رواية اوجاع الروح الفصل التامن بقلم فاطمه فارس
حاتم: أنا نفسي تتجوزي إنتي كمان وتلاقي حد يهتم بيكي ويحبك.
جوري بهدوء: أنا مرتاحة كده، ريّح نفسك يا حاتم. أنا مش هتجوز، أنا والجواز عاملين زي خطين متوازيين... عمرنا ما هنتقابل أبدًا.
حاتم: تمام، اللي تشوفيه. أنا همشي بقى عشان أفاتح أهلي في الموضوع.
طلع شقته وهو حزين عشان جوري مش قادرة تعيش حياة طبيعية، فتح الباب وقال بهزار عشان محدش يحس بحاجة.
حاتم: أنا جيت، نورت البيت! يا أهل الدار، مفيش حد هنا ولا إيه؟ 😂
كان أحمد قاعد مع مراته وابنه بيتفرجوا على فيلم، حمزه قال بهزار: مفيش فايدة في الواد ده... هو إنتي اتوحمتي على إيه فيه يا ماما!.
حاتم قعد، مسك تفاحة، وقال وهو بياكل قضمة: بص... أنا مبسوط، عشان كده مش هرد عليك يا حمزه.
كريمة بحب: ربنا يبسطك كمان وكمان يا حبيبي، بس مش تفرّحنا معاك؟.
حاتم: بابا، أنا بقي عندي ٢٩ سنة، والحمد لله شغال في شركة مؤقتًا لحد ما أفتح شركتي إن شاء الله... فـ يعني... لو ممكن... وسكت.
أحمد بابتسامة: طالما قلت المقدمات دي، يبقى الموضوع فيه بنت... صح؟
حاتم بخجل: دايما فاقسني إنت يا حاج، بصراحة... آه.
أحمد: طيب مين هي؟ وأنا أروح أخطبها لك يا حبيبي.
حمزه بهزار: أنا عارف على فكرة هي مين...
(قرب على حاتم وكلمه عند ودنه)
حمزه: مرام، مش كده؟ بس البنت حلوة وتتحب.
حاتم بهمس: اسكت يا حمزه هتفضحني قدامهم.
حاتم: هي بنت محترمة، وأنا معجب بيها. قلت أدخل البيت من بابه، واللي إنت تقوله أنا هعمله يا حاج.
أحمد حس إن ابنه مكسوف يتكلم، فقال: تعال ورايا.
خده ودخل أوضته، وقفل الباب عليهم، وقال: تعرف يا حاتم، إني مستني اللحظة دي من ساعة ما إنت اتولدت؟ قول يا بني، ومتخبيش على أبوك حاجة.
حاتم: آنسة مرام يا بابا... كل ما بشوفها بحس إني عايز آخدها في حضني... بحس إحساس غريب وهي قريبة مني، كإن قلبي هيخرج من مكانه.
أحمد بحب: يبقى وقعت يا فالح! مرام بنت جميلة ومحترمة، وأبوها راجل محترم... على خيرت الله، أنا هكلم أبوها وأحدّد معاد معاه، واللي فيه الخير يقدمه ربنا.
*****
مرام كانت معجبة بحاتم جدًا، وحسّت إنها مخنوقة، وقالت في نفسها: اللهم لا تعلق قلبي بغيرك، و ارزقني الحب الحلال.
فريدة دخلت عليها الأوضة وقالت: مالك يا بت من ساعِت ما نزلتي من فوق وانتي قافلة على نفسك الباب!
مرام: مفيش حاجة يا ماما، أنا بس مصدعة شوية وعايزة أنام.
فريدة بخوف: اسم الله عليكي يا بنتي، طيب خدي مسكن الأول ونامي.
مرام: أخدت يا فري، متخافيش عليا أنا بخير.
فريدة بحب: وإن مكنتش أخاف عليكي، أخاف على مين؟ ده انتي بنتي الوحيدة.
مرام بحب: ربنا يباركلي فيكي يا أحلى أم في الدنيا.
*****
في مكان تاني....
جمالات: بقولك إيه يا راجل، انت مش شايف البت جويرية كل يوم تدخل وتطلع ولا حد بيحاسبها؟ ده غير إنها سكنت ناس غريبة عندها، والله أعلم بتعمل إيه بعد ما أهلها ماتوا! والبيرة دي اتبطرت على ابنك، انت هتسيبها كده؟
سيد: أعمل إيه بس يا جمالات؟ أروح أخطبها لابنك بالعافية؟
جمالات: لا، تقرص ودنها يا راجل وتطلع عليها إشاعة، عشان لما نروح نتقدم تاني توافق من غير تفكير.
سيد: طيب قوليلي أعمل إيه وأنا معاكي.
(قعدوا يخططوا زي الشياطين، ومعملوش حساب إن ربنا سامع وشاهد.)
بعد يومين، جوري كانت بتجيب خضار، ولقت جمالات في وشها، وقالت في نفسها: استر يا رب، الست دي مش بييجي من وراها غير الشر.
جمالات بصوت عالي: اشهدوا يا ناس، البت دي حطت راس أبوها في الطين بعد ما مات، واتكبرت على ابني لما راح يتقدم لها، واتاريها مدوّراها!
جوري بصدمة: أنتي بتقولي إيه يا ست انتي؟! ما تحترمي نفسك شوية!
جمالات بصوت عالي قدام الناس: طيب أنا كنت هسترِك... بس عشان لسانك الطويل، والله لأفضحك وسط الخلق!.
طلعت من شنطتها ظرف فيه صور... صور لجوري مع شاب في أوضاع مش كويسة، وبدأت تفرج الناس عليها وحدة وحدة وهي بتزعق:
ـ شوفوا! شوفوا البت اللي كانت ماشية قدامكم على إنها مؤدبة... دي لازم تتربى طالما أهلها معرفوش يربوها!.
وشاورت بإيديها لاتنين ستات واقفين على جنب وقالت بحدة: يلا يا بنات، علموها الأدب!.
الستات قربوا من جوري وهما متنرفزين، وبدون أي رحمة نزلوا فيها ضرب، وسط صدمة الناس اللي حوالين السوق...
أحمد كان راجع من صلاة الجمعة هو وولاده، ولما قرب من الشارع، لاحظ تجمع كبير وسمع صوت صراخ بنت موجوعه، وقف وقال: استر يا رب... هو فيه إيه؟ تعالوا يا ولاد نشوف إيه اللي بيحصل.
حاتم باستغراب:
ـ يظهر إنها خناقة!.
حمزة وهو بيحاول يزق وسط الناس:
ـ ليه الناس واقفة تتفرج ومفيش حد بيتدخل؟.
أحمد بحدة: ربنا يهدي يا بني... تعالوا نساعد البنت الغلبانة دي!.
ولما قربوا... كانت الصدمة!
بنت مرمية على الأرض، ووشها غرقان دم، واتنين ستات بيضربوها بوحشية!
أحمد جرى عليهم وشالهم بصوت عالي: إيه ده؟! هو في إيه يا ست انتي وهي؟ ده شغل حوش؟ البنت هتموت في إديكم يا ظَلَمة!.
حاتم قرب يشوف البنت، وقبل ما يلمسها، اتجمد مكانه وقال بذهول ولهفة: جويرية؟! انتِ؟! كويسة!.
حمزة قلبه اتقبض وجرى يساعد أخوه، قرب منها وهو بيترعش:
ـ أنسة جويرية! انتي كويسة؟ مين دول؟ إيه اللي حصل؟!.
جوري ما ردتش... كانت تايهة، مش شايفة ولا سامعة، وفجأة... وقعت في حضنهم مغمي عليها.
حمزة شالها بسرعة، قلبه بيدق زي الطبول، وصرخ في الناس: وربي وما أعبد لو جرالها حاجة مش هيكفيني موتكم في إيدي!.
بص لأخوه وقال: بلغ البوليس يا حاتم بسرعة... ومحدش يتحرك من مكانه، فاهم؟.
حاتم: خدها على المستشفى فورًا، وأنا هتصرف معاهم !.
أحمد بصوت عالي مليان قهر: لا إله إلا الله... عملت لكم إيه اليتيمة دي؟ ولا عشان مالهاش أهل؟! هتكلوها؟!.
جمالات بصوت عالي محاولة تغطي خوفها: دي بنت رخيصة وتستاهل اللي جرالها!.
حاتم بصوت مرعب جهوري خلا الكل يسكت:
انتي لعبتي مع اللي ما بيرحمش... والله لأخليكي عبرة لأي حد يفكر يجي على بنت تاني!.
حمزة طار على المستشفى، شال جوري في التاكسي، وكان بيرتعش من الرعب والخوف، دخل على الاستقبال وهو بيصرخ: دكتور بسرعة! حد يلحقني!.
أخدوها منه فورًا على أوضة الكشف...
في القسم...
الشرطة قبضت على جمالات والستات اللي كانوا بيضربوا جوري، وكمان كذا حد من شهود الواقعة.
أحمد وحاتم راحوا القسم معاهم.
الظابط قال لهم وهما داخلين:
ـ تفضلوا اقعدوا... احكولي اللي حصل.
أحمد حكى كل حاجة بالتفصيل.
الظابط قال بصوت حازم: يا عسكري... ندهلي الرائد مهاب فورًا.
العسكري: تمام يا فندم! خلص كلامه وخرج بسرعة.
الظابط وهو بيحاول يهدي الجو: تحبوا تشربواحاجة؟.
أحمد: لا شكرًا يا حضرة الظابط، احنا بس عايزين حق البنت اليتيمة دي.
فجأة الباب اتفتح، ودخل الرائد مهاب، وبمجرد ما شاف حاتم، ابتسم وقال: البشمهندس حاتم بجلالة قدره هنا! وحشني يا راجل!.
خده بالحضن، وسلّم على أحمد وقال: خير يا حاتم... إيه اللي جابك القسم؟!.
الظابط جمال اتدخل وقال: أنا اللي ندهتلك يا مهاب، الحاج وابنه عاملين بلاغ ومحضر سب وقذف وضرب ضد ستات ضربوا بنت وهي دلوقتي في المستشفى.
حاتم بهدوء بس في صوته نار: حضرتك، شوف الظرف ده...
سلمه ظرف فيه الصور وقال: الست دي... جمالات... اتعرضت لأختي واتهمتها في شرفها. ودي صورهم، مزورة طبعًا!.
مهاب انفزع وقال: منه حصل لها حاجة؟!
أحمد بسرعة: لأ يا مهاب، مش منه... دي بنت يتيمة مالهاش حد، بس عندي زي بنتي بالظبط.
الظابط جمال بعد ما شاف الصور: واضح جدًا إنها مفبركة، دي حتى طفل في حضانة يعرف إنها متفبركة.
مهاب وهو بياخد الصور: القضية دي تخصني... وأنا اللي هتابعها شخصيًا.
جمال قام وهو بيقول: ماشي، أصلاً مراتي بتولد وكنت مستنيك عشان أروح.
مهاب بابتسامة: مبروك يا جمال... يتربى في عزك.
خرج جمال، ومهاب بص لحاتم وقال: متقلقش... أنا وراك لحد ما جوري تاخد حقها.
وخرجوا كلهم في طريقهم للمستشفى...
******
أحمد قال بعد ما وصل : الدكتور قال إيه يا حمزه؟ طمني على الغلبانة دي.
حمزه بضيق: كسر في دراعها الشمال وشوية كدمات متفرقة في جسمها كله.
أحمد: استغفر الله العظيم يا رب، ليه يعملوا فيها كده بس.
حاتم: مهاب بالله عليك أنا مش هرتاح غير لما أرجع حقها منهم.
مهاب: اطمن يا صاحبي، أنا هكلم الدكتور وهخليه يكتب تقرير بحالتها، وأنا أوعدك هحاسبهم.
فعلاً كلم الدكتور، وأخد التقرير، وطلب ياخد إفادة جوري، ودخل الأوضة عندها.
مهاب: حمد لله على السلامة يا آنسة جويرية.
جوري بدموع: الله يسلمك يا حضرت الظابط.
مهاب: ممكن تحكيلي كل حاجة بالتفصيل لو سمحتي عشان أقدر أساعدك؟.
جوري: أنا كنت بشتري خضار للبيت ولقيت الست جمالات وقفتني وقالت...
مهاب: تمام، طيب في بينكم عداوة قديمة أو أي حاجة تخليها تعمل كده فيكي؟.
جوري بابتسامة موجوعة: عداوة إيه بس! أنا كل ذنبي إني يتيمة وماليش حد أتحامي فيه منها ومن غيرها، وكل ذنبي إني رفضت اتجوز ابنها لما اتقدملّي كذا مرة، وهي حاولت تشوه سمعتي أكتر من مرة عشان طمعانة في البيت اللي حيلتي .
ابتسمت بقهر ودموع وكملت كلام وقالت: بس المرة دي اتهمتني في شرفي، والله العظيم أنا مظلومة، ومستحيل أغضب ربنا أو أزني أبدًا، صدقني مش أنا اللي في الصور.
مهاب: اهدي يا آنسة، الصور دي مفبركة، وأنا متأكد إنك مظلومة، وأوعدك هاجيبلك حقك منها.
جوري بدموع وقهر: هتحبسها وتسكتها؟ طيب والناس اللي كانت واقفة تتفرج عليّا وأنا بتضرب من غير رحمة؟ وسيرتي اللي بقت على كل لسان؟ ونظرات الرجالة ليا اللي كانت بتنهش في لحمي؟ كل دول هتعرف تسكتهم؟ هتعرف تخليهم مييبصوش عليّا كأني واحدة رخيصة؟... شكرا لحضرتك، بس للأسف، لو الست جمالات دي سكتت، هما عمرهم ما هيسكتوا.
مهاب خرج من عندها وهو مخنوق من اللي حصل ليها، وبص لحاتم وقال : للأسف البنت منهارة جوا وصعب تهدى دلوقتي، أنا ماشي وهحقق مع المجرمين دول وهرجعلها حقها منهم.
مشي وسابهم واقفين مش عارفين يعملوا إيه يهونوا عليها بيه
مازن رن كتير على جوري عشان يقولها إن طيارته بالليل، بس مفيش رد، قلق عليها، وصل البيت عندها وخبط كتير، مفيش رد، طلع التليفون ورن على حاتم
مازن: هي فين يا حاتم؟ وإزاي كل ده يحصل وماتقوليش حاجة؟ وفين ولاد... اللي عملوا فيها كده؟
حاتم بجديه: هي بخير يا مازن، اهدي شوية، وإحنا عملنا محضر، واللي عمل كده بيتحاسب دلوقتي.
أحمد: تعالوا يا ولاد نطمن عليها.
دخلوا كلهم عندها، وهي كانت قاعدة ودموعها نازلة زي المطر
حمزه: حمد لله على السلامة يا آنسة جويرية.
جوري محستش بيهم لما دخلوا، وانتبهت لما حمزه كلمها، مسحت دموعها وقالت : الله يسلمك يا دكتور حمزه.
مازن قرب ووقف عند سريرها وقال بحنان : حمد لله على السلامة يا جوري، ألف سلامة عليكي، عاملة إيه دلوقتي؟.
جوري بشبح ابتسامة: الله يسلمك يا مازن، تعبت نفسك وجيت ليه؟
مازن بحزن: ليه بتقولي كده؟ انتي مش عارفة غلوتك عندي قد إيه؟ أنا آسف عشان كنتي لوحدك، وأنا مقدرتش أكون موجود وأدافع عنك.
