رواية قربك يطمئني الفصل الخامس5والاخيربقلم سامر الحريري


رواية قربك يطمئني الفصل الخامس5والاخيربقلم سامر الحريري

في صباح اليوم التالي، كان الجو مشرقًا، والهواء يعصف بالأشجار في الخارج، لكن قلب سارة كان مكتظًا بالتساؤلات التي لا تجد لها إجابة. تذكرت الرسالة التي تلقتها الليلة الماضية، كلماتها كانت مشحونة بالتهديد والغموض. لم تستطع التخلص من الإحساس بأن شيئًا ما كان على وشك الحدوث. 

طارق، من جانبه، بدا أكثر هدوءًا من المعتاد. لم يظهر عليه التوتر الذي كان يشعر به في الأيام السابقة، وكأن شيئًا داخليًا قد تغير فيه. ربما هو قد قرر أخيرًا أن يواجه ماضيه، أو ربما هو يختار أن يعيش لحظة واحدة من السلام، ولو كانت قصيرة. 

كان طارق يقف بجانب النافذة، يراقب أشعة الشمس وهي تتسلل بين غيوم السماء. 

– "سارة، في حاجة لازم تعرفيها"، قالها وهو يلتفت إليها، عينيه تحملان حزنًا عميقًا. 

– "فيه إيه؟" أجابته سارة وهي تشعر بشيء من القلق. 

– "اللي حصل مع ليان كان بداية لشيء أكبر. في شخص... كان يراقبنا من بعيد. هو كان السبب في انهيار ليان، وكان يحاول استغلال ضعفي... وكان بيحاول يدمّر كل شيء في حياتي." 

سارة نظرت إليه بدهشة، شعرت أن القصة أكبر من أن تُحتمل، وأن الشخص الذي كان يهددها كان جزءًا من شيء مظلم يربط طارق بماضيه، بشخص لا تريد أن تعرفه. 

– "من هو؟" همست سارة، وكأنها تعرف أن الإجابة ستكون خطيرة. 

ابتسم طارق ابتسامة حزينة، ثم قال: 

– "هو الشخص الذي أساء إلى ليان، الذي حاول تفكيك حياتنا. اسمه عماد." 

صمتت سارة لوهلة، ثم قالت: "ولكن لماذا الآن؟ لماذا يعود إلى حياتك الآن؟" 

– "لأنه شعر أنني بدأت أستعيد قوتي. هو يعرف أنني لن أسمح له بأن يُدمّر ما تبقى من حياتي، ولهذا فهو يهددك الآن، يهددني من خلالك." 

شعرت سارة بقلق يجتاحها. كانت تدرك أن الأمور لن تنتهي ببساطة، ولكنها أيضًا لم تعد قادرة على العودة إلى الوراء. كانت قد أُغرمت بهذا الرجل، وأصبحت جزءًا من قصته، رغم كل المخاطر التي كانت تحيط بهم. 

– "أنا مش هسيبك لوحدك." قالتها سارة بكل حزم، عينيها متشبثتين بعينيه. 

نظر إليها طارق، وفي عينيه كان هناك شيء من الامتنان، لكنه كان أيضًا محملًا بالحزن. ثم، بدأ يقترب منها بخطوات ثابتة. 

– "أنا عارف، وأنا كمان مش هسيبك." قالها بصوت منخفض، لكنه قوي. 

وفي تلك اللحظة، شعرت سارة أن كل شيء في حياتها قد تغير. لم تعد تلك الشابة التي تقضي أيامها بين الكتب والحدائق. الآن، كانت تواجه تحديات أكبر من أي شيء اختبرته في حياتها. لكن، كان لديها شيء واحد يجعلها قوية: الحب الذي بدأ ينمو في قلبها. 

مرت الأيام، واستمرت التهديدات، لكن كلما اقتربت سارة من طارق، أصبحا أكثر قوة معًا. تدريجيًا، بدأ طارق يستعيد ثقته بنفسه، بينما كانت سارة تجد قوتها في الوقوف إلى جانبه. 

في النهاية، جاء اليوم الذي واجه فيه طارق عماد، في لقاء كان مليئًا بالتوتر. لكن قوة إرادة طارق وحب سارة له كانت أكثر من كافية لتفكيك الخيوط التي كان عماد ينسجها حولهم. فشل عماد في محاولاته، واعتُقل في النهاية، ليواجه عقابه. 

ولكن، كانت هذه بداية جديدة لهما. 

سارة وطـارق، بعد كل ما مروا به، أصبحا أكثر قوة، وأكثر تمسكًا ببعضهما البعض. عاشا حياة مليئة بالسلام والطمأنينة، حتى في الأوقات الصعبة، لأنه في النهاية كان لكل منهما الآخر. 

لقد وجدا بعضهما في الوقت الذي كان كل منهما فيه في أشد الحاجة إلى شخص يطمئنه، يعيد إليه توازنه، ويجعله يدرك أن الحياة رغم كل التحديات، يمكن أن تكون جميلة في أحضان من نحب. 

                           تمت
تعليقات



<>