
رواية مهمة زواج
الفصل السادس والاربعون46
بقلم دعاء فؤاد
كانت الساعة قد اقتربت من المساء، وكان مكتب ألارا يعج بالهدوء بعد يوم طويل من العمل.
كانت تراجع بعض الملفات على مكتبها عندما دخل مروان، مبتسمًا بابتسامة غامضة على وجهه. عرفته جيدًا، لكن تلك المرة كانت مختلفة
(مروان):
ـــ "إنتي لسه مش قادره تشوفي الحقيقة؟.. إن أدهم مش ليكي... لازم تتعلمي تقبلي الواقع."
ألارا نظرت إليه ببرود، محاولة إبقاء الحديث بعيدًا عن أي شيء شخصي...
لكن مروان لم يكن يقصد ذلك، بل كان يتعمد استفزازها. اقترب منها تدريجيًا، محاولًا تقليل المسافة بينهما. لم تستطع أن تخفي مشاعرها المتضاربة، لكنه لم يكترث.
(ألارا، بتوتر): "مروان، لو سمحت، إحنا مش في وقت كلام عن أدهم."
لكن مروان لم يوقف تحركاته، بل أضاف خطوة أخرى تجاهها.
وضع يده على الطاولة بجانبها وكأنما يهددها بوجوده. عينيه، كانتا مليئتين بشيء غير مريح.
ألارا، التي شعرت أن الخناق يضيق حولها، حاولت دفعه بلطف بعيدًا، لكن مروان ابتسم بابتسامة ساخرة.
(مروان): "وأنتي مش عايزة تعترفي، صح؟ لكن الحقيقة واضحة قدامك."
ثم اقترب أكثر، مدّ يده ليمسك بمعصمها بعنف، محاولًا جذبها نحوه. ألارا تراجعت، لكنها كانت عالقة في مكانها. حاولت إبعاده، لكنها شعرت بالقوة التي كان يضغط بها على معصمها. كانت تحاول المقاومة، لكن الخوف بدأ يتسلل إلى قلبها
(ألارا، بصوت مختنق): "مروان، سيب يدي!"
لحظات من التوتر، ثم بدأت يده تتحرك إلى جانب وجهها، محاولةً الوصول إلى عنقها. كان شعرها ينساب على كتفيها بينما حاولت أن تبعده. قلبها كان ينبض بسرعة، وشعرت أن الهواء بدأ ينفد من رئتيها.
لم تراه من قبل ينظر اليها بتلك الوحشية.. هل دخول أدهم لحياتها هو ما جعله يتحول الى شخص آخر لا تعرفه؟!
فجأة، دخل أدهم من الباب، كان أدهم قد وصل في اللحظة المثالية.
رآى المشهد أمامه وكأن قلبه قد توقف. لم يستطع منع نفسه.
غضبه كان أسرع من عقله، وتقدّم بسرعة. أمسك بمروان من عنقه ودفعه بعيدًا عن ألارا بقوة، وكأن الأرض تحت قدميه اهتزّت.
(أدهم، صارخًا): "إبعد عنها يا حيوان! مش هسمحلك تلمسها تاني!"
مروان سقط على الأرض بسبب الدفع العنيف، لكن سرعان ما نهض بنظرة مليئة بالكراهية.
حاول أن يقاوم، لكنه شعر بشيء غير مألوف في عيني أدهم. في تلك اللحظة، بدأ أدهم يتصرف وكأن ندى هي التي أمامه، وكأن هذا كان الصراع الأخير.
(أدهم، بصوت مخنوق): "أنت مش هتتحمل عواقب ده يا مروان."
أدهم ضرب مروان ضربًا مبرحًا، وكأن كل ضربة كانت رد فعل على آلامه العميقة.
ضربات متتالية، وهو يصرخ بكلمات غير مفهومة، موجهة لمروان ولسنوات من الألم. ألارا، التي كانت لا تزال تجلس على مقعدها كانت ترتجف و تهتف بأدهم بصوت ضعيف:
ـــ "كفاية يا أدهم.. سيبه.. هتموته"
و لكن في تلك اللحظة دخل اليهم معتصم الذي سمع الجلبة آتية من مكتب ألارا..
أسرع بسحب مروان من بين يدي أدهم الذي كان يبدو و كأنه في عالم آخر..
كان مصدوما من حالته الوحشية، ترى ماذا فعل مروان حتى استفزه لتلك الدرجة!!
بينهما أدهم أخذ يتنفس بعنف و هو ينظر لمروان و معتصم يجره خارج المكتب..
عاد معتصم يسأله بغضب بالغ:
ـــ ايه اللي حصل؟!..هو انتو هتفصلوا لحد امتى تتخانقوا؟!
رد بصوت جهوري:
ـــ الحيوان كان بيتحرش بألارا...ألارا بنت عمه اللي المفروض انه بيخاف عليها و بيحميها.
صعق معتصم من كلامه فتركه و عاد أدراجه الى مروان..
بعد خروج مروان ومعتصم من المكتب، بقيت ألارا جالسة على الأريكة، جسدها يرتعش ودموعها تغمر وجهها. كان أدهم يقف أمامها، يراقبها بعيون مليئة بالقلق والغضب المكبوت. شعر بيديه ترتجفان، ليس خوفًا بل غضبًا من فكرة أنها كانت في خطر ولم يكن قريبًا بما يكفي لحمايتها.
اقترب منها ببطء، ثم جلس بجانبها، محاولًا أن يجعل صوته أهدأ مما يشعر به داخله
الحوار (أدهم، بصوت منخفض لكنه حازم): "ألارا... بصيلي... إنتي بخير دلوقتي، مش هخلي حد يقرب منك تاني."
رفعت رأسها ببطء، نظراتها مليئة بالخوف والارتباك. حاولت التحدث، لكن الكلمات تعثرت في حلقها. أمسك أدهم بيديها برفق، وكأن لمساته كانت الطريقة الوحيدة لطمأنتها.
(أدهم، بنبرة جادة): "مروان... مش هيكررها تاني.. أقسم لكِ."
ألارا شعرت ببعض الراحة من كلماته، لكنها لم تستطع تجاهل القلق الذي تسلل إلى قلبها. أخذت نفسًا عميقًا، ثم همست بصوت بالكاد يُسمع:
لحوار (ألارا): "هو... هو بيكرهني؟ ليه عمل كده؟"
اكانت كلماتها كافية لإشعال الغضب من جديد في قلب أدهم. وقف فجأة، وبدأ يسير في الغرفة ذهابًا وإيابًا، كأنه يحاول تهدئة عاصفة داخله.
(أدهم): "مش مهم هو بيكرهك ولا بيحبك... المهم إنك بأمان دلوقتي... لكن لازم تبقي حذرة، خصوصًا وهو معاكي في نفس البيت."
ألارا شعرت بالصدمة من كلماته. نظرت إليه بتردد، ثم قالت:
(ألارا): "تقصد إنه ممكن يحاول تاني؟"
أدهم توقف عن الحركة، التفت نحوها، ثم جلس أمامها مباشرة. نظر في عينيها بجدية، وقال:
"مش هسمح بده يحصل. ولو حصل... هعمل المستحيل علشان أحميكي.