رواية موعدنا في زمن اخر الفصل الثالث3بقلم مريم الشهاوي


رواية موعدنا في زمن اخر الفصل الثالث3بقلم مريم الشهاوي



بينما كان حمزة يقود سيارته عائدًا إلى منزله في ليلة مظلمة، ظهرت فجأة أمامه فتاة كأنها شبح هائم في الليل. اصطدم بها بلا وعي، فتحولت لحظة السكون إلى صرخة مدوية في عقله. هرع من سيارته مذعورًا، ليجد الفتاة ملقاة على الأرض، رأسها ينزف كأنه ينبوع من الألم. تجمع الناس حوله، وبدأ حمزة يحاول يائسًا إيقاظ الفتاة، لكن عيناه كانتا معلقتين على وجهها الشاحب. 

ثم صرخ بأعلى صوته: 

"اتصلوا بالإسعاف !" 

وصلت سيارة الإسعاف بسرعة، حيث نزل منها ثلاثة أطباء حملوا الفتاة إلى المستشفى.

في المستشفى 

كان حمزة يسير ذهابًا وإيابًا، مستعيدًا في ذاكرته ما حدث، مثقلًا بتأنيب الضمير. خرج الطبيب، فهمّ حمزة إليه مسرعًا بخوف قائلاً: 

"هي كويسة يا دكتور؟"

طمأنه الطبيب قائلاً: 

"اتطمن، الحمد لله، هي كويسة. تقدر تدخلها، هي قربت تفوق من البنج."

دخل حمزة الغرفة ليرى فتاة هزيلة نائمة على السرير، رأسها مغطى بالضمادات، ووجهها يبدو شاحبًا ومرهقًا. جلس على الكرسي بجانبها، مستعيدًا ذكرياته المؤلمة، وكأن ألم الماضي يتجدد في صدره. وضع يديه على وجهه بضيق، مشاعر القلق والندم تتصارع في داخله. فجأة، سمع صوتها تتأوه، كأنين خافت يخرج من أعماق الألم. رفع يديه عن وجهه ونظر إليها بعينين تملؤهما القلق، قائلاً بصوت مبحوح:

"أنتِ كويسة... حاسه بألم؟"

عندما نظرت الفتاة إلى حمزة، انفجرت بالبكاء، وكأن دموعها كانت تحمل وزن العالم بأسره. بقلق عارم، قال حمزة: 

"أنتِ بتعيطي ليه... موجوعة؟ أطلب الدكتور؟"

نهضت الفتاة ببطء لتجلس على السرير، عيناها مليئتان بالدهشة والتعجب. كانت تحدق فيه وكأنها تحاول استيعاب حقيقة غير معقولة، وقالت بذهول عميق: 

"أنت خالد... أنت خالد، صح مش كده؟ أنت خالد !!"

نظر لها حمزة باستغراب ودهشة عند سماعه الاسم الذي نطقت به. فجأة، رمت نفسها في حضنه واحتضنته بشدة، قائلة ببكاء مليء بالشوق والألم: 

"خالد حبيبي... وحشتني أوي... كنت عارفة إنك عايش... إحساسي عمره ما يخيب أبدا... وحشتني يا خالد أوي أوي."

تفاجأ حمزة، مشدوهًا برد فعلها العاطفي الجارف. شعر بارتباك شديد وهو يحاول فك شفرة هذا الموقف الغامض، وأخذ خطوة للوراء، قائلاً بارتباك وارتعاش في صوته: 

"مين خالد؟"

بدأت الفتاة تلمس وجهه بيدها بحساسية شديدة، وتأكدت في نظرها من هويته. 

"أنت خالد... أنا متأكدة." 

اعتبر حمزة الفتاة مجنونة وابتعد عنها ببطء، لكنها نهضت بسرعة من السرير وركضت نحوه قبل أن يخرج من الغرفة، احتضنته مجددًا بقوة، تعبيرًا عن خوفها الشديد من فقدانه مرة أخرى: 

"لا، لا مش هسيبك تمشي تاني يا خالد... حرام عليك كل الغياب ده، ولما ألاقيك تمشي... لكن المرة دي لا يمكن أسمحلك تمشي..."

ابتعد عنها حمزة وواجهها بغضب من ملامستها الكثيرة له: 

"اسمعي... على الحادثة فأنا آسف وهتكفل بكل مصاريف علاجك، إنما أنا ما أعرفش مين خالد اللي بتتكلمي عنه ده... وأيًا كان مين، أنا مش هو... أنا اسمي حمزة... تمام؟"

أكمل كلامه بصوت مرتفع، وفجأة أغمي على الفتاة وسقطت بين يديه. حملها حمزة برعاية شديدة ووضعها مجددًا على السرير، وجد نفسه غير قادر على استيعاب من هي هذه الفتاة وما هي قصتها، ومن هو خالد الذي تتحدث عنه. خرج من الغرفة وهو متوتر، يحاول بجدية استعادة أنفاسه وتفسير كل ما حدث.

قابل حمزة الطبيب الذي فحص الفتاة، وقال بجدية:

"دكتور، ممكن نتكلم؟"

وقف الطبيب مستعدًا وأجاب:

"طبعًا، اتفضل."

سأل حمزة باستفهام:

"حضرتك عرفت أهل البنت دي واسمها إيه وساكنة فين؟"

أجاب الطبيب بتفصيل:

"اسمها سمر أيمن الشافعي، بنت يتيمة الأب والأم، كانت متجوزة في البلد دي وجوزها اتوفى من فترة."

قال حمزة بشك وتعجب، "ثانية... جوزها اسمه خالد؟"

أجاب الطبيب بتأكيد:

"أيوة، بالضبط... بس عرفت منين حضرتك تعرفها؟"

أجاب حمزة بسرعة نافيًا بشدة:

"لا، ماعرفهاش، بس ذكرته كتير لدرجة إنها افتكرت إني هو."

استغرب الطبيب وعبّر بدهشة، "ممكن عقلها الباطن خلاها تفتكر جوزها اللي فقدته وتعتبر إنه قدامها وتخيلتك هو."

تغيّرت تعابير وجه حمزة للاستعجاب، وقال بذهول:

"تخيلتني هو !! ده اللي هو إزاي بقى؟"

أجاب الطبيب بوضوح:

"إزاي دي، أنا معرفهاش. أنا طبيب جراحة، ممكن تتواصل مع الدكتورة نور، هي اللي هناك، ممكن تشرحلها اللي حصل، وهي هتشخص حالة المريضة."

بدا حمزة مرتبكًا، يحاول فهم كيف ولماذا اعتقدت الفتاة أنه هو خالد، وبدأ يفكر بإمكانية تواجده في حياتها بشكل غير متوقع.

نظر حمزة نحو الطبيبة "نور" بعينان تعكسان الحيرة، وانتابته الشكوك والتساؤلات حول ما يحدث حوله. تقدم بهدوء نحوها، كأنه يخطو في متاهات لا يفهمها تمامًا وألقى عليها القصة كاملة. 

استمعت نور بانتباه، ثم أجابت بصوت هادئ:

"حضرتك بتقول إنها أول ما شافتك نادتك باسم حد تاني... وقولت إنه جوزها اللي مات؟ "

زفر حمزة ثم أجاب بضيق: 

"أيوة."

أوضحت نور شكها بدراية على مدار خبرتها في هذا المجال، قائلة بلطف واستياء متجسد في عينيها: 

"البنت مصابة باضطراب وهمي، افترضت إن جوزها اللي فارق الحياة هو أنت... ولو فجأة اختفيت من حياتها، ممكن يتسبب ده في انهيارها ومين عارف لو فقدت جوزها مرة تانية تعمل في نفسها حاجة يمكن يوصل لانتحا رها."

تفاجأ حمزة وبادر إلى الرد بغضب مكبوت، "إيه؟ يعني إيه الكلام ده؟ أنا مش عارفها إيه اللي هيخليني أفضل في حياتها !"

نظرت نور إليه بتفهم متأنٍ:

"ممكن أشوف البنت دي."

وجّه حمزة نظرته نحو غرفة سمر، ثم خرجت الطبيبة إلى الغرفة لتتعمق في فهم حالة سمر بدقة، محاولة الوصول إلى جذور المشكلة وتقديم العلاج المناسب لها.

سمع حمزة رنين هاتفه فأخرجه من جيب بنطاله وأجاب على المكالمة، وكان صديقه "سمير" يسأله: 

" أنت فين محضرتش الاجتماع ليه؟ "

رد حمزة باقتضاب: 

"حصلتلي مشكلة كده... خبطت بنت بالعربية." 

صرخ سمير بدهشة: 

"يالهوي وماتت؟" 

أجاب حمزة بسرعة: 

"لا ماتت إيه بس صلي علنبي يا سمير هي كويسة متقلقش خبطة بسيطة وأهي في المستشفى أما نشوف آخرتها دي معتبراني جوزها اللي مات." 

هدأ سمير بعض الشيء وتسائل بحيرة: 

"ألاه إيه الحوار ده بقى؟! " 

قال حمزة بتذمر: 

"والله ما اعرف عمالة تقول أنت خالد أنت خالد وأقولها يا ستي مش أنا والله مانا لحد ما أغمى عليها تاني." 

قال صديقه بمزاح ضاحكًا: 

" أنا لو منك أخليني خالد لو هي حلوة. "

زفر حمزة بغضب:

"ياربي عليك اقفل ياعم مهياش نقصاك."

بعد انتهاء حمزة من مكالمته، خرجت الطبيبة نور من الغرفة، وكانت ملامح وجهها تعبر عن القلق والتفكير العميق. قالت بصوت هادئ ومتأني: 

"زي ما قولت.. اضطراب وهمي."

سأل حمزة بتوتر وقلق في صوته: "وده علاجه إيه؟"

أجابت نور : 

"بيمشي مع الوقت مع تقبل الحقيقة واحدة واحدة هي متعرضة لصدمة عصبية من ساعت موت جوزها وتخيلت إنك هو أو اتوهمت إنك خالد اللي واقف قصادها فالحقيقة حالتها صعبة جدًا... طب عرفت توصل لأهلها؟؟" 

رفع حمزة شعره وهو يزفر بضيق مجيبًا: 

"للأسف لا... هي يتيمة، وما كانش ليها حد غير جوزها في البلد دي."

قالت نور بأسف: 

"هي حاليًا متعرفش حد غيرك."

رد حمزة بلا مبالاة وقلق دفين في نبرته: 

"غير خالد... أنا مالي؟"

قالت نور ببساطة واضحة: "القرار قرارك يا أستاذ... الموضوع إنساني مش أكتر. أنت ممكن تفضل معاها الفترة دي لحد ما تتحسن...ولو قولتلها الحقيقة مرة تانية ممكن تصاب بصدمة عصبية تاني وتدخل في نوبة شديدة تموت فيها هي لسه مفاقتش من اللي حصل وده مخليها بتتوهم وممكن كمان يوصل لهلاوس عقلها الباطن مهيألها إن خالد عايش وإنها لسه معاه." 

ثم انصرفت نور لتواصل عملها في المستشفى، بينما جلس حمزة يفكر بعمق في كلامها. كان يبحث عن حلول ويتأمل في وضع الفتاة، وما قد يحدث إذا قبل بالبقاء معها ومسؤوليته عليها. ثم قام من مكانه بتأني واتجه نحو باب الخروج من المستشفى، وركب سيارته وهو يتذمر من الأحداث الأخيرة التي مر بها.

وبينما هو يقود سيارته أخرج هاتفه ليُنشئ مكالمة مهاتفًا صديقه سمير: 

"أنا جاي الشركة." 

تساءل سمير بفضول: 

"وعملت إيه في البنت؟" 

رد حمزة بتردد شعور الندم طاغٍ عليه ولكنه لا يُبالي: 

"مشيت وسيبتها... مريضة نفسيًا ياعم... وعندها اضطراب وهمي لجوزها اللي مات وفكراني هو... لما اعالج نفسيتي الأول أبقى اروح أعالج الناس." 

_______________

في مكان آخر وتحديدًا بقسم الشرطة 

هتف الضابط "حسن" قائلاً: 

"مش هيفتكرك يا رهف، وممكن يموتك، ده مجرم!"

صاحت رهف بقوة، مرفضة لقوله: 

"نوح مش مجرم... نوح قبطان غاب أربع سنين، ولما تلاقوه تقبضوا عليه ! ده بدل ما ترجعوه لمراته وبنته؟"

بغضب شديد، رد حسن: 

"عشان إحنا ملاقيناهوش بيأزأز لب ده كان جاسوس علبلد وبيحاول ياخد معلومات أثرية... وبعدين نوح عاش أربع سنين مع مجرمين أكيد اتطبع بطبعهم... رهف، نوح هيتعامل معاكِ زي ما بيتعامل مع الكل، هو شايفك حد غريب قدامه وممكن يستغل تعاطفك معاه."

ردت رهف باصرار: "مش هاممني كل ده، اللي هاممني دلوقتي إن بيني وبين حبيبي حيطة بعد فراق أربع سنين، متخيل الأسباب دي كفيلة متخلينيش حتى أشوفه."

استسلم حسن لإرادتها وأشار لبعض الضباط بالدخول معها، إلا أن رهف استوقفتهم قائلة: 

"مش عاوزة حد يدخل معايا، أنا هقابله لوحدي."

صاح حسن: 

"مش هينفع يا رهف... اللي جوا ده...." 

قاطعته رهف بترجي: 

"بعد إذنك، سيبني أدخله لوحدي، أنا هعرف أتصرف."

وافق حسن باقتضاب وأبعد الضباط، ليشير لهم بالذهاب.

دخلت رهف المكان بخطواتٍ تتردد كالأمواج المتلاطمة، تحمل في قلبها عبء الأمل واليأس الذين صارعتهما خلال السنوات الأربعة الماضية. كانت نبضات قلبها تصارع الزمن، تتسابق بين الأمل المحطم والشك المستحكم. لحظة دخولها، ظنت لبرهة أنها تحلم، حتى تحققت عيونها مع نوح، زوجها ورفيق روحها. بدت دموعها تتساقط بصمت، فقد كانت تعيش على فراقه لسنواتٍ طويلة.

كان نوح جالسًا على الأرض، يضم ركبتيه بقوة نحو صدره، ووجهه المكبوت بين ذراعيه المكبلتان بالاغلال الحديدية القوية تمنعه من الهروب بتاتًا. 

رفع نوح رأسه ببطء عندما سمع خطوات تقترب في الغرفة، حيث تجمدت التفاصيل في عينيه المتعبتين. لم تتمكن رهف من تحكم عواطفها، فركضت نحوه بخطى متسارعة، عيناها تزرف دموعًا لا تصدق أنها ترى حبيبها على قيد الحياة بعد كل تلك السنوات. وعندما وقف نوح على قدميه، كانت ثوانٍ كالأزمان بين أحضانه، حيث اندفعت رهف لتعانقه بشدة، تبكي بحرقة واسعة، مشاعرها تتقاطع بين الفرح الهائل والحزن العميق، ونار الشوق التي تتزايد داخلها.

حاول نوح مرارًا أن يبتعد، لكنها كانت تشد بقبضتها على ظهره بشدة، متمسكة بين يديه بكل قوة، رغبة في أن لا تبتعد أبدًا.استطاع نوح أخيرًا أن يبتعد عنها بصعوبة، وقال بصوت متجهم: 

"Get away from me, girl, are you crazy?" 
ابتعدي عني، يا فتاة، هل أنتِ مجنونة؟ 

كلماته خرجت بقسوة، وكانت تعبر عن مزيج من الغضب والحيرة، وسط صخب العواطف المتدفقة بينهما ابتعدت رهف ونظرت إليه باستغراب قائلة: 

"أنت بتتكلم كده ليه؟" 

أجابها نوح: 

"What are you saying, Iam not understand you" 
ماذا تقولين، أنا لا أفهمك 

كان نوح مذهولًا من نفسه، لأنه فهم رهف بشكل جيد على الرغم من أنه يتحدث باللغة الإنجليزية فقط. ومع ذلك، قال العكس.

أردفت رهف بصدمة: 

"مهو أنا ممكن أصدق أي حاجة غير إني أصدق إن أربع سنين نسوك لغة بلدك نوح أنت فاهمني." 

قال نوح باستغراب:

"Nuh!! it's not my real name and it's not my language" 
نوح! هذا ليس اسمي الحقيقي وهذه ليست لغتي.

علمت رهف أنه يفهم كل حرف تنطقه فصاحت به: 

"طالما فاهمني يبقى ترد عليا عربي." 

قال نوح بغضب: 

"أنتِ مُختلة عقليًا ولا غبية ومش بتفهمي؟" 

كان نوح مستعجبًا من نفسه لأنه نطق اللغة العربية بسهولة، وخاصةً اللهجة المصرية التي ليست سهلة ليتقنها بهذه الطلاقة. ابتسمت رهف بينما استمعت إلى لغته وهذه اللهجة التي عشقت صوته الذكوري يرن في أذنيها بوضوح لن تنساه.

عيناها تزرف دموعًا بلا توقف، وقالت بصوتٍ مرتعش: 

"نوح، أنت مش فاكرني، أنا رهف..."

رد نوح باستخفاف: 

"باعتينك ليا عشان تعرفي حاجة بس بعينكوا." 

ثم اقترب منها بخطوات ثقيلة وعينيه تخرج شرارًا وينظر اليها بصرامة قائلًا:

"صدقيني حتى لو موتوني أنا عمري ما هنتطق بكلمة واحدة مقرّ عصابتي فين... محدش فينا بينطق حرف حتى لو على حساب موته." 

قالت رهف بقلق من طريقة أسلوبه المخيف:

" نوح أنت كده بتودي نفسك في داهية أنت عارف أنت مين أصلا وكنت بتشتغل إيه ؟؟محاولتش تدور على نفسك أنت أذكى من كده يا نوح.... إيه اللي جرالك وعصابة إيه اللي بتتكلم عنها؟؟ "

أجابها نوح بهدوء ومازالت عيناه معلقة بها:

"أنا اولًا اسمي بيتر وانا مش مستنى حتة عيلة تيجي وتقولي عن الماضي بتاعي لإني فاكره كويس جدًا."

صاحت رهف بغضب وصوتها بدأ يعلو: 

"لا أنت مش فاكره لإنك لو فاكره مكنتش نسيتني لو فاكره فعلًا كنت دورت عليا في كل مكان أنا كنت محتوية قلبك أنا وأنت حبينا بعض واتجوزنا عن حب بينا طفلة عندها تمن سنين" لوجي".. إيه؟؟ دي كمان نسيتها؟" 

ابتعد نوح عنها ليخطو بضع خطواتٍ للخلف ويستدير ظهره قائلًا بضيق:

"امشي من هنا. "

حيث تقدمت رهف نحوه لتقف أمامه بغضب وتخلع عقد عنقها الذي كان يحتوي على شكل قلب صغير فتحت قلب العقد ليرى نوح صورة تجمعهم هم الثلاثة هو وابنته ورهف! 

قالت رهف محاولة معه أن يتذكرهم وأمسكت بذراعه بقوة: 

"دي عيليتنا... أنت أهو وأنا وبنتنا.... ده ماضيك يا نوح.. طب بص لبنتنا... مش فاكر لوجي بص للصورة ده أنت كانت روحك فيها." 

نظر نوح إلى الصورة وخفق قلبه عندما رأى الصغيرة، لكن غضبه ازداد عندما سمع صراخها وشاهد إمساكها بذراعه بطريقة عنيفة. بدون تفكير، أبعدها عنه بقسوة، ثم في لحظة من الغضب، أمسكها من عنقها وبدأ يخنقها بشدة، ليرفعها من الأرض بسهولة معتمدًا على قوته، وكانت يده ممسكة برقبتها بقسوة وبلا رحمة.

"أنتِ عن مين بتتكلمي؟"، قال بغضب متصاعد، "بصي، أنا مش فايقلك لو هما بعتينك يا حلوة، يبقى تمشي زي الشاطرة، تروحي وتشوفي حالك، والراجل الغريب اللي بتتكلمي عنه، نوح بتاعك دا، روحي دوري عليه بعيد عني."

كادت رهف أن تختنق فقالت بصوت متقطع:

" نو.. ح... همو.. ت... "

                          الفصل الرابع من هنا
تعليقات



<>