رواية نذير شؤم الفصل السادس6 بقلم ناهد خالد

رواية نذير شؤم الفصل السادس6 بقلم ناهد خالد

جلست بجوار " زينب " التى تبكى بفزع على فلذة كبدها الذى أصطحبه عمه ووالده للمستشفى رافضين قدومها , ظلت " نواره " بجوارها تحاول تهدئتها ولكن بالطبع فشلت فقلب الأخرى يتلوى قلقًا على ابنها من أن يصيبه مكروه ..


هتفت " سمر " ببكاء :




-طيب هو ايه الى حصله ؟




ضربت " زينب " بيدها على فخذها بعنف وهى تقول ببكاء مستمر :




-معرفش ..جه من المدرسه وكان كويس قعد نص ساعه يدوب كل وقالى أنا عاوز أنام ..نام لحد المغرب ولما استغيبته دخلت اصحيه لقيت وشه محمر زى الكبده ونفسه مقطوع ومبيردش عليا .




وصمت الجميع وصمتت " نواره " وهى تنظر لحالة " زينب " التى وصلت لها بسببها وحالة "سمر " هى الأخرى التى لم تخرج من حزن كانت هى السبب بهِ , وهل هى السبب ! , بالطبع هى السبب ..وفاة والدته وموت جنين أخيه والآن ابن أخيه اولآخر فى علم الغيب , كل هذا تباعًا وتتسائل إن كانت هى السبب أم لا , على كل حال ليست مرتها الأولى فأحد من خُطبت لهم توفت والدته بمجرد تعرفه عليها , لذا فالأجابه واضحه لقد حطت لعنتها على هذه العائله ...و أصبحت هى نذير شؤم وعن جداره .




لوت فمها بسخريه من جملتها الأخيره التى أتت فى عقلها , هربت من منطقتها من أجل هذه الجمله التى نعتت نفسها بها الآن ..




انتفضت على انتفاض "زينب " راكضه تجاه الباب وهى تهتف لإبراهيم الحامل ابنه :




-ابنى يا إبراهيم هو كويس بالله عليك قول أنه كويس .




طمئنها " يوسف " الذى دلف للتو وهو يقول :




-اطمنى يا زينب ..عمرو كويس هو بس كان عنده حساسيه شديده لأنه كل حاجه هو بيتحسس منها فحاولى تفتكرى هو كل ايه عشان متحصلوش تانى .




تسائلت بقلق :




-طيب هو مصحيش ليه ؟




-هينام شويه من الأدويه ولما يصحى هيبقى كويس .




دلف " إبراهيم " للداخل ودلفت هى خلفه لغرفة الصغير ...




التف " يوسف " لسمر وهو يسألها:




-اومال الحاج فين ؟




-قالى الصبح إن عنده شغل مهم النهارده وهيتأخر .




تنهد براحه وقال :




-تمام , بس متبقيش تقوليله حاجه عن عمرو عشان ميقلقش عليه .




التف ليخرج فانتبه ل " نواره " الجالسه بالجانب فنظر لها بصدمه مُتسائلاً :




-أنتِ سيبتى الست لوحدها يا نواره ؟




وقفت متجهه إليه وهى تقول :




-لأ طبعًا , أنا سيبت معاهم بليه وقلتلهم لو تعبت جامد يبعتوه ليا .




هتف وهو يخرج :




-تعالى أما نشوف وصلت لفين .




_______( ناهد خالد )_______ 




التاسعه مساءً ..




خرج " يوسف " من غرفة الكشف بعد انتهاء آخر كشف لديهِ , فوجد " نواره " جالسه تهفهف بأحد الجرائد بملل ..




-خلاص كده يا نواره ؟




وقفت سريعًا وهى تقول :




-مبقاش غير الست الى بتولد .




هزَّ برأسه باسمًا وقال :




-دى كرهتنى فى الطب والى عاوزينه .




دلف لها وهو يبتسم بيأس :




-يا مدام سهيله أنا طلع عينى فى حملك ده , ده أنا لو كنت حملت أنا كان هيبقى أسهل !.




رد زوجها بابتسامه :




-معلش يا دكتور تعبناك معانا من أول الحمل .




رد " يوسف " بمرح :




-ياراجل دى جاتلى فى الخامس وإلا تولد , وأقنعتها بالعافيه أنه مينفعش .




أومئ زوجها مؤكدًا :




-هو احنا تقريبًا كنا كل شهر فى نفس الموضوع ده وصريخ برضو وده شكله الطلق وبتاع , ده من أول التانى باين . 




ضحكوا جميعًا على حديثه فقالت هى بحرج :




-أنا أول حمل ليا وطول الحمل قلقانه ومتوتره اعمل ايه !




ابتسم لها يوسف بإطمئنان :




-متقلقيش يا مدام مش هتروحى النهارده غير بالعريس بين ايديكِ , أنتِ بس جيتِ بدرى شويه , يعنى أول ما حسيتِ بوجع جيتِ , بس إن شاء الله هانت .




____( ناهد خالد )_____




بعد يومان ..




-نواره ! سمر لسه مجتش من المدرسه .




قالها " يوسف " وهو يخرج من شقة أبيه صباحًا فتفاجئ بنواره أمامه ..




-عارفه , أنا جاى للحاج منتصر .




قطب حاجبيهِ باستغراب :




-الحاج منتصر ! ودلوقتِ ؟ ليه ؟




رفعت منكبيها بجهل وقالت :




-معنديش إجابه , أنا لاقيت بليه من شويه بيخبط عليا وقالى الحاج عاوزك فى البيت .




أنتابه الفضول حول الأمر فرجع بظهره لداخل الشقه وهو يقول :




-طيب ادخلى نشوفه عاوز أيه لتكون فى مشكله ولا حاجه .




دلفت ورائه لمكتب أبيه الذى يتابع بعض أعماله الصباحيه كالعاده ..




هتف " منتصر " ما إن رآه :




-الله رجعت ليه يا يوسف ؟




أشار ل " نواره " التى دلفت خلفه وقال :




-نواره جت بتقول أنك بعتلها .




نظر له منتصر بمكر وهو يقول:




-وأنت جاى معاها ليه ؟




توترت ملامحه وهو يستمع لحديث أبيهِ فقال بتلجلج :




-أنا قولت يعنى يمكن فى مشكله ولا حاجه .




ابتسم الأول بخبث وهو يقول :




-لأ ربنا ما يجيب مشاكل ده خير وخير اوى كمان .




هتفت " نواره " باستغراب :




-وايه الخير ده يا عم الحاج ؟




-اقعدوا بس الأول .




جلسا أمام مكتبه وصمت منتصر قليلاً كأنه يتلاعب بأعصابهما وخاصًة أبنه ثم قال أخيرًا :




-بصى يا نواره , أنتِ دلوقتِ بقيتِ من منطقتنا ومش بس كده أنتِ كمان بقيت بعتبرك من عيلتنا والناس كلها شايفه علاقتك بينا عشان كده لما حد حب يتكلم فى أمرك جالى أنا , فى شاب كويس وابن حلال وكمان مهندس قد الدنيا كلمنى وعاوز يتجوزك وهيتقدم طبعًا بس حابب يشوف رأيك المبدأى , موافقه يتقدم وتقعدى معاه يمكن تقبليه ؟




رد " يوسف " وهو يشتعل غيظًا :




-ايوه هى تعرفه منين عشان تقبل ؟




-ماهيقعد معاها ويتكلموا فى الرؤيه الشرعيه ولو ارتاحت لكلامه وتفكيره يبقى على خيرة الله .




أشاح بيده بضيق وهو يردد :




-ياحاج شغل الخاطبه ده انتهى من أيام جدتى !




رفع " منتصر " حاجبه وهو يسأله بضيق :




-قصدك مين بالخاطبه يا سى يوسف ؟




رد سريعًا بنفى :




-مقصدش ياحاج والله .




نظر " منتصر " ل " نواره " وقال :




-مسمعتش رأيك يا بنتى ؟




كانت شارده فى حديث منتصر وردة فعل يوسف التى تثير الشك بالإضافه لضيقه الواضح و رفضه المُستتر , تُرى أم تراه حقيقى أى أنها تتوهم ..




انتفض عقلها مع سؤال منتصر لتفيق من أحلامها , بماذا تفكر هى ؟ من الأساس لا يجب أن تسمح لأحد أن يدلف حياتها إن كان يوسف أو غيره .




وقفت بهدوء وهى تقول بحزن خفى ولكن لم يخفى على الذى يتابعه بعينيهِ باهتمام :




-معلش ياحاج , قوله كل شئ قسمه ونصيب , بعد إذنك .




خرجت وهى تتنهد بثِقل فلأول مره هى من تنطق بهذه الجمله " كل شئ قسمه ونصيب "...




نظر لوالده بعد خروجها وتمتم بضيق :




-مجبتليش سيره عن الموضوع يعنى يا حاج ؟




نظر له بمكر وهو يسأله :




-وأنت مالك يا يوسف أقولك ليه ؟ كنت أخوها ولا خطيبها !




زفر بغضب وهو يقول :




-ياحاج بالله عليك أنت فاهمنى وأنا فاهمك بلاش نلف وندور على بعض .




رفع " منتصر " كفه وهو يقول :




-اسمالله عليك , أنت الى قولت اهو بلاش لف ودوران , قولى بقى ايه الى عندك يا يوسف ؟




وبدون أى مقدمات نظر لأبيهِ بقوه وقال :




-عاوز أتجوزها .




ابتسم " منتصر " بإبتهاج وقال :




-أخيرًا نطقت و قولى ناوى تتقدملها امتى ؟




-حملك عليا يا حاج أنا لسه متكلمتش معاها فى حاجه وعاوزه اشوف رأيها ومشاعرها ناحيتى الأول ..




-ماشى بس انجز قبل ما حد يسبقك , البت ماشاء الله حلوه وعليها العين .




ضيق حاجبيهِ بتساؤل :




-هو موضوع العريس ده بجد ولا ايه ؟ أنا فكرتك بتقول كده عشان تغيظنى .




رد " منتصر " بجديه :




-لا طبعًا بجد , هى المواضيع دى فيها هزار ؟




ابتسم بغيظ وقال :




-الله يباركلك يا حاج رايح تقولها ع العريس طب افرض وافقت ؟




-يابنى الراجل مأمنى أكلمها فى الموضوع وأنا مقدرش أخون الأمانه .




____( ناهد خالد )______




وقفت من خلف مكتبها باستغراب وهى تقول :




-يوسف ايه الى جابك بدرى ؟




نظرت لساعة الحائط لتجدها الثانيه ظهرًا باقى ساعه كامله على موعد افتتاح العياده لكنها تأتى مبكرًا لكى تقوم ببعض الأعمال قبل بدئ قدوم المرضى .




وقف يوسف محله وهو يقول لها بمرح :




-أرجع ؟




نفت برأسها تقول :




-لا مش قصدى بس جاى بدرى عن ميعادك .




اتجه إليها واقفًا أمامها ثم قال بابتسامه :




-بعد العياده أنتِ ما بتصدقى تطلعى ومبعرفش اتكلم معاكِ , قولت اجى قبل العياده عشان أعرف أكلمك فى الموضوع الى عاوزك فيه .




ابتسمت باستفسار :




-موضوع ايه ؟ خير ؟




-تعالى نقعد فى البلكونه أحسن عشان الهوا .




أومأت بموافقه وتبعته للشرفه حتى جلسا أمام بعضهما ونظرت هى له منتظره حديثه ..




لم يكن متوترًا فى موقف مرَّ بحياته بأكملها كتوتره الآن , يشعر أن لسانه قد عُقد ودقات قلبه تزايدت ويشعر بحراره تغزو جسده لا يعلم مصدرها ! 




-يوسف انت معايا ؟!




قالتها " نواره " حين طال صمت يوسف لأكثر من دقيقتان كاملتان .




توتر فى جلسته وهو لا يعرف ما بهِ ؟ يريد التحدث لكن لا يستطع البدأ .




شعرت بتردده وتوتره الظاهر فهتفت باستغراب :




-يوسف فى ايه ؟




-تتجوزينى ؟




هكذا ودون كلمه زائده , ودون أى مقدمه , وحين رأى وجهها بلا أى تعبير كأنه لم يقول شئ شعر أنه قدم أغبى عرض زواج عرفه التاريخ ..




أجلى حنجرته وهو يردد بخفوت :




-نواره ! أنتِ سمعتينى ؟




هز رأسها بعدم استيعاب وقالت :




-أنت قولت ايه ؟




أعاد كلمته بتوتر من ردة فعلها :




-بقولك تتجوزينى ؟




سكنت ملامحها للهدوء رغم مشاعرها الثائره وهى تسأله بهدوء :




-ليه ؟ 




زفر أنفاسه ببطئ مُثقل وبدأ الحديث :




-من أول مره شوفتك فيها وأنتِ لفتِ نظرى , أنا بالعاده عمرى ما التفت لبنت أو حسيت بالفضول والإنجذاب ناحيتها , أول مره قابلتك فيها من قبل حتى ما اتكلم معاكِ لقيت نفسى سرحت فيكِ وكأنى لأول مره بشوف بنت , ولما شوفتك قدام بيتك كنت مقرر امشى ومشغلش بالى بيكِ بس بدل ده لاقيت رجلى وخدانى ناحيتك , عرضى عليكِ الشغل هنا أنى أساعدك طبعًا بس كمان كنت عاوزك دايمًا قدامى , نواره أنا مش عارف أقولك ايه ومش قادر أوصلك إحساسى بيكِ بس أنا بغير عليكِ , واتجننت لما عرفت أن فى حد عاوز يتجوزك , وعاوزك دايمًا معايا , وبحب الكلام معاكِ وضحكتك حتى سكوتك وأنك تفضلى قاعده قدامى وبس ...




أخذ نفس عميق ثم زفره على مهل وقال :




-أنا عاوزه اتجوزك عشان بحبك يا نواره .




ابتسمت بحزن يكاد يقتلها , فها هى أمنيتها تتحقق , ها هو " يوسف " من أمتلك قلبها لأول مره يعترف لها بأنها هى الأخرى قد امتلكت قلبه ..لكن رُبما يأتى حديثه متأخرًا بعدما اتخذت قرار الإبتعاد عنهم .. وأما عن أمنيتها فليست كل الأمانى قابله للتطبيق ...




ضغطت على شفتيها بعنف وهى تخفض بصرها لأسفل تحاول الثبات , ثم حررتهما ورفعت بصرها له وهى تقول :




-أنا آسفه يا يوسف , بس طلبك مرفوض .




أنهت جملتها ووقفت راكضه للخارج تاركه أياه فى خضم صدمته ..




______( ناهد خالد )_______




جلست على الأريكه ودموعها تتساقط كالشلال , لن تفعلها ..لن تؤذى يوسف بقربها منهِ ..يوسف أول من دق القلب له , أول ابتسامه مُحبه كانت لأجله , وأول نظره شغوفه توجهت له , أول كل شئ هو ...يوسف , لذا وبكل أنانيه سترفض وتوجعه تعلم أنها ستكسر قلبه لكن أفضل من أن يخسر حياته أو يبقى فى خسائر متتاليه والسبب ..نواره نذير الشؤم .




انتفضت على دقات متتاليه فوق الباب فمسعت دموعها وتوجهت ناحيته تفتحه بثبات ..وكما توقعت كان يوسف هو الطارق ...




هتف بتهجم :




-مش من حقك ترفضى من غير أسباب ..




تركته محله ودلفت للشقه وهى تقول :




-أسبابى خاصه بيا أنا .




دلف خلفها حتى توقفا فى منتصف الصاله فرد بغضب :




-يعنى أيه خاصه بيكِ مش أنا الى بترفض !




قالت بهدوء :




-العيب مش فيك يا يوسف العيب فيا أنا , أنت ألف بنت تتمناك .




-ملكيش دعوه مين يتمنانى , ردى على سؤالى أى هى أسبابك , ويعنى أيه العيب فيكِ ؟




قال الأخيره بقلق ففهمت ما توصل إليه عقله فقالت بنفى :




-لا مش زى ما فهمت , بس أنا حياتى لا تصلح للجواز .




هتف باستنكار:




-هتترهبنى ؟




ردت بجمود :




-ميخصكش .




سحب مقعد خشبى وجلس عليه وهو يقول ببرود :




-تمام , وأدى قاعده ومش قايم غير لما أسمع أسبابك ومعاكِ لبكره الصبح عادى .




هتفت بغضب:




-متستهبلش , الحالات زمانهم جاييين وهيلاقوا العياده مفتوحه وفاضيه ! 

لم يعطيها إجابه لكن ملامحه ثابته تدل على إصراره التام ..

بعد دقائق ولم يتحرك يوسف من مكانه هتفت هى باستسلام :

-عاوز تعرف ايه ؟

نظر له بجانب عيناه وقال :

-أسبابك ..

جلست على أحد المقاعد وهى تقول بحزن ودموع محتبسه :

-عشان أنا السبب فى كل الى حصل لعيلتك , عشان أنا نذير شوم يا يوسف ومهما هربت من الحقيقه دى كل شويه بييجى الى يثبتلى أنها صح وأنى لعنه على الى بيدخلو حياتى ......

يتبع 

                  الفصل السابع من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



<>