"كل حاجة بدأت في اليوم اللي دخلت فيه المكان ده... يوم ما حياتي كلها اتغيرت."
الدنيا كانت ضبابية، ريحة المطهرات مالية المكان، والأصوات حوالين حلا كانت مكتومة، كأنها في عالم تاني. كانت جاية تزور خالتها في المستشفى، بس فجأة لقت نفسها واقفة وسط ممر طويل، أبوابه كلها متشابهة، ومقفولة بكلمة واحدة: "ممنوع الدخول".
حلا قررت تستنى قريب من الاستقبال، بس فضولها كان بيشدها. المكان ده مش مستشفى عادي، تحسه سجن بس بلبس أبيض. الممرضات بملامح جامدة، والمرضى يا إما سرحانين في الفراغ، يا إما بيتكلموا مع نفسهم.
لكن اللحظة اللي غيرت كل حاجة... كانت لما سمعت صوت عنيف جاي من آخر الطرقة. صوت حاجة وقعت، همهمات مضطربة، وخطوات مستعجلة.
حلا بصت ناحية الصوت، شافت ممرضين واقفين حوالين شخص ممدد على سرير، مقيد بحزام جلدي.
كان شاب، شعره أسود مبعثر، ملامحه مرهقة بس فيها قوة، وعيونه... عيونه كانت حاجة تانية.
نظرة وحدة بس، وكانت كفاية تخلي حلا تتسمر في مكانها.
كان هادي... صامت تمامًا. لا بيصرخ، لا بيقاوم، بس عيونه بتتكلم. عيون حد شايف العالم كله عدو ليه.
واحد من الدكاترة كان بيحضر حقنة، والممرضين بيتأكدوا إن الحزام مربوط كويس.
"سليم حالته مش مستقرة، لازم الجرعة دي."
حلا حسّت بقشعريرة في جسمها. "سليم..." الاسم ده غريب عليها، بس في نفس الوقت... كأنها سمعته قبل كده؟
قبل ما تفكر في أي حاجة، واحد من الأمن لاحظ وجودها.
"إنتِ! واقفة هنا ليه؟ المكان ده مش للزوار!"
حلا اتوترت، لكنها بسرعة قالت: "أنا... تايهة. كنت بدور على أوضة خالتي."
الأمني رمقها بنظرة شك، لكنه سابها تمشي. بس قبل ما تبعد، حست بنظرة محروقة على ظهرها.
سليم كان لسه بيبصلها... عيونه فيها حاجة مش مفهومة.
حاجة خلت قلبها يدق بسرعة.
وكانت متأكدة... الليلة دي مش هتعدي عادي.
حلا حاولت تسيب المكان بسرعة، بس عقلها كان لسه متعلق بالعيون اللي شافتها. نظرة سليم... فيها حاجة غريبة. مش مجرد نظرة شخص مريض، دي كانت نظرة حد فاهم كل اللي بيحصل حواليه، بس عاجز يتكلم.
دخلت أوضة خالتها، لكن دماغها مكانش معاها. وهي بتسمع كلام خالتها عن العلاج والروتين الممل هنا، كانت عنيها بتروح ناحية الشباك. المستشفى كله هدوء غريب، حتى المرضى اللي بيمشوا في الحديقة الداخلية، تحسهم مش موجودين فعليًا... مجرد أجساد بتتحرك.
بعد ساعة قررت