رواية قيود بلون الدماء الفصل السابع7والثامن8 بقلم رحمه سيد


 رواية قيود بلون الدماء الفصل السابع7والثامن8 بقلم رحمه سيد


كانت "تمارا" في غرفتهـا.. ترتدي ملابسها على عجالـة غير مبالية بألم كتفهـا، كلما تذكـرت جملة ذاك الشيخ يردد لـ "تولين"

" بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في الخير "
وكأن شيئ ما داخلهـا يحترق.. وكأن بركـة من الدماء الملتهبة تفجرت داخلها للتو !!
إنتهت ثم رفعـت هاتفها تتصل بــ "كلارا" التي ردت بعد دقيقة تقريبًا تقول :
-الووو تمارا !
-ايوة انا.. هو أنتِ فاضية النهاردة، عايزة اشوفك في نفس الكباريه !
-مـ آآ بصراحة مش عارفه فـهد هيقول أية
-خلاص تمام.. مع السلامة
-استني بس يابنتي
-سلام بقا هبقى اكلمك تاني
ثم أغلقت الخط.. إنتهت من هندمة نفسها ثم أسرعت تغادر المنزل بهدوء تام....

.......................

"تمارا" تجلس في الملهى الليلي المعتـاد.. أمامها بعض المشروبـات المفقدة للتوازن العقلي !!
مدت يدهـا وكادت تشرب بنشوة دون تردد إلا أن صوت النادل أوقفها وهو يصرخ بفزع :
-البوليييس !!!!!!
ولكنها لم تتحرك إنشًا واحدًا.. وكأن تلك السيرة لم تعد تفزعها بالفطـرة !!
حلقـات خلف حلقـات دارت كفجوة متشبعة روحهـا، فلن تهزهـا نقطة في بحر الظلمة...!
نظرت بطرف عيناها للضابط الذي تقدم منها يهتف في جدية حازمة :
-مدام تمارا، أتفضلي معانا
تأففت بضيق وبالفعل نهضت معه قبل أن تلقي نظرة سريعة على فتيات الليل الملتفين بغطاء خفيف مع بعض الشباب الفاسدين... !!
ثم نهضت باتزان تهتف بضجر :
-أتفضل...
سـارت معه تركب سيارة الشرطـة متجهين نحو القسم والغيظ يتآكلها بلا رحمة... !!
سحبها الضابط نحو احد المكاتب، فدلفت قبله ليخرج هو مرة اخرى ويغلق الباب خلفه.. عقدت ما بين حاجبيها متعجبة وهي تهمس :
-مجنون دا ولا أية !!!
قاطعها الذي خرج من المرحاض لتوه يرد بصوت تزاحم فيه الخبث والجدية :
-لا خالص، دا بيفهم جداً عشان كدة خرج وسابنا لوحدنـا... !
تاهـت الصدمة بين جدران حروفها وهي تهمس متجمدة مكانها :
-عز!!! هو أنت اللي عملت كدة ؟ أنت اللي خليته يقبض عليا مخصوص صح !!؟
اومأ مؤكدًا ببرود :
-أيوة أنا يا تمارا، صديق كان بيقدملي خدمة
أقتربت منه لتضربه على صدره الذي ظهر من ازرار القميص المفتوحة، وصراخها المزمجر يتعالى بحقد :
-أنت عايز مني أية ؟!! مش عايز تسبني في حالي ليييية ؟!!!!!!
وصوتًا داخله يصرخ بالمقابل
" ليتني استطيـع.. ليتني احرق ذلك القلب فلا يجد عشقك مأوى له " !!!
أمسك يداها ليهمس :
-اهدي الاول
جزت على أسنانهـا غيظًا، بينما رتب هو حروفه التي تنكـرت بالجمود وقال :
-أنا بعرفك إن مش كل مرة هتسلم الجرة، المرة الجاية حيكون بوليس قبض عليكِ بجد، وبعدين أنتِ مش خايفة لا الراجل يحاول يقتلك تاني ؟!!!
لم ترد عليه.. ربما كلماته الجادة المقنـعة استندت امام فراغ الاجابـة...
فأمسكها من ذراعيها وهو يهزها بعصبية :
-وبعدين انا مش قولتلك مفيش زفت تاني برضه بتروحيه !!!
امتعضت قسماتهـا بانفعال حقيقي وهي تصرخ :
-ملكش دعوة أنا حره
عندمـا يصرخ داخلك قهرًا.. يصرخ انينًا لحنـه العشق داخلك.. عندما تتفاقم جسـور الصبر... فلا تظن أن عشقك حاميًا !!!!
نظر لها نظرة ارعبتها لوهلة، ثم ضغط على ذراعها بقوة وهو ينادي على العسكري :
-ابراااهيم !
اتى المدعو "ابراهيم" ليشير له "عز" قائلاً بصوت آمر :
-خدها على حجز إنفرادي
اومأ ابراهيم موافقًا.. بينما إتسعت حدقتا عينـا تمارا ذهولاً من جبروت ذلك الرجل الذي تخطى كل الحدود فوصل الآفاق، ثم ظلت تزمجر فيه :
-أنت مجنون.. مريض نفسي والله، سبيني اوعى أنا معملتش حاجة
ولكنه لم يأبه لها اطلاقًا...
رحلت مع ابراهيم.. وعز يحاول تلطيف ذاك اللهيب الذي أشعل ثنايا قلبه بالرفض
" هتتأدب بس وهاخدها وامشي.. شوية مش هيحصل لها حاجة " !!

********

عند كلارا كانت قد إنتهت من إعداد العشـاء.. تنهدت وهي تنظر للسفرة ثم ابتسمت برضا !!
شعرت بيد فهد تحاوطها من الخلف فابتسمت ببطئ ولكنها أحكمت نبرتها اللاذعة وهي تهمس :
-نعم يا فهد عاوز أية ؟
أجابها مشاكسًا وهو يتحسس رقبتها العارية بإصبعه :
-يعني مش عارفة أنا عاوز أية !
إلتفتت له قائلة بنبرة جادة :
-اخدت الدواء اللي كتبهولك الدكتور الاول ؟!
اومأ مؤكدًا كالطفل الصغير، بينما ابتسمت هي في حنـو على تلك العلاقـة التي أنبعت جذورًا من الحنان الدفين بينهما... !!
أمسكته من يده تسير نحو السفرة وهي تردد بثقة :
-عايزاك بقا تقعد تدوق المكرونة الاسباكيتي دي بطريقتي وقولي رأيك ؟
نالت "المعكرونة" نظرة خبيثة منه قبل أن تتسـع ابتسامته وهو يخبرها :
-طب أية رأيك ناكلها بس على طريقتي انا ؟!
عقد ما بين حاجبيها بتعجب وهمست :
-هو الاكل له طرق ولا أية !!
اومأ مؤكدًا... وبلحظة كان يجلس على الكرسي بهدوء ثم جذبها لتجلس على قدميـه..
شهقت هي بتوتر مرددة :
-أية اللي أنت بتعمله دا بس !؟
أمسك بالملعقة وهو يأخذ بعضًا منها ثم يضعها في فاهها هاتفًا بمكر :
-كلي إنتِ بس يا حبيبتي وانا هادوق اهوو
كانت تحدق به متعجبـة ولكنها أكلتها بالفعل، وما إن همت بالتحدث حتى وجدته يلتهم شفتاهـا في قبلة عاصفة !!!
يتذوق شفتاهـا التي تحمل طعم الطعام... يتفنن في تذوقها بتمهل متلف للأعصاب !!
واخيرًا ابتعد عنها بعد دقائق هامسًا وصوت لهاثه عالي :
-طعمها جميل.. اوي يا حبيبي
جيشًا حاملاً الحمـرة الواضح توزع بين مقتطفات ملامحها.. ثم ضربته على كتفـه وهي تردف بخجل :
-حد قالك أنك قليل الادب قبل كدة ؟!
ضحك ملأ شدقيه وهو يومئ مؤكدًا :
-يوه.. كتيييير يا لورتي
ابتسمت بخجل.. وقبل أن يقترب منها مرة اخرى كانت تخبره مسرعة :
-تؤ تؤ.. قوم بقا يا فهد عشان عاوزة أوريك حاجة
سألها مستفسرًا :
-حاجة أية !؟
نهضت بخفة وهي تبدأ بحمل بعض الاطباق، ثم قالت :
-هتشوف دلوقتي قوم بس عقبال ما ادخل الاطباق ونبقى ناكل كمان شوية
اومأ موافقًا ثم اتجه نحو الداخـل.. اما هي بمجرد أن انتهت كادت تدلف إلى الداخـل ولكن لمحت هاتفه -صامت- ويعلن عن وصول رسالة...
اقتربت منه تمسكـه.. ولكن وجدته مغلق بــ -رمز سري- حاولت أكثر من مرة ولكن فشلت.. وفجأة خطر لها رؤيته وهو يفتحه ذات مرة دون قصد
فظلت تحاول عدة مرات إلى أن فتحته بالفعل... بدت وكأنها تفتح أبواب جهنم على ربيع حياتهم !!
وما إن رأت محتوى الرسالة حتى شهقت بصوت مكتوم
" فهد أنت مابتردش عليا لية !! أنا عايزة اشوفك على فكرة ضروري احنا لسة ماشتريناش باقي حاجة الشقة " !
فجـوة تعمقت السقوط داخل روحها... وكأن الضربة أتتها من المنتصف فطرقت تماسك الباقية !!!
وكأن تلك الروح كُتب عليها الموت والبعث مرة اخرى للأنتقام... الانتقام فقط !!!!!!
امسكت بالهاتف مرة اخرى لتقوم بعمل الرسالة كـ -غير مقروءة- ثم اعادت الهاتف كما كان وكأن شيئً لم يكن... !
حاولت رسم ضحكة سخيفة على شفتاهـا وهي تتوعده بالأنتقـام المميت ثم دلفت له !!
ولكنها توجهت نحو الفراش مباشرةً.. متجاهلة كل كلامـه بأنها متعبة !!!
....................

صباح اليوم التالي...

فتح عيناه ليجد الفراش خالي تمامًا.. إنتفض مفزوع ينادي عليها ولكن لا من مجيب، أمسك بورقة وجدها على الكمودين يفتحها.. فبدت وكأنها تسدد له لكمـات متتالية !!!
" أنا مشيت.. ماتحاولش تدور عليا.. أنا زهقت منك ومابقتش طيقاك.. أنا كنت بجرب الحلم.. ايوة حلمك اني ابقى مراتك دايما، لكن لاقيته هو كمان كتير اوي عليك !! "
صرخة عميقة واهتياج شقت السكون منه :
-كلارااااااااااا

*******

روديـن تقريبًا كانت تُعاني من الأنهيـار الصامت...
وما أصبعه إنهيار يجعل داخلك براكين تُفجـر ودوي عالي.. وخارجيًا مكتوم بقهر يجعل الصدى يؤذيك أنت مرة اخرى !!!
كانت داخل الغرفة التي حبسها بها يوسف..
دلف هو فجأة يفتح الباب لتعود هي للخلف تلقائيًا وجسدها يرتجف بخوف.. وصل أمامها فمد يده يربت على كتفها هادئًا :
-هششش اهدي.. أنا جاي اقولك تعالي كُلي معايا بس
هـزت رأسها نافية بصمت.. فزمجر هو بعصبية ظاهرية :
-رودييييين !! ماتستفزنيش
ابتلعت ريقها بقلق ثم نهضت معه رغمًا عنها، اتجها نحو السفرة سويًا وكان يوسف قد طلب طعام جاهز...
بدأ يأكل وهو ينظر لها بشرود.. لا يدري ما الذي جعله يظل محتفظًا بها رغم انه نال ما أراد !!!
تنهد بصمت ثم قال بعد فترة :
-أنتِ عارفة إنهم عايزين ياخدوكِ تشتغلي معاهم بالعافية ؟!
توقفت عن مضغ الطعام وظلت تسـعل من الكلمة التي توقفت كحجـر في حلقها... !
ثم ظلت تهمس بخوف :
-وآآ... وأنت هتسبني ؟!
بدا لسؤالها وجهتـان.. احدهما وردية من امرأة تحتمي به وتريد العيش معه !!!
والاخرى سوداء حالكة تحمل نوعًا واضحًا من الاتهـام.... !
ولكنه ابتلع ريقه وهو يجيبها بخفوت :
-لأ.. لو كنت عاوز أسيبك ليهم كنت سبتك من بدري بدل ما شغلي متعطل عشانك !!
وقبل أن تسأل كان الباب يُطرق بعنف.. طرقات طرقت الرعب في قلبها ايضًا.. فأشار لها يوسف وهو ينهض :
-اوعي تيجي الا اما انا اجي
اومأت موافقة بسرعة، فنهض هو يفتح الباب وهو يتساءل :
-ايوة مين
وما إن فتح الباب حتى وجد من يضربه على رأسه بعصا بعنف ليسقط هو متأوهًا يفقد وعيه ببطئ...
دلفا راكضين نحو "رودين" التي ما إن رأتهم حتى ظلت تصرخ بنحيب :
-انتوا عايزين مني أية ابعدوا عني
لم يرد الا واحدًا منهم بصوت أجش :
-هانوديكِ لمكانك الصح
وبالطبـع لم تستطع منعهم... كانت تبكي بأنهيـار.. ألم تتخلص من واحدًا ليأتيها هؤلاء !!!!!؟
كمموا فاهها بمخـدر لتسقطت مغشية عليها بين ذراع احدهم....

...........................
وبعد مدة كانا قد وصلا بها إلى مقر عملهم المشؤوم....
بدأت تفتح عيناها ببطئ ليقابلها الضوء بقوة، تنفست بعمق وهي تحاول تنظيم أنفاسها...
وما إن اتزنت الرؤية عندها وجدت شخصًا ما يرتدي بنطال وعاري الصـدر يقترب منها ببطئ.. نهضت فزعة تهمس :
-حرام عليك أنت عايز مني أية !!؟
غمـز لها مستطردًا بوقاحة :
-واحد مع واحدة حلوة زيك مقفولة عليهم اوضة واحدة هيكون عاوز منها أية !!؟
ظلت تصرخ بانفعال هيستيري :
-لالالالالالا مستحيل ابعد عني
ولكنه على العكس همس لها بسماجة :
-اصرخي قد ما تقدري، هنا محدش هيقول تلت التلاتة كام !!

*******

شعرت تمارا فجأة بالباب يُفتح وشخصًا يرتدي زي ضابط شرطة يقترب منها ببطئ هادئ...
هبت منتصبة تجلس وهي تسأله بقلق لم تستطع اخفاءه :
-أنت مين وعايز أية مني ؟!!
ابتسم هو بسماجة مرددًا وكأنه يستنكر :
-أنتِ بقا تمارا
لوت شفتاها بغيظ مرددة بنفس النبرة :
-ايوة انا بقا تمارا
ثم سألته بحدة :
-أنت مين يا كابتن ؟!!!
ضحك هو باستمتاع من مشاجرتها كالقطة الشرسـة.. ثم غمز لها بطرف عيناه هامسًا :
-بس طلع عز ذوقه تحفة
اتسعت حدقتـاها من وقاحته العلنيـة التي رنت كالطبول بين ثنايا قلبها...
ثم قالت بشراسة :
-أنت قليل الذوق والادب وماتربتش
وضـع إصبعه على شفتاهـا وهو يردف بصوت أجش :
-تؤ تؤ.. عيب كدة يا قطتي، كدة ازعل منك وانا زعلي وحش
ثم ارتفعت يده لتتحسس وجنتاهـا الحمراء من الغضب بطريقة أثارت القشعريرة المزدردة بجوارحها...
ثم قال بخبث :
-أنا سمعت إنك بتروحي كباريـة وكدة، فـ أية رأيك اخدك معايا وهاديكِ أكتر من اللي بتاخديه في الكباريه وهتطلعي مبسوطة ومتكيفة كمان !
شهقت بعنف وهي تزيح يده عنها، ولكن قبل أن تنهض وجدته يسحبها له بقوة حتى اصطدمت بصدره فبدأ يحاول تقبيلها وهي تبتعد نافرة منه....
دقيقة ورأت عز يتقدم ينوي الدخول لها فدفعته بكل قوتها لتنهض راكضـة له وقد بدأت تبكي :
-عز
ومن دون مقدمات كانت ترتمي بين احضانه شاهقة ببكـاء حاد... ولكن فجأة سحبها ذاك من ذراعها بقوة وهو يردد لعز ببرود خشن :
-هو دخول الحمام زي خروجه، البت دي مش هتمشي من هنا قبل ما اخد منها اللي انا عاوزه !!
أحمـرت عينـا عز بغضب اعمى بدا في لونه طابعًا من طبائع جهنم و.......

*******

قيود بلون الدماء

الفصل الثامـن :

" معشوقـة حاوطها الامتلاك.. وقلب عاشق للهلاك.. يموت لو يوم مسه سواك "
نظرات عز تمثلت كجنـود خاضعها قلبًا يضخ بعشق قاتـل.. حمراء بقسوة غريبـة.. مست أرض الواقـع عندما لكمه بكل قوته صارخًا بجنون :
-دي مراتي يا ****
تجمـد الاخر مكانـه قليلًا، أعتقدها فتاة ليل !!
احدى معجبات عز... ولكن لم يعتقده يومًا تخطى العبث بمراحل !
مسح فاهه بأصابعه، ثم قال بصوت أجش مغلول :
-وهو في واحد هايحط مراته في الحبس يا باشا برضه ؟!
كان قلبـه ينتفض مؤنبًا ايـاه... وتاريخ لم يكاد ينتهي منذ سويعات قليلة عاود ذكرياته تحت مسمى " يا ليتني " !!
نظر لها بغيظ وهو يرد :
-دا شيئ مايخصكش، بس أتعود ملكش دعوة بحاجة ماتخصكش يا خالد
كـز " خالد " على أسنانـه غيظًا حتى أصدرت صوت صكيكًا عاليًا...
الا تكفـي أكوام الحقد التي تنتظر الفتيل لتشتعل بين ثنايا قلبي فتهلكك معها ؟!
فأتيت لتضع الفتيل بيدك.... !!
لوى شفتاها بتهكم صريح وهو يردد :
-امرك يا باشا
ثم أستـدار ليذهب.. ولكنه ألقى نظرة أخيرة على تمارا التي شحب وجهها بخوف جازع.. ثم أردف بفحيح ماثل فحيح الافعى :
-بس أكيد دي مش أخر مرة هنتقابل فيها !!!
ثم غادر بالفعل ليبصق عز بازدراء مختلسًا سباب عالي قبل وصلة هجوم تمارا المعتادة :
-كلب ابن *****
وبالفعـل تجسدت أفكاره امامه فوجدها تضربه على صدره بعنف صارخة :
-أنت السبب، أنت اللي خليت حيوان زي دا يقولي كدة ويتجرأ عليا
أمسك معصميها يوقفها عن ضربه، وبصوت أجش أخبرها مستنكرًا :
-أنا برضه ولا الكباريه اللي بتروحيه هو اللي خلاهم يفكروا فيكِ كدة !! متحاوليش ترمي غلطك على غيرك يا تمارا
قلبت عيناهـا بعصبية واضحة كـقهوة فقدت مذاقهـا.... !!
ثم بدأت تتزن وهي تهمس :
-طب لو سمحت عاوزة امشي من المكان دا
اومأ موافقًا على مضض وهو يشير لها نحو الخارج :
-اتفضلي
وبالفعل غادرت معه... طيلة الطريق لم يتحدثـا.. إلى أن قالت هي فجأة قاطعة ذلك الصمت الذي خيم على المكان :
-اتجوزتها لية ؟
تخبط السؤال داخل عقله بارتباك وكأن اجابته اختفت هكذا !!!
ولكنه حاول الرد بصلابة باردة :
-هيفرق معاكِ كتير ؟
لم تتخل عن كبرياءها الشامخ وهي تجيب :
-لأ بس من حقي أعرف بما إنك اتجوزت عليا.. لكن هارجع وأقولك أنت ماتفرقش معايا ابدًا يا عز.. لاني بــ.......
قاطعها صرير السيارة العالي عندما توقف هو فجأة تمامًا كثباته الذي تبختر معلنًا إنصرافه !!
استدار لها يمسك ذراعيها وهو يضغط عليهم متعمدًا، ثم قال بزمجرة عالية :
-مش عشان سكت لك مرة واتنين هتأڤوري، مش هاسمحلك تنطقيها تاني يا تمارا... احفظي مشاعرك بالكره جواكِ، لكن أنا مفيش بنت تقولي بكرهك ومش بطيقك !!!!!
أنهى حديثه وهو يتنفس بصوت عالي، كلماتها تثقل ذرات الحياة داخله... والثقب يزداد إنغلاقًا حتى بات يختنق وبسببها !
بينما ابتلعت هي ريقها بتوتر، لاول مرة ينفعل عليها لتلك الدرجة...
أستفاقت على يداه التي تحركت بعد دقيقتان تقريبًا لتتحسس بشرتها بنعومة، إنتفضت تحاول أبعاده عنها.. وفعليًا أبعد يداه ولكن ترك لشفتاه حرية الحركة فاكتسح شفتاها يقبلها بشراسـة.. عنف.. ولربما بعض القسوة !!
مشاعر متأججة تحرقه في تلك اللحظات.. ولكن يبقى خط الكرامة حاجز...
ابتعد بعدها يلهث بعنف، وبجبروت قاسي أخبرها :
-عشان تعرفي أنك من اقل لمسة مني بتترمي في حضني، أنا لو عايز اقربلك هقربلك.. ولو عايز جوازي بيكِ حقيقي برضه هخليه، انما أنا زهقت منك خلاص... ومن النهاردة هتشوفي عز تاني يا تمارا !!

ودون أن يعطيها فرصة الرد.. وصلا امام المنزل.. فتح لها الباب إلكترونيًا ثم قال بصوت آمر :
-انزلي
تنهدت وهي توشك على سؤاله :
-أنت مش هـ ....
ولكنه قاطعها صارخًا :
-قولت انزلي يا تماااارا من غير ولا كلمة
تأففت بضيق وبالفعل ترجلت من السيارة تنفض نفسها بغضب..
ليغادر هو يسير بسرعة فائقة.. ثم أتصل بأحد اصدقاء السوء من ايام جامعته الذي لم يكن يتواصل معه الا قليلاً :
-الوووو معتز
-اهلا اهلا يا باشا اخيرا سمعنا صوتك
-أنت فين ؟
-في كباريه كدة اسمه "..... "
صمت لحظة ثم رد بجمود :
-انا جاي اقعد معاك
أغلق الهاتف وهو يزفر بضيق.. يعلم حد التأكيد أنه لو تحدث مع كريم فسيصبح هو الخاطئ بنظره... !!

******

كانت " رودين " على وشك الإنهيـار التام.. تقسم أنه اذا اقترب خطوة واحدة اخرى ستسقط صريعة الان !!
ظلت تصرخ فيه بنفور :
-ابعد عني حرام عليك.. بالله عليك ابعد عني
تأفف وهو يقف بعد أن تخصر قائلاً بغلظة :
-اما نشوف اخرتها معاكِ.. موزة جامدة بس طفلة وزنانة مقرفة !!!!
واخيرًا سمعت صوت ضجة بالخارج وصريخ يوسف.. تشرب الاطمئنان مخارجها فرغمًا عنها شعرت بجسدها يرتخي..
كُسر الباب بعنف ودلف هو صارخًا :
-رودييييين
ركض نحوهـا يلتقطها لتسقط بين احضانه هامسة بصوت مبحوح :
-ماتسبنيش هنا بالله عليك
كانت تلك وصيتهـا الأخيرة له قبل أن يغشر عليها بين ذراعيه.. فصرخ بفزع :
-روديييين !!!! رودين قووومي
حملها مسرعًا بين ذراعاه، هم بالخرج فوجد ذلك الرجل امامه... زفر بقوة وهو يخبره بجمود حاد :
-قسما بالله لو مابعدتوا من ادامي دلوقتي لاكون مبلغ عن شبكة الدعارة دي وعليا وعلى اعدائي !!
توتر الرجل الذي كان يراقبه.. فيوسف يعلم الكثير والكثير....
وبالفعل انزاح من امامه ليسرع يوسف حاملاً اياهـا نحو الخارج..
هبط من العمارة فتذكر أنه لسوء الحظ لم يجلب سيارته !!!
رفع رأسه للأعلى مزمجرًا بيأس ولاول مرة :
-ياااااااااارب
إنتفض عندما شعر بشيئ ساخن ينزلق منها.. ليتضح أنها دماءها !!!
إنطلقت جميع انذارات الخوف داخل تلك الروح الساكنة دومًا..
وفجأة ظهر امامه " عز " يسأله متوجسًا :
-محتاج مساعدة يا كابتن، انا معايا عربية لو حابب ؟!
قالها وهو ينظر لـ رودين المسكينة التي تنزف.. ولحسن الحظ او لربما القدر !!
كان يسير متجهًا للكباريه من نفس الطريق فرآهم...
ومن دون تردد كان يوسف يجيبه بلهفة :
-ايوة ياريت تودينا اقرب مستشفى
اومأ عز موافقًا بسرعة ثم اسرع ليفتح له الباب فوضع يوسف رودين وهو يجوارها ثم انطلق عز نحو مستشفى قريبة يعلمها في تلك المنطقة...

........................

كان عز قد رحـل عن المشفى بعدما ظل مع يوسف حتى اطمئن على امرأته وقد رق قلبـه له كثيرًا فتعاهدا على المقابلة مرة اخرى في وقت لاحق... !

دلف " يوسف" الي الغرفة التي تقيم بها "رودين"
جلس على الفراش لجوارهـا يُطالـع قسمات وجهها الشاحبـة.. يدقق ختمة الموت والرهبة التي جعلته يتقلص !!
أمسك بيدها الموضوعة جوارهـا.. تحسسها برقـة وهو يهمس لها بتأنيب ضمير :
-أنا أسف.. أنا السبب في كل دا
بدأت تأن بصوت خفيض وهي تبعد يدها عنه.. فتحت عيناها رويدًا رويدًا لتقابل عينـاه التي تراقبها بتوجس !!
فانتفضت تسأله بفزع :
-أية اللي حصل ؟
ظل يربت على خصلاتها برقة متجاهلاً زمجرتها الحادة به.. ثم أكمل همسه الرقيق لها مهدئًا :
-اهدي يا رودين، محصلش أي حاجة إنتِ اغم عليكِ فـجبتك المستشفى بس و...
ولكنه صمت برهه.. لا يدري أي رهبة تلك تحجز الحروف داخله !!
ثم نظر لها مرة اخرى وقد عاود الحديث بجدية اكثر :
-والجنين نزل
نظرت له صامتة... دقيقة اثنان ثلاثة وكأنها تستوعب ما أتى بسرعة ورحل بنفس السرعة ايضًا !!!!
اغتصبت ابتسامة مُشققة وهي تخبره برضا :
-الحمدلله..
وبصوت واهن أكملت :
-دي الحاجة الوحيدة اللي عقلي كان عاوزها بس مكسوفة أطلبها من ربنا، كدة أحسن.. كان هيعاني كتير اوي في حياته بين أم وأب كدة، ربنا رحمه !!
تنهـدت بعمق وهي تقول وكأنها تحذره الرفض :
-كدة أحنا هنطلق عادي.. وكل واحد يشوف حياته.. وأنت تبعد عني بقاا
لم يشعر سوى وهو يمسك يدهـا ليضغط عليها وهو يحتويها مرددًا بصرامة حملت نوعًا من الرجاء :
-رودين أنا عايزك.. أنا عايزك تفضلي معايا دايمًا، وبعدين أنتِ هتروحي فين أصلًا لو عملتي اللي بتقولي عليه دا !!؟
أبعدت يدها عنه بقوة، ثم تشدقت بــ :
-أي حته.. بلاد الله واسعة، المهم أكون بعيد عنك وعن المستنقع الزبالة دا
نظر في عيناها مباشرةً يهمس :
-لو سمحتي اديني فرصة يا رودين أنا فعلًا ندمان جدًا
نظرت للجهة الاخرى وهي تلعن مائة مرة ذاك القلب الذي لم يدفن دقاته له بعد... !
زفر هو بقوة وهو يسألها بيأس :
-يعني مفيش أمل
لم ترد عليه ايضًا ولم تتحرك أنش واحد، ليتنهد هو قائلاً :
-طيب هطلقك.. بس الاول هاخد حاجة أخيرة واوعدك هبعد عنك
نظرت له بعدم فهم.. لتجده فجأة أقتحم شفتاها كغزو رقيق عاذب يتفنن في تفتيت الجمود لأشلاء !!
يُقبلها بنهم شديد متمهـل ورغبة تحارب رغبتها في الابتعـاد..
بدا وكأنه يحاول الارتواء منها قبل أن تُحرم عليه للأبد !!!!!
طوقت يداه خصرها تلقائيًا وهو يضمها له بقوة.. يشعر بها قبل أن تلفحه برودة الحياة مرة اخرى....
ابتعد اخيرًا يلتقط أنفاسه ليجذبها لأحضانه دافنًا رأسها عند صدره، مغمض العينين يستمتع بتلك اللحظات التي ربما لن تُكرر !!
ثم ابعدها بشكل مفاجئ ليعاود تقبيلها مشبعًا نفسه ولو بقدر قليل منها...
مرت دقائق عديدة وعندما وجدت اللمسات تميل نحو منحدر اخر غير مراعيًا أي شيئ
دفعته بعنف بعيدًا عنها تلهث بقوة.. لينهض هو مسرعًا وهو يقول من وسط لهاثه :
-أنتِ طالق
ثم غادر تلك الغرفة.. لتنفجر هي في بكاء مرير وتتعالى شهقاتهـا المتألمة.... !!

********

مر حوالي ثلاث أسابيـع....

أيـام لم ييأس فيهم "فهد" من البحث عن كلارا المختفية تمامًا، لم يترك إنش يعرفه إلا وبحث فيه !!
ولكن يبدو أن للقدر رأيًا اخر... توجب كتابته ولو بأغلى الاثمان والحروف ....
كان يجلس مع والدته وشقيقـته في منزل تلك العروس "هند"
وكرامته تزأر بغيظ " هي التي اختارت حياة اخرى، فلتبدأ أنت الاخر حياة جديدة من دونها " !!!
واليوم هو بداية تلك الحيـاة.. اليوم هو كتب كتابه على " هند "
تلك الفتاة التي تحول إعجابها به إلى مقدمات حب !!
إنتبه لصوت المأذون الذي هتف ببشاشة :
-مبارك يابني.. ربنا يسعدكم ويرزقكم الذرية الصالحة
لا يدري لمَ شعر بذلك الثقـل الذي جثم على قلبه.. ولكنه حاول رسم ابتسامة هادئة :
-الله يبارك فيك يا عم الشيخ
تعالت الزغاريـد تملئ أرجاء المكـان مٌهللة، فاقتربت منه هند تهمس بصوت رقيق :
-مبروك علينا يا فهد
ربت على كتفه برفق مهنئًا :
-مبروك أنتِ عليا يا هند
أعلن هاتفه عن وصول رسالة.. فابتعد ببطئ وهو يخرجه
ثم صدح رنين الهاتف فجأة برقم غير مسجل.. أجاب بهدوء :
-الووو مين
تلقى صمت تام في البدايـة.. ولكن شعوره تعرف بمهارة على صاحبته
فقال بلهفة :
-كلارا !!؟
ثم صار يسألها مسرعًا :
-كلارا أنتِ فين.. رحتي فين يا حبيبتي ؟! قوليلي على مكانك وأنا هاجيلك فورًا
ردت هي بعد دقائق بصوت متهدج غاضب لفح به الحقد :
-كنت بحاول أكدب نفسي لكن مبروك يا فهد.. وهديتك هتوصلك.. انا رفعت قضية خلع يا زوجي العزيز !!
ثم أغلقت الهاتف دون كلمة اخرى.. ليتنفس هو باضطراب.. ويكتم بصعوبة صراخ كاد يدوي منه بعنف

.......................

بينما على الجهة الاخرى..
ما إن اغلقت الهاتف حتى نظر لها "مروان" ابن صديق والدها "خليل"
ليقول لها بهدوء مستنكرًا :
-أنتِ كدة ارتاحتي نفسيًا يا كلارا ؟!
اومأت مؤكدة بصمت.. ليمسك هو يدها يتحسسها ببطئ وهو يخبرها :
-طب أية ؟ أنا قولتلك إني بحبك وإني عاوز اكمل حياتي معاكِ.. واني ماصدقت تبعدي عنه وتعرفي انه مايستاهلكيش !!
تنهدت بقوة، ولم تدري لم قالت له بهدوء جامد :
-لو بتحبني وعاوزني فعلًا يبقى هتساعدني أطلق منه وأنتقم منه لحرقتي دي !!
وبالطبع هو اومأ موافقًا بسعادة دون تردد !!!!!

*******

في يومًا ما......

كانت "تمارا" تجلس في غرفتها تتنهد كل دقيقـة بضيق حقيقي..
تغير "عز" كليًا كما وعدها !!
أصبحت علاقتها بها مقتصرة على رؤيتها له من بعيد.. أصبح يتجاهلها حتى كرهت تجاهله ذاك !!!!
والجديد... أنه أصبح يعود متأخرًا كل ليلة ورائحة الخمر تفوح منه !
واليوم هي عقدت العزم لتواجهه..
رأت سيارته تدلف من باب المنزل فتنهدت بقوة وهي على أتم استعداد...
هبطت مسرعة لتجده يدلف من الباب، كان يسير بأقدام مترنجة بعض الشيئ..
رن هاتفه فأخرجه وهو يرد بلثم :
-الوووو
ثم ضحك بعدها مرددًا بخبث :
-طبعًا يا موزة.. أكيد الليلة دي هتتكرر !!
استمر في ضحكاته ثم أغلق الهاتف بعدها، كاد يسير ولكن فجأة وجدها تقف أمامه.. بالقميص القصير الذي تنام به.. تاركة لخصلاتها العنان !!!
حاول تخطيها ولكنها اقتربت منه وهي تسأله بغيظ :
-بتعمل كدة ليييية يا عز ؟!!! لية التغيير الجذري دا ؟ لية اتجهت لكل حاجة وحشة بأرادتك ؟!!!
تأفف بضيق.. ثم دفعها بقوة قائلاً بتهكم صريح :
-طب ما أنتِ بتروحي الكباريه برضه بأرادتك !! وبعدين دي حياتي ملكيش دخل فيها
وقفت امامه مباشرةً تكاد تكون ملتصقة به.. فأغمض هو عيناه وكأنع يحاول استعادة سيطرته على نفسه...
يحاول كتمان شوقه الجارف لها، سمع همسها الخفيض وكأنها لا تصدق :
-هي وصلت للستات يا عز ؟!!!! بتخوني !
ابعدها بقوة ثم اجاب ببرود :
-أحنا مفيش بيننا حاجة عشان ابقى بخونك
ثم سار يتأرجح نوعًا ما.. اتجه لغرفته وما إن كاد يغلق الباب حتى وجدها خلفه تدلف وهي تهتف بشراسة :
-مش هاسمحلك.. لو مش عشان نفسك يبقى عشان كرامتي انا !!
رفـع حاجبه بسخريـة.. ثم استدار وهو يردف ببرود جامد :
-أنا راجل وليا احتياجاتي زي اي راجل، والبنات اللي مش عاجبينك دول هما اللي بيشوفوا كيفي !
لوت شفتاها بغيظ وكادت تسبه بجزع :
-أنت انسان آآ...
ولكنه قاطعها عندما دفعها بجسده نحو الحائـط لتلصق به شاهقـة... هبط بشفتاه نحو رقبتها يتحسسها ببطئ وهو يهمس بصوت ذو مغزى :
-أنتِ جاية لية ؟! عايزة أية.. أنا متأكد إنك عايزه كدة برضه
إتسعت حدقتاها من وقاحته العلنية.. فرفعت يدها تنوي دفعه، الا أنه قيد يداها بيد واحدة...
لتتجرأ شفتاه ملتهمة رقبتها البيضاء الظاهرة وما بعدهـا... بدت وكأنها تخدرت تحت لمساته !!
فأغمضت عيناها بقوة تتنفس ببطئ، بينما هو يشبع وجهها تقبيلاً
لم يقدر على كتم شوقه وجوعه لها أكثر.. فاض به الكيل كما يقولون !!!!!
لفح الهواء جسدها بشدة عندما أزاح اطراف الفستان عنها.. فهمست بصوت مبحوح جاهدت لأخراجه :
-عــز....
صعد بشفتاه لثغرها يلثمه بعمق.. ويهمس هو الاخر بين شفتاها :
-أنتِ عايزة كدة أنا متأكد، وانا مش هاحرمك واحرم نفسي من ليلة زي دي !!
لم يعطيها فرصة الرد فظل يقبلها برقة مذيبة مثبتًا وجهها بيداه... صعدت يدها تلقائيًا تحيط ظهره.. فثارت مشاعره الفياضة اكثر...
تجرأت يداه في تحسس منحنيات جسدها.. وهي مستسلة تمامًا... وكأنها أدركت للتو أنها بحاجة لذاك القرب منه !!!!؟

تعليقات