
رواية وعود الليل الفصل الحادي والعشرون21والثاني والعشرون22 بقلم نداء علي
أختي!
جاسم شاورلها تقعد وقالها
اهدي بس وافهمي، دي كاريمان أختك الكبيرة، مهندسة وناجحة جدا، والدك كلمني عنها من فترة.
ضحكت ماريا باستهزاء ورفض وقالتله بدهشة
أختي إزاي، انت بتهزر يا جاسم.
جاسم : لأ، أختك حقيقي، من الأب، معقول ثابت بيه مقالش قدامك ولا مرة إن عنده بنت غيرك، كان متزوج قبل والدتك.
ماريا : ماما قالت مرة إن بابا كان أرمل، ولما سألتها عنده أولاد قالت لأ، معقول كذبت عليا.
جاسم : هو الحقيقة والدتك تصرفها منطقي، شخصيتها بتقول كده.
ماريا بحدة وتحذير : انت قصدك إيه، على فكرة مامي جميلة جدا وطيبة، هي بس يمكن حاولت تبعدني عن المشاكل.
جاسم ببرود : يمكن، وعموما الغلط على والدك، كاريمان بنته تخصه هو، متخصش والدتك.
ماريا اتضايقت من مهاجمته لأمها، نفخت بملل وقالتله
مش فارقة، هيحصل إيه يعني لو كنت عرفت، انت شايف أختي اللي بتتكلم عنها عاملة إزاي.
دي بنت معقدة، حقيقي مش فاهمة إزاي دي مهندسة، دي إنسانة غبية، عارف ماما عندها حق لما قالتلي زمان إني مليش أخوات.
جاسم : على فكرة انتِ متحاملة عليها، لو فكرتي بعقلك هتلاقي معاها حق، يمكن طريقتها غلط لكنها معذورة.
ماريا : يا سلام، وانت بقى متعاطف معاها كده ليه.
جاسم: مش متعاطف ولا حاجة، أنا بس هسألك سؤال، لو حد قفل باب بيته على ايدك او خبطك بعربيته بدون قصد هل ده هيهون عليكي ويقلل من رد فعله، هل لو اتأذى بسبب تصرفك ده هيفرق معاه إنك كنت تقصديه أو لأ، ولا هيتصرف على حسب احساسه ودرجة الألم.
ماريا ملامحها هدأت وبدأت تبصله بترقب
جاسم كمل كلامه بجرأة
والدك رمى البنت دي وهي بيبي، طفلة يدوب فقدت أمها وقبل ما تفهم معنى الموت والفقد هرب من مسؤولياته ناحيتها وسابها لخالتها، تخيلي لو كانت خالتها دي ست قاسية أو غير مسؤولة كان مصير كاريمان إيه.
جاسم اتكلم بحيادية وصدق
وقت ما والدك دخل السجن كان كل كلامه عنك، خوفه وقلقه عليكي، صحيح اتكلم عن كاريمان لكن مشاعره ناحيتها موصلتنيش كنت شايفه تقضية واجب، حاجة ملزم يعملها وبس، فاهمة قصدي.
ماريا كشرت ومدت شفايفها بحزن وقالتله
بس أنا مش طرف في المشكلة، ملهاش حق تعاملني بقلة ذوق بالشكل ده، تعرف مفروض كنت اسيبها تغرق.
ضحك جاسم وقرب منها بدون وعي، مشاعره بدأت تحركه ناحية ماريا من غير ما يحس، شدها لحضنه وهمسلها بلطف
على فكرة انتِ مستحيل تعملي كده، وصدقيني هي أكيد مبسوطة أنكم اتفابلتم، الحكاية محتاجة وقت مش اكتر.
ماريا استكانت بين ايديه واتنهدت بقوة، سألته بخفوت
انت غريب أوي، ساعات بتكون طيب وعاقل وساعات بتكون قاسي ومجنون.
جاسم ضحك بهدوء ومتكلمش لأنه مش عاوز يرد وتفهم كلامه غلط أو يحصل بينهم خناقة جديدة، هو مكتفي بالحالة اللي عايشنها، لا سلم ولا حرب حاجة أشبه بالهدنة.
بعدت عنه بعد وقت وسألته
تفتكر كاريمان دي هي وجوزها بيحبوا بعض، متجوزين عن حب اقصد، أصل شكله خايف عليها أوي.
جاسم : طبيعي يخاف عليها، دي مراته ولسه عرسان جداد.
ماريا : تؤ، مش قصدي كده، نظراته لها مختلفة، مش هتقدر تفهمني.
جاسم كان مستغرب كلامها، هو بطبعه مش مقتنع بالحب، الزواج شروطه الأساسية بالنسبة له التفاهم والإحترام المتبادل، الحب مع الوقت بيختفي والأهم هو التفاهم، حاول يوصلها وجهة نظره لكنه تراجع، وبدل ما يوضحلها تفكيره سألها بفضول
تحبي نحجز في مكان تاني، نسيب الفندق هنا.
وقفت ماريا وقالتله بلهفة
لأ، أنا حبيت المكان هنا، وبعدين لو قصدك علشان كاريمان خليها هي تمشي، أنا ليه اتنازل واسيب مكان عجبني.
🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃
كاريمان كانت في حالة انهيار تام، وأكرم كان هيتجنن من ضعفها ده، أول مره يشوفها بالشكل ده، اتكلم بدهشة :
علشان خاطري بس فهميني، في إيه، تعبانة نروح للدكتور، تحبي نرجع القاهرة، أعمل إيه بس علشان تهدي.
كاريمان رفعت وشها وبصتله بحزن وقهر، اتكلمت بصوت مبحبوح من كثر البكاء:
دي أختي، أنا عرفتها لأن بابا كلمني عنها، كان بيفرجني على صورها لما ينزل مصر، كان بينزل كل كام سنة يقعد معايا ساعة، كان بيقضيها كلام عن بنته، أنا بكرهه، وبكرها يا أكرم، أنا تعبت حقيقي مش قادرة.
أكرم قعد جمبها وخدها جوة حضنه، احتواها في صمت وهي كملت كلام بخفوت
لو أعرف إني هكون مديونالها بحياتي كنت اختارت الموت، ليه تنقذني وأنا بسببها هي وأبوها عايشة ميتة طول عمري.
أكرم رغم أنه مقدر مشاعرها لكنه حس إنها بتبالغ، ياما ناس اتجوزت وبعدت عن ولادها لكن ده مش مبرر للعقوق ابدا، مسد على شعرها وقالها بحب :
مهما حصل هيفضل والدك، مينفعش تتكلمي عنه كده، والبنت ملهاش ذنب، هي برده اصغر منك ويمكن منتبهتش أول ما اتقابلتوا، اكيد هو مكلمها عنك بس يمكن نسيت ولا حاجة.
كاريمان غضبت من كلامه، في الوقت ده مش محتاجة نصايح هي محتاجة حد يسمعها وبس، قبل ما تتكلم رفع ايده باعتذار وقالها :
أنا آسف، مش وقت نصايح ولا عتاب، انتِ صح وأنا غلطان
كاريمان عيطت من تاني، جواها إحساس غريب ومتناقض مش فاهمة هي عاوزة إيه، عارفه انه معاه حق وان ماريا ملهاش ذنب لكن في نفس الوقت محتاجة تلوم حد.
غمضت عنيها بتعب وقالتله أنا آسفه يا أكرم، اكيد بتقول في بالك إني نكدت عليك في شهر العسل.
أكرم باسها بخفة وهمس لها
هو الحقيقة يعني نكد اورجانيك واكشن وخناقات، يعني مش سايبه حاجة خالص ياقلبي، بس والله كل ده يهون قصاد ضحكة من الشفايف دي، قرب منها وباسها تاني بلهفة وشوق وهي اتجاوبت معاه وكأنها بتهرب من كل شيء له هو وبس، ضمها بين ضلوعه وتاهوا عن العالم وذكرياته وكل مخاوفه، وساعات كثيرة بنحتاج ركن نختبيء جواه، المهم إنه يكون أمان.
🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃
ثابت قدر يلملم نفسه، قرر يتناسى هدى ويبدأ من جديد، باع نصيبه من الأسهم في سرية تامة وحجز تذكرة لمصر، هينزل نهائي ويقضي الباقي من عمره في مصر، خطر على باله فكرة مجنونة، سميرة، طالما لسه من غير زواج ليه ميطلبش منها تتزوجه، على الأقل هتبقى وسيلة تقربه من كاريمان، مفيش حد يعرف البنت زيها وفي نفس الوقت تبقى ونس له، ياريته اتزوجها من البداية بعد وفاة أختها، كانت هتصونه وتربي بنته لكن للأسف جمال هدى ورغبته فيها كانت أقوى من اعتبارات كثيرة.
استعد واتوجه للمطار وبدأت رحلة عودته لمصر.
اتوجه للمطار وفكر ياخذ ايه لكاريمان؟ هو حافظ ذوق ماريا، بتحب ايه وتكره إيه لكن كاريمان بالنسبة له لغز، خايف يقرب منها ولازم يحاول.
دخل السوق الحرة واشتري هدايا كتير، من كل نوع اثنين لبناته وفكر يجيب هدية لطيفة لسميرة، خلص وابتسم بخفة وهو بيتخيل بنانه حواليه وحياته الجديدة بتبدأ على أساس صحيح.
بعد كام ساعة وصل مصر، نزل فندق وارتاح ساعتين وبعدها مباشرة راح البيت عند سميرة
أول ما شافته اتفاجئت، متوقعتش أبدا إنه ينزل، رحبت به بعد ما دخل البيت، مد لها ايده بالهدايا وقالها
دي حاجات كاريمان، ودي علشانك انتِ.
سميرة اترددت قبل ما تأخذها لكنه أصر وقالها
دي حاجة بسيطة، الحقيقة انك تستاهلي أكثر من كده مليون مره.
هي كاريمان فين؟!
سميرة قعدت وقالتله
شوف يا ثابت انا عارفة انك هتزعل بس حقيقي إحنا حاولنا نتواصل معاك بس مقدرناش.
ثابت قلق وملامحه اتغيرت سألها بلهفة
كاريمان كويسة، حصلها حاجة!
سميرة : الحمد لله بخير، بس يعني هي اتجوزت.
ثابت كان فاتح بوقه من الصدمه وساكت، حركت ايدها قصاد وشه وقالتله
انت كويس، الووو.
ثابت حاول يتحكم في غضبه لأنه بيحاول ينال رضا سميرة، اتنفس بقوة وسألها
ممكن أعرف إزاي بنتي تتجوز من ورايا، يعني بأي منطق.
سميرة بتحدي : بنفس المنطق اللي خلاك زمان تجيبها لحد هنا وتسافر وتغيب سنين متعرفش عنها حاجة، ومع ذلك يا ثابت بنتك حاولت تتصل على سيادتك مليون مرة وكل مرة كانت بترجع بخيبة جديدة لأن طبعا سيادتك لما دخلت السجن مبقاش بينك وبينها أي تواصل مع أنه على حد علمي السجون في بلاد برة متقدمة جدا وممكن تقدر تتصل على أي حد في أي مكان.
ثابت اتعدل في قعدته وقالها :
ممكن تقعدي وتهدي، أنا مش بحاسبك ولا جاي اتخانق، بس اعتقد انه من حقي ازعل، مش حاجة سهلة اني اسمع خبر زواج بنتي زي الغريب، ومع ذلك انتِ معاكي حق لكن للأسف وقت ما دخلت السجن اليأس أتمكن مني وفكرت ان بعدي عنها راحة لها على الأقل متحملش همي، لكن الحمد لله ربنا أظهر براءتي وخرجت وأول حاجة فكرت فيها إني ارجع اعوضها عن غيابي لكن شكلي اتأخرت أوي.
سميرة : متأخرتش ولا حاجة بالعكس البنت بعد الزواج بتحتاج سند اكثر، كاريمان هشة جدا وبريئة وجودك هيفرق معاها كثير المهم بس تكون ناوي تعوضها بجد رغم ان اللي فات مستحيل يرحع.
🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃
وردة وربيع كانوا في المستشفى منتظرين الدكتور يخرج من غرفة أمجد، طلع الدكتور ر بعد فترة وملامحه لا تبشر بالخير، ربيع قرب منه بحذر وسأله بهدوء
إيه الأخبار يا دكتور، طمني.الدكتور بصله هو وردة بتعاطف لكنه صعب يخبي الحقيقة ساعات المواجهة بتكون قاسية لكنها ضرورة للنجاة
اتكلم بعملية وتوضيح
للأسف الحالة متأخرة جدا، واضح انه بيتعاطى من سنين والمشكلة انه بدأ يتعاطى آيس، او شبو زي ما بيقولوا، الحبوب دي بتدمر الجهاز العصبي، وحقيقي العلاج بيتطلب وقت وإرادة قوية جدا.
ربيع : اعمل اللازم يادكتور وإحنا تحت أمرك، أمجد شاب متربي وابن حلال لكن نقول إيه الشيطان ضحك عليه وولاد الحرام سحبوه للطريق ده.
الطبيب ابتسم بمجاملة وسابهم واتحرك نحو مكتبه وفضلت وردة تبكي بخزي وخوف
وقف جمبها ربيع وطمنها رغم احساسه بالقلق من كلام الدكتور
ربيع : اطمني يا أمي، ربنا كريم وقادر يشفيه
وردة :ابني ضاع يا ربيع، تعبي وشقايا أنا وابوه انتهى.
ربيع : سبيها لله، المهم اننا عرفنا نوصله ونجيبه هنا.
وردة بصتله بأمل ولهفة وكأنها شافت طوق نجاتها وقالت :
مفيش غير وعد، مراته وحبيبته لازم تقف جمبه في الظروف دي، لو شافها هي وابنه نفسيته هتتحسن ويبقى عنده أمل.
ربيع استغرب تفكيرها :
كلام إيه ده يا حماتي، وعد بالذات صعب ترجع بعد اللي حصلها على ايد أمجد.
وردة عيطت بيأس : متقفلهاش بس يا ربيع، يابني ياما بيحصل وعمر اللي بيحب ما يكره وهي بتحبه وعندها منه ولد يعني واجب عليها تسانده.
ربيع عارف اد إيه وردة عنيدة وبتتمسك برأيها
هز رأسه بخفة : ان شاء الله خير، ادعيله انتِ بس ولو تقدري تكلميها أو توسطي حد ما بينكم شوفي ، وكله على الله.
................................
ممدوح بعد ما أمجد نزل من عنده، وأهانته له وكلامه القاسي مقدرش يتحمل، دخل غرفته ونام ولما طول في نومه دخلت مراته تصحيه لكنه مردش عليها حاولت مرة واثنين وثلاثة وبعدها صرخت برعب لأنها اعتقدت إنه مات.
اتلموا الجيران ساعدوها واخذوه على المستشفى وهناك عرفوا انه أصيب بجلطة على المخ، أسعفوه والدكتور قالهم ان تأثير الجلطة هيظهر خلال الأيام الجاية وبعدها هيكتبوله ادوية تناسب حالته.
سعاد كانت واقفة مكانها محتارة، خايفة ووحيدة، سندها الوحيد هو ممدوح، عشرة عمرها وأبو بناتها وحبيبها، ليه الدنيا اتغيرت فجأة كده، وعلى ايد مين! أمجد، زوج بنتها، مش كفاية اللي عمله في وعد، كمان كان هيتسبب في موت ممدوح.
خرجت ممرضة من غرفة الكشف وقالتلهم :
الحاج اللي جوة بينده على واحدة اسمها وعد، لو هنا خلوها تدخله.
سعاد بصت لبناتها بحزن لحد ما بنتها الصغيرة قالتلها
كلمي ابله وعد خليها تيجي يا ماما، إحنا كلنا محتاجينها.
سعاد كانت منتظرة كلام بنتها، فعلاً الكل محتاج وعد، يمكن كانوا قاسيين عليها لكن مهما حصل هتفضل وعد مختلفة ومكانتها عندهم غير الكل.
اتصلت عليها مرة واثنين ومفيش نتيجة، سعاد نكست رأسها بحزن لأنها اعتقدت ان وعد رافضة ترد لكن في الوقت ده كانت وعد نايمة وموبايلها صامت بعد ما قضت يوم طويل ومرهق مع بريق في شغل واتفاقات جديدة لمقابلات وفيديوهات هتنشرها بشكل شبه يومي على قناتهم على اليوتيوب والتيك توك.
🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃
جاسم اخذ موبايله وخرج للبلكونة يكلم ثابت بعيد عن ماريا اللي اتأكد إنها نايمة ومش سمعاه.
اتكلم بصوت خافت :
حمد الله على السلامة يا ثابت بيه، إيه الأخبار ؟
ثابت : الأخبار عندك انت، ماريا عاملة ايه معاك، وانتم فبن؟
جاسم : أنا اخذتها وسافرنا الساحل كام يوم تغير جو لأنها زهقت من البلد.
ثابت : أممم، تمام يا جاسم، خلي بالك منها، وبلاش تقولها إني في مصر لحد ما أدبر أموري وأشوف هقولها إيه لما نتقابل.
جاسم : تمام، زي ما تحب.
ثابت : أنت عاوز تقول حاجة ومتردد، في إيه ؟!
جاسم : إحنا اتقابلنا بالصدفة مع مدام كاريمان، بنتك.
ثابت انتبه كلياً وتعجب : كاريمان، معقول وبعدين احكيلي.
جاسم قاله كل اللي حصل من اول ما اتقابلوا وثابت كان بيسمع باهتمام.
انتهى جاسم من كلامه وثابت سأله :
الولد اللي متجوز كاريمان، رأيك إيه فيه!
جاسم : مقدرش احكم عليه من مجرد مقابلة، لكن واضح انه بيحبها وفي بينهم تفاهم.
ثابت : ماشي يا جاسم، كل حاجة هتتصلح واحدة واحدة، اللي يهمني حالياً ماريا، حاول تشغلها أد ما تقدر وتبعدها عن أي حاجة توصلها لهدى، تمام.
جاسم : حاضر، مع السلامه.
قفل معاه ودخل الجناح واتأمل ماريا وهي نايمة، أد إيه جميلة وجذابة قرب منها وحرك ايده على شعرها لكنها كانت مستغرقة في النوم جدا، ابتسم على شكلها الطفولي وفرد جسمه جمبها وشدها برفق ناحيته وغمض عنيه هو كمان وراح في النوم بسرعة بعد ما اطمأن إنها معاه.
🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃
كانت كاريمان ساندة على كتف أكرم وهو محاوطها بذراعه وبيتفرجوا بسعادة على صورهم يوم كتب الكتاب وبيسترجعوا مواقف ولقطات مختلفة بعضها رومانسي وبعضها مضحك.
اتنهدت كاريمان باشتياق لما شافت سميرة وقالتله :
اد إيه ماما وحشتني، عارف يا أكرم خايفة أكلمها بعد اللي حصل اليومين اللي فاتوا حاسه إني طفلة وأول ما هكلمها واسمع صوتها هتعرف بسهولة واقولها الحقيني يا ماما كنت هغرق وأموت.
ضمها أكرم بخوف واتكلم بحب
بعد الشر، الحمد لله أزمة وعدت، وبعدين لازم تكلميها بدل ما تفكر إنك نسياها ومشغولة عنها.
كاريمان : تفتكر ممكن تزعل مني!
أكرم : طبعاً، أي أم أو حد بيحب حد لو حس إنه بعيد ومشغول عنه بيحزن، الحب وصال واهتمام.
رفعت وشها وبصت لعيونه بحب وهو قرب منها لثم شفايفها بعشق لكن قاطعهم رنين موبايلها.
بعدت كاريمان بخجل وشافت مين بيتصل، كان مدير الشركة، اسمه مهند، شاب في أواخر الثلاثين واعزب.
كاريمان ابتسمت بتوتر، هي عارفه ان أكرم مش بيرتاح لمهند، يمكن غيرة واحتمال يكون مبالغة من أكرم لأنها من اول ما اشتغلت معاه بيتصرف معاها بحدود، بيهتم بها وبيقدر شغلها لكن هو بيعمل كده مع الكل، شاورت بعيونها على الموبايل، وكأنها بتستأذن ترد ولا لأ وأكرم وافق على مضض.
حاولت تنهي المكالمة مع مهند بسرعة قدر المستطاع وبين لحظة والثانية كانت بتشوف رد فعل أكرم، خلصت كلامها ودورت عليه كان واقف بيتأمل البحر وسرحان، لو يقدر يخبي كاريمان عن الناس والدنيا لو بامكانه كان طلب منها تسيب الشركة دي وتبعد عن مهند أو أي راجل يبصلها، لكنه للأسف متكتف، عاجز عن اتخاذ قرار لأنه معندوش بديل، هيحرمها من حقها في تحقيق طموحها وهيظلمها ماديا لأنه مش هيقدر يعوضها لو بطلت شغل.
قربت هي وباست خده بخجل لكنه استمر على سكوته وغضبه الواضح
همست برقة
وبعدين بقى، يا أكرم مكنش قصدي قولتلك.
اكرم اتعصب غصب عنه وصوته ارتفع وهي بعدت بخوف :
قولتلك الراجل دا أنا مش بحبه ولا برتاحله، يتصل عليكي ليه من الأساس، لو على الشغل فالمفروض إنك إجازة وحتى لو عندك شغل اعتقد انه بينتهي بعد ما تروحي بيتك.
كاريمان : معاك حق، بس صدقني مستر مهند مهذب جدا، ده متصل يباركلنا على الجواز، معرفش انت كارهه ليه.
شدها أكرم فجأة وضمها لحضنه بقوة وهي شهقت بخوف :
افهمي بقى، أنا بتجنن من براءتك دي، الحيوان ده عينه منك، معجب بيكي.
كاريمان رفضت كلامه وقالتله
مستحيل طبعا، أكرم بجد هزعل منك، أنا عارفه انك بتغير بس مش للدرجة دي.
اكرم : شوفي من الاخر، ممنوع حد يتصل عليكي بعد الشغل وخاصة الراجل ده، اتفقنا.
كاريمان : بس يا أكرم...
أكرم : هششش، الموضوع منتهي، أنا وافقت وشجعتك على الشغل لأن طموحك ونجاحك يسعدني اكتر ما يسعدك وانتي عارفه لكن مش مسموح لحد يشاركني فيكي ولو حتى في تفكيره، فاهمه.
الفصل الثاني والعشرون22
وعد صحيت فجأة ، فتحت عيونها واتنهدت بتعب، بصت جمبها لقيت يوسف نايم ووشه مبتسم، ابتسمت برضا وسعادة إنها قدرت تقف لنفسها وتحتوي ابنها من جديد، قدرت تتكلم وتقوله إنها بتحبه وان مفيش حد عندها أغلى منه، اتكلمت معاه ورغم صغر سنه قدر مشاعرها وفهم معاناتها، في البداية استغربت كلامه معاها لما قالها :
أنا فاهم ياماما ومش زعلان منك، أنا عارف ان بابا السبب.
وعد : لأ يا حبيبي، بابا بيحبك انا بس كنت تعبانة الفترة اللي فاتت.
قرب يوسف منها وحضنها بايديه الصغيرة وقالها بصوته الجميل الحنون :
أنا عارف كل حاجه، وبحبك أوي ومهما عملتي فيا مش هسيبك لوحدك.
وعد كانت بتمثل إنها قوية قدامه لكنها ميتة من الخوف، ببت جديد وناس جديدة وحياة مختلفة رتمها سريع بشكل مرعب، اول ما يوسف قالها إنه معاها ورغم ضعفه لكنه منحها إحساس بالأمان، ضمته بقوة ودموعها نزلت في صمت، اعتذرت منه بندم :
آسفة ياقلب ماما، أنا جيت عليك كتير بس اوعدك من النهاردة هنرجع زي الاول، هنفضل مع بعض، ندرس سوا ونخرج نلعب ونعمل كل حاجة إحنا الإثنين، تمام.
يوسف مدلها صابعه الصغير وقالها
وعد.
ضحكت بصوت عالي متفائل
وعد يا ابن وعد.
فاقت من شرودها على رنين الباب المتواصل، قامت من السرير وشدت اسدال لبسته بسرعة وخرجت تشوف مين ،كانت مترددة في الأول وخايفة تفتح لكنها اطمأنت
لما بصت من العين السحرية وشافت بريق واقفة منتظراها.
ابتسمت بخفة ودخلتها وقفلت الباب بعدها واعتذرت منها بهدوء:
معلش يا بريق، كنا نايمين.
بريق : ولا يهمك، أنا قلقت بس لأني رنيت كتير ومردتيش عليا.
وعد مسكت الموبايل واستغربت من الاتصالات المتكررة من والدتها، ضمت حواجبها بتعجب:
آسفه الموبايل كان صامت، أنا لسه مش عارفه استخدمه، بس حاجة غريبة أمي اتصلت عليا كتير.
بريق : وعرفوا الرقم إزاي؟
وعد : أنا بعتلها رسالة من رقمي اول ما شغلته، أنا صحيح مخنوقة منهم بس حقهم اطمنهم عليا، محدش يضمن الظروف.
بريق بلامبالاة : اوك، كلميها وشوفي عاوزة إيه وبعدها تعالي نشوف الفيديو الجديد هنعمل فيه ايه.
وعد فجأة صرخت بفزع وعيونها اتملت دموع، قلبها وجعها معقول أبوها يضيع من ايديها فجأة، معقول يموت وهو زعلان منها، بريق سابت الورق اللي في ايديها وقامت بلهفة ناحية وعد سألتها بترقب في إيه!
وعد قالتلها بخوف:
بابا، أبويا في المستشفى يا بريق، عنده جلطه.
بريق سكتت لحظات وكأنها بتفكر في حاجة معينة بعدها قالتلها:
اجهزي وتعالى يلا نروح نطمن عليه، متقلقيش ان شاء الله يقوم بالسلامه.
وعد كانت مصدومة مش فاهمة ومش عارفة تعمل إيه فضلت واقفة مكانها لحد ما كررت بريق كلامها :
يلا يا وعد ادخلي البسي ولو يوسف نايم لبسيه حاجة تقيلة لأن الجو بره برد.
دخلت وعد واخدت يوسف والشنطة بتاعتها وخرجت، واتكلمت بضعف
انا هنزل بالاسدال عادي أنا متعودة اخرج به، ويوسف اخدتله جاكيت بس هو نومه تقيل صعب يصحي قبل ما يشبع نوم.
بريق قالتلها:
ماشي يا حبيبتي، ان شاء الله خير.
نزلوا سوا ووصلوا المستشفى، كانت مستشفى حكومي، في البداية كانوا المسؤولين بيتكلموا معاهم بشيء من اللامبالاة، إيه يعني مريض زي باقي المرضى، لكن بريق اتكلمت معاهم بقلب جامد وثقة لأنها تعرف ناس كتير مراكزهم كبيرة ومهمة.
سألت الدكتور بحدة وقالتله:
نقدر ننقله لمستشفى خاصة امتى؟
وعد شدت ايدها بخفة وهمستلها
مستشفى خاصة إيه يا بريق.
سكتتها بريق بنظراتها وكملت كلام مع الدكتور فرد عليها
مفيش داعي، حضرتك إحنا عملناله اللازم والمتاح في المستشفى وحالته استقرت، بكرة أو بعده يقدر يخرج ويتابع مع دكتور متخصص يظبطله الضغط ونسبة الكولسترول وممكن يكتبله دوا سيولة منعاً لحدوث تجلطات مفاجأة.
بريق سألته من تاني
اكيد ولا إيه، أنا عارفه نظام الحكومي، ده أنا أبويا مات جوة الطواريء علشان مفيش سرير فاضي ينام عليه وزمايلك سابوه مرمي لحد ما روحه طلعت.
الدكتور وشه اتغير وبان عليه الغضب الممزوج بشفقة وقالها
مفيش داعي نعمم، كل مكان ومهنة وفيها الكويس والوحش واحنا بنراعي ربنا قدر المستطاع وعلى أد الإمكانيات المتوفرة وعموما براحتكم عاوزين تاخدوه اكتبوا تعهد انكم مسؤولين لو حصل حاجة وأنا معنديش مانع.
🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃
جليلة كانت قاعدة مع اختها وبيشربوا شاي، اتكلمت نبيلة بسعادة :
بجد يا جليلة، يعني لقيتي شقة لحنين تقعد فيها.
جليلة : آه، في العمارة اللي على اليمين شقة غرفتين وصالة، وصاحب البيت راجل طيب ونعرفه من سنين أول ما قولتله بنت أختي دكتورة وعاوزة تفتح هنا عيادة قالي عندي الشقة.
نبيلة بارتياح : الحمد لله، أنا كنت خايفة تقعد لوحدها بعيد عننا، بس هنعمل ايه أهل البلد عنيهم وحشة لو فتحت العيادة عندنا هيوقفوا حالها.
جليلة : المنطقة هنا مفيهاش دكاترة أطفال خالص، وحنين اسمالله عليها روحها حلوة والناس بتحبها، ان شاء الله تكون فاتحة خير عليها.
نبيلة اتكلمت بفضول :
هو أكرم متصلش النهاردة!
جليلة : لأ، أنا سيباه على راحته ربنا يهنيه، عريس بقى ومشغول بعروسته.
نبيلة : آه طبعآ، أكرم ده حتة سكر ربنا يفرحك بأولاده، المهم يا جليلة تخليه يخلف كتير، مش مراته تجيب عيل ولا اثنين وتقوله كفاية، العزوة حلوة، وهو يا حبيبي وحيد +ومتربي يتيم.
جليلة : ربنا يرزقه من فضله، المهم أشوف عياله وهو حر مع مراته أنا مش عاوزة اتدخل في حياتهم بعدين يزعلوا مني.
نبيلة بتعجب : إيه الكلام ده، تدخلي إيه ،ده ابنك الوحيد ومن حقك تطمني عليه وتعرفي عنه كل حاجة، هو إحنا هنعمل زي الاجانب ولما عيالنا تكبر يبعدوا عننا ونترمي لوحدنا.
حنين معجبهاش كلام والدتها فقالت بتعقل :
يا ماما الحياة مش مستاهلة، إحنا مش داخلين حرب، أكرم محترم وبيحب خالتو وبيحترمها ومراته بنوته رقيقة وجميلة، يبقى مفروض خالتو تحتويهم وتقرب منهم بس بدون ما تخنقهم، أي بنت بتتمني لما تتجوز يبقى لها حياتها الخاصة.
نبيلة : اسكتي انتِ، أنا مش خايفة غير عليكي لما تتجوزي؛ اخواتك كلهم شداد وواعيين إلا انتِ مثالية زيادة عن اللزوم وبتنخدعي في الناس.
🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃
جيكوب أول ما سمع من الأخبار ان هدى فاقت ورجعت للحياة حاول يقابلها اكثر من مرة لكنه فشل ، في النهاية قدر يوصلها، أول ما شافته مقدرتش تفتكره لكنه ذكرها بنفسها بعد ما قالها:
حمد الله على السلامة، أنا جيكوب صديق ماريا.
هدى عيونها دمعت وضربات قلبها زادت أول ما سمعت اسم بنتها
رحبت به بحرارة وقالتله
أوه، اخبارك ايه يا جيكوب، آسفه لأني منتبهتش من البداية.
جيكوب ابتسم بخفة وقالها
مفيش مشكلة. أنا أول ما عرفت إنك بقيتي كويسة حاولت أقابلك واكلمك بخصوص ماري.
اتنهدت هدى وقالتله :
ماري خلاص مش هقدر اشوفها تاني ولا هقدر أوصلها.
جيكوب : ماري كلمتني من فترة بسيطة وطلبت اساعدها.
هدى قامت واتقدمت منه بلهفة وسألته بأمل :
حقيقي، كلمتك إزاي وامتى، هي فين؟
جيكوب قالها كل الكلام اللي كتبته ماريا قبل كده وقالها على اسم البلد اللي عايشة فيها.
هدى مقدرتش تكتم سعادتها قعدت تصقف بسعادة وتتنطط من الفرحة.
بعد لحظات تمالكت نفسها وبصت لجيكوب بحرج لكنه ابتسم لها بتفهم، قعدت من تاني وقالتله:
انت قدمتلي خدمة كبيرة جدااا، مش عارفة ارد لك الجميل ده إزاي.
جيكوب : ولا شيء المهم ماري ترجع.
هدى : هترجع، هرجعها لحضني من تاني مهما حصل، دي بنتي الوحيدة ومش هسمح لحد يأذيها حتى لو كان أبوها.
🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃
فات يومين اتحسنت فيهم صحة ممدوح بشكل طفيف وقرر الطبيب يكتب له خروج من المستشفى.
وعد روحت البيت مع ابوها وأمها، وصلتهم وكانت هتمشي ترجع شقتها لكن أمها طلبت منها برجاء وحنية تقعد تتغدى معاهم، أبوها فضل منتظر جوابها بترقب كأنه طفل خايف أمه تسيبه فوافقت مرغمة
دخلوا البيت وبعد نص ساعة كانت سعاد مجهزة الغدا، عملت شوربة خفيفة لممدوح وجهزت صينية مسقعة باللحمة المفرومة لوعد وأخواتها لأنهم بيحبوها.
قعدت وعد وسط أخواتها تاكل من غير شهية لكن يوسف كان بياكل بسعادة وفرحة إنه معاهم.
الباب خبط وسعاد فتحت، انصدمت لما شافت وردة ومعاها راجل كبير، بيعتبروه شيخ الحارة عندهم وبيحترموه وله كلمة مسموعة، الناس بتلجأله لحل المشاكل بدل المحاكم وتعب القلب، شيء بيشبه الجلسات العرفية بتاعت زمان.
سعاد كانت متضايقة من وردة خاصة وان وعد موجودة، وممكن يحصل ما بينهم مشكلة، اتكلم الحاج عبدالتواب بصوته الرخيم:
السلام عليكم ياست سعاد، إحنا جايين نطمن على الأستاذ ممدوح، ألف سلامة عليه.
سعاد : تسلم وتعيش يا عم الحج، اتفضل.
وردة : وأنا يا سعاد؛ مش هتقوليلي ادخل.
سعاد بعتاب ولوم : البيت بيتك يا ست وردة رغم ان ابنك قطع ما بينا أي عشم أو مودة.
عبدالتواب كان فاهم المشكلة ما بينهم ورغم يقينه ان وعد الطرف المظلوم لكنه مقتنع ان الست لازم تتحمل علشان بيتها وحياتها تستمر مع جوزها مهما حصل علشان كده اتكلم بهدوء:
خلينا نقعد ونتكلم بالراحة يا جماعة واللي فيه الخير يقدمه ربنا.
دخلوا ويدوب خطوتين شافتهم وعد، قامت بسرعة خطفت ابنها من على الأرض وضمته لحضنها، وردة حاولت تقرب تاخده منها لكن وعد صرخت بفزع :
اوعي تقربي مني انا وابني فاهمة.
عبدالتواب اتعصب عليها وقالها:
عيب كده يابنتي ميصحش اسلوبك ده، مهمها حصل دي جدة ابنك وفي مقام عمتك ولسه لحد النهاردة حماتك.
وعد : لأ مش حماتي، أنا رفعت دعوى خلع على ابنها وان شاء الله قريب هخلص منه، وبالنسبة لابني فملوش حد غيري انا وامي وابويا، الست وردة من يوم ما ابنها حاول يقتلني وربنا كتبلي عمر جديد مفكرتش حتى تسأل على حفيدها، رموه زي ما عملوا مع أمه.
وردة كانت مصدومة من كلام وعد، خلع ازاي، يعني كده أملها إنها ترجع لأمجد وتساعده يتعالج انتهى.
قربت منها وطلبت منها برجاء:
أنا عارفه إنك زعلانه، وحقك تزعلي بس افتكري الحلو زي ما بتفتكري الوحش، معقول هتنسي أمجد حبيبك وأبو ابنك، ده انا جاية وعندي امل ترجعي معايا ونلم شملكم تاني.
وعد بقوة وغضب:
لأ بجد انتِ ست جبارة، نلم شمل مين ،ابنك المدمن اللي ضربني وفرج الناس عليا وراح اتجوز واحدة مقدرش اقول وصف مناسب لها علشان ابني، لأ يا حبيبتي الله الغني خليه لها تقف جمبه وتساعده وتحبه.
وردة : يابنتي اهدي بس وهاتي يوسف اسلم عليه واندهي لأبوكي نتكلم معاه ويبقى شاهد على كلامنا.
ممدوح خرج متسند على ذراع مراته بص على وردة و عبدالتواب وقالهم بجدية:
السلام عليكم ورحمة الله.
عبدالتواب رد السلام ومد ايده سنده مع سعاد وساعدوه يقعد، قعدت جمبه وردة وطبطت على كتفه
ألف سلامة عليك يا حبيبي، ربنا يكمل شفاك على خير.
وعد : على فكرة ابويا حصله كل ده بسبب ابنك، امي قالتلي انه جه هنا وفرج عليهم الشارع كله، ابنك ده راجل....
ممدوح زعق لوعد لأنها قالت كلام مينفعش يوسف يسمعه، طلب من بناته ياخدوا يوسف ويدخلوا جوة ويقفلوا عليهم، وبسرعة نفذوا كلامه وفضلت وعد واقفة مكانها متماسكة رغم ألمها.
ممدوح قالهم بحزن:
جاية ترجعي وعد يا أم أمجد، وانا ايه مليش رأي ولا لازمة.
وردة : لأ طبعاً مقصدش كده، بس هو انت تكره ان بنتك ترجع لبيتها.
ممدوح : آه، اكره وارفض كمان ، ولو هي وافقت اضربها قدام الناس واقولها كرامتك أهم من أي حد، حرام عليكي جاية ترجعيها لمين وليه، ده ابنك وراها الويل سنين والبنت اتحملت وسكتت.
وانت يا حج عبدالتواب، جاي تتوسط في الصلح، طيب ليه متدخلتش لما طلبت منك تجيبلنا حقنا من أمجد.
عبدالتواب : انت عارف إني مبحبش خراب البيوت، وياما بيحصل بين الست وجوزها، بس هما بنات اليومين دول خلقهم ضيق حبتين وسهل عندهم الطلاق والفراق.
ممدوح اتجنن من كلامهم واتجنن اكتر لما لاحظ رعشة جسم وعد؛ وكأنها بتفتكر ضرب أمجد لها وخايفة إنه يضعف ويرجعها معاهم، لعن نفسه وغباءه، ازاي وليه إنسان يهين ولاده ويتخلى عنهم وقت احتياجهم له، شاور لوعد وقالها:
تعالي جنبي يا بنتي.
وعد ما صدقت انه قالها كده، قعدت جنبه، رفع ذراعه وحاوطها بكل قوته وهي دفنت نفسها في حضنه وفضلت تبكي بتيه وضياع.
ممدوح قالهم بلهجة حازمة وجادة :
لو جايين تزوروني أهلا وسهلا وعلى راسي، أما وعد فخلاص قصتها انتهت مع أمجد، بسببه هو وبس، بأيده نهى كل حاجة ومفيش امل لا النهاردة ولا بكرة ولا بعد سنين ان بنتي ترجعله طول ما انا عايش وعلى وش الدنيا.
🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃
فات كام يوم قضتهم كاريمان وأكرم في حب واشتياق رغم القرب، كانت بتتناسى بين ايديه أي احساس أو مشاعر أليمة عدت عليها وكان هو بيروي احتياجه ورغبته في امتلاكها وحبها.
في الأيام دي ثابت كان بيجمع معلومات عن أكرم، عاوز يعرف هو مين، اهله فين ووضعهم الإجتماعي، عرف ان أكرم شاب بسيط يكاد يكون معدم إلا من مؤهله الدراسي، مهندس بدون عمل وده ضايق ثابت، مكنش يحب بنته تتجوز واحد فقير يتعبها معاه، اتنهد بضيق واتصل بسميرة يسألها اكثر عن أكرم وفي نفس الوقت يلاقي طريقة يكلمها ويحكي معاها، عنده إحساس رهيب بالوحدة والملل.
ردت سميرة وكانت مستغربة الرقم لأنه مش متسجل عندها
سألها عن أحوالها وهي ردت باختصار لأنها بتكره المحادثات الصوتية وبتفضل الكتابة.
اتردد قبل ما يقولها
انا سألت عن جوز كاريمان، ده ولد كحيان، مكنش في غيره يعني
.سميرة ببرود : بتحبه، والولد شاريها.
ثابت : حب إيه، هيأكلها ويشربها حب، مش شايفة الحياة بقت صعبة إزاي، وبعدين كاريمان مش قليلة متنسيش إنها هتورث ملايين، وأنا بصراحة مش مرتاح للولد ده.
سميرة : انت مش شايف ان الكلام ده فات وقته، خلاص البنت اتجوزت، ادعيلها انت بس ربنا يوفقها ومتشغلش بالك.
ثابت بحدة طفيفة : اعتقد ان ده حقي بما إني ابوها.
سميرة : انت عاوز ايه يا ثابت، هات من الآخر.
ثابت : هعوز ايه يعني كل الحكاية إني راجل قابلت ناس من مختلف الجنسيات وياما شفت حكايات بتبدأ بين طرفين مفيش بينهم تكافؤ ونهايتها فشل ووجع قلب.
سميرة : الكلام ده لو كاريمان عايشة معاك ومرفهة، انت مش واخد بالك إنها متربية هنا معايا ومع ناس عادية.
ثابت : بتلمحي لأيه؟
سميرة : لا بلمح ولا حاجة انا بقول الحقيقة، كاريمان بتحب أكرم يمكن اكتر ماهو بيحبها ودي المشكلة، أنا كل خوفي كان من حبها الزيادة له خفت قصة امها تتكرر تاني لكن الحمد لله الولد بيحبها برده وبيقدرها.
ثابت نفخ بضيق وحس انه لو طول في الكلام هيخلص بخناقة، نهى الحوار معاها وقفل، بص قدامه بشرود وندم واتمنى الدنيا تديله فرصة اخيرة وهو هيصحح كل اخطاءه، بس فرصة واحدة
🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃🍃
ولو أن ما نهواه لا يهوى بنا نحو قاع الألم ووديان الذكريات لما فقدت أعيننا بريقها الراغب في الحياة وما هدمت سيول اليأس أفئدتنا الحصينة.
ماريا كانت قاعدة وعيونها بتتكلم عن مدى انزعاجها وغضبها من جاسم، ازاي يخبي عنها ان أمها فاقت من الغيبوبة، خبر زي ده إزاي قدر يحتفظ به لنفسه.
جاسم كان منتظر لحظة مواجهته معاها لما تعرف علشان كده كان هادئ ومتوقع رد فعلها
صرخت ماريا فيه لما مردش عليها وسألته بترقب
ليه مقولتش ان مامي فاقت، انت أكيد كنت عارف، أنا شفت المحادثة بينك وبين بابا.
جاسم : ومين سمحلك تفتحي موبايلي.
ماريا : هو ده كل اللي يفرق معاك، أنا لقيته مفتوح أساسا مفيش باسوورد للموبايل بتاعك، ومن حسن حطي إن الفضول خلاني اشوف الرسايل، علشان اكشفك على حقيقتك.
جاسم بتحدي : تمام، الحكاية مش مستاهلة كل الدوشة دي أكيد كنتي هتعرفي ان والدتك بقت بخير لكن التوقيت مكانش مناسب أقولك.
ماريا : التوقيت ولا أوامر ولي نعمتك ثابت باشا.
جاسم اتحرك ناحيتها وشدها من ذراعها بعنف وهي صرخت بألم لكنه مهتمش وكلمها بتحذير
لمي لسانك، أنا ممكن اتحمل دلع وجنونك لكن قلة أدب وطولة لسان افعصك يا ماريا.
زهقته عنها بقوة ورفعت ايدها وناوية تضربها بالألم لكنه كان أسرع منها ومسك ايدها قبل ما تنزل على وشه وملامحه بتقول ان ماريا غلطت غلطة هيكون رد فعله عليها قاسي جدا.
.....................................................................
طول اليوم وجاسم متجاهل ماريا وكأنها ملهاش وجود، كان غضبه منها أقوى من أي أعذار، هو غلط لما خبى عليها لكن ده ميبررش تطاولها عليه، بص على الساعة لقاها سبعة، استعد ونزل يجري في التراك علشان يقلل من توتر اعصابه ويبعد عن ماريا شوية.
ماريا عنادها غلبها، لبست ونزلت قررت تستمتع بوقتها لوحدها، اخدت موبايلها والكريدت وراحت علي السونا وعملت مساج وبادي كير.
خرجت وراحت المول اشترت لبس جديد، لبست فستان سواريه قصير ونزلت تاني على مطعم الفندق تتغدى وتفطر لأنها مأكلتش أي شيء من أول اليوم.
جاسم رجع الغرفة قبلها، فكرها في الحمام لكن بعد فترة قلق لما مظهرتش دور عليها ملقهاش، اتنفس بغضب وكان هيتصل عليها لكنها اتراجع عن الفكرة وقرر ينام شوية لحد ما ترجع من نفسها.
ماريا خلصت أكلها وخرجت تدور على مكان تسهر فيه، كان متابعها اثنين من الشباب عجبهم شكل ماريا وثقتها بنفسها واتراهنوا مع بعض عليها والإثنين قبلوا التحدى معتقدين إنها هتتساهل في التعامل معاهم ويمكن تصاحبهم مع بعض كمان