رواية خيانة الدم
الفصل الثاني عشر12
بقلم الهام عبد الرحمن
فى غرفة المعيشة في القصر
كانت نجمة تلعب بلعبتها المفضلة، تحمل دميتها الصغيرة وتدير بها حول الغرفة. لاحظت أن راغب كان جالسًا على الأريكة، يبدو مشغولًا بأمر ما. كانت تحاول أن تجذب انتباهه، كما كانت تفعل دائمًا، لكنه لم يهتم بها هذه المرة.
نجمة (بحماس، وهي تقترب منه): بابى بابى! شوف، عروستى الحلوة دى! ممكن تيجى تلعب معايا؟
راغب رفع عينيه عن أوراقه، ونظر إليها نظرة غير مكترثة. كانت نظراته ضبابية، وعقله كان مشغولًا بأمور أخرى، خصوصًا بما يحدث بينه وبين عثمان.
راغب (بصوت غاضب، وهو يلوح بيده في وجهها):
مش وجته يانچمة، مش هجدر ألعب دلوك، عندي حاچات أهم!
نجمة تجمدت في مكانها، وذراعيها الصغيرة سقطتا بجانبها. كانت تشعر بالحزن والخذلان، فلم تفهم سبب تجاهله لها فجأة. حاولت مرة أخرى، ولكن هذه المرة كان موقفه أكثر قسوة.
بقلمى الهام عبدالرحمن
نجمة (بحزن، وهي تقترب منه مرة أخرى): بس يابابى ، أنا لوحدي... وعاوزاك تلعب معايا؟
راغب (بغضب، وهو ينظر إليها بعينيه الحادتين): جلتلك مش فاضي! روحي العبّي بعيد عني !
نجمة تراجعت إلى الوراء، وقلبها الصغير مليء بالحزن. كانت تحاول مرارًا وتكرارًا أن تجذب انتباهه، لكنها بدأت تشعر أنه لا يريد أن يراها.
فخرجت مسرعة الى الحديقة الخارجية وهى تشعر بالحزن خاصة وان والدتها فى الاونة الاخيرة دائما حزينة ولا تريد الخروج من حجرتها.
فى حجرة عثمان كان يجلس على الاريكة يحاول الاتصال على ذلك الشخص الذى تقابل معه سابقا ولكن دون جدوى فالقى هاتفه بجواره بحدة وتذكر حينما أخذ منه الحقيبة بعدما اطلق عليه راغب رصاصة وفر هاربا....
flash back......
اخذ عثمان الحقيبة وذهب مسرعا الى المنزل ولحقه راغب ودخل مكتب ابيه واغلق الباب على نفسه، ثم فتح الحقيبة وكانت الصدمة فكل ماوجده مجرد اوراق ليس لها قيمة وظل يبحث عن اى شئ آخر بداخلها ولكن هيهات فالشخص الذى تواصل معه لم يكن بذلك الغباء لانه فى خلال لحظات تلقى عثمان اتصالا هاتفيا من ذلك الشخص...
المتصل:كنت مفكر اياك انى هچيب دليل مهم اكده وآنى خابر ان راغب ممكن يكون مراجبك راغب ده كيف الحية ديب سعران مالوش أمان واصل .
بقلمى الهام عبدالرحمن
عثمان: طيب آنى عاوز أعرف مين جتل ابوى ناوى تجوى ولا هنجضيها حديت ماسخ.
المتصل بسخرية: لا ياعثمان بيه مش هنجضيها حديت ماسخ ولا حاچة بس ياريت تخلى بالك من راغب هو السبب فى انى خسرت مرتى وعيالى بنى آدم طماع ومبيحبش حد واصل غير نفسه المهم يوم ماتچهز الفلوس صح آنى هجيبلك الدليل لحد عنديك وأما بقا راغب فآنى هعرف آخد حجى منيه بمعرفتى.
عثمان بتساؤل: هو راغب عمل فيك ايه خلاك عاوز تنتجم منه اكده؟!
المتصل بغل: كان عاوز يجتلنى عشان عرفت حاچات عنيه مكانش يصح اعرفها وبسببه حاولت اهرب من البلد وخدت مرتى وعيالى معاى بس العربية اتجلبت بينا وكلهم ماتوا مفيش غيرى اللى فضل عايش وابنى الصغير واللى هو بين الحياة والموت دلوك.
عثمان: حاچات ايه اللى عرفتها عن راغب جولى وآنى هجدر أحميك منيه.
المتصل بسخرية: كنت جدرت تحمى نفسك يادكتور بدل ماهو رماك خمس سنين واستولى على كل حاچة وانت اها مطايلش حاچة من ورث الحاچ صفوان.
فاق عثمان من شروده وهو ينوى ان يصل للحقيقة باى شكل والاهم انه قرر ان يأخذ حذره من راغب فكل شئ يؤكد انه شيطان فى هيئة انسان، ثم تذكر سما ونجمة وكيف لهما ان يعيشا مع هذا الشيطان والطفل القادم كيف يكون له اب كهذا.
تنهد راغب بشدة وكانه اصبح عاجزا عن التفكير فكل شئ حوله اصبح معقدا.
مرت عدة ايام كان كى شخص فى هذا المنزل يشغله همه ولايفكر بغيره الى ان اقتربت تلك العاصفة
ففى احد الايام كان صالح والد اكرم يستشيط غضبا وارسل احد الخدم لينادى اكرم سريعا وذهب الى القاعة والتى يطلق عليها لقب المندرة وجلس ينتظر ولده وهو فى فمة الغضب فقد وصلت له أخبار حب أكرم لزهرة عن طريق أحد الخدم والتى لم تكن سوى زينب فقد حثها راغب على فعل ذلك حتى بنتقم من اكرم ويخرب عليه علاقته بزهرة. فوالده، رجل تقليدي يحافظ على مكانة العائلة وسمعتها في الصعيد.
شعر صالح بالغضب والخيانة. وقرر مواجهة أكرم في قاعة البيت الكبير حيث يجتمع أفراد العائلة غالبًا. وكانت الأجواء مشحونة، والكل يشعر بالتوتر.
بقلمى الهام عبدالرحمن
والد أكرم (صالح):
(يقف في منتصف القاعة، صوته غاضب ووجهه متجهم)
دخل أكرم القاعة، وهو يعرف أن هذه المواجهة كانت قادمة، لكنه حاول التماسك أمام غضب والده)
اكرم: "نعم، يا حاج؟ في إيه؟"
الحاج صالح وهو يشير إليه بغضب، وصوته يرتفع مع كل كلمة)
"سمعت إنك بتحب بنت السايس! بنت الخدام اللي بيشتغل عندينا! إزاي تسمح لنفسك تهين العيلة اكده؟!"
أكرم وهو يحاول الحفاظ على هدوئه، لكنه يشعر بالغضب المكتوم داخله)
اكرم: "مش بهين العيلة، يا حاچ. أنا بحب زهرة... وهي مش مچرد بنت السايس. هي إنسانة زي أي حد في الدنيا."
الحاج صفوان:
(بغضب متزايد، يقفز من مكانه ويقترب من أكرم)
"إنت بتتكلم عن شرف العيلة وسمعتها! مفيش حاچة اسمها 'مچرد بنت السايس'! إنت لازم تتچوز بنت من مستوانا، من عيلة تليج بينا!"
أكرم:
(يرفع صوته، وينظر في عيني والده بتحدي)
"ليه دايمًا بتتكلموا عن المستويات؟ أنا بحب زهرة، وحبي ليها حجيجى. ومش هسمح لحد إنه يحكم على مشاعري أو يجرر عني."
الحاج صفوان:
(يضرب بقبضته على الطاولة، وصوته يملؤه الغضب والتهديد)
"إنت هتتچوز اللي آنى أجولك عليها، مش اللي إنت تختارها! وإلا هحرمك من كل حاچة، من اسمي، ومن كل اللي ليك في العيلة!"
أكرم:
(يشعر بألم شديد، لكنه يتمسك بموقفه)
"لو دا تمن حبي لزهرة، فأنا مستعد أتحمل. مفيش حاچة في الدنيا تهمني أكتر منيها. أنا مش عايز ثروتك ولا اسمك... أنا عايز أعيش حياتي بحرية."
بقلمى الهام عبدالرحمن
الحاج صفوان:
(بصوت هادئ وبارد، يتراجع ويجلس على الكرسي وكأنه اتخذ قرارًا نهائيًا)
"خلاص، يا أكرم... لو مش هتسمع كلامي، يبجى أنت مش ابني. اخرچ من اهنه، واعتبر نفسك مش من العيلة دي."
أكرم:
(يشعر بجرح عميق في قلبه، لكنه يعرف أن هذه هي التضحية التي يجب أن يقدمها)
"هخرچ، يا حاچ. لكن الحب اللي في جلبي مش هيتغير، حتى لو خسرت كل حاچة."
يترك أكرم القاعة، ودموعه تختلط بمشاعره المتضاربة بين الحزن والأمل. إنه يعلم أن الطريق الذي اختاره صعب، لكن حبه لزهرة يستحق كل تضحية.
في اليوم التالي، كانت نجمة تلعب في الحديقة وحيدة، تحاول أن تجد مكانًا آخر للعب بعيدًا عن راغب. كانت تتذكر كيف كان دائمًا يبتسم لها ويلعب معها، ولكن الآن هو فقط ينزعج منها في كل مرة تحاول الاقتراب منه.
كانت جالسة على الأرجوحة تحركها ببطء، وعيناها تبحثان في الحديقة عن شخص آخر تلجأ إليه، ولكنها لم تجد سوى صمت الحديقة الممتد.
نجمة (بصوت حزين، وهي تتحدث إلى نفسها): هو بابى مبقاش يحبني زي الأول... ليه؟!
بينما كانت تحرك الأرجوحة، بدأ وجهها يكتسب ملامح الحزن والضيق، وتساءلت لماذا تغير فجأة.
بقلمى الهام عبدالرحمن
في هذه اللحظة، كان راغب يراقبها من بعيد، لكن بدلاً من الاقتراب منها، كان يبتعد عن المكان. كان عقله مشغولًا بكل ما يحدث مع عثمان، ولم يعد يهتم بالعلاقة التي كانت تجمعه مع نجمة.
شاهد عثمان هذا الصراع الذى حدث بين اكرم ووالده ، وقرر ان يتخذ موقفًا يعكس خبرته الشخصية وآلامه الماضية. فعثمان، الذي تعرض للخيانة والشعور بالغدر، رأى في حب أكرم لزهرة فرصة للدفاع عن الحقيقة والمشاعر الصادقة، رغم كل التقاليد والضغوط العائلية.
---
عثمان كان في الطابق العلوي عندما سمع أصوات الصراخ القادمة من القاعة الكبيرة. بعد أن غادر أكرم بعد مواجهتة مع والده، صادفه عثمان في فناء البيت، حيث كان أكرم مستعدًا لمغادرة المنزل وسط شعور بالضياع والغضب.
عثمان وهو يقترب من أكرم ببطء، يعلم بأن الوقت حساس جدًا)
عثمان: "أكرم... استنى لحظة."
أكرم:
(يلتفت بغضب، ويحاول أن يمسح دموعه بسرعة)
"أنا خلاص مش جادر أستحمل، يا عثمان. هو مش فاهم، مش عايز يفهم. الحب مش حاچة يجدر يتحكم فيها."
عثمان:
(بصوت هادئ، يحاول تهدئة أكرم، يضع يده على كتفه بلطف)
"عارف يا أكرم. الحب مش حاچة سهلة، وأحيانًا بيبجى أجوى من أي حاچة تانية. أنا مريت بنفس اللي إنت بتمر بيه دلوك... الصراع بين الجلب والعيلة."
بقلمى الهام عبدالرحمن
أكرم:
(بتردد، يشعر بالارتياح لكلمات عثمان، لكنه لا يزال غاضبًا)
"أنا مش فاهم، يا عثمان... ليه لازم الحب يبجى صعب؟ ليه لازم نجاتل عشانه؟"
عثمان:
(يتنهد بعمق، ويعترف بالحقيقة المؤلمة التي تعلمها خلال السنوات الماضية)
"لأن الحب الحجيجي بيختبرنا، يا أكرم. بيختبر شجاعتنا وصبرنا. أنا ضيعت سنين من حياتي بسبب كدب وخيانة، وكنت فاكر إن الحب مستحيل بعد كل اللي حصل. لكن إنت عنديك فرصة، فرصة إنك تكون صادج مع نفسك وتدافع عن اللي بتحبه."
أكرم:
(يشعر بالألم في كلمات عثمان، لكنه أيضًا يجد فيها قوة وتشجيعًا)
"أنا خايف، يا عثمان. خايف أخسر كل حاچة... أبويا، العيلة، حياتي اللي اتعودت عليها."
عثمان:
(ينظر في عيني أكرم، بنظرة مليئة بالتفاهم والقوة)
"الخوف طبيعي، لكن الحب اللي چواك لزهرة أجوى من كل خوف. لو كنت فعلاً بتحبها، مش هتجدر تستسلم. وأنا هكون چارك، مهما حصل. انت مش لوحدك."
أكرم:
(يشعر بتأثير كلام عثمان، وتبدأ دموعه تنساب على خديه)
"مجدرش أخسرها، يا عثمان. مش هجدر أعيش من غيرها."
عثمان:
(يحتضن أكرم برفق، وكأنه يريد منحه الشجاعة التي يحتاجها)
"مش هتخسرها، وأنا مش هسمح لأي حد إنه يجف في طريجك. الحب الصادج بيستحج التضحية، حتى لو كان العالم كله ضدك. خلي جلبك دليل، وإنت هتلاجي طريقك."
بقلمى الهام عبدالرحمن
يشعر أكرم بالقوة التي يستمدها من دعم عثمان، ويقرر أنه لن يتراجع. اما عثمان فقد رأى في هذا الموقف فرصة لتصحيح الأخطاء التي وقعت في حياته، وللدفاع عن شيء حقيقي، ولو لمرة واحدة.
فى غرفة النوم الخاصة بنجمة في وقت لاحق من ذلك اليوم، كانت نجمة تجلس في غرفتها، بينما كانت دميتها على الأرض أمامها. كانت تفكر فيما حدث. في البداية كان راغب هو الشخص الذي يحب أن يلعب معها ويحتضنها، ولكن الآن أصبح بعيدًا وقاسيًا.
بدأت تشعر أن هناك شيئًا غريبًا يحدث، وأنه لم يعد يرحب بها كما كان يفعل. كلما حاولت الاقتراب منه، كان يبتعد، بل ويتصرف بخشونة معها.
نجمة (بحزم، وهي تتحدث إلى دميتها): بابى انا زعلانه منه اوى ومش هكلمه تانى . هو مش عايز يلعب معايا ولا يسمعني، مش عارفة ليه.
بقلمى الهام عبدالرحمن
بدأت الكراهية تتسلل إلى قلبها الصغير، وكأنها أدركت أنه لا يمكنها الاعتماد عليه بعد الآن. في البداية كانت تحبه كما لو كان بطلا من ابطال السينما كان بالنسبة لها الحياة والسند والامان، ولكن الآن، بدأ يظهر لها شخصًا مختلفًا.
نجمة (وهي تغلق عينيها بحزن): مش هروح له تاني... ومش هكلمه تاني.
وبدأت نجمة تبني جدارًا عاطفيًا حول قلبها تجاهه. كان هذا هو بداية تحول مشاعرها، وشيئًا فشيئًا، بدأت تكره وجوده في حياتها.
صلوا على الحبيب المصطفى 🌺
