تعتريني رغبة بالبكاء ، أود أن أجلس على أرضية المنزل القديم ، تلك الأرضية التي تبعث لجسدي السقيع
وأنا أضم رُكبتي إلى صدري .. أحتمي بذاتي من الشخص الذي من المفترض أن يحميني من شرور العالم
المدعو أبي ، المُتهم في عيني دائماً أنه سبب تلك الندوب الصغيرة التي بدأت تنبش قلبي وقلب أخي
إنه يتعمد لمس والدتي أمامنا بدون مراعاة قدسية الأم في أعين أبناؤها
لا أجرؤ على نعتهُ بالقساوة أو الفظاعة ، لقد تخطى تلك الألقاب بإمتياز ، وحصد لقب أكثر رجال الأرض إختلالاً نفسياً
مسكينة والدتي ، كانت ضحكتها تبهت شيئاً ف شيئاً .. طوال رحلة حياتها مع ذلك المُختل
أما الأن ، في الوقت الحالي .. أشعر أنني أود إخراجه من مقبرته ، وأضرُم النيران في عظامه الشيطانية
هل تعتقدون أنني الإبن الأسوأ على الإطلاق ؟ لست أسفاً على ذلك ، أنتم لم تتعايشوا مع كم القهر الذي وضعنا به ذلك المدعو بكري السُلامي
#داخل_عقل_غالب
* داخل غُرفة المرايات
غالب بمُنتهى الغضب اللي في العالم وبردة فعل غير متوقعة ، خرج مطواه من جيبه وبدأ يكسر في المرايات ، كإنه بيحاول يزيح الصورة التخيلية لوالده وهو بيقيم علاقة مع أمه قدام المرايات ! بيحاول يكسر صورتها الذليلة مع المُختل دا
رفيق وأصيل كانوا مقدرين تماماً شعور أخوهم ، بل وإن أصيل بدأ يدوس على الزجاج المكسور برجليه بغضب وغِل ، أما رماح كان مغطي ودانه ومغمض عينه مكانش متوقع ردة الفعل دي
غالب بصراخ وزعيق : هو عاوز يثبت إيييه من الأوض دي ، عازز يثبت أيه من أحجار مقابرنا !!! أااااااااااااااااااااااااااع
مليكة سمعت صوته ونزلت تحت اللحاف وهي بتحضُن والدتها من الرُعب ، معقول أبيه غالب يكون عصبي للدرجة اللي تخوف دي !!
( أنا مش عصبي يا مليكة ، أنا مقهور .. ضحية ذكريات سيئة ستظل مُلتصقة بي إلى الأبد )
* داخل الغرفة
بعد ما تم كسر كُل المرايات وبالطبع بسنت اللي كانت بتتجسس جريت بعيد ، نزل رماح إيديه من على ودانه وهو بيقول بهدوء : خلصت ؟ هديت خلاص ؟ .. أقسم لك بإيه إني بفتح الأوضة زيي زيكم وحقيقي معرفش هو ليه حكمني أنا ك محامي على أم الوصية دي وحطني في الموقف دا معاكم
أصيل بنظرة حقد وكرهه لكل رُكن في القصر دا : يبقى نبيعه بكُل ما فيه وناخد حقنا ، أنا حاسس إني محبوس في الموساد وحاطين أجهزة كهربا على راسي ، وشريط الذكريات الوسخة بيمُر قدام عيني
رماح بخضة : غالب ! إنت عورت إيدك وإنت بتكسر المرايات ، تعالى أربطهالك
غالب بعصبية وهو بيرفع إيده عشان محدش يلمسه : لو عاوز تعمل فيا خير بجد ، خلينا نفتح الأوض مرة واحدة عشان مش هقدر أستحمل صدمات تانية !.
سابهم غالب ونزل تحت للمطبخ ، حست مليكة بالقلق عليه ف إتسحبت من جنب مامتها ونزلتله
وقف قدام الكُرسي وهو حاطط كف إيده تحت المياه بيغسل الدم ، جت مليكة من وراه وهي بتقول : إنت كويس يا أبيه ؟
قفل المياه وسحب مناديل وحطها على كف إيده وقعد على الكُرسي وهو بيقول : أيوة متخافيش ، روحي كملي نومك
مليكة وهي بتقعد على الكُرسي اللي قدامه : أيوة بس أنا خوفت ، أنا سمعت صوتك بتزعق
غالب بضيق : معلش يا مليكة سيبيني لوحدي دلوقتي ، مش قادر أكلم حد
مليكة بتحاول تهديه : أيوة بس أنا ..
غالب فقد أعصابه وقال : ما قولتلك سيبيني لوحدي إيه الصعب في كدا !!
إتنفضت هي وهي بتبُصله وجت تقوم راح ماسك معصم إيديها ، بصت على إيديها بعدين بصتله كان محني راسه وجسمه بيتهز * بيعيط *
مليكة برقت بصدمة وهي بتقول : أبيه غالب إنت بتعيط ؟؟.
حضنها وهو بيقول : مخنوق ، مش قادر أستحمل الخنقة ، إعتبريني أنا إبنك مش العكس ، خليني أخرج الضغط اللي جوايا
ملست مليكة على شعره وهي بتسند دقنها على راسه وبتقول : ما أنا مش فاهمة بتعيط ليه بس ، إهدى مفيش حاجة تستاهل تتعب صحتك عشانها !
( لا في يا مليكة ، عجزك في مرحلة معينة من عمرك ، عجزك في الدفاع عن نفسك في موقف معين أو الدفاع عن حد بتحبيه ، أسوأ شيء )
بدأ يتهز جامد وهو في حضنها وهي تحضنه أكتر ، كإنها ما صدقت .. الحُضن دا كان ليها طول عمرها ملجأ أمان ، إنهاردة بيطلب بعجز منها الأمان ، غالب اللي مخوف بلد بحالها .. في حُضن مليكة بيعيط ك طفل ، فاقد شيء
* في غُرفة رفيق
ساندرا بصدمة على الفيديو كول : معقولة !!
رفيق ببرود : ليهم حق يضايقوا عشان دي أمهم ، ويارب لو كان بيعمل كدا مع أمي معرفش عشان أنا مش هقدر أستحمل زيهم
ساندرا بشفقة : حقيقي متجوزش على الأموات غير الرحمة ، هو لو قاصد يجمعكم بموضوع الوصية والقصر إيه اللي يخليه يعمل الأوض المُريبة دي ؟؟
رفيق رفع أكتافه وقال : مش عارف ، لما الدنيا مطرت برا معرفتش أنام ، دايماً بربط المطر بيكي وبذكرياتنا وبأيامنا في الجامعة
آبتسمت ساندرا وهي بتقول : مبسوطة إني بقدر أشتت تفكيرك عن كل العك اللي إنت فيه دا ، بص يا رفيق حاولوا توصلوا لحل مع المُحامي دا في إنكم تبيعوا القصر وكل واحد ياخد حقه ، وإفتحوا الأوض كُلها مرة واحدة عشان متفضلوش تتعبوا كل شوية كدا غلط عليكم
رفيق رفع حواجبه وقال : دا كان رأي غالب برضو في وسط إنهياره
ساندرا بتأييد : عنده حق ، إعملوا كدا .. ولو رماح دا موافقش إتكاتروا عليه وخدوا المفاتيح منه
رفيق بهدوء وحكمة : أوك بس مش إنهاردة خالص لإنهم مُنهارين تماماً تحت ..
* عند أصيل وبسنت
كان قاعد في أوضته وبينت بتقدمله كوباية فيها عصير كان في الثلاجه كان جايبه غالب ، أخد أصيل منها الكوباية بإيد بتترعش وبدأ يشرب وهو بيترعش لسه
بسنت بهدوء : تمالك أعصابك ، أياً كان شوفتوا إيه في الأوضة لازم تكون أقوى من كدا
أصيل بتعب وتنهيدة : بحاول
بسنت : كويس عشان صحتك
بصلها أصيل نظرة الطفل اللي أمه معقباه وقال : هترجعيلي ؟ هتقبلي تكوني على ذمتي تاني ؟
رفعت بسنت حاجبها ومردتش ، مدت إيديها ناحيته وهي بتقول : هات الكوباية عشان متتكسرش
مسك أصيل الكوباية وكسرها بعُنف جامد ف إتخضت بسنت
قال هو بضعف : إنتي .. إنتي ليه بتحبي تذليني وتكسريني ، عوزاني طول الوقت أطلب منك السماح ومش مقدرة حُبي وإحتياجي ليكي !!
بسنت بعصبية وهي بتشاور بصوباعين على نفسها : عشان دي صحتي ونفسيتي اللي أنت أذيتهم وخدت وقت طويل على ما تعافيت ، بص يا أصيل أنا مقدرة تماماً حُزنك وضغوطاتك وتاريخكم الأسود مع أبوكم إنت وأخوك ، لكن مش مُستعدة أمتص كُل السلبيات دي منك وأموت أنا زي ما أمك ماتت ! سوري يعني
مسكها أصيل من رقبتها وحدفها على السرير ، قام قفل الباب بالمفتاح وهو بيبصلها بغضب وبيقول : طالما شيفاني بكري السُلامي ، وشايفة نفسك صفية
ف إنتي مش هتُخرجي من الأوضة دي غير لما تكوني حامل .. مني
بسنت بصريخ وصدمة : أنت أتهبلت !! إفتح الباب
أصييل ، لاااااا
* في المطبخ
مليكه بفزع وهي حاضنه غالب بعدته عنها وقالت : هو أنا ليه سامعة صويت ؟؟
غالب ببرود : ملناش دعوة
مليكة نسيت الصوت وهي بتبُص على إيده وبتقول بحُزن : لسه بتوجعك ؟
غالب بعيون حمرا : مش إيدي اللي بتوجعني
شاور على قلبه بصوباعين وقال بقهر : دا بيوجعني ، لحُسن الحظ إنك هنا
سحبها من إيديها وقعدها قدامه تاني وهو بيقول : بحس إنك مش طالبة ثانوي ، بحس إنك في جامعة أو .. أو قدي في السن ، بتحسي بيا بتفهميني .. برتاح لما بكلمك وبكون معاكي
قاطع كلامهم دخول فُتنة للمطبخ وهي بتقول : مساء الخير ، سي رماح طلب فنجان قهوة عشان أعصابه تعبانة من صواتكم ، حد عاوز قهوة ؟
غالب ببرود : لا شُكراً
فُتنة بتردد : سي غالب ، سي رماح سابلك دول
حطت على الرُخامة سلسلة مفاتيح وقالت : دي مفاتيح الأوض ، هو حاسس بإنهيار عصبي من ردود أفعالكم ف قال إفتحوا إنتوا الأوض بمعرفتكم
مسك غالب المفاتيح في إيده وهو بيبُصلها بقرف ، بص لمليكة وقال : إطلعي إنتي نامي يا ملكي عشان الوقت متأخر
مليكة وهي بتوقف قالت بقلق عليه : طب هتنام ؟ إيديك كويسة يا أبيه ؟
غالب بهدوء وإبتسامة باهتة وصوت مبحوح عياط : كويسة متقلقيش
طلعت مليكة وفشل غالب ماسك المفاتيح بإيده بيتفرج عليها
دخل رفيق المطبخ بغضب ف أول ما شافته فُتنة خدت القهوة لرماح وخرجت برا
وقف رفيق بتكشيرة وهو بيبُص لغالب
غالب بضيق : بتبُصلي كدا ليه ؟
رفيق بغضب : أصيل أخوك بيعمل علاقة مع بسنت غصب عنها !!
غالب ببرود : ملناش دعوة
رفيق بعصبية : إزاي يعني دي مش على ذمته ، يعني اللي بيحصل دا زنا .. إغتصاااب !
غالب بعصبية : قولتلك ملناش دعوة !! كل واحد يشيل ذنبه ماليش دعوة بحد
رفيق بعدم رضا عن اللي بيحصل : غضب ربنا هينزل علينا في يوم والبحر اللي قدام القصر دا هيتقفل علينا زي فرعون ..
جه يخرج من المطبخ وقفه غالب وهو بيحرك سلسلة المفاتيح وقال : رفيق
لف رفيق وبصله بعدها ضيق عينيه وهو بيقول : إيه دا ؟
غالب ببرود : تيجي نفتح بقية الأوض ؟
رفيق بتبريقة : بس الوصية بتقول لازم أصيل كمان يشوف
غالب بغضب مكتوم : طز في الوصية وطز في جناب أبوك .. أنا مش هحترم وصية واحد مُختل زي دا ، جاهز نفتح الأوض ؟؟
السادس عشر
رفيق بفضول : هو أنا معنديش مانع بس أنا شايف إن أصيل لازم يكون معانا ، حقه برضو يشوف خاصة إنه أخوك شقيقك
هز غالب راسه وقال بهدوء : عندك حق ، أنا أعصابي تعبانة محتاج أرتاح ، ولما يُخرج من الأوضة ليا كلام معاه على اللي حصل
أخد غالب إزازة مياه وخرج من المطبخ ، ورفيق كان واقف يفكر في وضعهم وإزاي يفاتحهم في موضوع الضغط على المُحامي إنهم يبيعوا القصر ..
* في غُرفة أصيل
كان بيترعش على الأرض وبسنت بتحاول تهديه ، هو ملمسهاش غصب عنها هو بس إتضايق إنها حطت أمه وأبوه ك مثال ليهم ، وشبهت نفسها بأمه ، حصله إنهيار عصبي من كل اللي حصل وملحقش يلمسها ، حست هي بضعفه وبدأت تطبطب عليه
ف رفع راسه وقالها : والله أنا بحبك ، بس بحبك وعاوزك معايا مش فارق معايا فلوس أو حاجة غير إن يكون في حُضن يحتويني زي حُضنك
بسنت بخوف منه : إنت إتهجمت عليا يا أصيل ! يعني دي جزاتي عشان جاية أوقف معاك في أزمتك ؟
ميل أصيل براسه على السرير وهو تعبان وبيعيط من غير صوت ف حطت بسنت راسها فوق راسه وهي بتقول بشفقة عليه : خلاص إهدى ، كُل شيء هيكون بخير ♡
* صباح تاني يوم
كان واقف رماح بنفسه بيعمل القهوة لنفسه في المطبخ وهو متضايق وشكله مُرهق
نزل رفيق يشرب مياه من الثلاجة ف شاف رماح ف صبح عليه
رفيق : صباح الخير ، شكلك منمتش كويس
رماح بتعب : يعني إنت اللي بتنام كويس ؟
سكت رفيق وهو بيشرب بعدها قال بهدوء : عرفت إنك إديت باقي المفاتيح بتاعة الأوض لغالب ، وعاوز أقولك كان هيفتحها من غير ما أصيل يكون موجود
رماح بضيق : ميخصنيش أنا خلاص هسلمكم الوصية وهرحل إنهاردة و ..
طفى على القهوة وهو باصص بفزع قدامه كإنه إفتكر حاجة !
الأوضتين اللي المفروض ميتفتحوش وحلفانه للحج بكري قبل ما يموت !
فضل رماح ياخد نفسه كتير لحد ما خرج جري من المطبخ
لقى غالب في وشه ف قاله رماح بتوتر : هات المفاتيح محتاج أخد منهم حاجة
غالب ببرود : مفاتيح إيه ؟
رماح بعصبية من بين سنانه : بقولك هات المفااتيح
خرج غالب المطواة من جيبه وحطها قدام وش رماح وقال : إنت عامل زي العيال ليه ؟ إمبارح إدتني المفاتيح بكامل إرادتك لا كسرتلك صف سنانك ولا جبستلك دراعك عشان تديهالي ، هتيجي تصحالي الصُبح تغيرلي في رأيك مش طالبة هبل
رماح بهدوء : تمام أنا بسحب كلام إمبارح اللي قولته تحت ضغط عصبي ، وبقولك عاوز المفاتيح عشان أزاول دوري ك مُحامي وأشرف على فتح بقية الأوض
خبطه غالب في صدره وقعه لورا وهو بيقول : إحنا مش محتاجين مشرف ولا دادة ! مشرف على إيه بروح أمك بتورينا الميدالية الذهبية ؟؟
قرب رفيق لرماح ومد إيده عشان يقومه ، مسك غالب إيد رفيق الممدودة ووقفه وراه وهو بيقول : الأوض هتتفتح كلها إنهاردة وأنا اللي هعمل دا بنفسي ، ولو خدت المفاتيح هكسر الأبواب بنفسي إنت فاهمني !
رماح وهو بيقوم من على الأرض وبينفض هدومه : جدع إعمل كدا وهيبقى إقتحام غير قانوني طالماا في وصية ميت
ضحك غالب ضحكة مريرة وهو بيقرب ودانه من رماح وبيقول : إقتحام آيه ؟ لا معلش قول كدا تاني عشان مسمعتش ! ما بلااش أقولك إيه اللي مش قانوني وإقلبهالي قضية بقى عشان أنا عاوزة الدنيا تطربق على دماغ الكُل
بصوت غليظ قال أصيل : غالب !!
وقف غالب وهو بياخد نفسه وبيبص لأصيل ، ف قال أصيل بهدوء : إحنا مُنهارين عصبياً من كل حاجة ، معتقدش هيبقى فينا الشجاعة الكافية نكتشف حاجة جديدة لوحدنا
غالب بصُداع : ما عشان مُنهارين عاوزين نفتح كُل الأوض إنهاردة !! إسمع يا أصيل لو هتوقف معاه ضدي هفتح الأوض بنفسي برضو
أصيل بتعب : الموضوع مش مستحمل عنادك وتمسكك برأيك ، إسمع مني أكيد رماح هيكون أحسن في فتح الأوض وإنه يكون معانا دا هيساعدنا
شاورله أصيل بعينه بتبريقة بمعنى إن رماح لو مشي من هنا ممكن يقلب الدنيا عليهم ويفتح موضوع الجثة ويبرأ نفسه
ف فهم غالب الحركة وخرج المفاتيح من جيبه وقال : بعد كدا هرمونات النسوان اللي عندك دي تبعدها عني الله لا يسيئك ، لو عاوز تعمل شغلك إعمله للأخر
أخد رماح المفاتيح بإيديه ومسكها وهو مغمض عينه براحة وقال : شُكراً يا أصيل ، أشكرك
حط رماح المُفتاح في جيبه
دخل رماح أوضته وهو معاه المُفتاح ، قفل على نفسه الباب وفتح دولابه وخرج الورقة ( اللي لقاها في أوضة الجُثة )
قعد على السرير وهو قرفان من ريحة الورقة وفتحها بهدوء
كانت مكتوبة بخط الإيد ، ودا مش خط إيد بكري السُلامي لإنه عارف خطه كويس
دا خط آيد الجُثة
▪︎ من حُسن حظي إني إتعلمت لحد ما ربنا كرمني أكتب ، وأفك الخط ، جايز دي تكون أخر حاجة أكتبها في حياتي بس عشان لو حصلي حاجة يبقى ييجي يوم والناس تعرف مين المحبوسة
أنا هنية ، بدأت شُغل في قصر السُلامي بيه لما عرفت إنه مطلوب واحدة شاطرة وحركة تهتم بنظافة القصر ، مكدبتش خبر بعد ما سيبت الشغل في بيت الراجل إياه ، أصل كانت إيده طويلة عليا .. ودعيت ربنا يطلع صاحب الشُغلانة دي إبن حلال ويراعي ربنا فيا ، خصوصاً إني مقطوعة من شجرة
كُنت دايماً في حالي زي ما أمرني ، بنضف وأروق وبعدين أقعد في أوضتي ، أصغر أوضة في القصر
وكان مانعني من دخول أخر أوضتين في الدور التاني ، وأنا سمعت الكلام
لحد ما في يوم وبكري بيه مكانش موجود وعرفت منه إنه مسافر لعياله كُنت بنضف والشيطان لعب في دماغي أفتحهم وأشوفهم ، المفاتيح كُنت عارفة إنه بيعلقهم على التمثال اللي في الممر * راس الغزال * اللي متعلقه في الحيط ف مكدبتش خبر
وفتحتهم ، وياريتني ما فتحتهم .. لساني إتشل من صدمتي من اللي شوفته ، وجسمي كله إتشل لما إكتشفت إن بكري بيه مسافرش ورجع فجأة وشافني فتحاهم ، وعشان يداري السر راح حابسني في الأوضة دي ، بيدخلي الأكل مرة في اليوم
نص الورقه كان فاضي وتحت مكتوب جملة كدا شافها رماح ف صعبت عليه البنت
▪︎ أنا جعانة ، بقالي ٤ أيام مكلتش ، مبقاش فيا حيل أمسك القلم وأكتب أكتر
ثم لا شيء !
كانت البنت توفت من الجوع وجثتها إتحللت ، بكري إنشغل بقصة مراته إيمان وببيع الأراضي وبعدها مات ، أيام العزا وتفتيح الوصية ووصولهم للأوضة أخد وقت .. وجايز البنت ماتت بعد ما كتبت كدا على طول ، من غير أكل ومن غير مياه ودا بيفسر الأطباق اللي فُتنة كانت بتغسلهم ، لكن ليه بكري معرفش فُتنة آن في واحدة محبوسة المفروض تحطلها أكل ؟ ولا هو كان سادي لدرجة قرر مرة واحدة يقطع عنها الأكل والمياه !! أكيد فُتنة جت بعدها بكذا يوم وهي محبوسة عادي عشان كدا كان مانعها تنضف الأوض اللي فوق !! عشان متسمعش صوت البت !! ودا بيفسر وجود الجُثة نايمة على بطنها قدام الباب ، كانت بتحاول تخبط أو تخرج !!
قفل رماح الورقة بتكشيرة وحس إن هو في كابوس بشع ، صعب يفوق منه
كان كل دا مقرأش الورقة ، كان عارف إن لو حد من ولاد السُلامي لقاها هيقرأها ويمكن يكون فيها حاجة تسببلهم جزع من الورث كله
رماح غصب عنه سحب كيس فاضي من دولابه وبدأ يرجع فيه من كتر القرف اللي قرأه وشافه في القصر دا
هذا العالم يحمل في طياته الكثير من البشاعة ، والقسوة في القلوب المُتحجرة ، لا يمكن لأحد مُخرجي هوليود العالمية أن يُفكروا ولو بمحض التفكير كتابة دور بطل سايكوباثي مُختل بتلك البشاعة
لقد حصد بكري السُلامي لقب الرجل الأسوأ على الإطلاق ..
نزل رماح من أوضته وهو ماسك المفاتيح ووقف قدام أصيل ورفيق وغالب وقال بتعب : يلا نفتح الأوض ..
قاموا وقفوا بتوتر ف بصلهم بنظرة تحذيرية : هنفتحهم كلهم ورا بعض ، ماعدا أخر أوضتين ، دا كلام الوصية
بصوا هما لبعض برفض لفكرة إنهم ميشوفوش الأوضتين ، أما رماح قال في عقله ( عشان لازم أفتحهم أنا الأول ، وأشوف فيهم إيه خلى بكري السُلامي يحبس واحدة بسببهم )