رواية الاروبية البدوية الفصل السابع7 بقلم سالي سيلا


رواية الاروبية البدوية الفصل السابع7 بقلم سالي سيلا

في تلك الاثناء لم اتوقع ان تكون المواجهة بيني وبين ضياء الدين صادمة وجريئة بهذا الشكل. رغم اني كنت انا المتحمسة لها منذ الامس.  فضياء سيطر على الوضع بكلامه. فلم يدع لي مجالا اعاتبه او ألومه على فعلته.  فهو انسان عاقل  ورزين. والذي قام به لا يدينه بشيء. لأن كل شاب اراد فتاة  له اسلوبه الخاص كي يقربها منه كي تحبه او على الاقل تتقبله.  اما ضياء فكل فعله أعتبره ذكاء منه . فهو بالاول اراد مني ان ارى كيف يعيش عالمه الخاص بما اني غريبة عن بلده ومختلفة من حيث الثقافة..  وفي نفس الوقت آخذ فكرة عنه. من حيث اخلاقه وطريقة تفكيره   فبصراحة اي فتاة من اي جنسية تستطيع ان تحبه. فهو لديه كل المواصفات للرجل النبيل الشهم الذي تتكل عليه مستقبلا. 
ولكن لاحظت من طريقة كلامه ان الشاب لم يقع في الحب بعد. بل هو معجب فقط بفتاة مختلفة عن اللواتي يراهن كل يوم.. فالمحب تكشفه عيونه وتعبيرات ملامحه. اما ضياء احسسته انه يطلب مني امرا كي اقتنع به. وهو نفسه لم يقتنع به.. او ربما لو رفضته.  فلن يتأثر بردي... وكأنه يضع نفسه في تجربة او مغامرة ان صلحت كان بها. وان لم تصلح فلا يضر ذلك شيئا من حياته... إذن هذا ليس بحب. بل مجرد نزوة. سأجعله يستفيق منها في اقرب وقت. وسأمنحه فرصة كي يتعرف عن مافي قلبه متربعة... هذا ما شعرت به اثناء لقائي مع ضياء. فدراستي في علم النفس جعلتني استطيع ان اقرأ باطن الانسان من طريقة كلامه دون ان يشعر هو نفسه بما يخالجه في بعض الاحيان. 
وانهينا الحديث بوضع نقطة اخر السطر بهذا الموضوع حتى لا يفتح مجددا في اي حالة من الاحوال    اوهمته اني مرتبطة بإنسان احبه    وفور عودتي سنقوم بالإعلان عن خطوبتنا.   حينها لم ينزعج من ردي بل هنأني وتمنى لي حياة سعيدة.. وهذا تخميني المسبق عن مشاعره نحوي لم تخطىء.  
بعدها منحني حقيبتي.  وطلب مني ان ابلغه متى اردت العودة الى وطني . فهو سيقوم بكل الترتيبات والاجراءات دون ان اكلف نفسي بسبب مشقة الطريق.  فكان جوابي مباشرة بعد يومين    ومنحته جواز السفر. حتى يقوم بشراء تأشيرة العودة وغيرها من الامور التي تسهل لي السفر بدون متاعب.    وودعته شاكرة إياه على مبادرته بمساعدتي. وقبل ذلك بأنه فكر لأكون شريكته. وتمنيت له هو ايضا بالحياة السعيدة مع من يستحقه. وعدت فورا الى الخيمة حتى لا تلاحظ جنات تغيبي. 
وما إن وصلت بقليل حتى وافتني جنات.  فكانت متعبة من المشوار.  ورغم ذلك اصرت ان تعلمني كيف اطبخ اكلة تقليدية للعشاء. فتحمست كثيرا للإقتراح...ولأول مرة في حياتي اقوم بتقشير البصل وتقطيعة.   وكم ضحكنا على السيل المنهمر من عيوني. فهما لم يتعودا على ذلك. بعدها وضعت لحم الابل في القدر   قمت بتقليبه في السمنة وبعض من الزيت حتى لا يحترق. ثم اضفت له البصل الذي قطعته قبل قليل. مع التوابل التي لا اذكر منها الا الفلفل الاسود. وبعد تقليبه عدة مرات. اضفت عليه الطماطم وبعض الخضار ثم غمرت كل شيء بالماء   وتركته ينضج على مهله. اما البقية فجنات من تكفلت به. فالكسكس كما اخبرتني عن اسمه. له مراحل في إعداده. والوقت لم يتسنى لي كي اقوم بإنجاز كل شيء بمفردي. لأنني بطيئة جدا... ولكن النتيجة كانت رائعة. فمذاقه كان شهيا. بشهادة خالتي ميمونة. وحضور ضيفين بالصدفة من اقارب جنات. 

قبل ان نخلد للنوم اخبرت جنات ان موعد سفري بعد يومين... فتفاجأت من الخبر.. وسألتني كيف يحدث ذلك. وجواز سفري لا يزال مفقودا؟   فأخبرتها ان ضياء وجد السارق. وتصادفت معه بالطريق حيث أعاد لي فيها الحقيبة..   لاحظت عندها ان جنات لبسها الحزن من جديد. واعربت عن مشاعرها. بأنها سعيدة من اجلي اعود الى وطني واهلي. ولكن في نفس الوقت. فهي حزينة لأنني سأدع فراغا كبيرا اثناء رحيلي.  فانا اصبحت بالنسبة لها انسانة قريبة من قلبها. بمثابة الاخت والصديقة.  فكيف لها تتعود على غيابي بعد ان ألفتني.. والحقيقة هذا ماكان يخالجني ايضا. كيف ان اعيش بدون جنات والخالة وهضامة الفتيات.وجدي الوقور  والغدير وسحر الواحة ككل بعد ان تعودت عليهم جميعا... حقا إن شعور التعود لصعب حقا... واخلدنا للنوم وقلوبنا تبكي بسبب فراقنا الذي وشك حدوثه بعد غد. 

استيقظت صباحا باكرا على غير عادتي. عازمة ان اقضي يومي كله في السياحة.وتعرفي على الامكنة التي لم ازرها بعد. وان سمح لي الوقت سأعرج ايضا على السوق. لكي اشتري بعض الهدايا لاهلي ومجموعة من الاصدقاء... فاقترحت لي جنات ان نذهب إلى مكان سيدهشني على حسب قولها...ومن يحمسني ويبهجني منذ وصولي سوى جنات. فهذه الفتاة لها افكارا لاتجعلك تندم على صداقتها. او تمل من قربها... وبدون تضييع الوقت.  جهزنا انفسنا ببعض الاغراض الضرورية كالماء. ووجبات خفيفة.   الى غيرها. و تعمدت ان أرتدي لباسهم التقليدي. الذي إبتعناه من قبل. حتى اقوم بإلتقاط بعض الصور للذكرى.. وانطلقنا بواسطة جواد جنات. 
في الحقيقة لم تكن المسافة بعيدة. وصلنا الى منطقة تشبه الهضبة.  كل ارضيتها عليها صخورا واحجار على احجامها.  والمدهش بالموضوع ان في الوسط يوجد كهف. يسمونه بالكهف العجيب... في البداية تملكني الخوف.  كيف ندخل انا وجنات بمفرديها الى مغارة قد نجد تعيش فيها حيوانات مفترسة.. ضحكت جنات على مخيلتي. وطمنتني ان الامر معاكس. فلا يوجد خطر بالموضوع.. بينما نحن نستعد للدخول. كنت اتباطؤ متعمدة و ألتفت كل مرة  للخلف.. فلم يتحقق الذي في بالي.  حينها توغلنا اكثر
 للداخل. فكلما تعمقنا اكثر يحدث عكس فطرة الطبيعة... فأي كهف على وجه الارض به ظلمة وحلاك.. اما هذا الكهف. فكلما ولجنا بداخله. نجد نورا  خافتا ربانيا يضيء المكان.!   وليت ذلك فقط. بل الجدران الذهبية المشعة بالاصفرار.  بسبب تصبغها بمادة لزجة. من بعيد يشبه صفائح الذهب. زاد من تلألؤه..وفي وسط داخل الكهف منبع من المياه الصافية. ترى فيها وجهك كأنه مرآة معاكسة من كثرة صفائه.وقعره مملوء بالحجارة على اختلاف احجامها وألوانها.فوجدت جنات انبطحت بقرب حافته تغرف بيديها وتشرب منه.فعلمت انه ماء صالحا للشرب. ففعلت مثلها..  وكم هو عذب وشديد البرودة.. لهذا كان يلقبونه بالكهف العجيب... وهو عجيب حقا كاد ان يطيش عقلي من شدة جماله وابداع منظره. 

بعد ان اخذنا الكثير من الصور التذكارية. خرجنا لنعود الى الديار. عندها وجدنا سيارة تيوتا قرب مدخل الكهف.. فأدركت ان ضياء قد وصل اخيرا ولبى ندائي.  فأنا من اخبرته بأن يوافينا بعد ان يتم اجراءات السفر.  كما اعلمت جنات بذلك ايضا.بما انها  تعجبت من وجود ضياء بالمكان نفسه. 

ركبنا مع ضياء خلف السيارة    ولكن هذه المرة كان يقود ببطء شديد.  لانه عقد من الخلف حبلا    يربط بينه وبين حصان جنات. ولان السوق كان لا يبعد هو ايضا سوى امتار عرجنا بنية ان اشتري بعض الهدايا ونعود بسرعة. لان جد ضياء يحتاجه في امر ما. وهذا ما اخبرنا به ضياء حينها.. وهو يوصينا ان لا نطيل داخل السوق.. فمزحت معه ان هذا متعلق بوجود اللصوص ام لا.... فضحك كثيرا وقال: انه لا يوجد امان بهذا العالم كهذا المكان... ابتسمت له. واردت لحظتها ان ادخل مباشرة في خطتي. واحرك ذلك القلب الساكن إلى الاتجاه الصحيح.. اخبرته اننا لن نطيل. سنشتري فقط فستان يليق بخطبة جنات ونعود على الفور. 

                     الفصل الثامن من هنا

تعليقات



<>