رواية عاصفة الهوي
الفصل الثالث والخمسون53
بقلم الشيماء محمد احمد
بعد سؤال سيف ، همس حركت راسها بالنفي: "محدش يعرف، أنا وإنت وبس."
سيف بتأكيد: "متأكدة يا همس؟"
أكدت بثقة: "أيوه، متأكدة. الحاجات الخاصة بيني وبينك محدش يعرفها، لا هالة ولا خلود ولا أي حد."
تنفس بارتياح، بس افتكر سؤال مهم، فبص لها: "والسؤال اللي..."
قاطعته: "محدش يعرف حاجة يا سيف، اطمن."
سيف مسك ايدها: "تمام، ومش عايز حد يعرف مدى الحياة. يلا بينا يا همس."
دخلوا المكتب، وهمس حاولت تسيب إيده، لكنه فضل ماسكها لحد ما قعدها وقعد جنبها. كانت اللجنة كاملة قدامهم، ومن ضمنهم دكتور ممدوح ودكتور مكرم اللي كان مبتسم بشماتة واضحة.
رئيس اللجنة رحب بيهم بشكل رسمي، ثم توجه لسيف بمزاح : "هاه يا دكتور؟ مفيش أي بنات في دفعتك ولا في شركتك الضخمة عجبوك، ومفيش غير طالبة عندك؟"
سيف ابتسم بهدوء: "آه، مفيش غيرها."
تدخلت دكتورة من اللجنة: "سمعت إنك بتقتني الحاجات اللي مفيش منها، زي العقد اللي بملايين اللي اشتريته لها، وطلبت إنه ما يتصنعش منه تاني."
سيف بص لها باستغراب: "تقتني؟ لو حضرتك ما تعرفيش معنى الكلمة، فأنا ممكن أفهمك إن الاقتناء للحاجات المادية. أما الحب والجواز دي مشاركة وجدانية. فلو حضرتك شايفة نفسك مملوكة للي اقتناكِ، هي وضعها مختلف ومميزة وشريكة حياتي. ده الفرق لو حضرتك مش عرفاه."
الدكتورة اتحرجت أما همس ابتسمت، وقبل ما حد يتكلم، إمام تدخل بصوت جاد: "لو كنت أعرف إننا جايين ندردش، كنت وفرت وقتي لحاجة أهم، ونصحت دكتور سيف ما يجيش."
رئيس اللجنة رد: "ده تحقيق."
إمام بصرامة: "بأمارة إيه؟ بنتكلم في عقد؟ هنتكلم في إيه بعدها؟ الفستان المميز ولا البرفان اللي بتستعمله؟"
رئيس اللجنة علق: "هو دكتور جامعي حب طالبة عنده."
إمام كمل بقوة: "واتجوزها، وقضي الأمر الذي فيه تستفتيان. جوازه منها يخرس أي حد ممكن يتكلم."
مكرم رد باستفزاز: "وبالنسبة للتجاوزات اللي حصلت تحت مسمى الحب ده طول سنة كاملة؟"
إمام رد بثبات: "عندك دليل لأي تجاوز؟ كلي آذان صاغية. لكن لو رغي بنات وغيرة فاضية من كام بنت اتمنوا يكونوا مكانها، نوفر وقتنا اللي أكيد ثمين."
مكرم طلع صورة وحطها في النص قدام سيف اللي كانت همس قاعدة على شماله، وإمام على يمينه.
همس قلبها وقع لما شافت الصورة اللي كانت سبب في رعب طويل وظهور كريم ومؤمن، ومش عارفة سيف هيبررها إزاي.
سيف بص للصورة بلا مبالاة وابتسم: "ده دليل؟ دي متصورة في مدرج في عمارة وسط الطلبة."
مكرم بص للجنة باستفزاز: "يعني هو مش بيهمه وسط الطلبة ولا..."
قاطعه سيف: "قبل ما ترغي في كلام مالوش لازمة، تسمعني وما تقاطعنيش تاني.
سيف بص لإمام، اللي طلع لابتوب وفتحه وبدأ يشغله. مكرم علق بتهكم: "ما تقوليش إنك هتفرجنا على فيلم؟"
سيف مسك اللاب من إمام ولفه قدام اللجنة: "فعلًا، هفرجكم على فيلم صغير مدته دقيقة."
سيف شغل الفيديو قدامهم وانتظر في صمت تام لمدة دقيقة لحد ما رفعوا دماغهم. وقتها، اتكلم: "زي ما شوفتوا من الفيديو اللي قدامكم، إني كنت هناك مع زميلة ليا، باشمهندسة شاكيناز، وإحنا خارجين. واحدة من الظريفات زقت الباشمهندسة قدامي وكانت هتقع، فمسكتها."
شغل الفيديو تاني ووقفه عند نفس اللحظة اللي الصورة متاخدة منها: "طبعًا الصورة دي اتاخدت سكرين شوت من الفيديو ده واتعمل الحوار ده كله."
مكرم بصله بذهول: "جبت الفيديو منين؟"
سيف ابتسم: "من مصدره، الطالب اللي صوره بنفسه."
مكرم علق بشك: "وإحنا نعرف منين إنه هو اللي صوره؟ مش ممكن تكون عملته تاني؟ ولا..."
قاطعه سيف: "لحظة واحدة."
قام وفتح الباب وشاور لحد يدخل. الطالب كان متوتر جدًا لكنه عرف نفسه. رئيس اللجنة سأله: "مين قالك تصور الفيديو ده؟"
الطالب جاوبهم على كل أسئلتهم، لكن مكرم كان هيولع من الغيظ: "برضه إيه يثبت إنه هو اللي صوره؟ ما ممكن أي طالب بيحب الدكتور أو واخد قرشين يجي يعمل نفس الحوار ده؟"
سيف بص للطالب: "موبيلك."
الطالب طلع موبيله لسيف، اللي حطه على الطاولة وبص للطالب: "افتحه هنا وهات الفيديو."
الطالب استغرب: "ده من سنة."
سيف سأله: "مسحته يعني؟"
رد الطالب: "لا، بس ثانية."
فتح الموبايل وفضل يقلب في الصور كتير جدًا لحد ما لقاه وشغله: "هو ده."
سيف حرك كذا فيديو ورا بعض، كلهم لنفس المدرج ونفس اليوم. بعدها بص للجنة: "أكيد في الآيفون مش هقدر أدخل فيديو بتاريخ قديم وأحطه وسط الفيديوهات بتاعته، ولا إيه؟"
الطالب مشي وهو بيتشاهد، بعدها إمام: "عندكم اتهامات تانية؟"
رئيس اللجنة: "الامتحان؟"
سيف بتهكم: "اللي أنا ما حطيتوش أصلًا؟ دكتور ممدوح يجاوبك عنه."
ممدوح قفل معاهم قصة الامتحان تمامًا.
مكرم وجه سؤاله لهمس: "الشيت اللي ما سلمتيهوش واخدتي درجته كاملة؟"
ممدوح رد بدلًا من همس: "الشيت كان كام مسألة الطلبة نقلوهم من بعض، لكن همس أنا حطيت لها مسائل كتحدي كنت واثق إن محدش هيعرف يحلها، بس هي حلتها. أنا اللي حطيت الامتحان ده وأنا اللي صححت العشر ورقات للطلبة الأوائل، ومحدش استحق الدرجة دي غيرها. همس طالبتي المفضلة لثلاث سنين على التوالي. ولعلمكم، هي برضه كانت الأولى في سنة إعدادي، فليه في سنة ثالثة هتحتاج مساعدة؟ بأي منطق؟"
مكرم بيبرر: "دكتور ممدوح صديق شخصي لعز الصياد وبيعتبر سيف إبنه الروحي، فطبيعي هيدافع عن مرات إبنه و..."
قاطعه ممدوح وهو بيضرب على الترابيزة: "هي وصلت للتشكيك في نزاهتي كمان؟"
رئيس اللجنة اتدخل وهدى الأمور، وقبل ما يكمل، سيف اتكلم: "الشركات الضخمة اللي زينا بتسجل كل الاجتماعات بتاعتها." - بص لمكرم - "من ضمنهم الاجتماع اللي جيت فيه حضرتك الشركة لعز الصياد تترجاه تدخل شركتك تحت المجموعة، وتم رفض طلبك. تحب تتفرج عليه؟"
مكرم بلع ريقه بالعافية ومعرفش يرد، وإمام كمل: "ومن ساعة ما تم رفضه وهو بيعتبر الموضوع شخصي مع دكتور سيف وزوجته حاليًا. فوجوده هنا غير لائق بالمرة وسط اللجنة لأن مصالحه شخصية بحتة، بس هنتجاوز عن ده."
الدكتورة وجهت كلامها لهمس: "في معمل الكمبيوتر كنتِ بتيجي بدري جدًا علشان تقابليه قبل المحاضرات، وفي مرة قلع هدومه ولبسهالك، وقضيتِ اليوم كله بلبسه تتفاخري بيه وسط زمايلك."
همس تماسكت وقلدت طريقة جوزها بتهكم وثقة، وردت بكل هدوء: "حضرتك بتقولي تفاخرت قدام زمايلي؟ لو في أي حد ممكن يأكد المعلومة دي - غير خلود حضرتك - أي حد يقول إني تفاخرت بهدوم دكتور سيف اللي لبستها غير خلود، فأنا على أتم الاستعداد لأي عقاب حضراتكم تختاروه."
كلهم بصوا لبعض، والدكتورة سألت: "خلود كانت صديقة ليكِ طوال أربع سنين، فليه العداء ده فجأة؟"
همس ردت: "أعتقد السؤال ده ليها، مش ليا. أنا مش بطلع على الغيب ولا بعرف أقرأ الأفكار."
سيف ابتسم لأن همس بتتكلم بتهكم زيه، والدكتورة بغيظ كملت: "أيوه، صاحبتك الانتيم ليه قلبت عليكِ؟ مش يمكن لأن طول ما منافستكم شريفة كنتوا أصحاب، ولما دخل دكتور سيف بينكم حسّت بعدم الأمان؟ وإن الوسطية دخلت بينكم؟ لدرجة إنكم اتسببتوا في نقلها من سكنها الجامعي وأثرتي عليها؟"
همس ردت بهدوء: "هو في نقطة واحدة حضرتك عندك حق فيها، إن فعلًا دكتور سيف دخل بينا." - الكل بص لها بذهول، حتى إمام، لكنها كملت - "بس مش بالطريقة اللي صيغتيها. هي حبّت دكتور سيف والمنافسة مبقتش في المذاكرة. هي حبّت تلفت انتباهه كبنت، حبّت تكون مكاني، ولما فشلت بدأت تطلع إشاعات عليا. أما نقلها، فصدقيني معرفش عنه حاجة ولا أعرف إزاي اتنقلت."
الدكتورة بتهكم: "اسألي حبيبك إزاي نقلها."
مكرم استكمل: "في فيديو اتصور ليكم في الرحلة اللي طلعتوها مع الجامعة، فيديو ساخن لدكتور مع طالبة في الوقت اللي مكنش فيه أي رابطة بينكم رسمية."
سيف سند على الترابيزة وقرب منه: "هاته." - الكل بص له، فكرر بهدوء - "بتقول في فيديو، بقولك هاته. أستاذ إمام، عايزين ننهي الحوار ده لأنه بقى ممل."
إمام وقف وبصلهم: "أعتقد بما إن مفيش أي دليل قاطع إن في امتحان اتسرب، ولا في دليل إن الباشمهندسة أخدت درجة مش من حقها، فأي شيء تاني خاص لا يعني اللجنة أو الجامعة في شيء. في حد عنده أي إضافة؟"
مكرم رد: "في كتير، أيوه. الطالبة نانيس، روحت هددتها في بيتها واتسببت في القبض عليها. هايدي تم وقفها بدون وجه حق. خلود تم نقلها بدون وجه حق. في تجاوزات كتير حصلت. الطالبة مايا البكري بتتهمك بالتحرش بيها في مكتبك. خلود اتهمتك بالتحرش بيها، وكذا طالبة، بس دول اللي وافقوا على ذكر أسمائهم."
سيف زفر بضيق: "جديد موضوع التحرش؟ هقولك برضه، عندك دليل ولا مجرد رغي بنات؟"
رئيس اللجنة وضح: "لو كذا طالبة وجهوا نفس الشكوى عن شخص معين، اللجنة هتاخد في الاعتبار شهادة البنات دي، وخصوصًا في القضايا اللي زي دي."
سيف رد بهدوء: "مايا البكري والدتها نيفين محمد فوزي، ودي بتكون أخت الباشمهندس سامح محمد فوزي المدير السابق للمصنع عندي، وتم طرده وعليه حكم وهو هربان منه لأنه كان بيسرق في مصنعي وبيختلس منه. أعتقد مايا بتنتقم لخالها مش أكتر، غير إنها بنت غير محترمة سواء هي أو خلود. بعدين لو عايزين تحققوا صح في قضية تحرش، في حد غيري اللي بياخد البنات مكتبه، مش أنا. غير كده، مكتبي فيه كاميرات بتسجل ٢٤ ساعة. لكم مطلق الحرية تجيبوا حد يفرغ الكاميرات دي. أما خلود ومايا، فاتفضلوا، دي أخلاقهم."
فتح فيديو على اللاب باسم خلود، كانت في مكتب حاتم وهو بيحضنها ويبوسها. سيف غير الفيديو كذا مرة، بعدها فتح واحد تاني باسم مايا كانت برضه مع حاتم. بعدها قفل اللاب ووقف: "نهاية الحوار ده، أنا حبيت طالبة عندي، عشقتها مش بس حبيتها. ولأني بحبها، رفضت أحط الامتحان لأني عايزها تتميز بمجهودها هي، غير كده عندي ثقة فيها ملهاش حدود. مفيش حد يستاهل يكون أول دفعته غيرها، مفيش زيها أصلًا. هتتعين معيدة رغم أنف الحاقدين. ده كونها همس خاطر. أما كونها همس الصياد فهنا أحب أضيف حاجة صغيرة: اللي هيضايقها أو هيقف في طريقها همحيه تمامًا. وده مش تهديد، علشان بس أكون واضح، ده تحذير صغير. لأن كل واحد موجود هنا في الأوضة دي أنا عارف عنه كل حاجة. كل أسوأ مخاوفكم عارفها."
مكرم استنكر: "إنت بتهددنا؟"
سيف رد عليه: "ما قلتلك، دي معلومة أو نصيحة. أنا عارف حكاية القلعة، الطالب الخليجي وحكايته، رشوة التجمع، حتى الخيانات الزوجية عارفها. ومش بس كده، ده كله بدليل واضح زي الفيديوهات اللي شوفتوها دي."
كل جملة كان بيقولها كان بيبص لصاحبها لدرجة خوفتهم كلهم. بعدها مسك إيد همس وشدها: "يلا بينا."
لبس نظارته وإمام قفل اللاب وبيشيله. همس وقفته: "الكارنيه بتاعي يا سيف؟"
سيف بصلهم بلهجة آمرة: "الكارنيه بتاعها يجي بكرة مدرج الساوي الساعة ٩:٣٠ بالدقيقة يرجعلها وسط زمايلها مع اعتذار رسمي، واللي يسلمه..." - نزل نظارته حاجة بسيطة وبص لمكرم - "...نائب رئيس الجامعة بنفسه."
مكرم وقف وزعق: "إنت بتحلم!"
سيف بص لرئيس اللجنة: "زي ما جيت المدرج وتبجحت قدام الطلبة، هتيجي قدام نفس الطلبة تعتذر لها. أي تأخير أو حد غيره سلم الكارنيه، هخربها فوق دماغ الكل وهعملها قضية رأي عام. أو نقول قضية فساد دكاترة الجامعة. أو ممكن أكتفي بنشر الحاجات دي على السوشيال ميديا، حسب مزاجي بقى وقتها. بعد إذنكم، هسيبكم تتناقشوا براحتكم." - مشي خطوة ووقف - "والبنتين دول - مايا وخلود- يترفدوا من الجامعة لأنهم ما يستاهلوش لقب مهندس."
خرجوا الثلاثة وهمس تنهدت بارتياح، لكنها كانت مبهورة بجوزها وبتبص له بإعجاب واضح. سيف لاحظ نظراتها بس ما علّقش علشان إمام معاهم.
خرجوا من المبنى، واتفاجأوا بكمية طلبة وصحافة كتير، ومايا وخلود واقفين ومبتسمين.
همس وسط الزحمة استخبت في سيف، اللي حط دراعه حواليها، لكن الصحافة وقفتهم. سيف كان هيتجاهلهم بس وقف وغير رأيه وبص للصحفيين: "نعم؟"
"في طلبة متهمين زوجة حضرتك إن اتسرب لها الامتحان وده سبب تفوقها السنة اللي فاتت."
سيف رد: "والثلاث سنين قبلها؟ كانت بتتفوق ليه؟ الموضوع ببساطة شديدة إن كام بنت ساقطين أخلاقيًا وعلميًا غاروا من طالبة متميزة، وزادت غيرتهم بارتباطها وجوازها مني. ولأنهم ولا حاجة، كل اللي قدروا يعملوه يرموها باتهامات سخيفة بدون دليل، والاتهامات سقطت بسرعة رميها. أنا ما حطتش بنفسي أي امتحان لهمس ومش هحط أي امتحان، وأتحدى أي حد ممكن يحط لها امتحان ما تتفوقش فيه عن كل زمايلها، سواء جوه الجامعة أو خارجها. ونائب رئيس الجامعة هيجي بنفسه يعتذر لها وسط المحاضرة كنوع من رد الحق لصاحبته. وبالنسبة للي بيشكك فيها، في أربع امتحانات لسه جاية، سواء ميدتيرم أو نص السنة والترم الثاني كمان. هنشوف هي هتعمل إيه؟ غير كده، أنا بديها مادة واحدة، في مواد تانية كتير. ولا أنا سربت لها كل الامتحانات؟ ياريت بس نعقل الكلام قبل ما نردده."
صحفي تاني سأله: "معروف إن سيف الصياد أو عيلة الصياد بشكل عام ما بتسامحش حد تخطى حدوده، فهل المرة دي هتسامح؟"
سيف ابتسم بغموض: "ساعات بكون في مود المسامحة، بس للأسف حاليًا أنا مش في مود المسامحة. بعد إذنكم، علشان صديقي المقرب عنده حالة وفاة واضطريت أسيبه وأجي هنا، ولازم أرجع له. نتقابل بعد أول امتحانات ميدتيرم أو تحديدًا بعد النتيجة."
خلود وقفت في وشه قبل ما يوصل عربيته: "حتى لو هتمتحن، هنافسها على المركز الأول وهاخده منها."
سيف بصلها من فوق نظارته: "هو أنا مش قلتلك إنك عسكري في لعبة الشطرنج؟ دورك انتهى. إن الله حليم ستار، بس ده ربنا. أبوكِ هيجي ياخدك النهارده، ولو أبوكِ مش راجل كفاية فمش مهم، الجامعة هترفدك."
خلود بغضب: "ليه إن شاء الله؟ سايبة؟ أنا هروح للسوشيال ميديا وهفضحكم و..."
قاطعها سيف بهدوء: "هششش. كل مرة طلعتي فيها مكتب حاتم في الأسبوع اللي فات كله، معايا تسجيل صوت وصورة. عملت لك فيديو عنب وبعته لأبوكِ."
خلود عينيها وسعت ومش مصدقة. فهو كمل: "هنشوف رد فعل أبوكِ الأول لما يشوف بنته في حضن واحد زي حاتم. ولو أبوكِ ما اتحركش، مجلس الكلية يتحرك. حذرتك يا خلود وما سمعتيش الكلام. استحملي اللعب مع الكبار."
كان هيمشي بس تراجع: "ومعلومة صغيرة، لا تفتكري إن حاتم بيحبك بس. في خمسة غيرك بيطلعوا مكتبه وبيعمل معاهم نفس اللي بيعمله معاكِ بالظبط. ما قررتش لسه هرفد الباقيين ولا هسيبهم؟"
أخذ همس ومشي بيها وهي فضلت ساكتة لحد ما بعدوا عن الجامعة تمامًا. بصت له بترجي: "ينفع نروح شقتنا ولو ساعة واحدة؟ بس ساعة."
بص لساعته وغير طريقه: "ينفع طبعًا، إنتِ تشاوري."
فاتن كانت جنب هند في العزا وهمست: "أختك كلمتك؟ عرفتي عملت إيه في التحقيق؟"
هند بتوتر: "لا يا ماما، هبعتلها رسالة نطمن."
بعتتلها رسالة وانتظرت الرد. شوية وناولت التليفون لمامتها تقرأ رد همس:
"(هند الحمد لله كله تمام وخلصنا التحقيق على خير. سيف خرس الكل وهيخليهم يعتذروا ليّ وسط المحاضرات بكرة. اطمني وطمني ماما وبابا لحد ما أوصل لعندكم، ساعة كده ولا حاجة ونيجي)."
فاتن تنهدت بارتياح وبعتت لخاطر رسالة تطمنه هو كمان لأنه كان هيتجنن عليها.
كريم راح لمروان عزّاه مرة تانية قبل ما يعتذر إنه لازم يروح لمؤمن، فمروان عذره واعتذر منه إنه مش قادر يساعدهم.
أخذ أمل وماشي بيها، وفي الطريق أمل كانت بتفكر في ناريمان: "ناريمان جت امبارح."
بصلها بصدمة: "جت؟ جت فين؟"
أمل بصتله: "البيت."
كريم بغضب: "وما قولتيش ليه؟ وما طردتيهاش ليه؟ وكانت عايزة إيه؟ و..."
قاطعته أمل: "كريم؟ وبعدين؟ جت تتكلم مع والدتك، ونونا طردتها."
كريم بغضب مكبوت: "كانت عايزة إيه؟"
أمل بغضب مماثل: "عايزة تقول لمامتك بشكل شخصي إنها حامل في حفيدها، وإنها ما تعاديهاش علشان تسمحلها فيما بعد تشوف حفيدها."
كريم كان بيسمعها وبيفكر جديًا لو يروح يقتلها، أما أمل فكملت: "ومش بس كده، هي مستعدة تعمل التحليل من بكرة بتاع الـ DNA، بتقولك شاور على المكان والزمان."
كريم بغضب وحيرة: "قصدها إيه هاه؟ معتمدة على إيه؟"
أمل زفرت بضيق: "مش عارفة، بس هي خرجت إزاي من الحبس؟"
كريم وضح: "المحامي خرجها بكفالة بسبب حملها وحالتها الصحية، غير إن أبوها تحمّل كل حاجة علشان يطلعها من القصة دي كلها. وبعدين يا أمل؟ هنخلص منها إزاي؟"
أمل بتفكير: "مش عارفة يا كريم، بس اللي عرفاه إنها مخططة لحاجة من بدري ومطمنة إنها هتنجح، ليه؟ مش قادرة أعرف. تظهر بس نتيجة الفحص وبعدها نخلص منها تمامًا. المهم دلوقتي إيان نلاقيه، ده أهم حاجة علشان قلبي يرتاح. قلبي واجعني أوي يا كريم، ما وصلتوش لأي حاجة عنه؟ مفيش حد شافه إزاي؟"
كريم بوجع: "مش عارف يا أمل، زي ما يكون اتبخر."
سيف وصل بهمس شقتهم، وأول ما قفل الباب، تبادلوا نظرة طويلة ماحدش فيهم نطق فيها. قرب منها بخطوات هادية منتظرها تتكلم بما إنها طلبت يروحوا هناك لوحدهم، لكنها فضلت ساكتة.
سألها بهدوء: "جبتينا هنا ليه لو هتفضلي ساكتة؟"
بصت للأرض بخجل، وبعدها رفعت عينيها له، قربت خطوة وحطت إيدها على كتفه: "حسيت بأحاسيس كتيرة النهارده. حسيت بالرعب، بالقلق، بالتوتر، وبعدها حسيت بالثقة، بالكبرياء، بالأمان. حسيت إن في راجل ورايا وفي ظهري دايمًا هيدعمني مهما يحصل، مش هيسيبني أقع. حسيت إني عايزة... أو عايزاك تاخدني في حضنك." توقفت بتذكر: "بحنية... مش بغباء."
ابتسم وبص للأرض، بعدها شدها عليه وقربها لحضنه. ملس بظهر إيده على خدها بحب: "كان جوايا حاجات كتير مش عارف أتعامل معاها. مش عارف يا همس أفسر اللي حصل امبارح بإيه، أو أقولك حاجة تعذريني عليها، بس كنت محتاج لده بالشكل ده. كان مجرد تفريغ شحنة مش أكتر، فمعلش. حاولي تنسيه وتدوري على طريقة تسامحيني بيها على غبائي معاكِ."
كلمها وهو قريب منها، وشه قصاد وشها وشفايفهم شبه لامسين بعض. هي مغمضة عينيها بتسمعه بجوارحها، منتظرة منه يقرب أكتر.
كان منتظرها تتكلم أو تعبر عن إحساسها، لكنها فضلت ساكتة ومغمضة عينيها، فمش عارف يقراها كويس. نزل بإيده من خدها لشفايفها يداعبها: "كلميني."
فتحت عينيها وباست إيده اللي كانت على شفايفها، ورفعت عينيها له: "بجد محتاج أكلمك؟"
كان هيهجم عليها لكنه منع نفسه، وبمنتهى الرقة لمس شفايفها. بعد عنها والتقت أنفاسهم، اختلطت ببعض، كل واحد بيتنفس نفس الثاني. رفعت إيديها ببطء حوالين رقبته، وهو إيديه على خصرها، ضمها براحة لقلبه. فضلت شوية في حضنه حاسة بالاحتواء.
همس بحب بتسأله: "هننزل ولا هنكمل الساعة في أوضتنا؟"
رد بهمس: "إنتِ عايزة إيه؟"
أجابته برقة: "إنت عارف دايمًا اختياري هيكون إيه."
بصت لعينيه وهي في حضنه: "طيب منتظر إيه؟"
شدد إيديه حواليها، وزي ما هي في حضنه رفعها من على الأرض بحيث ما يقطعش نظراتهم. دخلوا أوضة نومهم يتكلموا بلغة العشاق.
بعد شوية، كانت نايمة على صدره. سألته: "عرفت إزاي تجيب الفيديو بتاع الصورة؟"
ابتسم وباس راسها قبل ما يحكي لها: "الفيديو معايا من بدري، من ساعة حوار الصورة. كان لازم وقتها يكون معايا ضمان إن محدش يستخدمها تاني ضدنا. فضغطت على هايدي، وقالت لي مين اللي صور الفيديو، وتواصلت معاه، خوفته وأخدت منه الفيديو."
سندت على صدره باستمتاع: "طيب وفيديو خلود ومايا؟"
كان بيلعب في شعرها وبيبعده عن وشها: "من فترة حطينا حاتم وخلود ومايا تحت المراقبة، واكتشفنا إنهم كلهم بيتقابلوا دايمًا في مكتب حاتم. فحطينا كاميرات مراقبة في مكتبه، واتصدمنا باللي بيعمله مع البنات، خلود ومايا وكام بنت صغيرين."
همس بفضول: "ليه بيكرهك؟ ليه بيقول إنك شرير قصته مع إنه زبالة؟"
تنهد بحيرة مش عارف يجاوبها: "اختلفنا وإحنا في أول سنة بره بنحضر الماجستير. مش حابب أتكلم عن الفترة دي. كل اللي هقولهولك إني وقتها اتعرضت لموقف غبي واضطريت أتعامل مع الغباء ده. فهو افترض إني قاصد أزعله. حاولت أفهمه أو أكلمه، لكنه قفل عقله تمامًا. مع إنه لو حكم عقله للحظة كان هيفهم الحقيقة. بس هو غبي، ولسه غبي، وبيضيع نفسه بالبنات والشرب والسهر. وراجع مصر... مش عارف صراحة هو راجع ودماغه فيها إيه؟ ممكن تقفلي الكلام عن حاتم وباقي الناس وخلينا نتكلم عننا؟"
ابتسمت وسندت على إيديها اللي شبكتهم فوق صدره: "عايز تتكلم عن إيه طيب؟"
رفعها براحة وعكس وضعهم بحيث يكون هو فوق: "عايز أتكلم عن كل الكدمات دي اللي في جسمك. مش عايز الموضوع يسيب أثر سيء عندك يا همس. مش عايزك تخافي مني."
همس بتردد وبخجل: "سيف، ما تفكرش كتير في الموضوع ده. يعني إنت... أقصد إنك مكنتش عنيف... لا، كنت شوية في البداية، بس بعدها... مش عارفة يا سيف. حسيتك موجوع وعقلك مش فيك نهائي. مغمض عينيك وباصص للسقف، وحساك في مكان مختلف تمامًا مش معايا. إنت لو بصيت لي وشوفتني لا يمكن كنت تبقى بالشكل ده. لكن إنت كنت في مكان صعب وبتفكر في أفكار صعبة."
بعد عنها ورقد جنبها، وبص للسقف مستغرب إزاي بقت بتفهمه بالشكل ده؟
كملت: "فكرت في إيه كده؟"
فضل باصص للسقف: "فكرت في كل حد هددني بيكِ، وحسيت بغضب رهيب جوايا. غضب من كل حد حوالينا. حسيت بوجع غريب. المهم..." - اتعدل وسند على دراعه - "...أنا اتحديت الكل في السوشيال ميديا والدنيا كلها هتنتظر نتيجتك، وده معناه إيه؟"
همس ابتسمت: "إيه؟"
سيف: "إن سيادتك تذاكري ليل نهار وكلنا حواليكِ. دلوقتي يلا علشان مروان ولا سبيدو ولا مؤمن، والله أنا مش عارف هروح فين ولا فين ولا أعمل إيه حتى؟"
تعاطفت معاه: "إنت ممكن تفضل في حضني وتسيبهم كلهم؟"
ضحك: "وده الحلم العربي المستحيل يا همس. قومي يلا، اتأخرنا."
خلود راحت لمكتب حاتم، دخلت ورزعت الباب: "إنت بتخوني؟ بتضحك عليا؟ رد! انطق! بتعمل كده ليه معايا؟"
حاتم بصلها بذهول: "بخونك مرة واحدة؟ مين إنتِ علشان أخونك أصلًا؟" - ملامحه اتغيرت وبجدية - "وبعدين أوعي تنسي إنك بتكلمي أستاذك هنا، أحسن أقسم بالله أنادي الأمن يرموكِ برا الكلية."
خلود مصدومة: "إنت قولت بتحبني؟"
حاتم ضحك: "إمتى؟ مش فاكر إني نطقت كلمة بحبك دي أبدًا. إنتِ هتتبلي عليا ولا إيه؟ ده ناقص تقولي كمان كنتِ فاكرة إني هتجوزك!"
خلود بتمسح دموعها: "آه، أمال إنت كنت بتحضني ليه، ها؟ بتبوسني ليه؟ كنت بتلمس جسمي بالطريقة دي ليه لما مش بتحبني؟"
حاتم اتعدل ووقف بجدية: "بقولك إيه، الموضوع كان عرض وطلب. إنتِ عرضتي وأنا أخدت. عرضتي جسمك وأنا راجل، أي واحدة تمد إيدها همسكها صراحة، وأي راجل كده. بنضعف قدام أي بنت، حلوة، وحشة، بيضة، سمرا، كل دي شكليات مش بتفرق معانا."
خلود بقهرة: "سيف الصياد عمره..."
قاطعها بغيظ وبتريقة: "سيف نفسه وحشة، انتقائي، بيحب الحاجات المميزة. وصراحة، الحق يتقال، بيحب دايمًا يكون هو أول حد يلمس الحاجة. حاجته محدش بيلمسها قبله، آه ممكن بعدها يتبرع بيها أو يرميها، لكن قبله لأ. علشان كده اختار فرسة."
خلود بغضب: "فرسة؟ وأنا ناقصة عنها إيه؟"
بصلها يقيمها من فوق لتحت: "جيتي رميتي نفسك في حضني ونظراتك كلها كانت بتقولي اتفضلني. أتحداكِ لو هي كانت كده مع سيف. وأتحداكِ لو حتى باسها قبل ما تبقى بتاعته رسميًا. همس ملهاش زي، ذكية، جميلة. حاسس إنها من النوعية اللي لو حد حاول أو جرب يتمادى معاها هتقلع اللي في رجلها، صح؟" - كان بيتكلم بحماس غريب وإعجاب وتمني - "لما تشوفيها معاه ودايبة بين إيديه تتمنيها. بس في نفس الوقت لو قربتِ منها هتلاقيها قطة شوارع، اللي يلمسها تخرمش أمه. دي النوعية اللي بتعجبنا، قطة ناعمة في حضني وشرسة ومتشردة مع اللي يبصلها، مش يكلمها. وسيف اتجوزها علشان هي كده."
خلود بحقد: "لعلمك بس، هي كانت بتروح معاه اليخت بتاع صاحبه وتقعد معاه وفي حضنه."
حاتم ابتسم وسألها باهتمام: "كانت بتروح اليخت ليه معاه؟"
خلود بتسرع: "يذاكر لها و..."
قطعت كلامها وسكتت، فهو ابتسم وكمل: "بتحبه وبيحبها وعايزة تشوفه بس مش عايزة تضيع وقت. فهو اقترح عليها إنهم يتقابلوا، وفي المقابل هيذاكر لها، صح كده؟ دي دماغ الأوائل. وما تنسيش سيف كان صاحبي وكان الأول برضه على دفعتنا، وهي الأولى زيه. فطبيعي كل اللي بيحصل. إنتِ اتفوقتي لأنك صاحبتها، اتشعبطتي في رقبتها، ذاكرتي معاها، شرحت لك، وقعدتك جنبها فاتفوقتي معاها. ونسيتي نفسك ومكانك وافتكرتي نفسك ذكية بجد. بس الحقيقة إنك غبية يا خلود، مش بتفهمي بسرعة، مش لماحة، بيتضحك عليكِ بسهولة، ساذجة لدرجة غير طبيعية. سر نجاحك السنين اللي فاتت كان علشان همس معاكِ، مش علشان إنتِ مجتهدة. ده المثل بيقول من جاور السعيد يسعد. المهم بما إننا بنتكلم بشكل حضاري وأوبن مايند، ما تيجي برا الكلية آخدك شقتي وأوعدك هبسطك. هوريكِ همس بتعمل إيه مع سيف لما يروحوا. إيه الرأي؟ ومش بس كده، هذاكر لك ساعتين بحالهم بعدها. عرض أهو ما يتكررش."
كانت هتتكلم بس رفع إيده وقفها: "وعرض كمان حلو مش هتلاقيه. لو إنتِ بنت يعني وخايفة، أوعدك هحافظ على عذريتك. أعتقد مش هتلاقي العرض ده في أي مكان. قولتي إيه؟"
خلود بتحرك رأسها بصدمة: "إنت سافل... سافل ومنحط و..."
حاتم وقفها: "اطلعي بره مكتبي. مش بحب الدراما، بره."
خلود موبيلها بيرن وكان أبوها، قلبها وقع، مش عارفة هتقول إيه؟ بصت لحاتم: "أبويا، زمانه عرف، أعمل إيه؟ ربنا ينتقم منك."
حاتم بتريقة: "وأنا مالي يا لمبي؟ كنت ضربتك على إيدك؟ اطلعي بره شوفي أبوكِ ولا دُنيتكِ إيه، يلا."
خلود مسحت دموعها وهتطلع، بس حاتم وقفها: "إنتِ عرفتي منين؟"
بصت له بحيرة، فهو وضّح: "عرفتي منين إن فيه غيرك بيجي المكتب هنا؟"
خلود بشماتة: "عرفت من سيف. ولعلمك هو عارف بحقارتك دي مع كل بنت هنا."
حاتم ضحك جامد: "وماله عادي. وبعدين هو نفسه زمان كان بيشاركني الحقارة دي."
خلود طلعت بره ومش عارفة إزاي ترد على أبوها. أخدت نفس طويل بعدها ردت عليه: "أيوه يا بابا."
سمعت صوته بيزعق: "بابا؟ جَك بَو لما يشيلك. ياريت كانوا جابولي خبرك ولا جبتيلي الفضيحة يا بنت الكلب، يا *** و***."
فضل يشتم فيها كتير بأقذر الألفاظ وهي مش عارفة ترد ولا تتكلم.
أخيرًا انتبهت عليه: "تغوري على المدينة حالًا، تلمي حاجتك. مسافة الطريق هكون عندك آخدك. اتنيلي!"
خلود بلهفة: "بابا اسمعني، الفيديو ده تركيب مش حقيقي، صدقني مش حقيقي. امتحانات الميدتيرم داخلة وأنا..."
قاطعها بغضب: "مفيش امتحانات، مفيش خلاص، بح، شطبنا. إنتِ متخيلة أسيبك عندك ترجعيلي بعيل يا بنت *** يا ***؟ قال امتحانات قال! لمي حاجتك يا هاجي أجرجرك من شعرك. لسه هتقول امتحانات قال."
قفل في وشها وهي فضلت مكانها تعيط، مش عارفة هتعمل إيه؟ اتصلت بأمها، ردت عليها: "إخص عليكِ يا خلود، إخص. كنتِ فاكرة إيه؟ هيبصلك زي همس، صح؟ بس همس كانت بتروح لجوزها تذاكر ولا تقعد في حضنه؟ ها؟ كنتِ فاكرة إيه؟ هيحضن ويبوس، بعدها يقولك أجي لأبوكِ؟ مين صورك يا بت؟ وإزاي تتصوري؟ إزاي يا غبية يا متخلفة؟"
خلود بعياط: "قولي لأبويا ما يجيش. كلها كام شهر واتخرج. حرام عليكم."
صرخت: "حرمت عليكِ عيشتك، قال حرام قال؟ وإنتِ لما ترمي نفسك في حضن راجل مش حرام؟ دلوقتي بتقولي حرام؟ تعرفي الحرام؟ أي بنت تفرط في شعرة من شعرها عايزة الحرق. قال تتخرج قال؟ تعالي نجوزك كلب طالما عايزة الأحضان يا بنت الكلب. رايحة تتحضن وتتباس؟ آه لو الفيديو اتنشر على الفيس هتبقى فضيحتك وفضيحتنا بجلاجل. ربنا يسترها، أبوكِ هيموت فيها. هتفضحينا على آخر الزمن؟ كنتِ بتبصي لسيف، خطيب صاحبتك، وطمعتي فيه ورميتي نفسك لكلب. فاكرة أي دكتور هيبقى زيه؟ طيب، هي محترمة وعرفت تتعامل باحترام وهو محترم واتجوزها. إنتِ بقى؟ هيجي يطلب إيدك؟"
خلود غمضت عينيها، وأمها زعقت: "ردي، هيجي يطلبك من أبوكِ؟"
خلود بعياط: "لا، مش هيجي."
أمها بتهكم: "طبعًا مش هيجي. اللي زيك رخيصة ما يآمنش يحطها في بيته. غوري حضري شنطك، لأحسن أبوكِ طلع من عندي وساعتين هيكون عندك هيجيبك."
قفلت في وشها السكة، وهي طلعت للمدينة تلم حاجتها لحد ما تشوف الدنيا هتاخدها لفين؟ عيطت طول الطريق وعيطت وهي بتلم حاجتها ولسه هتعيط أكتر.
آخر النهار الكل متجمع في بيت المرشدي ومؤمن موجود. طلع أوضته، أخد شاور وغير هدومه علشان ينزل تاني.
أمل دخلت تشوف إبنها اللي في أوضة الألعاب. داخلة من الباب وهنا شافت إياد طالع للشباك وفي إيد بتمسكه وتشده. صرخت بصوتها كله: "إياااااااد، كرييييييم إلحقني!"
بتجري للشباك بس إياد اختفى من قدامها.
الكل سمع صرختها والكل جري عليها، حتى مؤمن كان خارج بس صرختها وقفته. كريم داخل وهي خارجة بتجري فصرخت: "حد أخد إياد من الشباك!"
كريم جري لبره والكل بيبصله: "حد شد إياد من الشباك!"
الكل جري لبره: كريم، مؤمن، أمل، حسن، عاصم.
أما ناهد رجليها ما شالتهاش وحست أن قلبها هيقف من الرعب وجنبها سناء اللي مش فاهمة هو بيجري إيه حواليهم وليه كل ده.
مؤمن كان أسرعهم لأنه كان أقربهم للباب، ولمح بالفعل حد بيجري بإياد. وقّفه وانصدم لما لقاها نور، بصلها بذهول وبص لإياد معاها: "إنتِ بتعملي إيه؟"
الكل وصل ونفس الصدمة. نور شايلة إياد وبترجع لورا: "إبني اتخطف بسببهم، ليه إبني يتخطف وإبنهم يفضل في حضنهم؟"
أمل بتقرب: "هاتي إياد يا نور، إنتِ اتجننتي؟"
نور بترجع لورا: "آه اتجننت، دورك تتجنني زيي لما إبنك يتاخد منك."
مؤمن زعق: "هاتي إياد يا نور، بعدين واخداه فين؟ هاه؟ فاكرة نفسك هتعملي إيه؟ هتاخديه ومحدش هيشوفك ولا يحس بيكِ؟ فاكرة كل الناس مهملة زيك؟"
نور بغضب: "هرميه في أي ملجأ، مش هتشوفوه تاني!"
أمل حطت إيدها على قلبها وكريم عينه على إبنه: "هاتي إياد يا نور وبطلي تخلف. كلنا موجوعين بسبب إيان، بعدين إياد ذنبه إيه؟"
نور باستنكار: "ذنبه إيه؟ إنه إبنك. إنتَ سبب كل اللي بيحصل! اللي بيدمر الشركة بسببك! اتفرقنا أنا ومؤمن بسببك! إبننا اختفى بسببك! كل اللي بيحصل بسببك!"
مؤمن زعق: "لو في حد فرقنا فالحد ده إنتِ. ولو في حد ضيّع إيان فهو إنتِ. بطلي تحملي كل واحد نتيجة غبائك وتصرفاتك."
إياد بدأ يصرخ ويشتم نور. مؤمن قرب منها، شده من إيدها وعطاه لكريم. بعدها مسك نور من دراعها وشدها بعنف ناحية عربيته وبصلهم: "هوصلها لأبوها."
عاصم وقفه: "أجي معاك يا ولدي؟"
بص لأبوه: "لا، ما تستاهلش."
كريم حضن إبنه وأمل كمان وتابعوا مؤمن بيبعد بنور وكلهم دخلوا. ناهد أول ما شافت إياد حمدت ربنا: "قلبي يا إياد. مش كفاية غياب إيان؟ هتبقى إنت وهو؟ يارب ارفع غضبك عنّا يارب وارحمنا برحمتك ورجع إيان لحضننا يارب يا أحن على عبادك من الأم على إبنها."
مؤمن طول الطريق ونور بتحاول تتكلم، لكنه كان يخرسها لحد ما وصل بيت خالد. نزل ونزلها وما سبهاش لحد ما نادر فتح له الباب. أول ما شافه ماسكها من دراعها بالشكل ده، بصله بصمت. مؤمن زقها لجوه: "أقسم بالله يا نادر، لولا أني عامل حساب ليك ولعمي، كنت خليتها تبات الليلة دي في القسم."
خالد رفع صوته وبص لهم: "في إيه يا مؤمن؟ إيه اللي حصل؟"
مؤمن ساب دراعها: "سيادتها جاية تخطف إياد، وقال إيه هتوديه ملجأ! شوفتوا تخلف زي ده؟"
خالد ونادر بصوا لها بذهول، مش مصدقين اللي سمعوه. مؤمن كمل: "خطفتُه من الشباك وجريت، لولا أمل شافتها الله أعلم كان هيبقى إيه مصير إياد. بدل ما ترفع إيدها لربنا وتدعي إبنها يرجع بالسلامة، بتخطف عيل تاني؟ تحرمه من أبوه وأمه؟"
نادر بحزن وهو باصص للأرض: "لو أنا مكانك كنت طلبت لها البوليس، مش رجعتها لأبوها ولعيلتها. مؤمن، من النهاردة بطل تتعامل على أساس إنها أختي. اعمل الصح وسيبك مننا، من النهاردة هي مش أختي."
خالد اتنهد بوجع: "مش هقدر أقولك إنها مش بنتي لأنها بنتي. بس لو صدر منها أي تصرف غبي عاقبها بالطريقة المناسبة، حتى لو هتحبسها. وزي ما نادر قال، ما تعملش حساب زعلنا لأننا والله ما هنزعل منك. ولو عايز تطلب البوليس دلوقتي لها، اطلبه. هي تخطت الأدب والأصول وكل حاجة تخطتها."
مؤمن تراجع خطوة لورا: "أنا هنزل أدور على إبني، بعد إذنكم."
سابهم وخرج، ونادر وراه وقفه: "استنى، أنا هاجي معاك."
كريم حاضن إبنه، مش قادر يتخيل هل ممكن نور فعلًا تاخده منهم؟ عاصم وحسن قاموا نزلوا يدوروا على إيان.
كريم حط إياد في حضن أمل وباسه كذا مرة قبل ما يقف: "هنزل لمؤمن، دعواتكم."
سيف راح مع سبيدو عند سامح اللي كان وشه كله متبهدل من الضرب. قعد قصاده: "نعم؟ عندك إيه تقوله؟"
سامح برعب وعينيه زايغة: "كنت باخد أوامري من عصام المحلاوي."
سيف بصله شوية، بعدها وقف وبص للرجالة: "خلصوا عليه."
سامح صرخ: "اصبر، اصبر!"
سيف بصله بنفاد صبر. حسام تابع: "عصام بياخد أوامره من واحد بره اسمه فادي يس."
سيف بتهكم: "وبعدين؟ كل ده عارفه. عارف فادي يس وعارف إزاي جبر عصام يكون خاتم في صباعه. غيره؟ عندك غيره ولا بتضيع وقتي؟ مين فوق فادي؟"
سامح فكر شوية علشان يبطلوا يضربوه: "معرفش، مفيش حد فوقه، هو بس."
سيف وقف، وسامح صرخ: "والله ما أعرف! والله ما أعرف!"
سيف بصله بهدوء: "مصدقك، بس خلاص ما أفدتنيش بأي حاجة. قلبي معاك."
سامح صرخ تاني: "استنى! أنا أعرف أوصلك لفادي، بس توعدني تخليهم يسيبوني بعدها."
عينين سيف لمعت، لكنه حافظ على بروده الخارجي: "أسمعك الأول وأتأكد إن كلامك صح، بعدها أخليهم يسيبوك."
سامح أخذ نفسه وقال: "نايف وزايد وعياش، طبعًا عارفهم؟ اللي كانوا..."
قاطعه سيف بنفاد صبر: "مالهم؟ أنجز!"
سامح كمل: "زايد يبقى أخو فادي. هو مش أخوه شقيق، أبو زايد اتجوز والدة فادي، فهم مش إخوات بشكل مباشر. أوصل لزايد، هو هيوصلك لفادي."
سيف وقف بدون ما ينطق وخرج، متجاهل صراخ سامح علشان يفكه. طلع لسبيدو: "سمعته؟"
سبيدو: "سمعته، وكلمت ناس يحددوا مكان زايد. بكرة هيكون عندك عنوانه. هنسافرله إمتى؟"
سيف باستغراب: "صيغة الجمع دي بتعود على مين؟"
سبيدو مبتسم: "أنا وإنت طبعًا."
سيف بص لساعته، الوقت متأخر: "طيب، هروح لمؤمن أطمن عليه وأفضل معاه شوية قبل ما أروّح. سبيدو، إنت ما وصلتش لأي حاجة عن إيان؟ إزاي اختفى بالشكل ده؟"
سبيدو بحيرة: "والله ما عارف يا سيف. عمرها ما حصلت إن حد أو حاجة تختفي بالشكل ده. محدش شافه، محدش سمع عنه، فص ملح وداب."
سيف راح لمؤمن، فضل معاه كذا ساعة قبل ما يروح البيت ويطلع لأوضته مباشرة.
همس نزلت الجامعة مع سيف ودخلوا المدرج، ايديهم في ايدين بعض. بعدها قعدت مكانها وهو بدأ يشرح درسه، وعينه كل شوية على الساعة، منتظر الساعة تيجي ٩:٣٠ كان بيتساءل: هل ممكن يجي في ميعاده ولا لأ؟
الساعة ٩:٢٥ دقيقة كانت على موبايله ومحدش جه ولا حد خبط. لسه فاضل خمس دقايق بحالهم.
همس بصت لساعتها وهي بتتساءل: هل فعلًا مكرم هيجي زي ما أمر سيف؟ ولا هيبعت حد تاني؟
الباب خبط والاتنين انتبهوا بفضول، لكن اللي دخل كان المساعد بتاع مكرم: "بعد إذنك يا دكتور سيف."
سيف بصله بتكبر: "نعم؟"
المساعد: "الباشمهندسة همس خاطر مطلوبة في مكتب نائب المدير."
همس بصت لسيف، اللي قرب منه بخطوات واثقة خلته يتراجع لورى، وقال بهدوء مخيف: "روح للي بعتك وقوله - كان بيتكلم كلمة كلمة بتهديد - همس الصياااد ما بتروحش لحد، واللي عايز يعتذر يجي لعندها، وبمزاجها تقبل اعتذاره أو ترميه في وشه."
شاورله بإيده يطلع بره، وبعدها شاورله يقفل الباب: "برافو عليك، أيوه اقفله."
سيف رجع مكانه، لكنه لاحظ نظرات همس اللي كلها غضب وكأنها متضايقة منه.
همس كل همها تلم الموضوع ده، تستلم كارنيها، وتخلص من السنة دي بحلوها ومرها، لدرجة إنها بدأت تفكر في التخلي عن حلمها ده. مبقتش عايزة أي علاقة بالكلية دي تاني.
سيف لاحظ ضيقها ونظراتها فسألها: "عايزة إيه يا همس؟ بتبصيلي كده ليه؟"
همس استغربت إنه بيسألها بجد قدام الكل وبالشكل ده؟ هل عايز يتخانق معاها قدامهم؟
كرر سؤاله: "عايزة إيه؟"
همس بغيظ: "على فكرة أنا ما اتكلمتش ولا نطقت، مش عايزة حاجة. أو كل اللي عايزاه إن كل الحوارات دي تنتهي بقى."
سيف بهدوء: "هتنتهي ما تقلقيش. ده العمر نفسه بينتهي، المهم النتيجة بتنتهي إزاي، ده اللي يهم."
يدوب هيتحرك، الباب خبط ودخل مكرم شهاب. وقفوا قصاد بعض، والصمت كان مزعج جدًا.
مكرم خطى خطوة داخل المدرج وسيف واقف، حاطط ايديه في جيوب بنطلونه، بيبصله بلامبالاة وكبرياء وسأله: "أفندم؟"
مكرم متغاظ وهينفجر من الغيظ لكنه مجبر وغصب عنه لازم يعتذر. قرب وخرج الكارنيه، يناوله لسيف، بيحاول يظهر وكأنه صاحب فضل: "جيت بنفسي لأولة الدفعة أديها الكارنيه بتاعها. الكلية مش بتزعل طلبتها المتفوقين."
سيف فهم لعبته، بص لايده الممدودة بالكارنيه بعدها بصله تاني بدون ما يخرج ايديه من جيوب بنطلونه علق بتهكم : "بتديهولي أنا ليه؟"
مكرم حاول يسيطر على غضبه، خصوصًا قدام نظرات سيف المتكبرة. التفت لهمس وابتسم: "باشمهندسة همس، اتفضلي الكارنيه بتاعك."
حط الكارنيه قدامها على الديسك وابتسم بسماجة. كان هيتحرك علشان يمشي، بس سيف وقفه: "سيادتك مديون لها باعتذار، ولا نسيت؟"
مكرم بصله بحدة، وسيف كمل: "وادعي ربنا إنها تقبله."
قرب من سيف ووقف في وشه، بس سيف فضل هادي تمامًا: "زودتها."
سيف بلهجة هادئة وآمرة: "اعتذر لها حالًا."
مكرم تنفس بغضب لكنه تراجع خطوة وبص لهمس: "الجامعة بتقدم اعتذار للباشمهندسة همس خاطر" (ركز على لفظ خاطر عنادًا في سيف) "بس كل الطلبة عندنا متساويين، وكان لازم نتأكد إن مفيش حد بياخد حق حد. متأسفين يا باشمهندسة على سوء التفاهم اللي حصل وربنا يوفقك."
سيف بهدوء: "قبلتي اعتذاره؟"
همس متوترة: "آه، قبلته خلاص. الموضوع انتهى."
مكرم بص لسيف: "الموضوع انتهى يا دكتور، خلاص وهي قبلت الاعتذار."
سيف اقترب بخطوات واثقة ولهجة مخيفة مليئة بالتهديد: "وأنا ما قبلتوش، وكل كلمة وكل حرف نطقتهم هتدفع تمنهم."
مكرم بغضب: "هتعمل إيه؟"
سيف خرّج أخيرًا ايده من جيبه وأخذ موبيله وبيتصل بحد و عينه على مكرم : "إمام، خلصت اللي طلبته منك؟ كله؟ كل الأسهم؟"
مكرم بدأ يتوتر لما سمع كلمة أسهم وتراجع لوراء. وسيف تابع: "متأكد يا إمام؟ كلها بقت بتاعتي؟ الـ70%؟ طيب إيه رأيك أنزلهم الأرض؟ مش عارف. كلم صاحب الـ30% الفاضلين، اعرض عليه نشتري منه باقي الأسهم وكرمًا مني هاخدهم منه بنص سعرهم. ولو اعترض، وقع الأسهم تمام واعرض عليهم ربع السعر. ولو لسه فيه نفس، وزعهم بالمجان وخليه يبيعهم ببلاش. طبعًا ده بعد ما يتسجن علشان الديون اللي عليه. متشكر يا إمام."
قفل موبيله وبص لمكرم: "إنت لسه واقف؟ الحق الـ30% اللي فاضلين، ونصيحة، إقبل السعر اللي هيقولك عليه إمام من أول مرة."
مكرم صرخ: "ما تقدرش! إنت فاكرها..."
قاطعه سيف بهدوء: "أنا خلاص قدرت. دي علشان تتعلم إزاي تتكلم مع الناس وتعرف إنت بتكلم مين قبل ما تنطق حرف. قولتلك هدمرك، بس من ساعة ما اتجوزت الظاهر بقى قلبي حنين. هسيبلك البيت اللي إنت قاعد فيه. كرمًا مني. باااي. اقفل الباب وراك."
مكرم خرج موبيله: "إنت بتهزر، أكيد إنت بتهزر. مش هتقدر تاخد الأسهم."
سيف ابتسم، وتابعه وهو خارج يزعق في موبيله: "يعني إيه اتباعت؟ يعني إيه؟"
خرج مكرم من المدرج، وقطع الصمت صوت همس باستغراب: "أنا قبلت اعتذاره."
سيف نظر إليها: "وأنا ما قبلتوش."
همس باستغراب: "أنا قبلته. هو غلط فيّ واعتذر وأنا قبلت اعتذاره. خلص الموضوع لهنا."
سيف بغضب بصلها: "لا يا حبيبتي، هو مغلطش فيكِ. هو غلط في همس الصياد، مرات رجل الأعمال سيف الصياد، واتحداني أنا. فهنا إنتِ بره الموضوع أصلًا. ورجل الأعمال ده ما بيسامحش وما بيغفرش، وما بيرجعش في كلمة قالها، والغلطة الأولى هي الأخيرة عنده. فلما قولتله إني هدمره مكنتش بهدد ولا بهزر. ودلوقتي، يا تقعدي مكانك يا تشوفي هتعملي إيه علشان عايز ألحق آخر ربع ساعة."
همس سكتت لأنها فعلًا لازم ما تنساش ابدًا انها همس الصياد مش بس همس خاطر .
سيف قبل ما يكمل شرح علق بابتسامة: قبل ما أنسى، عايز مشروع بمناسبة آخر شيت. كل واحد فيكم يقدم فكرة جديدة من منظوره، ويقول لنا إزاي ممكن نستفيد منها في الحياة العملية. وروني إبداعاتكم.
محمد عبدالمقصود، زميل همس، سأل:
والنتيجة؟ يعني أقصد الدرجات عليه إيه؟
سيف رد بابتسامة:
طموحك ضئيل يا باشمهندس.
خلفاوي، بهزار وهو بيدعك إيديه:
إيه؟ هناخد مكافأة مالية؟
سيف ضحك:
انت أضأل منه. في مثل جميل أوي بيقول:
Don’t give me a fish, but teach me how to fish.
(لا تعطيني سمكة ولكن علمني كيف أصطاد).
خلفاوي بحيرة:
يعني إيه؟
سيف وقف في النص وعلّى صوته:
يعني أكتر عشر أفكار هتعجبني شخصيًا هياخد أصحابها شهر تدريب في مجموعة الصياد، ومش بس كده، هختار أكتر خمسة متفوقين منهم يتعيّنوا بشكل رسمي في المجموعة. أعتقد حلمك ممكن يتحقق، عرض مش هيتكرر.
هبة سألت:
يعني هتاخد الخمسة الأوائل؟
سيف رد:
حد جاب سيرة الأوائل دلوقتي؟ الـProject اللي هتقدموه هعرف من خلاله المهندس اللي قدامي ذكي ومبدع ولا مجرد مهندس بيحفظ كلمتين ويذاكر ويمتحن. عايز المبدعين، اللي عندهم دايمًا أفكار جديدة وبيطوروا مهاراتهم وإمكانياتهم. اللي يقدم لشغله زي ما بياخد. وطبعًا في ناس ممكن تجيب أفكار من مهندسين بره، بس أحب أطمنكم إني هعرف، فبلاش، لأنك مش هتستفيد. الموضوع ملوش علاقة بالدرجات، فاللي مش عايز يقدمه براحته عادي.
مي سألت بفضول:
حضرتك هتعرف إزاي إن الفكرة مش بتاعته؟ ما هو أكيد هيخليه يشرحها؟
سيف رد بابتسامة:
من خلال أسئلتي ومناقشتي معاكم. في تركات كده يحطها مهندس مش طالب. دي لعبتي يعني، ما تقلقيش نفسك، هعرف.
واحد من الطلبة، بهزار:
المفروض حضرتك تقول أربعة بس، لأن أكيد باشمهندسة همس هي أول واحدة، حتى من غير ما تقدّم الـProject.
سيف ضحك ومعظم الطلبة ضحكوا:
ده بجد تفكيرك ده؟
الطالب رد:
يعني هي مرات حضرتك، فأكيد.
قاطعه سيف مبتسم:
أكيد إيه؟ يا ذكي يا جهبز. محتاج لسبب أعيّن مراتي في شركتي؟ يعني هي متجوزة صاحب المجموعة نفسه، فلو حبت تعين نفسها في أي منصب في المجموعة هعيّنها! تقوم تقولي خمسة أوائل؟ بجد؟
همس بصتله بعيون كلها حب وابتسمت.
سيف بص على الساعة ولقى فاضل كام دقيقة :
بما إن وقت المحاضرة خلاص، تعالوا نتكلم شوية. بس قبل ما نتكلم، المحاضرة خلصت، فاللي عايز يتفضل براحته عادي، إحنا هندردش.
ما حدش قام، فابتسم وقعد على طرف المكتب اللي في النص :
الدفعة دي ليها مكانة كبيرة عندي. إنتم أول دفعة أدرّس لها، ده غير إن أغلبكم ممتازين، فكلكم مميزين عندي. بس في حاجة مهمة عايز أتناقش معاكم فيها. طبعًا زي ما هو معروف، أنا حبيت طالبة منكم واتجوزتها. وزي ما إنتم برضه عارفين، في مشاكل بتحصل سواء مع طلبة هنا أو مع دكاترة أو أعداء بيزنس ليّا بره. فدلوقتي خلينا هنا فيكم إنتم كطلبة، مين عنده مشكلة معايا أو مع همس إني اتجوزتها؟ وإيه هي المشكلة دي؟ هل مثلًا هديها درجات زيادة؟
عبدالمقصود، بهزار:
ده أكيد.
سيف بصله بجدية:
ماشي معاك، درجات إيه اللي هديها لها؟ اقف واتكلم معايا، وهتتكلم بلسان معظم زمايلك. اتكلموا معايا وناقشوني.
عبدالمقصود بص لهمس:
سوري يا همس، بس هتكلم بلسان الطلبة اللي ما يعرفوكيش.
همس وافقته، فهو بص لسيف :
يعني أي شيت بتطلبه هي هتاخد درجاته.
سيف بهدوء:
في كام مادة؟ يعني أنا بديكم كام مادة؟
عبدالمقصود رد:
ماشي، مادتك بس. لكن...
قاطعه سيف:
لكن إيه؟ هكلم باقي الدكاترة وأقول لهم: والنبي مراتي، إدوها كام درجة؟
عبدالمقصود معلقش واتحرج
سيف بهدوء:
درجات الشيتات في حالة لو مش فاهمين، بنستعملها لو عايزين نرفع طالب. يعني مثلًا واحد محتاج درجتين وينجح، خمس درجات حد أقصى هيخدهم من الشيتات اللي بتتسلم. غير كده، ليكم عندي امتحانين ميدترم وامتحانين نهائي: نص السنة وآخر السنة. مالكش عندي غيرهم. والامتحانات دي مش أنا اللي هحطها، الكلية هتختار حد يحطها، لأن في حد قرابة درجة أولى في الدفعة. فهمس زيكم بالظبط، هتمتحن زيكم، والدرجات اللي هتجيبها هي اللي هتحدد مستواها وترتيبها، مش أنا.
سيف أكمل بابتسامة:
ومعلومة صغيرة حابب أوضحها للي ما يعرفش، بمجرد ما بقى عندي مشاعر واضحة وصريحة ناحية همس السنة اللي فاتت، ما حطيتش أي امتحان ليكم.
الكل بص لبعض واتكلم بصوت منخفض، فسيف كمل:
أيوة، طلبت من دكتور ممدوح يحط بنفسه أي امتحان. حتى الكويزات الصغيرة كنت بطلبها منه، علشان محدش فيكم يحس للحظة إنها مميزة عنكم. طبعًا هي مميزة بحاجات تانية...
(أضافها بهزار وكلهم ضحكوا.)
سيف كمل وهو بيبص لعبدالمقصود:
بس الدرجات؟ لأ. تمام يا عبدالمقصود؟ ما بديش همس درجات زيادة. بس طبيعي، أي دكتور جامعي أو أي مهنة بشكل عام، لو واحد معاه مراته، فأكيد بيميزها وبيتعامل معاها بشكل خاص مختلف عن الباقيين. فهي هتكون مميزة بحاجة واحدة بس.
عبدالمقصود، بهزار وبصوت واطي:
كلنا عارفينها.
سيف رد عليه بهزار:
ما أقصدش اللي في دماغك يا واطي.
الكل ضحك جامد، وهمس بصتله وبتضحك من قلبها.
هبة بفضول بعد ما الكل سكت:
إيه هي الحاجة الواحدة؟ إيه؟ هاه؟
سيف ابتسم:
الحاجة دي هي إنها مسموح لها في أي وقت تيجي تسأل أي سؤال أو تطلب أشرح مسألة. وللأسف في أي مادة، مش مادتي بس.
(الطلبة ضحكوا، وهمس ضحكت أكتر لما بدأ يقلدها.)
سيف كمل وهو بيضحك:
طبعًا سيادتها بتستغلني اسوأ استغلال. وللأسف أكتر إنها مش بتختار أبدًا وقت مناسب. هو الوقت المناسب ده شيء نسبي بالنسبالها، مش بيفرق معاها صبح، ظهر، فجر، نايم، صاحي، باكل... هو في أي وقت المهم انه مناسب لها هي .
(الكل ضحك، وهمس كانت ميتة من الضحك.)
سيف كمل وهو بيقلدها:
أنا ممكن أكون نايم، والساعة ٣ الفجر، ألاقي حد بيخبط في كتفي. في ظهري، مش مهم، دي شكليات. وتقول لي: "سيف، قوم! إنت حلّيت دي إزاي؟ ولو مش مادتي؟ سيف، قوم شوف الدكتور ده حل المسألة بطريقة غريبة، أكيد غلطان. قوم!"
الطلبة ضحكوا أكتر، وسيف كمل بهزار:
أنا بفتح عيني، مش شايف قدامي. هو في حد صحاني؟ بس إيه؟ ألاقي كتاب في وشي وصوت بيقول: "سيف، شوف!" أقسم بالله، في أوقات بيكون هاين عليا أمسك الكتاب وأ...
همس قاطعته بضحك:
وإيه؟
سيف بهزار:
أشرحلك طبعًا، يا روحي.
الكل ضحك بشكل هستيري، وسيف كمل بضحك:
هو أنا أقدر ما أشرحش ولا أقول لأ؟
واحد من الطلبة علق بهزار:
هتنام في الصالة.
سيف ضحك جامد ورد عليه بهزار:
الحمد لله، معنديش صالة. عندي سويت، وأكيد مش هطلع برا السويت. ده إنتم مصيبة!
(الضحك هدي شوية، وسيف كمل بجديّة وهو بيبصلهم.)
سيف:
المهم اللي عايز أقوله، إن همس معظم وقتها بتذاكر، بتسألني في كل المواد. والدي مهندس، بتسأله. أختي مهندسة، بتسألها. وكلنا بنساعدها. فلو هي في الأربع سنين اللي فاتت كانت بتطلع الأولى بمجهودها هي بس، فما بالك بمجهود ٣ مهندسين أكبر منها وخبرة عنها بيساعدوها؟ فأنا معنديش شك إنها هتطلع الأولى لأنها بجد تستاهل، مش لأنها حبيبتي ومراتي. تمام؟ حد عنده أي مشكلة؟ ولو حد عنده، اتكلموا معايا.
سيف أكمل بابتسامة:
مكتبي كلكم عارفين مكانه، وهتواجد على قد ما أقدر. لسوء الحظ، في مشاكل في الشغل واخدة وقتي، بس هحاول أيام محاضراتي أفضل شوية في الكلية. اللي مش فاهم حاجة، يسألني. ومش بس أنا معاكم، همس مش هتبخل على أي حد من دفعتها في أي مادة مش مادتي. اسألوها، ولو ما عرفتش، هتسألني وأنا هجاوبها. واعتبروا الواسطة اللي عند همس، هي إنها توصلي أي حاجة عايزينها وأنا مش موجود.
سيف بمداعبة:
استغلوا إن عندكم زميلة مميزة، جوزها بيحبها، فمستعد يعمل أي حاجة لأي حد تبعها. تمام؟ ربنا يوفقكم جميعًا. اتفضلوا.
سيف كان بيجمع حاجته لما موبيله رن، رد بسرعة: "أيوه يا سبيدو."
"طيب، تمام، حلو أوي."
"بجد؟"
"طيب احجز تذكرتين النهارده."
"آه، هنسافر أنا وإنت نخلص الحوار ده، احجز وبلغني بالميعاد بالضبط."
قفل المكالمة وكان هيخرج بره المدرج، لكن همس وقفته: "هتسافر فين؟ وإمتى؟"
بصلها وهو بيقفل شنطته: "هسافر بيزنس والنهاردة، وأول ما أعرف إمتى تحديدًا هبلغك أكيد. عايزة حاجة؟"
سابها وخارج، لكنها طلعت وراه وقفته قدام عربيته: "إنت بجد هتسيبني وتسافر؟"
بصلها باستغراب وردد: "هسيبك؟ إيه هسيبك دي؟ مسافر شغل يا همس، في إيه؟"
مسكت دراعه بتعلق: "هسافر معاك."
بصلها بذهول: "ومذاكرتك؟ ودراستك؟ وامتحان الميد تيرم؟ كل ده إيه؟"
ردت برفض: "ماهو أنا ما ينفعش."
استغرب وبص حواليه يشوف حد متابعهم ولا: "ما ينفعش إيه بالظبط؟"
بصتله بعينين مليانة حب وخوف ورعب: "ما ينفعش أعيش في بلد إنت مش فيها وبيت إنت مش هتيجي آخر الليل تاخدني في حضنك، ما ينفعش تسيبني وتسافر أصلًا."
أمل صحيت من نومها بدري وقعدت على اللاب تشوف أي حاجة عن إيان بس مفيش. نزلت الشركة مع كريم، وهي في مكتبها همس بعتتلها رسالة.
كريم في مكتبه، الباب اتفتح بعنف، ولِسَّه هيعلق، بس أمل جريت عليه، فاتوتر ووقف: "في إيه؟"
مسكت إيده: "تعال معايا بسرعة، في أخبار عن إيان."