رواية في حضرة الحب الفصل السادس6والاخيربقلم فادي عمر


رواية في حضرة الحب الفصل السادس6والاخيربقلم فادي عمر


بعد خمسة أشهر... 

لم تعُد المدينة تخيف نور، ولم تعُد وجوهها غريبة.
تلك الأزقّة التي بدت لها متاهة، صارت مألوفة، تحمل ذكريات بضحكاتٍ، ودمعات، ونظرات علّمتها أن الحياة لا تُفهم من أول مشهد. 

عادت نور من دورة تدريبية خارج البلاد، أكثر ثقة، وأكثر هدوءًا. 

وقفت أمام مبنى الشركة القديم... ابتسمت. 

ما زال الحارس ذاته، والمقهى ذاته، والبناية العتيقة تقف كأنها تراقب تغيّر الأرواح. 

دخلت إلى الداخل، لكن لم تتجه إلى مكتبها. 

ذهبت إلى السطح. 

ذلك المكان الذي شهد المواجهة، والانكسار، والصدق. 

وقفت عند السياج، أغمضت عينيها. 

وفي لحظةٍ، سمعت خطوات خلفها… 

ـ "كنت حاسس إنك هترجعي هنا أول ما توصلي." 

فتحت عينيها. 

كان رامي، بهدوئه ذاته، لكن بعينين فيهما عمق جديد… كأن الأيام صنعت بداخله رجلًا آخر. 

قالت بابتسامة خفيفة: 

ـ "لسه فاكرني؟" 

اقترب منها، وقال بهدوء: 

ـ "مش بس فاكر… أنا بقيت أفهم." 

نظرت إليه، تنتظر. 

أكمل: 

ـ "فهمت إن الحب مش صراع على مين يكسب…
ولا اختبار مين هيستسلم الأول.
الحب اللي بيستمر… هو اللي بينضج جوّه كل حد، لحد ما يبقى اختياره مش لأنّه محتاج، لكن لأنّه مستعد." 

تنهدت نور وقالت: 

ـ "أنا اتعلمت أعيش مع نفسي…
بس يمكن الوقت جه أعيش مع حد، وأكون لسه أنا." 

اقترب أكثر، بهدوء، كأنه يخاف أن تبتعد: 

ـ "أنا مش جاي أرجعك لشركة، ولا لذكرى…
أنا جاي أبدأ صفحة جديدة… فيها نور، فيها وقت نضحك، وقت نختلف، بس أهم حاجة… فيها صدق." 

سألته بخفوت: 

ـ "وإنت… مستعد تعيش حياة مش مثالية؟" 

رد وهو يمد يده نحوها: 

ـ "لو إنتي فيها… تبقى الحياة الأجمل." 

مدّت يدها… وأمسكت بيده.

نور ورامي يسيران معًا في شارع مزدحم، يضحكان على موقف سخيف حدث قبل لحظات،
وهي تمسك بكوب قهوتها، وهو يحمل حقيبة صغيرة نيابة عنها، كأنهما يختبران البساطة لأول مرة. 

ورغم الضجيج حولهما… 

كان كل شيء هادئًا داخل قلبيهما. 


                        تمت

تعليقات



<>