
رواية عودة الأسد الفصل الاول 1بقلم راضية
يستيقظ منير في السجن على صوت الحارس لقد حلم حلما جميلا ، لقد رأى انه قد ذهب إلى بيت السيد صالحي وفي يده باقة من الزهور لخطبة مونيا ، ومونيا قبلت .
الحارس : منير سرحان ، عندك افراج ، دفعوا لك الكفالة .
منير : من الذي دفعها ؟
خرج منير من السجن ووجد امه في انتظاره، ذهب ليعيش معها في الخارج، ويعود الى بلده بعد 5 سنوات .
منير يملك شركة ناجحة في البناء عاد الى بلده ليبني مركز تجاري ضخم بجانب قطعة أرض فيها اسطبل احصنة . قطعة الارض هذه هي ملك لمركز التكوين والتعليم الخاص بالأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة .
امراة مسنة فاحشة الثراء تبرعت بهذه الأرض لهذا المركز الخاص بهذه الفئة من المجتمع.
في هذا المركز يدرس اكرم اخو نوال، وفي نفس المركز يعمل اخوه. اخوه؟؟!! من اخو اكرم؟ هل هو سمير ؟؟؟!!!. نعم ياسادة انه سمير لقد خرج من السجن بعد 6 سنوات ، يعمل مدربا رياضيا لهذه الفئة من المجتمع . يدربهم على امتطاء الاحصنة وعلى تايكواندو , سمير حصل على الحزام الاسود في هذه الرياضة ، عندما كان مراهقا.
لم يتغير كثيرا ، نفس قصة الشعر ، نفس الابتسامة ، نفس الروح المرحة ، لكن في عمق عينيه بقع الحزن والخذلان واضحة وضوح الشمس في وسط النهار .
التغيير الوحيد عند سمير هو انه انقطع عن التدخين . غير ممكن سمير لايدخن؟ نعم ، توقف عن عشقه ل السجائر لان اخوه اكرم المصاب بمتلازمة داون، قال له يوما : سمعت في حصة تلفزيونية ان المدخنين يمرضون ، وانا لا أريدك أن تمرض يااخي ....
كان لمدير المركز ابنة جميلة جدا ، وهي مدربة نفسية، منذ اليوم الأول وقعت في حب سمير، لكن هل سمير يبادلها نفس الشعور ام ان في قلبه مشاعر لم تمت بعد لامرأة أخرى؟
لم نتحدث بعد كيف خرج سمير من السجن ، حكم عليه في البداية ب20 سنة سجنا لانه كان يتاجر في المخدرات ، وقتل عمر، وقام بإطلاق الرصاص على اخيه منذر .
لكن ابوه السيد صالحي دفع كفالة كبيرة، وتعويضا ضخما لعائلة عمر ، ارسل ابنه امجد مع امه الى الخارج ليتعالج وتعافى تماما من مرضه، لاشيء يعوض الابن عن ابيه . لكن في النهاية سمير لم يقتله عمدا ، لقد كان فخا ، كان يعتقد انه هو من خطف مونيا وهو من باع أسرار الشركة .
تعاون سمير مع الشرطة وكشف عن عصابات أخرى تتاجر في المخدرات وعن أماكن تكديسها ، وفي ضرف قصير وبفضل سمير تم القبض على العديد من المهربين ، والحجز على اطنان من المخدرات ، لذا سمير حصل على تخفيض مدة سجنه ل 6 سنوات وكان تحت حماية الشرطة بعد خروجه من السجن .
بالنسبة لاخيه منذر ذلك الشاب الصغير ، المتدين ، المعتدل ، المتوازن، المسامح ، فلم يرد ان يقاضي سمير ، بل سامحه، وسمير ندم ندما شديدا لاطلاقه الرصاص على اخيه منذر ، وأقسم بان لا يمسك مسدسا مرة اخرى في حياته .
حياة سمير انقلبت راسا على عقب ، عائلته ليست بعائلته الحقيقية ، بسبب بنات السيد صالحي دخل السجن ، خسر كل امواله، تلقى صدمة قوية ، لكنه في النهاية لم يقتل أحدا ، لم يقتل بنات السيد صالحي، وندم ندما كبيرا لأطلاقه الرصاص على اخيه منذر ،
ياله من رجل ، رجل احلام كل فتاة، لكن هو لايحلم الا بواحدة ، هل سيسامحها يوما ما ؟ الخذلان كبير والصدمة اكبر ، الحب ان كان أقوى ربما الصعاب تتبعثر.....
سمير لم يعد يغضب بسرعة ، هل كان من المفروض ان يقضي كل هذه السنين في السجن ليهدا؟ لم يعد يعشق المال ، لقد فهم اخيرا ان السلطة المطلقة تكمن في الحرية وليس في الثروة ، المال الحرام قد يرفع صاحبه عاليا جدا ، لكن في النهاية لابد أن يكون السقوط فظيعا وموجعا.
قرر ان يعيد حياته من الصفر وان يبني نفسه بنفسه، رفض مساعدة اخيه منذر وابيه السيد صالحي ، يعيش في شقة مكونة من غرفة واحدة , يطبخ وينضف ويغسل ملابسه، يزور اباه البيولوجي، لكنه أصبح وحيدا ، منعزلا، يرفض اللقاءات العائلية، ولقاء الأصدقاء؟ لم يعد له أي صديق سوى كلبه.
يرفض اي تقارب مع بنات السيد صالحي ، نوال عندما تذهب إلى المركز لتسطحب اخوها اكرم تحاول التحدث معه لكنه يتجاهلها. شرحت له كل ماحصل مع حميد وكيف استغل ضروف مونيا وسهام لينتقم من السيد صالحي لكنه رفض تقبل الأمر.
بالنسبة لسمير لا شيء يبرر الخيانة، لاشيء يبرر الغدر ، لو ان مونيا أخبرته لما حصل ما حصل .لو ان مونيا طلبت منه التدخل لقام بحل الامر بسرعة .لو ان مونيا طلبت منه التوقف عن تجارة المخدرات لفعل .
كان مستعدا ان يفعل اي شيء ليرضيها. لكنها لم تفعل شيء من هذا ، قررت السكوت وتحطيم سمير لإنقاذ نفسها .هذا بالنسبة لسمير دليل قاطع على أنها لاتحبه.وهو الذي احبها بكل وجدانه.......
في صباح يوم جمعة، استيقظ منير باكرا ، لقد قرر ان يحقق الحلم الذي راه منذ 5 سنوات ، نعم لقد قرر ان يذهب الى بيت السيد صالحي لخطبة مونيا بعد صلاة الجمعة ، اشترى زهورا وخاتم من الذهب ، لبس بدلة جميلة ، شعره اسود اللون .
منير أيضا تغير ، لم يعد ذلك الشاب الطاءش، الذي يصبغ شعره بالون الأشقر، أو يضع اقراطا في أذنيه، أو اساور في يديه .لقد أصبح بالطبع ذو هيئة تليق برجل أعمال، رغم قصر قامته الا انه وسيم جدا وله هيبة ، يجذب الانتباه
.
عندما خرج من السجن ، ذهب إلى الخارج ليعيش مع امه ، كان يعلم ان سمير قبض عليه وان مونيا هي ابنة السيد صالحي لكنه قرر ان يصنع من نفسه شيئا قبل ان يعود إليها. لم تعد تلك الفتاة الفقيرة المضطهدة الان، انها ابنة أغنى رجل في المدينة، وعليه ان يكون كفؤا لها .
هو متأكد من أنها تحبه ، فبما ان سمير في السجن فلا خوف من شيء .
ها قد وصل امام البيت الكبير والراقي ، الف سؤال في ذهنه ، كيف أصبحت مونيا ؟ هل مازالت تحبني كما احبها ؟ ترى ماذا كانت تفعل كل هذه السنين ؟ رن جرس الباب ،
كان السيد صالحي جالسا في القاعة الرئيسية رفقة ابنتيه سهام ونوال ، وهناك أربعة أطفال معهم . 3 منهم اولاد سهام ، وابن في الثانية من عمره ابن نوال ، فقد تزوجت منذ ثلاث سنوات ، واسسست رفقة زوجها مكتبا المحاسبة
، زوجها كان زميلا لها في الجامعة التقت به في إحدى المؤتمرات ، و احبا بعضهما وتزوجا .مكتبهما ناجح جدا يوجد في قلب المدينة .
.تأتي كل يوم جمعة لزيارة والدها .أما سهام فتعيش مع ابوها السيد صالحي، زوجها بعد خروجه من السجن ، تغير كثيرا أصبح اكثر مسؤولية ، وقام بمشروع في البناء مع مهدي اخو مونيا وقد نجحا فيه.
. فتح الباب دخل منير ، بخجل كبير تقدم نحو القاعة الرئيسية عندما راه السيد صالحي في البداية لم يعرفه، منير قدم نفسه وقال انه جاء لرؤية مونيا وخطبتها.
وشرح ماذا فعل في كل هذه السنين .استمع اليه السيد صالحي بكل انتباه ، وفي الاخير قال له : دع رقم هاتفك ، عندما تأتي مونيا ساخبرها ، ان قبلت بك، اهلا بك في هذه العائلة.
منير كان سعيدا جدا بهذا الرد، ولكنه كان أيضا حزينا نوعا ما لانه لم يرى مونيا لم تكن في البيت ، مونيا أصبحت ممرضة،كان حلم طفولتها، وتعمل في احد المستشفيات الخاصة في المدينة، وكان يوم مناوبتها.
كلنا يعلم مافعلته السيدة عتيقة زوجة السيد صالحي ، فقد قامت باستبدال بناتها : سهام ، نوال ، مونيا ، عند ولادتهن: بابنة ميتة ، وولدين : سمير ومنذر ، وذلك خوفا من زوجها الذي يكره البنات .
بعد انكشاف الحقيقة الكل اعتقد ان، سمير ومنذر هم أخوة مع سهام ، نوال، ومونيا بالرضاعة، لكن السيد صالحي أكد ان زوجته عتيقة بعد كل ولادة تصاب باكتاب حاد ، تنفر من أولادها ولاترضعهم ، سمير ومنذر لم يرضعا من عتيقة ، سمير ليس اخ مونيا .
عتيقة لم ترضع سمير ومنذر ، لأنها خافت من أحدهما ان يتزوج واحدة من بناتها في يوم من الايام ، حتى ان ام سهام لتي ربتها أكدت ذلك لأنها كانت تعمل خادمة في البيت في ذلك الوقت ، قالت ان الممرضة في المستشفى اكدت لها ان عتيقة في كلتا المرتين التي انجبت فيهما رفضت ارضاع طفلها ،
.السيد صالحي اليوم فهم كل شيء ..
كانت مونيا في المستشفى الذي تعمل فيه عندما تلقت اتصالا من اختها نوال ،
مونيا: نوال ماذا تريدين؟ انا اعمل
نوال : خمني من جاء اليوم الى البيت ؟ وتحدث مع ابي السيد صالحي ؟
مونيا : من ؟ اخبريني.
نوال : منير سرحان ، جاء ليخطبك ، رجع من الخارج ، لديه مشروع كبير هنا في المدينة
مونيا : منير ؟ !!!جاء ليخطبني ؟
بدت الدهشة على وجه مونيا ، لماذا عاد بعد كل هذه السنين ؟ اعتقدت انه نسيها، كان في السجن بسبب الهجرة غير الشرعية ، لم تسأل عنه يوما ، ولم ترد ان تتصل به مرة اخرى ، رغم الحب الكبير الذي كان بينهما عندما كانت مراهقة ،
الا انه بعد استقرارها مع ابيها واحساسها بالامان، أيقنت ان حبها لمنير لم يكن حقيقيا ، أدركت انها كانت متعلقة فقط به لأنها كانت تفتقر لحب وحنان العائلة. صحيح انه في البداية اعتنى بها ، لكن فيما بعد ، دخلت في مشاكل مع اخيها بسببه ، وسمعتها أصبحت سيئة في الحي الذي تعيش فيه .
بالنسبة لها قصتها مع منير انتهت في اليوم الذي حاول قتل أخيها مهدي وفي اليوم الذي بدا يشك في وفاءها . لم تتمكن من تخطي كل هذه الامور بالاضافة الى ان سمير ساعدها على فهم الامور بطريقة صحيحة
سمير عندما تفكر فيه عيناها تدمعان حسرة وندما عليه بعد كل ماحصل ادركت مونيا اخيرا انه احبها بكل جوارحه احبها بدون مقابل، من اجلها فعل كل شيء
رفض ان تبيع المخدرات، خطبها ليحميها من اخيها قتل دفاعا عنها ، وقف ضد الجميع من اجلها تضحيات سمير كانت كبيرة ولكنها بالمقابل خذلته وخدعته بسببها دخل السجن .حاولت كثيرا زيارته والحديث معه وطلب السماح منه لكنه رفض رؤيتها ورفض سماعها .......
يتبع