رواية حرب سقطت راءها الفصل الثامن8 بقلم نور زيزو


رواية حرب سقطت راءها الفصل الثامن بقلم نور زيزو

بعنـــوان " أرتجــــــــــــاف قلـــــــــب"

 

توقفت سيارات العائلة أمام المستشفي وترجلت العائلة كاملة بعد أن وصلهم الخبر ، كان "حمدى" ينتفض من الخوف على حفيده ويسير بخطوات سريعة بصعوبة من كبر سنه ويمسك يد ابنه "هادي" وركض "فؤاد" للداخل بفزع يحتله مُنذ أن سمع الخبر فى الهاتف بأصابة ابنه بضرب النار، وصله إلى غرفة العمليات وكان "ياسر" يقف أمامها بقلق شديد فسأله "فؤاد" بخوف:-
_ جارحي فين يا ياسر، ابنى حصله أيه؟

_ أدعيله يا عمى الدكاترة بيقولوا الحالة خطيرة جدًا والرصاصة جنب القلب بالضبط
قالها بقلق يحتله وجبينه يتعرق بغزارة من الحالة التى رأى بها صديقه وأثر الدماء على ملابسه، وقع حديثه على مسمعها ورأت "خديجة" تبكي بذعر فلم تكتفى بالبكاء لتسقط الصغيرة أرضًا ولم تتحمل قدميها حملها وقلبها يكاد يتوقف عن النبض بعد أن سمعت خبر إصابته ودخوله المستشفي،ذهبت "هدير" نحوها ومعها "أسيا" يساعدوها فى الوقوف فتمتمت بخوف قائلة:-
_ جارحي

سقطت من يديهما فاقدة للوعي وتلفظ اسمه، فكانت العائلة بين نارين الزوج فى العمليات والزوجة ركض بها والدها إلى الطوارئ خائفٍ أن يصيبها شيء من الصدمة، فحصها الطبيب جيدًا لتفتح عينيها بتعب وكانت تعاني من هبوط فى ضغط الدم ، تبسم والدها بحزن وقال:-
_ متخضنيش عليكِ يا قُدس

أومأت إليه بنعم بتعب وسألت بخوف وعينيها لا تتوقف عن البكاء:-
_ أبيه فين؟ 

تبسم والدها وقبل أن يُجيب سمع صوت "ليل" تنادى من الخلف بحماس:-
_ يا خالى ...يا خالى جارحي خرج من العلميات 

قبل أن يُجيب كان رد فعل صغيرته أسرع حين دفعت الطبيب وركضت من فوق الفراش رغم ضعف جسدها لتجرح الكانولا يدها من ركضها بعد ان نسيت أمرها ، وصلت إلى غرفته مع "ليل" وكانت "خديجة" تقف جوار ابنها تبكي على حاله وتمسح على رأسه بحنان مُنادية عليه :-
_ جارحي... رد عليا يا ضنايا 

_ أهدئي يا أم عماد الحمد لله أننا أطمننا عليه
قالها "فؤاد" بهدوء وجلس جوار "حمدي" على الأريكة و"ياسر"، أقتربت "قُدس" منه بعيني باكية من حالة وهو نائمًا فى فراشه لتمسك يده بضعف وخوف فتحدث "فؤاد" بلطف مُدركٍ حالة الصغيرة الآن فقال بلطف:-
_ تعالي أقعدي يا قُدس أرتاحي لحد ما يفوق

نظر "ياسر" نحوها ليدرك أن هذه الفتاة هى من بدلت حاله صديقه وكانت سبب همومه، هذه الجميلة هى زوجته التى عاند أخاه لأجلها، جلست على حافة الفراش جواره ومر الليل بأكمله كسنة فى الأنتظار حتى يستعيد وعيه، خرج "هادي" مع أخوه "فؤاد" للكافتريا وجلسوا ينتظروا فى الأستراحة طيلة الليل ، فتح عينيه بتعب شديد فى صدره وألم بسيط يشعر به لكنه ثقيل فنظر بطرف عينيه ليجد صغيرته نائمة ورأسها على صدره رغم الجرح ويديها الأثنتين تحتضن يده اليسري فتنهد بهدوء حتى سمع صوت "ياسر" يقول بهمس:-
_ حمد الله بالسلامة

ذهب بعينيه تجاه الصوت وكان "ياسر" واقفًا فى الجهة الأخرى مقابله ورأى والدته نائمة على الأريكة أثناء جلوسها وبجوارها "أسيا" و"هدير" وجده "حمدي" يجلس على المقعد ويقرأ فى المصحف وأنتبه "حمدي" لصوت "ياسر" فوق بصعوبة وقال:-
_ حمد الله على سلامتك يا جارحي

_ الله يسلمك يا حج 
قالها بتعب شديد فى صدره وحاول أن يتحرك فتحدث "حمدى" يقاطعه قائلًا:-
_ براحة متصحهاش ما صدقنا أنها نامت وبطلت عياط عليك، أستن لما المحلول اللى فى أيدها يخلص

نظر إلى المحلول ليُدرك أنه متصل بيد "قُدس" وليس هو، فسأل بقلق:-
_ حصلها اى؟ هى كويسة؟

تبسم جده بلطف وقال:-
_ مستحملتش الخبر أول ما جينا المستشفي وقعت من طولها ورفضت تتحجز عشان تشوفك أول ما نامت خليت الممرضة تديها العلاج 

نظر إلى وجهها البرئ يتأمل هذه الفتاة التى اقتحمت حياته على غير المعتادة منها، أصبحت تملك الكثير من الحقوق فى حياته وكأنها تركت أرض الشعب وصعدت للتوج على عرش حياته ملكة جميلة لممكلته، خرجت منه كحة تقاطع تأمله فأنتفضت "قُدس" من تعبه وهو يسعل فتحدثت بلهفة:-
_ جارحي 

تطلع بها مُندهشٍ من لفظ أسمه بدون ألقاب، ساعده "ياسر" فى رفع السرير من أسفل الرأس قليل ليعتدل فى جلسته وأنتفض الجميع يطمئنوا عليه، بحث بعينيه عن "عماد" وهو واثقًا أنه من فعل ذلك ولم يجده لتتأكد شكوكه، أطمئن الجميع عليه و"حمدى" يحدق بوجه حفيده يحاول أن يفهم تفكيره لكن "الجارحي" كان خبيثًا وماهرًا فى إخفاء أفكاره، فتح باب الغرفة ودلف ضابط الشرطة ومعه رجلين ليقول:-
_ حمد الله على السلامة يا جارحي، مش جارحي

نظر الجميع إليه بدهشة وحتى الآن لم يسأل أحد عن الفاعل وانشغل الكل فى الإطمنئان عليه، نظر "الجارحي" إلى الضابط بهدوء فتحدث الضابط بلطف:-
_ مش هطول عليك هم كلمتين وهنمشي بس لازم تساعدنا عشان نجيب حقك

أومأ "الجارحي" بنعم فتحدث الضابط بلطف قائلًا:-
_ مين اللى عمل كدة؟ شاكك فى حد معين ؟

_ مفيش غير أخوه عماد يا بيه وسبق وضرب نار على الجارحي فى بيته 
قالها "ياسر" بانفعال شديد مما حدث ليرمقه "الجارحي" بنظرة أرعبته من مكانه ونظر الجميع إليه بدهشة وبدأت عقوله الآن تتذكر ما حدث ووقعت الشكوك كلها على "عماد" وحده لتفزع"خديجة" من قذر ما تسمعه فهل أبنها حاول قتل أخاه؟ تحدث "الجارحي" بحدة صارمة:-
_ معرفش يا باشا دا شغلك أنت

_ أخوك عماد سبق وضرب عليك نار أو هددك؟
قالها بجدية وبدأ يفهم أن "الجارحي" يخفى شيء فقال بجدية:-
_ محصلش يا باشا ، ياسر بس متوتر من اللى حصل، أنا تاجر ومنافسين فى السوق كتير وكلهم يتمنوا وقوعي، لكن أخويا لا، العائلة كلها عندك لو حابب تسألهم ، أنا مفيش بيني وبين أخويا أى خلاف 

أبتلع "فؤاد" لعابه بخوف من ابنه، أنكاره لهذا الاتهام يعنى أنه سيرى الأخ يقتل أخاه بطريقة مرعبة، كان واثقًا أن "الجارحي" لن يتخلى عن ثأره هذه المرة، نظر الضابط إلى الجميع والصمت يحل عليهم فتحدث بهدوء بعد ان وقف:-
_ تمام أنا هتحر عن الجريمة لأنها شروع فى قتل ودا شغلى زى ما قلت ، ومرة تانية ألف سلامة عليك

غادر الغرفة فكاد "فؤاد" ان يتحدث بقلق قائلًا:-
_ جارحي....

تحدث "الجارحي" يقاطع والده وعينيه تنظر للأمام فى العدم بغضب مكبوح بداخله:-
_ سيبوني لوحدي ، روحوا أرتاحوا 

_ أنا مش هسيبك 
قالتها "خديجة" بقلق على ابنها فتحدث بحزم شديد ونبرة قوية:-
_ سيبوني لوحدي

غادر الجميع وهو يأخذ هاتفه من فوق الكمودينو وأتصل بـ "يزيد" وقال بجدية:-
_ تعال على المستشفي يا يزيد وهاتلى معاك هدوم 

أغلق الهاتف وعاد بظهره للخلف يسترخي بتعب وألم صدره يزيد بعد أن بدأ مفعول المُسكن يختفى من جسده وتنهد بصعوبة وأنفاسه تمزق صدره الذي أخترقته رصاصة الغدر لمح ظلها على الحائط فرفع رأسه قليلًا ووجد "قُدس" تقف بجوار الكمودينو والعمود المعدني الخاص بالمحلول، تحدث بلهجة خشنة باردة:-
_ مسمعتنيش بقول سيبوني لوحدي

أبتلعت لعابها بتوتر منه ثم رفعت يدها المتصلة بالمحلول وقالت:-
_ معرفتش أخلعه 

نظر إلى يدها بصمت ليرى الأخرى محاطة بشاش طبي من جرح الكانولا الأولى فى الطوارئ فأغمض عينيه بتعب من تشبثها به كالوبر فى قطعة القماش، دلفت الممرضة تعطيه جرعة المسكن الجديدة ورأت "قُدس" واقفة محلها فقالت بجدية:-
_ أقعدي متفضليش واقفة كدة، إحنا بنظبط ضغطك متبوظيش اللى بنعمله، كلتي؟

_ لا 
قالتها بصوت خافت بعد أن جلست على المقعد وأنكمشت فى ذاتها، نظر "الجارحي" عليها وكان وجهها شاحبًا فأقتربت الممرضة عليها وبدأت فى قياس ضغط الدم لديها وخلعت الكانولا من يدها بلطف ثم قالت:-
_ أشربي عصير وكلي أى حاجة ، هخليهم يبعتولك وجبة من البوفيه

أومأت "قُدس" لها بنعم فتبسمت الممرضة بلطف وقالت:-
_ شكلها بتحبك أوى كانت هتروح فيها من الخضة 

نظر إلى "قُدس" ببرود شديد وتذكر حديث جده عن إغمائها والآن حديث الطبيب، تبادلا النظرات فى صمت شديد وغادرت الممرضة فأغمض عينيه وهو يحاول أن يتذكر شيء عن ليلة الأمس فقاطعه دق الباب ودخول "يزيد" يحمل حقيبة صغيرة بها أغراضه وقال:-
_ حمد الله على سلامتك يا معلم جارحي

_ الله يسلمك يا يزيد
قالها بجدية فنظر إلى "قُدس" بصمت لتشعر بحرج وقالت:-
_ أنا هستني برا

خرجت من الغرفة فتحدث "الجارحي" بهدوء شديد:-
_ العنوان اللى بعتهولك على الواتس هتلاقي فيه عربيتي، أنا عايز أوصل للى عملها قبل البوليس

_ تحت أمرك
قالها "يزيد" بهدوء فتحدث "الجارحي" بجدية صارمة:-
_ محدش يعرف أنت بتدور على أى ومتغبش عنى بقولك قبل البوليس اللى أكيد دور فى كاميرات المراقبة فى المكان، فى كاميرا أمامية فى عربيتى هاتهالى بس قبل كل دا هاتلى عصائر وفاكهة وأكل وشيكولاتات من تحت 

أومأ له "يزيد" بنعم وأستدار لكي يغادر ليوقفه "الجارحي" وهو يضع يده على صدره بتعب قائلًا:-
_ أبعد عن أى حاجة فيها فراولة عشان بتحسس منها

أومأ إليه بنعم وفهم أن هذه الطلبات لأجل زوجته المُدللة فغادر الغرفة لتدخل "قُدس" بهدوء وتحمل فى يدها كوب من الينسون الساخن وقالت بتمتمة :-
_ الممرضة قالت ممكن تشرب ينسون بس براحة 

وضعته على الكمودينو وألتفت لكي تغادر فأوقفها بحديثه:-
_ رايحة فين؟

_ همشي
قالتها بحزن شديد لأنه يرفض وجودها فتحدث بجدية بعد أن اغمض عينيه قائلًا:-
_ أقعدي هنا مفيش مشي لوحدك، لما يزيد يجي يبقي يروحك...

_________________________ 

فى الملهي الليلي خصيصًا على طاولة "عماد" كان جالسًا معه وقال "عادل" بجدية:-
_ أظن أكيد الخبر وصلك فى البيت

تحدث "عماد" بضيق شديد هاتفٍ:-
_ وصل بس لسه عايش وفيه الروح ياسي زفت ، قُلتلك شوفلي حد محترف هيجيب أجله من أول مرة لكن الطمع عماك ، أهو عايش يا سيد وبسبب غباءك وجشعك هتخليه يأخد باله بعد كدة

_ أمر ربنا يا صاحبي مالهاش علاقة بمحترف أو غيره ، أنا مضربتش فى كتفه دا منشل على القلب على طول ، بس ربنا بقى لسه مأرادش 

تأفف "عماد" بضيق شديد وأرتشف كأسه كاملًا ثم قال:-
_ عارف المشكلة فين؟ المشكلة أن كلهم فى البيت هيخمنوا ان أنا اللى عملتها عشان مهددوا قبل كدة قصاد الكل، والكبير والصغير هيتسلي عليا وياريتها تيجي على التسلية بس

ضحك "عادل" بضيق وقال بنبرة ساخرة:-
_ تستاهل يا صاحبي، معرفش أنا أى حتة عيلة اللى بسببها تعادي العيلة كلها ، يعنى اللى خلق ست قُدس مخلقش غيرها، وطيانة منك دى تتضحي بأخوك عشان واحدة ، والله ما فى ست تستاهل 

لم يتمالك "عماد" غضبه فوقف من مكانه ومسك "عادل" من قميصه ولكمه بقوة من الغضب وقال:-
_ جرب تجيب اسمها على لسانك تاني وشوف هعمل أى؟

وقف "عادل" ليصرخ به وبدأ الشجار بينهما فتدخل حرس المكان يفصلون بينهما ثم غادر "عماد" غاضبًا..... 

___________________________ 
 
فى عمارة أبو النور
تحديدًا فى شقة "مديحة" خرجت من الغرفة بتنهيدة مما حدث وقالت بلطف:-
_ متشلش الهم يا حج المهم أنك أطمنت على جارحي وقام بالسلامة 

_ حالته حرجة يا ديحة، وبعدين أنا اللى شاغل بالي أن خايف يكون الجلف عماد أبو مخ تخين هو اللى عملها  
قالها بقلق شديد ويضرب يده بعكازه فقالت "مديحة" بأنحياز إلى حفيدها:-
_ لا يا حج، أزعل منك كدة، عماد ميعملهاش أبدًا، هو أه عصبي بس دا من حرقة قلبه ، الواد كان له غرض فى قُدس وجارحي وقفله فى الموضوع وأتخنقوا أكتر من مرة عشان جارحي كان رافض أنه يفتح معاك الموضوع ، فيا حبة عيني قلبه وجعه ومقهور لكن ميعملهاش، ميقتلش أخوه أبدًا 

رفع "حمدى" نظره بزوجته بثقة وتطلع بعينيها ليراها تتهرب من النظر إليه بتوتر فقال بتحذير:-
_ يا خوفي يكون هو، بس عارفة خوفي الأكبر يا ديحة أي هو؟

أبتلعت لعابها بأرتباك وقالت بتلعثم:-
_أى يا حج

أقترب منها قليلًا ويديه تحتضن عكازه بأحكام وقال بنبرة تهديدية:-
_ إنكِ تكوني عارفة حاجة ومخبية عليا، أو تكوني كان عندك علم باللى بيفكر فيه وبدل ما تقوليلى عشان أمنعه تكوني قويتي على موت أخوه... ساعتها هزعل أوى وإنتِ اكتر واحدة عارفة زعلي 

شعرت بلعابها يخنق حلقها من الخوف وتحدثت بلهفة وخوف:-
_ وعزة وجلالة الله ما أعرف حاجة يا حج ولا مصدقة أن عماد عملها 

_ بس أنا أصدق ، ما هو على رأى الواد صاحب جارحي ، سبق وعملها ورفع سلاحه وسحب الزناد كمان ولا نسيتي
قالها بحزم ثم وقف غاضبًا ودلف إلى غرفته لتأخذ "مديحة" نفس عميق من الخوف وقالت بتمتمة:-
_ الله يخربيتك يا عماد، يارب ما تكون أنت وتخيب ظن الكل، والنبي يا رب لأجل حبيبك المصطفى ما يطلع هو اللى عملها 

_ آمين يا رب
قالتها "أسيا" بهدوء وهى تخرج من المطبخ فألتفت إليها "مديحة" ونظرت إلى غرفة زوجها وأشارت إلى ابنتها بأن تقترب وقالت :-
_ تعالى يا بت

أقتربت "أسيا" لكى تجلس جوار والدتها على الأريكة فسألت بخوف:-
_ هو زى زفت جارحي حالته صعبة أوى يعنى عشان أبوكِ يقلب خلقته فى وشي كدة ويستحلف

حركت "آسيا" شفتيها يمين ويسار بسخرية وقالت بذعر:-
_ دا لفو طلع ابن أبنك اللى عملها هيولع فينا كلنا ، جارحي حالته خطيرة والرصاصة جت رشقة فى القلب بينها وبينه هفوة، يعنى كان هيروح فيها والعملية كانت صعبة وخطيرة وزاد وغطى تعب قُدس ، عليا النعمة يا أما لو أتاكد أن عماد اللى عملها عارفة واد البنات هيعمله فيه ، هيدفنهولك حي فى جنينة العمارة

تنهدت "مديحة" بخوف من وصف ابنتها وضربت ركبتيها بيديها من الخوف وظهر توترها فى ملامحها ، هتفت "آسيا" بنبرة هادئة:-
_ نصيحة مني يعنى؟ لو عماد اللى حضر على الحركة الزبالة دى خليه ينظف وراءه ويخفي اللى عملها من على وجه الأرض عشان لو ثبتت عليه أقل ما فيها هتترحمي عليه وإنتِ مطلقة يا أما فى السن دا ....

رمقتها "مديحة" بقلق شديد وهى لا تعرف شيء، لكنها تتوقع هذا الغدر من "عماد" وشعرت بالخوف على حفيدها فربما تخسره نهائيًا بعد أن حاول قتل أخاه .....

___________________________ 
 
فتحت "قُدس" عينيها على صوت حركة بجوارها وأنينه المكبوح من الوجع، رفعت نظرها وهى ترفع ظهرها من نومها على حافة الفراش ومقعدها الحديدي أصاب ظهرها بألم، رأته يتألم وهو يحاول أرتدي قميصه وصدره محاط بشاش طبي أبيض وكتفه الأيسر ، فركت عينيها بتعب ووقفت من مقعدها وألتفت حول الفراش بوجهها شبه النائمة، أقتربت منه فى صمت ليراها أستيقظت فقال حزم:-
_ أقعدي كلى، يزيد جبلك أكل وعصائر

أخذت كم القميص منه ليرفع رأسه نحوها فوقفت أمامه مباشرة وتنحنحت بحرج مُتمتمة بخفوت:-
_ خليني أساعدك

_ لا
رفض بحدة صارمة فقوست شفتيها بحزن من كرهه الشديد لها فقالت بلهجة واهنة:-
_ طيب هناديلك على ممرضة من برا تساعدك

_ قُدس
قالها بحدة بعد ان ألتفت لكى تخرج فأستدارت من جديد أليه وقالت بهدوء:-
_ نعم!

أراد أن يستفزها حتى تتخلص من حزنها وقلقها الواضح فى وجهها الشاحب وجسدها الهزيل الذي يتحرك ببطيء كالسلحفاة من الصدمة التى وقعت عليها بأصابته فتحدث بنبرة ساخرة باردة:-
_ مش هتغيري لما تشوفي واحدة غريبة بتساعدني

أبتلعت لعابها وتقابلت عيونهما فى نظرة طويلة صامتة، رأى فى عينيها الحزن والغضب منه، خائفة لكنها حزينة وضعيفة بينما عينيه كانت تحمل البرود والشفقة إليها لم ترى بهما ذرة واحدة من الحُب أو الأهتمام ليتحدث بلهجة الأمر يقاطع صمتهما:-
_ هتعرفي تلبسيني ولا صغيرة على دور الزوجة 

أقتربت خطوة منه فوقفت أمامه مباشرة ومسكت كم القميص وحاولت أن تساعده فى الأرتداء دون أن تؤلمه، نظر بوجهها البرئ وعينيها الخضراء الجميلة ، شعرها المسدول على الجانبين بحرية دون دبوس واحد للشعر ووجنتيها التى أحمرت كالدم من الخجل وهى تلمس ذراعه وصدره، كانت جميلة جدًا رغم حزنها الممزوج بالخوف، جلست بجواره لكى تغلق أزرار القميص وعينيه لم تفارق وجهها يتأمل ملامحها من قرب وعادت لذاكرة بهذه الليلة التى أشعلت بها فتلة الرغبة بها فأبتلع لعابه بتوتر شديد حتى أنها سمعت صوت حلقه فرفعت نظرها إلى وجهه لتراه يحملق بها عن كثب وعينيه تتلألأ بشيء لم تفهم وتحولت العينين العسليتين الباردة إلى بريق لامع من شيء لا تفهمه ولا تعرفه أهو إعجاب بجمالها أم دفء وسعادة، أرتبكت من نظرته ووقفت من مكانها بتعجل هاربة منه ليعيق حامل المحاليل المعدني طريق قدميها وفقدت توازنها فمسكها من ذراعها بيده اليمني وأتكأت بذراعيها على أكتافه وزادت وجنتيها أحمرارًا ، كاد أن يفقد سيطرته أمام جمالها الخلاب الذي يهزم أى رجل لكن اوقفه فتح باب الغرفة بدون أذن فنظر الأثنين عليه وكان "عماد" يقف يحدق بهما والغضب يتطاير من عينيه وأشتعلت نيران الكره والحقد بداخله عندما رآهما بهذا القرب، كادت "قُدس" أن تبتعد عنه بأحراج لكنها صُدمت عندما سحبها "الجارحي" نحوه أكثر فجلست على قدمه مما زاد غضب "عماد"، نظر "الجارحي" نحوه وهو واثقًا أن أخاه من فعلها وليس غيره، قاومته "قُدس" بأحراج وقالت بهمس فى أذنه:-
_ جارحي، عيب 

ترك آسرها لتقف بسرعة وقال بلطف:-
_ اقعدي كُلي

 دلف "عماد" للغرفة وعينيه ترمق "الجارحي" بهدوء فقال بحدة:-
_ أنا جيت أطمن عليك بس واضح كدة أنك زى الحصان 

أجابه "الجارحي" بهدوء بارد وغرور متعجرف:-
_ بفضل مهارة الفاعل الضعيف، نعمل أى بقي محتاج المرة الجاية يكون حد احترافي

_ أنا!!
قالها "عماد" بصدمة من توجه "الجارحي" الأتهام له فتبسم "الجارحي" بخباثة وقال:-
_ أنا قصدي على اللى عملها ، أكيد مش أنت!! مش كدة؟

تنحنح "عماد" بتوتر ليتأكد "الجارحي" من شكوكه وقال بجدية:-
_ أصل اللى عملها مين ما كان فهو لعب فى عداد عمره، هو حفر قبره بأيده واللى باقي له مجرد أعداد تتعد على صوابع الأيد الواحدة .... غبى ميعرفش مين هو الجارحي أبو النور

_ بركة أنك بخير
قالها "عماد" بضيق وثقل على لسانه فى الحديث، نظر إلى "قُدس" التى جلست على الأريكة صامتة وتفحص الأكياس الموجودة وبسمة مُشرقة تنير وجهها الجميلة، تحدث "الجارحي" قائلًا:-
_ معلش يا عماد بقي أنت مش غريب ، وأنا لسه بغير هدوم المستشفى

أومأ إليه بنعم وغادر الغرفة ليعتدل "الجارحي" بصعوبة فى الحركة على الفراش يتأفف بضيق وغضب يخنق صدره حاوزل كبحه أمام أخاه بقدر الإمكان، نظر على النافذة بضيق ويفكر إذا كان الفاعل أخاه فماذا سيفعل به؟، نظر إلى وجه "قُدس" وهى سبب هذه الحرب القائمة بينه وبين أخاه؟ كانت تبتسم بحماس وسعادة طفولية وهى تخرج الأشياء من الأكياس وقد جلب لها كل شيء تفضله، فسأل بهدوء:-
_ تستاهلي؟

سمعته فنظرت إليه من مكانها وقالت:-
_ قُلت أى؟

تحدث بجدية صارمة قائلًا:-
_ بسألك تستاهلي يا قُدس أدخل حرب كلها دم عشانك؟

لم تفهم سؤاله فتحدث بتلعثم حائرة:-
_ محدش يستاهل تدخل حرب عشانه، أعتقد محدش يستاهل نتخلي عن حياتنا الهادئة والسلام اللى عايشين فيه عشانه، فجوابي أكيد لا ، أنا جربت أحارب عشان حد وأتهزمت فعن تجربة أكيد لا مستاهلش 

هز رأسه بهدوء وقد فهم أن الشخص الذي حاربت لأجله كان هو لكنها تخلت عن الحرب قبل أن تفوز وقبلت بالهزيمة....

__________________________ 

جلست "ليل" مع "عمران" فى المطعم بعد أن اشترت فستان الخطبة، جلب الطعام لها وجلس لكن قبل أن تتناول طعامها فتحت حقيبتها وأخرجت منها ظرف أبيض كبير وقدمته له على الطاولة فسأل بدهشة مُتعجبٍ:-
_ إي دا يا ليل؟

تنحنحت بهدوء دون أن تُجيب فأخذ منها الظرف وفتحه ليجد بداخله حزم من المال فرفع رأسه إلى "ليل" مُندهش فقالت بلطف:-
_ أنا رجعت الشبكة وأشترت الدبلة والخاتم اللى عجبوني 

أتسعت عينيه على مصراعيها من الدهشة وتحدث بضيق قائلًا:-
_ إنتِ مجنون أزاى تعملى كدة؟، أنا مقولتلكيش أنى محتاج فلوسهم

_ بس دا مكنش أتفاقنا وبعدين دى شبكتي انا، أنتوا ليه بتفرضوا عليا حاجة أنا مش عايزاها ومش هلبسها، لا ماما اللى هتلبس الشبكة ولا أنت عشان ترفض دلوقت
قالتها بجدية فتأفف بضيق من تصرفها وقال بحزم:-
_ ليل أنا مش عايز ازعل مامتك، أنا عايز أكسبها لصفي وتحبني مش تكرهني أكتر وبتصرفك دا هى هتشيل منى أكتر 

_ بس أنا عارفة أن دى فلوس الشقة عشان نتجوز بسرعة
قالتها بضيق من والدتها التى عقدت الأمور فتحدث بلطف محاولة ترويض جميلته الرقيقة:-
_ بسرعة أى يا ليل، إنت لسه معاكِ سنة فى الجامعة، اوعدك أول ما تتخرجي نتجوز بس ممكن ترجعي الشبكة

_ لا 
قالتها بعناد أكبر وبدأت تتناول الطعام بسعادة تغمرها فتنهد بحيرة من أمرها ليبتسم فى نهاية المطاف على محبوبته التى تقدر الأشياء بقلبها وليس بالمال .....

__________________________ 

 استيقظت "قُدس" من نومها فجرًا بتعب فى معدتها يجتاحها وركضت إلى المرحاض الموجود فى الغرفة لتستفرغ ما بداخل معدتها بتعب وتتألم، سمع "الجارحي" صوتها من الخارج وفتح عينيه بتعب وأدرك أن صغيرته مريضة ربما أصابها البرد من النوم على الأريكة، وقفت "قُدس" بتعب ودوران فى رأسها بسيط أمام الحوض تتكأ بذراعيها عليه وتنظر فى المرآة لترى وجهها شاحبًا جدًا، غسلت وجهها خرجت من المرحاض فأخذت منشفة فى يدها ورأته استيقظ من النوم على صوتها، جلست على الأريكة بتعب ليتحدث بقلق:-
_ تعالي 

ألقت المنشفة على الأريكة بتعب ووقفت رغم دوران رأسها لتساعده فيما يريد، ذهبت نحوه بتعب وقالت بخفوت:-
_ نعم 

تزحزح قليلًا إلى حافة الفراش وربت عليه بمعنى أن تنام جواره فنظرت إلى يده ثم إليه ليقول ببرود متغطرس:-
_ مش هتحايل عليكِ 

أبتلعت لعابها بتوتر وصعدت جواره رغم صغر حجم السرير لكن جحمها الضئيل كان يساعدها فى النوم جواره ويكفيها القليل، وضع ذراعه أسفل رأسها ليضمها إليه بحنان وقال:-
_ متفركيش كتير، متنسيش أن اللى جنبك مُصاب

أومأت إليه بنعم وأستسلمت للنوم فى صدره بهدوء حتى لا تؤلمه لكن ألم معدتها تزداد سوء فأنتفضت من الفراش بألم وعادت للمرحاض تستفرغ من جديد، شعر "الجارحي" بشيء خاطئ وبدأ يشك فى أمرها لكنه التزم الصمت حتى عادت للنوم جواره فظل يتألمها ووجهها شاحبًا ، تعقد حجابها من الوجع الذي تقاومه فى نومها، حاول أن يرفع خصلات شعرها لكنه فشل بسبب ذراعه المُصاب فتنهد بتعب وهو يحملق بالسقف حتى دلفت الممرضة الساعة السابعة صباحًا تعطيه جرعة المسكن ورأت زوجته منكمشة فى صدره من الوجع، تحدث "الجارحي" بلهجة باردة:-
_ أى هى أعراض الحمل ؟

نظرت الممرضة إليه بدهشة من سؤاله فقال بجدية:-
_ ممكن أعملها أختبار حمل بس من غير ما تعرف 

أومأت إليه بنعم ، ألتفت إلى الجهة الأخرى ومسكت ذراع "قُدس" لتسحب منه عينة دم وعندما وضعت الحقنة فى ذراعها تألمت فتاته لكن التعب كان يسيطر عليها فلم تفتح عينيها وأكتفت بعقد حاجبيها وصوت أنين خافت صُدر منها، تحدثت الممرضة بهدوء:-
_ دقائق وأرجعلك 

أومأ إليها بنعم ثم نظر إلى "قُدس"، وبدأ عقله يفكر هل حقًا حملت طفله فى أحشائها؟ وإذا حدث حقًا ليلتها الحمل كيف ستتحمل طفلة مثله مسئولية طفل أخر؟ هو نفسه لم يتحمل مسئوليتها ويشعر بأنه أب لها فكيف سيتحملها مع طفل أخر؟، رن هاتفه باسم "يزيد" يخبره بأنه وصل للمستشفي فتحدث "الجارحى" بحدة وغيرة رجل تحتله قائلًا:-
_ متطلعش ... قولى وصلت لأيه فى التليفون؟

قالها بغيرة تلتهم صدره أن يصعد رجله ويري زوجته وهى نائمة، نظر إلى وجهها والهاتف على أذنه فقال "يزيد" بجدية:-
_ هبعت لحضرتك نسخة من تسجيلات الكاميرا بتاعت العربية وبتاعت المطعم ونمرة الموتسكيل مش متسجلة ومزيفة بس نوع الرصاصة اللى خدتها من باب العربية بيتبع فى السوق السوداء ، حاجة كدة شعبي أهو، جبت رقم واحد حبيبي هيوصلني للى بيبعه ولعل يكون اشتراه منه، هوصله وابلغك يا معلم عملت أى؟ 

_ ماشي يا يزيد ، والحاجة اللى طلبتها

تحدث "يزيد" أثناء جلوسه فى السيارة ونظره بجواره ثم قال:-
_ جبتها ، عديت على البيت وجبت تليفون مدام قُدس وهدير هانم أديتنى شنطة ليها فيها هدوم وحاجات ليها 
أومأ إليه بنعم وقال بهدوء:-
_ ماشي ، خمس كدة ولما أرن عليك طلعهم ، أو أقولك طلعهم بس أديهم للممرضة اللى برا تدخلهم 

أومأ إليه بنعم ليقاطع حديثهما دخول الممرضة مُبتسمة بسعادة تغمرها وتحمل فى يدها ورقة التحليل وقالت بعفوية:-
_ مبروك إيجابي، المدام حامل

أتسعت عيني "الجارحي" على مصراعيها بصدمة ألجمته ونظرته المصدومة أرعبت الممرضة وجعلت السعادة تتلاشي من وجهها وانكمشت شفتيها لتقترب منه بخوف وأعطته التحليل ثم خرجت ، نظر "الجارحي" إلى التحليل ثم إلى "قُدس" وهى نائمة جواره وتشنج جسده كاملًا ولم يُصدق هذا الشئ وكيف هذه الفتاة لم تنتبه لحملها وقد مر أكثر من 45 ليلة على ليلتهما، أغمض عينيه بقوة بصدمة ثم نظر إلى بطنها الصغيرة وكأن جنينها ألمها بقوة أمس لتنتبه والدته لوجوده، لمس بطنها بدفء وهو لا يفهم دوامة المشاعر التى أصابته أهو فرح أم خوف، سعادة أم توتر، فتحت "قُدس" عينيها بتعب بعد ساعة تقريبًا ورأت يده على بطنها وعينيه تحملق بها فشعرت بحرج وأنتفضت فى جلوسها بخجل وهى تراه يتأملها، ركضت إلى المرحاض بخجل شديد وهى ليلتها الأولى فى النوم بين ذراعيه، كان قلبها يدق بجنون وعشقها يحرق صدرها فتمتمت بتوتر:-
_ أهدئي يا قُدس ، دا جوزك 

_______________________________ 

كان "حمدى" جالسًا فى المكتب بداخل المحل فدلف عليه "عبدالعظيم" وقال بجدية:-
_ الدكتور بيسأل على حضرتك يا حج

نظر "حمدى" إلى "مصطفى" بدهشة وهكذا "هادى" الذي خمن سبب الزيارة بعد أن أخبرته "قُدس" فتحدث "حمدى" بلطف وقال:-
_ أتفضل يا دكتور... القهوة يا عبدالعظيم

تنحنح "مصطفى" بتوتر ويمسح رأسه بمنديل من الربكة، قال بلطف:-
_ ألف شُكر يا حج ، أنا مش هطول عليك عشان دا محل أكل عيش

_ فى أى يا دكتور
قالها "حمدى" بهدوء مُستفهمٍ عن حالة هذا الرجل والتوتر الزائد فتحدث "مصطفى" بلطف قائلًا:-
_ أنا دكتور مصطفى دكتور نفسي شغال فى أنجلترا وعندى 41 سنة ، عندى أخ أصغر منى وأختي الصغيرة متجوزة وعايشة مع جوزها فى السعودية وأمي متوفية وأبويا عايش مع أخويا الصغير هنا 

عاد "حمدى" بظهره للخلف هادئًا منتظر بأساس الحوار بعد المقدمة التى بدأ بها، فقال بخنق:-
_ وبعدين يا دكتور هو أنا هطلعلك قيد عائلي 

تبسم "هادى" بسعادة وقد فهم التالى من هذه المقدمة لكنه أخفي سعادته وأصطنع الجهل وقال بلطف:-
_ أهدأ يا حج ، لما نفهم الدكتور عايز يقول أى؟

تبسم "مصطفى" إلى هادى" الذي يحاول أن يساعده فى هذا الموقف وقال بعفوية:-
_ أنا كنت حابب يعنى أخد من حضرتك ميعاد أجيلك البيت يا حج وأجيب أخويا وأبويا تتعرف عليهم ، قصدى يعنى أنا طلب أيد بنت حضرتك الأنسة هدير 

تبسم "حمدى" بسعادة تغمره وابنته التى شارفت على الأربعين من عمرها أتاها النصيب الآن وستصبح أجمل عروس فتنحنح بحدة مُصطنع وقال:-
_ طب ما تقول كدة من الأول لزمتها أى المقدمة العريضة دى كلها، ما كدة كدة هنتحرى عنك لو وافقنا 

تبسم "مصطفى" باحراج ودلف الساعى بالقهوة ليبتسم "هادى" وقال بهدوء:-
_ أشرب القهوة يا دكتور، أشرب القهوة وخير إن شاء الله 

_ اجيب الأسرة وأجيلكم أمتى؟ 
قالها "مصطفى" بحماس وهو لا يبالى بالقهوة الآن، تبسم "حمدى" على تعجله وقال:-
_ مستعجل على أى يا بنى؟ بس وماله فى يوم من الأيام كنت زيك؟ إحنا إن شاء الله على الخميس الجاي خطوبة ليل بنت بنتي فى قاعة اللؤلؤة هاتله دعوة يا هادى من الدرج، شرفنا يا سيدى ونخلص من العروسة ونتم ليلتها على خير عشان أفوق لك دا أنت طالب أيد الغالية وقرة عيني مش بالساهل كدة ، هدير مش اى حد يأخدها 

تبسم "مصطفى" بلطف وأرتشف قهوة بينما جلب له "هادى" بطاقة الدخول للقاعة ليبتسم أكثر وأخذها ...

____________________________ 

خرجت من المرحاض بعد أن بدلت ملابسها وأرتدت بنطلون جينز وتي شيرت أبيض بنصف كم وأخذت السترة الجينز من فوق الفراش ليستوقفها "الجارحي" وقال:-
_ مش ناوية تقوليلي؟

أستدارت "قُدس" إليه ولم تفهم عما يتحدث فسألت فضول وهى ترتدي السترة بلا مبالاة:-
_ أقولك أى؟

ضحك بسخرية شديدة وأخرج الورقة من أسفل الوسادة وهو جالسًا مكانه على الفراش وقال بانفعال:-
_ عمى قالى أنك طلبتي الطلاق

صمتت قليلًا ثم قالت بلطف:-
_ اه يا جارحي، مش دا كان أتفقنا تتطلقني بعد شهر أتنين والحياة معاك صعبة وقاسية

ألقى بالورقة فى وجهها بضيق مُنفعلًا بعد أن اتصل "هادى" ليخبره ان بيوم الحادث ابنته طلبت منهم أن تنهى الزواج فصرخ بها غاضبًا:-
_ بس متفقناش أنك تهربي بابني، عايزة تطلقي وتأخدى ابنى معاكِ

أتسعت عينيها على مصراعيها من حديثه وقالت بسخرية ولا تصدق حديثه:-
_ ابنك!! ابنك مين؟ هو اأنت عندك...

صمتت للحظة وتذكرت حين أخبرها ان تنتبه لأمورها لأجل الحمل، ركضت إلى الورقة وكان التحليل إيجابي وتجاوز ابنها الأربعين فأصبح الآن يملك نبضًا، هزت رأسها بلا غير مُصدقة ما تراه وقالت:-
_ لا ، مستحيل...

تعليقات