
رواية الاروبية البدوية الفصل الاول1 بقلم سالي سيلا
اعيش في بلد اروبي بمدينة الاغنياء. هكذا كان يلقبونها. مدينة لا يعيش بها الا الاثرياء. لايوجد فيها فقير ولا متسول.. كل اناسها من الطبقة المخملية لا يجاور منزل اخيه. الا الذي يشبه مقامه وثراءه.. وانا كنت من ذلكم الناس المترفين للاسف.
انا نتاليا ابلغ من العمر 21 سنة. ولكن احس ان عمري 70 سنة.. اعيش مابين اهلي ولكن بالكلمة فقط. اما معناها الحقيقي فهي تكاد منعدمة... منذ صغري لا ألتقي مع امي او ابي إلا بالصدفة. او في اخر الليل عندما يعودون الى المنزل. اخي المسكين هارفت. كنت انا من يعتني به. عندما يحتاج لامر ما. بما انه لا يرتاح للخدم. وبما ايضا ان والدتي تعتبر من الطبقة الاستقراطية فهي لديها مهاما كبرى ونوادي كل من في الخارج تهتم لامرهم. اما ابناؤها. فالخادمة الفلبينية هي من تفعل ذلك.. اما والدي. اااوه لا اتذكر كم اسبوع لم اجلس معه او تناولت وجبة افطار او غذاء. الا عندما يقومون بمأدبة كبيرة. .يعزمون فيها اصحاب السلطة والنفوذ . فهو مشغول على الدوام. وكيف لا؟ وهو يملك اكبر شركة بالبلد. ويجب عليه هو من يتولى كل شاغرة صغيرة او كبيرة.
كبرت بمفردي. وكل الاحاسيس السيئة تكبر معي. حتى اصبحت لا اطيق العيش في هذا البلد المنافق والمزيف بأكمله وافكر في الرحيل منه اليوم قبل غد.. الذي كنت اخاف عليه هو ايضا كبر. واستقل بيتا بمفرده مع حبيبته.. احسده احيانا لانه له الجرأة ان يقرر ويختار رغم كل انف معارض.
هارفت اخي وجد من تحتويه. وتهتم لامره وسعدت حقا انه تخلص من ذاك الشعور بالوحدة والنقص... اما انا فلم استطع ان احب احدهم حتى الان.. لم اجد بعد ذاك الرجل الشهم البعيد كل البعد عن التكبر والتعجرف. و مدى افتخاره بنفسه انه اصبح يملك اكثر من زملائه واصدقائه... هذا هو كان تفكير معظم شبابنا.
لا ادري هل الغنى نعمة ام نقمة. ولكن انا فعلا مللت من كل هذا الترف والبذخ دون توظيف اي مشاعر بينهم.. لذلك وضعت نقطة اخر السطر وقررت السفر الى الارجنتين.
ودعت والدي واخي هارفت الذين لم يمانعوا طبعا على سفري. فهم يعتبرون ذلك سياحة وكل قراراتي حرية شخصية.
ركبت الطائرة وجلست بمقاعد جناح الدرجة الاولى ولم يمضي سوى تقريبا ساعة على اقلاعها حتى اعلنت المضيفة عن هبوطها الاضطراري بسبب خلل تقني.. ورغم طمأنتها لنا إلا ان هناك هلع بين الركاب ولا اخفيكم انا منهم.. ولكن اشكر الرب ان الطائرة حطت بالفعل بسلام. ونزلنا على ارض كلها رمال. لندرك بعد ذلك اننا حططنا على الصحراء العربية.
لا احد تنحى عنه ذاك الشعور بالخوف. خاصة بعد علمنا اننا على ارض العرب. كنا ننتضر ونحن نسير تحت اشعة الشمس الحارقة متى سيظهر المختطفون حتى يأخذونا رهنة. ولكن بعد قليل اكتشفنا امر لم نتصوره ان يحدث بحياتنا.
ونحن نسير دون هدف التقينا بقافلة من النوق بها اشخاص نزلوا من عليها وتقدموا نحونا ونحن ظننا بهم كل الظنون. فمدونا بقرب من الماء. فبدؤوا يسقون الصغار ثم كبار السن ثم البقية.. وطلبوا منا ان نتبعهم بعد ان حملوا من لا يستطيع السير على ظهور الجمال وهم يقودونها بإمساكهم اياها من طرف الحبال. ثم تقدموا بنا لمسافة تصل الى عدة كيلوا مترات. حتى وصلنا الى واحة لم ارى بجمالها يوما.
دبت في ارواحنا الحياة مجددا عندما وجدنا الابنية رغم انها غريبة تصميمها نوعا ما والنخيل والقطعان من الحيوانات هنا وهنا والبحيرات من المياه التي لجأ إليها جميعنا من كثرة عطشنا. شربنا وغسلنا اطرافنا ووجوهنا كي تنتعش قليلا اجسادنا الملتهبة حرا. ثم اتى شيخ مسن به وقار وحضور يرافقه شاب. فبدأ يلقي علينا الكلام والذي معه يترجم لنا معناه.
اخبرنا انه مرحب بنا جميعا على ارضهم . ونعتبر ان هذا المكان بلدهم الثاني. وعلينا ان نستريح وان لانقلق مطلقا. فهو سيتصل بالسفارة. وستقوم بدورها بإحضار طائرة اخرى تقوم بإعادتنا الى بلدنا الاصلي. والى ذاك الوقت علينا ان نرتاح. وسيجلب لنا واجبنا.
لا ادري كم ارتحت الى ذاك الشيخ بعد كلامه هذا. واحسست بامر غريب. تمنيت ان تطول الطائرة ولا تأتي حتى اكتشف روعة المكان
يتبع