رواية الاروبية البدوية الفصل الخامس5 بقلم سالي سيلا


 رواية الاروبية البدوية الفصل الخامس5 بقلم سالي سيلا


ضحكت من سؤال ضياء الدين لي المفاجيء. او بالأحرى سؤال ليس له معنى ان حلل حقيقة ماخلفه.. فبديهي يجب ان اعود لوطني.  فأنا مجرد ضيفة طارئة على ديارهم. وفي القريب العاجل سأرحل واعود مابين اهلي انا ايضا.. فلم اعرف كيف اجيبه. ولكن اجبته بطريقة ظريفة.  بأن لو قبلت اسرتي ان يعيشوا هنا معي. ستضطرون ان تمنحونا بيتا مخصصا اخر لنا.. عندها ابتسم ضياء ورد بأن الدوار دوارنا. وأي محل اردتم الاستقرار عليه  سيكون ملككم.. كما اخبرني ان اللص لن يطول ويظهر مكانه.. ودعت ضياء عندها. وعدت الى خيمة جنات. فوجدت الشيخ  من بعيد خارج من الخيمة قد سبقني هناك وانا كنت مع ضياء اتبادل اطراف لحديث طال.. ولكنه يبدوا انه منزعج   غادر ولم تتبعه لتودعه جنات كما كنت اراها تفعل ذلك قبلا عند كل زيارة لهن... دخلت وانظاري تبحث عن جنات. فوجدتها في الزاوية تنتحب. و خالتي ميمونة تسكتها.  ثم نهضت وقامت بجلب كوبا من الماء. اسقتها إياه لكي تهدأ قليلا ولكن دون جدوى... صعبت علي كثيرا. ولم اعرف كيف استطيع مساعدتها. فجلست بقربها وامسكت بحنية يدها. ثم استرسلت انا كذلك بالبكاء عزاء وسندا لبكائها. فلم تعد خالتي مينونة تسكت ابنتها او تسكتني انا التي زدت من توترها.. ثم جلبت خالتي كتابا سميكا. فجلست مجددا بقربنا. ثم بدأت تقرأ منه بصوت خافت كلاما طيبا ينعش مسامعنا.. علمت انه القرآن كتابهم الذي يؤمنون به   كلام الله الذي انزل على الناس كافة. قرأت ذلك عنه في الانترنت عدة مرات.  ولكن لم استطلع عن محتواه ولو لمرة للأسف.. بعد ثواني سكتت جنات وهدأت قليلا. لتتزحزح قليلا للامام وتمددت كي تلقي بجسدها على البساط   اخذت وسادة ووضعتها تحت رأسها ثم استلقت لتنام. اغمضت عيناها بعد ان احتضنت نفسها    وكم اشفقت لحالها ومنظرها.    حينها قامت والدتها بتغطيتها برداء خفيف. ووضعت يدها فوق جبينها وواصلت القراءة بعد ان طلبت مني ان افعل انا ايضا مثلها برميها لي وسادة اخرى. وماعلي سوى ان استلقيت بجانبها واغمضت عيني.وكل حواسي تستمع باهتمام ماتهمس به خالتي لنا رغم انني لم افهم منه حرفا إلا انه ممتعا . فخلدت الى النوم كطفلة صغيرة لا تزال في المهد. 

في الصباح ونحن مستديرات حول صينية الافطار. اصبحت جنات على سجيتها. تضحك وتتكلم بطلاقة  . وكأنها ليست هي التي بالامس.. وعندما بقينا بمفردينا اردت ان اسألها مالذي يحزنها بهذا الشكل؟   فهي على الدوام تحاول ان تخفي امرا ما ينطبق على صدرها.  ولكن ماحال ذلك هو سماعنا لضجة كبيرة في الخارج    تشبه صوت المروحية!   واستغربنا من ذلك. لنسرع خارجا نتطقس الأمر.  فرأينا جماهير غفيرة في الساحة الكبيرة السفلية.  متجمهرة حول مروحية بالكاد حطت على الارض .. لم اكن متأكدة مما ظننته. لذى لحقت بالجمع حتى اقطع الشك باليقين   كنت امشي و لكن كانت خطواتي تعود بي الى الوراء. وقلبي بدأ يتزايد نبضه. حتى وصلت واخذت طريقا مابين المصطفين.  لم استدر حينها ان واكبتني جنات ام انها لاتزال خلفي باقية امام الخيمة   كل ماكان يهمني في تلك الاثناء هي رؤيتي للمروحية الهوائية   وعندما ظهرت لي بصورة واضحة تذكرت قول والدتي وهي تكرر كلمة المروحية عبر الهاتف ولم افهم قصدها. بسبب رداءة الاتصال.. ففهمت متأخرة قصدها في تلك اللحظة.  وانصدمت. 
إنهما هنا !!   
انهما هنا حقا جاء من اجلي
مروحية والدي التي اعرفها خير المعرفة
ركضت نحوها وانتظرت غير بعيدة حتى تستقر دوران المروحة الافقية. و يفتح احدى ابوابها.. وبعد قليل فتح الباب الخلفي ونزل والدي. ثم لحقته والدتي. فابتهج قلبي وسرت خوالجي. وكست مقلتي الدموع فرحا برؤيتهما. واكثر شيء نزلت دموعي. هو ظني المسبق ان والدي لا يهتما بي. والان هما تخليا عن كل شيء. وغامرا من اجلي.    لأني اعلم جيدا. انه صعب جدا ان تدخل مروحيات للبلدان المختلفة الجنسيات.  إلا بقوانين وانظمة معينة.  ولا ادري ماذا فعل والدي حتى سمحوا له بالدخول في وطن بالاخص انه عربي..؟  وهذا كله من اجلي فقط انا التي اكون ابنتهم. 
من فرحتي ركضت نحوهما وقفزت في احضان والدي الذي عانقني بشدة   ووالدتي التي كانت تذرف دموعا غزيرة ارتمت هي ايضا نفسها لنحتضن جميعا بعضنا البعض. وكأننا لم نفعل ذلك من قبل يوما. أثناءها شعرت بالدفء ومدى اشتياقهم واحساسهم بالخوف علي. كنا في اجواء لم نشعر ان هناك متفرجين جعلناهم يتأثروا بالمشهد.  وخاصة جنات التي لمحتها بعد ذلك في الصفوف الاولى تبتسم لي   معربة عن فرحتها بلم شملي مع عائلتي. 

لم يمضي وقتا طويلا حتى اجتمع والدي مع كبراء البادية.  يتناقشون حول عودتي لوطني بترجمة من ضياء الدين الذي كان حاضر الاجتماع هو ايضا.   فالمشكلة ليست بعودتي. انما المشكلة في فقدي لجواز السفر.  وعلي وقت طويل حتى اقوم بالاجراءات القانونية. تثبت سرقة جوازي.  لانه لا يسمح لي. او بالاحرى ممنوع ان ادخل المطار دون جواز سفر. حتى ولو كنت احد ابناء بلدي الحقيقي. 

حزنا والدي لما علما بالمشكلة التي وقعت فيها.  ولم يكن باستطاعة اي احد رغم قيامهم بإتصالات كثيرة للمسؤولين ان يحلوا المعضلة   فالقانون يمشي على الجميع.. وفي اخر المطاف عادا والدي الى الديار بدوني.  بعد ان ارتاحا من مشقة الرحلة. وجلست معهم قليلا على انفراد. نتحدث عن كل المستجدات الاخيرة.   ولم اتركهم حتى وعدتهم انني سألتحق بهم  بعد ايام قليلة   فترة توفير الوثائق اللازمة فقط   وطمنت خوفهم ايضا انني مابين اناس لم ارى في طيبتهم و كرمهم رغم انني غريبة عليهم من كل النواحي. 

عندما عادا والدي بدوني. في الحقيقة ظننت انني سأكون حزينة بفراقهم وتركهم وحيدة خلفهم. ولكن  لم يحدث ذلك.  فانا لم احس لا بالغربة ولا بالوحدة هنا. فجنات ووالدتها. احتضناني كأني فردا من عائلتهم. حتى الربع كما يقولون. كانوا يتقبلونني مابينهم ويهتمون لأمري.   ورغم كل شيء يجب ان أتم الاوراق حتى اعود مابين اهلي الاصليين. فكل انسان له عرق ونسب مهما كان يتشبت به مدى الحياة.. لذى قررت في الغد ان لا انتظر حتى يظهر السارق.  وأقوم بفتح محضر لأظهر ان جوازي قد سرق.   وسيقومون بدورهم السلطات منحي اوراقا تفيد بذلك.  تسمح لي بالسفر. حتى اعيد إخراج جواز سفر اخر جديد. 

وبالفعل في اليوم التالي توجهت انا وجنات الى خيمة جدها. حتى يمنحنا الاذن بالذهاب الى مركز الشرطة القريب من البادية  وان يعيرنا احدى السيارات التابعة له... فطلب منا. ان لا نتحرك إلا مع حفيده ضياء.  الذي لم يظهر منذ الصباح. 
فخرجنا انا وجنات نبحث عنه قبل ان يداهمنا الوقت.   وبعد بحث طويل وجدناه   ولكن الصدمة الكبرى بالنسبة لي.. وجدناه يتحدث مع شخص في ركن منعزل.. وذاك الشخص الذي لم ولن انساه قط هو من سرق حقيبتي في السوق ذات يوم!! 

تعليقات



<>