رواية اشواك الورد الفصل التاسع عشر19 والعشرون20 بقلم قوت القلوب رشا روميه


رواية اشواك الورد الفصل التاسع عشر19 والعشرون20 بقلم قوت القلوب رشا روميه

                 •• صداقه جديده ...••

إستشاطت "ناهد" غضباً بعد معرفتها بسفر "ورد" و"عبد المقصود " دون علم أى أحد بمكانهما  والأدهى هو تصرف "عبد المقصود" الغريب بترك سيارته والسائق "مصطفى" الذى ينقل إليها كل تحركاته ...
أخذت تبحث بكل السبل لمعرفه إلى أين ذهبوا لكن كل سبلها ضاعت هباء ولم تتوصل لمكانهما بعد ...
شعرت بقله حيلتها وأن"عبد المقصود" إستطاع أن يغلبها وقد ذهبت خططهم سدى وعادوا إلى نقطه الصفر مرة أخرى ...

وقفت تعض شفتيها بغيظ وقد إحتدت بإنفعال ..
ام حسام: أكيد أكيد فهم إحنا عايزين إيه ومش حيرجعها إلا لما العدة تخلص ... صحيح "عبد المقصود" ده مطلعش سهل أبداً ...

حسام بغضب: والله ما سيبهاله ... مش حخليه يتهنى بيها ...

أمسكت "ناهد" بذراع "حسام" المنفعل قبل أن يتصرف أياً من تصرفاته الحقماء وتخسر برعونته كل ما خططت له ...
ام حسام: إستنى هنا متتهورش .. لازم نفكر كويس حنعمل إيه بالضبط .. المهم دلوقتى نحاول نعرف هم راحوا فين ... لازم ..

رفع كفيه بوجه والدته إعتراضاً ...
حسام: أنا مش حصبر ده كله شوفيلك حل ...!!!!

ام حسام: حشوف ... لازم ألاقى حل ونعرف هم راحوا فين ...

____________________________________

الإسكندريه ....
تمدد "عبد المقصود" بإنهاك فوق الفراش بينما ظلت "ورد" تنظر من نافذه الغرفه تجاه أمواج البحر المتلاطمه بمنظر طبيعى أخاذ للعقول ...

إشتمت هواء البحر المنعش الذى ضربت رياحه شعرها الذهبى وهى تهتف ببهجه ...
ورد: البحر شكله جميل أوى يا بابا ..

أردف والدها بإعياء شديد وقد إهتزت نبرات صوته المتعبه ...
ابو ورد : إنزلى يا بنتى وإفرحى ...

إستدارت "ورد" نحو والدها ترفض ذلك بصورة قاطعه ...
ورد: لأ طبعاً  مش حقدر أسيبك إنت تعبان أوى ...

أصر "عبد المقصود" بشدة أن تخرج "ورد" للحياه وتعيش كزهرة يانعه ببستان الزهور ، لن تظل حبيسه الفندق رفيقه لمرضه فقط ...
ابو ورد: لا متقلقيش عليا .. أنا حاخد الدوا إللى كاتبه الدكتور ده ...و أنام ولو عوزت حاجه حبقى أتصل عليكى  ... إنتى بس خلى التليفون على طول فى إيدك ...

إبتسمت "ورد" ساخرة من نفسها فهى دوماً ما تنسى هذا الهاتف ولا تهتم به على الإطلاق ...
ورد: طيب ....ححاول حاضر ..

إطمئنت على والدها أولاً ثم خرجت بهدوء شديد لتجلس بهذا المقهى الكبير بأسفل الفندق ...

نظرت بإتجاه البحر تتمتع بنسمه الهواء الصافيه بهدوء وراحه ...

شعرت بالسكينه والإنتعاش الذى تبحث عنهما بالفعل و إبتسمت فى نفسها فأخيراً بدأت الدنيا تضحك لها والسعاده بدأت تشرق وتدق بابها ...

____________________________________

بعد عده أيام ....
الإسكندريه ...
مرافقتها لوالدها بتلك الأيام هو ما تود فعله فقط ، هى تخشى عليه من مرضه ومعاناته التى أصبحت تتكرر كثيراً ، لكن "عبد المقصود" كان دوماً ما يصر عليها ألا تسجن نفسها معه ويطالبها بالخروج والتنفيس عن نفسها ...

كانت بالفعل تنصاع له لكن بعد أن يخلد للنوم بعد تناول علاجه الذى يسبب له الوهن والنعاس أكثر فتستغل "ورد" تلك الفرصه لقضاء وقتها بالأسفل بالمقهى الكبير تنظر للبحر عشقها المتيم ...

جلست "ورد" ككل يوم تنظر إلى أمواج البحر المتلاطمه تصفى ذهنها تماماً بهدوء وهى تتابع الأجواء من حولها ...

إقتربت منها إحدى السائحات لتتحدث معها وكأنها تسأل عن شئ ما ...

السائحه "بالفرنسيه": صباح الخير .. هل يمكنك أن تدليننى كيف يمكننى الذهاب إلى قلعه قايتباى ....؟؟

تحفزت إحدى الفتيات بالطاوله المجاورة بالإستدارة نحوهم وهى تشير بإصبعها تحاول وصف المكان الذى تريد تلك السائحه الذهاب إليه لكن "ورد" كانت أسرع بالإجابه عن سؤالها لتردف بفرنسيه طليقه ...

ورد: يجب عليك أن تسيرى بمحاذاه الشاطئ إلى أن تصلى إلى هناك لكنك يجب أن تستقلى إحدى هذه السيارات لأن المسافه بعيده سيراً ...

سعدت السائحه للغايه فقد كانت مرشدة لها بدلاً من أن تضل طريقها ببلد غريب عنها لتشكرها بإبتسامه ...
السائحه: شكراً جزيلا لكِ ...

ورد: لا عليكِ ..

بإعجاب شديد لما أبدته "ورد" من حديث بلغه فرنسيه صحيحه للغايه لم تكن لتتوقعها خارج فرنسا كما إعتادت خاصه هنا بمصر ...

تقدمت نحو "ورد" وقد أرتسمت إبتسامه إعجاب واضحه وهى تلقى تحيه الصباح على تلك الفتاه الجميله ...

" صباح الخير .." 

ورد: صباح الخير ..

مدت الفتاه بيدها معرفه نفسها أولاً لـ"ورد" قائله ...
لامار: أنا "لامار" .. ممكن أقعد معاكى شويه ...؟؟

وهذا ما يميز تلك الفتاه السمراء ذات الجاذبيه والرقى أنها تتمتع بروح إجتماعيه مبادرة وجرأه فى إنشاء العلاقات بينها وبين الآخرين ...

إندهشت "ورد" من تقدمها والتعرف عليها دون معرفه مسبقه بينهم لكنها تجاوبت معها لما أظهرته من بسمه ودوده طلت بمحياها المريح للنفس ...

ورد: أنا "ورد" .. إتفضلى أقعدى ...

بدأت "لامار" حديثها بما إسترعى إنتباهها من "ورد" قائله بتساؤل محبب ...
لامار: الصراحه مقدرتش أمنع نفسى أنى أسألك ... إنتى إزاى بتتكلمى فرنساوى بالشكل المتقن ده  ...؟!!

ورد: بسيطه ... لأن أنا أصلاً تعليمى كله كان فى مدارس فرنساوى عشان كده بحب اللغه دى جداً وبتكلمها كويس ...

لامار: ااااه .... جميل أوى .... أصل أنا عايشه فى فرنسا مع بابا وماما ... وبشتغل هناك كمان ولفتّى نظرى أوى وإنتى بتتكلمى بطلاقه كدة ...

خيال "ورد" المحدود هيأ إليها أنه مثلها والعديد من الفتيات يبقون هنا ولا يسافرون ويغامرون ببلدان جديده ، بل وينتهى طموحهم بزوج وبيت وأولاد ترعاهم ...

لكن مقابلتها لفتاه تعيش وتعمل ببلد كفرنسا هو ضرب من الخيال والجنون ربما ، لكنها ما كانت دوماً تحلم بزيارة تلك البلد التى قرأت عنها بالعديد من الكتب والمجلات لتهتف بإنبهار ظهر جلياً على ملامحها الشفافه التى لا تخبئ ما تشعر به مطلقاً ...

ورد: بجد عايشه هناك ؟!!!!!! ... كان نفسى أروحها بس مقدرش أسافر لوحدى ..

لم تستطع "لامار" تلك الفتاه المنفتحه والتى تعمل وتسافر أكثر مما تجلس بييتها مع أسرتها أن تدرك لم لا تقدر تلك الفتاه أن تسافر بمفردها لتتسائل بإندهاش وعدم فهم السبب وراء ذلك ...
لامار: ليه متقدريش تسافرى لوحدك ... مش فاهمه   ...؟؟

ورد: دايماً بخاف من أى حاجه جديده ....

لامار: إنتى دارسه إيه ...؟؟

ورد: إداره أعمال ...

عادت "لامار" بجزعها للخلف وقد إتسعت عيناها إندهاشاً مرة أخرى لإهدار تلك الفتاه كل تلك الإمكانيات التى تمتلكها ببقائها هنا ...

لامار : كمان !!!!  ... لااااا .. إنتى لازم تسافرى معايا بقى .. أنا عندى شركه هناك ومحتاجه حد معايا يكون فاهم إداره أعمال ...

ضحكت "ورد" بخفه وهى ترى مجامله "لامار" اللطيفه لها من زاويه أخرى ، فمحادثه "لامار" اللطيفه والمتحمسه معها لم تتكرر بحياتها كثيراً فهى دوماً بعيدة منبوذه ممن حولها ، لا يتقرب منها أحد أو يبادر بحديث لطيف كهذا معها ...

ورد : شكراً ليكى على المجامله دى .. بس أنا طبعاً ورايا هنا حاجات كتييير أوى أهم من الشغل .. أنا مش بحب الشغل أوى ..

تهدلت ملامح "لامار" بصدمه من أن فتاه بعمرها والتى يجب أن تتحلى بالحماس للعمل وتحقيق الذات تكون تلك أفكارها ببساطه ...

لامار متعجبه: معقول ده ...؟؟

ورد: أه والله ... أمال إنتى هنا أجازة بقى ولا إيه ...؟؟

لامار: أه ..نزلنا كلنا نطمن على جدى وجدتى يعنى أسبوعين كده ونسافر تانى ...

ورد: إن شاء الله ...

طريقه "ورد" الهادئه الغير معتاده بالنسبه لـ"لامار" كذلك تفردها عن فتيات كثير تعاملت معهم جذب إنتباهها للغايه لمعرفه شخصيه تتمتع بأفكار بسيطه للغايه ومختلفه تماماً عن آرائها لتستكمل حديثها الشيق معها وتكتشف خبايا تلك الشخصيه الناعمه الرقيقه للغايه التى تحملها "ورد" ....

وبحكم طبع "لامار" الإجتماعى المميز تعرفت كثيراً إلى "ورد" وكانت جلستهم ودوده بالفعل وإتفقتا أن تقضيا معظم الوقت معاً خلال وجودهم بالأسكندريه فقد جذبت "ورد" بطبعها الرقيق الهادئ إعجاب "لامار" لتطمئن إليها وتقترب منها أكثر وأكثر ..

بينما أعجبت "ورد" بقوة شخصيه "لامار" و إستقلالها بذاتها الذى طالما حلمت أن تكون بمثل هذه القوة لكنها لم تستطع ....

____________________________________

مرت الأيام سريعاً ...
توطدت علاقه "ورد" و "لامار" بصورة قويه خلال الأسابيع الماضية للقائهم الدائم الذى قرب بينهما بصورة قويه ، إلتمست به كل منهما بالأخرى صديقه وأخت فالإثنتان وحيدتان ووجدت كل منهما بالأخرى حقيقه محبه غير مزيفه إطلاقاً ...

تقربت "لامار" بطبعها المقدام بصورة أكبر على "ورد" ووالدها أيضاً بعد إصرارها على زيارته عدة مرات بغرفته للإطمئنان عليه ، كما شعرت "ورد" أخيراً بإحساس مختلف لوجود صديقه من عمرها بحياتها تستطيع تفهمها والحديث معها بأريحيه و ود ...

حتى عندما قصت "ورد" لصديقتها "لامار" عما حدث لها وزواجها من "حسام" ومأساتها معه وكذلك إقدامها على زواج آخر بعد أسبوع كانت تشعر بإحساس مختلف عن حديثها مع "سماح" فكانت تخرج ما بصدرها لصديقتها بتعبير مختلف فمهما كانت "سماح" تتعامل معها بجانب مهنى إلى حد كبير خشيه من أن تؤثر بضغط سلبى عليها ...

لكن إستماع "لامار" لها كان ودوداً للغايه مريح للنفس بدون تكليف ، بل كانت تستمتع بتعبيراتها المندهشه والمصدومه والحزينه وأيضاً بلعنها لـ"حسام" وأمه بطريقه ساخرة للغايه ...

تحضرت "لامار" لسفرها القريب لكن كام عليها لقاء صديقتها أولاً لقضاء بعض الوقت معها قبل سفرها حين أردفت "لامار" بحماس مفرط ...

لامار: أنا كان نفسى أوى أوى أحضر الفرح وأشوفك وأنتى مبسوطه بعد كل إللى حكيتى لى عنه ده ...

ورد: ما إنتى مش راضيه تطولى أجازتك شويه ومصممه تسافرى بكره ..!!!!

لامار: ظروف شغل بابا .. والشركه بتاعتى مقدرش أغيب أكتر من كده ... بس طبعاً حنتواصل مع بعض بالتليفون والنت ...

تطلعت بها "ورد" بأعين حزينه فهى بالفعل ستفتقدها للغايه ...
ورد: طبعا يا "لامار" ... أنا بجد مش حقدر أخسر صديقه زيك بعد ما لقيتك ... أنا طول عمرى لوحدى ...

لامار: لأ خلاص أنتى دلوقتى مش لوحدك وأنا معاكى فى كل حاجه  ... ولو إحتجتينى فى أى وقت حجيلك لحد عندك متقلقيش ...

ورد بإمتنان : بجد ...!!

زمت "لامار" شفاهها معاتبه "ورد" التى مازالت لم تعرفها حق المعرفه لتؤكد عليها ذلك حقاً فهى تعنيه بكل ما يحمل من معنى ...

لامار: طبعاً بجد .. إنتى لسه حتعرفينى كويس وتعرفى إن أنا قد كلمتى ...

ورد: أنا واثقه فى كده طبعاً ...

عقدت "لامار" ذراعيها أمام صدرها وهى تردف بمشاكسه لصديقتها الخجوله بنبره مرحه ذات مغزى ...

لامار: وبعدين ده هو باقى أسبوع على فرحك يا جميل وتبقى مش فاضيه لحد خااااالص ....

توردت وجنتا "ورد" بقوة لشدة خجلها لتردف بتهرب كما لو أنها لم تفهم قصدها الشقى ...

ورد: اااا ... لأ طبعاً ... أنا ما صدقت لقيت صديقه تفهمنى زيك ....

لامار: لولا موضوع جوازك ده مكنتش سبتك أبداً تقعدى هنا و أصريت تيجى ونشتغل سوا ...

ورد: قلتلك موضع الشغل ده مش فى بالى خالص ... أنا بحب البيت وقعدته ...

بإستياء واضح من سلبيه وبساطه شخصيه "ورد" المستكينه للظروف من حولها أردفت "لامار" بإمتعاض  ...

لامار: أهو ده إللى مش عاجبنى فيكى .. إستسلامك كده وإنك تعيشى وخلاص ... فين إنتى وفين ذاتك ...!!!!!!

بتبرير شديد لمعتقداتها وأفكارها البسيطه ..
ورد: مش معنى أنى أقعد فى البيت يبقى أكنى ماليش ذات ولا تفكير .. بس بحب يبقى مجهودى ده للى بحبهم حواليا ... وهو ده إللى بحقق فيه ذاتى بجد ..

لامار بإبتسامه: ربنا يوفقك يا حبيبتى ... وبرضه لو حبيتى تشتغلى شركتى موجوده ..فكرى بس ...

ورد: ماشى يا ستى ...

____________________________________

شركه الأقصى ...
بلقاءاتهم القليله لم يكن يظن أنه قد تعلق بها بهذا القدر ، بل ظن أن لطلب والدها عامل كبير بتفكيره به وتجهيزه للزفاف بعد أيام قليله ...

لكنه بالفعل إشتاق إليها ، تلهف قلبه لرؤيتها وهى تتسلل لداخل أعماقه دون حول منه ولا قوة ...

ملكته بنعومتها التى سيطرت على قلبه ومشاعره لم يتأكد منها إلا بعد غيابها ، تمنى أن تنقضى الأيام سريعاً حتى يجتمعا معاً لكن مازال بقلبه بعض التخوف الذى جعل ذهنه شارداً طوال الوقت بلا تركيز ...

إقترب "شريف" من "يوسف" بود شديد يطمئن على تجهيزه لزفافه القريب ... 
شريف: ها إيه الأخبار جهزت الدنيا ...؟؟

أجابه "يوسف" بإقتضاب ومازال ذهنه شارداً للغايه ...
يوسف: أه تمام .. خلصنا توضيب الأوضه وبكره حنزل أشترى أوضه نوم جديده ...

بتوجس شديد أردف "شريف" متخوفاً من هذا الإقتضاب الظاهر على محيا "يوسف" ليتسائل بتخوف ..
شريف: إنت ليه مش شايفك فرحان كده ...؟؟

حمل كبير يجثو على صدره يود بالفعل مشاركته معه ليردف مخرجاً ما بداخله حقيقه ...
يوسف: حاسس زى ما أكون قلقان ..

شريف: إنت حاسس إنك إتسرعت ..؟؟

قالها "شريف" ظناً منه أنه مازال يفكر بوضع "ورد" مرة أخرى وبدأ يرفض تقبل أنها كانت متزوجه من قبل ، حين أجابه "يوسف" برفض تام ...
يوسف: لا بالعكس ... أنا بدأت أرتاح للفكره .. هى مسأله الجواز جت فجأه صحيح ... بس نفسى بدأت تهدا من ناحيتها ... وكمان فكرت فى كلامك كويس وإن "ورد" لازم تنسى تجربتها إللى فاتت وأنا كمان .. لازم أنسى ده ...

شريف: بس مش عارف ليه حاسس إنك مخبى عليا حاجه ....؟؟؟

أعاد "يوسف" جزعه للخلف وهو يزفر بقوة يريد الخلاص مما يثقل قلبه ، يريد من يتحدث معه ويخبره ما بداخله ، يريد من يرشده للصواب ويريح قلبه ...

لهذا أسترسل "يوسف" بالحديث فربما يشعر بالراحه ...
يوسف: عارف يا "شريف" أنا مكنتش عايز أتكلم فى الموضوع ده  .... بس أنت زى أخويا بالضبط وبقالنا مع بعض سنين أهو ...

شعر "شريف" أن "يوسف" يخفى أمراً بالفعل ليتسائل بإستراب ...
شريف: إيه المقدمه الطويله دى .... فيه إيه قلقتنى ...؟!!!

يوسف: الصراحه .. أبو "ورد"  لما عرف أنه تعبان وممكن يموت هو إللى طلب منى أتجوز "ورد" ... و أعتبرها أمانه فى رقبتى وأنا طبعاً وافقت .. الراجل ده أفضاله عليا كتير وجِميله فى رقبتى .. مقدرش أرفض له طلب ...

وقف "شريف" منتفضاً بحدة ينبه صديقه عما يقدم إليه دون أن يشعر ليهتف بإنفعال ..
شريف: طلب.... ؟؟؟!!!  ده مش طلب .. !!! ده عمر وعشره وجواز ...!!! 

يوسف: هو لما طلب منى أنا وافقت .. بس لما راجعت نفسى إرتحت للفكره .. وقلت يمكن أنا عمرى ما كنت أفكر بالإرتباط بيها لأسباب كتير أوى وقلت لك عليها قبل كدة .. لكن كده ربنا قربها منى وحطنى فى سكتها ...

تذكر "شريف" حديث "يوسف" بالفرق الإجتماعى الكبير بينهم فكيف لمن بمستواه التفكر بالزواج بفتاه غنيه كـ "ورد" ليتسائل محاولاً التأكد من فهمه الصحيح ...

شريف: إنت بتتكلم إنها أغنى منك وكده ... صح ....؟؟

يوسف: طبعاً ... هى فين وأنا فين ...؟!!!

شريف: أنا الصراحه شايف إن ده مش سبب نهائى كان يمنع إرتباطك بيها ....

يوسف: على الأقل عمرى ما كنت أتجرأ و أطلب أيدها وأكيد وقتها كانوا حيرفضونى ... إيه إللى يخلي والدها يرضى بواحد على قده حيسكنها مع أمه وأخته فى نفس البيت ... وهى كمان .... كان إيه إللى حيخليها ترضى بيا ... عشان كدة بقولك إن إللى حصل ده كله بس ....  عشان أنا وهى نعرف بعض ونتجوز .....

تفكر "شريف" لبعض الوقت متيقناً من ذلك فلكل شئ سبب فلولا مرض والدها ما كان ليعرض على "يوسف" الزواج منها وما كان لـ"يوسف" أن يطلبها أيضاً خشيه رفضهم له ليهتف بتصديق لإرادة الله بأمورنا ...

شريف: تصدق صح !!! ... طب بينى وبينك بقى .. الموضوع ده بقى ... وطلب والدها بس هو إللى مخليك تكمل ... ولا فيه حاجه تانيه ...؟!!

دقات قلبه كانت تعلنها قبل لسانه ليردف براحه ..
يوسف: الصراحه لأ ... أنا ببقى مرتاح أوى وأنا جمبها .. بحس إنى مبسوط ومش عايز أسيبها ...

شريف: يعنى حبيتها ...؟؟

هى تلك الكلمه التى لن يهرب منها ، تلك الكلمه التى أسعدته بإدراكها ... إنه يحبها  ... نعم ... يحبها حقاً غير عابئ بطلب والدها أو بظروف مرت بها ، لقد إمتلكت قلبه وسلبت فؤاده ...

أجابه "يوسف" صراحه ببهجه محببه ...
يوسف: أه ... حبيتها ... أنا محستش كده إلا لما سافرت مع والدها ... حاسس أنى عايز أشوفها وأكون قريب منها ... حابب أكون معاها ...

شريف:  طب وهى ...؟؟

يوسف: مش عارف ؟!!!!!! ... بس إبتسامتها وإحنا مع بعض محسسانى إنها هى كمان مبسوطه لوجودى ...

شريف: وهى عارفه إن والدها طلب منك كده ..؟؟

يوسف: لأ طبعاً ...

قفز "شريف" بإنفعال إنتفض له "يوسف" لرد فعله المفاجئ وهو يهتف ...
شريف : بس يا باشا .. باينه أهى .. أمال يعنى حتكون وافقت عليك ليه ..!!!!

يوسف: تفتكر ...!!! 

شريف: طبعاً لازم بتحبك  ... ربنا يتمم لك على خير يا عريس ....

إتسعت إبتسامه "يوسف" حين تخيل موافقه "ورد" وهى تشعر مثله بحب يولد بقلبيهما وليس فرضاً عليها ...

____________________________________

يوم الزفاف ....
بعد أيام طوال يأتى اليوم الموعود بإنتظار متلهف وقلوب متنفضه ، تجهز "عبد المقصود" وإبنته للسفر اليوم عائدين إلى القاهرة لإتمام زواج "ورد" و"يوسف" ....

نظر "عبد المقصود" لحقائبهم المغلقه وهو يسأل "ورد" قبل مغادرتهم ..
ابو ورد: إيه يا "ورد" جاهزة خلاص ...؟

ورد بقلق: أيوة يا بابا .. بس إوعدنى  ... من بكرة بقى تروح المستشفى وتبتدى العلاج ..

ابو ورد: أطمن عليكى النهارده ونكتب الكتاب ...  وبكره إن شاء الله أنا حروح بنفسى للمستشفى لأن أنا فعلاً تعبت ...

ورد: ربنا ما يحرمنيش منك أبدا ً يا بابا ..

بالرغم من إعياءه إلا أنه قد رتب كل شئ على ما يجب ليخبر "عبد المقصود" إبنته بما سيفعلونه الآن ليوضح لها ذلك ...
ابو ورد: إحنا حنروح على البيت تجهزى من هناك ونروح الفندق تمام ...

دق بقلبها توتر خفى ورهبه من تكرار نفس اليوم ... يوم الزفاف ... شعرت بخوف حاولت ألا تنساق خلفه لتخفى هواجسها خلف إبتسامه كاذبه وهى تومئ بالإيجاب  ...

ورد  : إن شاء الله يا بابا ....

إستقلا مرة أخرى إحدى سياره الأجرة ليعودا بها إلى القاهرة إستعداداً لحفل الزفاف اليوم ...

____________________________________

شقه حسام ...
إنتبه "حسام " لتلك المكالمه المنتظره حين دق هاتف والدته برقم المربيه "نجاح" التى تخبر والدته بكل أخبار "عبد المقصود" وإبنته ...

ام حسام: أيوه يا "نجاح" إيه الأخبار ... ؟!!

نجاح: "محمد" كويس خالص متقلقيش عليه يا ست أم "حسام"  والله أنا بحب "محمد" كأنه إبنى إللى مجبتوش و أكتر والله ...

زفرت "ناهد" بتملل وهى تنهر "نجاح" عن تلك الوصله المسترسله بإهتمامها بهذا الطفل لتزمجر بقوة ...
ام حسام:  إخلصى يا "نجاح" ... ها ... "عبد المقصود" رجع هو و"ورد" ولا لسه ....؟!!!! 

نجاح: جايين فى الطريق عشان فرحها النهارده .. هو لسه مبلغنا عشان نجهز البيت ...

ام حسام : ماشى يا نجاح حبقى اكلمك تانى .. سلام ...

أغلقت الهاتف بغيظ وهى تقضم شفاهها بقوة ...
ام حسام: ده مستناش يوم واحد ... دى العدة لسه خالصه إمبارح !!!! ... يقوم يجوزها النهارده ..!!!!

حسام: دوخنا وراه ومعرفناش نوصل له ... إتفضلى حليهالى دلوقتى حنعمل إيه بقى ...؟!!!

ام حسام : الجوازة دى لا يمكن تتم .. لا يمكن ...

حسام: أيوة حنعمل إيه يعنى ...؟؟

بعد تفكير لمعت فى رأسها فكرة جديدة لتخرب هذه الليله المشؤمه المسماه بليله الزفاف لتجيبه بخبث  ...
ام حسام: أنا حقولك تعمل إيه ....!!

•• الفصل العشرون ••
              •• ليله زفاف أخرى ...••

شقه يوسف ...
لم تصدق أم "يوسف" عيناها وهى ترى ولدها الوحيد يستعد اليوم لزفافه  ...

أشارت أم "يوسف" تجاه غرفته الجديده بعدما أتمت الإعتناء بها على أكمل وجه هى وإبنتها "دعاء" ..
ام يوسف: كل حاجه جاهزة تمام عشان عروستك يا حبيبى ... ألف ألف مبروك ...

لاحت عبره بعيناها فرحاً بهذا اليوم الذى إنتظرته منذ سنوات بعيدة ، حلم يتحقق بزواج إبنها لتتساقط دموعها الفرحه فوق وجنتيها الممتلئتين وهى تحاول مسحها بأصبعها ...

علت ملامح "يوسف" إبتسامه تعجب من بكاء والدته بهذا اليوم قائلاً ...
يوسف: هو أنتى حتعيطى برضه !!!! .. مش ده إللى إنتى كنتى عاوزاه ...؟!!!

ام يوسف: ده من فرحتى النهارده .. أخيراً يا حبيبى شوفتك عريس وفرحت بيك ... عقبال "دعاء" هى كمان ...

أتت "دعاء" بتلك اللحظه تقفز فرحاً وهى تحيط والدتها الحنونه بذراعيها مردفه ..
دعاء : آمين يا رب ...

ضحك "يوسف" ليظهر بياض أسنانه ويتحلى بوسامه تفوق الحد قبل أن يدفع مقدمه رأس "دعاء" بخفه مازحاً...
يوسف : إنتى فى إيه ولا فى إيه !!! .. خليكى فى دراستك الأول ...

ضمت "دعاء" أصابعها وهى تشير بهم بوجه "يوسف" قائلاً بمزاح شقى ..
دعاء: يا عم أضمن أى حاجه .. ما أنا لو قمر زى "ورد" مكنش يهمنى .. لكن أختك غلبانه والله ...!!

يوسف: بطلى غلبه و إدخلى بقى حضرى نفسك وساعدى ماما عشان تجهزوا و أوصلكم الفندق ...

دعاء : حاضر ...

تذكرت أم "يوسف" حجز غرفه الفندق التى سيبقى بها مع عروسه الليله لتنبه "يوسف" لذلك خشيه نسيان هذا الأمر فى خضم كل تلك الترتيبات ...
ام يوسف: أكدت يا أبنى على حجز الأوضه فى الفندق ...؟!!!!

يوسف: كله تمام إن شاء الله .. حجزت ثلاث أيام فى الفندق وبعدها نيجى هنا إن شاء الله ...

ام يوسف: ربنا يفرحك يا حبيبى يا رب ...

____________________________________

القاهرة ...
بعد سفر دام لعدة ساعات وصلا "ورد" و"عبد المقصود" إلى القاهرة متجهين صوب مسجد كبير مباشرة دون المرور بمنزلهم أولاً ...

بالملحق الإضافى لهذا المسجد جلس "يوسف" و"شريف" ورجل آخر يبدو أنه زميلهم بالعمل فى إنتظار مجئ العروس كما أخبرهم "يوسف" لعقد قرآنهما ...

وهذا ما رتب له "عبد المقصود" بدون أى تباطؤ .. أن تكون عودتهم لعقد قرآن "ورد" مباشرة و فى الليل يقام حفل الزفاف ...

ترجل "عبد المقصود" من سيارته المستأجرة بإعياء واضح وشحوب مسد على وجهه المجعد ليتقدم نحوه "يوسف" بخطوات متعجله يتحمد على سلامته ...
يوسف: حمد الله على السلامه ..

أبو ورد : الله يسلمك يا إبنى ...

تلاقت نظراته مع زرقاوتيها الخجلتين وهو يخصها بإبتسامته الرقيقه ..
يوسف: حمد الله على السلامه ...

توردت وجنتيها بقوة وهى تجيبه بصوتها الهامس ...
ورد : الله يسلمك ...

تراقص قلبه فرحاً بعودتها ورؤيتها قريبه إلى هذا الحد ، تمعنه بها اليوم مختلف تماماً فكلها دقائق وتصبح زوجته ... حلاله دون غيره ...

سعادة تملكت قلبه لمجرد الفكرة فقط ، لم يختلف حاله عن حالها وهى تشعر بنبضات قلبها المنتفضه برؤيته وكإنما عشقهما ولد بلحظه وتمكن من قلبيهما دون إنذار مسبق ...

لكنها لا تنكر تلك الرهبه والخوف الذى إعتراها اليوم لكن مازال لديها أمل بأن مستقبلهما سيكون أفضل ...

حضر المأذون لعقد القران بحضور العروسين ووالد العروس والشهود كما خطط "عبد المقصود" تماماً ليمنع حضور أى من منغصين الأفراح لإفساد زيجه إبنته التى يعتبرها مصدر أمانها القادم ...

إحتضن "شريف" صديقه يقدم له التبريكات بتلك المناسبه السعيده ... 
شريف: ألف ألف مبروك يا عريس .. ألف مبروك يا عروسه ...

يوسف : الله يبارك فيك ...

بتلك اللحظه المنتظرة تعلقت عينا "يوسف" بها برؤيه مختلفه فقد أصبحت له الآن .. همس بإتجاهها بصوت عذب أطاح ببقايا صلابتها وزاد خجلها قائلاً ...
يوسف: الف مبروك يا عروستى ...

إبتسمت "ورد" بسعاده زادت من إشراق وجهها ولمعت عيناها كالفيروزتان المضيئتان بحب ...

والد ورد: ألف مبروك يا حبايبى ربنا يهنيكم ويفرحكم ...

بصوت خفيض للغايه دنا "عبد المقصود" من أذن "يوسف" متحدثاً بإمتنان شديد ...
أبو ورد:  إنت مش عارف أنا اطمنت دلوقتى قد إيه .. ربنا يبارك فيك يا إبنى .. أهو كده لو ربنا أخذ روحى .. حموت وأنا مطمن إنها معاك ...

رفع "يوسف" بصره تجاه "عبد المقصود" متفوهاً بما يعتمل بقلبه حقيقه وليس إدعاء أو مجامله ...
يوسف : "ورد" فى قلبى قبل عنيا يا عمى ربنا يديك الصحه ويقومك لينا بالسلامه .. وإتأكد إن أنا عمرى ما حزعلها أو أتخلى عنها أبداً ....

ابو ورد: أصيل وإبن أصول .. أنا اخترت راجل بجد ...

إتجه "عبد المقصود" بعد ذلك مباشرة إلى البيت مصطحباً "ورد" إلى هناك للإستعداد لحفل الزفاف بالمساء ، كما عاد "يوسف" أيضاً برفقه أصدقائه لبيته فى إنتظار مرور الساعات لبدء مراسم الحفل ...

____________________________________

فى المساء ...
بيت عبد المقصود العالى ...
جلست لفترة طويله تحت يد خبيرة التجميل التى أرسل والدها بطلبها لوضع لمسات الجمال التى لا تحتاجها على الإطلاق لتظهر حُسن يفوق حُسنها وتذهب بعقول المحيطين بها ...

صففت لها مصففه الشعر خصلاتها الذهبيه لتنسدل على كتفيها كعناقيد من عسل أشرق وجهها بصورة تقطع الأنفاس ...

وحان وقت إرتداء فستان الزفاف ...
إنتظرت خبيرة التجميل وتلك المساعده الخاصه بتصفيف شعرها ومعهم الطبيبه "سماح" التى دعتها "ورد" لحضور حفل زفافها اليوم خروج "ورد" إليهم بعد إرتدائها فستان زفافها الأبيض البراق ...

خرجت "ورد" إليهم وهى تنتظر بشغف رؤيه نفسها بالمرآة بعد كل ما قامت به خبيرة التجميل بوجهها وتصفيف شعرها بتلك الطريقه لكن حين نظرت بإنعكاس صورتها بالمرآة تملكها خوف شديد حينما رأت نفسها للمرة الثانيه بتلك الهيئه وفستان الزفاف ...

تجهمت للغايه وتحجر ريقها وإتسعت عيناها بقوة ليعلو صدرها وينخفض بصورة غير معتاده  فقد دب الذعر بجسدها جعلها ترتجف بشده ...

دنت منها "سماح" بإبتسامتها المطمئنه لتنظر لـ"ورد" عبر المرآة من خلفها تحدثها بنبرتها الهادئه ...
سماح: كنت عارفه إنك حتخافى ... بس ده أمر طبيعى .. لسه عقلك بيقارن ... بس عشان ترتاحى حاولى تفصلى اليومين دول عن بعض .. "يوسف" مش "حسام" يا "ورد" ...

خشيت "ورد" أن تترك العنان لنفسها وتنجرف ببكاء يفسد عمل هؤلاء الخبيرات اللاتى تعبن معها للغايه لساعات مضت لتحاول ضم شفاهها بقوة والسيطرة على ألا تنساق بهذا المنحدر قائله ...
ورد: بحاول .. بس قلبى مقبوض أوى ...

سماح: أنتى حاولى تهدى وبطلى خوف ... وبقولهالك تانى ... "يوسف" مش زى "حسام" ..

نظرت "ورد" إلى "سماح" نظره تمنى ودعاء بداخلها بأن يكون بالفعل "يوسف" مختلف عن "حسام" وألا يعيد إليها هذه الذكرى السيئه ويمحوها تماما بذكرى جديده أجمل ....

خرج الجميع من غرفتها بعد أن طلبت أن تبقى بمفردها لبعض الوقت وجدت نفسها فيها بحاجه للحديث مع صديقتها الجديدة "لامار" لتمسك بهاتفها وتدق برقمها الذى سجلته من قبل ، هى تريد بالفعل من يمدها بتلك القوة و "لامار" حقاً فتاه قويه تستطيع بث تلك القوة بها  ...

بعد حديث دام لبضع دقائق حاولت بها "لامار" تهدئه نفس "ورد" المضطربه لتنصحها بقوة قائله ..
لامار: إللى أنا حسيته يا "ورد" إنك فعلاً حبيتى الشخص ده ... عشان كدة لازم متضيعيش فرصتك دى ... إللى يلاقى حد يحبه بجد لازم يمسك فيه بإيديه وسنانه وميسيبهوش أبداً يضيع من إيده  ...

ورد: بس مش عارفه يا "لامار" أنا خايفه أوى ...

لامار : بعد إللى أنتى حكيتيه ده أظن خوفك ده شئ طبيعى بس المهم تطَلّعى "ورد" القويه من جواكى ... وأنا معاكى فى أى وقت تحتاجينى فيه كلمينى على طول ...

ورد: أكيد يا "لامار" أنا ما صدقت لقيت صاحبه زيك ...

____________________________________

يوسف ...

تألق بحلة سوداء لامعه وقميص ناصع البياض واضعاً ربطه عنق بمزيج من اللونين الأسود والفضى أظهرت وسامته الشرقيه البارزة وعيناه اللامعتان فكان مبهراً للغايه ...

حث والدته وأخته على الإنتهاء من تحضير نفسيهما لإيصالهما إلى الفندق أولاً قبل أن يذهب لإقلال "ورد" من بيت أبيها ...

ساعد "يوسف" والدته لركوب السيارة ثم انطلقت بهم السيارة المزينه نحو الفندق الذى سيقام به حفل الزفاف ...

أمام الفندق ..
توقفت السيارة ليترجل منها "يوسف" أولاً ثم ساعد والدته على الخروج بخطواتها البطيئه وهى تستند على عكازها من جانب و"دعاء" من الجانب الآخر ...

تقدمت أم "يوسف" و"دعاء" إلى الداخل لإستقبال المدعوين لهذا الحفل البسيط ...

إستدار "يوسف" للعودة إلى السيارة مرة أخرى ليقل "ورد" حين إستوقفه شاب ما بصورة عرضيه تفاجئ لها "يوسف" ...

يوسف: إيه ده ... !!!!

وقف "حسام" حائلاً بين "يوسف" وبين السيارة وهو يتسائل ...
حسام: أستاذ "يوسف" ...؟؟!!!

ضيق "يوسف" حاجبيه لإعتراض هذا الشاب طريقه ليجيب بإستفهام ...
يوسف : أيوة أنا .. مين حضرتك ...؟؟

بصورة تمثيليه للغايه ويبدو أنه ملقن تماماً ماذا سيقول وماذا سيفعل ردد بثقه وهو يشير بإتجاه منطقه هادئه بعيداً عن هؤلاء المارين جوارهم من هنا وهناك ...
حسام: حقولك أنا مين ... بس ممكن لو سمحت دقيقه على إنفراد ..

رفع "يوسف" كتفيه وأهدلهما بعدم فهم وهو يسمح لـ"حسام" بما يطلبه ...
يوسف: إتفضل .. 

إبتعد "يوسف" عن السياره قليلاً ببقعه هادئه نوعاً مستمعاً لهذا الشاب الذى أصر على محادثته بتلك الصورة المريبه قطعها "حسام" بحديثه على الفور ...

حسام: إنت متعرفنيش ... بس أنا أحب أعرفك بنفسى فى الأول ... أنا "حسام"... إللى كنت متجوز "ورد" ...

تلاشت تلك الإبتسامه الخفيفه من وجه "يوسف" لتتحفز ملامحه بغضب مستتر لرؤيته أمامه خاصه بتلك الليله ، تهدج صدره إنفعالاً ليهتف بغيره واضحه وغضب إعتلى نبرة صوته التى تغيرت فور معرفته بشخصيه محدثه ...

يوسف: وأنت عايز منى إيه دلوقتى ...؟؟

بضحكه جانبيه مستفزة للغايه أردف "حسام" ساخراً يثير غضب "يوسف" أكثر ...
حسام : مالك كده  ؟!!   .. إهدى يا سيدى شويه !!! ... ده أنا جاى لمصلحتك على فكره ..

وجوده أطبق على أنفاسه وشعر بالغيظ من هذا المستفز ليهتف به "يوسف" بإنزعاج ...
يوسف : مصلحتى أنا ..؟؟!!

رفع "حسام" حاجبيه وهو يغمض عيناه للحظه بهدوء مستفز ومازالت تلك الابتسامه السخيفه تعلو ثغره الساخر ..
حسام: طبعاً  .. قلت آجى أنورك بدل ما ينضحك عليك زى ما إنضحك عليا ...!!!!

لم يستطع "يوسف" تحمله أكثر من ذلك ليصبح به بقله صبر ...
يوسف: مش فاهم ..!!   قصدك إيه ؟!!!!. إدخل فى الموضوع على طول لو سمحت ..

حسام: حاضر ... بقى أنا إتجوزت "ورد" وطلقتها فى نفس اليوم مسألتش نفسك ليه ...؟؟

رمقه "يوسف" بنظرة لا مباليه وهو يردف بتملل ...
يوسف : مش عايز أعرف ..!!

حسام: أصبر بس ... عشان متنضربش إنت كمان على قفاك زيي ...

كظم "يوسف" غيظه وهو يتحدث من بين أسنانه ...
يوسف: إحترم نفسك ..!!!!

تحول "حسام" بلحظه للإستكانه وإظهار صورة الرجل المخدوع المصدوم بزوجته بليله زفافه ...
حسام: مقصدش أهينك .. أنا زى ما قلتلك جاى أنورك وأنت حر ... الهانم المحترمه ... إكتشفت إنها كانت على علاقه مع واحد وإنها مش بنت ولما إكتشفت كده طلقتها فوراً .. ولما عرفت إنك ناوى تتجوزها قلت أنصحك بدل ما يضحكوا عليك زيي وتدارى عليها على الفاضى ... دى إنسانه مش محترمه ومتنفعش تكون زوجه ولا تأتمنها تشيل إسمك ...

إحتدت نظرات "يوسف" وتوهجت عيناه ببريق غاضب ، تضاربت ضربات قلبه بقوة وأخذ تنفسه يضطرب بإنفعال شديد جعله يدفع بـ"حسام" بقوة يزيحه عن وجهه ليتجه بخطوات متعجله تجاه السيارة قبل أن يدخل جالساً بها صافقاً الباب بقوة من خلفه ليتحرك السائق بإتجاه بيت "ورد" ...

زاغت عيناه بكل الإتجاهات غير مصدقاً لما سمعه للتو ليصرخ بصراخ مكتوم ...
يوسف : لييييه ... ليييييه ...

تدارك غضبه وإلتمعت عيناه بشبح دمعه خفيه أغلق عيناه بقوة لمنعها من الظهور .. فكيف سيتصرف الأن .. هو بالفعل تقبل واقع زواجها من قبل ... لكن ما لا يتقبله هو ان يكون مغفلاً ويصبح ساترا لأخطائها بالماضى ....

وماذا عن والدها .. ووعده له بحمايتها ... أسيحنث وعده الذى وعده إياه .. أم يضحى برجولته وحميته ويبقى معها ...

وقع فى حيره وتخبط هل يكمل أم يتراجع ... هى الآن زوجته .. لا محاله من تغيير ذلك ...

أسيتركها هو الآخر بليله الزفاف ؟!!!  ... وماذا سيحدث لها ولوالدها بعد ذلك ... هل سيتحمل هذا الرجل هذه الصدمه مره أخرى ....؟!!

توقفت السياره أمام بيت "ورد" لكنه بقى بمكانه لبعض الوقت متحيراً مضطرباً مختنقاً حد الموت ...
لكنه فى النهايه قرر أن يكمل لأجل خاطر هذا الرجل فقط ....
بآليه شديدة ترجل السيارة لينتظر "ورد" التى جلست بداخلها بهدوء ليجلس "يوسف" إلى جوارها فى صمت ...

___________________________________

الفندق ....
جلست أم "يوسف" وإلى جوارها "دعاء" على أحد المناضد الدائريه المزينه .... حين أقبلت سيدتان يستئذناها للجلوس معهم لعدم وجود مكان شاغر بالقاعه ....

سمحت لهم أم "يوسف" بمشاركتهم لمنضدتهم بترحيب شديد حين بدأت السيدتان حوارهما الذى إستحوذ على إنتباهها و"دعاء" الكامل ...

_ هم لسه العرسان مجوش ..؟!!؟

= باين لسه .. ومستعجله على إيه دلوقتى نشوف ونتفرج .. أنا عارفه يا أختى بيجيبوا العرسان بالسرعه دى منين ...؟!!

_ على رأيك دى يا دوب خلصت العدة بتاعتها تقوم تتجوز بعدها على طول كده ... أرزاق ..

= أه يا اختى والله أرزاق ...

نظرت أم "يوسف" لإبنتها بنظرة تساؤل وعدم فهم قبل أن تقحم نفسها بحديثهم بفضول شديد ...
ام يوسف: معلش والله يا حبيبتى .. إنتى بتقولى عدة ... عدة إيه ...؟

_ هو أنتى متعرفيش ولا إيه .... ما هى "ورد" إتجوزت وإتطلقت ... ؟

ام يوسف بدهشه: إتطلقت؟!!

= لا هو أنتى متعرفيش .. دإتطلقت تانى يوم فرحها على طول ..

ام يوسف: متعرفيش ليه ...؟

_ علمى علمك يا حبيبتى .. بس يعنى حيكون إتطلقت ليه ...؟؟ ربنا يستر على ولايانا ...

صدمت أم "يوسف" مما سمعته ونظرت فى دهشه لـ"دعاء" التى لم تقل دهشتها عن دهشه أمها لتميل على أذن والدتها تهمس بإستراب ...
دعاء بهمس: ويوسف عارف كده ....؟

ام يوسف: مش عارفه ...

صمتا تماماً بتجهم غريب طوال الحفل حتى نهايته فاليوم زفافهم و لا رجعه فيه  ...

إنتهى حفل الزفاف وإنصرف المدعويين ليصعد بعد ذلك العروسان لغرفتهما بالفندق ...

____________________________________

حسام ...
إنتظرت "ناهد" عودة إبنها بترقب شديد لتلمحه من بعيد يتقدم نحوها وهو يسير بخيلاء وعجرفه لتتشدق بعيون متوحشه تنتظر خبر قتل ضحيتها ...

ثقته الشديده وابتسامته الساخرة دلت على ذلك لكنها تريد الإطمئنان بنفسها لتهز رأسها تساؤلاً لم ينتظر "حسام" أن تتفوه به وهو يجيبها بغرور ...
حسام : حصل ..

إتسعت إبتسامتها بتشفى وهى تنتظر سقوط الشاة بعد ذبحها ...
ام حسام: أهو كده ... ويورينى بقى .. مين حيقبل الكلام ده على مراته !!!! .. يا إما حيطلقها ...  يا إما حيسود عيشتها ويسيبها ... وفى الحالتين إحنا الكسبانين ...

حسام بضحك: أنا بدأت أخاف منك ..

ام حسام: كله إلا أنت ... أنت أبنى حبيبى ..

بضحكاتهم وسرورهم لنجاح مخططهم عاد كل منهما لشقته ،  وها هو حفل الزفاف إنقضى ليعود "عبد المقصود" أيضاً لبيته منهك القوى ينتظر حلول الصباح للذهاب للمستشفى لبدء العلاج الذى تأخر به كثيراً وسيترك رعايه الطفل "محمد" لـ"نجاح" الذى ترك لها مبلغ مالى لا بأس به فهو طفل صغير لا ذنب له بما فعله به الكبار ....

____________________________________

الفندق ...
كل خطوة كانت تخطوها "ورد" تدق بقلبها بفزع ، لكنها ظلت تردد بداخلها عبارة واحده فقط ....

"(يوسف) مش (حسام) ...(يوسف)  مش (حسام) .. لأ  لأ ..إهدى بقى وإطمنى ...". 

وقف "يوسف" أمام باب غرفتهم ناظراً نحوها بنظرات غريبه ، نظرات يملؤها الحزن والأسى ...

وارى عيناه عنها وهو يفتح الباب مشيراً لها بدخول الغرفه ...
يوسف: إدخلى إنتى غيرى هدومك وأنا جاى على طول ...

تعلقت عيناها به وقد تسمرت بموضعها وهى تتذكر نفس العبارة حينما قالها لها "حسام" ، بهت وجهها وسحب للغايه وقد هربت الدماء من عروقها وهى تطابق حديث طبق الأصل بنفس الليله ... ليله الزفاف ...

تهدجت أنفاسها وهى تنحى عيناها بنظراتها المشتته نحو الأرض بسرعه تحاول إستجماع نفسها حتى لا تنهار ... فهى بالفعل على وشك ذلك ...

دلفت لداخل الغرفه فى هدوء وأغلقت الباب من خلفها لتجلس بحافه الفراش المجهز للعروسين وقد شعرت برجفه قويه تزلزل كيانها وتثلج أطرافها ، شعرت بثقل يجثم فوق صدرها بقوة وبدأت ألآم معدتها بالتقلص من إرتعابها الشديد بتلك اللحظه ...

لم تتخيل أنها ستصاب بهذه النوبه من الذعر مع "يوسف" وظنت أن ما حدث مع "حسام" إنتهى أثره فى نفسها فلقد تناست الفتره الماضيه بالفعل ....  ماذا حدث لها الآن  ... لماذا تتذكر كل التفاصيل وفى هذا الوقت خصيصا ً ...

تعلقت عيناها بباب الغرفه لبعض الوقت بإنتظار إعادة للتفاصيل نفسها لليله زفافها الماضيه ...

نظرات هلعه للغايه تداركت بها نفسها لتنكس عيناها تتابع توتر يديها اللتان تفركهما ببعضهم البعض ...

بعد مرور بعض الوقت قرر "يوسف" أن يدلف إلى الغرفه ليبدل ملابسه ويرتاح من تعب اليوم الطويل فقد أعطاها فرصه لتكون على حريتها لبعض البعض ، لكن حزنه بداخله بما قد علم به اليوم جعله يقرر عدم الإقتراب منها فهو لا يقدر على تحمل ذلك ، لقد فعل ذلك إكراماً لهذا الرجل الكريم ....

طرق الباب برفق ليدلف بعدها إلى داخل الغرفه ليفاجئ برؤيه "ورد" جالسه على أحد جانبى الفراش ومازالت ترتدى فستان الزفاف الكبير ...

لحظه أن دلف للداخل إنتبهت له "ورد" لترفع رأسها تجاهه وقد إتسعت عيناها بنظرات خائفه مذعورة للغايه ، تشبثت بأصابعها بمفرش السرير بقوة كمن يعصمها عن بطشه إن إقترب ...

تلك النظرات الغريبه التى لم يدرك "يوسف" لم تنظر إليه بهذا الذعر الشديد جعله يتعجب منها للغايه لكن إحساسه بالغضب منها مازال متمكن منه ليردف بسؤال مقتضب ....

يوسف: مغيرتيش هدومك ليه !!!!  .. حتنامى كده إزاى ....؟؟

حاولت "ورد" التنفس لكنها لم تستطيع لدرجه أن صوت تنفسها أصبح عالياً للغايه ، شحوب وجهها لدرجه كبيرة ظهرت جلياً على الرغم من مساحيق التجميل التى تضعها على وجهها جعله يتسائل بقلق  ...

يوسف: أنتى كويسه ...؟؟

إرتعشت يداها بصوره ملحوظه فأمسكت كفيها ببعضهما البعض محاوله إستمداد القوه من نفسها لتتهدج أنفاسها بصوت قوى أثار قلق "يوسف" لدرجه ظنه بأنها ربما تشعر بالبروده من هذا المكيف فقرر إغلاقه حتى تدفأ قليلاً ...

بحث بعيناه عن  ريموت التحكم الخاصه بالمكيف فوجده موضوع على الكومود بجانب "ورد" ...

تقدم نحوها ليأخذ هذا الريموت ويطفئ المكيف الذى يشعرها بهذه البرورده ، لكن لحظه رؤيته يتقدم نحوها ويقترب منها إلى هذه الدرجه تلاشت تلك القوة الظاهرة التى تخدع بها نفسها ، أصابتها نوبه ذعر شديدة ظهرت على ملامحها بلحظه إقترابه و إمتلأت عيناها بالدموع التى إنهمرت دون توقف بمجرد إحساسها بقربه ...

إتسعت عيناها المرتعبه تحملق به بقوة وهى تثبتها عليه كما لو تنتظر منه رد فعل ما ...

مد "يوسف" يده ليمسك بالريموت حينها تراجعت إلى الخلف بإنتفاضه دفعه واحده وتكورت على نفسها مثلما فعلت فى هذه الليله المشؤمه ...

أمسك "يوسف" بالريموت ومازالت عيناه معلقتان بـ"ورد" مندهشاً من إنتفاضتها وخوفها منه الى هذه الدرجه وهو يغلق زر الإغلاق ...

يوسف: مالك يا "ورد" ... أنتى خايفه أوى كده ليه ...؟؟

ظلت تحملق به بصمت تام حتى ظن "يوسف" أنها تخشى قربه منها رغماً عنها ليردف بلهجته الحانيه تتحلى بعتاب خفيف من ظنها به سوءاً ...

يوسف : مش أنا إللى تخافى منى يا "ورد" !!!! ... ولا أنا إللى أقرب منك خصوصاً فى اللحظه دى وأنتى خايفه كده !!!!!! ... إطمنى وإرتاحى .... نامى أنتى على السرير وأنا حنام على الكرسى ده ..

تابعت مسلطه عيناها نحوه وهو يتحرك مبتعداً عنها حاملاً أحد المقاعد بعيداً بأحد الزوايا بمقابله مقعد آخر ليجلس رافعاً قدميه على المقعد المقابل وأغمض عيناه فى حزن متظاهراً بالنوم  فتلك الليله تختلف عما تخيله تماماً ....

بدأت تشعر بالراحه والاطمئنان فى نفسها شيئاً فشيئاً حتى إنتظم تنفسها تمام لتنظر نحوه محدثه نفسها  ...

ورد "فعلا مختلف .... مختلف أوى ..."

كبر بعينيها كثيراً لتصرفه الشهم فبمجرد رؤيه خوفها تركها على سجيتها ولم يضغط عليها مطلقاً لتزداد إعجاباً به ...

إستسلمت للنوم بعد فتره لتغفو ومازالت ترتدى فستان زفافها ...

بعد عدة ساعات إعتدل "يوسف" من نومته غير المريحه لينظر نحو "ورد" بعتاب محدثاً نفسه ...

يوسف " ليه يا "ورد" ... ليه ورده زيك ترمى بنفسها فى الشوك بإيديها ... ليه خليتى حاجات كتير تقف بينى وبينك .... أنا إزاى حبيتك كده ... مش عارف ... مش عارف إزاى ملاك زيك خايفه حتى أنى أقرب منك  ازاى تعملى كده ... إزاى 

تعليقات



<>