
رواية فرح فهيمه الفصل الثامن8 بقلم ايه شاكر
الحله لزقت في السجاده.
-فرح إنتِ حاطه الحله سخنه على السجاده؟!
أومأت رأسها تؤكد كلامه فصفق وهو يردد بسخرية:
- لا بجد براڤو عليك أنا فرحان بذكائك أوي ومنبهر الحقيقه
ابتسمت وهي تربت على صدرها باعتزاز دون أن تنبس بكلمه، رمقها بغضب وتجهم وجهه وهو يحاول سحب الوعاء عن السجاد حتى استطاع افلاته، نظر لمظهر السجادة المحـ ـروق ثم لفرح ورفع حاجبيه فابتسمت بسذاجه قائله:
-فدايا ميه سجاده...
الحلقة الثامنة
#رواية_فرح_فهيمه
بقلم آيه شاكر
رفع ملابسها لأعلى كمن يمسكك لصًا وقال:
-بت ركزي كدا أنا مش عايز خساير في الشقه... من أول ليله يا قادره تحـ ـرقي السجاده!
هتفت بنبرة مرتفعه:
-ومالك زعلان كدا ليه هو إنت يعني إلي جايبها دي فضلة خير أبويا!
عقب وهو مازال يمسك ملابسها قائلًا:
-ما أنا مضيت على القايمه يختي ولا ناسيه!... قومي نامي قومـــي.
وحين نظرت لمقلتيه؛ كانتا تشتعلان من الغضب فما فعلته ليس بالهين فالسجاده أصبحت بحالة يرثى لها، هرولت نحو غرفتها دون أن تلتفت إليه وأغلقت الباب خلفها وهي تقول:
-دا إنت عصبي أوي!
رفعت كتفها لأعلى وهي تقول بتهكم:
-هو حصل إيه يعني لكل ده المفروض أقوله فدايا مية سجادة يقولي لا فداكِ مليون....
مصمصت بشفتيها مستأنفة:
-يا خساره وأنا الي كنت فاكراك طيب وحنون طلعت عصبي ومجنون.
أخذت تكرر أخر جملة بإعجاب من نفسها، وحين ارتفع أذان الفجر تسللت لتتوصأ وتصلي قبل أن تستلقي على فراشها ولكن لم يطرق النوم جفونها، فنهضت واقفة وأخذت تفتش في أدوات التجميل الخاصة بالبشرة وهي تقول:
-لما نشوف المكياج دا بيقول إيه!!
وبعد قرابة الربع ساعة نظرت لوجهها بالمرآه وانفـ ـجرت بالضحك على لون الأيشادو الأزرق وشفتاها الملونة بالأزرق الفاتح ووجنتيها الزرقاء فالآن تبدو تمامًا كالمهرج "البلياتشو"!
ضحكت ثم اتجهت نحو شعرها تمشطه بطريقة مضحكة ليقف عاليًا كشخص قد أخذ شحنة من الكهرباء، انفـ ـجرت بالضحك على هيئتها وهي تقول:
-ميكب أرتيست يعني مفيش كلام... طيب ما الموضوع طلع سهل أهوه... لأ دا أنا لازم أفتح كوافير وأسميه فرح للدهان والتجديد...
ضحكت مجددًا وهي تمسح الأزرق من على وجنتيها ثم تثائبت بخمول فقد دق النوم بابها استلقت على الفراش ولم تستغرق دقيقة وذهبت في سباتٍ عميق.
ولم تنتبه سوى على طرقات باب غرفتها، أجابت بخمول:
-مين؟
-قومي بقا يا فرح العصر هيأذن عايزين نفطر.
-طيب يا بابا قايمه أهوه.
أكملت نومها، وبعد نصف ساعه طرق بابها مجددًا وهو يقول:
-فرح لو مفتحتيش أنا هدخل.
-حاضر يا بابا.
قالتها وهي بين اليقظة والنوم، فقال يوسف:
-أنا مستنيكِ قدام الباب مش همشي إلا لما تفتحي.
لم تعقب فانتظر لحظات وطرق الباب مجددًا:
-يلا يا فرح.
زفرت بحنق وهي تعتدل جالسة، نظرت لأرجاء الغرفه لتدرك أنها لم تعد ببيت أهلها، فتحت باب الغرفه كانت ملامحها عابسة من أثر النوم، مع مكياج المهرج وشعرها الواقف كمن أخذ شحنة كهرباء لتوه، وبمجرد أن رأى يوسف مظهرها انفـ ـجر بالضحك، فزمت شفتيها بحنق قائله:
-ممكن أفهم بتضحك على إيه على الصبح!
لم يستطع تمالك نفسه عن الضحك فحقًا مظهرها يبدو مضحكًا، وقف يشاور على وجهها وهو يقول بضحك:
-إنتِ إيه اللي حصلك؟ كنتِ نايمه فين؟
نفخت بحنق ودخلت الحمام ثم أغلقت الباب بوجهه بعنف وهي تصيح بحده:
-على فكره الضحك من غير سبب قلة أدب...
جلس على الأريكه يتذكر مظهرها ويكمل ضحك، أما هي فوقفت أمام الحوض لتغسل وجهها نظرت بالمرآه التي أمامها ثم صرخت! قربت وجهها من المرآة وأخذت تتحسسه، إذًا فهي تلك المشعوذة!
-إيه ده هو شافني كدا!!
تظاهرت البكاء قائله: البرستيج في ذمة الله.
_________________________________
جلست حنان مع صفاء تحاول عقد معاهدة سلام! ولكن ما فعلته بالماضي ليس هينًا....
-عايزين نفتح صفحه جديده وننسى الي فات احنا أهل والظفر ميطلعش من اللحم.
قالتها حنان بدموع زائفه لتخدع صفاء، ردت صفاء بجمود:
-الي عملتيه مش شويه يا حنان فاكره الإهانه بتاعت زمان ولا افكرك.
تظاهرت بالبكاء وهي تقول:
-خلاص بقا يا أبله صفاء إنتِ الكبيره وأنا معترفه بغلطتي وأدي راسك أبوسها.
قبلت رأسها وأردفت:
-والله يا أبله صفاء أنا معترفه بغلطتي وربنا عاقبني بالمرض أنا تعبانه يا أبله والدكتور قالي كلها كام شهر مسألة وقت...
انخرطت في بكاء زائف تخفي خلفه الكثير من الخبث والحقد، وهي تقول:
-ارجوكِ سامحيني.
ربتت صفاء على ظهرها بحنو، قالت:
-خلاص يا حنان أهم حاجه انك عرفتي غلطتك.
-مسمحاني!
-مسمحاكِ يا حنان.
مسكت حنان يدها وهي تقول برجاء:
-يبقا لازم تاخديني أعتذر لفرح بنفسي على الي عملته.
حاولت صفاء التهرب منها قائلة بتلعثم:
-ماشي بس وقت تاني.
-لا يا أبله صفاء حالًا مش قادره أصبر أرجوكِ...
زفرت صفاء بقوه قائله:
-طيب ثواني ألبس هدومي.
وعندما غادرت صفاء المكان ابتسمت حنان بخبث وهي تمسح عينيها قائله لنفسها بهمس:
-هتفضلي طول عمرك طيبه وهبله يا صفاء...
_________________________
غسلت وجهها وشعرها وشذبته ثم وضعت أذنها على باب المرحاض لتتأكد أنه ابتعد عن الباب!
وضعت يدها على فمها بارتباك وابتلعت ريقها مخاطبة نفسها:
-محصلش حاجه يا فرح اعملي نفسك مش واخده بالك!
مسحت على شعرها وتنفست الصعداء قبل أن تفتح الباب وهي تحاول التظاهر بالامبالاه، كان يتحدث عبر هاتفه ورمقها بابتسامه عندما تذكر هيئتها السابقه، وهربت فرح من أمامه لتدخل غرفتها فأكمل حديثه عبر الهاتف:
-أيوه هاجي الشغل بكره أنا مأخدتش أجازه... نتقابل بكره... سلام عليكم.
كانت تصلي الظهر فجلس قبالتها حتى تنتهي، كان يتفحصها بينما هي تحاول الخشوع ولا تستطيع مع تلك النظرات التي تكاد تخترقها، عندما شعر أنه سيكون سبب لخروجها من الصلاه نهض وخرج من الغرفه، أكملت صلاتها وجلست على سجادة الصلاة تستغفر فدلف مرة أخرى الغرفه لاحظت وقوفه، وكانت بقمة إحراجها، أشفق عليها فهتف:
-مش هنفطر ولا إيه؟!
-أنا مش جعانه دلوقتي روح افطر إنت.
هتف متظاهرًا بالحده:
-لأ بقولك إيه أنا مبعرفش أكل لوحدي وبعدين هو أنا اللي هجهز الفطار!
-طيب هقوم أجهزه حالًا.
هرولت للمطبخ لتهرب منه لكنه تبعها وسند ظهره على الجدار قائلًا:
-على فكره الجماعه جاين كمان نص ساعه.
قطبت حاجبيها قائله:
-مين الي جاي؟!
وقبل أن يجيبها قاطعه دقات جرس الباب نظر لها يوسف قائلًا:
- شكلنا مش هنلحق نفطر.
وبمجرد خروجه شربت فرح المياه وتنفست بارتياح فقد أنقذها الطارق من تلك النظرات الثاقبة، على جانب أخر فتح يوسف الباب ونظر لوالدته التي ضمته بحب ثم حدج حنان بنظرة حارقة وهو يضغط على أسنانه قائلًا:
-أهلًا يا مرات عمي... خير؟
نظرت له بهدوء مصطنع قائله:
-مبروك يا عريس.
عقب بحنق:
-شكرًا حاجه تانيه؟!
نظرت للأرض وقالت بدموع زائفة:
-أنا عارفه إن إنت زعلان مني وعندك حق بس أنا جايه أفتح صفحه جديدة.
نفخ بحنق وقال بسخريه:
-للأسف كراستي مفيهاش غير صفحه واحده.
ربتت والدته على كتفه قائله:
-طول بالك يا يوسف.
-أنا عارفه إني غلطت كتير بس أخدت جزائي
رمقته بنظرة منكسرة مردفة:
-أنا تعبانه وممكن أموت في أي وقت مش عايزه أموت إلا لما تسامحوني.
انبسطت ملامح يوسف فلا شماته في مرض اعتدل في وقفته قائلًا:
-اتفضلوا ادخلوا.
مسحت دموعها مبتهجة وهي تنظر لهما نظرات حاقده وراغبة في الإنتقام بأي وسيله دون أن يكتشفوها، كانت صفاء تربت على ظهرها بحنو فقد دخلت لعبتها عليها، وها هي صفاء تدعو لها بالشفاء العاجل، استأذنهما يوسف ودخل ينادي فرح...
سلمت فرح عليهما وجلست بجوار يوسف فهتفت حنان:
-أنا مش عايزاكِ تزعلي مني يا فرح أنا كنت بهزر معاكِ بس هزاري طلع تقيل شويه...
أومات فرح رأسها وجاملتها بابتسامة ولم تعقب فقال يوسف:
-حصل خير يا مرات عمي...
أخذ كل منهم كوب من العصير، كانت حنان تتمنى فرصه واحدة لتضع ما بيدها في كوب فرح لكن لم تسنح لها الفرصه تلك المرة، فنهضت بعدما أيقنت أنهم اقتنعوا بتلك المسرحية، قالت:
-طيب استأذن أنا بقا!
وقفت صفاء قائله:
-خديني معاكِ.
هب يوسف واقفًا وهو يقول:
-رايحه فين يا ماما خليكِ شويه.
ربتت على يده قائله:
-هجيلك تاني يا حبيبي.
وبعد تبادل السلام انصرفتا...
جلست فرح على الأريكه بوهن فتلك الأعراض مجددًا زيادة في خفقات قلبها ودوار رأسها، جلس جوارها وخاطبها بقلق:
-مالك يا فرح؟!
-دوخه... عندي دوخه.
قالتها وهي تمسك رأسها فجلس جوارها قائلًا:
-ايه حكاية الدوخه دي؟ احنا لازم نكشف.
-لا مش مستاهله هتلاقيني عشان مفطرتش.
-طيب هروح أجهز الفطار..
-الأكل جاهز في المطبخ.
أحضر يوسف الطعام وبعد تناوله وصل والديها ليطمئنا عليهما وسرعان ما غادروا وتركوها وحدها معه مجددًا...
جلست على سريرها والأفكار تجول بعقلها فرغم أنه يعاملها بكل مودة إلا أنها تشعر بانقباضة في صدرها!
زفرت بقـ ـوة وحملت هاتفها الذي أحضره لها أخاها وابتسمت وهي تفتحه وتشاهد صورها مع أسرتها شعرت بحنين جارف نحوهم خرجت دمعة من إحدى مقلتيها وتبعتها أخرى وهي تتخيل الرتم السريع الذي مر به ذلك الطور من حياتها لكنها الدنيا تسحبنا فجأة من جوار من نحب؟! أو تجذبه بعيدًا عنا! رضينا أم أبينا ستظل سنة الحياة ولابد من الرضوخ لها، لابد من إقناع نفسك أنك لا تملك معين بعد الله إلا أنت.
جذبها من أفكارها طرقاته على بابها مسحت دموعها وردت دون أن تتحرك من مكانها وبنبرة مرتفعة:
-ايوه فيه حاجه؟
-ممكن أدخل؟
ابتسمت فهو شخص مؤدب خلوق، مسحت وجهها علها تزيل أثر البكاء وقالت:
-اتفضل.
فتح الباب في هدوء، وقف قبالتها تنحنح وهو يحملق بها للحظات ثم جلس جوارها على الفراش، خاطبها:
-هو احنا هنفضل كدا كتير؟
انتفض قلبها بينما عيناها تجوسان قالت:
-مش فاهمه كدا ازاي؟!
-يعني قاعده لوحدك وأنا قاعد لوحدي!
لاذت بالصمت وأخذت تفرك يدها فاستلقى جوارها على الفراش وسألها بابتسامة:
-صحيح يا فرح كنتِ بتحسي بإيه وإنتِ بتقوليلي يا حيوان؟
-قمة السعاده كنت بحب أعصبك أوي.
قالتها ثم ضحكت فشاركها ثم قال باستفزاز:
-ماشي يا فهيمه.
رفعت سبابتها في وجهه وقالت:
-فهيمه ده متنادنيش بيه نهائي فاهم؟
-ليه مش دا اسمك؟!
-لا مش اسمي ولو سمحت يا دكتور بلاش الاسم ده تاني عشان منزعلش من بعض.
ضحك ثم قال بعد تنهيدة طويله:
-أنا حبيت فرح واسم فرح وأي حاجه تخص فرح.
فركت يدها بتوتر فاعتدل جالسًا وأخذ يُطالعها فازدردت ريقها باضطراب وسحبت يدها منه ثم نهضت واقفه وهرولت خارج الغرفه وهي تقول:
-أنا هعمل قهوة
اتسعت ابتسامته وهو ينظر لأثرها...
________________________
كانت حنان تتوارى عن الأعين لتقابلها حتى لا يراها أحد، وبختها قائله:
-إنتِ معتوهه چيالي البيت يا متخلفه!
عقبت السيده ساخره:
-بفكرك بيا يا حنان لتكوني نسيتيني
عقبت حنان بحنق:
-عايزه إيه يا ساميه؟!
ابتسمت ساميه قائله:
-هعوز منك إيه غير فلوس
أخرجت حنان ما بحاويتها قائله:
-دول إلي معايا وبطلي تنطيلي كل شويه
رفعت شفتيها لأعلى وهي تقول:
-ايه دول ٢٠٠ جنيه أعمل بيهم إيه أنا عايزه ٥ آلاف جنيه
رفعت حنان سباتها في وجهها قائله:
-إنتِ سحبتي مني بما فيه الكفايه يا ساميه دا إنتِ خدتي مني فوق ٥٠ ألف
عقبت ساميه بسخريه:
-ما أنا برده لو روحت حكيت لسليمان وقولتله إنك زقتيني على جوز أخته واديتيني دوا أحطهوله عشان يغلط معايا ويتجوزني ابسط رد فعل أنه هيطلقك
اندفعت حنان قائله:
-يا بت ال****
ابتسمت ساميه بسماجه وهي تقول:
-تؤ تؤ تؤ تؤ وليه الغلط يا حنان...
أردفت بسماحه:
-ها هتجيبي الفلوس امته يروح قلبي
زفرت حنان بحنق قائله:
-يومين وتعالي خديهم يا ساميه
_____________________________
وفي اليوم التالي دخلت معه للجامعه كانت تسير جواره بصمت، حدجها ذلك الشاب بنظرات خبيثه وهو يقول لأحمد:
-يا بخته.
-شيل البت من دماغك يا أسامه.
-حاولت ومعرفتش... خليني أجرب حظي معاها.
عقب الشاب بتحذير:
-إنت كدا هتجيب لنفسك مشاكل وكفايه بقا يا أسامه!
-أنا بحب المشاكل الي من النوع الحلو ده.
جلست بقاعة التدريس فاليوم ستستأنف اختبارات الميدترم، كانت تنتظر ورقة الأسئلة وتتابعه وهو يتحدث مع المعيد الأخر.
كاد يوسف أن يخرج ليلقي محاضرته لكن تجهم وجهه فجاه عندما لاحظ جلوس "أسامه" خلفها، خاطبها:
-يا ترى مزاكره يا أنسه فرح؟
حدجته فرح بضجر ولم تعقب، فهرول يوسف وسحبها من يدها ثم بدل مكانها مع فتاة أخرى ونظر لذلك الشاب بحدة ثم خرج من القاعة، فارتبك أسامه ورمقها بطرف خفي قبل أن ينهض من مكانه ويذهب لصديقه...
★★★★★
وفي الظهيرة
جلس سليمان ومعه أحفاده من ابنته الكبيرة "طفلان توأم"، دلفت فرح مع يوسف وأقبلت نحو الأطفال بابتسامة، أعطتهما قطعتين من الشيكولاته وتعرفت عليهما كانا بالصف الأول الإبتدائي وبينما يتحدث يوسف مع عمه وفرح مع الأطفال، صدع صوت عمه الأخر قائلًا:
-ثعلب... ثعلب...
قفز الثعلب لداخل البيت فصرخت فرح ووقفت أعلى الطاوله وهي تصيح بهلع:
-هو إنتوا التعالب بتدخل بيتكم كدا عادي؟
ضحك سليمان قائلًا:
-والله أول مره تحصل حظك حلو.
كان الثعلب يركض بأنحاء البيت ويركض خلفه سليمان وأخيه وباغتهم الثعلب واختبأ ففقدوا أثره، فتح يوسف إحدى الغرف المغلقة وعاد لفرح قائلًا:
-ادخلي يا فرح الأوضه دي مع العيال.
ركضت فرح نحو الغرفه مع الطفلان وأوصد يوسف باب الغرفه من الخارج، وضعت يدها على قلبها تتنفس بارتياح وجلست معهما، هتف أحدهما قائلًا:
-فرح هو الثعلب المكار دا خطير!
-طبعًا أي حد مكار لازم يكون خطير.
-معنى كدا إن أنا خطير لأن دائمًا ماما تقولي يا مكار
رد الطفل الأخر:
- ماما دائما تقول لبابا يا مكار وبابا طيب ومش خطير!
ضحكت فرح على كلامها وهتفت قائله بمرح:
-اي رأيكم أغنيلكم أغنيه بمناسبة الثعلب؟!
ابتهج الطفلان وأيدا فرح التي وقفت وبدأت تنقر سطح المكتب وتغني: قال الأرنب لأمو تسمحيلي أروح ألعب ماما... قالتله لأ يا ماما يمكن يجيك التعلب..
طفق الكفلان يرقصان بمرح وهي تغني حتى قالت:
شافه التعلب هجم عليه..
فتحت عيونها وأخرجت لسانها، فهتف أحد الطفلان وهو يركض بالغرفه بمرح:
- صار يركض وهو خيفان...
ضحكت فرح وهي تُطالع الطفل الذي يركض في أنحاء الحجرة بمرح، فجذب انتباهها ذيل طويل يخرج من تحت المكتب الذي يُغطى سطحه بالكامل بمفرش طويل يصل إلى ما قبل الأرض ببضع سنتمترات، ازدردت ريقها بتوتر وهي تقول:
-يارب يكون الي في بالي غلط.
قال الطفل:
-كملي... سكتي ليه يا فرح؟
ازدردت ريقها بخوف ولوت شفتيها لأسفل كأنها ستبكي قائله بصوت مرتعش:
-هنا سأسكت طويلًا!
نظر الطفلان لبعضهما ثم لفرح التي تصنم جسدها فقال أحدهما:
-فرح إنتِ كويسه؟!
تجاهلته وقالت بصوت مرتعش:
-يارب يكون ذيل دبدوب...
لم تكمل جملتها ووجدت الذيل يتحرك للداخل فصرخت وشاركها الأطفال بدون إدراك لمَ تصرخ! فخرج الثعلب وقفز فوق المكتب فازداد صراخهم ركضت فرح نحو الباب وأخذت تحاول فتحه وتطرق عليه بقـ ـوة هادرة:
-افتحوا الباب… التعلب هنا....
سرعان ما فتح يوسف الباب وهرول الاولاد لأمهما أما فرح فاختبئت خلف ظهر يوسف وهي تقول بهلع:
-التعلب جوه...
دخل عمه للغرفة وما هي إلا دقائق وظفر بقـ ـتله، ضحك يوسف وهو ينظر لفرح قائلًا:
-إنتِ المصائب بتجري وراكِ!
قالت برعب:
-أنا خوفت أوي والله خوفت أوي...
تحولت ملامحه للجديه وضمها مربتًا على ظهرها، وفي تلك اللحظه دلفت حبيبه للمنزل ورأتهما، فتنحنحت، ابتعدت فرح عنه بارتباك فقال يوسف:
-يلا نطلع يا فرح...
______________________________
-إنتِ مشوفتهوش كان حاضنها ازاي؟!
قالتها حبيبه وهي تجفف دموعها بعد أن سردت على أختها الموضوع عدة مرات، ردت حنان بنبرة هادئة:
-يا بت اهدي بقا قولتلك هعدمهالك العافيه..
-مش قادره يا حنان أنا متغاظه من البت دي قوي... ربنا ينتقم منها.
ربتت حنان على ظهرها وقالت:
-متقلقيش مسألة وقت وأنا مستنيه الوقت المناسب عشان أنفذ إلي اتفقنا عليه.
______________________________
وبعد أن بدلت فرح ثيابها هتفت قائله:
-أنا كنت مرعوبه والله لو كنت اتأخرت ثانيه كمان كنت ممكن أموت من الرعب.
-بعد الشر عليكي يا فروحتي.
سألته:
-المهم هتتغدى؟!
-ياريت عشان عايزك في موضوع ضروري بعد الغد.
-موضوع ايه ده؟!
-بعد الغدا هتعرفي.
قالها غامزًا لها فابتلعت ريقها في توجس....
مر الوقت وبعد الانتهاء من تناول الطعام قامت تغسل الأطباق ليس إلا لتتهرب من تلك النظرات التي يصورها نحوها فتبعها ووقف جوارها بالمطبخ صامتًا للحظات يفكر كيف يبدأ، تنحنح ثم سألها:
-فرح هو إنتِ اتجوزتيني ليه؟!
رمقته بنظرة خاطفة وأخذت تغسل الأطباق وهي تقول:
-هي الناس بتتجوز ليه؟!
-فيه ناس بتتجوز عشان بتحب وناس بتتجوز عشان تعمل أسره!
صمتت هنيهة وقالت بابتسامة:
-أنا بقا اتجوزتك عشان الناس كلها بتتجوز يعني سنة الحياة يا دكتور.
انتهت ومسحت يدها وكادت أن تغادر المطبخ فأوقفها بأن جذب ذراعها قائلًا:
-اسمي يوسف يا فرح مش دكتور ومش حضرتك!
سحبت يدها من يده وتنحنحت قائله:
-معلش أنا لسه مش متعوده.
ابتسم متخابثًا وهو يقول:
-طيب قولي ورايا عشان تتعودي... يوسف...
نظر لفمها منتظرًا نطقها، فابتلعت ريقها ولتخفي توترها وتهرب منه عادت تبحث عن وعاء الشاي قائله:
-أنا هشرب شاي أعملك معايا؟
غمز لها وهو يقول:
-اعمليلي وتعالي مستنيكِ عشان نكمل كلام...
أعدت الشاي وخرجت فاعتدل في جلسته وهو ينظر لها مبتسمًا جلست قبالته فنهض وجلس جوارها مباشرة حتى إلتصق جسده بها فابتعدت قليلًا ليقترب مرة أخرى فابتعدت ليقترب وظلا هكذا حتى وصلت لنهاية المقعد، فوقفت وعدلت نظارتها بارتباك وهتفت:
-فيه حاجه يا دكتور؟
وقف أمامها وحدق بمقلتيها بعد أن أزاح عويناتها قال:
-فرح أنا بحبك.
أخذت النظاره من يده وهرولت نحو المطبخ وهي تقول:
-أنا هشرب قهوه أعملك معايا؟!
ركض خلفها ومسكها من يدها لتقف ثم نظر لوجهها قائلًا:
-فرح بقولك بحبك!
أفلتت يدها منه وعادت خطوتين للخلف قائله:
-إنت عايز مني إيه؟
-هعوز ايه؟! واحد بيحب واحده ومتجوزها هيكون عايز إيه؟
نظرت للأرض فرفع وجهها إليه وقبلها من إحدى وجنتيها فضربته كفًا على وجهه فأصدر ضجيجًا عاليًا، أجفلت مما فعلته بتلقائية وعادت للخلف خطوتين باضطراب، وضع يوسف يده يتحسس مكان ضـ ـربتها وتجهم وجهه قائلًا:
-امشي من قدامي يا فرح...
أطبقت يدها على فمها بخوف وهي تقول:
-أنا آسفه يا دكتور.
لم يرفع نظره إليها وقال وهو يوقع كلماته:
-امشي من قدامي يا فرح.
هرولت نحو غرفتها وجلست على طرف الفراش تأنب نفسها على ما فعلت!
______________________________
وفي اليوم التالي ارتدت ثيابها لتذهب لجامعتها فامتحانها سينعقد الساعه الثانية عشر صباحًا...
كانت تسير في شارع جانبي يكاد يخلو من الماره رن هاتفها برقم أخيها ولكن قبل أن ترد عليه انتهت المكالمه فتوقفت لتطلب رقمه، أقبلت نحوها فتاة فظنت فرح أنها ستسألها عن شيء، ولكن باغتها وقفوغ الفتاه يسارها وشاب أخر يمينها وصوب آلة حاده نحوها، قائلًا بخفوت:
-طلعي الي معاكِ من غير نفس.
ازدردت ريقها ومدت هاتفها مرددة بخوف:
-أنا معيش حاجه والله غير الموبايل ده
أخذ الشاب الموبايل من يدها بعنـ ف ومسكت الفتاة الحقيبه من يدها وهي تقول:
-هاتي الشنطه دي.
تشبثت فرح بحقيبتها بخوف فحرك الشاب سلاحه على خصرها وبخوف خلعت الحقيبه وسلمتها إياها، أخذ الشاب الحقيبه ووضعت الفتاه يدها على أذن فرح وقالت:
-دي لابسه حلق يا ريس!
ابتسم الشاب قائلًا وهو يتفحص يديها هي الاخرى:
-اخلعي الحلق والساعه والدبله دي.
____________________________
لاحظ يوسف تأخرها فقد بدأ الإمتحان ولم تأتِ بعد نفخ بحنق وهو يقطع المدرج ذهابًا وإيابًا، وطلب هاتفها مرة أخرى لكن " الهاتف المطلوب مغلق أو غير متاح.."
نظر لساعته فقد مر ربع ساعة من الإمتحان ولم تأتِ، نظر نحو الباب وابتهج حين رآها تدخل المدرج لكنها متجهمة الوجه عابسة الملامح ظن أنه بسبب ما فعله بالأمس أنبه ضميره، واتجه نحوها ليعطيها ورقة الأسئلة وهو يسألها:
-إيه إلي أخرك كده؟!
حدقت به لبرهة في وجوم فلولا خروجه دونها ما كان ليحدث ما حدث! أخذت الورقة من يده وجلست دون أن تنبس بكلمه، وضعت الورقه أمامها كانت مشدوهة وفي حالة من الصدمة....