رواية خلف قضبان القلوب الفصل الخامس5بقلم ميمي عوالي

رواية خلف قضبان القلوب 

الفصل الخامس5

بقلم ميمي عوالي 

تفاجئت زهرة وقت انصرافها بزينب و هى تعطيها كمية وفيرة من الطعام و بان السائق سيقوم بايصالها الى المنزل ، و تبلغها انها اوامر فاطمة 

لتعود الى منزلها حامدة لله ، و شاكرة لصنيع فاطمة و تقديرها لما تمر به من ظروف 

و مع اول بشائر الصباح كانت زهرة فى طريقها الى محبس امها و هى محملة بكثير من الخيرات التى لم تستطع حملها اليها من قبل 

و ما ان رأت امها حتى القت بنفسها بين احضانها و هى تقول باشتياق مشبع بالدموع : وحشتينى اوى يا ماما ، عاملة ايه يا حبيبتى طمنينى عليكى

بدر و هى تعاين وجه زهرة و احوالها باهتمام شديد لتطمئن عليها : انا اللى عاوزة اتطمن عليكى يا زهرة ، سايباكى لوحدك فى الدنيا يا بنتى من غير لا سند و لا معين

زهرة بابتسامة و هى تمسح دموعها و تسحب امها لتجلس امامها : سندى و معينى ربنا يا ماما بفضل دعاكى ليا ، انا فى احسن حال و الله و ربنا دايما معايا و ساندنى ، ده انا حتى جايبالك معايا النهاردة خبر هيفرحك اوى 

بدر : خبر ايه يا بنتى .. خير يارب

زهرة : مش احنا كنا حاملين هم اجازة المدارس عشان مرتبى اللى هينقطع 

بدر : ايوة

زهرة : اهو ربنا ياستى عوضنى احسن عوض بشغلانة تانية طول الاجازة ان شاء الله و مرتبها تلت اضعاف مرتب المدرسة

بدر بفرحة : انتى بتتكلمى بجد يا بنتى 

زهرة : مش بقوللك ، انا حاسة ان ربنا رايد ان فترة وجودك فى السجن ماتطولش ، و ان شاء الله اقدر اسدد المبلغ اللى عليكى و اخرجك من هنا فى اقرب وقت ، ده انا حتى كمان جايبالك معايا اكل كتير حلو اوى و فاكهة و كل اللى ممكن تحتاجيله

بدر بفضول حذر : و يا ترى شغل ايه اللى بيديكى الفلوس دى كلها يا بنتى 

زهرة : بنت كانت عندى فى المدرسة .. جدتها طلبت منى انى اراعيها طول فترة الاجازة 

بدر بعدم رضا : دادة يا زهرة 

زهرة بنفى : لا يا ماما ، هى البنت يتيمة .. مامتها متوفية و باباها يا عينى مش بيتحرك من السرير ، و عشان كده البنت نفسيتها مش مظبوطة و محتاجة علاج نفسى ، و لما جدتها عرفت تخصصى قالت لى انتى هتقدرى تفهميها و تتعاملى معاها اكتر من الدكتور النفسى اللى ممكن البنت ماتتعاملش  معاه بسهولة زى ما بتتعامل معايا

بدر : يعنى ناس محترمة يا زهرة ، اهم حاجة انهم يكونوا ناس كويسين و بيتقوا الله

زهرة : ماتقلقيش يا ماما ، جدة همس ست طيبة اوى و حنينة خالص ، دى حتى هى اللى باعتة معايا كل الاكل اللى انا جايباهولك ده ، انا يا دوب جيبتلك الفاكهة بس

بدر باهتمام : يعنى مستريحة معاهم يا بنتى 

زهرة : اوى يا ماما الحمدلله

بدر : ربنا يحفظك يابنتى و يكتبلك كل الخير ، و عاملة ايه مع الجيران و الناس و الشارع 

زهرة : ماشى الحال ، انا فى حالى و ماليش دعوة بحد ، و هبتدى ادور على شقة تانية 

بدر بقلق : شقة تانية ليه ، حد ضايقك 

زهرة : لا .. بس صاحب الشقة مش عاوز يجدد العقد 

بدر بعيون يطل منها الهم : بسبب حبستى مش كده

زهرة بنفى : لا يا حبيبتى مش بسببك خالص ، بس ابنه هيتجوز و قاللى انه محتاج الشقة عشان يوضبهاله ، و كتر خيره انه نبهنى من دلوقتى اعمل حسابى 

بدر بقلق : ايوة يا بنتى بس هتلاقى فين حاجة بالسعر ده تانى و كمان تنقلى و انتى بطولك و مامعاكيش حد

زهرة : هتتحل يا ماما ماتقلقيش .. باذن الله هتتحل

اما همس .. فكانت تجلس بمفردها بالحديقة و هى تحاول عمل بعض المجسمات بالصلصال ، لترى زكريا يدلف من البوابة و هو يقول بمرح : انا جيت

همس  و هى تسرع الى احضانه : انت وحشتنى

زكريا : وحشتك من امبارح للنهاردة ، ايه البكش ده

همس : وحشتنى عشان انا بحبك 

زكريا و هو يضمها الى صدره : و انا كمان بحبك ، بس يا ترى بقى بتحبى مين تانى 

همس و هى تحصى على اناملها : بحب بابا و تيتا و دادة زينب و ميس زهرة 

زكريا : ايه ده ، طب و باقى الناس مش بتحبيهم

همس بحيرة طفولية : بحبهم .. بس هم مش بيحبونى 

زكريا باهتمام : هو انتى فى حد يقدر مايحبكيش

همس : ااه .. عمتو مريم و طنط ماجى مش بيحبونى 

زكريا : لأ ازاى الكلام ده .. بيحبوكى طبعا 

همس : انت بتسلم عليا و تحضنى و تجيبلى حاجات حلوة و بتخلينى كمان العب مع تولين و اياد ، لكن هم لا ، و حتى مش بيخلونى العب معاهم و لا حتى مع رامى و زين ، و كل ما يشوفونى يقولولى روحى اقعدى فى اوضتك

زكريا : تلاقيهم بس كانوا عاوزين يتكلموا كلام كبار ، انما انتى قاعدة لوحدك ليه ، فين الميس بتاعتك

زهرة بامتعاض : واخدة اجازة النهاردة 

زكريا : طب معلش ، كملى انتى بقى لعبك و انا هروح لبابا عشان عاوزه فى شغل.. ماشى 

همس : ماشى 

ليتجه زكريا الى الداخل ، ليعلم ان فاطمة بغرفة يونس فيذهب اليهما و يلقى التحية ، لتقول فاطمة : اهلا يا حبيبى ، جيت بدرى يعنى 

زكريا : حسيت انى ماليش مزاج للمناهدة النهاردة ، فجيت على هنا ، ماروحتش الشركة 

يونس بسخرية : هربت يعنى 

زكريا : تقدر تقول كده

فاطمة : ايه الحكاية .. انا مش فاهمة حاجة 

زكريا : ده موضوع كده فى الشغل مع حاتم ، ماتشغليش بالك 

فاطمة : طب فطرت 

زكريا : ابدا .. انا قلت اجى على طول عشان ابقى موجود لما شركة الاسانسيرات توصل

فاطمة : هخلى زينب تعمل لك فطار 

زكريا : ماتتعبيش نفسك ، هى هتبعتهولى دلوقتى ، اما قالتلى قبل ما اطلعلكم انكم فطرتم .. طلبت منها تعمللى سندوتش وقهوة ، ثم نظر ليونس قائلا : على  فكرة .. الكرسى كمان هيوصل فى خلال ساعة او اتنين بالكتير 

فاطمة : و الدكتور كمان 

زكريا : انا لقيت همس بتلعب لوحدها فى الجنينة 

فاطمة : ايوة .. زهرة اجازتها النهاردة 

زكريا : انا عاوز اول مهندس الاسانسير ما يوصل ، تخلى همس تحت عينيكى يا ماما ، عشان المعدات و الحاجات اللى هتبقى معاهم

فاطمة : و انت هتفضل معانا على ما يخلصوا طبعا 

زكريا : ان شاء الله.. ماتقلقيش

مر اليوم عليهم بكثير من العمل و المجهود و الضجيج و الكثير من الوجوه ، و لكن اصرار زكريا 

على الانتهاء من كل شئ فى نفس اليوم .. جعل الجميع يبذل اقصى مجهوده حتى انتهوا من تركيب المصعد و تشغيله بالفعل قبل انتهاء اليوم 

اما يونس فقد دربه الطبيب بمعاونة زكريا ايضا على كرسيه المتحرك ، و بعد ان كان يونس رافضا له فى البداية و متخوفا منه ، الا ان موقفا صغيرا من همس جعله تحمس لاستكمال ما بدأه 

فكانت فاطمة قد جعلت همس تلتزم غرفتها طوال العمل على تركيب المصعد ، و كانت فاطمة تجالسها بعض الوقت و تجالس يونس بعضه الاخر حتى وصل الطبيب و بدأ و زكريا فى اجلاس يونس بمقعده و عند شعور زكريا بقلق اخيه قال له بمرح تشجيعا له : يا اخى وحشتنى اشوفك و انت قاعد بهيبتك و مالى مركزك كده

يونس بضيق : انهى هيبة دى بس اللى بتتكلم عنها ، انا حاسس انى مش هعرف اتعامل مع البتاع ده

الطبيب : احنا لسه ما بدأناش يا يونس ، ماينفعش تبقى بالاحباط ده ابدا ، و بعدين انت قاعد كويس اهو  .. و شوية بشوية اعصابك هتبتدى تشد معانا و ان شاء الله نستغنى عنه خالص ، احنا بس عاوزين نشوف الشمس و نغير مناظر .. و ده شئ مفيد جدا للعلاج

زكريا : طب تصدق .. انا لازم انده ماما تشوفك و انت قاعد كده .. خليها تفرح شوية 

ليتجه الى غرفة همس و ينادى امه كى ترى يونس على المقعد ، لتذهب معه فاطمة تتبعها همس التى ما ان وقع بصرها على ابيها و هو جالس على مقعده المدولب .. الا و القت بنفسها بين احضانه بسعادة ، فيحاوطها هو الاخر بيديه فوجدها تقول : انا فرحانة اوى انى هعرف احضنك بايدى الاتنين ، خليك كده على طول يا بابا

لينظر اليها يونس بتأثر قائلا : طب مانتى بتحضنينى برضة و انا نايم يا همس

همس : بس انت ماكنتش بتعرف تحضنى و انت نايم ، انما دلوقتى عرفت و انت قاعد 

زكريا : يعنى كده احسن يا همس

همس : ااه يا عمو

زكريا : و كمان اما الاسانسير يشتغل .. بابا ممكن ينزل يقعد معاكى تحت فى الجنينة و يجيلك اوضتك كمان

همس بحماس و هى تطلب التأكيد من ابيها : بجد يا بابا ، هتيجى تبص عليا فى الاوضة بتاعتى قبل ما انام

يونس : هتبقى مبسوطى 

همس بحماس : هبقى مبسوطة اوى 

يونس بحنان : حاضر ، بس روحى دلوقتى ياللا مع تيتا علشان الدكتور عاوز يكمل شغله 

اما بمنزل حاتم و مريم .. فبعد عودة حاتم الى المنزل ببعض الوقت .. قالت له مريم : انا على ماخلصت البنك مالحقتش ارجع على الشركة تانى ، انت ما حاولتش تتكلم مع زكريا تانى فى حكاية صفقة اللحوم

حاتم : زكريا ماجاش النهاردة اصلا

مريم بدهشة : غريبة .. مش عادته يعنى

حاتم : قضى اليوم مع مامتك و يونس

مريم : اشمعنى .. حصل حاجة جديدة 

حاتم : ابدا .. بس قاللى انه عاوز يحضر تركيب الاسانسير اللى عاوز يعمله ليونس

مريم بامتعاض : انا مش فاهمة ايه لازمتها كل المصاريف اللى عمال يبعزقها من غير حساب دى

حاتم بسخرية : المال السايب يا حبيبتى .. قال ايه الدكتور قال ان يونس لازم يغير جو و يخرج من الاوضة عشان يخف بسرعة

مريم : ما كان كفاية الكرسى و كانوا نزلوه فى اوضة تحت و خلصنا ، انما ده الاسانسير ده بتركيبه تلاقيه دخل على مية الف و شوية 

حاتم : الليلة كلها بالتركيب و التشطيب و عقد الصيانة دخل على ميتين الف

مريم بحسرة : ماهو اصله مال سايب ، و هو عمال يغرف و يصرف ، ماهو طبعا هيفرق معاه فى ايه

حاتم : المشكلة ان مامتك فرحانة بيه و مفكره انه بيجرى ورا الصالح ، مش فاهمة انه عمال يبعزق فى فلوس اخوكى على حاجات مالهاش لازمة 

مريم : انا مش هسكت على الكلام ده ، انا لازم اتكلم مع ماما تشوفلها اى طريقة تنهى المهزلة دى بيها

حاتم : الصراحة برضة انا مش فاهم ازاى تعمل له توكيل بادارة نصيبها فى الشركة ، طب يونس و قلنا ماشى .. اهو برضة اخوه رغم انه المفروض انتى و اللا انا اللى ناخد التوكيل ده .. على الاقل انتى اخته شقيقته و انا جوز اخته دى

لكن مامتك تعمل له توكيل بمناسبة ايه ، ده حياللا ابن جوزها اللى ربته ، تضمن منين انه مايعضش الايد اللى اتمدت له

مريم بسخرية : مين دى .. ماما .. طب ده انا ساعات بحس ان ماما ناسية اصلا انه مش ابنها

حاتم : مانتى برضة ماتنسيش ان زكريا ناعم و بيعرف يسحب كل اللى قدامه فى عبه

مريم : انت هتقوللى على نعوميته ، ياما حاول انه يسحبنى انا كمان ، بس انا الوحيدة اللى فضلت مصحصحة له و ما اديتلوش فرصة ابدا انه يضحك عليا زيهم

حاتم : طب هتكلمى مامتك

مريم باصرار : لازم

باليوم التالى عند وصول زهرة الى فيلا يونس ، تملكها الذهول عندما رأت انهم قد انتهوا من تركيب المصعد بالكامل ، بل انها عند تقدمها من الدرج فى اتجاهها للاعلى وجدت يونس على مقعده و هو يخرج من المصعد بصحبة امه التى ما ان رأتها قالت بترحيب : اهلا يا زهرة يا بنتى .. حمدالله على السلامة

زهرة : الله يسلم حضرتك .. صباح الخير 

فاطمة و يونس : صباح النور 

زهرة : انا هطلع اصحى همس

فاطمة : وماتجيبيلهاش سيرة ان باباها هنا ، عاوزين نعملهالها مفاجأة لما تنزل 

زهرة بحماس : بجد .. هايل ، انا طالعالها حالا ، و مش هنتأخر عليكم

و لم تمض نصف الساعة حتى عادت زهرة و معها همس التى ما ان رات ابيها يجلس على مقعده المدولب و بانتظارها حتى هرعت اليه بسعادة مرتمية بين احضانه قائلة : انت نزلت بجد 

فاطمة ضاحكة : اومال كنتى فاكرة ايه يا همس

همس : مش عارفة .. بس انا فرحانة اوى 

يونس : طالما فرحانة كده ، يبقى ان شاء الله هتلاقينى كل يوم هنا مستنيكى لما تصحى من النوم 

همس بحماس : هتفطر معايا انت و تيتيا

لينظر يونس الى امه طالبا منها المساعدة ، فقالت بهدوء : ان شاء الله يا حبيبتى ، بس اصبرى شوية ، بابا له مواعيد اكل معينة عشان الدوا بتاعه ، و اول ما يخلص العلاج بتاعه هناكل كلنا سوا

همس : و ميس زهرة تاكل معانا 

فاطمة : و ميس زهرة تاكل معانا طبعا ، و كمان فى مفاجأة هتبسطكم اوى 

يونس بفضول : المفاجأة دى عشانى انا كمان

فاطمة : ايوة ، الحقيقة انا عارفة من امبارح ، بس حكاية الاسانسير و الدبكة اللى حصلت بسببه خلتنى نسيت اقوللكم خالص من وقتها

همس : مفاجأة ايه يا تيتا

فاطمة : خالتو سوزان جاية النهاردة

همس ببهجة : انا بقالى كتير اوى مش شفتها 

يونس : جاية امتى 

فاطمة : قالتلى انها هتبقى هنا قبل الضهر ، يعنى ممكن نلاقيها قدامنا فى اى لحظة

زهرة : طب انا هاخد همس عشان تلحق تفطر 

فاطمة : ماشى يا بنتى 

يونس : مين هيجيب سوزان من المطار يا ماما 

فاطمة : قولتلها ابعت لها السواق مارضيتش ، و قالتلى انها هتتصرف ، فقلت اسيبها براحتها

يونس : كنتى صممى تبعتيهولها يا ماما ، مهما ان كان ماينفعش تيجى كده لوحدها

فاطمة : انت عارف سوزان يا يونس ، لما بتبقى عاوزة حاجة بتعملها ، و انا كمان ماحبيتش اضيق عليها 

يونس : ماعرفتيش ناوية تعمل ايه

فاطمة : لا .. قلت اسيبها لما تيجى نبقى نتكلم

يونس : هتقعد معانا

فاطمة : المفروض

يونس بتردد : طب لو طلبت تقعد فى بيت بابا

فاطمة : انا طبعا ماعنديش مانع ، بس مش هينفع تقعد لوحدها ، و انا مش هقدر اسيبك و أروح اقعد معاها

يونس : قلتى لاخواتى

فاطمة : هكلم زكريا دلوقتى اقول له 

يونس : و مريم

فاطمة بعدم رضا : و الله يا ابنى ما انا عارفة اختك دى ناوية على ايه ، شايلة الكل على دماغها و زاعقة ، مش عاوزانى اضحك فى وش حد غيرها ، و شايفة انى اما اتعامل بما يرضى الله مع اللى حواليا ابقى بديهم نصيبها فيا

يونس : انا عارف انها طول عمرها بتتضايق من نور و سوزان

فاطمة بامتعاض : و ماتنساش كمان زكريا

يونس : رغم ان زكريا ده اكتر حد ضحى كتير عشانا كلنا 

فاطمة : مش عاوزة تفهم ، لمجرد انه مش ابنى زيكم .. شايفة ان مش من حقه يبقى وسطنا

يونس : و حتى لو حاولت تفهم يا ماما ، فكرك يعنى حاتم هيديها فرصة لده

فاطمة : صدقت يا ابنى 

يونس : يوم الجمعة لما كانت هنا .. لقيت زكريا بيقوللى ان مربم الوحيدة اللى بتقدر تفكره انه مش اخونا شقيقنا

فاطمة : عنده حق ، لان برضة هى الوحيدة اللى بتفكرنى انا كمان

يونس : ربنا يهديها 

فاطمة : بقولك ايه .. ما تيجى بقى نخرج نقعد برة فى الجنينة شوية على ماهمس تخلص فطار و تجيلنا 

يونس : ماشى 

و كأن همس قد تحولت لطفلة اخرى .. مرحة و مشاغبة ، فرحة بجلوس ابيها معها فى تلك المساحة الصغيرة و هو يوليها باهتمامه

و كانت زهرة و فاطمة تتبادلان النظرات و التى تدل على اقتناع فاطمة بكل ما حدثتها به زهرة منذ اليوم الاول عن احتياج همس لابيها

و مع صغر سن همس الا انها كانت مراعية بشدة لبطء حركة يديه ، فلم تحاول استعجاله ، و لم تمل او تشكو من انتظار مجاراته لها ، و لكن يونس تفاجئ بها تقول بفضول : بابا .. هو انا لو قعدت على رجليك هتوجعك

يونس بصدق و حيرة ايضا : مش عارف يا همس ، بس هو انتى عاوزة تقعدى على رجلى 

همس : ااه .. نفسى اقعد على رجليك .. ممكن

يونس و هو يرخى ذراعيه على حواف مقعده : تعالى اقعدى 

فاطمة بقلق : ما بلاش يا همس لا تقعى يا حبيبتى 

همس و هى تعتلى اقدام والدها : ماتخافيش يا تيتا مش هقع 

لتقف زهرة خلف مقعد يونس خوفا من دفعه للوراء ، و ما ان استوت الصغيرة على اقدام ابيها الا و مالت برأسها على كتفه و قالت : لو رجليك وجعتك قوللى و انا انزل 


زهرة ضاحكة : يعنى لو رجليه ماوجعتهوش هتفضلى قاعدة كده على طول يا هموسة

همس ضاحكة : ااه .. هفضل قاعدة كده

فاطمة بفضول و هى تنظر ليونس : حاسس ان رجليك واجعاك و اللا حاجة يا يونس

يونس : حاسس انها زى ما تكون منملة شوية 

فاطمة : يبقى كفاية كده يا همس ياحبيبتى ، و انزلى من على رجل بابا

و ما ان هبطت همس من فوق اقدام ابيها الا و سمعوا صوت مزلاج البوابة و هو ينزاح و يطل عليهم زكريا بابتسامة و اسعة و يقول : ايه الحلاوة دى 

يونس مازحا : انت ناوى تنط من على السور كل يوم و اللا ايه ، طب امبارح كان حجتك الاسانسير ، النهاردة بقى حجتك ايه 

زكريا بابتسامة و هو ينظر ورائه : حجتى جاية طازة من بلاد برة و اهى ورايا اهى 

لتطل سوزان عليهم و هى تقول : وحشتونى 

لتنهض فاطمة مسرعة و هى تفتح ذراعيها باشتياق لتتقدم منها سوزان بلهفة و تلقى بنفسها بين ذراعيها ليتعانقا فترة من الزمن مع سماع شهقات سوزان التى كانت تبكى بشدة ، و صوت فاطمة المتأثر و هى تقول : بكفاياكى بقى يا سوزى .. احسن هعيط انا كمان ، حمدالله على سلامتك يابنتى 

سوزان بتأثر : وحشتينى اوى يا ماما ، وحشتونى كلكم 

فاطمة : انتى كمان يا حبيبتى وحشتينا كلنا 

لتلتفت سوزان الى همس لتجلس امامها على الارض و تحتضنها بحب قائلة : وحشتينى يا ميسو ، وحشتينى اوى اوى ، و جايبالك معايا عرايس حلوين اوى هيعجبوكى جدا

همس : شكرا 

لتنهض سوزان من الارض و تقترب من مقعد يونس و تنظر اليه قائلة : ازيك يا يونس .. وحشتنى اوى 

يونس بابتسامة : انتى كمان وحشتينى .. حمدالله على السلامه 

فاطمة : انما ماقلتليش يعنى ان زكريا هيجيبك

سوزان : الحقيقة .. انا قلت ان السواق الجديد ما يعرفنيش ، و ممكن نتوه من بعض ، فقلت زكريا يقابلنى اضمن 

فاطمة : خير ما عملتى 

لتنظر سوزان الى زهرة بحيرة و تقول لها : صباح الخير 

زهرة بحرج : صباح النور .. حمدالله على السلامة 

سوزان : ميرسى 

فاطمة : دى ياستى ميس زهرة اللى حكيتلك عنها

سوزان : انا برضة قلت كده

زهرة : طب انا هستأذنكم اخد همس و نطلع اوضتها

فاطمة : اتفضلى يا بنتى 

زكريا : و احنا كمان ندخل جوة بقى .. الجو ابتدى يحرر

و اثناء جلوسهم بالداخل .. قالت سوزان : انا مبسوطة اوى يا يونس انك ابتديت تتحرك ، و كمان زكريا بيقوللى انك الحمدلله بتتحسن

يونس : الحمدلله

فاطمة : بس انتى يا بنتى لحد دلوقتى ماقلتليش ، راجعة نهائى و اللا نازلة اجازة و هتسافرى تانى 

سوزان بابتسامة : انا اخدت الدكتوراه خلاص

يونس : برافو عليكى .. الف مبروك

فاطمة : يبقى لازم نحتفل بيكى 

زكريا : بس اكيد فى خطة و هدف فى دماغك عاوزة توصليله

سوزان: الحقيقة انا راسلت جامعة خاصة هنا فى مصر و خلاص انضميت لفريق التدريس بتاعها 

يونس بتشجيع : طول عمرى بقول عليكى ان دماغك منظمة و بتعرفى اولوياتك ، مبروك يا حبيبتى 

زكريا : كده الحفلة بقالها مناسبتين 

فاطمة : خلاص .. نبقى نحتفل كلنا الخميس اللى جاى 

زكريا : و الحفلة هدية منى لسوزى ، و شوفوا عاوزين تعزموا مين و بلغونى 

سوزان : انا مش عاوزة حد غيركم ، عاوزة اشبع منكم على اد ما اقدر عشان بجد مفتقداكم جدا ، و خصوصا ماما 

يونس : خلاص يا زكريا .. خليها على قدنا زى ما هى عاوزة ، و من هنا ليوم الخميس تكون اختارت الهدية اللى عاوزاها

سوزان ضاحكة : ده انا اللى جايبالكم كلكم هدايا ، بس يارب تعجبكم

يونس : اكيد هتعجبنا .. دايما ذوقك حلو 

زكريا : و ليه كلفتى نفسك ، احنا مش فى دماغنا الكلام ده

سوزان : بس كان لازم اجيبلكم هدايا

فاطمة : طب قومى معايا ياللا عشان تغيرى هدومك على ما الغدا يجهز 

سوزان بتردد : ماتسيبينى انا اروح …

فاطمة : ماتكمليش .. ماينفعش

سوزان : ليه بس

يونس : لان اكيد ماحدش فينا هيوافق انك تقعدى لوحدك يا سوزان ، ماما بقت عايشة معايا هنا على طول زى ما انتى عارفة 

فاطمة : حتى زينب معايا هنا و مش هسيبها تبعد عن هنا ابدا

يونس : و من الصبح عمالة تحضرلك فى الاصناف اللى بتحبيها

سوزان : هى كمان كانت واحشانى اوى 

فاطمة ضاحكة : و انتى كمان كنتى واحشاها ، هى كانت عاوزة تخرجك من حضنها وقت ما شافتك  لولا خافت عليكى من ريحة البصل ، قومى قومى ياللا .. شنطك طلعت من بدرى على اوصتك ، فاكراها و اللا نسيتيها

سوزان بحنين : اكيد مش نسياها يا ماما

فاطمة : طب ياللا عشان جوعنا

و بعد ذهاب سوزان يقول زكريا لاخيه : ايه الاخبار ، الكرسى مريحك

يونس : بحاول اتكيف معاه

زكريا : بعد الغدا .. هبقى اطلعك اوضتك تستريح شوية 

يونس : انا مش هقعد معاكم على الغدا 

زكريا : ليه بقى .. مانت قاعد وسطينا اهو 

يونس بضيق : ما انت عارف انى لسه ما بقدرش اكل لوحدى يا زكريا ، و مش هينفع قدام سوزان و همس

فاطمة : يا ابنى حاول تاخد الامور ببساطة اكتر من كده 

يونس : ارجوكى يا ماما .. بلاش تضغطوا عليا اكتر من كده و خصوصا فى الحكاية دى

زكريا : خلاص يا ماما .. سيبيه براحته ، خليكى انتى اتغدى مع سوزان و همس ، و سيبيلى انا يونس النهاردة 

فاطمة : طب اكلم انا مريم ابلغها بيوم الخميس و اللا انتو شايفين ايه

                  الفصل السادس من هنا 

تعليقات



<>