رواية المزرعة السعيدة الفصل الاول1بقلم زينب سمير


رواية المزرعة السعيدة 
الفصل الاول1
بقلم زينب سمير 

- مصيبة جديدة.. أنا مش هعرفها أخر مرة كانت هتروح مني
واقفين تلت ستات بأعمار مختلفة قدام باب، أتحركت وحدة فيهم لورا وهي بتتكلم، 
كملت التانية وهي بترجع تقف وراها- أنا اللي قولت المرة اللي قبل اللي فاتت
بصوا للتالتة بمعنى الدور عليكِ، بصتلهم بقلة حيلة قبل ما تخبط على الباب وتاخد نفس عميق- ربنا يستر
دخلت بعد ما الصوت سمحلها بالدخول، سـت كبيرة قاعدة على كرسي خشبي هزاز ماسكة كتاب بتقرأ فيه ملامحها ما بين الشـدة واللين، الطيبة والقسـوة، زمن وخط عليها
طال صمت المساعدة، فبصتلها بطرف عينيها و- في أية يامجدة؟
مجدة بتوتر- هو بس ياسـت دلال كنت هقولك.. الـ.. اه مصطفي كلمني
أول ما سمعت اسم مصطفى سابت اللي في إيدها و- مصطفى! يبقى البيـه عمل مصيبة جديدة، أنطقي قوليلي نيل أية المرة دي
- سنـد بيـه
دلال بصراخ- بلا يند بلا نيلة دا حيطة مايلة، كان عقلنا فين وأحنا بنسميه سند بس، نيل أية زفت
رفعت تلت صوابع و- أتخانق في النادي هو وشلته مع ناس كانت هناك، كسر الكافتيريا هناك وهيدفع إصلاحات قد كدا، 
نزلت صباع وكملت- الميتنج اللي حضره في الشركة للأسف باظت الصفقة والعميل حلف ما يدخل شغل معاكم تاني
لسـة هتنزل صباع تالت نطقت دلال بشرر- هو لسة في تاني
- أخر حاجة.. خبط بعربيته سـت عجوزة وأتنقلت المستشفى وهو راح القسم، بس متقلقيش هو كويس
- مين قال إني قلقانة
وقفت من مكانها و- الست حالتها أية أول حاجة؟
- سليمة يادوب ألتواء في الكاحل
- خلي مصطفى يعوضها وعلاجها كله على حسابنا، ويشوف الإصلاحات بكام ويقولي، ولما الدنيا تهدأ شوية أبقى أكلم أنا العميل.. أما الحيوان..
وقفت تتنهد بتعب و- مبقاش نافع معاه كلام، ومش هصبر عليه أكتر من كدا المرة دي لازم أربيه 
ظهرت ملامح النيـة والتوعد على ملامحها- وهربيـه
لما يخرج من القسم ويرجع أبقى أبعتهولي، أكون فكرت هنيل فيه أية، 
أدتها ضهرها وقعدت وبصتلها مجدة بشفقة، فهي معاها من سنين، إيدها اليمين، معاها ومع سند، لما كان مجرد طفل أبوه وأمه ماتوا وهي.. دلال.. جدته بس اللي بقياله
شـدت حيلها، ومنهارتش، مسكت أملاك العيلة بأيد من حديد علشان تبني مستقبل سند وتأمنه
بس وسط مشاغلها فلت سند منها.. 
كمل عامه الستة والعشرين، وماشي في السبعة وعشرين، لسة يادوب متخرج بعد عذاب، قمة الإنفلات والإهمال والدلال، معندوش إحساس بالمسئولية بتاتًا، مجرد طفل مدلل، وشاب طايش، وراجل غير مسئول
معندوش إحساس بالغير، ولا إحساس بقيمة النعم..
وهي لازم تصلح كل دا، جـه الوقت اللي تصلحه فيه
يمكن تلحق.. ويمكن لا!

بعد ساعتين، إتفتح باب الفيلا ودخل سند، شاب وسيم طويل، جسمه رياضي لكن مش معضل وضخم، لابس بنطلون جينز وتي شيرت ورافع إيده على كتفه مشعلق فيها جاكت أسود جلد مرمي بإهمال ورا ضهره، فيه تعويرة خفيفة عند شفايفه، ووحدة تانية عند حاجبه
ملامحه شقية، دخل على المطبخ علطول، قرب من مجدة اللي بتقطع سلطة خطف منها خيارة ياكلها و- مجودة 
قرب يبوسها من خدها- وحشاني يامزة، مالك محلوة لية إنهاردة؟
ضربته على كتفه و- إتأدب ياولد، ومتحاولش دلال هانم واصلة منك للأخر ولا حد هيعرف يطفي النار دي، حاولت ومنفعش
- مفيش أمل يعني؟
هزت راسها بآه، زم شفايفه بقلة حيلة و- خلاص هدخل أخد اللي فيه النصيب وأمري لله
- بريء يلا، مش كأنك خارب الدنيا 
- هما اللي بيجروني لكدا والله يامجودة
- مصدقاك طبعًا، أدخل يلا لجدتك عقبال ما أجهز الأكل
- أشطا داخل أخد التهزيقتين بتوعي، مهما حصل محدش يدخل
شاور للورا مجدة بتحذير وكمل بعبوس- مبحبش حد يشوفني وأنا مشـدود من وداني
ضحكوا عليه، لكنه ميعرفش إن المرة دي العقاب غير كل مرة!
مختلف عن كل مرة وهيغير حياته كليًا 
****
خبط على الباب ودخل بصخب و- حجوج.
بصتله بطرف عينيها، قفل الباب وقرب منها لسة هيحضنها، أموره المعتادة اللي بقيت حفظاها، يتدلع عليها، يضحك عليها تهدأ تسامح.. يخرب
لكن المرة دي مش هتسمحله، مـدت إيدها تمنعه يقرب و- أقف عندك
- في أية يادلال
- اسمها تيتا ياقليل الأدب
بصلها برفعة حاجب، شكل الموضوع فعلًا خطير! بص بسرعة للأرض بندم.. شبة مصطنع و- عارف إن المرة دي الموضوع كبير بس لو حكيتلك هتقدري، العيال اللي في..
قاطعته- مش هسمع حجج ولا تبريرات تاني خلاص، أنت غلطت  أنت بقيت حاجة أنا مش عارفة أوصفها واحد معندوش إحساس، معندوش مشاعر، ماشي تخبط يمين وشمال، لا في قيم ولا أخلاق ولا أي حاجة، مفتقد معاني الحياة، بقيت حاجة متتوصفش
وأنا قيلالك أخر مرة لو غلطت عقابك هيكون شديد
بصلها بتوجس كملت- أول حاجة هتتمنع إنك تروح الشركة
ملامحه إنفرجت بسرور، هي متخيلة دا عقاب؟ 
- مش هتمسكها في يوم ولا هتملكها
بصلها بخضة، كملت- أيوة مش هورثك
- أومال هتورثيها لمين، عندك حفيد تاني من ورايا ولا أية ياتيتا ياخـ..
زعقت فيه- أنت لسة بتهزر.. لا محدش هيورثها لا أنت ولا غيرك، هتبرع بيها لأي مؤسسة خيرية ولا إنك تاخد قرش 
دا في حالة
بصلها بلهفة، كملت- إنك معملتش اللي هقول عليه دلوقتي
- اللي هو أية؟
- هتسيب القاهرة
بحماس- فل أوي أنا كدا كدا كنت عايز أسافر دبـي أقعد فيها شوية وأسبانيا كمان بفكر أزورها، وأية رأيك بعديهم أروح..
قاطعته- مش هتطلع برة مصر، 
هتروح المزرعة
ضيق حواجبه بعدم فهم وردد- مزرعة، هو أحنا عندنا مزرعة اصلًا؟
- هتشوفها لما تروحها
- لا أنا مش عايز، شوفيلي مكان غيرها أية رأيك أروح الفيلا اللي في الساحل؟ ممكن موركيش وشي شهرين تلاتة لو عايزة و..
زعقت فيه- أنت بتفاصل معايا، واخد الموضوع هزار، أخرس وأستوعب اللي بقوله، أنت هتروح المزرعة دي، وهتكون مسئول عنها، عن كل حاجة فيها من أصغر حاجة لأكبر حاجة، لمدة شهرين.. مش هتطلع منها ولا رجلك هتخطي برة المنطقة لمدة شهرين، لو قدرت تستحمل ومجيتش تعيطلي.. هتمسك الشركة، لو جيت تعيطلي كعادتك من أول أسبوع وفشلت في مهمتك.. أعتبر إنك ولا حفيدي ولا أعرفك
رفعت صباعها تحذر- وخد بالك هتكون متراقب، تكاسلت.. فشلت.. أو بوظت حاجة.. هتكون أثبتت فشلك، وخسرت ورثك
بلع ريقه بصعوبة، جدته واخدة الموضوع بجدية، المرة دي مختلفة فعلًا
حياته على المحك
- ها، قولت أية؟
- موافق
- جهز نفسك علشان هتمشي دلوقتي
- دلوقتي!
****
الساعة عشرة بالليل، راكب سند عربية، جنبه مصطفى، إبن مجدة واللي دلال بتثق فيه ومشيلاه مسئولية سند كاملة، بتعتبره حفيدها التاني والأكبر كمان.. سايق مصطفى وجنبه سند بينام على نفسه
- مقربناش؟
- أنت عمرك ما جيت هنا؟
- ولا كنت أعرف أن عندنا مزرعة أصلًا
- يعني متعرفش حاجة عنها ولا أنت داخل على أية ولا هتمسك أية؟
- لا، ينوبك فيا ثواب فهمني ورسيني، فيها يعني أراضي مزروعة وعمال وهبقى مدير عليهم؟ طيب أشطا حلو أوي هسيبهم يزرعوا براحتهم وهعمل رحلة إستجمام وسط الطبيعة محصلتش..
بصله مصصفى بطرف عينيه ولسة هيتكلم لقى إتصال من دلال
- نعم يادلال هانم
- وصلتوا؟
- ساعة كدا وهنوصل
- سند عامل أية معاك؟
- كويس.. كنت هقول لحضرتك أنتِ معرفتوش..
قاطعته بتحذير- لا معرفتوش هيروح يلاقي أية ولا أنت كمان تعرفه وخلي بالك أنت مش هتقعد معاه
- هسيبه لوحده!
بصله سند بقلق، دلال- اه، هتبات إنهاردة بس علشان تعب السفر وتيجي تاني يوم، أومال مين هيمسك الشركة في غياب الحيوان
سند - شتمتني صح؟
- لا بتشكر فيك
- اه بحسب
مصطفى لدلال- طيب بس أديله خلفية
- ولا كلمة
- اللي حضرتك تشوفيه
قفل معاها وبص لسند و- دا أنت داخل على مرار طافح
سند بتخوف- للدرجادي؟ 
أبتسمله بسمة لا تطمن إطلاقًا وكمل سواقة
مسئولة أكبر من سند ببساطة!
حياة مختلفة، روح مختلفة، حاجات يمكن ميفهماش سند
****
وصلوا أخيرًا المزرعة، نزل سند يبص حواليه بإنبهار بيت كبير من الأحجار سقفه مثلث من الأخشاب، سور محاوطه هو وحديقة كبيرة، وبرة عنه أرض واسعة، ومكان للمواشي، مكان للخيل
- المكان تحفة، شكلي هحب الأجواء هنا أوي
شاور مصطفى من أقصى اليمين لأقصى الشمال، مسافة أكبر من مستوى نظره و- شايف كل دا؟ بقى دلوقتي تحت مسئوليتك
+..
بص للبيت الكبير الهادي، مفيش صوت طالع منه و- والبيت دا بكل اللي فيه
بلا مبالاة- أية اللي فيه يعني؟ 
هز مصطفى كتفه و- هتعرف لوحدك.. يلا ندخل ننام
دخل البيت، جميل وأجواءه هادية، أثري، كبير جدًا متقسم لأوض كتير وممرات
- هعيش في كل دا لوحدي.. أمم أنام فين
سحبه مصطفى لأخر دور و- هتنام في المكان المخصص للعيلة
- على أساس باقي البيت مش بتاعنا يعني!
بصله بطرف عينه ومردش، أخيرًا رمى نفسه على سرير قبل ما يعمل أي حاجة ولا يستوعب حاجة غمض عينه ونام بإنهاك..
مع أول نور للفجر، صوت دوشة وحركة كتير، بدأ يهمهم بضيق، فتح عينه وهو بينطق بنوم- مجدة أية الدوشة دي
الباب أتفتح في نفس اللحظة اللي هو فتح عينه وحس أن المكان مختلف عليه
صرخ هو واللي دخل.. قصدي دخلوا و- مين أنتوا
مين أنت وو...



                 الفصل الثاني من هنا

تعليقات