أنه أخيراً فهم مقصد هذا الدنئ بتلك الليله ، فما كان ناصحاً بل مفسداً زيجتهم لنزع "ورد" منه ، نعم ... هو فعل ذلك ليعيدها إليه ...

نهض "يوسف" بقوة وقد علت عيناه نظرات غاضبه وهو يكور قبضه يده بإنفعال قبل أن يخطو بضع خطوات لخارج المكتب وسط هتاف "شريف" به ...

شريف: ايه إللى حصل .... يا "يوسف"  ... إنت رايح فين ....؟؟

أجابه "يوسف" دون النظر إليه وهو يخرج بعجاله بخطوات تميل للركض ...
يوسف: رايح أتأكد من حاجه .. ويا ويله منى لو كان كدب عليا ..

بثوان كان "يوسف" قد غاب عن ناظره ليتمتم بعدم فهم ...
شريف: هو مين ده ؟!!   .. هى إيه الحكايه بالضبط ...؟!!! 

____________________________________

لم يكن من الصعب على "يوسف" التوصل لعنوان إقامه "حسام" ليتجه نحو شقته مباشرة فلن يتركه اليوم دون أن يتأكد من كل شئ تخبط به بأيامه السابقه ...

شقه حسام ...
بعقل غير واعٍ جلس "حسام" يسند رأسه للخلف بعد تناوله لتلك الجرعه المخدرة مستمتعاً بنشوة لحظيه إثرها ...

إنتبه بتثاقل لطرقات عنيفه فوق باب شقته ليستند بترنح عدة خطوات حتى يتحرك نحو باب الشقه فربما تكون والدته قد عادت ...

جحظت عيناه بتخوف وهو يرى "يوسف" يقف ببابه تعلو عيناه تلك النظرات الغاضبه يكاد الشرر يخرج منهما ليفزع "حسام" برؤيته متراجعاً لعدة خطوات للخلف هارباً من "يوسف" ....

لم يكن الإمساك به من الصعوبة على "يوسف" ليقبض مقدمه ملابس بين قبضته القويه ثم يدفع به تجاه الحائط بقوة ليصطدم ظهره النحيل به متأوهاً بتألم ...

رؤيته يتهرب منه بتلك الصورة أيقن بداخله أن هذا الفأر ما هو إلا كاذب مفترى على "ورد" ، كيف سمح له ولنفسه بتصديق هذا الإدعاء المجحف عليها وعلى شرفها ...

دنا "يوسف" بقوة من "حسام" حتى شعر الثانى بضئالته أمامه متيقناً أن حتى هواء تنفسه الحار يشعر به "حسام" بقوة ...

تحجر ريقه بتخوف وعلت عيناه نظرات هلعه مما سوف يفعله به هذا القوى حين إحتدت عيناه بقوة ولاحت ببريق غاضب أطاح بتماسك "حسام" حين بدأ "يوسف" بالصراخ به بغضب ...

تحول "يوسف" بلحظه لشخص مخيف للغايه تفاجئ بنفسه يخرج هذا الكم الغاضب بصوت هادر لخداع هذا الدنئ له ليردف بحدة ...
يوسف : أنت يا كداب يا **** ... إزاى تقولى كده على "ورد" .... إزاى جت لك الجرأة حتى ... إنطق ...؟؟

شعر "حسام" بالإختناق من إحكام قبضه "يوسف" حول ملابسه المحيطه بعنقه وأيقن بهلع أن "يوسف" سيقتله الآن بعد تأكد كذبه لينهار معترفاً بكل شئ ليحفظ حياته التى ستضيع بين قبضه هذا القوى الشرس ...

حسام بتلعثم : كان ااا .... كان ...  لازم أقولك كده أنا .. أنا كنت عاوزها ... كنت ... عاوز أرجعها تانى ..  هى عجبانى ... وخصوصاً إن محصلش بينا حاجه ... و زى مانت عارف هى لسه بنت .. أنا معرفتش ألمسها يوم دخلتنا ... أنا ... أنا .... حصلت ظروف ومقدرتش ... بس أنا كنت عايز أرجعها تانى ... لقيتك حتتجوزها .. مكنش فيه حل تانى قدامى إلا أنى أتبلى عليها كده .....  عشان تطلقها و أرجعها أنا ليا ..      بس أنت مطلقتهاش !!!! ... مع كل إللى قلتهولك ده .. إنت مطلقتهاش !!!!! ... وسكت بعدها لأنى إتأكدت إنك أكيد عرفت إنها بنت ومحدش لمسها ....

صدم "يوسف" من كم هذه الحقائق التى تظهر أمامه بصورة مفاجئة صادمه ومفرحه فى نفس الوقت ... كما صدم من كذب هذا المحتال عليه وجعله يبتعد عن محبوبته كل هذا الوقت ...

تركه "يوسف" بغضب دافعاً له بقوة ليسقط "حسام" على الأرض مرتعباً يتابع "يوسف" الذى خرج مسرعاً من شقته ليهرع بإتجاه الباب يغلقه بقوة خوفاً من عودته ...

___________________________________

إحساس مضطرب غريب إجتاحه بين نشوة وفرحه ملأت صدره فلا شئ سيعوقه الآن أمام حبيبته فكل ما عرفه عنها ما هو الغا مجرد إفتراء وكذب ...

بالطبع كان لابد وأن يتوقع ذلك فكل ما فيها يوحى بالصدق والعفه ....

كيف صدق هذا المحتال !!!! ... لكنه الآن .. يجب أن يعترف لها بحبه المتيم ... فهو لا يعشق سوى "ورد" .... آن الأوان لنفض هذه الأشواك التى جرحتهم وعليهم البحث عن السعاده ...

____________________________________

حسام ...
أسرع "حسام" ومازال الخوف يعلق بروحه يتصل بوالدته يخبرها بما حدث مع "يوسف" ..

حسام: أيوة يا ماما .. يوسف كان هنا ...

ام حسام: هنا ... هنا بيعمل إيه ... وعملت معاه إيه ...؟؟؟

حسام: أنا خفت منه أوى ... وقلتله أنى .... كذبت عليه ...

ام حسام: لاااااااا ...  ده كده صعبها علينا أوى ... أنا جايه لك ...

حسام: ماشى مستنيكى ..

أغلق "حسام" الهاتف مع والدته وتوجه مسرعاً نحو زجاجاته الملقاه يبحث عن ملذاته هرباً من إرتعابه مما حدث مع "يوسف" وأخذ يشرب من إحدى الزجاجات بشراهه حتى أصبح سكيرا فى اللاوعى غير مدركاً لما يحدث حوله ....

____________________________________

يوسف ...
سار بطريقه عازماً على إصلاح ما أفسده بسبب هذا الحقير المدعو "حسام" ، فاليوم سيسترد حياته وزوجته بعدما أدخل عديم الأخلاق هذا الشك بقلبه ناحيه "ورد" ، سيطلق العنان لقلبه وكفى .....

____________________________________

شقه يوسف ...
إنتظرت "ورد" مرور الوقت البطئ حتى يعود "يوسف" إلى البيت فى المساء لتضع حد لما فعله والدها مع "يوسف" ..

هذا الشخص ذو المروءة والاخلاق حافظ الجميل يجب ألا يظلم لأكثر من ذلك بسببها وبسبب طلب والدها ، فحياءه منعه من الرفض وما أخذ بسيف الحياء فهو باطل وهى لن ترضى بذلك ...

وصل "يوسف" إلى البيت محملاً بشوق أخفاه بقلبه لفترة طويلة ،  هرول مسرعاً نحو شقتهم غير قادر على الإنتظار أكثر من ذلك ...

دلف ناهجاً لخطواته المتسارعه ليجد والدته وأخته "دعاء" بغرفه المعيشه لتندهشا لعودته بمثل هذا الوقت  ....
ام يوسف: إيه ده .... إيه إللى جايبك بدرى يا "يوسف" .... ؟؟ أنت تعبان ولا حاجه ....؟؟

يوسف: أبداً يا ماما .. أنا بخير .. أمال فين "ورد" ....؟؟

ام يوسف: فى الأوضه جوة يا بنى .. باين عليها تعبانه ولا حاجه ...

يوسف بقلق: تعبانه .. ليه مالها ...؟؟

دعاء: مش عارفين والله يا "يوسف" ... إدخل شوفها وإطمن عليها ...

أومئ بخفه إيجاباً فهو بالفعل لا يحتمل الإبتعاد عنها لأكثر من ذلك ...
توقف للحظه يستجمع رباط جأشه أمام باب غرفتهما ثم أمسك بمقبض الباب بتوتر لهذه المقابله الحاسمه أخيراً بعد عناء طويل ...

•• الفصل الرابع والعشرون ••
           •• الجزاء من جنس العمل ...••

يوسف ...
بدقات قلب مندفعه وقف ببابها فما يفصله عنها سوى قطعه خشبيه فقط ، خطوات بينه وبين راحه قلبه ، بدقات خفيفه طرق الباب يستمع لصوتها الهادئ تسمح بالدخول ...

فتح "يوسف" الباب برفق يبحث بعيناه المشتاقتان عن معشوقته الرقيقه ...

نظرت "ورد" تجاه الطارق ولم تتوقع أن "يوسف" قد عاد مبكراً لتهمس بإسمه الذى دق حروفه بقلبها أولاً ..

ورد بهمس: يوسف ...!!!

رؤيتها فقط زلزلت كيانه وهى تهمس نطقاً بإسمه من بين شفاهها لتتلاشى كل الكلمات التى حضرها طوال الطريق ، فمن هذا القوى الذى يتحمل عذوبه كهذه ليبقى صامداً ...

وجهها الشاحب وملامحها التى تجهمت فجأه أقلقه للغايه ليتسائل بتخوف ...

يوسف: مالك يا "ورد" .... ؟؟ أنتى تعبانه ... ؟؟

تشتت نظراتها بعيداً عن خاصته التى تربكها وتسحبها بطريقها إليه ، هذا الطريق الذى يجب أن تنأى عنه ، أردفت بنبرة حزينه منكسرة ...
ورد : لأ .. مش تعبانه ...

إقترب عدة خطوات وهى يكمل بإهتمام ...
يوسف: أصل ماما و"دعاء" قالولى إنك شكلك تعبانه ..

ورد: لا متقلقش .. أنا كويسه ....

طريقتها مختلفه للغايه ، حديثها جاف لحد بعيد ، كانت ردودها مختلفه عن طبيعتها التى إعتاد عليها كما لو أن هناك ما يؤرقها أو يضايقها ...
يوسف: مالك يا "ورد" ؟؟ فيكى إيه ...؟؟؟

إتجهت بزرقاوتيها تجاهه بصمت لتدور برأسها التساؤلات ... هل عليها أن تخبره الآن أم لا ... فإخباره يعنى ضياعه منها للأبد ..... هل هى بالقوة الآن لهذا الحسم ؟؟!! ... لكن لا ... لابد من هذه المواجهه وألا تتحلى بالأنانيه ... فقد فعل معها الكثير ولا يستحق أن يظلم بعد الآن ...

تطلعها الصامت بوجهه جعله يشعر بأنها تخفى عنه أمر ما ليردف بقلق من غموضها ...
يوسف : مالك !!!! .. قلقتينى .. مش بتردى عليا ليه .....؟؟

نهضت من جلستها لتكتسب بعض القوة أمامه لتخرج ما بداخلها ، لكنها إن بدأت فلا سبيل للتراجع ...

ليت القلوب تكشف فحواها ، فإخفاء ما بها أسلكهم متاهات لا نهايه لها ، ليتهم تصارحا منذ زمن لما كان كل منهم بجانب ينأى عن الآخر ...

سحبت نفساً طويلاً قبل أن تندفع بحديثها دفعه واحده حتى لا تتراجع عن قرارها لتبدأ حديثها بتساؤل أولاً ....
ورد: "يوسف" ... ممكن أسألك سؤال وتجاوبنى بصراحه ...؟؟

قلق "يوسف" من حديث "ورد" الغريب ...لكن بداخله إصرار على إصلاح كل شئ الآن ... وربما حانت هذه الفرصه .....

يوسف: طبعاً .. إسألى ...

ورد: إنت إتجوزتنى ليه ....؟؟

تفاجئ بسؤالها المباغت وإحساسه أن هناك ما تخفيه خلف هذا السؤال ليردف رداً على سؤالها بسؤال آخر ...
يوسف : ليه ......؟؟ .. مش فاهم السؤال ....؟؟ حكون إتجوزتك ليه يعنى .....؟؟

وجدت نفسها تسلك هذا المسار لترفع هامتها متحليه بالقوة مستكمله حديثها ...
ورد : من أول جوازنا وأنا بسأل نفسى السؤال ده .. وكنت بجاوب على نفسى وبقول إن أنت أكيد أعجبت بيا مثلاً ... وعشان كده طلبت إيدى من بابا .. لكن !!

يوسف: صح يا "ورد" ... مظبوط .. ده إللى حصل ... لكن إيه ...عايزة تقولى ايه ...؟؟

ضمت شفتيها بقوة متحليه بالتماسك فكل ما تتفوه به يؤلمها كثيراً ويدفعها للبكاء ثم أردفت بإنفعال فلم تعد تتحمل بعد ...
ورد: إنت محبتنيش يا "يوسف" !!!!! .... أنا عرفت كل حاجه ... عرفت إن بابا هو اللى طلب منك إنك تتجوزنى عشان كان خايف عليا ... عرفت إن أنت بشهامتك ورجولتك وافقت عشان بترد الجميل لبابا ... مش عشان أى حاجه تانيه ...!!!!!!

لحظه مواجهه لم يكن يريدها "يوسف" مطلقاً ، لم يرد أبداً أن تعلم بطلب والدها حتى لا تظن ذلك ، إنه يحبها ... يتنفس وجودها ... يحارب نفسه لأجلها فلو كانت غيرها لما كان تقبل كل ذلك ، لكن قلبه أحبها وبقوة .. أحبها بصورة جعلته يلين لها بالرغم من تلك الأقاويل الباطله ، فقط كان ينتظر أن تهدأ نفسه وينسى ... 

لك تعطه الفرصه وحكمت هى أيضاً عليه بدون دليل ليهتف بإنفعال فهو لا يريد خسارتها أبدااااا ....

يوسف بإنفعال : مين إللى قالك كده ... إللى فهمك كده غلطان ... أنا ....

قاطعته "ورد" بيقين تام لما إستمعت إليه ...
ورد : أنا محدش قالى حاجه .. أنا متأكده من إللى بقولهولك ده ... أنا سمعت بابا وهو بيكلمك ....

تقدم نحوها بخطوات قليله ليخفض من نبرته المنفعله لتحل محلها تلك العاشقه الحانيه وقد علت عيناه المسلطتان عليها بقوة نظرة عاشقه ولهه معترفاً لها بعشقه المتيم ...
يوسف : أنتى فاهمه غلط يا "ورد" .... أنا بحبك ... أنا إللى كنت عايز أتجوزك ...

كم هو خلوق للغايه ، لايريد أن يقلل منها حتى لآخر وقت يتعامل معها بنبل أخلاقه ...
نكست عينيها لوهله وإرتسمت بسمه حزينه ساخرة على محياها ثم أكملت ...

ورد بسخريه : بلاش يا "يوسف" تحلى الكلام ... أنا عارفه ومتأكدة إنك مجبر عليا و إن أنت مكنتش عايز تتجوزنى من الأساس ... متكدبش عليا عشان متكسرنيش قدامك ... أنا فهمت كل حاجه خلاص ...

لم تعند معه ولا تصدقه ، لم تتشبث بتلك الأفكار الخاطئة...

أكمل بإصرار لا حدود له فيجب أن تدرك أن حبه لها صادق نابع من قلبه وليس كما تظن ...
يوسف : أنا مش بقول أى حاجه ولا بحلى شكلك .. أنا بكلمك بجد .. أنا بقولك على إللى جوايا ناحيتك ... أنا بقولك على إللى فى قلبى ... يا "ورد" إفهمينى ... أنا بحبك ... بحبك أوى ....

علت شهقاتها غير مصدقه لما يفعله من أجلها لتنهار ببكاء فبعد مواجهتهم عليها الفراق ، وفراقه مؤلم للغايه ...
ورد : إنت إنسان أوى يا "يوسف" ... حقيقى بجد ... وفعلاً تستاهل كل خير ... هو عشان ترد الجميل لبابا تعمل معايا كل ده !!!!!!! .. حتى لو حتضحى بمستقبلك و راحتك وسعادتك !!!!! .. وتقبل تتجوز واحده زيي ... "يوسف" أنا ليا طلب عندك .... طلقنى يا "يوسف" ..

تهدلت ملامحه بصدمه وهو ينفعل بتعنتها لما فهمته بصورة خاطئة ، نعم هو أيضاً أخطأ ... أخطأ بعدم مصارحتها من البدايه ، أخطأ بعدم توضيح مشاعره تجاهها ، أخطأ بتصديق شخص خبيث النوايا كـ"حسام" وعدم تصديق برائتها التى كانت واضحه جليه أمام عيناه طوال الوقت ...

لقد زالت الغشاوة عن عيناه ويجب أن تزال من عينيها أيضاً ، يجب أن تصدقه أنه لا يدعى حبها ، بل أنه عاشق حتى النخاع ، عاشق يتمنى لحظه تجمعهما معاً ...

هتف "يوسف" بإنفعال محب تكاد حبيبته أن تضيع من بين يديه ...
يوسف : أطلقك .....!!!!!!!!!! لا .... لا طبعاً .... أنتى بتقولى إيه ؟!!!!!! ...إفهمينى يا "ورد" .. أنا كنت جاى النهارده وعايز اااا....

قطع حديثهما رنين هاتف "ورد" برقم المستشفى لتسرع بإلتقاطه والرد على الفور فقد توجست بتخوف لحظه رؤيتها إسم المستشفى بشاشه هاتفها .....

ورد بقلق: ألو ... إيه ....؟؟؟؟

رفعت وجهها المفزوع تجاه "يوسف" وهى تهتف به بذهول ..
ورد: "يوسف" ... بابا ...!!!!!

إرتجفت يداها وسقط الهاتف من قبضتها ليلتقطه "يوسف" بسرعه واضعاً إياه فوق أذنه مجيباً الإتصال وعيناه مسلطتان على "ورد" التى تهدج تنفسها بذهول شديد ...

يوسف: أيوة خير يا فندم ... إيه ... لا حول ولا قوة إلا بالله ....

زاغت عينا "ورد" للحظات قبل أن تركض بسرعه للخارج بدون تفكير ليلحق بها "يوسف" راكضاً خلفها للحاق بها ...

أوقفت سيارة وسط رؤيتها الضبابيه ليجلس "يوسف" إلى جوارها بصدر ناهج وهو يطلب من السائق الإتجاه صوب المستشفى على الفور ...

____________________________________

شقه حسام ....
وصلت "ناهد" لشقه إبنها بعد أن قطعت طريقاً طويلاً للغايه للعودة بعد أن أخبرها بمرور زوج "ورد" به ...

كانت تستشيط غضباً مما فعله "يوسف" وإفساده لمخططاتهم ، أخذت تضرب الباب بعنف فـ"حسام" لم ينتبه لطرقها لعدة مرات ...

لكنه لم ينتبه لها بعد ، بحثت بحقيبتها الممتلئه عن النسخه الإحتياطية من المفتاح لفتح الباب حتى وجدته ...

فتحت الباب دالفه لداخل الشقه بتقزز رهيب وهى تعقص ملامحها بإشمئزاز "حسام" وسط ذلك الكم من المهملات من حوله من زجاجات ملقاه هنا وهناك وبعض علب الطعام الجاهز ملقاه بعشوائيه بأماكن متفرقه مازال بعضها يحوي بقايا متعفنه ...

نظرت حولها بغثاء نفس وهى تهتف به بضجر ...
ام حسام: أوووف يا "حسام" ..العيشه المشرفه إللى انت عايشها دى مترضيش حد خالص ... أوووف ...

نظرت حولها باحثه عن ولدها حتى وجدت ملقى فوق الأريكة أمام التلفاز مخموراً سكيراً لا يعي بالدنيا من حوله ....

إقتربت منه وهى تمسك بجسدة الثقيل تعداه جالساً بصعوبه ليدفعها عدة مرات وهى يُسبها بلسان ثقيل غير مدرك ولا واعى لما يتفوه به على الإطلاق ....

ام حسام: فوق يا "حسام" .. مش كده ... فوق كده وكلمنى ....

حسام: كفايه بقى .... أنتى ... السبب .. فى كل .. إللى أنا ... فيه !!!!! ... أنتى .. إللى جبتينى ... هنا ... أنا كنت .. عايش ... ملك ....

ام حسام بغضب: لا ده إنت بتخرف على الآخر ....فوق كده وإتعدلى ... حروح أعملك فنجان قهوة يفوقك كده عشان نعرف نتكلم ....

حسام: يووووه ..... غورى من ... وشى ...

زفرت بقوة وهى تتجه للمطبخ وسط تلك الزجاجات والعلب بضيق بالغ من إبنها السكير الفاشل الذى لا ينفعها بشئ مطلقاً ، بل يفسد دوماً ما تفكر به بتصرفاته الحمقاء ورعونته التى إعتاد عليها ...

أمسكت بذلك الوعاء المخصص لصنع القهوة (كنكه) وأشعلت الموقد واضعه إياها فوق لهبها ، إنتبهت لسقوط شئ جثيم بالخارج أصدر صوتاً قويا للغايه لتخرج مسرعه تجاه "حسام" بالخارج ...

وجدت "حسام" قد وقع أرضاً بالفعل إثر ترنحه وعدم قدرته على التماسك واقفاً ....

ام حسام: مش عارفه إيه إللى إنت بتهببه فى نفسك ده !!!!! ...قوم وفوق ... أنا خلاص لقيت حل نهائى لكل إللى إحنا فيه ده ... قوم عشان أفهمك حتعمل إيه ...

وقت الأقدار تغيب العقول ، حرصها دوماً على تفاصيل حياتها لم يمنع تدخل القدر ومشيئه الله فى خلقه ، لم تدرك "ناهد" أنها حين تركت شعله الموقد أثناء صنعها لهذه القهوة كانت بدايه الشرر حين وقعت إحدى زجاجات الخمر المفتوحه فوق الموقد لتنكسر محدثه نار هائله بدأت تنتشر سريعاً بفعل زجاجات الخمر الملقاه بكل مكان فكانت كالوقود فى الهشيم لتصبح بلحظات تحيط بهم من كل إتجاه تمنع حركتهم لأى إتجاه ...

فكلما حاولا الهرب وجدا النار تحاوطهم منها بقوة هائله فالخمر المتبقى بتلك الزجاجات كان يزيد من إشتعال النيران وتوهجها أكثر وأكثر ..

وما كان يعتبره "حسام" ملذة حياته أصبحت هى السبب بهلاكه و نهايته هو و أمه ....

أخذت "ناهد" تصرخ بكل قوتها مستنجده بأى شخص يلحق بهم فالنيران أخذت تزداد وتزداد بقوة رهيبه ....

لكن لم يستطيع أحد مساعدتهم على الإطلاق .... بل لم يسمعهم أى شخص لنجدتهم ... فالبنايه فى الأساس كانت جديدة كلياً خاليه من السكان ... وهذا ما ساعد "حسام" فى بدايه زواجه بالتعدى على "ورد" فلقد كان متأكداً أنه لن يسمع بها أحد وينتبه لصرخاتها وإستنجاداتها المستمرة فتمادي بتجبره عليها مستعرضاً قوته على تلك الضعيفه ...

____________________________________

المستشفى ...
وصلا إلى المستشفى مهرولين نحو غرفه "عبد المقصود" بعد إتصال إحدى الممرضات بهم تبلغهم بإحتضار والدها ....

لكن حين وصلت "ورد" إلى غرفه والدها كان قد فارق الحياه بالفعل ....

لم تصدق ورد كلمات الطبيب المواسيه لها وأسرعت نحو والدها لتجثو فوق ركبيتها ممسكه بيده الضئيله تتشبث بها وقد أصابتها حاله من الإنهيار التام ....

ورد: لااااااااا ... بابااااااا .... متسبنيش يا باباااااا ... أنا ماليش غيرك دلوقتى ... متروحش وتسيبنى ... أنت مستنتش حتى لما أجيلك وتقولى عملت فيا كده ليه تانى ... متروحش منى ... أنا عايزاك جمبى .... أنا ماليش غيرك ...... قولهم إن إنت ممتش ... قوم ... قوم يا بابا وريهم إنك مش حتسيب وردتك لوحدها فى وسط الشوك اللى هى عايشه فيه ...... لااااااااا ... لاااااا يا بابا ....

أسرعت إحدى الممرضات بإبعاد "ورد" عن والدها ومحاوله تهدئتها لكن إنفعالها كان قوياً للغايه ..

ورد: إبعدوا عنى ..حتى أنتوا عايزين تبعدونى عنه ... كفايه بقى ...

أبعد "يوسف" الممرضه عن "ورد" ليقف إلى جوارها محاولاً تهدئتها قليلاً وعليها الصبر والإحتساب ...
يوسف: بالراحه يا "ورد" ... إهدى ... إنا لله و إنا إليه راجعون .. إنتى كده مش بتريحيه .. إنتى بتتعبيه زياده ... إدعي له ... ده أمر الله ...

نظرت له ورد نظرة معاتبه منكسرة للغايه فقد غاب سندها ، غاب من يحميها من أشواكها ....

أردف "يوسف" هامساً نحوها ...
يوسف : إهدى ... إهدى حبيبتى ...إهدى ...

ورد معاتبه: حتى إنت مصدق إنه مات !!!! ... حتى إنت يا "يوسف" ...

يوسف: مينفعش كده .. هو كمان كان تعبان جداً ...ربنا إختاره قبلنا ... وكلنا حنرجع لله دى أمانه وبترجع للى خالقها ... لازم نصبر ونحتسب ...

ورد ببكاء حار: ااااه يا بابا .... اااه يا حبيبى ....

____________________________________

سماح ...
فور علمها بوفاه والد "ورد" أسرعت بالمرور بـ"ورد" فهى على شفا الإنهيار وهذه المره ربما تصبح العواقب وخيمه ..

سماح: "ورد" ... تعالى معايا ...

إنتبهت "ورد" لوجود "سماح" لتستغيث بها ربما تصدقها ...
ورد : "سماح" ... شفتى يا "سماح" ... كلهم بيقولوا بابا مات .. شفتى ...!!!!

أدركت "سماح" حاله الإنكار التى حلت بـ"ورد" فأمرت بإعطائها حقنه مهدئه لتستريح قليلاً ثم تساعدها فى إدراك وتقبل ما حدث ...

حملها "يوسف" بين ذراعيه بعد إعطائها تلك الحقنه ثم توجه بها برفقه إحدى الممرضات والطبيبه "سماح" إلى غرفه أخرى تستريح بها ...

جلس "يوسف" مرافقاً "ورد" منتظراً أن تفيق فى أى لحظه فهى تحتاج إلى وجوده إلى جوارها الآن ولن يتركها أبداً بعد ذلك ، وعندما تتاح له الفرصه سيشرح لها ما كان يود شرحه وتوضيحه لها حين قطعه إتصال المستشفى ..

فيجب عليه أن يبين حقيقه مشاعره وحبه لها وأنها تتوهم عندما تظن أنه لا يحبها وقد فعل ذلك فقط لمجرد رد الجميل ....

إنتبه "يوسف" لصوت رخيم يسأله بفضول ...
سماح: إنت "يوسف" صح ...؟؟

نظر لها "يوسف" محاولاً تذكر إن كان قد قابل هذه الطبيبه من قبل وهو يجيبها ....
يوسف: أيوة يا فندم .. حضرتك تعرفينى ...؟؟

سماح: أنا طبعاً عارفاك بس إنت ممكن تكون متعرفنيش !!!! ... أنا الدكتوره "سماح" إللى كنت بعالج "ورد" هنا فى المستشفى ...

يوسف: أه .. أهلاً وسهلاً ..و .... حضرتك تخصص إيه معلش لأنى معرفش حضرتك ...؟!!!

سماح: انا الدكتوره النفسيه .....

إندهش "يوسف" لمعرفته بأن تلك الطبيبه كانت تعالج "ورد" ... فلم تحتاج لطبيبه نفسيه ...

يوسف بإستفهام: دكتوره نفسيه ... ؟؟ ... وهى "ورد" كانت بتتعالج نفسياً ليه ؟!!!!!!! ... إللى أعرفه إنها تقريبا عملت حادثه وكانت بتتابع هنا فى المستشفى ...

كان تفاجؤ "سماح" بجهل "يوسف" بما أصاب "ورد" عظيماً للغايه لتهتف بعدم إستيعاب ...
سماح: معقول محدش قالك ...؟؟ 

يوسف: قال إيه ....؟؟ هى إيه الحكايه ... أنا معرفش حاجه ....؟؟

هو زوجها الآن وكان يتوجب على "عبد المقصود" شرح حاله "ورد" النفسيه لزوجها حتى لا يتسبب ذلك بإنتكاسه شديدة لها ، لهذا قررت إيضاح الأمر له حتى يتمكن من العبور بـ"ورد" لبر الأمان برفقته ...

سماح: "ورد" كانت هنا بعد ما "حسام" جوزها الأولانى كان إعتدى عليها ... وضربها ليله فرحهم وده سبب لها أزمه نفسيه حاده .. ده غير الإصابات الكتير والكسور إللى كانت عندها ...

جحظت عيناه بصدمه غير مصدقاً لما فعله هذا الحقير بحبيبته ، بل وكيف عانت من كل ذلك دون أن تخبره بما حدث ..

يوسف: يعنى كل إللى هى كانت فيه .. كان سببه الحيوان ده ...!!!!!!!!!

سماح: للأسف أه .. طبعاً لظروف عجزه خلته يضربها بالشكل الصعب ده وكانت تعبانه جداً بعدها ... بس هى إتحسنت كتير أوى .. أنا قلقانه دلوقتى إنها ممكن تحصل لها إنتكاسه نفسيه بعد فقدانها لوالدها .. فأرجوك خليك جنبها ..

يوسف: أنا طبعاً جنبها ومش حسيبها مهما حصل ... حتى لو المستشفى منعتنى أنى أكون موجود معاها لازم حتصرف وأفضل جنبها ...

إبتسمت "سماح" لإحساسها بمدى إهتمام "يوسف" بها ..
سماح: شكلك بتحبها أوى ...

تطلع "يوسف" نحو "ورد" النائمه فى سلام ...

يوسف : جداً .. دى هى قلبى وحياتى كلها وإن شاء الله أعوضها عن كل حاجه مرت بيها ...

سماح: إن شاء الله .. أنا كمان حعمل توصيه إنك تقدر تكون معاها النهارده ....

يوسف: يا ريت ...

خرجت "سماح" من الغرفه ليعود لمقعده إلى جوارها وهو يمد بكفه يمسد رأسها بحنان وهو يطالعها بأسى بعدما تفهم لم كانت مذعوره ليله زفافهم ....

يوسف: عشان كده كنتى خايفه منى أوى كده ليله فرحنا !!!! .... ربنا يقدرنى وأنسيكى كل إللى إنتى عيشتيه ده ....

مرت ساعات الليل الطويله ولم يتحرك "يوسف" من موضعه بل ظل إلى جوار "ورد" حتى الصباح فلن يتركها وحيدة بعد اليوم ...

غفا "يوسف" رغماً عنه وهو مازال جالساً بالمقعد المجاور لـ"ورد" بإنتظار إستيقاظها ...

ورد ...
فتحت عينيها بتثاقل لتتأكد أن ما مرت به كان واقعاً وليس حلماً أو كابوس مفزع ... فهى بالفعل فى المستشفى ..

نظرت نحو "يوسف" النائم على المقعد لتتأمله بعينان ممتلئتان بالدموع الصامته فاليوم فقدت أحب إثنان إلى قلبها ...

فقدت والدها المحب العطوف .. وفقدت حب حياتها الوحيد ... "يوسف" ...

تحرك قلقاً من غفلته الغير مريحه لتصنع النوم مرة أخرى هاربه من عيناه ...

نظر نحو "ورد" التى ظنها مازالت نائمه ثم ربت على كفها بحب وحنان حين طرقت إحدى الممرضات باب الغرفه دالفه إلى الداخل لتهمس بصوت خفيض ....

الممرضه: أستاذ "يوسف" .. أنا أسفه بس لازم أبلغ حضرتك إن كل حاجه جاهزة عشان الأستاذ "عبد المقصود" الله يرحمه ... تصريح الدفن وشهاده الدكتور وكل حاجه ...

يوسف: تمام ... وأنا إتصلت وحضرت كل حاجه عشان الدفن والجنازة .. ممكن بس تاخدى بالك من "ورد" لحد ما أروح الجنازة وأرجع لها ...

الممرضه : متقلقش يا أستاذ "يوسف"...

خرج يوسف من غرفه "ورد" ليتمم إجراءات دفن والدها حتى يعود إليها بسرعه .. 

حاولت "ورد" التماسك قدر الإمكان فعليها أن تكون قويه ، عليها أن تتحمل مسؤولية نفسها ، يجب ألا تكون عبئاً على كتفى "يوسف" بعد الآن ...
فما الذى يدفعها الآن للبقاء ... .فلا شئ يجعلها تبقى هنا بعد الآن ... ها قد ذهب غاليها إلى ربها ...

وعليها أن تبتعد عن "يوسف" لتجبره على إكمال حياته المتوقفه ، فلن يقضى حياته كلها رداً للجميل ، فهى متيقنه من أنه لن يتركها بعد وفاة والدها إلتزاماً وليس حباً ...

لهذا هى لن تبقى لمجرد واجب أو فرض عليه ... كم كانت تتمنى لو كان أحبها مثلما أحبته ...

نظرت للطاوله على يمينها لتجد هاتفها الذى كان بحوزة "يوسف" موضوعاً فوقها لتلتقطه باحثه عن رقم "لامار" للإتصال بها ...

تحشرج صوتها للغايه لتهتف بها "لامار" بتخوف ...
لامار: "ورد" !!!! ... مال صوتك ؟!! .. أنتى بتعيطى ...؟؟

ورد: بابا يا "لامار" .. بابا مات ...

لامار بأسى : حبيبتى ... البقاء لله ... أجيلك ..؟!!

ورد: لا يا "لامار" ... أنا إللى عايزة أجيلك ...

إندهشت "لامار" لطلب "ورد" التى لم تحبذ مطلقاً السفر بمفردها خاصه وقد تزوجت الآن ...
لامار: تجيلى .... ؟؟ طب وجوزك ....؟؟

ورد: لما أجيلك ححكى لك كل حاجه .. المهم عايزاكى تعمليلى فيزا عشان آجى أستقر عندك و أشتغل معاكى ...

لامار: ماشى تمام .. بس الموضوع ده حياخد وقت ...

ورد: حستناكى فى إسكندريه لحد ما تخلصى وتبعتيلى عشان أسافر لك ...

لامار: خلاص حبيبتى ... مفيش مشكله حعملك الأوراق و أبعتلك ...

إنتهت "ورد" من مكالمتها مع "لامار" وخرجت من المستشفى مباشره دون أن يشعر بها أحد .....

تعليقات



<>