رواية خلف الوجوه البيضاء
الفصل العاشر10والاخيربقلم اسلام الحريري
الضوء خافت، بينما بدأت الأنوار في الغرفة تتناثر كالشرارات في الظلام الدامس. الجميع كان في حالة من التوتر، والعقول تتسابق لمحاولة فهم ما حدث. أدهم وقف مصدومًا، عينيه تراقب الشخص الذي كان مختبئًا وراء الكواليس طوال هذه الأحداث، والذي فجأة أصبح الظل الذي يلاحقهم.
"أنت...!" همس أدهم، وهو يحدق في الشخص الذي كان يقف في الزاوية المظلمة، والشاشة التي تظهر اسمه كانت توضح ذلك بوضوح.
"أنت السبب في كل هذا؟" كانت كلمات أدهم تتناثر بين فكيه، والدهشة ترتسم على وجهه.
الشخص الذي كان يقف أمامهم كان "أمير". نعم، كان أمير، الرجل الذي كان أحدهم، أحد أعضاء الفريق، الذي كانوا يظنون أنه شريكهم في المعركة طوال هذه الفترة. أمير، الذي كان دائما يقف إلى جانبهم، يسعى إلى المساعدة، والآن تبين أنه هو من كان يدير اللعبة من وراء الستار.
"كيف...؟" سأل أدهم بصوت مرتجف.
"كنتُ جزءًا من اللعبة من البداية." قال أمير بنبرة هادئة، وهو ينظر إليهم بعينين لا تظهر عليهما أي تعبير. "كل ما حدث، كان مخططًا له. أنتم مجرد بيادق على رقعة شطرنج كبيرة."
"لماذا؟" قال يوسف بصوت عالٍ، والقلق واضح في نبرته. "أنت كنا نعتبرك... أخًا."
"المال. السلطة. القوة." قال أمير ببرود، وهو يلوح بيده، وكأن هذه الأشياء هي كل ما يهم. "العالم هذا كله مجرد سوق مفتوح، وأنا كنت أبحث عن قوتي فيه. لا أحد هنا كان يستحق الثقة."
كانت رنا تستند على الحائط، أنفاسها ثقيلة، وهي تحاول أن تسيطر على الألم الذي ما زال يعصف بها. "أنت كنت... تخدعنا جميعًا؟"
أمير ابتسم ابتسامة غير عاطفية، وقال: "لقد كنت جزءًا من معركة أكبر منكم جميعًا. كل من وقع في هذا الصراع كان سيُستخدم في النهاية. لم تكن الأمور على الإطلاق كما تصورتم."
في تلك اللحظة، بدأت الأمور تتضح. رنا أدركت أن جميع الأحداث التي مروا بها كانت مجرد حلقة في سلسلة أكبر، وأن الخيوط التي كانت تربطهم كانت دائماً متشابكة بأيدٍ خفية. لكنها كانت أيضاً تدرك شيئًا واحدًا: لا شيء يستحق هذه التضحيات بعد الآن.
"هل سنظل نركض وراء أوهامنا؟" قالت رنا بصوت قاطع، ووقفت بثبات على قدميها رغم الألم. "لقد خدعنا جميعًا، لكن لا يمكننا الاستسلام الآن. سنكمل الطريق، وسنواجه هذا المصير."
أدهم كان يفكر في كل لحظة مرت عليه خلال هذه الرحلة، في كل لحظة من الحيرة والضياع. كانت الحقيقة تتفتح أمامه كجراح مفتوحة، لكنه قرر أن يحارب. قرر أن يواجه هذا الشخص الذي كان سببًا في كل شيء.
"لن تنجو، أمير." قال أدهم، وهو يقترب منه، وعيناه مليئة بالغضب.
فجأة، بدأت الأبواب تغلق، والشاشات التي كانت تعرض تفاصيل اللعبة تختفي واحدة تلو الأخرى. بدت الغرفة وكأنها تنهار حولهم، وسمع الجميع صوت جهاز يوشك على الانفجار. أمير نظر إلى الجميع، ولم يكن يبدو عليه أي خوف.
"لن تهزموا هذه اللعبة." قال بهدوء، وهو يرفع يده ليضغط على الزر الذي كان سيؤدي إلى النهاية. لكن قبل أن يتمكن من فعل ذلك، قفز أدهم نحوه بسرعة. كانت لحظة حاسمة، حيث تداخلت الأرواح كلها في هذه اللحظة الأخيرة.
"لن تسيطر على هذا العالم." قال أدهم وهو يسحب يده بسرعة ليضغط على الزر الآخر، الذي أوقفه قبل أن ينفذ.
سقط أمير على الأرض، عيناه مفتوحتان على آخر لمحة من حياته. كان أدهم واقفًا أمامه، بينما صوت الانفجار الكبير يتردد في المكان كله، ثم سادت لحظة من الصمت.
"لقد انتهى كل شيء." قال أدهم بصوت حاسم، وهو ينظر إلى الحطام من حوله. "لن نسمح لهم بأن يسيطروا على العالم."
ركض الجميع بسرعة نحو مخرج الغرفة، حيث كانت الأضواء تومض والأنقاض تتساقط، لكنهم تمكنوا أخيرًا من الخروج. وقفوا في الخارج، يلهثون، بينما كانت السماء قد أضاءت فجأة، وكأنها تبارك نضوج الحقيقة.
ولكن رغم كل شيء، كانت القلوب لا تزال مشدودة، لأن الحرب لم تنتهِ بعد. العالم سيظل في صراع، ولا أحد منهم يعرف ما يخبئه المستقبل.
تمت
