رواية رحلة البحث عن متحرش الفصل التاسع9بقلم سلمي خالد

رواية رحلة البحث عن متحرش الفصل التاسع9بقلم سلمي خالد



حسنًا يا عزيزي يبدو أن لكشف المتحرش توابع مثل الزلزال لابُد من أن نجنيها!! 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

رنت ضحكتها بأرجاء الشقة بعدما اختتم أرنبة جملته بشحوب وجهه من فهم المعنى الخفي وراء الرسالة، ثم نظر لها بغيظٍ منها يغمغم بغضبٍ: 
_ ما تتلمي بقى بدل ما أرزعك كف خماسي أطيرك. 
نظرت له دون أن توقف ضحك، ترد عليه بضحكات تزداد: 

_ روح اتشطر على اللي عايزك في شقته. 

ارتجف جسد أرنبة منه يضم كتفيه وكأنه يحمي نفسه من حدوث الواقعة، يرد بحسرة: 

_ منهم لله البُعده.. أنا مشوفتش قذرة كده قبل كده.

لحظت جدية كلماته وشعوره المشمئز منها، نعم لقد تأثرت نفسيته مما يراه يشعر بتضارب الكثير من المشاعر داخل جوفه وكأنها تشعل نيران تندلع بجوفه تحرقه، أقتربت هبه منه تنظر له بحزنٍ وضيقٍ، فليس له ذنب بما يراه ويرهق به تسرع بالحديث قائلة بحنوٍ: 

_ على فكرة يا أرنبة أنت كبرت في نظري أوي إنك مش عايزني أتعرض لكل دا وواقف في ضهري. 

نظر لها بصدمة مما تفوهت به، يهتف بشكٍ: 

_ هبه أنتِ كويسة؟ 

تعجبت من سؤاله لتومئ بالايجاب، فاسترسل أرنبة بسعادة تتهلل على وجهه: 

_ يعني رضيتي عني وهاخد حضن كتب الكتاب؟؟ 

تشنجت معالمها بغضبٍ من حديثه، لتنهض قائلة بحدة: 

_ خلص مع الواد دا يا أرنبة وبلاش تحرش على الصبح.. اتقي الله أمال لو مش متحرشين بيك و.. 

_ بـــــــــس ياختي وهما اتحرشوا بيا ليه ما عشان مراته سيباه للي يسوى واللي ميسواش يتحرش بيه.. عريتي لحمي. 

قالها بحنقٍ منها ومن نكرها أنها السبب، لتهدر هبه بغيظٍ: 

_ والله يعني أنا السبب.. وليه متقولش إنك عندك ميول للانحراف!! 

شهق أرنبة بصدمة مما قالته، ليمسكها من مؤخرة عنقها يرفعها كما لو أمسك حرامي يردف بغيظٍ مماثل: 

_ أنا عندي ميول للأنحراف يا معدومة البصر والبصيرة.. هو أنا عارف أحضنك أصلًا عشان يبقى عندي ميول.. دا أنا توبت على إيدك. 

ظلت تتحرك للأمام والخلف تزامنًّا مع يده التي تحركها، ترد بعندٍ: 

_ ما اللي ملقتهوش جوا بدور عليه برة!! 

_ مع رجــــــــــالة!!! هدور عليه في الحرام ليه شيفاني نتنياهو؟ 

دفعها على الأريكة بغيظٍ وما كادت أن تفتح فمها حتى نطق بنوعٍ من العصبية: 

_ كلمة كمان وهاخد حضن كتب الكتاب وأبقى منحرف بحق وحقيقي. 

صمتت عن الحديث على مضض، ترى الجدية بحديثه، بينما نظر أرنبة للجهاز وهو يستمع لصوت وصول العديد من الرسائل، انطلق نحوها ليجد هذا الشاب أرسل له بأنه اشتاق للحديث معه ثم جحظت عين أرنبة وهو يقرأ أخر ما أرسله.. 

" لو مردتش عليا هعرف كل الجروبات إنك م*ث* رد خلينا نتفق على وقت نتقابل فيه عشان وحشتيني "

أمسك أرنبة بالوسادة الموجودة جواره ثم دفن وجهه بها يصرخ بكامل قوته أسفل نظرات هبه المتعجبة ولكن شعرت بزيادة الأمر عن حده لتسأل بحذر: 

_ أنت بتصرخ كده ليه؟ 

_ فكريني لما نخلص البحث دا أطلقك! 

*************

" أنا الوحيد اللي فاهمك وبحبك أوي.. أحنا بنتكلم من امبارح وأنتِ أرتاحتي أبعتي بقى اللي طلبته" 

" استغفر الله العظيم من كل فسق وفجور عظيم"

مسح على وجهه ينطق مستغفرًا قبل أن يخرج عن شعوره من طلب هذا الشاب وحقارة المطلوب، ليرسل بهدوءٍ: 

_ هبعتلك بس بشرط. 

رأى الرسالة سريعًا ثم أسرع بكتابة لحربي مرسلًا: 

" أنتِ بتتشرطي وماله يا مزة اتشرطي براحتك عايزة ايه؟ 

قرأ حربي الرسالة باشمئزاز ثم كتب له: 

_ كنت عايزة أعرف هو أنت طالما بتحبني أوي كده ليه مطلبتش نتقابل؟ 

" الله دا إحنا واقعين بقى"

_ متكسفنيش بقى يا بودي. 

أرسل حربي تلك الرسالة ثم بصق على الهاتف قائلًا باشمئزاز: 

_ جتك القرف خلتني أبعت رسايل عمري ما مراتي بعتتهالي حتى!! 

نهض يلقي الهاتف بعيدًا يدع هذا الفتى يجن منه، يريد أن يرى تلك العقلية العجيبة وبماذا تفكر بتلك اللحظة؟ 

وقف حربي بين يدي الله، يصلي بتضرعٍ يستغفر ربه على ما يبدر منه، يخصص بكل يوم ركعتين يستغفر لذنبه التي يفعله بعفوية دون حساب لها، فيصلح له الله طريقه للفلاح. 

أنهى صلاته ثم غادر إلى منزل عاليا حيث سيقابلها ليخبرها بما فعله هذا الشاب ويرى ما الخطوة التالية؟ لا يعلم بأن ما يخفيه عن الناس سصبح بالعلن!!! 

*************

نظرت لتلك السيارة بحقدٍ دفين، تمسك بالحجر بين كفيها تراقب الطريق وما أن اختفى أخر شاب يمر حتى اقتربت من سيارة أستاذها خالد وبدأت بكسر الفانوس وتجريح السيارة وتشويهها بقدر المستطاع، تهتف بغيظٍ: 

_ أنت السبب في اللي أنا فيه.. لو كنت سامحتنا كان زماني باكل بيتزا وكريب زي صحابي. 

أنهت حديثها تلقي الحجر بعيدًا تتأمل السيارة بعد ما فعلتها ببسمة شامتة ولكن صوت تمنت لو لم تسمعه بتلك اللحظة جعل الدماء تفر من وجهها عندما قال: 

_ عربيتي مين عمل فيها كده في عربيتي؟ 

استدارت له تنظر بخوفٍ، بينما اقترب خالد من سيارته يردد بحسرة: 

_ عربيتي دا أنا لسه دافع بالشيء الفلاني عشان أصلح الفانوس والخربشه اللي فيها. 

استدار نحو عاليا بأعينٍ تشع رغبة بالانتقام، ثم تمتم بحدة: 

_ قولي مين عمل كده!!! 

_ جري كده. 

أشارت عاليا بأي اتجاه رعبًا منه، بينما سألها خالد بلهفة: 

_ لبس ايه؟ 

ازدردت لعابها ثم تذكرت ملابس أرنبة التي ارتدها المرة السابقة فهتفت بسرعةٍ: 

_ آه.. كان لابس تيشرت أحمر غامق وبنطلون جينز. 

ركض خالد خلفه بسرعة لعله يلحق به، بينما فرت عاليا هاربة من أمامه تخرج من بوابة أخرى كي لا يراها مجددًا، تركب سيارة الموصلات متجهة نحو المنزل تخبر حربي بما قالته وجيزة. 

***********

_ لا بقى اسمي ايه اللي يتحط مش هنخلص من جنان وجيزة!! 

زجر حربي بصوتٍ غاضب للغاية يتطلع نحوها بغيظٍ، بينما توترت عاليا منه تحاول الحديث بصوتٍ هادئ: 
_ يا حربي أعمل ايه هي بتستغل الظروف. 

رفع حاجبه باستنكار يردد بحنقٍ: 

_ لا خليكي في المتحرش أهو كده كده مفضوح إنما أنا اتفضح ليه وسط الناس أنهم بيتحرشوا بيا؟؟ دا أنا لو لقيني في الشارع مش هتعملوا فيا كده!! 

نطق بتلك الكلمات يغادر الردهة، يتقدم من خزانة الأحذية يخرج نعله بغضبٍ يبرطم ببعض الكلمات، ليغادر نحو شقة سالم بغضبٍ، لتركض عاليا خلفه قائلة محاولة اقناعه: 

_ يا حربي استنى هنتفاهم بس.. تعالى.. خد بس. 
لم يأتِ لها بل دلف وسط ذهول سالم بملامح حربي الغاضبة، ثم انتفض أرنبة من مكانه وهو يرى ما فعله هذا الشاب به وكي يفضح أمره وسط الجميع أنه من فئة غير طبيعية تخالف الطبيعة التي خلقها الله، ليهتف بحنقٍ تاركًا هبه: 

_ بقولك إيه هاتي منحرف يعمل البحث دا أنا اتحرش بيا بما فيه الكفاية. 

تحرك من أمامها يسير نحو باب الشقة يمر على السفرة التي يجلس بها حربي وعاليا التي تقنعه بالأمر، قائلًا: 

_ أزيك يا حربي... سلام يا حربي. 

جملة واحدة نطقها سريعًا ثم غادر نحو شقة محمد الذي ما أن طرق الباب حتى فتح له ينظر له بدهشة، بينما تهدر هبه محاولة استعطافه: 

_ يا أرنبة استنى بس.. خلاص هانت وبعد كده مش هيبقى في تحرش تاني.. أرنوبتي استنى. 

أشاح بيده لها قائلًا بغيظٍ: 

_ بلا أرنوبتي بلا بتنجان.. دا من يوم ما عرفت الدلع المشؤوم دا وأنا المتحرشين كتروا عليا!!! 

************

مدت يدها بالنقود تمنحها للبائع بعدما أخذت الخضروات المطلوبة، تسأل نعمة باهتمامٍ: 

_ عايزة حاجة تانية غير البتنجان يا نعمة؟ 

نفت نعمة تتفحص المشتريات قبل أن يغادرا المكان، وقبل أن تمر دقيقة واحدة بينهما تنعم بالصمت هتفت وداد بحزنٍ: 

_ البت عاليا وحربي صعبانين عليا بسبب البحث بتاعهم دا. 

أومأت نعمة تبادلها مشاعر مماثله، قائلة بضيقٍ من تلك الأستاذة: 

_ ياختي متعرفيش دي دكتور ولا معها ابتدائي مخلية العيال بيلفوا حولين نفسهم زي المجانين. 

توقفت وداد عن الحركة وهي ترمق نعمة بشفقة: 
_ البت بصحيها النهاردة الصبح لقيتها بترفص زي الكلب وعاملة تقول عشان خاطري يا دكتور وافقي قطعت قلبي. 

تنهدت نعمة بحزنٍ على حالهما ولكن انتبه سمع كلتاهما لإحدى السيدات الحارة يشيران عليهن، قائلة: 

_ دي عاليا ودي هبه. 

هكذا كانت تنعتها دائمًا فلم تناديها جارتهما باسمهما أبدًا، تحركت هاتان السيدتان نحو نعمة ووداد، يرتديان ملابس باللون الأسود، حتى وقفا أمامهما، تسأل إحدهما بنوعٍ من الحزن: 

_ أنتوا عاليا وهبه؟ 

تعجبت نعمة منها ومن طريقتها الحزينة للغاية لتهتف بإماءة: 

_ أيوة يا أُختي عايزة حاجة؟ 

ابتسمت بشرٍ لها تخفيه قائلة بصوتٍ مبحوح: 

_ أهل الخير قالوا مبتتأخروش عن حد وكنت عايزة خدمة منكم! 

أومأت وداد لها تبتسم ببشاشة: 

_ طب عايزة إيه؟ 

أجابتها السيدة تشير نحو الشارع الذي يليهما: 

_ تعالوا بعيد في الشارع دا عشان مكسوفة حد يسمع. 

تحركت كلًا من وداد ونعمة مع هاتان السيدتان إلى أن ابتعدوا قليلًا عن موقعهما فصرخت تلك السيدة فجأة بصوتٍ مبالغ فيه: 

_ ألحقوني الست دي سرقتني!! 

شهقت وداد بصدمة مما تتفوه به، بينما اقتربت منها السيدة الأخرى تمد يدها أسفل قدم وداد ما تسمى بـ " بتشنكلها" لتسقطها أرضًا تتأوه وسرعان ما ظهر عدد من السيدات التي لا يعرفهن ليبدأن بضرب نعمة التي سقطت كما حدث مع وداد ويكيلهما بالضرب بقوة قائلة ببسمة خبيثة: 

_ البشمهندس عز بيسلم عليكِ يا حلوة وبيقولك معه رقم دكتور تتعالج معه. 

صرخت وداد بألمٍ مما يكيلناه به، تفطن سر هذا الضرب المبرح لتهدر بصراخ: 

_ عالـــــــــــــــيا!!! 

بينما أنّت نعمة بألمٍ، تهتف بكلماتٍ متقطعة وهي تلتقط بوجهه لكمة مخيفة: 

_ آه يا سالم دا ذنبك عشان أتريقت عليك!! 

انتهت هذا المشهد الأكشن وغادرت السيدات بينما نظرت نعمة نحو وداد التي تبادلها النظر قائلين بصوتٍ واحد: 

_ آآآه منك لله يا وجيزة. 

************

" بقولك إيه أنا لحد كده وساكتلك بس تفضحيني إنهم بيتحرشوا بيا!! لا يا بنت الناس زي ما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف"

نطق حربي بتلك الكلمات مغتاظًا منها، بينما نظرت له عاليا بصدمة قائلة بحزنٍ: 

_ كده يا حربي عايز تسبني بعد ما علقتني بيك؟؟ 
اتسعت عين حربي بصدمة، ينظر لها بعدم تصديق، يهتف بصوتٍ سعيد: 

_ أنتِ بجد أتعلقتي بيا؟ 

ابتسمت عاليا بخجلٍ تتحاشي النظر له، بينما علق أرنبة بغيظٍ: 

_ عصافير الكناريا أبعدوا عن وشي أعدي الشقة التانية. 

_ في إيه يا أرنبة مش كده يا أخي جرتني من شقتي لشقة عمو محمد خمس مرات أنا لو داخلة دوري مش هتجريني كل دا!! 

ضجر ملأ كلمات هبه بعدما حاولت أن تثبت أرنبة بسرعة في ممر بالعمارة قبل أن يدلف لشقة محمد، ليعلق أرنبة بسخطٍ: 

_ ما تتعبي شوية يا شيخة بدل قعدتك اللي جيبلنا المتحرشين لحد عندنا دي. 

عبست ملامح هبه بضيقٍ، تهتف بصوتٍ مختنق: 
_ خلاص يا أرنبة متعملش حاجة في البحث تاني شكرًا أوي على مساعدتك وصبرك. 

نظر للحزن القابع بحدقتيها يشعر بتماديه في هذا الوقت، فلكزها بذراعه قائلًا بمشاكسة: 

_ أنتِ هبلة يا هبه مفيش حاجة اسمها شكرًا بينا أنا جوزك ويا ستي متزعليش هسيبهم يتحرشوا بيا مرضية كده. 

نظرت له بحزنٍ معلقة: 

_ أنت بتزعق كتير يا أرنبة من ساعة ما بدأنا البحث.

_ نقصلي الأحبال الصوتية ولا إن القمر بتاعي يزعل. 

ابتسمت هبه ببعض الخجل، ثم نظرت له بتوترٍ قائلة: 
_ يعني مش هتسبني يا أرنبة؟ 

هيم بها وبكلماتها ليردد بغرامٍ: 

_ دا أرنبة بيدوب دوب يا ست البنات دووب. 

توردت وجنتيها خجلٍ منه، ليردد أرنبة بمكرٍ: 

_ أسمعي الكلام وهاتي حضن كتب الكتاب يا بنتي وإحنا واقفين في دور كده. 

شهقت بصدمة من إصراره على هذا الطلب، بينما غمز لها أرنبة يردف بخبثٍ: 

_ أموت أنا في شهقات الخجل يا ست البنات. 

كادت أن تتحدث ولكن قاطعها صوت أنين ألم يصدر من الطابق الأرضي، تعجب أربعتهم ينظرون نحو السلم حتى ظهرت منه وداد ونعمة لتشهق عاليا بصدمة تقترب منها تسأل عما حدث ولكن أشارت لها وداد بحدة قائلة: 

_مش عايزة آآه أشوف وشك في البيت أبعدي آآه عن وشي. 

وصلت أخيرًا للشقة لتدلف بها بعرجة واضحة بينما أمسكت نعمة ظهرها ترمق هبه بنظرات محتقرة قبل أن تدلف للداخل. 

لم يفهم أحدهما ما حدث، تردد هبه بدهشة: 

_ هما مالهم بيعملوا كده ليه؟ 

مط عاليا شفتيها بجهلٍ ثم قالت: 

_ روحي شوفيها كده على ما أشوف ماما مالها! 

اومأت لها تغادر كلًا منهما للشقة ليعلما سر ما حدث وغضب وداد ونعمة عليهما!! 

**********

_ طلع البت دي برة مش عايزة أشوفها آآه. 

نطقت بألمٍ ينتشر بجسدها، لينظر لها حربي بعدم فهم مرددًا: 

_ هو مين عمل فيكِ كده؟ 

نظرت وداد بشرزٍ نحو عاليا تجيبه بألمٍ تحاول ملامسة موضع ألمها: 

_ واحدة سألتني أنتِ عاليا فقُلت آه على أساس إن أهل الحارة بينادوني بيها..

ثم أضافت لحسرة:

_ عادي يابني والله كلنا بنقول اسامي عيالنا علينا مش بيجرى حاجة.. المهم طلبت مساعدة مني ولسه بمشي معها وصلت لنص الشارع وعينك ما تشوف إلا النور صرخت وقالت بعلو صوتها أني سرقتها وراحت شنكلتني.. 

_ شنكلتك؟؟ 

علق محمد بصدمةٍ، لتومئ وداد بأعين تشفق على حالها، تردد بصوتٍ يكاد يبكي: 

_ آه والله يا محمد شنكلتني شنكلة سودا وبرشت في الأرض.. 

_ برشتي!! 

شعرت عاليا بضجر لتهتف بحنقٍ: 

_ ما خلاص بقى يا بابا سيبها تكمل.. 

نظرت لوالدتها قائلة: 

_ كملي بعد ما برشتي في الأرض حصل إيه؟ 

_ عجنوني يا روح أمك هيكونوا عملوا إيه مش شايفة أخرت مشروعك العرة!! 

تشنجت معالم عاليا بغيظٍ من حديث والدتها، لتردد بحنقٍ: 

_ بقولك إيه يا ماما أنتِ اللي غلطانة هو أي حد يقولك تعالي تيجي وراه هو إحنا اتربينا على كده؟ 

نظرت لها بسخطٍ تغمغم بصوتٍ ساخر: 

_ وليه ماما قولي يا بت ولا يا ولية.. 

ثم نظرت نحو زوجها بغيظٍ تسترسل بحدة: 

_ محمد شلها من وشي وإلا هطفش ومش هتعرفولي طريق.

_ هششش أمشي من هنا. 

_ أنت بتهش دبانة إيه دا يا بابا؟؟؟ 

ردد مستنكرة فعلته، ولكن تجاهلها محمد يمسك بكف وداد التي لاتزال تتأوه ولكن قبل أن تغادر هتفت بتذكر: 

_ آه افتكرت.. في واحد اسمه عز هو اللي علم عليا على أساس عليكِ. 

أكملت وداد سيرها تصدر آهات من الحركة، بينما نظرت عاليا بصدمة نحو حربي قائلة: 

_ يالهوي يا حربي كنت هاكل العلقة دي!! 

شعر بغضبٍ من فكرة انتقام عز منها، ليردد بعصبية: 

_ هو اتجنن في حد بياخد حقه من ست.. بس قسمًا بالله ما هسيبه بس نخلص من المشروع دا. 

وافقته الرأي سريعًا، تشعر بالحزن لما سببته للجميع بسبب هذا المشروع العجيب، انطلقت نحو الأريكة تجلس واضعة وجهها بين يدها تردف بيأسٍ: 

_ أنا تعبت أوي يا حربي.. كل اللي حوليا لزمًا يجرلهم حاجة من المشروع دا!! 

أشفق عليها مما تمر به، ملامحها الباهتة، عيناها اللتان تمتلأن بالدموع ضيقٍ وتأنيب لذاتها، اقترب منها يجلس جوارها قائلًا بهمسٍ حنون: 

_ كل التعب دا هيروح لحظة مناقشة المشروع يا عاليا.. انا فخور بيكِ أوي باللي بتعمليه.. فاكرة فرحة مصطفى وابنه كانت عاملة إزاي!! 

نظرت له ببسمة حزينة تبادله الهمس ولكن بيأسٍ: 

_ بس الضريبة أمي يا حربي شايف عاملة إزاي؟ 

_ مالها أمك ما زي الفل دا كام بوكس وهتقوم رهوان. 

استدارت عاليا نحو محمد الذي أغلق الباب خلف عليها، ليسترسل محمد ببسمة حنونة: 

_ حربي حكالي عن مصطفى وعملتي إيه ووصلتي لإيه... أنا يمكن كنت معارض الفكرة بس دلوقتي..

اقترب يقبل رأسها قائلًا بحب:

_ أنا فخور بيكِ يا بنتي. 

ارتجف قلب عاليا من حديث والدها تشعر بسعادة من كلمات والدها المشجع وكذلك زوجها، أمسكت بيد والدها بامتنان ثم نظرت نحو حربي بحبٍ واضح جعله يشعر بسعادة تدغدغ قلبه من الوصول لقلبها، همست له بامتنانٍ: 

_ أنا مش عارفة أقولك إيه؟ 

غمز لها في الخفاء قبل أن يلاحظ محمد قائلًا: 

_ هقولك إزاي بعدين.. 

تحرك حربي ناهضًا ينظر نحو محمد متمتمًا بأدب: 

_ هستأذنك يا عمي أخد عاليا ونروح لأرنبة وعم سالم عشان نكمل المشروع. 

أومأ محمد له، ليغادر حربي المكان وبيده كف عاليا تسير جواره ولكن تلك المرة كانت هي تتشبث بكفه أكثر، تشعر بدفء مع لمساته الطفيفة الحنونة، تتمنى أن تظل هكذا بهذا الدفء. 

فتح سالم الباب لحربي ليدلف للداخل نحو الردهة، ليجد هبه تجلس بخجل ولكن وجهه يشع حمرة كما لو كانت تبكي يبدو أنها توءم صديقتها، بينما أرنبة تمتلأ عينيه بالمكر يهتف بخبثٍ: 

_ يا بنتي أنا وأنتِ لوحدينا وحضن الكتب الكتاب هيدفينا!! 

_ أتلم يلا بدل ما أجي أجبلك متحرش يحضنك بحق وحقيقي. 

فزع أرنبة من تلك الفكرة ولف ذراعيه حول نفسه يردد بذعرٍ: 

_ متحرشين تاني لاء.. كفاية تحرش أنا تعبت. 

ضحك حربي عليه ليجلس على مقعد المجاور للأريكة ثم تحول تمامًا يردد بجدية لا تتناسب مع ضحكته السابقة: 

_ طيب أنا طلبت أقابل الواد اللي بيكلمني لما نشوف شكله إيه وبيعمل كده ليه فإيه رأيكم في الفكرة دي؟

أومأت عاليا باستحسان، بينما نظر أرنبة بحسرة مردفًا: 

_ انا عامل أهرب منه وهو مصر يقابلني في حد يروح للشر برجليه!! 

نظر له حربي قليلًا باستخفاف ثم قال بسخطٍ: 

_ خلصنا يا أرنبة.. قوله خلينا أول مرة نتقابل في الكافية وبعد كده نتقابل في المكان اللي عايزه. 

زفر أرنبة بضيقٍ من استخفافه بالأمر ثم أمسك بجهاز الحاسوب وبدأ بكتبت الرسالة وما هي إلا دقائق أرسل الطرف الأخر موافقته، نظر أرنبة له قائلًا مزدردًا لعابه بقلق: 

_ وافق.. المكان فين؟ 

_ هبعتلك اللوكيشن خلينا نشوف بقى أخرة الموضوع دا إيه! 

أتم حربي وأرنبة تحديد المقابلة بالغد في الحادي عشر صباحًا بناءًا على طلب الفتايان ليشعر الأربعة بالدهشة من هذا الموعد ولكن سيعلمان السر بالغد أسفل قلق أرنبة من تخيل مقابلته لهذا الشاب، يخشى أن يصبح ذو بنية جسدية قوية! 

تعليقات



<>