رواية مهمة زواج الفصل الرابع والاربعون44بقلم دعاء فؤاد

 رواية مهمة زواج
 الفصل الرابع والاربعون44
بقلم دعاء فؤاد




عندما انتهيا من ركوب رمح، كان الغروب قد بدأ يلقي بظلاله البرتقالية على المزرعة. طلبت ألارا العودة إلى منزلها، فوافق أدهم وأصر على توصيلها بسيارته. كان الطريق هادئًا، لم تكن هناك كلمات كثيرة، فقط النظرات التي تحمل أشياءً غير مُعترف بها.






أدهم (وهو ينظر إلى الطريق أمامه):


"عجبك اليوم؟"







ألارا (بابتسامة خجولة):


"جداً... بس الحصان قوي، حسيت إني ممكن أقع."





أدهم (بنبرة دافئة):


"وأنا قلتلك، طول ما أنا جنبك، مش هتقعي.







وصلت السيارة أمام منزلها، وتوقفت. 


ألارا مدت يدها لتفتح الباب، لكنها توقفت للحظة، وكأن هناك شيئًا يمنعها من المغادرة. نظرت إليه بشيء من الامتنان.


ألارا:




شكراً يا أدهم. على كل حاجة."





أدهم (بنبرة عميقة):


"محتاجين نكرر اليوم ده... فيه حاجات لسه ماشوفتيهاش في المزرعة."






ألارا:





"ممكن... هنشوف."


نزلت من السيارة بخطوات هادئة، لكن أدهم تبعها فجأة. ناداها بهدوء:


"ألارا."





عندما نزلت ألارا من السيارة، خطت خطوتين فقط قبل أن تشعر بحركة خلفها. التفتت لتجد أدهم يقف هناك، نظراته مرتبكة، وعيناه تحملان شيئًا أثقل من الكلمات. بدا وكأنه يريد التحدث، لكن صوته خانه للحظة. 


اما من ناحية ادهم شعر بأن ندى أمامه تتركه يعود وحيدا الى المنزل بدونها... هل يعقل أن تتركه بعدما وجدها؟! 





فجأة، خطا نحوها، وأحاطها بذراعيه يضمها إلى صدره بلاوعي منه كما لو أنه يحاول الإمساك بظل قد يتلاشى.







أدهم (صوته يرتجف، وكأن الكلمات تتصارع داخله):


"متسبنيش... متسبنيش لوحدي."






كانت كلماته تحمل أوجاعًا مخفية، وكأنها صرخة استغاثة لشخص آخر. ألارا شعرت بدفء حضنه يتسلل إلى أعماقها. كان هذا الحضن مألوفًا بشكل يثير الخوف، لكنها لم تستطع مقاومته. شيئًا ما بداخلها أخبرها أنها آمنة هنا، رغم كل ما قد يشير إلى العكس.






ألارا (بصوت خافت):


"أدهم....مالك؟







أدهم (وكأنه يخاطب طيفًا):


"متسبينيش تاني يا ندى"



للحظة، لم تنتبه ألارا للاسم الذي خرج من شفتيه. كان حضنه كالمخدر الذي يمنعها من التفكير. شعرت وكأنها تعود إلى مكان ما، مكان لم تعرفه أبدًا لكنه يبدو كأنه موطنها.






ألارا (بصوت مشوش):


"غريبة اوي...حضنك..."


صمتت تحاول استيعاب كيف أن ضمته لها مألوفة و لم تشعر أبداً بالغربة تجاهه.. 


أدهم (بحزن عميق):


"مش قادر أسيبك و ارجع البيت لوحدي.. أنا... أنا ماصدقت لقيتك"






يداه شدّت على كتفيها، وكأنهما ترفضان تركها. كان عقله يصارع بين الواقع والذكرى. ألارا بدأت تدرك شيئًا غريبًا في نبرة صوته، لكنه لم يكن شيئًا يمكنها فهمه الآن.






أدهم (بصوت مختنق):


"متسبنيش، حتى لو كنتي وهم... خليني أصدق ولو للحظة."






توقفت ألارا عن المقاومة، وكأن شيئًا أقوى منها يسيطر على اللحظة. لكن قبل أن تدرك ما يحدث، أضاءت أضواء المنزل فجأة. التفت كلاهما ليروا مروان يقف على الشرفة، وجهه يشي بالغضب المكتوم.






لم تمضِ سوى ثوانٍ قليلة بعد إضاءة المنزل حتى كان مروان ينزل من الشرفة، خطواته سريعة وغاضبة. ملامحه لم تخفِ أي شيء من الصراع الداخلي الذي اشتعل داخله.


أدهم، الذي استدار ليواجهه، بدا مستعدًا لأي شيء، رغم أنه لم يتخلَّ عن هدوئه الظاهري و كأنه استفاق للتو من حالة اللاوعي الذي انخرط فيها منذ ثوان قليلة.. 





مروان (بعصبية شديدة):


"إنت مين مفكر نفسك عشان تمسك بنت عمي كده؟! فاكر إنك لما تعلمها ركوب الخيل بقت ملكك؟!






أدهم (بنبرة هادئة لكنها حادة):


"أنا مش محتاج أفكر نفسي حاجة... أنا ما عملتش حاجة غلط."






كانت كلمات أدهم كصب الزيت على النار. مروان اقترب منه بخطوات سريعة، وقبل أن يدرك أحد، كان يقف أمامه مباشرة، عينيه تحملان غضبًا جامحًا.





مروان (صارخًا):


"ما عملتش حاجة غلط؟! حضنتها قدام بيتها! ده مش غلط؟!"





أدهم (متحديًا):


"كنت عايز أقول لها حاجة، وكانت لحظة ما تخصش حد غيرنا."






ألارا حاولت التدخل، صوتها المرتجف يحاول تهدئة الأجواء:


"مروان، كفاية! الموضوع مش كده!"






لكن مروان لم يسمعها، بل اندفع نحو أدهم، ودفعه بعنف في صدره. أدهم، رغم أنه كان يحاول التماسك، لم يملك سوى أن يرد. قبضته أمسكته من ياقة قميصه، ونظراته أصبحت أكثر حدة.





أدهم (بحزم):


"أنا احترمتك، واحترمت بيتك، لكن واضح إنك ما تعرفش تتكلم غير بالدراع."





لم تمضِ سوى لحظات حتى تطورت الأمور إلى شجار جسدي. دفع مروان أدهم مرة أخرى، لكن هذه المرة رد أدهم بقبضة مشدودة نحو كتفه، مما أشعل المشهد أكثر. 


ألارا صرخت في محاولة لوقفهما، لكنهما كانا في عالم آخر.






ألارا (بصوت مذعور):


"كفاية!...انتو اتجننتو!"





صوت نديم، الذي خرج من المنزل على عجل، اخترق التوتر:


"إيه اللي بيحصل هنا؟!"






هرع نحوهم، محاولًا الإمساك بمروان، الذي كان يحاول توجيه لكمة جديدة لأدهم. أمسك بنديم بقوة ليفصلهما، بينما أدهم تراجع قليلاً، محاولاً استعادة هدوئه.






نديم (بغضب مكبوت):


"إنت اتجننت يا مروان؟ ده مش أسلوبك!







مروان (وهو يحاول التخلص من قبضة نديم):


"هو اللي اتعدى حدوده! فاكر إن البيت دا مالهوش اهل؟!"






نديم (بحزم):


"وإنت فاكر إنك بتدافع عنها؟ إنت اللي بتحرجها قدام الناس!"






مروان توقف للحظة، وكأن كلمات نديم أصابته في الصميم. أدار وجهه بعيدًا عنهم، بينما ألارا كانت تقف في الخلف، صامتة وصدمتها واضحة. أدهم، رغم جروحه الصغيرة، وقف بثبات، ثم قال بصوت خافت:

أدهم (ناظرًا نحو ألارا):


         الفصل الخامس والاربعون من هنا
تعليقات



<>