
رواية اشواك الورد الفصل السابع7والثامن8 بقلم قوت القلوب رشا روميه
•• لن أنسى ••
المستشفى ....
أخذت "ورد" تنتفض بإرتجاف شديد فى نومها وكأنها ترى كابوساً يطبق أنفاسها ... إستفاقت فجأه مفزوعه لتتأكد أنها مازالت بالمستشفى بعيداً عن "حسام" ... وأن كل ما رأته ما كان إلا حُلماً لا أكثر ...
تمتلكتها نوبه بكاء أخرى حتى أنهكت قواها وبدأت تلك النوبه تضمحل حتى هدأت نفسها قليلاً لكنها لم تكن قادره على إيقاف سيل الدموع الذى مازال ينهمر من زرقاوتيها المتورمتين ...
تذكرت ذاك اليوم الذى جلست به برفقه والدها وهو يسألها بحماس عن رأيها بزواجها من "حسام" فصغيرته عروس الآن ..
(( ابو محمد: ها يا "ورد" إيه رأيك ...؟؟؟
ورد: بس أنا مشفتش "حسام" ده خالص يا بابا ....
ابو محمد: والله يا بنتى شكله راجل محترم .. هو عايش فى أستراليا بقاله كتير وعامل شغل كويس ليه مركزة زى ما أم "حسام" بتقول ...
ورد: إللى تشوفه يا بابا ... أنا بثق فى رأيك دايماً ....
ابو محمد: على خيرة الله .. هو كمان جهز هنا شقه وحينزل أجازة نعمل الفرح وتسافروا سوا ...
ورد: إن شاء الله ...))
عادت "ورد" إلى الواقع لترى نتيجه تسرعها بقرار الزواج دون أن تعرفه أو تعرف عنه شيئاً فقط لأنها تريد البُعد عن زوجه أبيها وظنت أن ولدها الذى كان رافضاً لزواج والدته من والدها أفضل من والدته ومن العيش معها تحت سقف واحد ...
____________________________________
بيت عبد المقصود العالى .....
لم تمرر "ناهد" طلاق "حسام" و "ورد" بتلك السهولة بل ظلت تؤنب زوجها على تسرعه بحكمه على ولدها و الإشتراط عليه بطلاقهما فقد حاولت "ناهد" لشهور طويله التمهيد وإقناع زوجها بقبول هذا الزواج الذى لا مثيل له ...
ام حسام: مبسوط إنت دلوقتى يا أبو "محمد" ... يعنى كده تفرق ما بينهم عشان غلطه صغيره ...؟؟
لم يكترث "عبد المقصود" لثرثرتها التى ظلت لساعات وأجابها بهدوئه الشديد ولا مبالاه أثارت حنقها للغايه ...
ابو محمد: من جهه مبسوط أنا مبسوط جداً .. وأنتى عارفه ومتأكده إنها مش غلطه صغيره .. ونقفل بقى كلام فى الموضوع ده عشان ميحصلش بينا مشاكل أكتر من كده ...
إبتلعت "ناهد" لسانها بغيظ فلن تسمح لنفسها بخسارة كل شئ ولن تتسبب بأزمه تقع بينها وبين "عبد المقصود" الآن لتلتزم الصمت بغيظ شديد وهى تردف مجبرة ...
ام حسام : حاضر يا أبو محمد ... حاضر ... حتعمل إيه فى المحضر ...؟؟؟
ابو محمد: بكره الصبح وأنا رايح المستشفى لـ"ورد" حعدى على القسم و أتنازل عنه .. وأبقى أنا كده وفيت بوعدى ..
إتجه نحو غرفته تاركاً إياها تحترق من بركان غضبها المستعر بداخلها فقد أتت الدنيا بعكس ما كانت تريده وتدبر له على الإطلاق ....
دارت حول نفسها عدة مرات تريد التنفيس عن هذا الغضب لتتصل بولدها تخبره بما حدث بينها وبين "عبد المقصود" منذ قليل ...
حسام: أيوة يا ماما ... إيه الأخبار ...؟!!
ألقت "ناهد" نظرة بإتجاه غرفتهما أولاً لتطمئن أن "عبد المقصود" لا يستمع إليها ثم أجابت بخفوت شديد ...
ام حسام: أيوه يا "حسام" ... خلاص إطمن .. بكره حيروح ويتنازل ...
حسام: متأكده يا ماما ...؟؟
ام حسام: لا متقلقش .. الراجل ده مبيكدبش ... حيروح متخافش ... بس بقولك إيه إنت لازم تصلح إللى إنت عملته ده ...
بحيرة شديده وضيق تملك نفسه أجابها ...
حسام : إزاى بس ...؟؟
ام حسام: مش عارفه ... عموماً كام يوم بس تطلع "ورد" من المستشفى وأكون لقيت حل .. مش لازم نخسر كل حاجه دى لوحدها معاها فلوس على قلبها قد كدة ... ده غير نصيبها فى ورثها من أبوها ده ... يعنى حاجه متتسابش ...
لمعت عيناه ببريق طامع وقد عادت وتيره الهدوء لنفسه مستمتعاً بما سيصل إليه إذا إستطاع إصلاح ما أفسده مع "ورد" ليجيبها بإيجاب شديد ...
حسام : و أنا معاكى ..
ام حسام: خلاص يبقى إتفقا .. يومين تلاته كده ونشوف حنعمل إيه ... يلا سلام بقى دلوقتى أحسن حد يسمعنا ...
أنهت مكالمتها لتدلف إلى داخل غرفتها بعد أن إرتسمت إبتسامه مزيفه على محياها تشعره بها أن هذه المشكله لم تغير بينهم شئ ، فهى لا تريد خسارة كل شئ ....
____________________________________
اليوم التالى ....
أقبل "يوسف" من صلاه الفجر كعادته ليقابل "دعاء" التى تنتظره منذ خروجه من المسجد محضره له طعام الإفطار على الطاوله ...
نظر نحوها "يوسف" بإستراب شديد فليس من عادتها أن تستيقظ مبكراً إلى هذا الحد ، وما زاد تعجبه هو نشاطها الزائد وتحضير الفطور وإنتظاره بتلك الإبتسامه العريضه ليدرك بفطنته أن هناك شئ ما خلف كل هذا الإهتمام ...
يوسف : هو إيه الرضا ده على الصبح ...؟؟
دعاء: والله لو عملتلكم إيه مش عاجب برضه ...!!!
يوسف: لا يا ستى .. أنتى كلك بركه ... بس هو الأكل ده كله لله فى لله كده ...؟!!
لم تجد بُد سوى أن تخبره بما تريده صراحة فلا داعى للإلتفاف حول الأمر كثيراً ...
دعاء: أصل .... اااا ... بص بقى ... من غير لف ولا دوران .. نفسى أروح رحله إسكندريه دى .. ميرضكش يبقى كل علاقتى بيها صور من النت والتليفزيون وعمرى ما شفتها ...!!!
يوسف بجديه: طب وماما يا "دعاء" ... حتسيبيها كده طول اليوم لوحدها ... ما إنتى عارفه هى مش بتقدر تقف على رجليها من التعب ....
رغم شقاوتها ومعارضتها الدائمه له بمزاح إلا أنها لا ترفض له أمر ولابد أن تنصاع لرأيه حتى لو كان ذلك ضد رغبتها ...
نكست عيناها بتعاسه وتملل وهى تردف بإنصياع وهدوء ..
دعاء : حاضر يا "يوسف" .. إللى تشوفه ....
لم يتعامل معها يوماً كأخ أكبر بل كان يشعر أنها إبنته ليمسك بمرفقها بحنو ليطيب خاطرها بوعد حقيقى ...
يوسف: معلش .. و أوعدك حعوضك بخروجه حلوة قريب ...
إبتسمت "دعاء" بحزن فقد كانت بالفعل تود الذهاب لهذه الرحله مع أصدقائها بالجامعه لكنها لن ترد له أمر وحاولت تغيير مجرى حديثهم قائله بهدوء ....
دعاء: طب أفطر بقى قبل ما الأكل يبرد وأنا حـ....
قاطع حديثهم حين أتت والدتهم تتكئ إلى عصاها ببطء ...
ام يوسف: خليها تروح يا "يوسف" ... وأنا متخفش عليا حنرتب أنا وهى كل حاجه قبل ما تروح وهو يوم واحد وحترجع فى نفس اليوم ... متحرمهاش عشانى ...
تهللت أسارير "دعاء" من الفرحه وهى تقفز بطفوليه نحو والدتها لتعانق والدتها بإنفعال وفرحه شديده قائله ..
د
عاء : حبيبتى حبيبتى يا ست الكل ... ربنا يخليكى لينا يا رب .. إلهى تحجى وتفرحى بيا ...
ضحكت أم "يوسف" لرد فعل "دعاء" خفيف الظل ، بينما شعر "يوسف" بالقلق تجاه والدته فكيف يتركاها إثنيهما طوال اليوم بدون رعايتهما لها وهى لا تستطيع التحرك بهذا الشكل ...
يوسف بقلق: بس يا ماما ... أنتى متقدريش ... تـ...
ام يوسف: متقلقش ...حنرتبها إحنا مع بعض .. متخفش بقى ...
يوسف: خلاص إللى تشوفوه ... حفطر أنا بقى وألحق أروح الشغل عشان متأخرش ...
____________________________________
المستشفى ...
سأزيل الشوك من طريق الورد ، سأحمى غاليتى الناعمه من تلك الأيادي الخشنه وذلك هو أول طريقى ، أن تنتهى تلك الزيجه وتتحرر "ورد" من ذلك الخطأ ...
مر "عبد المقصود" أولاً بقسم الشرطه للتنازل عن المحضر الذى قدمه بالمستشفى ضد "حسام" بعد أن أمسك وثيقه طلاق "ورد" الرسميه بيديه ...
ثم إتجه بعد ذلك إلى المستشفى ليلقى نظره على غاليته المسكينه ...
فتح باب غرفتها ليجدها نائمه بسكينه ، كم يتألم قلبه لما أصابها ، تلك الفتاه التى لم تعنف يوماً أصبحت هشه محطمه بسبب هذا المتجبر الوحشى ...
ضم "عبد المقصود" شفاهه بتحسر ثم توجه لمكتب "سماح" ليطمئن عن علاجها النفسى ...
ابو محمد: صباح الخير يا دكتوره ..
سماح: صباح الخير يا أبو محمد ...
ابو محمد: أخبار "ورد" إيه النهارده أنا عديت عليها لقيتها نايمه ....
سماح: إحنا بدأنا معاها العلاج النفسى بجلسه بسيطه كده والحمد لله كانت كويسه جداً ... بس إمبارح بالليل تعبت بكوابيس فإضطرينا نديها حبايه منومه كعلاج مؤقت عشان تستغرق فى النوم شويه بس برضه زى ما قلت لحضرتك خليها فى المستشفى على الأقل إسبوعين تاخد جلسات مكثفه للعلاج النفسى .. وبعدين تخرج ونبقى نكمل باقى الجلسات بجدول محدد ..
ابو محمد: أه طبعاً .. إللى فيه مصلحه "ورد" حعمله على طول .. أنا حتى خليت "حسام" يطلقها عشان متحسش إنها فى ضغط ...
سماح: إللى عرفته إن جوازها من "حسام" كان فجأه وملحقتش تتعرف بيه صح ...؟!!!
ابو محمد: أيوه مظبوط ...
أومأت "سماح" رأسها بتفهم فيبدو أن والد "ورد" إتخذ خطوة سليمه تماماً فى علاجها النفسى لتشيد بهذا التصرف المصيب ...
سماح: كويس أوى ... أظن إن موضوع الطلاق ده حيريحها كتير جداً ... وحيساعد فى علاجها النفسى بصورة كبيرة ...
ابو محمد: أنا قلت كده برضه .. وجاى مخصوص أبلغها بالخبر ده ...
سماح: تمام .. ممكن حضرتك تبلغها أول ما تفوق وأنا إن شاء الله معادى معاها بعد الضهر عشان جلسه النهارده ...
بحفاوة شديد شكر "عبد المقصود" مجهود "سماح" مع ابنته فيبدو أن جروح "ورد" النفسيه عميقه للغايه وستسبب لها ضرراً بالغاً ووجود "سماح" معها ربما يجعلها تتخطى تلك الأزمة وتعود كسابق عهدها ...
ابو محمد: شكرا لحضرتك يا دكتوره على إللى بتعمليه مع "ورد" ...
سماح: بعيداً عن الطب أنا فعلاً حبيتها و إرتحت لها زى ما تكون أختى الصغيره ..
ابو محمد: ربنا يجعله فى ميزان حسناتك يا رب ... حروح انا اطمن عليها يمكن تكون صحيت ...
____________________________________
غرفه ورد ...
بدأت تستفق من نومتها المتعبه طوال الليل لتجد والدها يجلس إلى جوارها فى حنان منتظر إستيقاظها ليبتسم لها بمحبه ..كم شعرت بالهدوء والراحه عند رؤيته ، وجوده فقط سنداً لها ولروحها ، عيناه المرهقتان مصابيح تضئ طريقها الممتلئ بالأشواك لكن يكفيها وجوده لتشعر بالطمأنينه والأمان ....
دنا "عبد المقصود" من جبهتها ليطبع قبله حانيه إهتز لها قلبها المتألم أغمضت عينيها تلتمس من حنانه قوة لتكمل دربها فعلاجه بقربها يسكن ألامها و يتغلغل بها بصورة أقوى من أى علاج بالأدوية والمسكنات التى تتناولها ..
ابو محمد: عامله إيه النهارده حبيبتى ..؟؟؟
أجابته "ورد" رغم إعيائها الشديد ...
ورد : الحمد لله يا بابا ...
إبتسم "عبد المقصود" إبتسامه حزينه على حال إبنته ثم أردف يزف لها خبر طلاقها فربما يسعدها ما فعل ...
ابو محمد: عندى ليكى خبر حيفرحك أوى ....
ورد : خير إن شاء الله ...
ابو محمد: "حسام" طلقك .. وورقه الطلاق أهى ...
تعمقت نحوه بنظرة ثابته وتهدجت أنفاسها بغير تصديق لتضئ عينيها ببريق حياة مرة أخرى ...
لم تصدق "ورد" نفسها ، لم تظن أنها حين تستمع إلى خبر طلاقها ستكون بمثل تلك السعاده ...
ترقرقت دمعه بزرقاوتيها لكنها دموع مختلفه تماماً فقد كانت دموع من شدة فرحتها بخلاصها من هذا الشخص المنفر المتوحش ..
نعم لم تعرفه جيداً لكنها فى ليله واحده رأت فيه كل الصفات التى تكرهها على الإطلاق ....
شعر "عبد المقصود" بالسعادة لرؤيه إبتسامتها تعلو شفتيها المجروحه ، شعر بأنه أعاد إلي صغيرته الحياة مرة أخرى ....
أخذ يتحدث معها بموضوعات عده محاولاً إخراجها من حاله الحزن والإنكسار التى أصابتها فى تلك الليله اللعينه ...
إنتهى الوقت سريعاً وإنتهت زيارته لها وأخبرها أنها ستبقى بالمستشفى أسبوعين آخرين حتى تسترد عافيتها ثم يعودان بعد ذلك إلى بيتهما مره أخرى ...
إرتاحت "ورد" لخبر بقاءها بالمستشفى فهى لا تود مقابله زوجه والدها فى هذا الوقت أبداً .. فهى تفضل الإبتعاد عنها قدر الإمكان فالطالما لم ترتاح لها لكنها كانت رغبه والدها للزواج من هذه السيده ولم تعارضه "ورد" فربما تسعده هذه المرأه ....
____________________________________
فرنسا ....
مكتب لامار .....
دلفت "لامار" إلى مكتبها الجديد ترتدى تنورة سوداء أنيقه وكنزه حريريه بيضاء برباط من العنق مميز للغايه أكسبها رقى وعمليه شديدين ...
ألقت تحيه الصباح على مساعدتها الجديده "ليزا" بفرنسيه طليقه ...
لامار : صباح الخير "ليزا" ...
ليزا : صباح الخير مادموازيل(آنسه) "لامار" ....
لامار : هل هناك أى ميعاد اليوم ...؟؟
ليزا: نعم .. هناك موعد واحد فقط ...
لامار : حسناً .... فعندى اليوم موعد على الغذاء ولا أريد أن أتأخر ...
ليزا : حسناً ....
دلفت "لامار" إلى داخل غرفه مكتبها الخاصه لتنهى بعض الأوراق قبل إنصرافها لموعد الغذاء الذى ترتبط به ..
بعد قليل دلفت "ليزا" لمكتب "لامار" لتخبرها بوصول صاحب الموعد الذى أخبرتها بخصوصه .....
ليزا: مادموازيل (آنسه) "لامار" ...مسيو (أستاذ) "آدم" وصل هل أدخله إليكِ ....؟؟
لامار: حسناً ....
دلف إلى داخل مكتبها شاب متوسط الطول أبيض البشرة ذو أنف مدبب وعينان بنيتان وشعر يماثلهما تماماً ...
تقدم بعمليه نحو مكتب "لامار" يمد يده مصافحاً إياها قائلاً بفرنسيه تتمتع بلكنه غريبه نوعاً أرجعت "لامار" ذلك ربما لنشأته بضيعه ما بعيداً عن باريس ...
آدم: صباح الخير مادموازيل(آنسه) ... أنا "آدم" من شركه (النجوم الزرقاء) للعطور ...
إستكملت "لامار" حديثها معه بالفرنسيه مشيرة له بالجلوس أولاً ...
لامار : أهلاً .. تفضل بالجلوس ...
آدم: يسعدنا أننا نتعامل سوياً مع شركتكم للتسويق والتصدير .. فلقد سمعنا عن علاقاتكم الرائعه التى سوف تساعد شركتنا فى تسويق العطور ...
لامار : تأكد أنكم لن تندموا بالتعامل معنا مسيو (أستاذ) "آدم" ....
آدم : معى بعض الكتالوجات لعرضها عليك ..
فتح "آدم" حقيبته ليخرج الكتالوجات التى تبرز منتجاتهم من العطور حين وجد أوراقاً فقط ولم يجد الكتالوجات فعلى ما يبدو أنه قد نسي وضعهم بالحقيبه معه قبل خروجه من الشركه ...
تمتم "آدم" بلهجه مصريه دون وعى منه ظناً أن "لامار" فرنسيه لا تدرك اللغه العربيه ...
آدم: يا نهار إسود على دماغى ... أقولها إيه دى دلوقتى ...؟؟
قهقهت "لامار" بضحك هستيرى بصوت عالٍ للغايه ثم أردفت بلهجتها المصريه الخالصه ...
لامار : بالراحه كده على نفسك ... إنت مصرى ...؟؟؟ مش تقول يا راجل ...!!!
إندهش "آدم" للغايه بل صدم من نطقها بالعاميه المصريه ليهتف بأعين متسعه ...
آدم: إنتى مصريه ....؟؟!!!
أجابته "لامار" بفخر وإعتزاز شديدين ..
لامار : مصريه بنت مصريه ... بنت مصرى ...
آدم : غريبه ... كنت فاكر إنك فرنسيه .... و إيه إللى جابك فرنسا ....؟؟
لامار: أنا عايشه هنا بقالى أكتر من 20 سنه ... والدى الدبلوماسى المعروف "نشأت يحيي" سفير فى السفاره المصريه هنا ...
آدم: أنا إتشرفت بيكى جداً والله ..
هدأت "لامار" من ضحكتها لتكتفى بإبتسامه خفيفه وهى تردف بلطافه ...
لامار : نكمل بالمصرى أسهل بقى ..
أجابها "آدم" ممازحاً إياها ..
آدم: يبقى كتر خيرك والله ...
لامار : أنا من حبى لمصر عندى إستعداد أنى أعمل شغل مع كل المصريين هنا .. وإن شاء الله حتنبسط أوى من الشغل معانا ..
آدم: ده شئ أنا متأكد منه .. أينعم إنتوا لسه شركه جديده بس سمعت عن شبكه العلاقات إللى عند حضرتك .. ودى حاجه تخلينى متفائل جداً بالتعاون معاكى ...
لامار: أكيد إن شاء الله ... أنا كمان حنزل مصر قريب أعمل شغل هناك مع شركه جديده ...
آدم: أكيد حيبقى شغل ممتاز ... وعموماً أنا سعيد جداً بمعرفتك وسعيد جداً بالشغل معاكى وإن شاء الله بكره حجيب لك الكتالوجات عشان نتفق على طريقه الشغل والتسويق إللى حضرتك تشوفيها مناسبه ....
لامار : تمام ...
____________________________________
المستشفى ....
لجلسه أخرى جمعت بين "سماح" و"ورد" وإستماع بإهتمام لكل ما تتفوه به "ورد" عقبت عنه "سماح" بسؤال متحير ...
سماح: وأنتى إنبسطتى من خبر الطلاق ده ...؟؟!!!
هنا وبدون أدنى تفكير أجابتها "ورد" إجابه قاطعه لم تتردد بها للحظه واحده ...
ورد: أكيد ... ده يمكن أكتر خبر فرحنى فعلاً .. أنى حبعد عن الشخص ده ومش حشوفه تانى .. أنا مش عايزة أشوفه تانى ابدااااااااا ...
كانت كل كلمه تخرج من فم "ورد" يحمل آسى وحزن شديد ، دون إدراك ما مرت به تستطيع رؤيه تحطمها وألمها فحاولت "سماح" وضع بعض التفاؤل بالمستقبل أمام أعين تلك المحبطه المنكسره ...
سماح: بكره إن شاء الله تتجوزى وتفرحى مع الأحسن منه ....
مجرد ذكر فكرة الزواج أمامها وجدت نفسها تلقائياً تتذكر ليله زفافها ، تلك الليله التى كانت بالعمر كله ، ليله لن تنسى مطلقاً لتهتف بفزع رافضه برفض مطلق لإعادة ليله مثل تلك بحياتها مرة أخرى ...
ورد : لأ ... لأ طبعاً ... إستحاله .... إنتى بتقولى إيه ..!!!!! ولا عمرى حكرر التجربه البشعه دى تانى ...
ثم أضافت بنبره متألمه موجعه : أنا !!! ... أنا أتجوز تانى .. وأعيش المأساه دى تانى ... لا .... لا طبعاً ...
سماح: بس مش كل الناس زى "حسام" ... مش كل الناس وحشه كده ... مش معنى إنك مريتى بتجربه سيئه مع شخصيه زى دة .. إن إنتى تحكمى على كل الناس بنفس المنطق ...
علت عينا "ورد" نظرات يائسه للغايه وهى تردف بصوت مرتجف ...
ورد : أنا خلاص معنديش القدرة أنى أتعامل مع إللى زيه ...ولا مع غيره ... أنا جوايا وجع وشرخ فى قلبى كبير ... مقدرش حتى أحاول ... مقدرش أعيد التجربه دى تانى ...
شعرت "سماح" بأنها تضغط على "ورد" الآن بفكره تجربه جديده فتوقفت تماماً عن الحديث معها بتلك النقطه .. و بدأت تتحدث معها عن مواضيع أخرى حتى تستعيد "ورد" هدوئها قليلاً ...
بعد وقت قليل مستكملات حديثهن ..
سماح: تفتكرى عشان والدك ترمى نفسك مع واحد متعرفيهوش بالشكل ده ...؟؟
ورد: أنا مقتنعه إن بابا مكنش عايز غير مصلحتى بس "حسام" هو إللى طلع .... وحش ميتعاشرش ... عايش فى الحرام ...
بكت "ورد" مره أخرى لتذكرها هذه الليله المشؤمه فمازال لا يسيطر على تفكيرها سوى تلك الليله وما حدث بها ، تلك الليله التى تظن انها لن تنساها أبداً ..
فكلما تحدثن بأى موضوع تعود أدراجها وتفكيرها لتتحدث عما حدث فى هذه الليله وكأنها لن تنتهى ولن تخرج منها مرة أخرى ستبقى بقيه حياتها حبيسه تلك الليله فقط ....
ورد: مكنتش عايزاه يقرب منى غصب عنى .. كنت خايفه منه .. بس هو كان أقوى منى ... ضربنى ووجعنى ... حاول إنه ... يعنى ...
سماح: حاول إيه ... إللى أعرفه إنه يعتبر مقربش منك ... وإنك لسه عذراء زى ما إنتى ...!!
بحياء شديد إكتسى وجه "ورد" بحمرة غير طبيعيه وهى تحاول إيصال فكرة ما حدث لـ"سماح" دون التلفظ بالمعنى الحرفي لما حدث بينهما ..
ورد: هو ... يعنى ... من الخمره إللى بيشربها بقى عاجز ... لكن الإحساس نفسه أنه يقرب منى كده غصب عنى ... كنت حاسه أنى بموت ... إتمنيت فعلاً وقتها أنى أموت ... بس الحمد لله ربنا أنقذنى منه ...
رفعت "سماح" رأسها بتفاؤل لتتمسك بالعبارة الأخيرة التى تلفظت بها "ورد" ..
سماح: أيوه كده هى تجربه صعبه لكن لازم نبص للحاجات الكويسه إللى فيها .. إن أنتى لحد دلوقتى زى ما إنتى ... وربنا أنقذك من بين إيديه ... وكمان إتطلقتى منه ... إعتبريه تجربه سيئه وخلصت خلاص ...
ورد: خلصت ...؟؟!! خلصت بعد ما خلصت على كل حاجه حلوة جوايا ... إحساس بتتمناه أى بنت فى ليله فرحها ... عمرى ما حفكر أنى أعيد الإحساس ده تانى .. مش عايزة .... مش عايزة أتجوز تانى ابدااا ...
سماح : "حسام" ملقاش أى حاجه تانيه يدافع بيها عن عجزة ده إلا إنه يضربك وده دليل قوى على ضعفه لكن إنتى قويه ... مش لازم تستسلمى للضعف إللى جواكى ده وتحاولى تكونى أقوى وأقوى متبقيش صيد سهل للحزن واليأس .. عموماً كده كويس أوى النهارده وبكرة إن شاء الله حجيلك تانى نتكلم سوا ....
•• الفصل الثامن••
•• سأعود يوماً ••
كاد اليوم أن ينقضى ولم يتحرك "عبد المقصود" بعيداً عن غاليته وكيف ذلك وهى سبب حياته وفرحته ، تلك الفرحه التى أهدرت غدراً ...
بعد أن إطمئن على حال "ورد" لهذا اليوم متجاهلاً ألم رأسه الذى إشتد به منذ الصباح وقف أمام إحدى الصيدليات بطريق عودته ليبتاع بعض الأقراص المسكنه للآلام فيبدو أن ضغط الدم لديه غير مستقر وبالتأكيد سبب ذلك لا يتعدى قلقه على غاليته فإحساسه بالذنب يكاد يقتله فهو متيقن أن ما حل بـ"ورد" نتيجه إختياره هو الخاطئ ...
تناول أحد الأقراص المسكنه على الفور أثناء إتخاذ طريقه نحو المنزل ...
ظل يفكر فى حال إبنته وما وصلت إليه ، خاصه بعد طلاقها بيوم واحد من "حسام" ليحدث نفسه بحيره ....
ابو محمد: اكيد أنا ما إتسرعتش فى طلاقها ... مكنش ينفع أخليها تكمل مع إنسان همجى بالشكل ده ... بس هى برضه إتظلمت معايا فى موضوع طلاقها ده غير كلام الناس عليها .... أستغفر الله العظيم ... دبرنى يا رحيم ...
مر الوقت سريعا دون أن يشعر "عبد المقصود" بذلك لثقل همومه وكثره تفكيره فى مستقبل إبنته الذى اصبح ضبابى بالنسبه له فكيف ستتعامل مع الناس فهم ألسنتهم لا ترحم ...
إقترب موعد صلاة الفجر فبدلاً من أن يتوجه إلى البيت قرر الذهاب للمسجد لتستكين روحه قليلا ويصلى ويصفى ذهنه بذكر الله كما إعتاد دوماً ....
____________________________________
فى المسجد ....
بصفاء نفس شديد جلس " عبد المقصود" بهذا المكان الوحيد الذى يطهر قلبه من كل شوائبه وهمومه ، ليت تلك الراحه تعم حياته بأكملها ...
زفر بقوة وذهن شارد بتلك المسكينه التى أصبحت ملقاه بالمستشفى بين ليله وضحاها ، لم يجد سوى الإستغفار سبيلا ليتمتم به بسكون منتظراً حلول وقت صلاة الفجر ...
لم ينتبه "عبد المقصود" لصوت "يوسف" من خلفه وهو يلقى عليه التحيه بصوت شجى ...
جلس "يوسف" إلى جوار "عبد المقصود" وهو يعيد على مسامعه بصوت أعلى لينتبه له "عبد المقصود" ...
يوسف: السلام عليكم ... إزيك يا أبو محمد ...؟؟
ابو محمد: يوسف!!! ... وعليكم السلام ورحمه الله .. معلش يا إبنى مأخدتش بالى ...
إبتسم "يوسف" إبتسامه خفيفه تجاه "عبد المقصود" وهو يردف بود بالغ فهذا الرجل يقف مقام والده محبه وإحتراماً ...
يوسف: ولا يهمك .. مالك يا أبو "محمد" شكلك متضايق !!!! ... أنا قلقت عليك بقالك يومين مجتش المسجد ودى مش عادتك بصراحه ... خير إن شاء الله ...؟؟
نكس "عبد المقصود" عيناه بأسى وهو يردف بنبره منكسره للغايه ...
ابو محمد: الحمد لله الذى لا يحمد على مكروه سواه ...
كلماته لم تكن مطمئنه بالمرة ليعتدل "يوسف" بمقابله "عبد المقصود" متسائلاً بقلق وإهتمام شديد ...
يوسف : مكروه ....!! خير يا أبو "محمد"... طمنى إنت بخير ....؟!!
أجابه "عبد المقصود" بغموض أكبر لم يستطع به "يوسف" فهم أى شئ ...
ابو محمد: أنا كويس الحمد لله بس بنتى ...!!!!!!! ... الحمد لله على كل حال ..
ضغط "يوسف" على عيناه قليلاً محاولاً فهم عما يتحدث "عبد المقصود" ليردف مستفهماً ...
يوسف: بنتك مين ....؟؟ العروسه ....؟؟!!
بإبتسامه ساخرة جانبيه أجاب "عبد المقصود" بحزن عميق ...
أبو محمد : أيوه العروسه ....!! قال عروسه قال !!!! .. إتطلقت خلاص ...!!!
إتسعت عينا "يوسف" بصدمه شديده فهى لم يمر على زواجها يومان فقط ، كيف تطلقت ... ؟! كيف حدث ذلك ... ولماذا ...؟!!!
يوسف : إتطلقت .....!!!!! معقول ده .... ؟!! دى فرحها كان من يومين ...؟؟
لم يشأ " عبد المقصود" أن يزيدها ألماً على نفسه بإسترجاع تفاصيل ما حدث ليجيب بغموض أكبر ...
ابو محمد: مش عارف يا إبنى ... هو قدرها كده .... الأمر لله من قبل ومن بعد ...
دارت أسئله عديدة برأس "يوسف" حول سبب طلاقها بعد زفافها مباشرةً وقبل أن يتفوه بكلمه سُمع المنادى ينادى بإقامه الصلاه ...
فنحى أفكاره جانباً وإعتدل بالصف الى جوار "عبد المقصود" ليصلى الفجر ...
إلتزم بعدها "عبد المقصود" بالصمت التام فقد شعر بالإنهاك الشديد ليتجه بعد الصلاة مباشرة إلى المنزل فلا طاقه له بالحديث الآن ، خاصه وقد إشتد به ألم رأسه وتملك الصداع منه بشده وشعر برغبه قويه بالراحه والنوم فإستاذن من "يوسف" تاركاً إياه بعد خروجه من المسجد مباشرة ...
____________________________________
يوسف....
إتخذ طريق عودته بشرود تام متفكراً بحال هذا الرجل الطيب متألماً لرؤيته بهذا الحزن والإنكسار تأثراً بطلاق إبنته ليتسائل بغرابه عن سبب ذلك ...
يوسف: بنت زى دى يا ترى تتطلق ليه بعد فرحها على طول كده ؟!! ... معقول !!! ... يا ترى المشكله فيها ولا فى جوزها ؟!! ... دول حتى مكملوش أسبوع !!! ... بس أبو "محمد" ونعم الناس والأخلاق معقول تبقى بنته ...؟؟؟!!
نهر "يوسف" نفسه بشده على تفكيره بسوء بإبنه هذا الرجل الطيب ليحرك رأسه رافضاً موبخاً نفسه على ظنه السئ ...
يوسف : أستغفر الله العظيم ... إيه إللى أنا بقوله ده ؟!!!!!!!!!! ... أنا برضه أظن فى الناس كده ؟؟!!!! ..أنا بس الراجل الطيب ده صعبان عليا أوى انه يتكسر بالشكل ده ...
وصل "يوسف" بتلك اللحظه إلى البيت الذى يقطن به ليصعد درجات السلم ومازال ذهنه شارداً بـ"عبد المقصود" وطلاق إبنته حين فوجئ بصوت أحد الأبواب يُفتح فجأه إلى جواره وهو يعبر تلك الردهه المتوسطه لدرجات السلم ...
صوت صرير الباب المفاجئ إلى جواره جعله ينتفض فزعاً قليلاً فسكون البيت بهذا الوقت يضخم من الأصوات من حوله ...
يوسف: بسم الله ....!!!!
توقف "يوسف" عن حركته للحظه وهو يرفع ببصره تجاه باب الشقه الذى فُتح للتو ناظراً لتلك الفتاه المطله بملامحها الهادئه تردف بصوتها الرخيم المميز ...
علا : يوسف ....!!! أنا أسفه والله خضيتك مكنش قصدى ....
" (علا)فتاه خمريه جذابه متوسطه الطول هادئه الملامح لها أسلوب لبق للغايه بالحديث ، يعمل والدها محاسباً بإحدى الدول العربيه منذ فتره طويله ووالدتها ناظره المدرسه الإعداديه بالمنطقه ، تعشق "يوسف" منذ زمن طويل لكنها لم تُصرح له بذلك فخجلها يمنعها دوماً لكنها تنتظر فرصه حتى ينتبه لوجودها ليشعر بها وبعشقها المتيم له .. "
أجابها "يوسف" بعدما نكس عيناه أرضاً بتأدب بالغ ...
يوسف: لا أبداً .. أنا إللى كنت سرحان ...
تمنت لو أن يرفع وجهه نحوها وتلاقيه بتلك النظرات العاشقه المتلهفه نحوه لكنه دوماً بعيد عنها ، يعاملها بتحفظ شديد وتأدب مبالغ فيه ...
تسائلت "علا" بإهتمام شديد ..
علا : خير فيه حاجه ؟؟
يوسف: لا أبداً ...
لن تترك تلك المقابله تمر كغيرها ، يجب أن تستطرد بالحديث معه ، كم تعشق وجوده الذى لا يشعر بوجودها لتهتف بنبره ودوده للغايه لو أنه فقط يرفع بصره نحوها ليدرك وله عشقها المتيم بعيونها المسلطه نحوه ..
علا : معلش فتحت الباب مره واحده أصلنا رايحين نجيب بابا من المطار ...
يوسف: بجد .. حمد الله على سلامته ... بعد إذنك ...
أنهى بسرعه كعادته هذا اللقاء القصير لتزم "علا" فمها بقوة وتحسر على ضياع فرصه جديده لها معه ، بينما صعد "يوسف" درجات السلم إلى شقتهم بالأعلى وسط متابعه "علا" له بعينيها حتى غاب عن نظرها تماماً ...
سمعت صوت والدتها من خلفها قائله بإستراب ..
ام علا : بتتكلمى مع مين يا علا ...؟؟؟
إنتبهت "علا" لوالدتها من خلفها لتستدير على الفور وهى تغلق باب الشقه من خلفها ...
علا : ده ...ااا ... ده "يوسف" جارنا يا ماما ... تقريبا كان راجع من الصلاه...
ام علا : الشاب ده ما شاء الله عليه أدب وأخلاق والله هو وأخته ...
بتذمر شديد وقفت "علا" تتعجب بضيق بالغ ...
علا: أنا مش فاهمه ..... يعنى إحنا جيران بقالنا سنين أهو .... ليه مش بنزورهم ويزورونا ونود بعض كده ...؟؟
ام لمياء: يا بنتى هم مقتصرين أوى خصوصاً بعد وفاه أبو "يوسف" ووالدته تعبانه طول الوقت برجليها .. وأنا زى ما إنتى شايفه الحِمل عليا كبير من ساعه سفر أبوكى ده غير الشغل فى المدرسه ومفيش وقت لا للروحه ولا الجايه ... بس هم ونعم الناس بصراحه ...
ضيقت "علا" حاجبيها بترجى ...
علا : طيب ما نبقى نودهم ونزورهم كده ...!!
ام علا : إن شاء الله ... يلا نادى أخوكى عشان نلحق نروح نجيب باباكى من المطار معاد الطياره قرب ....
____________________________________
المستشفى ....
إستقبلت "سماح" يومها بالمستشفى بالمرور بـ"ورد" مريضتها وصديقتها الجديده أولاً والتى ما أن وجدتها مستيقظه أقبلت نحوها ببسمه خفيفه فوق ثغرها ..
سماح: صباح الخير يا "ورد" ...
ورد: صباح الخير ...
تمعنت "سماح" أكثر بملامح "ورد" الهادئه نوعاً ما قائله ...
سماح: لا أنتى النهارده أحسن كتير ...
أمالت "ورد" رقبتها بصعوبه بالغه وهى تردف ساخرة من رؤيه "سماح" لها بالتحسن ...
ورد : تفتكرى ...؟!!!
سحبت "سماح" المقعد إلى جانب "ورد" وهى تلومها بلطف لتحثها على تقبل الأمر بصورة أكثر تفاؤلاً ....
سماح: وبعدين يا "ورد" ... مش لازم تبقى متشائمه كده !!! ... بقى فيه واحده زى القمر كده تبقى زعلانه أوى للدرجه دى .....؟؟
بإيمان شديد وثقه بأرزاق الله المقسمه على عباده ...
ورد: كل واحد فى الدنيا له نصيب زى التانى بالظبط ويمكن كان نصيبى فى شكل بيعجب الناس ... بس حظى ......!!!
سماح: يا "ورد" مفيش حاجه بتيجى بالساهل كده حتى الورد الجميل إللى زيك كده بيبقى حواليه شوك .. لازم متخليش الشوك ده هو كل حياتك بالعكس حوليه لحاجه إيجابية تدفعك للأحسن ....
لم تكن مطلقاً من تلك الشخصيات السلبيه التى تلقى باللوم على كل ما يحيط بها ، لم تكن متشائمه أو كئيبه قط لكن ما أصابها بالفعل أثر عليها بصورة مخيفه ...
ورد: أنا بحاول والله بس مش عارفه أنسى ... ده أنا كل ما أغمض عينى بشوف "حسام" قدامى .... مش عارفه أنام ...
سماح: دى فترة مؤقته بس ومع الوقت حتنسى وتحبى وتتحبى وحياتك حتتغير ....
عقبت "ورد" بلا إهتمام برأى "سماح" العجيب وربما تحثها على ذلك دون درايه بالفعل بما تشعر به ، فالمصاب مصابها هى فقط ، هى من تألمت وتحطمت وليس غيرها ...
ورد: إللى أنتى بتقوليه ده صعب أوى .. يمكن كمان مستحيل ...
بفطنتها أدركت "سماح" مقصد "ورد" لتستكمل دفعها للأمام وتجاوز تلك المحنه ...
سماح: ليه مستحيل ....؟؟ هم يعنى إللى مروا بتجربه وحشه كانت هى بس إللى فى حياتهم ... ياما ناس عدوا بتجارب سيئه وقوتهم للأحسن ...
ورد: ده كلام ... مش على أرض الواقع ...
بذكاء شديد ألقت "سماح" تساؤل مفاجئ تاركه "ورد" تتمعن به ..
سماح: طيب لو أنتى شايفه إن كل الناس زى "حسام" ... أمال باباكى ده إيه ...؟؟
ورد: بابا ده مفيش منه فى الدنيا أبداً ... ولا فيه حنيته ولا طيبته وخوفه عليا ....
سماح: هو كده بالضبط زى ما الدنيا فيها "حسام" فيها باباكى ... مش كل الناس زى بعض ....
تركت "سماح" "ورد" تتمعن بحديثها لبعض الوقت فربما رغم عدم إقتناعها إلا أنها تعطيها الفرصه لرؤيه نظرة بعيده عن وضعها الحالى ...
لكن "ورد" ظنت أنها ستظل حبيسه تلك التجربه الفاشله طوال حياتها لكن عليها أن تدرك أن الدنيا بها "حسام" وبها أيضاً والدها هى لا تنكر ذلك ...
____________________________________
فلتسقط الراحه أرضاً و ينحى الجميع جانباً فليس هناك أهم من وردتى اليانعه التى تحتاج إهتمامى ورعايتى ...
فور إستيقاظه بعد أن غفا بإنهاك شديد إتجه "عبد المقصود" إلى المستشفى مباشرة غير مبالى بغير غاليته ...
طرق الباب بخفه وهو يطل بوجهه المتعب وإبتسامته المحبه العطوفه ...
ابو محمد: صباح الخير على أحلى ورده ....
ببسمه رقيقه فوق ثغرها المجروح أردفت "ورد" بنبرتها الحنونه الناعمه ...
ورد : بابا ... صباح الخير ...
بتفاؤل شديد دنا "عبد المقصود" من إبنته معقباً ...
ابو محمد: لا ... ده إحنا بقينا بنبتسم كمان أهو ...
ورد: ربنا يخليك ليا يا بابا ....
ابو محمد: أنا شايف إن أنتى بقيتى بتتحسنى أهو الحمد لله ...
بإمتنان بالغ أومأت "ورد" وهى تثنى على مجهود "سماح" معها ...
ورد: والله يابابا "سماح" دى إنسانه كويسه أوى ... وبجد برتاح أوى لما بتكلم معاها .. بس أنا زهقت أوى من النوم على السرير كده ....
ابو محمد: معلش هم بس كمان عشر أيام ونخرج من المستشفى على بيتك ...
تهدجت أنفاسها للحظات وهى تتسائل بتخوف واضح ...
ورد: بيتى ... !!! إللى هو إيه يعنى ..؟؟
ملامحه المطمئنه أكسبتها راحه فوريه حين تلفظ بعبارته موضحاً ...
ابو محمد: بيتك ... بيتنا يا "ورد" ...
ورد : أيوه .. أنا إفتكرت إن لسه "حسام" .... يعنى .. اااا .. !!
ابو محمد: لا متخافيش أنا كمان حقول لـ أم "حسام" متخليهوش ييجى البيت نهائى وأنتى هناك ...
ورد: حبيبى يا بابا ... مش عارفه من غيرك كنت حعيش إزاى ....
ابو محمد: ربنا يفرح قلبك يا بنتى ...
شعر "عبد المقصود" بدوار مفاجئ و إستند إلى طرف السرير المعدنى لتفجع "ورد" برؤيه والدها بهذا الحال هاتفه بتخوف وفزع ....
ورد: بابا !!! .... مالك يا بابا ...؟؟؟
ابو محمد: مفيش يا بنتى ... حرتاح أهو ...
تلمس "عبد المقصود" المقعد بيده ليرتمى فوقه بتألم ظاهر على ملامحه الممتعضه محاولاً إخفاء تألمه عن صغيرته لكن رغماً عنه كان بادياً بوضوح إعيائه الشديد على تقاسيم وجهه الشاحب ...
أمسك بكوب الماء الموضوع فوق المنضده ليرتشف منه قبل أن يسند رأسه للجنب قليلاً متلمساً بعض الراحه ....
رؤيه هذا السند القوى يتراخى أمام أعينها جعلها تشعر بالخوف الشديد لتهتف بقلق عميق ...
ورد : بابا إنت تعبان ؟؟!! ... فيه إيه ؟!!! .. إيه إللى حصل ....؟؟
ابو محمد: أبداً يا بنتى متقلقيش ده بس من تعب اليومين إللى فاتوا الضغط عالى شويه ...
قلبت "ورد" شفتيها بحزن طفولى وهى تعده بأنها ستتحسن فقط حتى لا يشعر بالتعب ...
ورد: طب خلاص متزعلش نفسك أنا حبقى كويسه ومتشيلش همى خالص بس أنت متتعبش ....
ابو محمد: ربنا يراضيكى يا بنتى أنا ميهمنيش فى الدنيا غير سعادتك أنتى وأخوكى ....
مر وقت الزيارة كاملاً ثم خرج "عبد المقصود" من المستشفى وهو ينظر لتلك الورقه المطويه التى كان يحملها بجيبه ، تلك الورقه التى قد أعطاها له الطبيب والمسجل بها أسماء التحاليل المطلوبه والتى لم يتسنى له أن يقوم بها لإنشغاله بـ"ورد" ....
ابو محمد: مبدهاش بقى أروح أعمل التحاليل والأشعة دى وأبقى أوريهم للدكتور لما تطلع النتيجه وأشوف سبب الصداع والدوخه دول إيه ....؟؟
إتجه "عبد المقصود" لقسم التحاليل للقيام بهذا الفحص وإجراء التحاليل والأشعة التى طلبت منه لينتظر نتيجتها بعد يومين ....
____________________________________
شركه الاقصى ...
أمسك "شريف" بورقه يتمعن بها قليلاً ثم تسائل مستفهماً من صديقه المنكب فوق مكتبه يدقق بأحد العقود الموكله إليه ...
شريف: شفت الفاكس ده يا "يوسف" ...؟؟
يوسف: فاكس ..!! لا مشفتهوش خير ..؟؟
شريف: الشركه الإيطاليه باعته لنا عايزة المواصفات بالتفصيل ...
يوسف: كويس أوى ... يعنى هانت أهو ونمضى العقود ....
نهض "شريف" بخفه من فوق مقعده متقدماً نحو مكتب "يوسف" قائلاً بعمليه ...
شريف: أيوه يا "يوسف" بس الموضوع ده بالطريقه القديمه حياخد وقت كبير .. معنى كده إننا لازم نحضَّر المواصفات ونراجعها عشان نمضى العقد ...
ضم "يوسف" ذقنه بإصبعيه متفكراً ثم أردف ...
يوسف : مضبوط ... والموضوع ده قدامه على الأقل إسبوعين ...
شريف : يعنى إحنا كده قدامنا حوالى أسبوعين نحضر العقود ونحدد معاد السفر على طول ...
يوسف: مش عارف !!!! ... موضوع السفر ده صعب أوى ...حسيب أمى وأختى لمين بس ...؟؟
بوجهه المازح أجابه "شريف" ببساطه فعليه ألا يعقد الأمور ...
شريف: متكبرهاش بقى ... ده إحنا مش حنكمل أسبوع .. متعملهاش مشكله ...
يوسف: طيب سيبها على الله دلوقتى خلينا نخلص بس إللى المفروض نعمله هنا ...
إعتدل "شريف" بوقفته وهو يغمز بإحدة عينيه قائلاً بغموض ...
شريف: طب إيه ...؟؟؟
تطلع به "يوسف" بعدم فهم لمقصده ...
يوسف: إيه ....؟؟؟ عايز إيه ....؟؟
شريف: مش حناكل ولا إيه ...؟؟
فور إدراكه لمقصد صديقه هتف "يوسف" بإندهاش ...
يوسف: يا ساتر يا رب .. إنت جُوعت ...
شريف: أووى ...
أغلق "يوسف" الملف الموضوع أمامه قائلاً بمزاح ...
يوسف: يلا يا أخويا .. أنا اخاف على نفسى لتاكلنى ...
عقب "شريف" بمزاح مماثل وهو يتطلع نحو "يوسف" بتقزز ...
شريف: مش للدرجه دى !!! .. إنت مش النوع إللى بحبه ...
ضحكا الصديقين من ثم توجها إلى المطعم المجاور لتناول الطعام فى منتصف اليوم كعادتهم ... ليعودا بعد ذلك إلى مقر الشركه ليكملا عملهما حتى المساء ....
____________________________________
فى المساء ...
شقه يوسف ...
ألقى "يوسف" التحيه على والدته وأخته وهو يتمعن بهما حين وجدهم يتهامسون كمن يخططون لشئ ما ...
يوسف: مال شكلكم النهارده بيخطط لحاجه ...
دعاء : ولا بنخطط ولا غيره ... الرحله بس يوم الخميس وكنت برتب مع ماما حنعمل إيه ...
تذكر "يوسف" الرحله التى ستذهب بها "دعاء" برفقه أصدقائها قائلاً ...
يوسف: ااااه ...الرحله ... ماشى ماشى ...المهم فيه غدا النهارده ولا إيه ... ؟؟
دعاء: يا سلام ... إنت تؤمر ... أدخل بس غير هدومك كده عقبال ما أحضر لك الغدا ...
يوسف: ده إيه الرضى ده كله .. ماشى يا ستى ...
نظرت "دعاء" إلى والدتها كمن تطلب منها التدخل وإخبار "يوسف" عن مرادها الحقيقي ...
ام يوسف: لا هى بس مش عايزة تقولك إنها عايزة فلوس تجيب حاجات قبل الرحله ...
يوسف: اااه ... صح كده... خدى يا مستغله ... لما نشوف أخرتها ...
أخرج "يوسف" محفظته وأعطى "دعاء" بعض المال لتشترى ما يلزمها قبل الرحله فهو لن يتركها تحتاج لشئ مطلقاً دون أن يلبيه لها ...