رواية المزرعة السعيدة الفصل الرابع4بقلم زينب سمير


رواية المزرعة السعيدة الفصل الرابع4بقلم زينب سمير




نزل سند لما حس بقلق أثناء نومه، حاسس بأصوات وحركة تحت، فنزل علشان يطمن لو كله تمام، اتفاجئ بالفعل إنهم ملمومين عهد بوابة المزرعة، بصلهم بتعجب اية اللي مصحيهم تلاتة الفجر!
قرب منهم وبصوت ناعس- أية اللي مجمعكم المرة دي؟
وسعوله سكة دخل وسطهم لحد ما لقى شوية صخور ملتفين حوالين حاجة بيضا قرب أكتر فأستوعب الأمر، بطانية بيضة ملفوفة حوالين بنت بتعيط بهيسترية
- مين دي؟ 
بص ليهم و- بنت حد فيكم؟ ولية عاملين فيها كدا، أية الجنون دا
قرب ياخدها من على الأرض، وبصلهم مستني تفسير
بررت فدوى- محدش ليه دعوة بيها والله، دا حد جـه حطها هنا ومشى، وعم محسن لما حس بيها جـه صحانا وكل لما حد فينا يحاول يشيلها تصرخ وتعيط
بصلها بعدم إستيعاب، حد جـه سابها هنا ومشى، بالبساطة دي، الفكرة اللي بيسمع عنها ويشوفها في الافلام، بتحصل فعلًا في الواقع
واقع هو عايشه حاليًا! من غير ما يحس شـد بأيده حوالين البنت، يضمها ليه أكتر، والغريب إنها سكتت بإستكانة، متخيل أحساسها لما تكبر وتعرف أن أهلها أتخلوا عنها، رموها، حاوطوها بشوية حجارة وصخور..
بلل شفايفه وهو بيبص ليهم مش لاقي كلام، مش ظاهر عليهم الصدمة زيـه كأنهم متعودين.. على القسـوة دي!
قربت سـت منه تاخد البنت و- هاتها نسكتها ونأكلها شكلها جعانة لحد ما نعرف هنعمل معاها أية
- يعني اية هنعمل معاها أية، هنرجعها لأهلها، هنجيبهم لحد هنا و..
- فكرك هتلاقيهم! ولا هيرضوا ياخدوها أصلًا، خلاص رموها
- يعني اية راموها وبالبساطة دي والقسـوة دي..
شاور عليها، البطانية اتحركت من عليها فظهرت ملامحها محمرة من البرد والبراءة ظاهرة عليها
- أزاي هانت عليهم!
كان هيتجنن، حس إنه مش هيقدر يقف قدامهم أكتر من كدا فبَعد عنهم، يلف حوالين نفسه بجنون..
بعد معاناة قدر يطلع فوق وينام تاني، فضل يقضي ساعات الليل ولأول ساعات من الصبح وهو بيتقلب لحد ما قدر ينام أخيرًا..
نزلهم الضهر، قعد على التربيزة كالعادة، سأل وعيونه بتدور في المكان- عملتوا أية في البنت وودتوها فين
- نايمة فوق، ومستنيين قرارك، هتقبل بيها ولا نشوف دار ايتام غير هنا لو مش عايز
بلا مبالاة مصطنعة- خلوها هنا وخلاص، حتى تبقى في المكان اللي اهلها سابوها فيه علشان لو فكروا يرجعوا يدوروا عليها يلاقوها موجودة
هزوا راسهم بإيجاب، أكل وطلع يتمشى في الأرجاء، لمح المزارعين ملمومين مع بعض وواخدين استراحة قرب منهم، كانوا بياكلوا بإشتهاء فقرب أكتر بفضول يشوف اية الحاجة اللذيذة اللي بياكلوها دي
لمحهم بياكلوا خضار لوحده مع عيش وملح
همس بإستنكار لنفسه- والله!
وحط إيديه حوالين وسطه، لمحه واحد منهم فمد إيده برغيف عيش وثمرتين من الخضار وبضحكة بسيطة- إتفضل يابيـه كُل لقمة معانا
- لا شكرًا أتفضلوا أنتوا بالهنا والشفا
قرب الراجل الثمرة من هدومه يمسحها و- لو قلقان من نضافتها فمسحتهالك أهـي ولا تحب اغسلهالك
لسة هيقوم سحبهم منه سند وهو بينفي بحرج- لا لا مفيش داعي هاكلهم زي ما هما
قعد جنبهم ياكل وهو حاسس بغصـة في حلقه من رد فعل الراجل البسيطة، وأزاي شاركه باللي معاه
وأزاي عايز يقدمهاله بأفضل صوره، قعد ياكل ومن غير ما يحس بدأ كمان ياكل بإستمتاع، لية هنا كل حاجة ليها طعم وريحة مختلفة.. مميزة، حاسس بنهم حاسس بطعم للشئ، 
بدأ يندمج في الكلام معاهم، وهزارهم البسيط، أزاي حياتهم مليانة هموم وعايشين ببساطة، أزاي بيقدموا كل الجهد دا وراضيين،
قاموا فوقف معاهم، حس نفسه قليل أوي قدامهم، فقرب معاهم للأرض يساعدهم، يمكن يحس أن ليه قيمة زيهم!
مش شايف الكاميرا اللي بتصوره، بتصور كل موقف وخطوة ليه
****
رجع على المغرب وهو حاسس بالتعب والإرهاق لكنه أول مرة يحس إنه أشتغل بجد، عمل حاجة مفيدة، 
دخل ورمى نفسه على اقرب كرسي بإنهاك غمض عيونه لثوانٍ فتحها لمح صينية أكل قدامه وزوزو بتقول بآمر- كُل
قعدت جنبه تبصله بشفقة لما شافت تعبه و- قالولي إنك أشتغلت مع الفلاحين، أنت قد الشغل دا علشان تعمله؟
- قولت أسلي نفسي
- طيب ها عجبتك الملوخية بتاعتي؟ محدش يغلب زوزو في طشتها
بإعتيادية- ماشي حالها يعني، ملوخية زي أي ملوخية
ضربته على كتفه بضيق ومشت وسابته، بص لضهرها وهي بتمشي وهو بيضحك ورجع ياكل بإستمتاع
لمح فدوى نازلة السلم فشاورلها تجيله و- هما العمال اللي بيشتغلوا في الأرض بتتعاملوا معاهم أزاي؟ يعني بيقبضوا كام ومكافئتهم والكلام دا
- ليهم يومية بـ 250 ج
- بس!
هزت كتفها بأنه آه، 
- بيشتغلوا كام ساعة؟
- في حدود 8 ساعات
- ملهمش أي مميزات؟ مفيش وجبات؟
- أحيانًا بنقدملهم أكل، بس مش علطول
- عايز أقابل المحاسب اللي مسئول عنهم، يوميتهم لازم تزيد، وهيبقى في إجباري وجبة ليهم كل يوم
- لكن دي قرارات مش مدروسة، حسبتها قبل ما تتكلم؟
- هي مش المزرعة دي كلها مؤسسة خيرية؟ معتقدش أن هدفها الربح يعني، ودول لحد دلوقتي هما أكتر ناس أنا شايفهم بيتعبوا، وكمان المحاصيل دي أعتقد لازم يبقى ليهم فيها نسبة، دي حاجة بيهتموا بيها كل يوم وبالسنة، لازم يحسوا أنهم بيلاقوا مقابل شغلهم
- عمومًا دي كلها قرارات ترجعلك أنت والست دلال
- أنا هتصرف مع تيتا.. 
هزت راسها بتمام، لسة هتمشي وقفها- البنت اللي كانت تعبانة أمبارح.. كويسة؟
- اه أنهاردة أحسن بكتير
- طيب بصي بخصوص اللي قولتلك عليه أمبارح، أية رأيك نجدد الدور بتاعهم؟ شايف ألوانه كئيبة نخليها ألوان فاتحة نسأل دكاترة علم النفس ونشوف الألوان اللي ممكن تأثر إيجابي على حالتهم، ونوفرلهم أي حاجة ممكن تخفف عنهم أو تقلل من تعبهم، اللي عنده موهبة، اللي بيحب يعمل حاجة.. اللي عنده رغبة حابب ينفذها، يعني منعيشهمش في الاستسلام دا.. أية رأيك؟
ببسمة لطيفة وعيون لامعة- أفكار حلوة أوي، كلنا معاك فيها طبعًا، ولا عايزنا أحنا نعملها ومتتعبش نفسك؟
برفعة حاجب- وتنسبي الفضل ليكِ؟ إنسي، انا هشرف على كل حاجة بنفسي
****
بعد ما خلص أكل طلع لأوضة في الدور التالت، كام ست قاعدين ومعاهم الطفلة الصغيرة بتعيط ومنهارة
- برضوا مش عارفين تسكتوها؟
قالت ضحى بقلة حيلة- شكلها جعانة بس في نفس الوقت مش راضية تشرب من أي نوع لبن من اللي موجود
- طيب هاتولها غيره، وأطلبوا دكتور يشوفها يمكن تكون تعبانة
هزت فدوى راسها بتأكيد و- أزاي مجاش في بالنا دا، امسك كدا  أما أروح اطلب دكتورة أطفال
اعطته البنت وخرجت برة بتجري، شالها وهو بيبصلها بخضة، لسة متعودش يشيل أطفال بالحجم دا
اندمج معاها وبدأ يهاودها ويلاطفها، رفع عيونه لقيهم كلهم بيبصوا عليه، بخضة سأل- في أية بتبصولي كدا لية
- غريبة سكتت في إيدك، مكانتش راضية تسكت مع حد فينا
بصلها وبسرعة حطها في إيد ضحى و- عادي يعني تلاقيها تعبت من العياط خديها..
سابهم ومشى بسرعة من قدامهم
- طلع طيب أوي
- كل مرة يتفاجئ باللي بيعمله ويسيبنا ويطلع يجري
- هو نفسه مش عارف قد أية هو حنين، شبة الست دلال بالظبط

جـه بعد شوية لما الدكتورة خلصت كشف، سألها بقلق مش واخد باله منه- طمنينا يادكتورة اخبارها أية ولية بتعيط بالشكل دا؟ محتاجة أشعة ولا حاجة معينة ممكن حالًا نطلعها على مستشفى و..
- البنت زي الفل متقلقوش، أنا كتبتلها على نوع لبن وأن شاء الله تتقبله، متنسوش بس تاخد تطعيماتها في ميعادها
مشت وسادت لحظة صمت عليهم
فدوى- لازم نتكفل بيها رسمي ونديها اسم وشهادة..
ضم قبضة إيده بغل وهو بيبص قدامه، لو بس يشوف أهلها قدامه، أزاي يعملوا فيها كدا، 
- شوفي الإجراءات اللازمة وبكرة ننزل المدينة نخلص كل دا
هزت راسها بتمام، ضحى- عايزين نختار ليها اسم..
بصلها سند وشرد فيها للحظات قبل ما يبتسم وينطق من غير ما يحس- جميلة هنسميها جميلة، مش شايف اسم يليق بيها غيره
- خلاص نسميها جميلة
بالليل قرب منهم بنعس يسأل- أية برضوا لسة منامتش ومسهراكم؟
بصوله بقلة حيلة، مش راضية تنام، ولا راضية تسكت وكلهم ملفوفين حواليها برضوا، قبل ما تلمع عيونهم بخبث ويبصوله بنظرات شريرة
- في أية؟
قربت وحدة منهم بيها ليه و- شوفها هتسكت معاك كدا ولا لا
خدها منها بلا مبالاة و- يعني هي مش راضية تسكت من الصبح معاكم، هتسكت معايا انا.. 
خلص كلامه مع أنتهاء وصلة بكاء جميلة، بصلها بعيون واسعة مصدومة.. لقيها بصاله وبتبتسم
قدمتله البنت الببرونة وبهزة كتف- أختارتك.. أرتاحتلك، حظك بقى
كلهم سابوه معاها في الأوضة لوحده ومشوا
- كدا برضوا ياست جميلة، ماشي..
وقضى ليل طويل مع جميلة،
****
تاني يوم، عمال كتير وحركة، عمال سند بيشرف عليهم بنشاط، 
قرب من فدوى و- لاحظت في أوضة فاضية جنب المخزن، هننضفها وهجيب فيها أدوات موسيقية وهجيب للأطفال مدرسين موسيقى يعلموا اللي يحب منهم
وكمان الرياضة مهمة لية مفيش حمام سباحة؟ أحنا ممكن نحفر ونعمل واحد في الحديقة من ورا.. وعايزين حاجة متكونش متعبة لرؤى، الموسيقى كلها عادي أعتقد، وممكن الأعمال اليدوية دورت أمبارح وحسيت الموضوع ممتع وهيسليها و..
وقفته فدوى- كل الكلام دا جميل أوي بس تفتكر فيه ميزانية؟
- أنا هتصرف هكلم تيتا تبعت ولو رفضت أنا معايا فلوس.. ولو مكفتش عادي نعمل حاجة حاجة بس في الأخير كل دا هيحصل
نطق بحماس وهو بيبص للمكان حواليه وعقله بيصورله البيت والمزرعة في خياله مبهجة ومليها ضحكات، مش هيسكت غير لما تكون كدا..

عند الست دلال، 
بَعد مصطفى عنها الفون و- دا اللي حصل إنهاردة وهو كلمني أوصلك إنه عايز فلوس وفدوى فهمتني لية
أبتسمت بعيون بتومض بلمعة سعادة- اديه اللي عايزه
حمحم مصطفى و- انا بقترح إننا نرفض
بصتله بعدم فهم و- لية يامصطفى ما أحنا صدقنا إنه في أمل
- نشوف هيصّر يحقق اللي قاله ولا هيسكت لما ميلقيش الدعم، هنشوفه هيحاول يقنعك بأي طريقة وفعلًا عايز يعمل دا من قلبه ولا بس هي افكار وهتروح لحالها
هزت راسها بإقتناع، يمكن دا إختبار، فعلًا هيصّر يحقق حاجة مش هتجيب ليه أي استفادة زي المرادي ولا هيطنش اول ما الباب يقفل في وشـه من أول مرة.. كالعادة..

وكالعادة سهران هو بجميلة وكلهم نايمين، بص ليهم حواليه كلهم نايمين، أخد جميلة وحاجتها وطلع لأوضته،
****
تاني يوم دخلت فدوى لأوضته بخضة، لمحته نايم وجنبه جميلة محاوطها بمخدات ونايمة في سلام، شاورت للي واقفين برا بهدوء إنها هنا وهي بتتنهد براحة، أبتسمت وهي بتطلع فونها وتاخد صورة
حست بيه بيصحى فخبت الفون بسرعة، 
أتعدل لما شافها وبخمول- صباح الخير
ردت بحرج- صباح النور، أتخضينا بس لما ملقيناش جميلة فكنت بدور عليها
هز راسه بتفهم، قام من مكانه وبنشاط- زوزو حضرت الفطار؟ 
- بتجهزه، تحب يطلعلك هنا؟
نفى و- لا هنزل أفطر معاكم
فرك كفوفه وبحماس- وبعدها هطلع على الأرض إنهاردة في محصول هيلموه، وعلى العصر الدكتور البيطري هيجي علشان يطمن على المواشـي، عم محسن قالي إنه حاسس..
بصلها بنسيان و- مش فاكر بالظبط أية مشكلتهم لكن هنجيب الدكتور يطمنا.. 
بصتله بلطف وهي شيفاه بقى بيظبط جدول ليومه، بيتأقلم على الأجواء من غير ما يحس
بعد شوية نزل تحت فهوهو ليه بوبا، قرب ياخده من سعاد وبدأ يلعب معاه، بص لطفلة مع ضحى و- دينا عاملة اية إنهاردة؟
هزت ضحى راسها بإطمئنان إنها كويسة، كان عندها دور سخونية أمبارح وهو جابلها العلاج.
خلص فطاره وودعهم وطلع على الأرض، 
في نص اليوم أخد أستراحة ورمـى نفسه بإرهاق في أقرب حتة فاضية لقاها، رغم كل التعب دا هو حاسس براحة وفرحة..
- أهـو سند بيـه
فتح عيونه لما سمع اسمه، قربت خطوات منه ووقفوا فوق راسه يمنعوا الشمس عنه وبصوت مدهوش لحد منهم- اوه سند دا طلع الحوار بجد!!
وسع عيونه بدهشـة لما سمع صوت عارفه كويس، أصحابه بيعملوا أية هنا!
دي مش أجواء تنفع معاهم بتاتًا، وجودهم مش هيكون لطيف نهائي..



                  الفصل الخامس من هنا

تعليقات