رواية ميما الفصل الرابع عشر14بقلم اسماء الاباصيري
قاسي
ظلام من كل جانب .. جسدها النحيل يفترش الارض وسط الاشجار الكثيفة ... لا يضييء المكان سوى حفنة مشتعلة من الخشب تنام قربها تنشد منها بعض الدفئ .. لتسمع صوتاً اخرجها من سباتها هذا .. تفتح عيناها محاربة نعاس يسيطر عليها ... تلتفت حولها تبحث عنه بلهفة فلا ترى امامها سوى الفراغ لتهتف بإسمه فى ذعر لكن لا جواب ... عاد الصوت من جديد لترتجف اوصالها وتنهض على استحياء لتستكشف مصدر هذا الصوت
مريم بخوف : آسر .. اين انت ؟؟؟؟
لتشرع فى البكاء بصوت مكتوم
مريم ببكاء : آسر أين ذهبت وتركتنى وحدي هنا ؟
زاد نشيج بكاءها
مريم بصراخ : انا خائفة آسر اين انت ؟ لا تتركنى وحيدة لقد وعدتنى ... آآآآسر ......آآآآسر
آسر : مريم مريم استيقظى ..... هذا كابوس ... انتي بخير ... انا هنا .... بجانبك
انتشلها صوته من هذا الكابوس المخيف لتفتح عيناها سريعاً فتجد نفسها مدفونة بأحضانه .. بعيناه نظرة تراها لاول مرة ... نظرة اصابت قلبها فى مقتل .... اهتمام وقلق لم تراهم فى عيناه من قبل ... أيمكن .... أيمكن ان يهمه امرها لهذه الدرجة ؟
مريم ببكاء : آسر
زاد من احتضانها واجاب
آسر : نعم انا هنا ... انتى بخير .... مجرد كابوس لا اكثر .... اهدأي واشربي بعض الماء هيا
تناولت بعض الماء واستمر جسدها بالارتجاف واصبح تنفسها سريع نتيجة بكائها الشديد .. فأخذ يمرر يده صعوداً و هبوطاً على ذراعها محاولاً تهدئتها ثم ابعدها قليلاً عنه واحاط وجهها بكفيه
آسر بهدوء : مريم مريم انظري الي ارفعى رأسك ... جيد هكذا ..... والآن استمعي الي كفى بكاءاً حاولى التنفس بهدوء هيا مريم شهيق زفير شهيق زفير ... امتثلت لكلامه حتى انتظم تنفسها لكن لم يتوقف بكاءها واردف هو ..... انتى بخير الآن فقط كان كابوس مخيف .... انظرى الي انا معك بجانبك ولم يصيبك اي اذى ...... ها قد حل الصباح لذا لنتناول شيئاً قبل التحرك
مريم : وماذا إن اكملنا السير بطريق خاطئ ؟
آسر : نعم اخشى ذلك ايضاً لذا سنعود الى الحافلة مرة اخرى ... اعلم الطريق اليها جيداً ... والآن هيا انهضي خذي دوائك وتناولى الطعام
اومأت له بسعادة وقد ارتسمت ابتسامة واسعة على ثغرها ومن ثم نهضت لتناول الطعام
على الجهة الاخرى نجد من يستشيط غيظاً مما يراه من احداث فرفيقته العزيزة قد امضت الليل بطوله فى تناول الطعام ثم إلتقاط بعض صور السيلفى لها بهاتفها المحمول والذي كان يأمل ان يكون ذو اهمية فى وضعهم الحالى لكن ... لا توجد اشارة بمكانهم هذا .... ومن ثم اختتمت ليلتها بالنوم و بكل راحة وكأنها تنام بغرفة فى فندق عالمى
فرح بسعادة : صباح الخير
فارس بغيظ : بل صباح الفل والياسمين ...... تبدين سعيدة للغاية لما لا تخبريني سبب سعادتك تلك لأشاركك بها
فرح بدهشة وحالمية : أتمزح معي ؟ بالطبع انا سعيدة لوجودي بمثل هذا المكان الرائع .... فلتنظر حولك لهذه الطبيعة الخلابة
نهض فارس من مكانه واتجه نحوها حتى وقف امامها مباشرة
فارس : انتي تسخرين منى أليس كذلك ؟ ارجوك اخبرينى انك تمزحين لانك لو لم تكونى كذلك فسأبدء بالخوف منكِ حقاً
فرح : حقا لا افهمك
فارس بغضب وصراخ : حقا لا تفهميني .... لا تفهمين ماذا تحديداً ؟ .... حسناً سأوضح لكي حالنا الآن لربما تدركين خطورة الوضع ...... نحن بوسط غابة ... وخمنى ماذا ايضاً .....ضااااااائعين ..... لاندري اي طريق نسلك وها انتى تتأملين جمال الطبيعة من حولك و تتقمصين دور السائحة المبهورة
اغرورقت عيناها بالدموع وبدأت ببكاء مرير تلاه انهيارها ارضاً ليزداد نشيجها شدة ..... فى حين تسمر هو بمكانه ينظر اليها بدهشة ... منذ دقائق كانت الابتسامة تغزو وجهها والان مُحيت تماماً دون أثر لتحل محلها هذه الدموع والتى لا يدري لما تزعجه رؤيتها لهذا الحد .... شتم بسره وانحنى لها محاولاً تهدئتها
فارس : حسناً انا آسف ارجوكي اهدئي قليلاً لم اقصد الصراخ لكن وضعنا هذا اتلف اعصابى وافقدنى صوابي .... آسف حقاً ... ارجوكي كفى بكاءاً
استمر بكاءها وكأنها لم تستمع الى حرف واحد من حديثه
فارس بإرتباك : ارجوكى اهدئي اخبرينى ماذا افعل حتى تكفي عن بكائك هذا
هزت رأسها يميناً ويساراً قبل ان تردف بتلعثم
فرح ببكاء : ا ا انا لا أ ب أبكى ب سبب هذا
فارس : اذا لما تبكين ؟
فرح ببكاء : نحن ضائع ضائعين و و م مريم ليست مع معنا
فرح موضحة : علاج السكر الخاص ب بمريم فى حقيبتي ا ان لم تأخذه س ستكون بمأزق
صدم فارس من حديثها وانهار جسده على الارض حتى استلقى تماماً على العشب مردداً بشرود
فارس : رحمتك يا الله رحمتك يا الله بماذا إبتليتني ؟
مريم : لماذا ؟
انتبه آسر علي حديثها و توقف عن حزم امتعتهم قبل ان يلتفت اليها بنظرة متسائلة
مريم: لماذا هذا التغيير ؟
انهى حزم الامتعة ثم نهض واتجه نحوها ليجلس مواجها لها
آسر : اي تغيير؟
مريم : اسلوبك وتعاملك معي ... هذا غير طبيعي ...لم تكن ابداً بهذا التفهم والصبر ... لما هذا التغيير ؟
آسر : كلامك هذا يوحي وكأننى وحش لا يرحم
مريم : ألست كذلك حقاً ؟
آسر بحدة : كونى انسان يحب الالتزام والنظام فهذا لا يجعلنى وحشاً
مريم بإندفاع : الامر لا يقتصر على الالتزام او النظام .. انت متعسف ومسيطر قاسي لا ترحم ..لا تتعاطف مع احد .. فقط يُسيرك عقلك ولا تسمح لمشاعرك بدفعك لفعل اي شئ
آسر : العقل هو الاساس ان اردتى حياة سوية لا ألم فيها او ندم .. فقط العقل هو المهم .... اما المشاعر فما هى سوى طاقة سلبية تدفع الانسان للفشل ان تحكمت بحياته وسيرتها له
مريم بدهشة : ان كان العقل هو المهم اذا لماذا حرصت على تهدئتي نفسياً وتهدئة مشاعرى المضطربة بالامس
آسر : لولا فعلى لهذا لما استطعنا التفكير بهدوء و لأصبحتى عبئاً علي يمنعنى من التوصل لحل سليم ..... فلتتعلمي ايتها الصغيرة ... العقل هو اساس الحياة
نظرت له بدهشة لا تصدق ان هناك من يفكر بتلك الطريقة لكن منذ متى و وجدت له مثيل فهو آسر البنداري رجل لا تجد منه نسخة اخرى
مريم : اشكرك على نصيحتك تلك لكن عذراً انا لن امحى مشاعرى ابداً فإن فعلت وتركت زمام حياتى لعقلي فستكون انت وامثالك ذوي التفكير العقيم اول اعدائي وهدف حياتى الاسمى سيكون تدميركم لكن ان حَكّمت مشاعري فسأرى كم انتم مثيري للشفقة وتحتاجون لمساعدة مختصين
صدم من جوابها هذا .... ألهذه الدرجة تمقته وتراه متحجر القلب .... لكن مهلاً لما التعجب هو بالفعل متحجر القلب قاسي لا يوجد فى قاموسه معنى للرحمة.... و هى .... هى ملاك بريء لم تعكره بعد معارك الحياة لذا فرؤيتها له بتلك الصورة لا تدعو للتعجب .... لكن ابتسم بداخله على حديثها ... فخوراً بها حقاً ... فخور بتفكيرها و ان لها وجهة نظر فى الحياة ومبدأ تعيش من اجله
خرج من شروده على صوتها والذي عادت اليه نبرة البرود التى اعتادت الحديث معه بها قبل مجيئهم لهذه الرحلة المشئومة
مريم : ألن نتحرك للعودة ؟ .... اخشي ان نتأخر فى الطريق كما انى سأكون بحاجة لدوائي بعد فترة
اومأ لها سريعاً واتجه نحو حقائبهم يحملها متجاهلاً اعتراضها على حمله لحقيبتها
فرح بخجل : مازلت تظننى مجنونة ؟
فارس بغيظ : بل ومختلة ايضاً
فرح : حقاً لم اقصد ازعاجك لكن .......
نظر لها يحثها على اكمال حديثها
فرح : ممم فقط انا ذو شخصية مزاجية ... بلحظة ترانى اضحك وسعيدة و بعد دقائق اتحول لشخصية درامية للغاية ... لم اقصد حدوث هذا لكن هذا حالى عندما اتوتر
فارس بتعجب: ولما التوتر ؟
مريم بخجل : ممم حسناً .... انت وانا بالغابة وحدنا ألا تظن انه وضع يدعو للتوتر والارتباك
فارس بدهشة : لحظة لحظة .... اتقولين انك تخجلين مني ؟ ............ احمرت وجنتاها واومأت بهدء ليردف هو بضحك ومرح ....... اتمزحين معى يا فتاة لقد رأيتك بأكثر الاوضاع التى لا ترغب الفتاة اظهارها لأي شاب ... طريقة تناولك للطعام و تلك الوضعيات الغريبة لاخذ السيلفي بل لقد استغرقتى فى النوم امامي ...... ورأيت لعابك يسيل
مريم : ماذا ؟؟؟؟؟؟ انا لا يسيل لعابي اثناء النوم .... لست طفلة
فارس بمرح : اهذا ما أثار انتباهك من حديثي ..... على كل ٍ لا داعى لخجلك هذا فلقد اصبحتى عارية امامي .... و ااااه قبل ان تفهمى عارية بمفهوم خاطئ فأنا اعنى المعنى المعنوي لها ...... والان هيا لنكمل طريقنا .. علينا العودة للحافلة سريعا فغالباً سيعود آسر بمريم هناك عند ملاحظة غيابنا مع الدواء
اومأت له فى خجل واكملوا طريقهم الى الحافلة وهناك وجدوا كلاً من مريم وآسر وباقى الطلاب الذين لاحظوا غيابهم فآثروا العودة للحافلة وقد كان القرار الصحيح فى وضعهم هذا
تغاضوا جميعاً عن فكرة المعسكر واكملوا باقي الاسبوع المخصص للرحلة فى زيارة بعض الاماكن المشهورة بالعاصمة قبل ان يعودوا مرة اخرى الى ارض الوطن وتنتهى الرحلة بأحداثها المختلفة والممتعة والمخيفة فى بعض الاحداث ايضا و قد قرر الجميع حفظها بذاكرتهم للابد
.......... : افكر بإرتداء الحجاب .... ما رأيك؟؟؟
فرح بسعادة : اتمزحين بالطبع اوافقك بتلك الخطوة بل وارغب ايضاً مشاركتك بها ..... لكن اخبرينى لما قررتي ارتدائه فجأة هكذا وبدون سابق انذار وانتى من كنتى تاتين لى كل صباح تشكين من اصرار آسر على ارتدائك له !!!
مريم بإرتباك : فقط رأيت انه حان الوقت لإرتداؤه
فرح بخبث : هل اخبرتي آسر بهذا ؟
مريم بإندفاع : لا فأنا اريدها مفاجأة ...اريد ان افاجئه بإرتداؤه
فرح بتعجب : ولما هذا كله ؟ ... ثم نظرت لها بخبث واردفت .....انتى يا فتاة اخبريني فوراً ماذا حدث معكما بالغابة ... كلما سألتك تتهربين من الاجابة
مريم : ماعلاقة سؤالك هذا بموضوع ارتدائي للحجاب ... انتى فقط كلما بدأت الحديث معك فى شيء ما تحولين الامر فوراً لهذا الموضوع
فرح : لشعورى بأن هناك امر ما تخفينه عنى
مريم : لا يوجد شيء من الاساس لإخفاؤه لقد اخبرتك بما حدث ... اشعلنا النار ونمنا بقربها ثم استيقظنا صباحاً تناولنا الطعام وغادرنا المكان
فرح بخبث : فقط هذا ؟
مريم : نعم فقط هذا
فرح : سنرى
مريم : وماذا عنك؟ ماذا حدث مع فارس؟
فرح بسرحان وتنهيدة : فاااارس
مريم بضحك : منذ متى اصبح فااااارس
قالت الجملة الاخيرة مقلدة صوت صديقتها
فرح بإرتباك : كفى حديثاً وهيا لنذهب لشراء ماسنحتاجه من ملابس مناسبة للحجاب
مريم : ممم حسناً لن تهربي مني لكن لنذهب الان ونتحدث فيما بعد
هيا بنا