رواية البحث عن عريس صالح للانجاب الفصل الخامس5 الاخير بقلم خديجة السيد
بعد مرور تسع شهور، كانت تقف نانسي بجانب النافذة بالشركه شارده وفي الخلف يجلس أحمد يتابع العمل بتركيز، وعندما انتهاء ألتفت نحوها مطولاً بغرابة وهو يقول
= ايه يا حبيبتي مالك قاعده بعيد كده ليه وسرحانه ما تيجي تشوفيني لايكون بعمل حاجه غلط وتصححيها
تعلقت نظرته بنظراتها بطريقة جعلته يصمت لتجيبه باختناق وطيف من الحزن يزور عينيها
= انت خلاص بقيت اشطر مني وما يتخافش عليك! واتعلمت كل حاجه بسرعه اهو واول صفقه ماضيناها امبارح اراجع وراك ايه بقى ده انت بقي يتخاف منك.. و انا كده خلاص هقعد في البيت وانا مطمنه على شركتي
اقترب أحمد ولثم جبين زوجته هادرا باهتمام
= مالك يا نانسي في حاجه قلقانه منها؟ حاسس ان في حاجه ومتغيره بقيلك اسبوع
وجدت نفسها تمتمت بمأساة تقبض على قلبها
= فاضل يومين وهولد وعلى طول هعمل العمليه، خايف أوي يا احمد رغم أن التحاليل كويسه بس برده قلقانه غصب عني.. انا بس كل اللي بتمنيه اني قبل ما يحصلي حاجه لو مكتوبه لي اشوف ابني واحضنه .
اقتربت منه تعانقة بشدة مِمَّا جعله يربت فوق ظهرها ويقول مطمئنا
=ما تعرفيش انتٍ تقعدي شويه كده من غير ما تخوفي نفسك وتخوفيني معاكي، مش الدكاتره طمنكي وقالوا ليكٍ التحاليل كويسه و نفسيتك اتحسنت ودي ساعدت كثير ان نسبه النجاح تكبر والحمد لله كانوا خايفين يحصل مضاعفات في الحمل وما حصلش
هتفت وهي ترفع يدها لتلامس وجنته تكرر رجائها عليه
= اهتمامك بيا و وجودك جنبي طول الوقت هو اللي فرق معايا .
همس بصوت مبحوح وعيناه تمران عليها بحب
=وانا هفضل معاكي ومش همشي يبقى قلقانه من ايه؟ اطمني يا حبيبتي انا مش هسيبك و انتٍ ان شاء الله هتكوني بخير وكلها اسبوعين بالكثير وهنطلع انا وانتٍ ومعانا البيبي من المستشفى ده اللي المفروض تفكري فيه وبس
عند هذه النقطة ومع هذه الكلمة انفجرت هي بالبكاء أكثر والنحيب لتقول بلوعة
= أحمد انا عارفه ان لما بتكلم في الحاجه دي بتزعل بس عشان خاطري لو حصلي حاجه فعلا خلي بالك من أبني لو عاوز تتجوز حقك بس اختار أم لي كويسه .
أخرج أحمد صوتا ساخراً قبل أن يعقب بضيق وخوف مخفي
=لا ما تخافيش يا حبيبتي شكلي كده هعملها قريب عشان انتٍ لازم تتعاقبي؟ طالما عارفه هتقولي حاجه تزعليني بتقوليها ليه؟ كمان بتوصيني اتجوز طب تمام ولا تزعلي ما اعملها من دلوقتي احسن
زجرته نانسي مقاطعة إياه بقهر وألم مبرح يطل من عينيها
=انت لما صدقت مسكت في الكلمه واتلككت ولا ايه انا قلتلك يعني لو كل جرى ليا حاجه انما لو عملتها وانا عايشه مش هتقدر ولو قدرت مش هتكملها لاني هقتلك
لامست نانسي بعضا من اضطراب وتوتر زوجها الداخلي عندما هتف بعصبية
=طب لما انتٍ بتحبيني أوي كده سهل عندك كل شويه تضايقيني وتضايقي نفسك ليه؟ وما تقوليش بحاول اواجه نفسي بالواقع والكلام المستفز ده
تولت مهمه إزالة دموعها وهي تردد بنبرة مؤلمة
=هو انت فاكر سهل عليا احس المشاعر دي ولا احس ان الانسان الوحيد اللي حبيته وان بعد ما الدنيا خلاص ضحكتلي كل حاجه ممكن تروح مني في غمضه عين زي ما ربنا بعتها لي من غير ما ارتبها.. انا كل يوم بنام وانا خايفه فعلا اللحظه دي تيجي بسرعه رغم اللي انا مشتاقه اشوف ابني بس غصب عني والله انت مش عارف انا بحس بايه ولا الاحساس ده معناه ايه ان اكون أم ومتحددلي وقت في الموت
أغمض أحمد عينيه وارتجاف صوت زوجته يذبح قلبه، إذ أنه كان السبب بعيشها فترة سعيدة عندما دخل حياتها وها هو يجعل زوجته تعيش الألم مرة ثانية، فماذا سيفعل إذا حدث لها شيء بالفعل، حاول رسم ابتسامة صغيرة وهو يقول بحزم
= طب اديكي قلتيها ما كنتيش مرتبه اي حاجه وكل حاجه جت بسرعه فان شاء الله من غير ما ترتبيلها ولا تفكري فيها كل الأمور دي هتتحسن.. وعلى فكره انا حاسس بيكي لاني انا كمان وصلي نفس الاحساس ده اني بعد ما خلاص بقيتي قريبه مني وحبيتيني تروحي مني بغمض عين عشان كده بالله عليكي ما تزوديها علينا احنا الاثنين وتقعدي تفكري في السلبيات دي .
أومأت له مستشعرة خطأها لتقول بصوتٍ متهدج من البكاء ورافعة يديها للسماء
= يآرب.
❈-❈-❈
بعد عدة أيام في المستشفى، رفعت نانسي وجهها الباكي تجاه زوجها تطالع بعينيها المتمردتين وهي تردد بصوت ضعيف
=احمد انا عاوزه اقول لك حاجه قبل ما ادخل العمليات
اهتزت حدقتا أحمد ونكس وجهه المتألم بينما
رد معترضا بصوته المتحشرج
=مش هسمعها يا نانسي عارفه هتقولي ايه انا هستناكي هنا يا حبيبتي وانتٍ هتخرجيلي سليمه انتٍ والبيبي مش عاوز افكر في حاجه غير كده .
استعادت رباطة جأشها ثم شدت ظهرها وقالت بتلقائية عفوية
=لا والله كنت هقول لك ان بحبك أوي وعمري ما حبيت حد غيرك في حياتي! و مبسوطه ان انت دخلت حياتي حتى كمان مش زعلانه ان انا جايلي كانسر لاني فهمت بعد كده حكمه ربنا، خلاني اتوجع عشان يبعت إللي يشفيني
مر طيف حزن بعينيه وقال بما مفاده حب وقلق ضمني
=وانا كمان والله العظيم بحبك! ما تتاخريش عليها انتٍ قويه و مابتستسلميش بسهوله، انا عارف كده.. عشان كده حبيتك.
حاول الطبيب أن يبعد يده عن المريضة يحثه برفق وتعاطف
= ما تخافش يا استاذ احمد ان شاء الله كل حاجه هتكون بخير، بس لازم ندخلها دلوقتي اوضه العمليات بعد اذنك .
أطبق احمد جفنيه يستحي من دمعة أبت أن تغفله وتهطل من التأثر وألم لحظة الفراق ثم لوح بيده لها بوادع وهي تدخل غرفة العمليات، ليغمغم بصوتٍ محتقن
= يا رب تخرج بخير!.
❈-❈-❈
بعد مرور ثلاث سنوات، نصبت البلالين و الزينه في الفيلا باحتفال الصغير يزن بعيد ميلاده الثالث، توقفت عما تفعله فجأة ثم عضت شفتها للحظات و هتفت وهي تكاد تفقد أعصابها من تأخير زوجها بالعمل
= اتاخرت ليه يا أحمد؟ عارف لو ما كنتش جيت عيد ميلاد ابنك كنت هلم كل الليله دي وهروحلك الشركه افضحك قدام العملاء
رد بإشراق ابتسامته وهو يقبل بحنان إحدى عينيها يزيل أثر غضبها
=مجنونه وتعمليها معلش يا حبيبتي ما جتش من ربع ساعه عديها بقى
اعترضت له بصوت حازم
= ولو الدقيقه بتفرق! حياتك الاسريه اهم من الشغل
ضحك أحمد قليلًا فتاهت في ضحكته ثم في عينيه ونظرته ليقول مرددًا بلوم
=شوف مين اللي بيتكلم الله يرحم زمان؟ تعرفي انا لحد دلوقتي مش مصدق ان انتٍ فعلا سبتلي الشغل وكل حاجه وقعدتي في البيت برغبتك تربي ابنك وتهتمي بجوزك، انا اصلا قلت هم أسبوعين وهتزهقي وهترجعي لكن اهو فات ثلاث سنين ولسه برده عجبك الاجواء دي
ابتسمت بهدوء وتلقائية انحنت بوجهها لتلثم باطن كفه بحركة ارتعش له قلبه وردت بحب
=ما انا قلتلك شبعت واكتفيت شغل من زمان
وما كنتش عارفه ان في حاجات احلى واهم من الشغل .
أبتسم بحب شاعراً بالنعيم حقًا وقد أنارت قلبه تماماً منذ زواجهما، ليهمس وهو يغمز بطرف عينه
=ممم ويا ترى ايه الحاجات الاحلي والاهم من الشغل! تربيه لابنك بس ولا في حاجه ثانيه
ردت نانسي له كلمات حب شغوفة بنفس الهمس وهي تلتفت لتكمل تعليق الزينه
=انت شايف ايه؟ انا حياتي كلها لابني وبس ولا في حد تاني بيوحشني وبحب اشوفه دايما
طوقها من الخلف يحيط كتفيها بذراعيه هامسا بما يشبه الدعابة
=وانتٍ كمان بتوحشيي أوي وبيحب يشوفك دايما، امسكي بقى عشان ما انساش دي الميزانيه راجعيها كويس قبل ما تمضيها
تغيرت ملامح نانسي إلى أخرى تظهر البؤس والغضب تردد بعبوس
= هو انت كل مره تقعد تقولي نفس الكلمتين وتصمم توريني الميزانيه! يا حبيبي انا لو مش واثقه فيك بعد كل السنين دي كلها همسكك كل حاجه ليه انا متاكده ان الفلوس اللي بتطلعلك وبتحطها لي في حسابي وهو ده نصيبي فعلا وانت ما بتاخدش حاجه زياده
تنهد ثم قال مبرر قلة حيلته وهو يتعجل بغيير ملابسه ليهبط للاحتفال
=الحق حق يا حبيبتي! وحتى لو شكتي فيا ده حقك وعشان ما يحصلش اي لبس في الموضوع خلينا كده زي ما احنا متابعين كل حاجه، و لازم تتابعي كل حاجه بنفسك حتى وانتٍ هنا وده كان اتفقنا ولا نسيتي خدي كمان باقي العقود دي محتاجه تمضي.. وكل بند ترجعي كويس مش عاوزاك تمضي على عماكي وخلاص اتفقنا
هزت رأسها بالايجاب وهي تردد باختصار
=طب ممكن بقى كفايه كلام في الشغل ونروح نطفي الشمع عشان يزن ما يزعلش.. يلا .
❈-❈-❈
في احد المرات تفاجأ احمد بحضور زوجته الشركه على غير العاده، عقد حاجيبة باستغراب وهو يقول
= حبيبتي انتٍ هنا من امتى ما دخلتيش ليه من بدري؟
هزت كتفها بعدم مبالاة وهي تقول باختصار
=عرفت ان عندك اجتماع قلت استناك هنا في المكتب عادي! خلصت ولا لسه
رفع إحدى حاجبيه بشك وتساءل باهتمام
=ايوه خلصت بس غريبه يعني متعود منك لاما بتيجي اول الشهر لاما اخره وساعات مش بتيجي الشركه اصلا اكثر من شهرين في حاجه حصلت
نفخت مستاءًه هاتفة بصوتٍ مضطرب
= في أن زهقت يا أحمد انت من ساعه ما مسكت الشغل ده ممكن يعدي عليك شهر بحله وتيجي على النوم وبس! و مش بنشوف بعض حتى ابنك بتشوفه وهو نايم، ما ينفعش كده الحياه دي بتفكرني باللي انا كنت عايشه زمان
دهش وهو يقبض على خصرها بيديه برفق متحدثاً ليخفف عنها قائلاً بتبرير
=يا حبيبتي والله كل ده شغل انا مش بروح في حته وانتٍ لما بتتصلي بيا برد عليك وانا في المكتب لاما السكرتيره وعندنا ضغط جامد مش بمزاجي! زي دلوقتي اهو اديكي جيتي على غفله ولقيتيني بشتغل
أغمضت عينيها وفتحتها بملل وهي تقول بنبرة جادة
=احمد انا فاهمه كل ده وعارفه انه ضغط شغل عشان كده واجب عليا انبهك، ما تعملش زيي تغلط نفسي غلطتي.. انا الشغل ده اخذ مني سنين كتير وكنت مخليه رقم واحد في حياتي ولاغيا حاجات كتير وكنت ذيك في الاول ما كنتش بقصد بس واحده واحده اتمكن مني، حاول تخليلنا وقت وتحط عيلتك رقم واحد في حياتك ممكن.
صمت قليلا يفكر بالحديث ليجد نفسه بالفعل قد انشغل بالعمل لفتره ليست قصيره عنهم، إلي أن رد بشرود
= فهمتك يا حبيبتي حاضر ممكن اكون فعلا من غير ما اخد بالي قصرت معاكم! حقك عليا
هزت رأسها بالايجاب بزعل معتقده بانه يقول لذلك حتى ترحل لكن اراحتها اجابته عندما هتف بسرعه
= طب استنيني ربع ساعه هخلص حاجه على طول ونخرج انا وانتٍ ونروح البيت نقعد مع يزن شويه واتغدى معاكوا كمان، تمام .
نظرت إليه بأعين لامعة وردت بحماس يخفي بين طياتها فرحة كبيرة
= خد وقتك هستناك.
❈-❈-❈
طالعت نانسي اطباق الطعام الذي جهزها زوجها ليضعها على رخام المطبخ استعدادا للطعام استنكرت وتقوست شفتاها للأسفل ثم قالت وأناملها تمسد رقبتها من الخلف
= هتعود على الدلع ده كدا و هبوظ!! وبعد كده مش هتحرك من السرير الا لما تجيبلي انت الفطار الصبح حتى لو وراك 100 اجتماع وصفقه مهمه
تحدث و قال بترقب حقيقي يشوبه التلاعب
= لا مش للدرجه دي يا حبيبتي، إتدلعي براحتك اليومين دول بس! ما عنديش شغل كتير الفتره دي عشان كده قلت زي بعضه واعمل لك انا الفطار النهارده
اقترب زوجها ملامسا شعرها بحب وأجابت بضيق زائفة
= اليومين دول بس! تصدق انك رخم
ابتعد قليلاً لكن مازال يحتضنها بين زراعه ليعقب مبتسماً وهو يلامس غلالتها
= بهزر يا حبيبتي طب والله عندي شغل بس اجلته عشانك ادلعي العمر كلُه، بس اوقات يعني غصب عني كده هيبقى ورايا شغل كتير و هتشوفيني في البيت صُدفة!
هزت رأسها مبتسمة بثقة وهي تقرأ الضحكة في عينيه وتناغشه
= هتلاقيني بطُب عليك في الشركة وهجيبلك الفطار والغداء والعشاء وابنك كمان معايا و بالمره عشان لو في واحده عينها كده ولا كده عليك تعرف انك راجل متجوز ومخلف ايه رأيك في الخطه دي مش حلوه!
زم شفته بسخرية زائف ثم قال متذمرًا
= آه وانا اللي كنت لسه هفرح وهقول مراتي حبيبتي مش بتسيبني من غير أكل لوحدي و هتيجي تقاسمني اللقمه اتاريكي بتعملي كده عشان ليكي غرض تاني؟
قطبت حاجبيها ولكزت كتفه هادرة فيه بحزم طفولي
= ما انا قاعده فاضيه ليك بقى لازم احط عيني في راسي احسن في بنات كتير كده كترت في الشركه ومش نازله لي من زور بصراحه
أراح قلبها عندما رد بصوتٍ دافئ صادق
= طب بذمتك انا اسيب حلم العمر وابص برده لشويه بنات! حتى لو ملكت جمال انا معايا الجمال كله
حاولت التحرر قليلاً من بين أحضانه تناظر وجهه بعبوس قائلة
= هو انا اتثبت بس برده لسه عند قراري وهاجي اطب عليك
ضحكا الاثنان ضحكة مدوية ودفن وجهه في شعرها مستنشقًا عطرها بشغف مرددا
= اعملي اللي انتٍ عاوزاه يا حبيبتي، واهو بالمره عشان ما يكونش عندك حجه وتزعلي
انك مش هتشوفيني كتير، بدل ما نقع في نفسي غلطتك زمان اهو نحلها وتعالي وقت الاستراحه أو اقعدي في الشركه ما تعمليش حاجه غير انك تكوني جنبي.
هزت رأسها بالايجاب وهي ترسم له ابتسامة اهتمام خاصة لتوحي بالثقة والهدوء
= ماشي هعمل كده فعلا بس الفتره اللي انت هتتاخر فيها بس، غير كده هستغل الفتره الثانيه ونخرج.
❈-❈-❈
في احد السهرات مع الاصدقاء كالعاده والتي لم تفوتها بعد اعتزالها العمل وقد جاء احمد معها اليوم، قطبت نانسي حاجبيها تتساءل زوجها بحنان
=مش عارفه ليه حسيتك متضايق من ساعه ما طلبت منك نروح عزومه صحابي! هو أنت جي غصب عنك
أطلق تنهيدة طويلة ودمدم بابتسامة تتناقض مع ما يلفّ المشهد المرح حوله بعبوس
=مش كده يا حبيبتي بس مش متعود عليهم رغم ان في منهم في الشركه معايا بيشتغلوا بس انا ما كونتش صدقات لحد دلوقتي معاهم
انتشلته نانسي من جب أفكاره تتحدث بغرابة
=بجد طب ليه؟ على فكره في منهم كويسين حتى اللي معاك في الشركه جرب تثق فيهم
هز رأسه برفض وهو يقول بنبرة ضائقة
= الموضوع مش كده يا حبيبتي هما في شغل كويسين وانتٍ عارفاني اللي مش ملتزم بمشيه وانا اتفقت على كده معاكي وانتٍ قلتلي بتشتغلي بنفس النظام، بس الفكره فيهم هم بحس انهم متاخدين مني شويه أو .. آآ يعني بحس انها واخدين عني فكره غلط ان اتجوزتك واستولدت على ثروتك وقعدتك كمان في البيت و اخذت مكانك.
نظرت نانسي بقلق و نطقت بحدة
=بس ما فيش حاجه من دي حصلت وانا اللي قاعده بمزاجي ما انا باجي الشركه و بيشوفوني اني مش مهتمه ولا بسال على الشغل ولا حاجه و واضح أوي عليا أن ما بقتش حباه الاجواء دي! انت سمعت حد منهم بيقول الكلام ده ارفده على طول
تنهد باعتراض وأجاب بشرود
= مش للدرجه دي يا حبيبتي انا لو مكانهم ممكن برده اقول نفس الكلام! لان في ناس كتير بتعمل كده وقليل لاما بنلاقي شخص عدل بيتقي الله فعلا في مال غيره.
أمسكت نانسي كفى زوجها تطمئنه
= حبيبي ما تهتمش بكلام حد انت فعلا يعتبر مامناك على مالي وانت بتشغلهلي وبتديني نصيبي، هم يعني مش عارفين انك ساعه القبض بتاخذ زيك زيهم مش عشان انت جوزي بتاخد زياده مثلا ولا حاجه ما ده مكتوب كله الاوراق عندهم والعقود وان نسبتك زي اي موظف وساعه القبض اكيد عارفين حاجه زي كده .
توتر احمد قليلاً وفرك يديه بخشونة قبل أن يقول بقله حيله
=اكيد عارفين بس اكيد برده في دماغهم انك عامله كده قدامهم انما وراهم حاجه تانيه وان باخد زياده.. بصي احنا لو قعدنا نفكر نحسبها كده ولا كده هنلاقي ان احنا مش هنعرف نرضي جميع الاطراف عشان كده على رايك ما نهتمش بحد وانا مرتاح كده اني بعيد عنهم وكفايه عليا انتٍ و معاذ ابننا.
تضرجت وجنتيها بحمرة الخجل وأجابت بتمني وحب
=ربنا يخليك لي يا حبيبي وما يحرمنيش منك
ظلوا يتحدثان ويتغازلان دون وعي أين هما،
حتي تعالي صوت ياسمين بغلاسة
=ايه يا عصافير الحب هو احنا هنفضل نجهز كل حاجه وانتم مش هتساعدوا في الأكل ولا الشوي قوموا ساعدونا انتم مش جايين هنا تحبوا في بعض.
نهضت نانسي وتحركت تجاهها فقالت لها وهي تقترب مبتسمة
=هاتي أم يا لسان طويل عاوزه ايه وانا اساعدك فيه، اعملي انتٍ السلطه وهاتي انا بعرف اتبل اللحمه كويس هعمل لكم كمان صوص حلو أوي هتحبوه .
تحركت احد الاصدقاء بذهول وانتصبت جالسة جانب الفتيات تهتف
=مين كان يصدق يا جماعه نانسي بجلاله قدرها اكبر عارضه ازياء بقت تعرف تطبخ وتحط ايديها في اللحمه والطبيخ عادي جدا كمان!
ابتسمت ياسمين وهي تقول بصوت ماكر
= لا بقت ست بيت درجة اولى! اسالوني انا بالذات او جوزها عليها اكل يجنن قعده البيت برده خليتها تتعلم حاجات كتير
كانت الاجواء جميله ورائعه حتى تحدث خالد خطيبها السابق بفظاظة حانقة
=احنا ناخدلها كده صوره ونحطها في المجلات هتعمل مشاهدات ايه، بس اكتر اسئله هتيجي ليك يا استاذ احمد ايه السر اللي انت عملته عشان تخليها كده مطيعه وتسمع كلامك وتقعد في البيت.. زمان في ناس كتير كانت بتحاول معاها على الموضوع ده وهي مطنشه ودايما تقول شغلي ونجاحي اهم
أغمض أحمد عينيه يحث نفسه أن يلتزم الصمت للحظات فهو يعلم جيد بان هذا خطيبها السابق وهي لم تخفي عنه شيء، ثم ارتدى قناع البشاشة وهو يرد هادرًا بتهذيب واحترام
= أحمد بس من غير استاذ، بصراحه يعني مش عارف اقول لك السر لان ما فيش اسرار ولا حاجه انا ما عملتش حاجه هي من نفسها اللي اختارت ده.. يعني الانسان لما بيكبر غير زمان احتياجاته بتتغير
ازدادت ابتسامة خالد السمجة المستفزة اتساعا وهو يقول
= مع نانسي كلنا كنا شاكين انه مستحيل! لا اكيد في حاجه كده ولا كده بس انت مش واخد بالك؟ انا عارفها كويس التغير المفاجئ ده مش هيحصل الا بحاجه كبيره
هز الآخر رأسه وهو يرد ببساطة
= جايز عشان حبتني مش كفايه!
هتف الآخر مجدداً ساخرًا قاصدًا إغاظته
= ممكن! الحب بيعمل المعجزات برده زي ما بيقولوا بس ده كلام اونطه بتاع زمان أنا متاكد برده ان في سبب ثاني اصل هي برده زمان ما كانت بتحب عادي وتعجب! ولما كان حد يخيرها بين الشغل ونفسه كانت بتختار الشغل من غير تفكير
اقتربت ياسمين من صديقتها وهي تردد بحذر
= نانسي سيبي إللي في ايدك وروحي جنب جوزك عشان تقريبا ثانيه واحده وهيضرب خالد عشان هو زودها ومش فاهمه التاني ماله شكله كده غيران! انا ملاحظه اصلا ان عينه عليكم من ساعه ما دخلتوا و قريبين من بعض وهو عمال يغلي.
أكدت الأخري علي حديثها هاتفه بقلق
= اسمعي الكلام يا نانسي مش عايزين خناق واضح أوي انه غيران فعلا عشان انتٍ زمان سبتي وكان برده خيرك بين الشغل وانتٍ رفضتي! وطبعا كلنا عارفين سبتي عشان الخيانه بس هو حاطط في دماغه حاجه ثانيه
ومش طايق احمد من ساعه ما جي معاكي.
هزت رأسها بالايجاب وبسرعه تحركت تجاه زوجها و هي تلاحظ ملامحه الغاضبة بادية على وجهه المتشنج، جلست جانبة لتضع يديها على دراعُه و قالت بنبرة حادة مقصوده
= جرى ايه يا خالد مهتم يعني أوي ليه كده تعرف! تقريبا كده شكلك عاوز تعرف السر عشان ترجع مراتك من تاني مش كده.. بس برده حتى انا لو قلت لك السر مش هينفع مع مراتك كل ست وليها داخله غير الثانيه
نظر خالد بدهشة و قال وهو مُصتنعًا عدم الفهم
= وايه بقى هي الدخله بتاعتك يا استاذه نانسي؟ ادينا بندردش ما تقوليلنا
رفع إحدى حاجبيه أحمد بذهول وقال بضيق من ذي ألذي لا تنتهي أجوبته الليلة
= ايوه يعني هتفرق ايه معاك لما تعرف السبب
ما هي قالت لك مش هيفيدك بحاجه
هز كتفه الأيمن بعدم مبالاة وهو يقول بفضول
=فضول مش اكتر! احنا مش قاعدين مع بعض وعاملين نتكلم في كذا مواضيع ادينا بنتعرف، وانا نفسي بصراحه أعرف ايه هو المقابل الفظيع اللي عملته عشان تطيعك أوي كده نانسي.. ما انا قلتلك أعرف شخصيتها بتاعه زمان كويس واللي قدامي دي مش نانسي بتاعه زمان، إللي لحد دلوقتي مش قادر اصدق انها بقت ربه منزل وسابت كل شهورتها ونجحها اللي حققته بسنين عشانك وعشان ابنها.. طب لما هي عندها مـ.ـيول كده للتضحيه والامومه ليه زمان كانت رافضها .
تكدرت نبرة نانسي وهي ترد عليه بجدية
= عشان نفس السبب اللي قاله احمد احتياجاتنا واختياراتنا بتتغير مع السنين بالذات لما بتحصل لنا شويه ظروف هي اللي بتخلينا نفهم الحياه كويس وان الشغل مش كل حاجه ولا الشهره والنجاح هم سندنا ومش طول الوقت دايمين زي العيله
لوي شفته بسخرية وهو يقول بصوت مغتاظًا
= العيله! مش قادر بجد اصدقك لما بحط في دماغي ردودك بتاعه زمان.. بس برده يعتبر ما جاوبتنيش ايه الحاجه المحدده اللي خلاتك كده دلوقتي!
انتبهت نانسي أن الغضب مسيطر على زوجها بشكل متفاقم، فقالت بصراحه وهي تشعر بالاستفزاز من خطيبها السابق والغير بريئ والذي لا يستطيع أن يتخلى عنه
= اكتشفت ان عندي كانسر ارتحت كده!.
جحظت عينا الاصدقاء بالصدمة كما زوجها أيضا بأنها اعترفت بالسر حقا حتي يتوقف الآخر عن استجوابها الممل، اقتربوا منها يتساءلون بخوف وقلق
= انتٍ بتقولي ايه يا نانسي انتٍ كويسه يا حبيبتي دلوقتي واكتشفتي الموضوع ده امتى
وليه ما قلتلناش عشان نكون جنبك
ردت نانسي عليها هاتفة بوجيعة متأكدة من أن لا أحد فيهم شاعراً بعذابها
= عشان ما كنتش عاوزه شفقه وعطف من حد مرحله وعدت ما تقلقوش انا بقيت كويسه اصلا والحمد لله خفيت، الموضوع ده من حوالي ثلاث سنين.. واكيد طبعا عارفين مرض زي كده بيغير فينا حاجات كتير.. في حاجه عاوز تعرفها تاني يا استاذ خالد
أما خالد ففغر شفتيه ثم قال متعمداً بعدم استحسان لما قالته
=انا اسف والله ما كنتش اعرف ان عندك حاجه زي كده الف سلامه عليكي! بس نفهم من كده يعني وجود استاذ احمد في حياتك عشان كنتي في مرحله صعبه ومحتاجه اي حد جنبك
تنهد أحمد بنفاذ صبر وإتحولت نبرتُه الهادئ بغيرة و هو يهدر بعنف
= هو في ايه انت مستفـ..
قاطعته زوجته تهتف بحزم لخالد رغم تذبذب صوتها
=احمد وجوده فرق معايا كتير حتى هو نفسه فاجئني ان في شخصيه زيه كده، مش المرض اللي خلاه يقرب مني ولا اللي خلاني اغير نظريتي ما انا كان ممكن بعد ما اخف ارجع زي ما انا! احمد هو اللي خلاني اغير نظريتي لحاجات كتير حواليا وان افكر احب وادي لنفسي فرصه اعوض كل حاجه حرمت نفسي منها زمان.. عشان كده طبعا لما لقيت الشخص المناسب واللي حبيته وحبني بصدق كان لازم بدون تفكير اتنازل واختاره
لانت مِحياه أحمد وخفّ تشنُج وجهه ليبتسم لها إبتسامة لم تصل لعينيه، ثم اتسعت ابتسامة نانسي برضا أنثوي وهي تضيف بفخر
= وعشان ننهي الموضوع انا لو ما كنتش بحبه وشايفه احلى حاجه في حياتي! وهو اللي عاوزه اكمل معاه حياتي ما كنتش انا اللي عرضت عليه الجواز واتقدمت لي ودي حاجه طبعا كل اللي قاعدين عارفين ان عمرها ما هتكون في شخصيتي الجديده ولا القديمه بس حصلت.
همست ببراءة وهي تنظر إلي الجميع وإتسعت ضحكتها عندما وجدت الجميع ينظرون اليها بدهشة كبيرة وانبهار، بينما هتف أحمد مرددًا
بصدمة وحرج
= ما لقيتيش يعني غير الحاجه دي تقوليها عاجبك كده نظراتهم ليا يقولوا عليا ايه دلوقتي! لما يعرفوا انتٍ اللي اتقدمتي ليا مش انا
إلي هنا لم يستطع خالد الحديث وصمت بقهر وإحباط، بينما تعالت أصوات الفتيات بحماس وعدم تصديق
=هو الكلام ده بجد انا مش قادره اصدق بس والله جدعه، ايه يعني هو لازم الراجل بس اللي يطلب ايد الست ويبدا؟ ما توقعتهاش
هزت رأسها بالايجاب بكل جدية، فاتسعت ابتسامة الفتيات بانبهار وهم يقولون بتشجيع
= ايوه كده يا نانسي اثبتي أن الست مستعده تعمل اي حاجه في الحياه حتى لو تطلب ايد الراجل اللي حبته هي مش هو.. شكلكم بيجنن والله لاقول الحوار ده في جروب البنات بتاعنا عشان لو في اي بنت عجيبها ولد وحساه خجول كده شويه هي اللي تبدا .
ضغط علي شفتيه بغيظ وهو يقول بسرعة بصوت حانقا
=انا ما قلتش ان خجول عشان كده انا ما طلبتش ايديها، يا استاذه يا مدام ما توقفي صاحبتك دي هتعمل علينا حفله كمان في الجروب عندها، نانسي انتٍ بتضحكي عاجبك كده لازم يعني تتسحبي من لسانك
اتسعت عيناه احمد بشكل أثار ضحكها و سرعان صمتت بخوف زائف، بينما هتف شخص ما بهدوء وهو يكتم ابتسامته
=انت متضايق ليه يا استاذ احمد عادي ما تقلقش هم كده البنات لما يصدقوا يمسكوا في اي موضوع جديد! اسبوع بالكتير وهينسوا او انت موضوعك بالذات ممكن يطول شهرين ولا سنه ولا حاجه.. هتعدي هتعدي
فزمّ شفتيه بحنق واضح ثم همهم لها محذرا
=حسابك معايا لما نرجع فخوره أوي بنفسك ومبسوطه كمان! طبعا دلوقتي هتكوني ملكه الشله بتاعتك عشان انتٍ اللي بداتي وطلبتي ايد جوزك مش العكس مش بعيد هتذل فيها سنه دي
هزت كتفها بعدم مبالاة بينما نظر لها بغضب زائف واضاف يتحذيز متأخر
ده انا لسه قايل لك بتوع الشركه هنا ومش عارف أعمل معاهم صحوبيه تقومي انتٍ تفجريها كده
عادت للخلف تميل رأسها برقة تتلاعب بنظراتها ما بين تبختر وشقاوة وشعرها الأسود اللامع يتأرجح بدلال ثم قالت بحزم وشجاعة
الله انت متضايق ليه هو انا قلت حاجه غلط طب ما ان
تمت بحمد الله