رواية ضد الزمان الفصل العاشر10بقلم حازم الباشا
عادت ريم برفقة ابيها الى المنزل ...
بعد ان فشلت محاوله ناصر بيه للامساك بأدهم ، وقد ساد الصمت اثناء عودتهما ، فكلاهما كانت تدور في رأسه الف فكره
فناصر بيه ....
لا يزال غارقا في ذهوله ، وعقله يبحث عن تفسير منطقي لحالة ادهم
وكيف لبشر عادي ان يمتلك تلك القدره الخارقه على استقراء احداث المستقبل !!!
الا ان السؤال الاكثر الحاحا على عقله ... هو كيف يمكنه تسخير تلك القدره لخدمه مصالحه وتجارته !!!
اما ريم ...
فتلك المسكينه كان يعصف بها طوفان صاخب من المشاعر المتناقضه
فبداخلها فرحه عارمه لنجاة ادهم من الوقوع في قبضه ابيها !!!
يزاحم تلك الفرحه ، احساس بحزن وفزع من ان يتوهم ادهم ، ان لها ضلعا في تلك المؤامره الحقيره للقبض عليه !!!
ولما لا ...
فربما كان ادهم يراقب ما حدث من احد البنايات المجاوره لمنزله ، مما يعني بشكل قاطع انها قد خسرته للابد !!!
ومع توالي الايام ...
بدأ يتصاعد ذلك الاحساس المظلم داخل قلب ريم ، وقد ايقنت ان ادهم قد علم بتلك المحاوله الدنيئه للايقاع به
وانها لن تراه مجددا !!!
وقد اثمرت تلك الفكره المظلمه ، عن شرخ عميق في علاقته مع والدها
فهو المسؤول عن ضياع ادهم منها !!!
فقد اختفى ادهم تماما ، وكأنه ذرة ملح تم اذابتها في حمام سباحه اوليمبي !!!
-----------------------ء
وعلى صعيد اخر ....
فقد فشلت كل جهود الرائد/ هشام ، ومن وراءه جهاز الامن المصري بأكمله ، في العثور على ادنى اثر لذلك "المستبصر" !!!
وقد كانت اجهزه الامن قد اطلقت على ادهم ذلك اللقب ... (المستبصر)
بعد ان اخبرهم الرائد/ هشام ، بتنبؤ ادهم بحدوث وباء كورونا قبل اكتر من اسبوع من تاريخ حدوثه !!!
فقد ادرك الجميع ، انه لم يكن مجرد دجال ، او نصاب كما كانوا يظنون
الا ان ذلك لا يعفيه من جريمه اتلاف سيارات المصنع ، او خطف ريم والشروع في قتلها !!!
خصوصا بعد ان منع ناصر بيه ، ابنته من سحب اتهاماتها ضده !!!
وسط كل تلك الاحداث ...
حدث شيئا لم يكن يتوقعه احد ... !!!
-------------------------ء
ففي صباح احد الايام ...
بعد قرابه شهر من تاريخ محاوله هشام للقبض على ادهم ...
استيقظ هشام كعادته مبكرا ، وارتدى ملابسه على عجل
فقد كان يتظره يوم حافل ... !!!
حيث كان مقررا له ، أن يقود فريقا امنيا ، لمداهمه وكر احد تجار المخدرات ، والقبض عليه وعلى افراد عصابته الخطيره !!!
وما ان استقل هشام سيارته ، حتى فوجيء بشخص ملثم يقتحم سيارته
ليجلس بجواره ، وقد صوب فوهه سلاح ناري الى رأسه !!!
صرخ هشام ، وهو يحاول التقاط مسدسه الشخصي من سترته :
انت مين ؟؟؟
وعاوز ايه ؟؟؟
رد الملثم ،وهو يزيح لثامه :
ما تخافش يا سيادته الرائد
انا ادهم !!!!!!
ومش جاي عشان اؤذيك
ارتسمت ابتسامه ساخره على وجه هشام وهو يقول :
يا أهلا يا أهلا
ده ايه الخطوه العزيزه دي
ده احنا زارنا النبي
انت فين يا راجل
ده انا قلبت عليك الدنيا !!!
رد ادهم ، وهو يمد يده ليلتقط مسدس هشام من سترته ، ويقذفه في المقعد الخلفي
بينما يده الاخرى ما زالت تصوب السلاح نحو رأس هشام :
لو اعرف اني هاوحشك اوي كده
كنت جيت لك من زمان
يلا اطلع بينا على الطريق الصحراوي
وارجوك مفيش داعي
تعمل اي تصرف غبي تندم عليه
رضخ هشام لتهديد ادهم ، وقاد سيارته الى الطريق الصحراوي
ثم انحرف الى قلب الصحراء ، حتى وصلا الى مكان منعزل في جوف الصحراء !!!
في تلك الاثناء ...
كان ادهم يحاول ان يقنع هشام بالعدول عن فكرة البحث عنه ، وانه ليس مجرما كما يظن
بينما كان هشام مصرا على ان تمتع ادهم بميزه التنبئ بالمستقبل ، لا تبيح له فعل اي جريمه يعاقب عليها القانون !!!
وان مسؤوليته كضابط امن ، تحتم عليه ان يتعامل مع ادهم على انه مجرد مجرم ، بصرف النظر عن صفاته الخارقه او نواياه النبيله
رأى ادهم انه لا طائل من ذلك الجدل البيزنطي العقيم ، فأمر هشام بترك هاتفه ، والترجل من سيارته
ثم قال وهو يشعل النار في هاتف هشام :
صدقني يا هشام بيه
يمكن الظروف هي اللي حطتنا في المواجهه دي
لكن انا بحترمك جدا
وكنت اتمنى نكون اصحاب
ثم انطلق بالسياره ، تاركا هشام وحيدا في قلب الصحراء !!!
-------------------------ء
ظل ادهم يمشي في الصحراء قرابه اربع ساعات ، وقد بلغ الاعياء منه منتهاه !!!
حتى وصل الى الطريق السريع ، واستوقف احدى سيارات النقل التي اقلته الى منزله ، ليجد سياراته تقف امام المنزل !!!
فصعد لمنزله ، واتصل بأحد قادته ، ليخبره بما حدث
ويعتذر له لتخلفه عن المهمه التي كان مقررا ان يقودها في صباح هذا اليوم
وقد دار بينهم حوارا مطولا ، علم فيه هشام ان تلك المأموريه قد تعرضت للكثير من الخسائر
وان زميله وصديقه المقرب النقيب " فادي " ، كان قد تولى قيادة تلك العمليه خلفا له ، وانه قد استشهد !!!
كان ذلك الحدث هو القشه التي قسمت ظهر البعير !!!
فأقسم هشام ان يقتل ادهم ، ثأرا لرفيقه " فادي "
---------------------ء
وفي صباح اليوم التالي ...
بينما كان هشام غارقا في حزنه على صديقه " فادي "
بدأ يسترجع احداث لقاءه ب أدهم ...
وتوقف عند مشهد حرق ادهم لهاتفه
فقد جعله ذلك المشهد ، يستدعي ذكرى مشابهه !!!
عندما حرقت ريم هاتف صاحب ذلك الكشك ، الذي ارشد عن مكانها !!!
وهنا لمعت فكره خبيثه في عقل هشام ، وهي ان يتتبع سجل مكالمات هاتف صاحب المحل في ذلك اليوم
وفورا امر احد معاونيه بإنجاز تلك المهمه ... !!!
---------------------ء
اما ريم ....
فقد انتهى ذلك الحصار ، الذي فرضه عليها ابوها ، بعد انا تأكد له انها لم تكن تكذب عليه ، وانها روت له الحقيقه الكامله عن ما حدث
وكانت ريم قد تقطعت بها السبل ، في العثور على ادهم
لدرجه انها كانت تتردد يوميا ، على تلك البنايه التي احتجزها فيها ادهم فيها اثناء فتره علاجها ، ولكن دون جدوى
والجدير بالذكر ، ان صداقه حميمه قد نشأت بين ريم ودكتوره نوران ، الا ان الاخيره قد التزمت بوعدها مع ادهم
فأخفت عن ريم واقعه لقائها بأدهم في المنصوره ، بما في ذلك امر الخطاب الذي اعطاه لها ادهم !!!
وانشغلت نوران بانقاذ العديد من مصابي كورونا ، مستعينه بالبروتوكول الطبي الذي وصفه لها ادهم من جهه
وبالدعم المالي الذي قدمته لها ريم من جهه اخرى ، فقد منحتها ريم احدى العقارات التي تملكها ، وحولته الى مركز للرعايه الطبيه
واغرقته بأكبر قدر ممكن من الادويه والمستلزمات الطبيه
الا ان كل تلك العلاجات كانت تتم في الخفاء ، بعيدا عن الاعلام
فلم يكن ذلك البروتوكول معتمدا من وزاره الصحه المصريه
------------------------ء
ولا يخفى على احد !!!
ان اعتماد اي برتوكول طبي بشكل رسمي
لا يتم الا بعد شهور طويله من الابحاث والاختبارات
للوقوف على مدى فاعليته ، وسلامته على المرضى ، وخلوه من اي اثار جانبيه ضاره
-----------------------ء
وفي احد الليالي .....
وبينما كانت نوران تباشر عملها في المركز الطبي
فوجئت بشاب وسيم فارع الطول ، يقتحم مكتبها ويقول :
مساء الخير ...
حضرتك الدكتوره نوران ؟؟
ردت نوران :
مساء النور
ايوه انا نوران ...
مين حضرتك؟؟
رد الشاب :
مع حضرتك الرائد هشام عبدالرحيم
واسف اني جيت
من غير معاد سابق
انا بس كنت حابب ادردش
مع حضرتك شويه
بخصوص مجرم
اسمه ... ادهم !!!
ردت نوران بصوت مرتبك :
تحت امر حضرتك
بس انا ما اعرفش
اي حد بالاسم ده
هشام بنبره صارمه :
واضح يا دكتوره انك بنت ناس
ومش وش بهدله
فياريت تتعاوني معايا
بدل ما نمشي الموضوع رسمي
ردت نوران وقد زاد ارتباكها :
انا مش فاهمه قصد حضرتك !!!
تقصد ايه بكلمه
نمشي الموضوع رسمي !!!
تقدم هشام خطوه للامام ، حتى اصبح في مواجهه نوران ، واقترب ببطء ليهمس في اذنها
الا ان نوران انتفضت من الذعر ، وقد ظنت ان هشام ينوي الت....حرش بها !!!
فأخذت خطوه للوراء ، وقالت بانفعال :
في ايه حضرتك !!!
انت قربت اوي كده ليه
خير ان شاء الله
حضرتك بتشمني !!!
رد هشام باندهاش :
اشمك !!!
لا يا افندم
احنا عندنا كلاب مدربه
هي اللي بتعمل الحاجات !!!
بس لما يبقوا يطلعوا على المعاش
اوعدك اني هاقدم على وظيفة "شمام"
وبرغم سماجه تلك الدعابه ، الا ان نوران وجدت نفسها تبتسم دون ان تشعر
مما دفع هشام الى تلطيف الاجواء ، فقال مبتسما :
ولو اني المره دي
وبدون قصد واللهي
شميت ريحة البرفيوم بتاع حضرتك
وعارف نوعه كمان
انتي حطا برفيوم اسمه
"انت عمري" ... صح ؟
ردت نوران بإمتعاض :
لا وانت الصادق
اسمه ... " انت وقح "
وفجأه اختفت تلك الابتسامه من على وجه هشام ، وتحولت الى غضب عارم ، فقال بكل حده :
وانا مش هأكسر لك كلمه
انا فعلا هأبقى وقح
وهأقولك اتفضلي معايا
عشان نكمل الحوار اللطيف ده
عندنا في القسم !!!
ردت نوران بذعر شديد :
قسم !!!
ليه القسم !!!
انا ما عملتش حاجه عشان اروح القسم
رد هشام بحده مبالغ فيها :
لا عملتي يا دكتوره
وهتيجي معايا القسم
وهبيتك الليله في الحجز مع المجرمين
بتهمه التستر على مجرم هارب من العداله
ثم اقترب منها مجددا ، وقال :
احنا عرفنا ان ريم الحديدي
اتصلت بالدكتور بتاعها
عشان ييجي يعالج ادهم
والممرضه بتاعته حولتها عليكي
وبعدها بعتت لك ريم رساله بالموقع
اللي كان المجرم مستخبي فيه
ثم صرخ فيها بصوت ناري قائلا :
واكيد انتي اللي عالجتيه
وبعد كده
خبتيه في مكان تاني
انخلع قلب نوران من مكانه ، وهي تقول بصوت مذعور :
انا مش هانطق اي كلمه
الا في حضور المحامي بتاعي
اخرج هشام من جيبه اذن من النيابه بالقبض على الدكتوره نوران
ثم ناوله لنوران هو يقول بصوت حاد :
هاتيجي معايا على القسم بالذوق
ولا تحبي تنزلي من هنا
والكلبشات منوره في اديكي ؟؟؟
ردت نوران باستسلام :
مالوش لزوم يا حضره الظابط
انا جايه معاك
بس ارجوك اديني
ساعه واحده بس
عشان لازم ارتب الدنيا
مع طقم التمريض
واعرفهم هيعملوا ايه
وانا مش موجوده
قبل هشام طلب نوران ، شريطه ان يظل مرافقا لها طوال الوقت ، مخافه ان تحاول الهرب
وفي تلك الاثناء ...
رأى هشام كيف تتعامل نوران مع معاونيها ، وكيف تجازف بحياتها لانقاذ ارواح هؤلاء المرضى !!!
شعر هشام بالكثير من تأنيب الضمير ، وان ذلك الملاك النبيل ، لم يكن يستحق منه كل هذه القسوه !!!
وما ان انتهت الساعه ، حتى سارعت نوران بجمع متعلقاتها
وقالت مخاطبه هشام :
انا متشكره جدا لحضرتك
خلاص انا جاهزه
اروح معاك على القسم
رمقها هشام بنظره حانيه ، ثم قال وهو يخرج اذن النيابه من جيبه ويمزقه :
نا اسف جدا يا دكتوره
ارجوكي سامحيني
الملايكه اللي زي حضرتك مكانها الجنه ...
مش زنزانه قذره في القسم
اغرورقت عيون نوران بالدموع ، وصافحت هشام بحراره وهي تقول :
انا مش عارفه
اشكر حضرتك ازاي
انت كمان واضح انك
انسان مهذب وراقي
ثم ارتبكت لحظه وقالت :
طب هتعمل ايه في موضوع ادهم ؟؟؟
رد هشام بزفره قويه :
الله يحرق ادهم
وسنين ادهم
واليوم الاسود اللي شفت فيه ادهم
قال هشام ذلك ، ثم غادر ، بعد ان تعهد لنوران بأنه سيبذل اقصى جهده لابعادها عن اي اذى
اما نوران فقد اندهشت من ذلك الاحساس الذي اعتراها ، فجزء منها كان يتمنى ....
لو انها ذهبت مع هشام الى القسم !!!!