رواية لن اكون بريئه يوما بنظرك الفصل الثامن عشر18بقلم داليا السيد


 رواية لن اكون بريئه يوما بنظرك الفصل الثامن عشر18بقلم داليا السيد
 
خطة
تحركت داخل القسم حتى وصلت لغرفة المأمور وأخبرت العسكري بوجودها لحظات وخرج العسكري ليفسح لها لتدخل، نهض الرجل ورحب بها باحترام وهو يقول "أهلا مدام تفضلي، سيادة المحافظ بنفسه طلب لك الزيارة والترحيب بك"
ابتسمت وقالت "شكرا له ولك يا فندم"
جلس وجلست وهو يقول "دقائق وسيكون هنا نحن لا نتعامل معه على أنه متهم فنحن نعلم من هو ولكن للأسف لم نصل لأي جديد"
قالت بحزن واضح "الجاني أجاد التخطيط سيادتك ويوسف ليس لديه دليل قوي للبراءة"
قال "أدلته موجودة ولكنها ضعيفة أمام أدلة الإدانة لذا تبقيه النيابة حتى تنتهي التحقيقات"
دق الباب ودق معه قلبها وهي تراه يدخل فنهضت وأجبرت نفسها على التماسك حتى لا تلقي نفسها بين ذراعيه وعيونه الدخانية تحولت لرماد رصاصي قاتم واسود وجهه وهو يواجها بنظراته ويتحرك للداخل والمأمور ينهض ويقول "سأعود بعد قليل"
ما أن خرج حتى تحررت من قيودها واندفعت لأحضانه كما أحاطها هو بذراعيه بقوة وأغمض عيونه وهو يتنفس عطرها الذي اشتاق إليه وهمس "اشتقت لك ملاك، اشتقت لك حد الجنون"
هتفت "أنا سأموت بدونك يوسف، لا معنى لحياتي بدونك، لابد أن تخرج من هنا"
أبعدها وأحاط وجهها بيديه وقال "كيف حالك وحال أحمد؟"
قال بدموع واضحة "أحمد بخير، لكن أنا لست بخير يوسف لا أعرف ماذا أفعل بدونك الخوف يسكن قلبي لابد أن تخرج من هنا"
مسح دموعها بيديه ثم أجلسها وجلس أمامها وقال "أدلة البراءة ليست كافية ملاك، عبد القادر يسعى للقاتل نفسه لأن هذا هو المخرج الوحيد لي"
هزت رأسها وقالت "وحيد هددني"
وبدأت تحكي له ما كان حتى انتهت فتراجع وقال "الحراسة خطوة جيدة ولكن لا تمنع الحذر ملاك، وحيد يضمر طمع بك وبالأموال لذا هو لن يستسلم بسهولة وسيظل يلاحقك"
انكمشت وهي تقول "وماذا يوسف؟ أنت تزيد من مخاوفي"
قال بهدوء "لا ملاك، الخوف لا مجال له الآن، انسي حمزة وما كان يفعله معك وتذكري أن هناك أشخاص تعتمد عليك الآن وأنت وحدك من يمكنه مساعدتهم وعليك تنفيذ ما سأخبرك به وتابعي عبد القادر بكل جديد"
****
لم تتحسن حالتها بلقائه وألقت جسدها على مقعد مكتبه ودفنت وجهها بين يديها وهي تتذكر ملامحه المتعبة وملابسه غير المنمقة كما اعتاد، هل هذا هو يوسف السمنودي؟ الملياردير الذي عرفته وأحبته من أول نظرة؟ العازب الأبدي الذي قتل قلبها؟ 
دق الباب ودخل صلاح فنظرت له وهو يقول "وحيد لدى أمن الشركة يطلب لقائك"
هزت رأسها وقالت "تمام ولكن لا تجعله يدخل على الفور لينتظر ربع ساعة"
هز رأسه وهو يخرج بينما تنفست هي بعمق وهي تنتهي من الأوراق التي أمامها ربما تستعيد هدوءها وتطرد خوفها كما طلب منها هو عندما دق الباب ورأت صلاح يقول "الأستاذ وحيد"
هزت رأسها بالإيجاب فتراجع صلاح بعيدا ووحيد يتقدم للداخل وهو يرسم ضحكة خبيثة على وجهه وهي تتراجع بالمقعد وتسمعه يقول "من الواضح أنك لا تضيعين وقت ملاك؟ عدة أيام على حبسه وأنت هنا تجلسين خلف مكتبه بكل ثقة"
نظرت له بنظرات احتقار وقالت "أظن أنها أشياء لا تخصك، هل تخبرني سبب هذه الزيارة؟"
أجاب بابتسامة لا تنم عن صفاء صاحبها "جئت أكرر ما قلته ملاك، يوسف انتهى أمره ولن يخرج من تلك الجريمة لذا علينا أن نتفق ونحدد أهدافنا فهي واحدة"
ظلت صامتة تسمعه حتى انتهى فنهضت وتحركت تجاهه فنهض ليواجها فقالت "وترى ما هي أهدافنا الواحدة وحيد؟"
قال ببرود "المال عزيزتي، لن تتزوجي رجلا يكبرك بخمسة عشر عاما والفارق الاجتماعي واضح بدون أن يكون هدفك المال وسيظل هدفك للنهاية"
لم تغضب وابتعدت من أمامه وهي تقول "ولكني لست بحاجة للمال وحيد فكما ترى بيدي كل شيء"
هتف بطمع واضح "هذا هو ما أقصده لذا لن تتمتعي وحدك بكل ذلك"
التفتت له وقالت "وما الذي يمنعني من أن أفعل؟ يوسف بالسجن وابنه ما زال تحت وصايتي لذا أنا بيدي كل شيء"
تحرك تجاهها ووقف أمامها وعيونه تلمع بالغضب وهو يقول "وأنا!؟ لن تفعلي ذلك بي تعلمين أني أحبك، دعيني أكون معك ملاك نستمتع سويا ونبني امبراطورية خاصة بنا أنا وأنت فقط"
ابتسمت بسخرية وقالت "أترك يوسف السمنودي وأتزوجك أنت؟ النصاب المحتال الذي لا يملك ربع ما يملكه زوجي، هل جننت؟"
أمسكها من ذراعها بقوة وقال بغضب "نعم ملاك، نعم أنا مجنون، مجنون بك ولن أتراجع عما أريد، أنتِ والأموال هو ما أريد وإما أن تفعليها برضائك أو ستدفعيني لطرق لن تروق لك، أمامك يومان للتفكير، أريد اثنان مليون دولار كي نبدأ بهم مشروع يكون بداية طريقنا سويا وأنت يمكنني انتظارك حتى تحصلي على الطلاق وإلا فلا تحزني على ما قد أفعله معك ومع ابنك الصغير"
وترك ذراعها وتحرك للخارج دون أن ينتظر ردها وتابعته بنظراتها والحيرة تملأ عيونها لا تعرف أين الصواب من الخطأ ولكن وحيد يلعب لعبة خبيثة وعليها أن تهدأ لتجيد التفكير
انتهى اجتماعها الأول مع مدراء الفروع ونفذت أوامر يوسف وما أن ذهبوا حتى تحركت لمكتبها ودخل صلاح وقال "هل أرسل للسائق مدام إنها العاشرة"
نظرت له وقالت "نعم وأنت يمكنك الذهاب آسفة لتأخيرك"
ابتسم وقال "لا تفعلي مدام سيد يوسف كان يبقينا للصباح فلا نعود لمنازلنا إلا بمساء اليوم التالي لكنه كان يمنحنا تعويضات ترضينا"
قبل أن ترد رأت عبد القادر خلفه وهو يقول "تأخر الاجتماع مدام هل تسمحي لي؟"
قالت "بالتأكيد، صلاح يمكنك الذهاب"
خرج صلاح بينما عادت لمقعدها والمحامي يجلس وهو يقول "وحيد يجري اتصالات مشبوهة بأشخاص لا أمان لهم"
شحب وجهها وقالت "هل سينفذ تهديده؟"
قال بجدية "حتى لو لن نمنحه الفرصة حان وقت اللعب على المكشوف مدام لا يمكننا تركه يفرض ضلوعه دون رد"
ظلت صامتة تفكر قبل أن تقول "لن يصدقني"
أبعد وجهه وقال "عليك أن تكوني مقنعة وأنا معك ولن أتركك لحظة بلحظة"
كانت تعلم أن عليها أن تنفذ ما يقول ولكنها تعلم أن وحيد ليس بغبي وهي ليست بذكية بما يكفي لتخترق خططه وتدمرها ولكن الجميع يطالبها بأن تقف وتناطحه خططه ولا مجال أمامها للفرار
عادت للمنزل بوقت متأخر ودخلت غرفة أحمد فرأت ميرفت نائمة فلم توقظها وهي تتحرك لفراشه وظلت واقفة بصمت وكأنها تلتمس القوة من وجودها هنا لمواجهة ما يخفي لها القدر وما زالت نظرات وحيد تتنازع أفكارها ومن خلفها عيون يوسف القوية تخبرها أنها تستطيع أن تكمل الطريق
بالصباح عرفت أن حبس يوسف قد تجدد خمسة عشر يوما مما زاد من مخاوفها وجعلها تدرك أن القاتل لابد وأنه سيدور حول مسرح جريمته فما الذي عليها فعله لمواجهة مصيرها بدون يوسف؟
أنهت ارتداء ملابسها بالصباح عندما دق الباب ورأت زينب تقول "ذلك الرجل وحيد يريد لقائك مدام"
ارتجف قلبها بقوة وهي تدرك أن دورها قد بدأ وعليها أن تتقنه جيدا فنظرت لها وقالت "حسنا زينب دعيه ينتظرني بغرفة الضيوف"
لم يعجب زينب الأمر ولكنها لم تتحدث وإن تحدثت عيونها بما داخلها ولكن هي لم تمنحها أي اهتمام وهي تجذب حقيبتها وتتحرك للخارج، دخلت لغرفة الجلوس لترى وحيد يدخن سيجارة وهو يقف أمام صورة والد يوسف فقالت "هل انتهت المهلة التي منحتها لي دون أن أشعر؟"
التفت لها وعيونه تجوب فوق كل جسدها ثم ابتسم وقال "لا ولكن بصراحة اشتقت لرؤيتك"
ظلت واقفة وهي تنظر له وقالت "ألن تتوقف عن تلك النغمة؟ لا يليق بك جو الرومانسية هذا وحيد"
تحركت وجلست ربما يساعدها الجلوس على التماسك، بينما قال وحيد وهو يطفئ السيجارة ويتحرك ليجلس أمامها وقال "ليست نغمة ملاك، لماذا لا تصدقين مشاعري تجاهك"
ظلت صامتة قليلا قبل أن تقول "والمطلوب؟"
قال "تمنحيني فرصة لأثبت صدق مشاعري"
قالت بتعقل "بالأمس كنت تهددني والآن تطلب الود! لا أفهمك وحيد، ألا تكون صادق مرة واحدة كي أعرف ماذا تريد بالضبط؟"
انحنى تجاهها وقال بنبرة لا تحمل أي تهديد "أريد أشياء كثيرة ملاك ولكنك لا تمنحيني فرصة لأي شيء"
لم تتبدل ملامحها وهي تقتبس الجمود من زوجها وقالت "أمثلة"
ابتسم بخبث وقال "تغيرت كثيرا ملاك، أريدك وسأظل أريدك لآخر العمر، أريد أن أحقق حلمي بأن أكون الملك وأموال يوسف ستجعلني أحقق حلمي، أريدك معي وأنا أصل للقمة وحدك لن يمكنك مواجهة السوق ولكن معي سنجتاز كل الصعوبات بل وسنحقق المليارات فهل يفكر عقلك قليلا بدلا من قلبك؟"
بالطبع كان عليها أن تبدو منطقية قبل أن تتصرف فنهضت مبتعدة وكأنها تفكر قبل أن تلتفت له وتقول "ألا تظن أن طلبك هذا يعني خسارة لي؟"
تراجع بالمقعد وقال "لن نطلق عليها كذلك، بل تصحيح للمسار ستكملين مع من يحبك وسيجعلك ملكة على حياته"
نهض وتحرك ليقف أمامها وبدا طويلا مماثلا لقامة زوجها ولكن أقصر قليلا وأقل عرضا منه، حدق بعيونها وقال "ملاك الحب يظهر بعيون أصحابه وبتصرفاتهم ألم تشعري يوما بما أشعر به تجاهك؟ صدقيني ملاك ربما الأموال تمثل أهمية كبيرة بحياتي لكنك أنت رقم واحد بالنسبة لي، منذ كنت طفلة وأنا أحلم باليوم الذي تنضجين به وتصبحين كما تخيلت وأنتظر أن تدركي مشاعري تجاهك وتوافقين على الارتباط بي لذا ما أن رحل يوسف حتى أصبح الحلم مني قريب ولن أتركه حتى يتحقق"
ظلت تنظر له تبحث عن الكذب بعيونه ولكن إما أنه صادق بالفعل وإما أنه يجيد التمثيل بدرجة امتياز، هربت منه بعيدا وقالت "ولكنك تعلم أن يوسف ربما يخرج ويحصل على البراءة، ما زالت القضية مفتوحة وربما تصل الشرطة للقاتل الحقيقي"
التفتت لتراه وهو ينظر لها وقد تبدلت ملامحه وقال بقوة "لن يكون، يوسف لن يخرج، الجريمة محكمة أنا تأكدت من ذلك، أقصد صديق لي أخبرني بذلك"
وابتعد دون أن يواجها ولكنها لم تمنحه الفرصة وهي تقول "لا"
عاد لها وهو يقول بدهشة مختلطة بالغضب "لا!؟"
تحركت تجاهه بثقة وقالت "الحامي يقول أن لديه مفاتيح كثيرة يمكنه بها الوصول للجاني الحقيقي"
انتبه لها وهو يبعث نظرات حادة لها قبل أن يقول "ليس هناك أي مفاتيح، الكاميرات أثبتت وجوده بشقة زينة و"
قاطعته "اسمع وحيد أي شخص يمكنه أن يتقمص شخصية شخص آخر ويرتدي ملابسه ويظهر بمظهره هذا أمر سهل لذا ربما يمكن للمحامي أن يثبت ذلك، يوسف سيخرج ولا يمكنني أن أتركه بعد أن انتشلني من الفقر وصنع مني امرأة أخرى ولدينا ابن"
ثار غضبه وهو يشيح بيده وقال "لن يخرج ملاك، وذلك الرجل الذي تتحدثين عنه لا وجود له وحتى لو فهو لن يظهر أبدا تأكدي من ذلك"
ظلت تنظر له ثم قالت "أنت تثق به هكذا فهل تعرفه؟"
التفت لها بقوة وقال "أعرف من؟"
لم تعيد كلماتها وقالت "وحيد أنا تأخرت ولابد أن أذهب ما تريده لن يكون لأني لا أملك سبب يجعلني أثق بك فأنت أيضا لا تثق بي"
كادت تتحرك ولكنه كان أسرع وهو يتجه ليوقفها فرفعت وجهها إليه وهو يقول "وكيف تثقين بي ملاك؟"
قالت "عندما أعرفك جيدا فأنت تعرفني وتعرف كل شيء عني وتهددني بينما أنا أقف أمامك كالبلهاء وأنت تتحدث عن أمور لا أفهمها، وحيد أنا بمكانة رائعة حتى لو لم يخرج يوسف فلماذا أبيع كل ذلك؟"
انحنى وقال "لن يخرج ملاك ولن تبيعي شيء، فقط بمجرد أن يحصل على الإعدام ستتحررين منه وأنت المرأة المخلصة بعدها يمكننا أن نحقق الحلم لكن حتى يحدث ذلك عليك بوضع يدك بيدي كي"
قاطعته وهي تتحرك مبتعدة عنه وقالت "حتى يحدث ذلك لا يمكننا أن نلتقي وجودك هنا يلفت الأنظار، الخدم ورجال الحراسة الجميع سيحكي ليوسف عن وجودك لذا كف عن المجيء هنا وابتعد عني لأن يوسف سيعود"
عاد وقال "لن أفعل ملاك، ويوسف لن يعود هل تفهمين؟"
التفتت له وقالت "لماذا أنت واثق هكذا؟"
حدق بها ثم أبعد وجهه وقال "هل نلتقي بمكان آخر؟"
قالت "لا، لن نلتقي مرة أخرى"
تحرك تجاهها وقال "لن تفعلي ذلك بي ليس بعد كل ما فعلته من أجلك"
ضاقت عيونها وهي تسأل "فعلت ماذا؟"
شحب وجهه ثم أبعده لحظة قبل أن يقول "ماذا تريدين ملاك؟"
قالت "لا شيء، فقط ابتعد عني أخبرتك أن المحامي لديه أدلة براءة يوسف ولو خرج يوسف فلن أكون لسواه"
أمسكها من ذراعها بقوة وغضب وهو يقول "أنا فقط من لديه أدلة براءة زوجك و"
قطع كلماته وقد أدرك أنها دفعته للغضب وفقد السيطرة على نفسه فترك ذراعها وتحرك ليذهب ولكنها أوقفته بسرعة وقالت "ماذا قلت؟"
نظر لها وقال "لا شيء، اسمعي ملاك سنعود لنقطة البداية، إما تنفذي ما أريد وإما أحطم حياتك كلها ولن يهمني حبي لك، أنت والأموال أما يوسف فقد انتهى أمره"
ثم تركها وتحرك للخارج وهي ما زالت واقفة دون حركة وقد تصاعدت الكلمات بقوة لعقلها من أن هو من لديه أدلة البراءة، يوسف والمحامي على حق، مفتاح اللغز لدى وحيد وعليها العثور عليه ولكن عليها التفكير جيدا بالثمن..
بالطبع لم يمكنها زيارة يوسف ولكن عبد القادر لم يتركها لا بالعمل ولا بأمر وحيد ولا بالقضية المصيرية لزوجها الذي يكاد يفقد حياته دون سبب
رن هاتفها برقم فنظرت له ثم أغلقت الصوت وهي تكمل لقاءها مع الرجل الجالس أمامها حتى انتهت منه فعاد الهاتف يرن فأجابت لتجد صوت وحيد مرة أخرى يقول "قابليني اليوم بالعنوان الذي أرسلته لك بالخامسة، لا تتأخري"
وأغلق، نظرت للهاتف ثم فتحت الرسالة لتجد عنوان شقة فأبعدت الهاتف على المكتب وعادت للعمل بلا اهتمام للرسالة، بالسادسة رن الهاتف مرة أخرى فأجابت وهي تعلم أنه هو وهو يقول بغضب "تلعبين بالنار ملاك"
نهضت وتحركت حول المكتب وقالت "وأنت تقلل مني وحيد"
أجاب بغيظ "وكيف ذلك؟"
قالت بابتسامة "ما زلت تعاملني على أني تلك العاهرة، فتاة الليل امرأة لكل رجل"
صمت لحظة قبل أن يقول "لم أفعل فقط اخترت مكان بعيد عن الأنظار أنت شخصية عامة والصحافة تطاردك وبالبيت والشركة عيون لزوجك فلم أجد سوى شقتي"
قالت بهدوء "ليس بيننا ما نتلاقى من أجله وحيد، أخبرتك أن ما تريده ليس لدي أنا لا أملك سلطة التصرف بأموال يوسف كما تظن كما وأنني لن أمنحك نفسي طالما لست زوجتك وليس لدي ما يجعلني أثق بك لأنك أصلا لا تثق بي"
صوته الغاضب أفزعها وهو يقول "سألتك من قبل ماذا تريدين؟ لقد فرغ صبري ملاك فلا تضغطيني أكثر من ذلك"
كانت تفعل بالفعل وربما تلاعبت على مشاعره تجاهها لذا قالت "أريدك أن تخبرني بكل ما تعرفه عن قضية يوسف ولا تخبرني أنك لا تعرف لأني لن أصدقك، ثانيا علاقتنا لابد أن تكون بالنور أي بعد أن يرحل يوسف تمام، ثالثا لتكف عن لهجة التهديد تلك لأنها لا تخيفني لأنك تعلم من أنا بالوقت الحالي وكلمة مني للشرطة ستلفت لك الانتباه وأنت لا تريد ذلك"
صمت قاتل قابل كلماتها فتحركت وجلست على المقعد الجلدي ومنحته الوقت قبل أن يقول "تلعبين بذكاء ملاك لكن أن أخبرك عن القضية هذا ما يثير حيرتي، لن أمنحك ما يمكن أن يفيد زوجك"
قالت "أو يضره"
عاد للصمت فقالت "أن تخبرني عن نقط الضعف بالقضية فأتأكد من طمسها جيدا مما يعني عدم خروجه نهائيا، تفكير واحد غير كافي الشورى تنجح دائما"
قال بهدوء "لابد أن نلتقي"
قالت "سأرسل لك الموقع"
وأغلقت دون أن تنتظر رد منه وهي تفكر بما فعلته كلماتها به وتتمنى لو كانت قد أصابت هدف لأن ذلك سيمنحها خطوة للأمام هي بحاجة لها
كان اللقاء بمكان منعزل عن المدينة وبالطبع لم تأخذ السائق بل سيارة أخرى، كان الكافيه بسيط ولا يوجد به إلا أشخاص ليست من المدينة بل تميل للأماكن الريفية، ما أن دخلت حتى رأته يجلس بمائدة بعيدا عن الجميع والدخان يحيطه حاولت ألا تمنح قلبها فرصة للخوف فتحركت دون انتظار وما أن رآها حتى نهض وقال "ما هذا المكان ملاك؟ من أين عرفته؟"
جلست وجلس أمامها فقالت "عرفته أيام الدراسة، أريد قهوة اليوم كان مرهق والصداع يقتلني"
طلب لها القهوة وعاد لعيونها وهو يقول "زدت جمالا بعد أن أصبحتِ سيدة أعمال، أنت جميلة بكل حالاتك وتقتلين قلبي بعيونك الزيتونية هذه"
حاولت أن تبدي ملامح ولكنها لم تستطع فأبعدت عيونها وقالت "تصر على ذلك الطريق وحيد"
تراجع بالمقعد وهو يدخن سيجارة أخرى وقال "لم أكن صادق بحياتي مثل الآن"
وضع الرجل القهوة فقالت "خطتك؟"
قال بهدوء "السيدات أولا"
تراجعت بالمقعد وهي تتناول القهوة ثم قالت "الأموال التي تريدها سيكون من الصعب تسريبها من الحساب بالوقت الحالي لأن يوسف هو المتحكم بالرصيد حتى الآن ولن يتوقف إلا بعد صدور الحكم وهو ما لن أضمنه"
قال "أنا أضمنه"
واجهت نظراته بقوة ثم أبعدت وجهها دون أن ترد فاقترب ليستند على المائدة وقال "لن يخرج ملاك صدقيني"
نظرت له مرة أخرى وقالت "ما الذي يضمن لي ذلك وحيد؟ لو تحركت معك حركة واحدة وخرج يوسف بعدها سيقتلني ولن يمكنك إيقافه لذا أنا لا يمكنني أن أفعل فما تعرفه أنت قد لا يكفي لبقائه بالسجن أو الإعدام"
قال بهدوء "سأخبرك بما لدي ولكن لكل شيء ثمن"
لمعت عيونها لحظة ثم انطفأت بسرعة وهي تقول "الذي هو؟"
ابتسم بخبث وقال "أنتِ"
شحب وجهها والتصق ظهرها بالمقعد وضغطت أصابعها على ذراعي المقعد وهي تردد "أنا!؟"
قال "تعلمين أني لن أتنازل عن ذلك ولا يهمني كيف ستفعلينها أو أين ولكني لن أمنحك أي شيء عن القضية إلا لو كنتِ أنتِ المقابل ومن بعدها الأموال التي سنحصل عليها سويا"
نهضت واقفة وقالت "لست بحاجة لأي شيء، لو خرج يوسف سأكون زوجة سعيدة وأعود لحياتي وأتخلص منك ولو سجن يوسف أيضا سأكون وريثته ووصية على ابنه وأيضا سأكون سعيدة دون أن أكون لأحد"
وتحركت لتذهب ولكنه نهض وأوقفها وقال "اجلسي ملاك ولا تلفتي الانتباه لنا"
ظلت صامتة لحظة ثم قالت "أنت تضيع وقتي ووقتك، نحن لن نتفق فطرقنا ليست واحدة"
قال بهدوء أيضا "اجلسي ملاك فنحن لابد أن نتفق، رجالي لن تترك ابنك، أنا فقط لا أريد أن أكون ذلك النذل"
ارتجف قلبها وقالت بقوة "إياك وابني وحيد لا تنبش بقبرك فأنا لن أقف صامتة وقتها وسيكون أمامك وجه لم تعرفه من قبل، أخبرتك ألا تتبع التهديد معي"
قال بقوة "إذن اجلسي ولنجد حل مناسب لكلانا"
ظلا الاثنان يتبادلان النظرات حتى قطعتها وهي تجلس مرة أخرى فجلس وقال "أنا لا أخشى من كلماتك ملاك ولكن أخشى أن أفقدك فلا تلعبي على مشاعري لأني أستطيع التحكم بها، ماذا يمكنك أن تقدمي لي نظير كلماتي؟"
قالت بقوة "أخبرتك أني لست بحاجة لكلماتك هذه"
نفخ وقال "ليلة واحدة ملاك، لا أريد سوى ليلة واحدة ألمسك فيها، أصدق أنكِ لي"
قالت "تعلم الرد"
أبعد وجهه وقال "ليس لدي أي شيء"
نهضت وقالت "ولا أنا"
ولم تمنحه فرصة لإيقافها وهي تتحرك خارجة إلى السيارة التي انطلقت بمجرد أن ركبت وظلت تنظر بالمرآة وهي تراه يخرج خلفها وسيارته تتحرك بسرعة لتتابعها فقالت "هل تسرع تلك السيارة تتبعنا؟"
وبالفعل أسرع السائق بالطريق المنعزل ولكن سرعان ما ظهرت سيارة أخرى وأحاطت السيارتان سيارتها وحاول السائق الفرار ولكن بالنهاية أجبرته السيارات على الانحراف عن الطريق والتوقف وهي تصرخ به كي لا يتوقف ولكنه توقف كي لا يصطدم بالسيارة التي انحرفت أمامه فنزلت لتهرب وسط المكان المنعزل ولكنها لم تبتعد كثير عندما شعرت بأقدام تهرع خلفها حتى قبضت يد على ملابسها من الخلف فأسقطتها أرضا وعادت اليد تعيدها وهي تصرخ
"اتركني، ابتعد عني، اتركني"
وسرعان ما وصل وحيد يلهث من الجري وهو يقول "برفق أيها الكلب"
لانت قبضة الرجل على ذراعيها المقيدتين للخلف وظهر رجل آخر وكمم فمها ثم اقترب وحيد وقال "كان عليك اتباع كلماتي بموافقتك كي لا أجبرك حبيبتي"
هزت رأسها بقوة والدموع تملأ عيونها فجذبها عائدا للسيارة وقال "ابنك سيلحق بنا بعد قليل، هيا"
تملكها الفزع ولكن قبضة وحيد لم تفلتها وهو يدفعها داخل سيارته 
تعليقات



<>