
رواية سيطرة ناعمة الفصل الثالث3والرابع4 بقلم سوما العربي
كانت طلتم خدها وهي تستمع سباب صديقتها لها عبر الهاتف حيث صرخت فيها:
-انتي غبيه يابت مابتفهميش...رايحه له أوضته
-مش انتي الي قولتي لي قربي منهم
-ما عندك اخته قربي منها الأول ومنها تبقى مدخل ليه لكن ايه داخلة الغشومية دي.
انتهت المكالمة بوابل من التوبيخ والسباب الصادر عن سما وكان من نصيب لونا التي وقفت تفكر ماذا ستفعل، هي لا تملك رفاهية الوقت كما ذكرتها مراراً فوالدها مختفي وعمها لا يرحم.
خرجت من غرفتها بهدوء واتجهت نحو غرفه چنا الكامنة بأخر الممر تدق الباب دقات متتالية خفيفة الى أن أذنت لها جنا بالدخول ففتحت الباب مبتسمه تقول:
-هزعجك لو قعدت معاكي شوية
-لا أبداً...تعالي.
تقدمت لونا وقد غيرت ثيابها لثوب أخر أبيض قطني عاري الأكتاف محبك على جسمها الممتلئ تتقدم وهي تتهادى في خطواتها فتقول جناً مازحه:
-صلاة النبي أحسن إيه الحلاويات دي
إبتسمت لونا بنعومه تصدر عنها دوماً ثم تقدمت تقول:
-مش احلى منك..على فكرة أنا ارتحت لك جداً..ممكن نبقى صحاب؟
-ده كده كده يعني...انتي عارفه انا مش عندي اخوات بنات
-بس عندك ماهر
اتسعت ابتسامة جنا تقول :
-ماهر....ده احلى وأحن أخ في الدنيا...مش متخيله هو حنين عليا أد إيه بحبه اكتر من نفسي ربنا يخليه ليا وافرح بيه قريب.
تبسمت لونا وهي تستشعر صدق إحساسها...إحساس لم تذقه ولم تجربه من قبل وتمنت...تمنت لو يصبح لها أخ مثلما هو لچنا فقالت:
-شكله كده فعلاً وشكلك متعلقه بيه
-هو طيب وحنين عليا على فكره أوعي يغرك انه متعصب وكلمته واحده وكده ده كتكوته خالص وجميل من جوا.
حاولت التدحلب بزياده وان تدخل في خصوصياتها أكثر لكي تسرع التقارب فسألت:
-انتي في حاجة قلقاكي؟
رمقتها جنا بتعجب فتداركت لونا موضحه:
-أصلي شوفتك زي ما تكوني قلقانه وعايزه تكلمي ماهر في موضوع شاغلك وحصل فيه حاجة جديدة.
زمت جنا شفتيها تنظر للونا بتقييم ثم قالت:
-اه..في...واحد قريب واحده صاحبتي دايما بيعترض طريقي وبيضايقني
-وساكته له ليه أدي له فوق دماغه ولااا؟؟
صمتت لونا لبرهه وهمست مبتسمه بتساؤل لطيف:
-هو عاجبك؟
-لأ طبعا...ده تنح وبارد
-خلاص ادي له فوق دماغه
-المشكلة اكبر من كده شويه اصل باباه في شغل مشترك بينه وبين بابا بس انا كلمت ماهر وهو وعدني هيتصرف.. كنت خايفه من بابا لأنه في الشغل والمصالح مابيهزرش بس خلااااص طالما ماهر أتدخل يبقى أحط في بطني بطيخه صيفي.
تبسمت لونا بحزن تحسدها ...هنيئاً لها بأخ كماهر...ياليته ينظر لها بالشموليه والرعايه ويتخذها شقيقه كچنا.
صمتت مفكرة سما كانت محقه مئة بالمئة.
انتضفت متفززة على صوت چنا تقول:
-بتعرفي تطبخي؟
-نعم؟!
-ماهر بيحب الباستا ..تلاقيه قرب ييجي تعالي نعملها له.
-باستا ايه الوقت اتأخر الساعه داخله على ١١
-وفيها ايه ما احنا سهرانين
-لأ انا مش ق
لكن چنا جذبتها بسرعه تقول :
-انتي لسه هتفكري قومي ده هيفرح قوي لما يرجع ويلاقيها.
وقفت معها لونا موافقه هي بالفعل تريد كسب ود وأخوة ماهر ستفعل ربما رأى فيها شقيقه وديعه ونقيه بخلاف تلك الصورة التي وصلته.
فوقفت في المطبخ مع جنا تعد الصلصة الحمراء وتسلق المعكرونة فيما ظلت چنا تحكي وتثرثر عن مغامرات طفولتها ولعبها مع ماهر وأبن عمهم فاخر الذي سافر منذ سنوات للعمل والدراسة فسألت لونا:
-هو في ابن خال ليا كمان؟!!
-أمممم..اسمه كمال اصغر من ماهر بسنه سافر يدرس طب أسنان برا وجاله فرصه شغل حلوه في مجاله ففضل هناك بس بييجي كل شهرين تلاته مش بيقطع خالص وكمان دايما بيكلمني فيديو كول...بس اييه عسسل اساساً كل احفاد العيلة عسل.
ضحكت لونا بحزن ثم نظرت لتلك الفتاة الحالمة وقالت:
-والله انتي الي عسل يا چنا وتستاهلي كل خير.
-حبيبيتي
-وكمال ده بقا وضعه ايه متجوز ولا خاطب ولا ايه
-كمال ...ده بتاع بنات درجة أولى...مش عارفة ليه طالع كده مش محترم زي ماهر..كمال ده كل يوم حرفياً مع واحدة فظيع فظييع بس عسليه ودمه خفيف انا شخصياً بحبه جداً.
تهلل وجهها تقول:
-ايه ده!! ده بيتصل ..تعالي..تعالي نطلع نكلمه من شاشة الاب توب احسن...وبالمره اعرفه عليكي
-لا والصلصه الي بتتسلك والمكرونه الي في المايه دي...قولت لك الوقت اتأخر ماسمعتيش كلامي.
-هي خلاص بتخلص أهي..يالا قبل ما يقطع الاتصال...تعالي بقا.
-أطلعي انتي كلميه وانا هفنش كل ده وأحصلك.
لم تتخذ چنا وقتاً في التفكير بل أيدت فكرتها وهرولت مغادره لتحادث كمال فيما بقيت لونا وحيده تنهي وضع الصلصة الحمراء على المعكرونه ثم تقدمها في طبق متوسط وتزينه بأهتمام كي ينال رضاه مراعيه ان العين تأكل قبل الفم.
ثم خرجت من المطبخ نحو الطاوله الموضوعه بغرفه واسعه مقابل البهو تضم أرائك كبيره وشاشة عرض ضخمه.
وضعت عليها أطباق الباستا ثم عدت أكواب من المياه الغازيه و وضعتهم بجوار الأطباق في محاولة منها لتقديم سفره بسيطه ولكن منمقة وبينما هي منكفيه تنهي مابدأت كان قد عاد لتوه من الخارج يخلع عنه معطفه ويحمله بإهمال وتعب فوق احدى كتفيه وبقى بقميصه الابيض مشمر أكمامه وأزراره مفتوحه لما يقارب معدته.
و ولج للداخل ليقف مصدرم وهو يرى تلك الفتنة أمام عينه وكأنها تتحداه أن يقاوم ...انها بالحق فتنه ..
واخذ يقترب بأنفاس لاهثه وهو يراها بذلك الثوب الأبيض المجسم على منحناياتها الكيرڤيه الجباره وقد زادت الأمر سخونه وهي منكفيه تهندم وتضبط الأطباق ثم أستقامت وهي موليه ظهرها له تنظر بتققيم للأطباق ثم التفت لتتسع عيناها متفاجئة من وصوله لكن ما لبثت ان ابتسمت لتهديه أجمل إطلاله وهو يقف يرمق جمالها المستفز خصوصاً وقد رفعت شعوها فوق رأسها بفوضوية سامحه له بالنظر لطول عنقها الأبيض .
ورغماً عنه تسرح عيناه على جسدها ذو الأنوثه الفتاكة تقف منه رغماً عنه في أماكن محدده ثم تنتقل لأماكن أسوء وأضل سبيل.
علت وتيرة أنفاسه وهو يجاهد متحكماً بينما يسأل:
-ايه ده؟
لترد بصوتها الذي لا يعرف أهي تتصنعه أم لا لكنه كان به من الدلال والميوعه ما يكفي حين ردّت مبتسمه تنتظر إطراء على فعلتها:
-چنا قالت لي انك بتحب الباستا فعملتها لك.
انتظرت ان يتقدم ويشكرها بحبور ثم يشرع في تناول ما فعلت لكنه لم يفعل وبقى في مكانه يطالعها بصمت مغلف بقسوه وقتامه.
لا تعلم انه يشعر بجفاف حلقه من جرعة الأنوثة والليونة التي يراها ويأخذها في اليوم أكثر من مره بعدما دخلت لبيتهم ..أفكار شيطانيه تملكته وهو ينظر ناحيتها..جمالها متحدي...مغوي..غير مقدور عليه..هي بارعه فينا تفعل على ما يبدو...وقد بدأت قوة تحمله في التداعي أمامها.
فهرول ناحية المطبخ يتركها وصب لنفسه الماء كي يروي حلقه الظمأن من شدة تأثره.
فتحركت خلفه دون تفكير مستغربه تسأل ما به وكأنها لا تعلم ان صوتها وتصرفاتها وأفعالها التي تعتقدها عفويه تديد من جرمها دون عمد.
فقد دلفت خلفه مهتمه تسأل بصوتها الذي بات مميزا متدلعاً وهو يعرف:
-مالك يا ماهر؟!
لم يجيب ووقف أمام المبرد يوليها ظهره يحاول إرتشاف الماء والسكوت لثواني لكنها لم تريحه وترحم حالها بل أقتربت بقلق تسأل:
-ماهر انت تعبان؟
ليلتف لها بسرعه وينظر لها صامتاً فتبتسم لها ومالبس ان شهقت عالياً برعب حين وجدته يهجم عليها ويعود بها للخلف يحسرها بينه وبين الحائط وقد نفذت طاقة تحمله ولم يستطع مقاومة إغوائها وأنوثتها فقال بأنفاس لاهسه وهو يضع يده على عنقها وعيناه تسرح منه على وجهها الجميل:
-انتي عايزه ايه؟! عايزه توصلي لأيه بعاميلك دي؟!!! هاااه!!
عض شفته السفلى وقد تمكن منه تأثيرها عليه وحكمته الرغبه حين أكمل بلهاث:
-عايزه ايه قولي..عايزه ليله في حضني؟! ولا عايزه ايه؟!
شهقت برعب وقد شق كلامه قلبها وفتحت فمها من الصدمة لتريد الأمر سواء كما تفعل في نفسها دوماً فبفعلتها قد زادت إغواء لكن هزت رأسها بأسى تقول:
-عايزاك أخ ليا يا ماهر
-أخ؟!!!!
سأل بغضب وإستنكار مختلط بالسخريه وقد إستفزه تصريحها في حين فقد القدرة على السيطرة على نفسه وهجم على فمها المنتفخ المفتوح يقبله كما يريد وليحدث ما يحدث.
وظن انه سيرتاح حين يقبلها لم يكن يعلم أنها بداية اللعنه.....
شعور القهر الشديد وخيبة ألامل المتكررة تمكنت منها فأبعدته عنها بقوة جعلته يرتد للخلف مصدوم مما جرى و الى اين وصلت الأمور.
كانت تتحكم في نفسها الا تبكي لكن خرج صوتها متحشرجاً وهي تقول:
-أنت اتجننت؟!
وقف بأنفاس لاهثه ومازال مايريده يتحكم فيه فس حين هتفت بحده:
-بس الحق مش عليك الحق كله عليا انا الغلطانه لما فكرت انك ممكن تبقى أخ ليا وتحميني..الغلط كله عليا مش علييك.
صرخت بالأخيرة بقهر شديد ثم هرولت مغادرة تجاه غرفتها تغلقها عليها جيداً.
لكن ماهر مازال واقفاً مكانه بأنفاس متلاحقه ورغماً عنه تمدت أنامله يتلمس شفتيه التي أقطفت منها قبله منذ قليل ومن ضرب الجنون انه شعر بحلاوة رفت قلبه وجعلته يبتسم.
وجلس على أول كرسي خلفه يتذكر قبلته لها ثم يعاود الإبتسامة بشرود
في غرفة جنا
جلست على السرير تتحدث في شاشة اللاب توب وقد فتحت مكالمة فيديو مع كمال ابن عمها وكانت متحمسه بشدة وهي تراه يحادثها ومعه بجواره تجلس فتاة أجنبه حسناء قد تعرف عليها مؤخراً لتصفر محفزة:
-الله يسلهووو..حته جديده دي يا كموله؟
ضحك الوسيم بجلال يناسبه ثم أضاف:
-ايه رأيك في اختياراتي
-جاااامده...قولها انها جامده
-قولت يا چوچو قولت...انا احب قوي اعبر عن الجمال
-وشكلها معمره معاك..طالما تجاوزت الشهرين يبقى في أمل تعمر
ضحك كمال وأكمل حديثه المتقطع بسبب سوء الأنترنت بدا يسأل عن ماهر وان كان موجود ليحدثه لكن قوة شبكة الأنترنت لم تسعفه وانتهى الإتصال
في الوقت الذي دق فيه ماهر الباب وأنتظر إذنها للدخول حتى سمحت له فدلف بخطوات هادئة لكن بوجه خالي من التعابير يقول:
-مساء الخير..كنتي بتعملي إيه
-كنت بكلم كمال .. صاحب مزه جديده بس بقولك....جااامدة ..تقريباً كان يكلمك بس الفيديو كول قطع والنت هنج وهو مارجعش اتصل تاني...هههه طبعاً ماهو مش هيسيب المزه ويقعد يكلمنا احنا
إبتسم باقتضاب ثم قال:
-كنتي عايزه تقولي لي حاجه النهارده
-اه...مروان قال قدام شلة النادي انه هيتقدم لي وانا خايفه بابا يوافق انت عارف انا مش بطيييقه
تشدق بإبتسامة مطمئنه يمسح على خدها قائلاً:
-ماتقلقيش مش هيحصل غير الي انتي عايزاه وبس...
ثم وقف ليغادر فقالت بلهفه:
-استنى رايح فين؟
مد يده لجيب معطفه واخرج مغلف من الحلوه ثم أعطاه لها قائلاً:
-ماتقلقيش مانستش اجيب لك حاجه حلوه زي كل يوم ...الشكولا اللي بتحبيها اهي يا ستي.
اختطفتها منه بفرحه ثم قالت متدلله:
-كنت عارفه حبيب اخته مستحيل ينساها...بس مش ده قصدي انا قصدي نسهر مع بعض شويه و...
قاطعها واقفاً يخطو نحو الباب كي يغادر:
-مش قادر أنا هروح امسي على ماما واقعد معاها شويه عشان ماشفتهاش النهارده وادخل انام.
-ماما اما عيشتها واديتها الدوا فنامت تعالى اسهر معانا نشوف فيلم حلو.
-أنتو مين؟!
-انا و لونا.
رفع إحدى حاجبيه وسأل:
-ده انتو بقيتوا صحاب بقا؟!!
-اه دي طيوبه قوي.
هم ليغادر وهو لا يعجبه الحال لتتوقف قداماه وهو يسمعها تكمل:
-تعالى بقا ماتبقاش غلس ده انا اتحايلت عليها تعملك الباستا الي بتحبها وهي أخيراً وافقت.
التف لها ببطء شديد ثم سأل:
-هو انتي الي طلبتي منها؟!!
-واتحايلت عليها كمان كانت مكسله ورافضه وبتقول الوقت إتأخر.
لمعت عيناه ببريق مفاجئ ثم تحرك يغادر الغرفه وما ان فعل حتى فتح الباب من جديد يقول:
-چنا
-نعم
-ماتقوليلهاش اني عرفت انك انتي الي طلبتي منها واتحايلتي عليها
-ماشي بس ليه؟!
-قولي حاضر وبس ده الشكولاته لسه في إيدك ماكلتيهاش حتى.
فضحكت جنا وهو غادر بصمت رهيب..دلف لغرفته يغلق الباب وهو متخبط ثم إرتمى على فراشه يفكر شارداً مالبث ان ملس بأصابعه على شفتيه من جديد مكان قبلتها والإبتسامة السعيدة تملأ وجهه كله.
في صباح يوم جديد
إستيقظت متحامله وغيرت ملابسها بهدوء شديد، على مايبدو أنها إعتادت على الخزلان وعدم التقبل
فتحت باب غرفتها لتتفاجأ بچنا تقابلها خارجه من غرفتها هي الأخرى:
-صباح الخير ..هو احنا هنصطبح بالجمال ده كل يوم؟ لا كتير علينا.
ابتسمت لونا بتعب وتكلف تشعر بالغرابه، طوال عمرها كانت مرفوضه من الفتيات لكن حظها عظيم مع الأولاد الا بهذا البير فقد تقبلتها چنا بينما رفضها ماهر.
على ذكر سيرة ماهر تجهمت ملامحها فقد ظلت طوال ليلها تبكي وهي لا تستطيع ان تنسى كيف تم سلبها حق تحويش قبلتها الأولى...بل وإتهامه لها بالرخص ومحاولة إغواءه...ياله من حقير لكن هي المخطئة بالفعل كما أخبرتها سما.
بتلك اللحظة خرج ماهر من غرفته ليقف لثواني وقد بدأصباحه بها .
ثم تحرك وهو يلاحظ أنها لم تنظر حتى ناحية غرفته رغم علمها بخروجه الآن وتقدمه ناحيتهم حتى ان شقيقته ألتفت له مصبحه:
-يا صباح الشياكه يا ميروو مش معقول جمال على اليمين وشياكه على الشمال مش قادره كتير عليا والله.
ضربها على رأسها وهو يقول مازحاً بينما يختلس النظرات ناحية تلك الفاتنة المغويه عله يطول نظره منها :
-صباح البكش على الصبح..أبقي فكريني أقص لك لسانك...
تفاجأ بها تتركهم يكملا حديثهم وتتحرك هي وكأن ما يدور لا يعنيها.
لونا كانت قد إستفاقت من أحلامها...واقع مر أفضل من احلام ورديه لن تتحقق ولن تجلب من خلفها سوى تهم ملفقة بالملي.
لذا تحركت أمره هو بالفعل وعلى وجه الخصوص بات لا يعنيها...بل الأسوء من ذلك هو الشعور المعاكس للحب والتقبل والذي ذرعت بذرته أمس بعدما فعل وقال.
الكره شعور عظيم وضخم من الصعب ان تطلقه على أحدهم ..لم تكره بعد لكنها تقسم أنها ماعادت ترجوا تقبله مادام قد رفضها ونعتها وسب شرفها وأخلاقها.
لكن على ما يبدو ان ذلك النرجسي لم يروقه ما يحدث و أوقفها كأنه ينتظر رد فعل معين ثم قال:
-لونا.
توقفت إثر سماعها صوته لكنها مازالت توليه ظهرها فقال:
-مش بكلمك ...بصي لي.
لا يعلم لما طلب...عدم أكتراثها يعينه وجداً بعد وزاد تخفزه وهو يراها مازالت لم تهتم ليترك شقيقته ويتقدم لعندها قائلاً:
-بصي لي بقولك.
إلتفت لتريه حسنها البديع الذي شق صدره وهو لا يستطيع كبت عينه عن الا تمر عليها بشغف يتفقد كل هذا الجمال، لكنه برع في كسو وجهه بالتجهم والبرود وهو يأمرها بقسوه:
-بابا وعمي جايين دلوقتي بصعوبه وبعد محايله مني مش عايز طولة لسان ولا تهور سامعه.
-انا لساني مش طويل يا ماهر باشا.
ابتسم داخليا سعيد لمجرد ردها ومجادلتها رغم كونها ترد بتهذب كأنها ترغب في الرد لا تستطيع تمرير المزيد من الإهانات وبنفس الوقت لا تريد مشاكل ليقول:
-أنا نبهت عليكي وانتي حره سامعه.
لم تجيب عليه وإنما تحركت مغادرة تقول:
-سامعه.
زم شفتيه بضيق ثم تحرك خلفها وبالأسفل كانت الجلسه صعبه مشددة
فقد عاد كل من فاخر وعزام متفقين ومتحفيز..كلمة واحدة ولا أخرى بعدها...لا مكان لتلك الفتاة بييتهم فهي فقط ليست وصمة عار بل جاءت لتأخذ حصة ليست بالقليلة من التركة...لم ولن يحدث:
-على جثتي.
كان هذا صوت عزام الذي قالها بحسم ويكمل فاخر:
-مش احنا الي هنسيب بيتنا عشان بت شمال زي دي ...ده بيتنا يعني هي برا واحنا جوا.
ليهتف محمد الوراقي:
-هتطردوا بنت بنتي وانا على وش الدنيا
-بنتك الفاجره الي هربت مع عشيقها؟!
-هربت منك ومن طمعك بعد ما كنت عايز تجوزها لواحد اكبر منها ب١١سنه وكان متهم بقتل مراته وكل ده عشان تعلو الشراكه الي مابينكم ...بس الغلط مش عليك الغلط على أبوها الي كان مرافقكم وكان عايز يكبر تجارته بأي شكل حتى لو هيبيع بنته.
ليقف فاخر قائلاً:
-هو لو من ناحية الغلط عليك فهو عليك اه...من اول ما غوتك البت الخدامه وخنت مراتك الي عملتك معاها.
-اخرس...انا دراعي هو الي عملني.
-دراعك....هأووو...انت كنت حي الله واحد شغال على عربية موز بالليل وبالنهار بتشيل توب...جوازتك من امي عملتك بييه وفي الأخر جزيتها بأيه روحت اتجوزت عليها الشغاله بتاعتها عشان تقهرها وتكسر مناخيرها الأرض مش كده ودلوقتي تقولي عملك دراعك .
-أخررر...
لم يستطع محمد الوراقي الصمود او تكملة كلمته وإنما وقّع أرضاً مغشي عليه....
__________سوما العربي_______
وقفت على أعتاب باب شقة والدها لتفتحها رغم الرعب الذي يحاوطها لا تستطيع التنبؤ بما سيفعله عمها تلك المره...لم تكن ترغب في العودة لكنها لا تملك مكان تذهب اليه بعدما وقع جدها
فبعد ما جرى أخبرهم الطبيب بحرج الحاله وانه سيمكث بالعناية المركزه وانشغل به ماهر بينما إستفرد بها كل من عزام وفاخر فطردوها شر طردة غير مبالين بوالدهما ولا اين ستذهب تلك الفتاة فلم يكن أمامها سوى العودة للبيت.
وبينما كان أنور يجلس يدخن أرجيلته بمزاج وقد خلى له البيت فإذ به ينتفض على صوت زوجته التي دلفت تعدد صائحة:
-قووووم يا منيل المزغودة بنت اخوك رجعت وفتحت الشقه.
-بتقولي ايه يا وليه؟!
-زي ما اتهببت سمعت...انت مش قولت انك غورتها...ايه الي رجعها.
ليقف انور بنفاذ صبر وقال:
-وبعدين بقاااا..هو انا كل ما أزيحها ترجع طب مااااشي...جت لقضاها مابدهاش بقاااااا.
صباح اليوم التالي
إستيقظت لونا تتمطئ بتعب وخمول مستغربه الهدوء وكيف لم يعترض او يزعجها عمها ومالبث أن انتفضت صارخه بهلع حينما أدركت الوضع الذي هي فيه.....
الفصل الرابع
صرخه مدوية أطلقتها لونا بعدما وجدت نفسها وسط قبيلة من الفئران داخل غرفتها
انتفضت واقفه برعب شديد وشعور التقزز والغثيان يتملكها، لا تعلم ماذا تفعل.
ظلت تصرخ بعزم ما فيها من قوه حتى انتحب صوتها تنادي عمها أو حتى الناس لكن ما من مجيب.
هرولت سريعاً وهي تصرخ بعدما التقطت مأزر بأكمام على منامتها البيضاء.
وهربت باتجاه شقة عمها واخذت تقرع الباب وترن الجرس بأن لكنه كان يقف خلف باب الشقه يراقب رعبها وهلعها من العين السحريه يراهن أنها في خلال دقائق ستفر هاربه.
وكما توقع فلونا وبعدما فقدت ألامل تحركت بسوعه تغادر البناية كلها وخرجت للشارع ترتدي المأزر فوق المنامة القطنيه وبقدميها خف منزلي صغير.
والمارة بالشارع ينظرون عليها بتعجب يحملقون مستغربين تصرفات تلك الفتاة ، على ما يبدو أن ما يشاع عنها صحيح فلا توجد فتاة عاقلة تخرج من بيتها بهكذا هيئة.
كانت على يقين تام بنظرات الناس عليها، وهي تسير دائبة بجلدها من بحلقتهم فيها لكن ما باليد حيلة، وصلت بصعوبة بالغة لمنزل صديقتها الوحيدة سما ودقت الباب.
لكنها تفاجأت بابنها الصغير يخبرها ان والدته ذهبت لعملها و لا يوجد بالداخل سوى والده..
أغمضت عيناها بتعب شديد لا تعرف كيف تتصرف.
لقد بات من المستحيل الإحتماء ببيت رفيقتها الوحيدة فمحمود زوجها يرفضها تمام الرفض وبالأساس سما تحادثها دون علمه.
لن تقدم ابداً على صنع مشكلة لصديقتها بل هي بالأساس لن تعرض نفسها للإحراج من قبل محمود .
صكت أسنانها بخوف ورعب ولم تجد بد أمامها سوى حل واحد.
_______سوما العربي__________
-انت أتجننت يا راجل...بقا هو ده الي اتفقنا عليه؟! رايح تجيب لها شويه فيران؟! بقا هو ده الي هيخليها ماتعتبش هنا تاني يا دكري؟!
رمقها أنور بأمتعاض ثم قال:
-كنتي عايزاني اعمل إيه يعني مانا كان لازم اتصرف
-فين الجدع اللي كان هييجي لها البيت
القى أنور مبسم الأرجيلة وقال بغيظ:
-أبن الهرمه ساحب عليا عالي وعايز دوبل الفلوس
-أديلوا خلينا نغوراها خالص بدل ماهي كل يوم والتاني ناطه لنا زي فرقع لوز.
-ابن الوسخه مابيردش عليا أصلا
-وبعدين؟!هتعمل ايه ولا توصله ازاي؟؟ البت دي بنت كلب ودماغها صرمه...هترجع انا عارفه...انت لازم توصله او شوف غيره
-لاااا...خليكي ناصحه...أهم من الشغل تظبيط الشغل..الواد ابن خالها جه ولمحه مش هينفع نجيب حد غيره
هزت زوجته كتفيها وقالت ببكاسة:
-عادي...رجالتها كتير...وكل يوم والتاني مدخله راجل شكل..فاجره بقا.
نظر لها أنور وعيناه تلمع بوميض الشر وهو يسحب أنفاس أرجيلته ثم ردد:
-خليني أستف الكلام في دماغي كده عشان مانبوظش كل حاجة
___________سوما العربي________
وقف يتابع جده الدي خرج من العناية المركزه وانتقل لغرفه عاديه..نائم على سريره ذاهب في ثبات عميق والممرضه تحقن له الأدوية في المحلول الموصل بوريده.
ثم التفت له تقول:
-الحقنه التانيه بعد ساعتين ...الف سلامه عليه
-هو هيفضل نايم كده؟! انا مش فاهم حاجه فين الدكتور الي متابع حالته امال لو ماكناش في مستشفى خاصه بقا
حاولت الممرضه إمتصاص غضبه وقالت بهدوء تحسد عليه:
-هدي نفسك يا فندم...الدكتور جاي لحضرتك دلوقتي هو كان عنده من نص ساعه بس ماحدش كان موجود...عنئذنك.
زفرت تعب سيطرت عليه هو بالفعل قد انشغل بالهاتف منذ دقائق ولا أحد معه، فوالده وعمه ذهبا لمتابعة العمل قائلين أن البركة فيه بغيابهما.
فتح عيناه منتبهاً لدقات خفيفه على باب الغرفه فتحرك يفتحه لتتسع عيناه بصدمه وهو يرى لونا تقف أمامه بتلك الهيئه فما كان منه سوى أن مد يده وسحبها لعنده بالداخل ثم أغلق الباب والتف لها يطالعها بأعين متسعه هاتفاً:
-أنتي أتجننتي؟!! ازاي تمشي كده في الشارع.
بكت...بكت بحرقه كطفلة صغيره تنظر أرضاً وتفرك أصابعها بتوتر شديد...شق قلبه مظهرها ولا يعلم لما وكيف فعل لكنه أقترب منها بإمتعاض يضع كفه على رأسها يدفعها داخل أحضانه الدافئة.
وللعجب أن لونا المتمردة سكنت للحظه وهي تشهق في البكاء بينما ماهر يمرر يده على ذراعها وظهرها وكأنه يحاول تدفئتها وتهدئتها هامساً:
-ششششششششش
ألجمتها الصعقه وتنبه عقلها حين أدركت ما يحدث وأنها بأحضان ماهر الأن لتنتفض من حضنه سريعاً وتبتعد عنه فتقف متوترة تنظر أرضاً.
لعن من بين أنفاسه ليدرك أنه هو من مكان متدفئ بها وقد سلبته ذلك حين ابتعدت.
اقترب منها الخطوة التي ابتعدتها وسأل:
-إيه الي مخرجك كده
تعالت شهقاتها وحاولت التحدث من بينها تقول:
-صحيت...صحيت من النوم لاقيت البيت كله فيران
-نعم؟! فيران ازاي يعني؟!!
-والله ده الي حصل
ربع كتفيه حول فبدا متحفز غير مصدق ومن ثم أردف:
-وبعدين..كملي
-أخدت الروب عليا وطلعت اجري روحت لجارتي بس مالقتهاش وماكنتش عارفه اروح فين ولا اعمل ايه ف...ف...فكرت اروح البيت عندكم بس خوفت قولت أجي ع المستشفى أكيد مش هتتحانقوا معايا وتطردوني من هنا.
-لا ممكن نطردك عادي
اتسعت عيناها برعب لتقابل وجهه الجامد الذي سألها :
-ولما انتي خرجتي بالجامه والروب جيتي لحد هنا ازاي؟
-أخدت تاكسي و...
قاطعها هاتفاً:
-نعم؟! وكنتي مع سواق التاكسي بالبجامة والروب الي لازقين عليكي دول؟!!!
هزت رأسها بخري ليسأل بشك:
-وحاسبتيه بأيه بقا؟!
طالعته بجهل لم تفطن مقصده بعد لكنها جاوبت:
-ماحسبتوش لسه هو مستني تحت قولت له ان أخويا مستنيني وهينزل يحاسبه.
-أخوكي!!
قالها بضيق شديد وتحرك بعدها مغادراً الغرفة، لكن مالبث أن عاد يفتح الباب ويطل منه محذراً:
-إياكي تخرجي لحد ما أجي.. بحذرك..فاهمه؟!
-حاضر
تحرك مغادراً وهي تقدمت تجلس على أقرب كرسي مقابل لسرير جدها تضع وجهها بين راحتيها وقد تعبت من كل ما يجري معها فقد باتت غير قادرة على التحمل والصد، اصبحت خائرة القوة بينما مازال خلفها شوط كبير فهي لم تفعل شيئاً..لم تؤمن عمل ولا بيت ولم تستعيد أموالها من عمها ولم تتوصل أين والدها.. هي حتى لا تعرف من أين تبدأ.
وفي خضم تلك التوهه والضغوط تم الدق على الباب دقه واحده فقط ومن بعدها دلف الطبيب يقول:
-صباح الخير...أخبار مريضنا اي......
أقتطع حديثه مرغماً وهو يواجه سحر لونا وردد بلا إرادة:
-بسم الله ماشاء الله.
وقفت مرتبكة لا تعرف كيف تتصرف هي لا إرادياً فقط وضعت يدها على طرفيّ المأزر تلملمه من عند الصدر وتحمه حول رقبتها لكن جمالها كان لوحده صارخ فلتداري ما تداري هي جميلة ومغويه مهما فعلت.
تقدم الطبيب بإبتسامة شخص يرى لوحه فنيه بديعه الصنع لا تقدر بثمن وحاول قياس نبض محمد الوراقي ومتابعة حالته لكنه غير قادر فعيناه تسرح منه لعند تلك الدلوعه فسألها:
-أنتي قريبة المريض؟
بصعوبه خرج صوتها :
-أيوه.
-يقربلك ايه بقا؟
-جدي
-أنتي إسمك ايه بقا؟
-لونا
-بجد!!! ده الحقيقي؟!
-أه
إبتسم بعذوبه ثم قال:
-ماتقلقيش يا لونا جدو هيبقى زي الفل.
=لا هي مش قلقانة خالص...اتفضل يا دكتور تعبناك.
شعر الطبيب بالتوتر والحرج فلجأ لأن يغادر سريعاً وترك تلك اللينة مع ذلك القاسي يقف والشر يتطاير من عيناه المظلمه يقول من بين أسنانه :
-هو أنا مش قولتلك ماحدش يشوفك بالشكل ده ؟ انتي أتجننتي؟
-أنت قولت لي ماخرجش من الأوضه انا كنت قاعدة لاقيته دخل و....
فأكمل هو بغل:
-فقعدتي تتسايري معاه وكمان عرف إسمك...إنتي ازاي سهله كده؟!
أتسعت عيناها بغضب شديد لتقول:
-انت بتقول إيه؟!
-بقول ايه؟ واضح انك متعودة دايماً..ده انا حتى نزلت مالقتش تاكسي ولا حاجة واضح انه خد حقك مبلول ولا ايه؟
تحفزت كل خلاياها وعلى تنفسها بصورة واضحه ولم يكن بوسعها فعل شيء سوى انها تحركت مغادرة لتترك له المكان هو وافكاره عنها لكنه قبض على ذراعها ومنعها يقول:
-أستني عندك..انتي رايحه فين
-سيب أيدي...سيب بقولك
-لو مش عايزاني أكسرها لك هي ورجلك الي فرحانه بيها دي تخرصي خالص وتترزعي هنا ماتتحركيش انتي سامعه.
دفعها بعنف على الأريكه الوحيدة الموجودة بالغرفه فارتمت فوقها برعب وجلس مقابلها يهاتف شقيقته:
-ألو...أيوه يا چنا...لا أنا كويس وجدك كويس ماتقلقيش..عايزك تجيبي لي لبس من عندك.
شمل لونا بنظرة متفحصة وقال بجرأة:
-لا أكبر من مقاسك نمرتين.
شهقت لونا بحرج شديد بينما هو كبت ضحكته وحاول الظهور بثبات يرد على سيل أسئلتها:
-چنا...مش عايز كلام كتير انا دناغي ورامه أصلا...تجهزي الي قولت لك عليه وتبعتيه مع السواق يا چنا ماتنزليش وتسيبي ماما...سامعه؟ ماشي يا حبيبيتي سلام.
أغلق الهاتف والقاه بجانبه..ماهو كتلة من الفخامة تجلس وتتصرف بكاريزما عاليه له هالة من الهيبة تخصه وحده.
أبعدت عيناها عنه ما كانت تتمنى أن تصبح علاقتهم هكذا...ترى كيف بكل حنو ورعاية يعامل شقيقته بينما هي ....صمتت ولم تكمل تردد داخلها(هي جت عليه يعني)
بينما جلس ماهر على كرسيه يطالعها متئملاً فرغما عنه جمالها يستدعي الأعين لمطالعته. حرفياً عيناه تأكلها يمررها عليها من قدميها لرأسها ببطء وتروي ثم من رأسها يعود لقدميها بنفس البطء الشديد وذاكرته تشرد منه لبضع دقائق قد مرت حين خرج من المشفى يبحث عن سيارة الأجرة ولم يجدها فأقترب منه أحد أفراد الامن يسأل:
-في حاجة ياباشا؟
-لا بس المفروض في تاكسي وأقف مستنيني هنا عشان أحاسبه بس مش لاقي حاجة
ليرد الشاب بلهفه:
-يا خبر يا باشا...هو تبعك؟!
-يعني كان هنا فعلاً؟!!!
-أيوه وكان مستني حسابه من الأنسه الي كانت معاه بس هي اتأخرت قوي وبتاع الونش جه وكان هيكلبش له العربيه فقال يمشي هو مش حمل تمن المخالفه وادي جزاء الي يعمل خير....لو اعرف يا باشا انها تبعك كنت دفعت انا والله .
ربط ماهر على كتف الشاب يقول:
-حصل خير حصل خير.
عاد من شروده على صوتها الذي قررت ان تخرجه وليحدث ما يحدث:
-بطل تبحلق فيا كده ...عيب انا زي أختك.
(أختتي) هكذا ضحك ساخراً بداخله ولم يستطع كبتها فقال :
-بس يا عبيطة
-عبيطة؟!!! لا ده انت زودتها قوي.
رمقها بتسلي وقد راقه غضبها لينتبه للباب الذي يدق فيقول:
-قومي ادخلي الحمام واقفلي عليكي.
لكنها ومن شدة غضبها منه لم تتحرك فعادها:
-قومي يالا واقفلي على نفسك.
-لا هقعد عادي مانا كده كده سهله
-قومي يا لونا أحسن لك.
لكنها عاندت ولم تقوم...ليهم واقفاً من مكانها كأنه ينتوي لها فتنتفض سريعا وتفر ناحية الحمام تغلق بابه عليها.
وأخيراً تثنى له الضحك تشق الضحكه فمه وتملأ صدره بإنتعاش.
ذهب باتجاه الباب يستلم كيس الملابس من السائق ومن قاحته فتش فيه ينظر على أشيائها الخاصه ثم يبتسم بإعجاب.
على ما يبدو أن لماهر شخصية أخرى غير تلك التي يعرفها فهو قد فتح عليها الباب لتصرخ في وجهه:
-انت ازاي كده ...مش المفروض تخبط.
فرد ببرود وبابتسامة مستفزة:
-تؤ
ناولها الكيس الكرتوني ثم قال:
-جبت لك لبس بس ..
صمت يزم شفتيه ثم أكمل:
-چنا ماعرفتش تنشن صح شكلهم هيبقوا ضيقين عليكي بدرجة.
اتسعت عيونها الجميله من وقاحته الفجة تلتقط من الكيس وتصرخ في وجهه:
-أنت بأي حق تكلمني وتعاملني كده...مين إداك الحق ده،
ليرد بتجبر وتملك:
-أنا أديته لنفسي .
ثم أمرها:
-عشر دقايق وتكوني برا..فاهمه يا ....لونا.
نطق إسمها بخصوصية....خصوصية تخصه وحده.
وذهب ينتظرها على الكرسي بالغرفه وهو شارد......من العجب ان تتفجر بداخلك بودار لأشياء ماكنت تعرفها عن نفسك...بل من المرعب أنك تمتلك شخصية أخرى خاصه بك لا تستطيع إظهارها للعلن.
والأشد رعباً هو ذلك الشخص الوحيد الذي تتفجر معه كل تلك الخفايا ما ان تراه وتقابله فتتجلى معه كل ما تخفيه وتحبذ إطلاق العنان لشخصيتك الدفينه التي أكتشفتها للتو وللعجب بعد ان تلك الشخصية هي من تعطيك جرعة اللذة التي تحتاجها كي تحلو الأيام...فتباً للونا.
أسند رأسه على الكرسي من خلفه متنهداً وقد أتعبه ما أكتشف ليتعب أكثر وتنتفض كل خلاياه الرجولية بعدما فتح الباب وطل "الملبن" من خلف الباب..المأزر وخف المنزل كان أرحم.
فقد أرسلت شقيقته فستان نهاري بلون البنفسج الناعم يتلف حول قدها المياس بروعه تفتن وهي بالأساس تسير بخطوات متهادية تفتك به وبأعصابه.
هز رأسه وما عاد قادر على التحمل ليأمرها بإرهاق شديد:
-أرجعي البسي الي كنتي لبساه.
-بس
صرخ فيها:
-مابسش....سمعتي انا قولت ايه
-مش هروح ايه قلة القيمه دي وبعدين انا حره.
ثم تقدمت تجلس على الأريكه بعند شديد مالبس ان تحول لضيق تحت نظراته المتفحصة وهي تحاول تحريك الملابس حول صدرها ليسأل بضحكة وقحه:
-قولت لك المقاس ضيق.
أهدته نظره ناريه جعلته يقهقه عالياً فقالت بجنون:
-ياريت واحد محترم زيك مايكلمش واحده سهله زيي؟ ولا انت بحالات؟!
قالتها تذكره بغضبه واتهاماته التي لم يمر عليها الكثير ليقف من مكانه ويتحرك ناحيتها لكن أوقفه صوت هاتفه الذي أعلن عن إتصال من والده.
ليجيب على الهاتف :
-ألو
-ايوه يا ماهر...جدك عامل ايه
-والله يا بابا حقك تيجي تشوفه بنفسك
-مانت موجود والموجود يسد ولا مش مخلف راجل مثلاً انت في المستشفى وانا في الشغل ولا هو كل حاجه لازم تقف يعني؟
رفر ماهر بتعب ثم قال بمهادنة:
-ماشي يا بابا..جدي كويس وخرج من الرعايه بس لسه نايم مش هيصحى دلوقتي وانا معاه اهو.
-طب بقولك ايه...كلم چنا اختك ولا چيلان ييجوا يقعدوا معاه وتعالى لي انت على الشركه ....مجدى أبو شقره وعايزين نفاحته في الموضوع إياه
القى ماهر نظرة على لونا ثم همس من بين أسنانه:
-بردو يا بابا مصمم قولت لك ان انا مش صغير عشان أتجوز بالطريقة دي
ليرد عليه والده بقوه وتصميم:
-ماهو عشان انت مش صغير فلازملك جوازه تليق بيك ومافيش اكبر مت عيلة أبو شقرة عشان نناسبها انا ماصدقت...ده هيعلي أسهمك في السوق العيلة دي مش اي حد بيقدر يقرب ناحيتها...
رمق ماهر لوناً بنظرات غير مفهومة هو يستمع لبقية كلام والده:
-بس البنت بقا عينها كانت هتطلع عليك في اخر حفله كنا فيها وبقت عماله تتلزق فيك وتفتح معاك اي مجال للكلام وده هيخليها هي الي تضغط على أبوها وهيوافق انا عارف مش بيرفض لها طلب ابداً...وبعدين في ايه مالك كده...هو انت عايز ايه غير واحده من نفس بيئتك ومستواك وصغيره وغنيه وتقول للقمر قوم وانا اقعد مكانك تفتكر هتبقى بتدور على ايه تاني مش فيها...أعقل يا ماهر وتعالى يالا عشان انا كده ولا كده لمحت له وهو فهم وشكله مرحب ف No way نرجع في كلامنا فاهم
اغلق المكالمة مع والده ثم نظر للونا بصمت طال وطال ...طال لدرجة أنها خافت وسألت:
-في ايه؟
ليقول بأمر واضح شديد اللهجة:
-قومي يالا هروحك
-ايه
-ايه..هوديكي بيت ابوكي
لتقول بخوف:
-بس انا خايفه من عمي والفيران على فكرة انا والله مش كده مش زي ما بيقول عني خليني اروح بيتكم.
رفض بأعين قاتمه غامضه ثم أردف:
-عمي فاخر هناك مش هيسبك
صمت لثواني وأكمل بأعين موحيه:
-ولو انا مش معاكي كله هيدوس عليكي.
رسالته كانت واضحه وضوح الشمس..فهمتها هي ليست بغبيه.
فيما أكمل هو:
-تعالي بقا نشوف في فيران في شقتكم أصلا ولا دي كمان كدبه زي أجرة التاكسي.
نزل كلامها عليها كالكهرباء زلزلها لكنها لم تكن تملك أي خيار فنهضت قائلة بحزن شديد وكر بات ينمو له داخلها:
-لأ شكرا انا هعرف اروح لوحدي.
نبرتها قطعت وتينه....علم ما باتت تكنه له لكن يبالي على الأقل حالياً...أجل كل شيء هو في عجله من أمره وقال بحده غير قابله للجدال:
-أنا مش بناقشك....يالا.
_________سوما العربي ________
دلف معها للشقة التي كانت تلمع كالزجاج رمقها بنظرة إتهام واضحه لتقول بلهفه وتبرير:
-والله والله كان...
-شششش أخرسي...تعرفي تخرسي...انا لولا اني مش فاضي لك كنت دفنتك مكانك...تقعدي هنا ماتتحركيش وانا رايح مشوار ساعتين تلاته وهكوه هنا ....فاهمه
لم تجيب وهو لم ينتظر ردها بل تحرك مغادراً وذهب حيث صف سيارته بعيداً في الشارع العمومي ليشك بأحدهم ومشيته...كأنه يعرفه.
همهم متذكراً فهذا الرجل هو عم لونا..مشيته مريبه لما يتلفت خلفه هكذا.
لا يعرف لكنه تحرك خلفه يتتبعه حيث ذهب.
بينما كانت لونا تجلس في شقتها حيث أمرها ماهر وهي بخوف نفذت لا تملك أية خيارات لكنها حاولت مهاتفة سما ربما دلتها على حل أخر غير الإنتظار وتحمل الأهانات فقد باتت مدركة ان ماهر لن يتقبلها كأخت له وأخوالها يرفضونها وجدها الوحيد القادر على شملها بالحماية فهو طريح الفراش بالمشفى لا تعلم متى سيفيق.
لم تكد تلك المسكينة ان تكمل مكالمتها فقد تفاجأت بدق الباب لتصرخ برعب وهي تجد أحدهم يكمم فهمها عن الصراخ بينما يقول عمها الذي وقف بكشفة وجه لجواره يفح الغل ونفاذ الصبر من صوته:
-مقفلة كل الشبابيك والبلاكونات لا ناصحه يابت..هندخلك هندخلك وديني لاخلص منك .
حاولت لونا الصراخ من جديد ليقول أنور للرجل العريض :
-شوف شغلك بس بالهداوه لحد ما اكلم الي اسمه ماهر.
خرج وأغلق الباب تاركاً أبنة أخيه مع رجل غريب يكممها وهاتف ماهر الذي كان يصعد السلم بالأساس فقال:
-ماهر باشا...كويس انك جيت...الفاجرة رجعت تاني ومعاها عشيقها...مابتسلاهوش يا باشا ولا بتكتفي...انا غلبت..دي كمان مش راضيه تفتح لي الباب.
دفش ماهر الباب بكتفه عدة مرات الى ان كسر ليجد لونا تقف وقد حررها الرجل مه ذراعيه ليصرخ أنور:
-شوفت بعينك اهو يا باشا.
هرول ماهر ليهجم على الرجل لكنه سارع بالركض نحو الشرفة فتحها وهوب منها سريعاً ليعود ماهر نحو لونا بخطوات متثاقلة كأنه سينقض عليها لكن صبر أنور كان قد نفذ فقال:
-البت دي مش هتقعد يوم في البيت ده وقسماً بالله لاتخرج من هنا بفصيحه او أقتلها وأغسل عاري بأيدي.
ليصرح ماهر:
-عنك انت...حرام تدخل فيها السجن..
صمت بترقب ثم قال:
-إتصل هات المأذون
-هاااااااااه؟!!!!!
فصرخت لونا :
-لااااااا....مسحيل أوافق...مستحيل أنا بكرهك
-مش أكتر مني
ثم نظر لعمها يأمره:
-يالا إتصل بالمأذون قولت لك.
وضعت لونا يدها على فمها برعب تقول:
-لاااا حرام ماتعملوش فيا كده...ده عايز بجوزني لمقاول اكبر من ب١٥سنه ومتجوز مرتين ماتعملش فيا كده يا ماهر.
-أهو الي رضي بيكي وبعارك يا وسخه.
رمقه ماهر بنطرة ناريه جعلته يرتجع للخلف وصمت ليقول ماهر:
-كلم المأذون وهات الباقي من عيتلكم....أنا العريس...
كلمه كانت الأشد رعباً للونا التي بهت لونها وشعرت بالضياع أكثر....