
رواية مهمة زواج الفصل الخامس والاربعون45بقلم دعاء فؤاد
تلك المرة قررت الارا أن تحدد هي موعد الدرس المقبل مع مزرعة الخيول... بعدما شعرت بأن أسوار قلبها قد تحطمت على يد أدهم.. و ازادات رغبتها الداخلية في الاقتراب منه أكثر.. تلبيةً لنداء قلبها الذي يصرخ بإسمه و كأنه ملكه منذ أمدٍ بعيد..
كان النسيم باردًا وهادئًا، كأنه يراقب المشهد بصمت. الشمس تتسلل بين الأغصان، تغمر الأرض بنورٍ ذهبيٍ دافئ.
وصل أدهم إلى المزرعة مبكرًا، يتفقد تجهيزات الحصان، ويتأكد أن كل شيء في مكانه
حين وصلت ألارا، كانت ترتدي معطفًا طويلًا أحمر وحذاءً جلديًا بنيًا. بدا وجهها مشرقًا، وعيناها تلتمعان بشوقٍ خفي، كأن هذا اللقاء أصبح جزءًا من عالمها الجديد الذي لا تريد أن تفقده.
استقبلها أدهم بابتسامةٍ مائلة للثقة:
ــ "كنت متأكد إنك هتيجي... المكان بيفقد جماله لو ما كنتيش موجودة."
ضحكت بخجلٍ واضح
"كلامك ده... ممكن يخليني أصدق إن المكان كان ناقص من غيري.
قادها أدهم إلى الحصان، هذه المرة حصان أبيض يُدعى "برق".
بينما ساعدها في الصعود، وقفت يده على خصرها أكثر مما ينبغي، وكأنها تواصلت مع روحٍ يعرفها من قبل. أدرك نفسه سريعًا وسحب يده، لكنه شعر بارتعاشٍ في داخله، وكأنها ندى التي أمامه، لا ألارا.
"برق ده... بيستجيب لحس الفارس أكتر من أوامره. لو كنتي خايفة، هيحس بكده."
قالتها بنبرة تحدٍّ، وقد أمسكت باللجام بثبات:
ــ "وأنا مش خايفة."
بينما ركبت الحصان وأدهم يسير بجانبها، بدأت تميل للأمام لتتحكم في التوجيه. اقترب منها قليلاً ليصحح وضع يديها على اللجام. شعر بدفء يدها وهو يمسك بها ليوجهها بلطف:
ــ "شوفي... لما تمسكيه كده، الحصان هيحس إنك مسيطرة."
أجفلت قليلاً من قربه، لكن الدفء الذي شعرت به جعلها تثبت مكانها. قالت بصوت خافت:
ــ "شكلك بتعرف تتعامل مع الخيول أكتر مني."
أجابها بابتسامة هادئة:
ــ "وانتى... شكلك بتعرفي تسيبي تأثير في كل حاجة حواليكي."
مر الوقت سريعًا. وبعد جولة طويلة، جلسا بجانب السور الخشبي، حيث أحضر أدهم بطانية صغيرة وضعها على الأرض.
جلست ألارا بجانبه، تستمع إلى حديثه عن شغفه بالخيول. فجأة، قال بنبرة أعمق:
ــ "عارفة يا ألارا... الحصان لما يتوحش، بيبقى لأنه فقد ثقته في اللي قدامه... وأنا... بحس إن حياتي كانت زي كده فترة طويلة."
نظرت إليه وكأنها تحاول فك شيفرة كلماته:
ــ "بس دلوقتي؟"
"دلوقتي... يمكن لقيت حاجة تخلي الحصان يهدى."
صمت للحظة، ثم وضع يده بخفة على يدها التي كانت تستند على الأرض. شعرت بلمسته، لكنها لم تسحب يدها. بل رفعت عينيها ببطء لتنظر إليه.
"إنتي... حسيتي قبل كده إنك عارفة حد من قبل ما تقابليه؟"
ابتسمت ابتسامة غامضة:
ــ "مش عارفة... يمكن."
اقترب منها قليلاً، وكأن العالم كله توقف من حولهما. قال بصوت أشبه بالهمس:
ــ "وأنا... بحس كده معاكي
لكن فجأة، وقبل أن يسترسل، نهضت ألارا وكأنها تهرب من تلك اللحظة. أمسكت باللجام وقالت بحزمٍ مصطنع:
ــ "لازم أمشي دلوقتي... الوقت اتأخر."
نظر إليها وهو يشعر بتلك المسافة التي عادت بينهما، لكنه لم يقل شيئًا. اكتفى بمراقبتها وهي تبتعد، وكل جزءٍ فيها يذكره بندى، لكن كل جزءٍ آخر يجعله يريدها هي... ألارا.
كان الجو مشحونًا داخل الغرفة. مروان، الذي عادة ما يظهر متماسكًا، بدا عليه التوتر والغضب وهو يمشي جيئة وذهابًا.
ألارا فتحت الباب ودخلت بهدوء، لكنها توقفت فور أن وقعت عيناها عليه. نظراته كانت حادة، وكأنها تتهمها قبل أن يتحدث.
مروان (بصوت منخفض لكنه ممتلئ بالغضب):
"كنتي فين يا ألارا؟"
ألارا (تتنهد وتحاول الحفاظ على هدوئها):
"كنت برة... عندي شغل مهم"
مروان (يقترب منها، صوته يرتفع قليلًا):
"شغل مع أدهم؟ ولا إيه؟"
صمتت ألارا لثوانٍ، محاولة استيعاب حدة سؤاله، قبل أن تتخذ خطوة للأمام، تثبت أنها ليست في موقف دفاع.