رواية قاب قوسين من الهلاك الفصل الرابع4 بقلم ناهد خالد


رواية قاب قوسين من الهلاك الفصل الرابع4 بقلم ناهد خالد

قاب قوسين من الهلاك (ناهد خالد) 

 ها قررتي ايه يا يويو؟ 

نظرت له عبر مكالمة الفيديو لثواني قبل أن تبصق على الهاتف بقوة كأنها تصلها له وتقول بكره وغيظ:

-  أنتَ انسان حيوان وحقير وو*****, موتك اقربلك من إني اعمل اللي بتقول عليه يا***.

وأغلقت المكالمة لتأتيها رسالة بعد دقائق بها صورها التي يحتفظ بها, كتمت شهقتها بيدها تبكي بقوة ليرن هاتفها بمكالمة صوتية والمتصل بالطبع هو.. 

-  عجبتك الصور؟ وهتعجب اهلك اكتر. 

-  عاوز مني ايه؟ أنا مش هعمل اللي بتقول عليه, مش هكلمك تاني ولا هعري نفسي اكتر من كده. 

نفى برأسه يقول:

-  لا مهو ده قبل الشتيمة واللي قولتيه عليا, لكن دلوقتي, مش عاوز مكالمة.

سألته بتعب:

-  اومال عاوز ايه؟ 

واتسعت عيناها بذعر وهي تستمع للتالي....

________ 

وقفت أمامه بعدما طلبته ليأتي إليها, ونظراتها الجادة أشعرته بالقلق قبل أن تقول:

-  اسمع, أنا كده جبت أخري, مش هخاف عليك ولا على اللي هيحصل أكتر ما هخاف على جوزي, أنا كان ممكن بكل سهولة من الأول أقول على اللي اعرفه لما سمعتك أنتَ ورغد بتتكلموا بعد ما سقطت بيومين, لكن أنا عملت بأصلي وسكت وقولت اسيبك تتكلم أنتَ وتعترف باللي عملته, ولما الموضوع دخل فيه شاكر, مش هكدب انا سكت عشان اعرف هو هيتصرف ازاي, وسيبك بقى من زعلي انه وافق في الاخر لكن انا مش هسيب جوزي وبيتي يضيعوا مني, وأنا هعرف ازاي أأدبه بمعرفتي بعدين. 

ابتلع ريقه الجاف وتعرق وجهه يقول:

-  أنا بجد مش عارف اعترفلهم, أنا خايف و....

صرخت به هادرة:

-  ولااا, أنتَ غلط ومادام كنت راجل اوي وأنتَ بتغلط معاها خليك راجل وأنتَ بتعترف بغلطك, وده احسنلك بدل ما اعترف انا, معاك لآخر اليوم, بكره الصبح ييجي من غير ما تعترف, هيكون البيت كله عارف... اعتقد لو اعترفت انت احسن ما يعرفوا من حد تاني.

-------- 
-  في ايه يا شاكر؟ بقالك ساعة قاعد ومنطقتش؟ 

نهض فجأة واقفًا وقال:

-  بص يا حاج, أنتَ على عيني وعلى رأسي, بس بصراحة بقى من يوم ما بلغتك موافقتي وأنا مش مرتاح, وحاسس إن حد ماسكني من رقبتي, مش طايق, أنا عارف اللي هتقوله عارف انه جواز على وراق, بس صدقني مش قادر, الحل الوحيد هو عادل, نعرض عليه الوضع وعادل راجل حتى لو موافقش مش هيفتح بوقه ولا حد هيعرف حاجه. 

نظر له "طاهر" معاتبا:

-  يعني مش قادر تعمل الخدمة دي لابوك يا شاكر؟

-  ياحاج افهمني, أنتَ مش طالب مني اروح مشوار ولا اعمل حاجه عادية, أنتَ طالب اتجوز على مراتي, وأنا كل ما ابص لرؤى الاقيها متستاهلش ده مني, غير اني مش مرتاح, حاولت والله بس مش مرتاح اعمل ايه طيب! 

-  خلاص يا شاكر, خلاص... بس متكلمش عادل سبني ادورها في دماغي, وهكلم أمها اعرفها واشوف ابن اختها ده ثقة وممكن يستر على البت ولا لا؟ 

---------- 

-  يعني شاكر رجع في كلامه؟ 

قالتها "رغد" بفرحة واضحة لتندثر فرحتها فورا ووالدتها تقول:

-  اه, وعمك سالني ان كان ابن خالتك يقدر يشيل من غير ما يفضحنا ولا لا. 

انكسرت نظراتها وهي تردد باستنكار:

-  يشيل؟ 

-  اه يا روح امك يشيل, ولا أقول يشتري! 

وعمدت الي قول:

-  مهو انتِ بقيتِ عامله زي البضاعة الفاسدة عمالين ننزل في سعرها عشان نلاقي حد يشيلها, ويا عالم هنلاقي ولا لا. 

نهضت واقفة وهي تقول بدموع آبيه نزولها:

-  لا متتعبوش نفسكوا وتدوروا على حد يشتري البضاعة الفاسدة, عشان اللي فسدها هو اللي هييجي يشيل. 

---------------- 
-  أنتِ بتقولي ايه؟ شاكر رفض؟

قالتها "رؤى" بعدم تصديق وهي تحدث "رغد" عبر الهاتف:

-  ايوه يا رؤى رفض, شاكر مقدرش يتجوز عليكِ حتى لو مجرد جواز على ورق.

الآن ارتاح قلبها, الآن تستطيع أن تتعامل معه من جديد دون تصنع, فكم ضغطت على نفسها في الأيام الماضية كي لا تثير شكه في معاملتها له. 

-  الحمد لله. 

رددتها براحة كبيرة لتسمع صوت "رغد" يسألها:

-  لسه في نيتك تساعديني؟ رؤى أنا محتاجة مساعدتك.

-  متقلقيش يا رغد, هساعدك, عشان الموضوع ده لازم ينتهي, انا قولتله اخره النهارده لو معترفش بنفسه انا بكره هبلغ الكل, وطبعا مش انا اللي هقول, لازم أنتِ اللي تبلغيهم لو هو متكلمش. 

-  ربنا يسهل يا رؤى. 

-  رغد أنتِ في الآخر غلطتي, ولازم تتحملي نتيجة غلطك وأيا كان اللي هيعملوه فيكي أنتِ تستحقيه صح ولا ايه؟ 

صاحت بها في ضيق:

-  خلاص, خلاص يا رؤى مش محتاجة حد يفكرني اني غلط. 
--------------- 

" ده عنوان شقة تجيلي فيها النهاردة الساعة 9 بليل, لو مجتيش هتلاقي الصور مشرفة عند اهلك" 

تجلس امام الرسالة منذ ساعتين وعقلها توقف عن العمل, ماذا تفعل؟ أتذهب له؟ هي تعلم ذهابها سيعلن ضياعها, وإن لم تذهب ستُفضح! أيهما أهون؟ 

-  الاتنين انيل من بعض.

رددتها وقد عادت لبكائها وعيناها لم تعد ترى من كثرة البكاء, لقد انجرفت وراء الاحلام الوردية والكلمات المزينة بالرومانسية وعاشت ما رأت جميع الفتيات في عمرها تعيشه... والأصدق الأغلبية وليس الجميع فمنهن من هن متعففات حافظات لأنفسهن, وهي سارت مع التيار لتقف الآن تتجرع خيبات اعمالها.

---------------------- 

اجتمع الجميع في شقة "طاهر" باستثناء "شاكر" الذي ما زال بالخارج, و "يارا" التي خرجت لتزور صديقة لها مريضة.

قالت "رؤى":

-  عمي كنت عاوزه أقول لحضرتك على موضوع مهم. 

-  قولي يا بنتي خير؟

وفجأة قال "حسن" هو الآخر موجهًا حديثه ل "طاهر":

-  بابا كنت عاوز حضرتك في موضوع.

ضحك "طاهر" باستغراب:

-  انتوا الاتنين في نفس الوقت؟ عمومًا استنى يا حسن نسمع من رؤى الأول بعدين قول موضوعك.

ابتسمت "رؤى" بمكر تقول وعيناها مثبتة على "حسن":

-  مفيش يا عمي انا بس كنت هقولك توصي شاكر عليا انا وبنته شوية, حاكم بقى طول الوقت في شغله ومبقتش اتلم عليه.

نظر لها "حسن" بتفاجأ هي تتلاعب به! 

-  ماشي يا رؤى, عنيا, هو فعلا شاكر بيحب شغله زيادة, ها يا حسن خير؟ 

ابتلع ريقه بقوة وارتعش جسده في خوف وهو يقول:

-  انا... انا اسف, بس مكنتش اقصد.... انا عارف اني غلط بس...

-  في ايه يلا؟ 

سأله "طاهر" بقلق فيبدو ان الامر خطير! 

نظر "حسن" ل "رغد" التي بدأت في البكاء, وقال محاولاً تجنب انهياره:

-  رغد..

-مالها؟ 

قالتها والدة رغد, ليبتلع ريقه بقوة ونهض مبتعدَا عنهم قليلا كأنه هكذا يأمن نفسه! 

-  أنا.... أنا غلط مع رغد.

انتفض والده كمن لدغه عقرب, ونظر له محاولاً نفي ما اتى لعقله, ليسأله بحذر:

-  يعني ايه؟ غلط ازاي؟ 

ضم قبضتيه يفركهما بخوف وتعرق وجهه بشدة وهو يجيب والده وقد وجه نظراته للأرض:

-  زي ما فهمت يا بابا... أنا ورغد غلطنا مع بعض... أنا...

ارتفع صدره في نهيج قوي قبل أن يكمل:

 أنا أبو اللي كان في بطنها....

يالهووووي...

كلمة تبعها صرخة خرجت من فم والدتها وهي تضرب صدرها بعدم تصديق, وبعدها وقوع "طاهر" جالسًا على كرسيه مرة أخرى ولسانه يردد كلمة واحدة:

  مستحيل...مستحيل....


وقفت أمام الباب والخوف يضرب صدرها رفعت إصبعها تضغط على جرس الباب ووقفت تترقب أن يفتح أحد...

ثواني وفتح الباب واقفًا أمامها بابتسامة ثعلب اصطاد فريسته وقال:

  يارا هانم نورت أخيرا, متأخره نص ساعة عن ميعادك, بس هسامحك فيها.

أشار لها لتدخل, ودخلت بخطى بطيئة, وقال وهو يغلق الباب:

  نورتي...

ارتد للخلف وقد اختل وزنه ليقع فوق الأرضيه حين دفع أحد الباب قبل أن يُغلق وهو يقول:

  ده بنورك يا روح امك. 

اتسعت عيناه وهي ينظر للرجل الواقف أمامه بصدمة, لتبتسم "يارا" رغم خوفها وهي ترى صدمته وتقول:

 نسيت اعرفك, ده شاكر...اخويا..

                    الفصل الخامس من هنا   
تعليقات