
رواية فرح فهيمه الفصل الحادي عشر11الاخير بقلم ايه شاكر
مسحت فرح وجهها بكلتا يديها وهي ترقد أرضًا وفتحت جفونها تزامنًا مع قول شاهيناز:
-أصبلك كاس تاني يا حبيبتي!!
هكذا هتفت والدتها بسخرية لذعة، نهضت فرح واقفه منكسة رأسها بخجل ثم رفعت رأسها ببطئ لتبدل نظرها بين ثلاثتهم وهم يُطالعونها....
لاحظ يوسف إحراجها، فحاول لفت انتباههم لشيء أخر قائلًا بتلعثم:
-إ...إ... انتوا بقا لازم تتغدوا معانا النهارده ولا إيه يا فرح؟!
أومات فرح رأسها وهي تبتسم بخجل:
-أيوه طبعًا!
عقبت صفاء:
-لأ أنا جايه أسلم على فرح وهنزل علطول.
كانت شاهيناز ترفع إحدى حاجبيها وتنظر نحو ابنتها بخيبة أمل وعقبت قائله:
-بس مراتك تأكلك إنت يا يوسف ملكش دعوه بينا...
مصمصت شفتيها مردف وهي ترمق فرح بضيق:
-الله يبني إنت صعبان عليا....
شهقت فرح ووضعت يدها حول خصرها قائله بعفويه:
-بتبصيلي كدا ليه يا ماما... أ.. أنا كنت واخده راحتي في شقتي إنتوا بقا اللي غلطانين!
هتفت شاهيناز بغيظ:
-أنا معرفتش اربي... للأسف ملحقتش اربيكِ!
رفعت فرح رأسها بلامبالاه وهي تقول:
-يبقا دي غلطتك أنا مليش ذنب بقا...
-صح.. أنا إلي غلطانه!... إنتِ صح؟
كان يوسف وصفاء يبدلان النظر بينهما، وفي حركة سريعه كشرت شاهيناز عن ساعديها وهي تقول:
-بس ملحوقه يا فرح....
اندفعت شاهيناز نحوها لتمسكها من شعرها، فغر يوسف فاه من هول المفاجأه فلم يتوقع رد فعل شاهيناز، تأوهت فرح قائله:
-سيبي شعري يا شاهيناز...
تركت شعرها ومسكتها من ملابسها وهي ترجها:
-دا منظر شعر عروسه يا بت!!
-ماله شعري عاجب جوزي بتتدخلي ليه يا ست إنتِ!!!!
تركتها شاهيناز ووجهت نظرها ليوسف لتسأله وهي تكرمش وجهها وبنبرة حادة:
-إنت عاجبك شعرها ده؟!
أوما رأسه فطالعته شاهيناز لبرهة، ضحكت فرح وقالت بسخرية:
-ليه كده يا يوسف تكسف ماما كده!!!
ضغطت شاهيناز على أسنانها بغيظ وهي تبدل نظرها بينهما، ويوسف يحدق بها مترقبًا رد الفعل التالي، أما هي فلم تنطق بحرف أخر وهرولت للمطبخ وهي تقول:
-ماشي يا فرح....
جحظت عيني فرح وهي تهرول خلفها قائله:
-لأ لا لا يا ماما اهدي وأنا هعمل إلي إنت عايزاه والله.
بدأت شاهيناز بإخراج الأواني من المطبخ وهي تقول:
-جربي بقا الإحساس ده!
وكلما حاولت فرح إمساكها انفلتت شاهيناز منها لتخرج باقي الأواني وتقذفها أرضًا، كان يوسف وصفاء يتابعان الموقف بصدمه همست صفاء ليوسف:
-هي حماتك بتعاني من مـ. رض نفسي؟!
-شكلها كدا!!
وبعد دقائق كانت فرح تجلس بين الأواني بالمطبخ تضع كفيها على وجنتيها وتنظر للأواني الملقاه على أرضية المطبخ، وشاهيناز تُقلب كفيها بابتسامة....
تنحنحت ثم نظرت ليوسف وصفاء قائله بابتسامه عذبه وكأنها لم تفعل أي شيء:
-أنا كنت جايه أتطمن عليكم يا حبايبي كويس إنكم بخير...
كانوا ينظرون لها بذهول فأردفت بنفس الإبتسامه:
-أستأذن أنا بقا عشان ورايا شغل كتير....
نظرت لفرح التي ترمقها بطرف عينيها بغيظ وقالت:
-هستناكِ بكره بدري يا فروحه...
خرجت من الشقه وسط نظراتهم المصدومه، همست صفاء ليوسف:
-دا انفصام شخصيه ده!!!
اومأ يوسف رأسه قائلًا:
-الظاهر كده...
وبعدما غادرتا وقف يوسف عند باب الشقة يقلب كفيه قائلًا:
-دا باينلها وراثه ولا إيه؟!
ربت على كتف فرح فرفعت رأسها إليه وهي مازالت على حالتها فقال بابتسامه:
-يلا هنرتبهم مع بعض...
زفرت بقـ. وه وهي تنهض وتقول بنزق:
-الست دي أمي عارف لو مش أمي كنت مديت إيدي عليها...اه والله...
اومأ رأسه ساخرًا، وقال:
-مفهوم طبعًا
وأخذ يرتب معها الأواني وهو يضحك كلما تذكر ما حدث...
وبعد فترة انتهيا من ترتيب الأواني، جلست جواره تشاهد التلفاز، فحملق بها شاردًا! كان يتسائل هل آن الأوان ليخبرها بما يخفيه؟
لاحظت فرح نظراته فرمقته قائلة بابتسامة:
-بتبصيلي كده ليه؟!
أطلق تنهيدة طويلة ثم قال:
-عندي كلام كتير عايز أقولهولك.
دنا منها، ابتسم وهو يضم يدها بين كفيه، وعندما طالع مقلتيها شعر بالاضطراب فابتعد عنها متحاشيًا النظر نحوها، فارتسم الاستفهام على ملامحها وسالته:
-في ايه؟!
تنهد بقـ. وة وطالعها مجددًا ثم قال دفعة واحدة:
-فرح أنا لما اتجوزتك كنت مجبر عليكِ... عمي أجبرني أتجوزك!
ظنت أنه يمازحها فابتسمت وهي تُطالع التلفاز قائلة بلامبالاة:
-مش فاهمه ليه يعني يجبرك تتجوزني؟!
صمت هنيه يتذكر ما مضى، ثم قال:
-طبعًا إنتِ عارفه قصة عمك وعمتي الله يرحمهم.
أومات رأسها وهي تقول:
-الله يرحمهم ويغفر لهم...
-أ... أ... بصي هو عمي كان عاوز ينتـ. قم لعمتي الله يرحمها وعايزني أتجوزك فتره وأطلقك...
ازدردت ريقها بتوتر حين قال جملته خوفًا أن يطلقها أو يتركها، فسألته بقلق:
-وإنت وافقت على كدا!
هز رأسه بعـ. نف وهو يقول:
-مكنش عندي حل تاني يا فرح عمي كان ممضيني على شيكات ب ٥ مليون وتنازل عن كل ورثي من أبويا....
ابتعدت فرائصها، طالعته بتوجس تخشى أن تكون جملته القادمة هي الطلاق! وحين طال صمته سألته بنبرة مختنقة:
-هتطلقني؟
ابتسم وقبل يدها قائلًا بحنو:
- فرح لازم تعرفي إن أنا معجب بيكِ من قبل ما أعرف إن إنتِ مراتي! ولما عرفت فرحت وحبيتك... حبيتك أوي يا فرح...
كانت ستبكي! والآن! تريد إجابة صريحه لسؤالها فسالته مجددًا بتوتر وهي تزدرد لعابها:
- يعني إنت هتطلقني عشان تاخد الشيكات والورث؟!
ترك يدها ونظر أمامه محدقًا بالفراغ بصمت ثم قال:
-أنا سبق وقولتلك إني بحبك يا فرح ومش هسيبك...
أغلقت عينيها وتنهدت بارتياح، وخيم عليهما الصمت فهتفت وهي مغلقة جفونها:
- يوسف!
طالعها مبتسمًا وقال بمرح:
-إيه دا؟! دا إحنا شيلنا الألقاب بقا؟!
لم تعقب على مزاجه واستأنفت دون أن تفتح جفونها:
-أنا بحبك.
اتسعت ابتسامته واعتدل في جلسته وهو ينظر لها وهي تضغط جفونها كي تهرب من نظراته، أكملت قائله وهي تكشف ستار جفونها عن مقلتيها فقد طال صمته ولم يبادر بأي رد فعل، وحين التقت أعينهما سألها:
-إنتِ قولتِ إيه؟
-قولت بحبك يا يوسف...
ابتسم وهو يقبض على يدها قائلًا:
-كمان مره...
ابتسمت، وأعادت وهي تضغط على كل حرف بالجمله:
-بحبك يا يوسف.
وثبت من مكانها ولتهرب من نظراته هرولت إلى المطبخ وهي تقول:
-أنا هعمل قهوه وهعملك معايا..
-قهوه!!
نهض واقفًا وركض خلفها يقول:
-لأ يا فرح مش هتهربي...
-ابعد عني وإلا هصوت وألم عليك الناس!
★★★★
مرت الأيام سريعة واستقرت حياتهما غاضين الطرف عن سليمان واتفاقه....
وذاتصباح نظر يوسف لتلك النائمة بجواره وطبع قبلة على رأسها ثم قال:
-اصحي يا فراولتي الساعه ١٠ هتروحي لمامتك امته!
فتحت عينيها بنعاس ثم أغلقتها مجددًا وهي تدير له ظهرها وتسحب الغطاء عليها قائله بنزق:
-روح إنت وسيبني أنام.
اعتدل جالسًا ليمسك هاتفه ويرى ٦ مكالمات فائته من عائلتها فقال:
-يا فراولتي اتأخرنا زمان العزال وصل...
نفخت بحنق وهي مغمضة العينين، سحب الغطاء عنها وختف مجددًا يُحايلها:
-يلا بقا عشان لسه هنفطر وابقي نامي الظهر...
اعتدلت جالسة وعاقدة حاجبيها بضيق وهي تقول: حاضر قومت أهوه...
-صباح الزبادي يا محير فؤادي.
ابتسمت ونظرت له بطرف عينيها قائله:
-يا صباح السعاده يا سكر زياده.
ضحك على مداعبتها اللطيفه وقال:
-يلا عشان باباكِ رن عليا مرتين ونوح مرتين ومامتك مرتين
وثبت وهي تقول:
-حالًا هجهز...
فتحت مخدع الملابس فقال بضحك:
-الفطار الأول يا سمو الأميرة.
-حاضر.
قالتها بابتسامة....
______________________________
جلست حنان على فراشها تبكي فستبدأ رحلة العلاج الكيماوي من الغد، مسحت دموعها تخاف أن تعترف لزوجها فيطلقها وإن طلقها أين ستذهب وكيف ستعيش بمـ. رضها، تنفست بعمق وزفرت بألم بعد أن قررت ما ستفعله، لن تحكي لزوجها ستتركه لأخر المطاف لكن ستبدأ بساميه يحب أن ينفضح أمرها أمام عائلتة زوجها الراحل...
*********
وأثناء طريق فرح ويوسف
-نفسي أجرب حاجه كدا هات إيدك.
قالتها فرح بابتسامه، اتسعت حدقتيه وهو يسألها بقلق:
-ناويه تعملي إيه يا مجنونه مش وقته؟
مسكت يده وهي تصعد على حافة الترعه وتقول:
-هات بس إيدك كدا...
مد يده ليقبض على يدها، بدأت تمشي متشبثة بيده ومبتسمه بسعاده سألها يوسف بابتسامه ماكره:
- واثقه فيا أوى كدا؟!
-إوعى تكون مش أهل للثقه!
ضحك وهو يهزها نحو الترعه متظاهرًا أنه سيدفعها، فصرخت بخفوت وقبضت على يده بقـ. وه وهي تنزل عن سطحها قائله بضحكه:
-لا لا ملكش أمان.
حملها وهو يقول:
-طيب استعدي بقا.
-إنت هتعمل إيه لا لا.
صعد يوسف حاملًا فرح ليقف على سطح الترعه ويناكفها تشبثت به جيدًا لكن بلا فائدة فقد خانته قدماه ونزل بها للمياه مسح الماء عن وجهه وهو يقول من بين ضحكاته:
-ايه يا فرح مش تركزي!
أخرجت الكلام بصعوبه من بين ضحكاتها:
-انا اللي أركز!! ادعي عليك ازاي وإنت جوزي!!!
حدق بها مبتسمًا وشاردًا في ملامحها ليقطع تلك اللحظه الرومانسيه صوت أحد الفلاحين صائحًا بنبره مرتفعه:
-إنتوا بتعملوا إيه هنه!
رد يوسف ساخرًا:
-لأ مفيش كنا عطشانين ونزلنا نشرب وطالعين خلاص.
علق الرجل مصدقًا ما قاله يوسف:
-عطشانين! ليه بط إنتو ولا إيه؟!
ابتعد عنهما مقلبًا كفيه وهو يردد مستنكرًا:
- مجانـ. ين دول ولا إيه؟
ضحك يوسف قائلًا:
-الراجل صدق ولا إيه؟
خرج يوسف من الماء منفـ. جرًا بالضحك وساعدها لتخرج ارتعش جسدها وهتفت باستنكار:
-جيبتلنا الكلام وخلاص!
-يا ستي يعني هي أول مره ما إحنا متعودين.
قاطعهما صوت نقرات الطبول ولاح لها أسراب من السيارات تقبل نحوهما، فقال يوسف:
-كدا بقا كملت يا روحي...
ابتلعت ريقها قائلة:
-هنعمل إيه؟!
مسح الماء عن زجاج نظارته الشمسيه بملابسه المبتله بالماء وهو يقول:
-اعملي زي ما هعمل بالظبط.
ارتدى نظارته رافعًا رأسه بشموخ، ففعلت مثله وارتدت نظارتها الطبية، أشار بسبابته أن تمام! ثم وضع كلتا يديه بجيبي بنطاله، فهتفت:
-يوسف أنا معنديش جيوب!
تنحنح وقال بجدية مصطنعة:
-صقفي يا حببتي..
وقفت فرح تصفق بكل بلاهه مع الطبل، والناس يرمقونهما بتسائل عن حالتهما تلك.
كان عماتها الثلاثه يركبن السيارات ويصفقن، فهتفت إحداهن بنبرة مرتفعه مازحه:
-فرح.... هي مطرت عليكم ولا إيه؟
-اه يا عمتو مطرت شوفتي الهدوم.
قالت جملتها وهي تعصر ذيل فستانها، ويوسف يضغط على شفتيه ليكبح ضحكاته، مرت سيارة أخرى وبها نوح الذي أوقف سيارته جوار قائلًا:
-إبه إلي حصل؟
رفع يوسف يده عاليًا وقال بحـ ـماس:
-مبروك يابو نسب.
ضحك نوح وهو يقول:
- عقبال عندك يا حبيبي... اركبوا يا حبايبي اركبوا...
وبعد فترة في حديقة المنزل بعد أن انتهوا من تفريغ محتويات السيارات، كان المنزل يعج بأفراد العائله، وقفت فرح في ركن بعيد عنهم مع يوسف تمازحه وتداعبه بيدها، فضحك قائلًا:
-فرح بطلي هزار بقا.
مدت يدها مرة أخرى فقال وهو يكبح ضحكاته:
-إبعدي إيدك الناس هتاخد بالها.
ابتسمت قائله بمكر:
-بس أنا مكنتش أعرف إنك بتركب الهوا.
اقتربت منه مرة أخرى بمكر شديد ترمقه بخبث وهي تلتفت حولها لتتأكد من انشغال الجميع.
مدت يدها نحوه لتدغدغه، فابتعد عنها مسافه وهو يتأفف من تصرفها الطفولي، اقتربت مرة أخرى بمكر ومدت يدها نحوه لتدغدغه، حاول التظاهر بالجمود وضغط على شفتيه ليكبح ضحكاته حتى تيأس منه وتهدأ، لم يلبث هكذا كثيرًا وانفـ. جر ضاحكًا، وضحكت هي أيضًا قائله بمرح:
-اركب الهوا.
انتهى من نوبة الضحك قائلًا بهمس:
-ماشي يا فرح لينا بيت يلمنا وهعرفك الهوا بيتركب ازاي..
ضحكت وهي تعود بظهرها للخلف وتتجه نحو والدتها وهي تقول:
- أنا قاعده مع أمي حبيبتي لحد ما الفرح يخلص...
كادت أن تقع فلحقها يوسف لتعتدل واقفه، بينما قالت شاهيناز:
-خلي بالك يا فرح ركزي شويه مفيش حد بيمشي بظهره...
همس لها قائلًا:
-جيبتِ لنفسك الكلام.
أردف قائلًا بهمس:
-أنا الي بيجي عليا مبيكسبش أبدًا....
اتجها ليجلسا مع الجميع ليهتف الجد موجهًا كلامه لشاب يبدو أنه بأواخر العشرينات يجلس بجواره:
-الدور عليك بقا عاوزين نفرح بيك يا دكتور العيله.
ابتسم الشاب قائلًا:
-إن شاء الله يا جدي شوفلي إنت العروسه وأنا جاهز.
نادته والدته "والدة مريم" قائله:
-قوم كدا يا فؤش شغلنا حاجه تحسينا أننا في فرح...
اومأ رأسه مبتسمًا وهو يتوجه صوب جهاز اللابتوب الخاص به، ارتفعت الزغاريد وبدا الجميع بالتصفيق متجاوبين مع الأغنيه التي قام بتشغيلها لتوه.
دلفت فتاة عشرينيه للبيت بحياء وأخذت تلتفت يمنة ويسرة بارتباك وتعدل من وضع نظارتها التي تشبه نظارة فرح، فمن يراها يظنها أختًا لفرح من شدة اقتراب هيئتهما....
إلتفت ذلك الشاب «فؤش» إليها محدقًا بها فقد عرفها حتى بعد فراق كل تلك السنوات تلاقت أعينهما للحظات...
فقد تفتحت تلك الزهره وأصبحت وردة جذابه تدفع من أمامها ليشم رائحة عطرها المخفاه، أيعقل أن يكون لسبع سنوات تأثير لتلك الدرجه! وحين رأته يُطالعها ارتبكت وتذبذبت نظراتها، وكعادتها عندما ترتبك تتصرف بحماقة بل ببلاهة
شديدة...
تحركت خطوتين نحو جدها لكن قطعت باقي المسافه وهي تطير نحوه بعد تعرقلها بعتبة لم تلحظها، حتى وقعت رأسها بين فخذي جدها حين، رفعت رأسها لتنظر لجدها مبتسمة ببلاهه:
-وحشتني يا جدي...
ضحك الجد وهو يضم وجهها بين كفيه ثم يقبلها من رأسها قائلًا:
-حبيبة قلب جدها إلي بنشوفها مره في السنة...
ضمت جدها بإشتياق ثم أخذت تسلم على الجميع دون أن تنظر نحو فؤش الذي يتابعها بطرف عينه....
جلست جوار جدها الذي ربت على ظهرها بحنو وسألها:
-غريبه يعني أبوك سابك تيچي الفرح؟
تلعثمت قائله: لا.. ما هو... ما هو أنا...
نهضت واقفه وهي تبدل نظرها بينهم قائله بابتسامة فخر:
-جماعه أنا هربت...
صفقت فرح بحراره وكأن الفتاه أنجزت شيئًا عظيمًا وقالت:
-عاش... عاش يا بنتي والله...
ابتسمت الفتاه وهي تعدل من حجابها بفخر، وتومئ رأسها بحركة مسرحيه والجميع ينظر لها بذهول من جملتها، هتف والد فرح "خال الفتاة":
-أبوك مش هيسكت يا وسام!
عبست ملامحها وهي تمسك يد جدها وتنظر لعينيه برجاء وقالت:
-لو رجعتني للراجل ده ومراته تاني همـ. وت نفسي يا جدي .
شهقت شاهيناز قائله:
- بعد الشر عليكِ ياحببتي.
ربث الجد على يدها وتنهد قائلًا:
-نخلص فرحنا على خير ونشوف موضوعك ده!
لا تدري لمَ سحبها نظرها لترمق ذلك الواقف على مقربة منها «فؤش» بوجهه مكفهر لا تدري أشفقة عليها أم مقتًا لما فعلت!
أخرجها من شرودها تلك السيده "حنان„ التي دخلت للحديقه قائله بنبرة مضطربة:
- السلام عليكم يا جماعه.
رد الجميع السلام ونظر لها يوسف متعجبًا، هتفت قائله:
-أنا عايزه أتكلم معاكم في موضوع بس ياريت ساميه تكون موجوده..
هتف الجد: اتفضلي اقعدي... خير؟
عقبت حنان: خير إن شاء الله.
_________________________________
وبعد فتره كانت الوجوه متجهمه والعيون ملتهبه والقلوب محطـ. مه مما سمعته هتفت حنان بنبرة نادمة:
-أنا كان لازم أقولكم كلكم قدامها عشان تعرفوا و..ساختها.
هتفت ساميه بنظرات مرتعبه:
-إنتِ كذابه!
ردت حنان بنبرة حادة:
-لأ أنا مش كذابه أنا بحاول أتوب وراضيه بأي عقاب من ربنا عشان إلي عملته مش شويه.
هتف الجد وهو ينهض واقفًا بغضب:
-وأنا مش فارق معايا أي حاجه لا إعترافك هيرجع الزمن ولا هيرجعلي إبني ولا هيرجع مرات ابني الله يرحمها.
هتفت شاهيناز بغضب:
-حسبي الله ونعم الوكيل في أمثالكم إنتوا قلوبكم إيه حجر!
عقب نوح باشمئزاز:
-متظلميش الحجر يا ماما دا الحجر بيسبح ربنا وبيخشاه.
استدارت ساميه لتغادر فهتفت عمة فرح "والدة مريم":
-رايحه فين يا ساميه كلامنا لسه مخلصش!
نظرت لإبنها قائله:
-قوم يا فؤاد خد الرجاله وادخلوا جوه وإنتِ يا حنان اتفضلي من غير مطرود...
نظر كل من وسام وفرح لبعضهما جحظت أعينهما فقد فهما ما تنوي على فعله، سحب فؤاد يوسف ونوح قائلًا:
-يلا عشان أنا عارف النظره دي وراها إيه.
اقتربت "والدة مريم" مع أخواتها الإثنتان من ساميه وبدأ يفرغان بها شحنة غضبهن بلكـ. مها وضـ. ربها، وهي تصرخ تحت أيديهم.
هتفت فرح: تستاهل والله بنت ال.....
وانتهين بدفعها لخارج البيت لتهتف والدة مريم:
-منشوفكيش هنا وإلا والله ما حد هيحبسك غيري.
ضمت ساميه ابنها وصاحت وكأنها مظلومه:
-حسبي الله ونعم الوكيل فيكم ربنا ياخدلي حقي منكم واحد واحد.
كان الجد يتابع ما يحدث والطفل يُطالعه بنظرة ذات معنى، أومأ الجد له برأسه فقد اتفق معه أن يقابله كل إسبوع وأعطاه هاتف ليطمأن عليه لأجل غير مسمى حين يستطيع أخذه من ساميه دون ملامة... فمهما فعلت ستظل والدته...
قالت والدة مريم وهي تغلق الباب:
- منك لله ربنا ينـ. تقم منك إنتِ يا شيخه.
نظرت ساميه لإبنها صاحب السبع أعوام قائله:
-بكره ابني يكبر ويجيبلي حقي منكم واحد واحد...
وكان الطفل يشاهد الحوار ويبكي لا يفهم شيئا مما يحدث! يقبض على الهاتف بيده....
وما أن أُغلق الباب رفع الجد هاتفه وتحدث مع أحدهم قائلًا:
-امشي وراهم وهاتلي الأخبار....
________________________________
وقفت فرح بالحديقه بجوار وسام وفجأه شعرت بدوار رأسها ووقعت أرضًا، صرخت وسام وهي تهزها بعنـ. ف، وهرول يوسف إليها...
هرولت وسام للداخل تنادي شاهيناز وهي تصيح:
-يا طنط ... يا طنط فرح داخت ووقعت على الأرض.
تهلل وجه شاهيناز وزغردت بسعاده، لتنظر لها وسام قائله بصدمه:
-إيه يا طنط إنتِ فرحانه إن بنتك تعبانه ولا إيه!
ابتسمت شاهيناز قائله:
-تعبانه ايه يا هبـ ـله دي حامل...
قالت جملتها وهي تهرول لإبنتها وتنادي على خالة فرح قائله:
-فرح حامل يا بسمه...
حكت وسام رأسها وقطبت حاجبيها متعجبه وهي تكرر:
-حامل!!
سرعان ما تحول تعجبها لسعادة دقت ابواب قلبها وهرولت خلف شاهيناز مبتسمه....
أُطلقا زغرودة أخرى من خالة فرح وهي تربت على ظهر فرح بحنو قائله:
-مبروك يا حببتي ربنا يكملك على خير يارب.
اعتدلت فرح جالسة لتسالهم بدهشه:
-فيه ايه؟
نظرت شاهيناز ليوسف بفرحه:
-مبروك يا حبيبي هتبقا أب.
فغرت فرح فاها وجحظت عينيها بدهشه وعقد يوسف حاجبيه بصدمه وهو يشير لنفسه قائلًا:
-أنا!
مباركات كثيره من العائله توافدت عليهم وأحضان أكثر، ويوسف وفرح يرمقونهم بصدمة ودهشه وذهول لتصيح فرح بنبره مرتفعه:
-باااااس أنا مش حامل..
تجهم وجه الجميع منتبهين لفرح التي أردفت:
-جايبن الكلام ده منين؟
ضحكت وسام وهي تقول: طنط شاهيناز.
نظرت لشاهيناز بغضب وهي تنهض واقفه ثم قالت:
-ماشي يا شاهيناز والله لأوريكِ.
دخلت للبيت مسرعه، فاتسعت عيني شاهيناز وهي تقول ليوسف:
-إلحق البنت الهـ ـبله دي هتطلعلي المطبخ كله دلوقتي!
جلس يوسف على المقعد ببرود قائلًا بضحكه:
-على فكره أنا لو روحت هساعدها...
ضحك الجميع على شاهيناز التي تركض خلف ابنتها قائله:
-استني يا بت.... بت يا فرح... يا فهيمه....
زادت ضحكات وسام، كان فؤاد يختلس النظر لضحكتها...
هرولت وسام خلف شاهيناز لكنه هرول خلفها وأوقفها مناديًا إياها بارتباك:
-و.. وسام...
ازدردت ريقها بتوتر وهي تلتفت نحوه ثم تنظر أرضًا بارتباك، ابتسم هو قائلًا بمكر:
-إنتِ مش فاكراني؟
خانها لسانها قائله في سرعه بعفويه:
- فكراك...
عضت لسانها قائله بسذاجه:
-قصدي لأ مش عارفاك... مش فاكره حاجه... خالص...
ابتسم على ارتباكها ومسح شعره متوترًا هو الأخر قائلًا:
-لأ إنتِ عارفاني... وفاكراني....
هربت منه قائله:
-طنط بتنادي عليا...
هتفت بارتباك وهي تغادر:
-أيوه يا طنط جايه... جايه...
ووقف فؤاد ينظر لأثرها مبتسمًا....
تمت بحمد الله